حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

أينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة - صحيح البخاري

صحيح البخاري | كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم باب قتل الخوارج والملحدين بعد إقامة الحجة عليهم (حديث رقم: 6930 )


6930- حدثنا ‌سويد بن غفلة، قال ‌علي رضي الله عنه: «إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا، فوالله لأن أخر من السماء، أحب إلي من أن أكذب عليه، وإذا حدثتكم فيما بيني وبينكم، فإن الحرب خدعة، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سيخرج قوم في آخر الزمان، حداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة.»

أخرجه البخاري

شرح حديث (أينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة)

فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

‏ ‏قَوْله ( حَدَّثَنَا خَيْثَمَة ) ‏ ‏بِفَتْحِ الْخَاء الْمُعْجَمَة وَالْمُثَلَّثَة بَيْنهمَا تَحْتَانِيَّة سَاكِنَة هُوَ اِبْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي سَبْرَة بِفَتْحِ الْمُهْمَلَة وَسُكُون الْمُوَحَّدَة الْجُعْفِيُّ , لِأَبِيهِ وَلِجَدِّهِ صُحْبَة , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة سَهْل بْن بجر عَنْ عُمَر بْن حَفْص بِهَذَا السَّنَد حَدَّثَنِي بِالْإِفْرَادِ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْم وَلَمْ يُصَرِّح بِالتَّحْدِيثِ فِيهِ إِلَّا حَفْص بْن غِيَاث , فَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ رِوَايَة وَكِيع وَعِيسَى بْن يُونُس وَالثَّوْرِيِّ وَجَرِيرٍ وَأَبِي مُعَاوِيَة , وَتَقَدَّمَ فِي عَلَامَات النُّبُوَّة وَفَضَائِل الْقُرْآن مِنْ رِوَايَة سُفْيَان الثَّوْرِيّ , وَهُوَ عِنْد أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ مِنْ رِوَايَة الثَّوْرِيّ أَيْضًا , وَعِنْد أَبِي عَوَانَة مِنْ رِوَايَة يَعْلَى بْن عُبَيْد , وَعِنْد الطَّبَرِيّ أَيْضًا مِنْ رِوَايَة يَحْيَى بْن عِيسَى الرَّمْلِيّ وَعَلِيّ بْن هِشَام كُلّهمْ عَنْ الْأَعْمَش بِالْعَنْعَنَةِ , وَذَكَرَ الْإِسْمَاعِيلِيّ أَنَّ عِيسَى بْن يُونُس زَادَ فِيهِ رَجُلًا فَقَالَ عَنْ الْأَعْمَش حَدَّثَنِي عَمْرو بْن مُرَّة عَنْ خَيْثَمَةَ.
قُلْت : لَمْ أَرَ فِي رِوَايَة عِيسَى عِنْد مُسْلِم ذِكْر عَمْرو بْن مُرَّة وَهُوَ مِنْ الْمَزِيد فِي مُتَّصِل الْأَسَانِيد , لِأَنَّ أَبَا مُعَاوِيَة هُوَ الْمِيزَان فِي حَدِيث الْأَعْمَش.
‏ ‏قَوْله ( سُوَيْد بْن غَفَلَة ) ‏ ‏بِفَتْحِ الْمُعْجَمَة وَالْفَاء مُخَضْرَم مِنْ كِبَار التَّابِعِينَ , وَقَدْ قِيلَ إِنَّ لَهُ صُحْبَة , وَتَقَدَّمَ بَيَان ذَلِكَ فِي أَوَاخِر فَضَائِل الْقُرْآن.
‏ ‏قَوْله ( قَالَ عَلِيّ ) ‏ ‏هُوَ عَلَى حَذْف " قَالَ " وَهُوَ كَثِير فِي الْخَطّ وَالْأَوْلَى أَنْ يُنْطَق بِهِ , وَقَدْ مَضَى فِي آخِر فَضَائِل الْقُرْآن مِنْ رِوَايَة الثَّوْرِيّ عَنْ الْأَعْمَش بِهَذَا السَّنَد قَالَ : " قَالَ عَلِيّ " وَعِنْد النَّسَائِيِّ مِنْ هَذَا الْوَجْه عَنْ عَلِيّ , قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ : لَمْ يَصِحّ لِسُوَيْد بْن غَفَلَة عَنْ عَلِيّ مَرْفُوع إِلَّا هَذَا.
قُلْت : وَمَا لَهُ فِي الْكُتُب السِّتَّة وَلَا عِنْد أَحْمَدَ غَيْره , وَلَهُ فِي الْمُسْتَدْرَك مِنْ طَرِيق الشَّعْبِيّ عَنْهُ قَالَ : " خَطَبَ عَلِيّ بِنْت أَبِي جَهْل " أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيق أَحْمَدَ عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي زَائِدَة عَنْ زَكَرِيَّا عَنْ الشَّعْبِيّ , وَسَنَده جَيِّد , لَكِنَّهُ مُرْسَل لَمْ يَقُلْ فِيهِ " عَنْ عَلِيّ ".
‏ ‏قَوْله ( إِذَا حَدَّثْتُكُمْ ) ‏ ‏فِي رِوَايَة يَحْيَى بْن عِيسَى سَبَب لِهَذَا الْكَلَام , فَأَوَّل الْحَدِيث عِنْده عَنْ سُوَيْد بْن غَفَلَة قَالَ " كَانَ عَلِيّ يَمُرّ بِالنَّهَرِ وَبِالسَّاقِيَةِ فَيَقُول : صَدَقَ اللَّه وَرَسُوله " فَقُلْنَا يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ مَا تَزَال تَقُول هَذَا قَالَ إِذَا حَدَّثْتُكُمْ إِلَخْ , وَكَانَ عَلِيّ فِي حَال الْمُحَارَبَة يَقُول ذَلِكَ , وَإِذَا وَقَعَ لَهُ أَمْر يُوهِم أَنَّ عِنْده فِي ذَلِكَ أَثَرًا , فَخَشِيَ فِي هَذِهِ الْكَائِنَة أَنْ يَظُنُّوا أَنَّ قِصَّة ذِي الثُّدَيَّة مِنْ ذَلِكَ الْقَبِيل فَأَوْضَحَ أَنَّ عِنْده فِي أَمْره نَصًّا صَرِيحًا , وَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ إِذَا حَدَّثَ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَكْنِي وَلَا يُعَرِّض وَلَا يُوَرِّي , وَإِذَا لَمْ يُحَدِّث عَنْهُ فَعَلَ ذَلِكَ لِيَخْدَع بِذَلِكَ مَنْ يُحَارِبهُ , وَلِذَلِكَ اِسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ " الْحَرْب خَدْعَة ".
‏ ‏قَوْله ( فَوَاللَّهِ لَأَنْ أَخِرَّ ) ‏ ‏بِكَسْرِ الْخَاء الْمُعْجَمَة أَيْ أَسْقُط.
‏ ‏قَوْله ( مِنْ السَّمَاء ) ‏ ‏زَادَ أَبُو مُعَاوِيَة وَالثَّوْرِيُّ فِي رِوَايَتهمَا " إِلَى الْأَرْض " أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْهُمَا , وَسَقَطَتْ لِلْمُصَنِّفِ فِي عَلَامَات النُّبُوَّة وَلَمْ يَسُقْ مُسْلِم لَفْظهمَا.
وَوَقَعَ فِي رِوَايَة يَحْيَى بْن عِيسَى " أَخِرّ مِنْ السَّمَاء فَتَخْطَفنِي الطَّيْر أَوْ تَهْوِي بِي الرِّيح فِي مَكَان سَحِيق ".
‏ ‏قَوْله ( فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنكُمْ ) ‏ ‏فِي رِوَايَة يَحْيَى بْن عِيسَى " عَنْ نَفْسِي " وَفِي رِوَايَة الْأَعْمَش عَنْ زَيْد بْن وَهْب عَنْ عَلِيّ " قَامَ فِينَا عَلِيّ عِنْد أَصْحَاب النَّهَر فَقَالَ : مَا سَمِعْتُمُونِي أُحَدِّثكُمْ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَدِّثُوا بِهِ , وَمَا سَمِعْتُمُونِي أُحَدِّث فِي غَيْر ذَلِكَ " وَيُسْتَفَاد مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَة مَعْرِفَة الْوَقْت الَّذِي حَدَّثَ فِيهِ عَلِيّ بِذَلِكَ وَالسَّبَب أَيْضًا.
‏ ‏قَوْله ( فَإِنَّ الْحَرْب خَدْعَة ) ‏ ‏فِي رِوَايَة يَحْيَى بْن عِيسَى " فَإِنَّمَا الْحَرْب خَدْعَة " وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَاب الْجِهَاد أَنَّ هَذَا أَعَنَى " الْحَرْب خَدْعَة " حَدِيث مَرْفُوع , وَتَقَدَّمَ ضَبْط خَدْعَة هُنَاكَ وَمَعْنَاهَا , ‏ ‏قَوْله ( سَيَخْرُجُ قَوْم فِي آخِر الزَّمَان ) ‏ ‏كَذَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَة وَفِي حَدِيث أَبِي بَرْزَة عِنْد النَّسَائِيِّ " يَخْرُج فِي آخِر الزَّمَان قَوْم " وَهَذَا قَدْ يُخَالِف حَدِيث أَبِي سَعِيد الْمَذْكُور فِي الْبَاب بَعْده , فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُمْ خَرَجُوا فِي خِلَافَة عَلِيّ , وَكَذَا أَكْثَرُ الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي أَمْرهمْ , وَأَجَابَ اِبْن التِّين بِأَنَّ الْمُرَاد زَمَان الصَّحَابَة وَفِيهِ نَظَر , لِأَنَّ آخِر زَمَان الصَّحَابَة كَانَ عَلَى رَأْس الْمِائَة وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا قَبْل ذَلِكَ بِأَكْثَرَ مِنْ سِتِّينَ سَنَة , وَيُمْكِن الْجَمْع بِأَنَّ الْمُرَاد بِآخِرِ الزَّمَان زَمَان خِلَافَة النُّبُوَّة , فَإِنَّ فِي حَدِيث سَفِينَة الْمُخَرَّج فِي السُّنَن وَصَحِيح اِبْن حِبَّان وَغَيْره مَرْفُوعًا " الْخِلَافَة بَعْدِي ثَلَاثُونَ سَنَة ثُمَّ تَصِير مُلْكًا " وَكَانَتْ قِصَّة الْخَوَارِج وَقَتْلهمْ بِالنَّهْرَوَانِ فِي أَوَاخِر خِلَافَة عَلِيّ سَنَة ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ بَعْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِدُونِ الثَّلَاثِينَ بِنَحْوِ سَنَتَيْنِ.
‏ ‏قَوْله ( أَحْدَاث ) ‏ ‏بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ مُثَلَّثَة جَمْع حَدَث بِفَتْحَتَيْنِ وَالْحَدَث هُوَ الصَّغِير السِّنّ هَكَذَا فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَات , وَوَقَعَ هُنَا لِلْمُسْتَمْلِي وَالسَّرَخْسِيّ حُدَّاث بِضَمِّ أَوَّله وَتَشْدِيد الدَّال , قَالَ فِي " الْمَطَالِع " مَعْنَاهُ شَبَاب جَمْع حَدِيث السِّنّ أَوْ جَمْع حَدَث , قَالَ اِبْن التِّين حِدَاث جَمْع حَدِيث مِثْل كِرَام جَمْع كَرِيم وَكِبَار جَمْع كَبِير , وَالْحَدِيث الْجَدِيد مِنْ كُلّ شَيْء وَيُطْلَق عَلَى الصَّغِير بِهَذَا الِاعْتِبَار , وَتَقَدَّمَ فِي التَّفْسِير حِدَاث مِثْل هَذَا اللَّفْظ لَكِنَّهُ هُنَاكَ جُمِعَ عَلَى غَيْر قِيَاس , وَالْمُرَاد سُمَّار يَتَحَدَّثُونَ قَالَهُ فِي النِّهَايَة , وَتَقَدَّمَ فِي عَلَامَات النُّبُوَّة بِلَفْظِ حُدَثَاء بِوَزْنِ سُفَهَاء وَهُوَ جَمْع حَدِيث كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيره , وَالْأَسْنَان جَمْع سِنّ وَالْمُرَاد بِهِ الْعُمْر , وَالْمُرَاد أَنَّهُمْ شَبَاب.
‏ ‏قَوْله ( سُفَهَاء الْأَحْلَام ) ‏ ‏جَمْع حِلْم بِكَسْرِ أَوَّله وَالْمُرَاد بِهِ الْعَقْل , وَالْمَعْنَى أَنَّ عُقُولهمْ رَدِيئَة.
وَقَالَ النَّوَوِيّ : يُسْتَفَاد مِنْهُ أَنَّ التَّثَبُّت وَقُوَّة الْبَصِيرَة تَكُون عِنْد كَمَال السِّنّ وَكَثْرَة التَّجَارِب وَقُوَّة الْعَقْل.
قُلْت : وَلَمْ يَظْهَر لِي وَجْه الْأَخْذ مِنْهُ فَإِنَّ هَذَا مَعْلُوم بِالْعَادَةِ لَا مِنْ خُصُوص كَوْن هَؤُلَاءِ كَانُوا بِهَذِهِ الصِّفَة.
‏ ‏قَوْله ( يَقُولُونَ مِنْ خَيْر قَوْل الْبَرِيَّة ) ‏ ‏تَقَدَّمَ فِي عَلَامَات النُّبُوَّة وَفِي آخِر فَضَائِل الْقُرْآن قَوْل مَنْ قَالَ إِنَّهُ مَقْلُوب وَأَنَّ الْمُرَاد مِنْ قَوْل خَيْر الْبَرِيَّة وَهُوَ الْقُرْآن.
قُلْت : وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون عَلَى ظَاهِره وَالْمُرَاد الْقَوْل الْحَسَن فِي الظَّاهِر وَبَاطِنه عَلَى خِلَاف ذَلِكَ كَقَوْلِهِمْ " لَا حُكْم إِلَّا لِلَّهِ " فِي جَوَاب عَلِيّ كَمَا سَيَأْتِي.
وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَة طَارِق بْن زِيَاد عِنْد الطَّبَرِيّ قَالَ " خَرَجْنَا مَعَ عَلِيّ - فَذَكَرَ الْحَدِيث وَفِيهِ يَخْرُج قَوْم يَتَكَلَّمُونَ كَلِمَة الْحَقّ لَا تُجَاوِز حُلُوقهمْ " وَفِي حَدِيث أَنَس عَنْ أَبِي سَعِيد عِنْد أَبِي دَاوُدَ وَالطَّبَرَانِيِّ " يُحْسِنُونَ الْقَوْل وَيُسِيئُونَ الْفِعْل " وَنَحْوه فِي حَدِيث عَبْد اللَّه بْن عُمَر وَعِنْد أَحْمَدَ وَفِي حَدِيث مُسْلِم عَنْ عَلِيّ يَقُولُونَ الْحَقّ لَا يُجَاوِز هَذَا وَأَشَارَ إِلَى حَلْقِهِ.
‏ ‏قَوْله ( لَا يُجَاوِز إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ ) ‏ ‏فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيّ " لَا يَجُوز " وَالْحَنَاجِر بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَة وَالنُّون ثُمَّ الْجِيم جَمْع حَنْجَرَة بِوَزْنِ قَسْوَرَة وَهِيَ الْحُلْقُوم وَالْبُلْعُوم وَكُلّه يُطْلَق عَلَى مَجْرَى النَّفَس وَهُوَ طَرَف الْمَرِيء مِمَّا يَلِي الْفَم , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة مُسْلِم مِنْ رِوَايَة زَيْد بْن وَهْب عَنْ عَلِيّ " لَا تُجَاوِز صَلَاتُهُمْ تَرَاقِيَهُمْ " فَكَأَنَّهُ أَطْلَقَ الْإِيمَان عَلَى الصَّلَاة وَلَهُ فِي حَدِيث أَبِي ذَرّ " لَا يُجَاوِز إِيمَانهمْ حَلَاقِيمهمْ " وَالْمُرَاد أَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ بِالنُّطْقِ لَا بِالْقَلْبِ , وَفِي رِوَايَة عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي رَافِع عَنْ عَلِيّ عِنْد مُسْلِم " يَقُولُونَ الْحَقّ بِأَلْسِنَتِهِمْ لَا يُجَاوِز هَذَا مِنْهُمْ وَأَشَارَ إِلَى حَلْقه " وَهَذِهِ الْمُجَاوَزَة غَيْر الْمُجَاوَزَة الْآتِيَة فِي حَدِيث أَبِي سَعِيد.
‏ ‏قَوْله ( يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّين ) ‏ ‏فِي رِوَايَة أَبِي إِسْحَاق عَنْ سُوَيْد بْن غَفَلَة عِنْد النَّسَائِيِّ وَالطَّبَرِيّ " يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَام " وَكَذَا فِي حَدِيث اِبْن عُمَر فِي الْبَاب , وَفِي رِوَايَة زَيْد بْن وَهْب الْمُشَار إِلَيْهَا , وَحَدِيث أَبِي بَكْرَة فِي الطَّبَرِيّ وَعِنْد النَّسَائِيِّ مِنْ رِوَايَة طَارِق بْن زِيَاد عَنْ عَلِيّ " يَمْرُقُونَ مِنْ الْحَقّ " وَفِيهِ تَعَقَّبَ عَلَى مَنْ فَسَّرَ الدِّين هُنَا بِالطَّاعَةِ كَمَا تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَة إِلَيْهِ فِي عَلَامَات النُّبُوَّة.
‏ ‏قَوْله ( كَمَا يَمْرُق السَّهْم مِنْ الرَّمِيَّة ) ‏ ‏بِفَتْحِ الرَّاء وَكَسْر الْمِيم وَتَشْدِيد التَّحْتَانِيَّة أَيْ الشَّيْء الَّذِي يُرْمَى بِهِ وَيُطْلَق عَلَى الطَّرِيدَة مِنْ الْوَحْش إِذَا رَمَاهَا الرَّامِي , وَسَيَأْتِي فِي الْبَاب الَّذِي بَعْده.
‏ ‏قَوْله ( فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ فَإِنَّ فِي قَتْلهمْ أَجْرًا لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْم الْقِيَامَة ) ‏ ‏فِي رِوَايَة زَيْد بْن وَهْب " لَوْ يَعْلَم الْجَيْش الَّذِينَ يُصِيبُونَهُمْ مَا قُضِيَ لَهُمْ عَلَى لِسَان نَبِيّهمْ لَنَكَلُوا عَنْ الْعَمَل " وَلِمُسْلِمٍ فِي رِوَايَة عُبَيْدَة بْن عَمْرو عَنْ عَلِيّ " لَوْلَا أَنْ تَبْطَرُوا لَحَدَّثْتُكُمْ بِمَا وَعَدَ اللَّه الَّذِينَ يَقْتُلُونَهُمْ عَلَى لِسَان مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " قَالَ عُبَيْدَة قُلْت لِعَلِيٍّ : أَنْتَ سَمِعْته ؟ قَالَ : إِي وَرَبّ الْكَعْبَة ثَلَاثًا.
وَلَهُ فِي رِوَايَة زَيْد بْن وَهْب فِي قِصَّة قَتْل الْخَوَارِج " أَنَّ عَلِيًّا لَمَّا قَتَلَهُمْ قَالَ صَدَقَ اللَّهُ وَبَلَّغَ رَسُولُهُ , فَقَامَ إِلَيْهِ عُبَيْدَة فَقَالَ : يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ آللَّهُ الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ لَقَدْ سَمِعْت هَذَا مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : إِي وَاَللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ حَتَّى اِسْتَحْلَفَهُ ثَلَاثًا " قَالَ النَّوَوِيّ : إِنَّمَا اِسْتَحْلَفَهُ لِيُؤَكِّد الْأَمْر عِنْد السَّامِعِينَ وَلِتَظْهَر مُعْجِزَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ عَلِيًّا وَمَنْ مَعَهُ عَلَى الْحَقّ.
قُلْت : وَلِيَطْمَئِنَّ قَلْبُ الْمُسْتَحْلِف لِإِزَالَةِ تَوَهُّم مَا أَشَارَ إِلَيْهِ عَلِيّ أَنَّ الْحَرْب خَدْعَة فَخَشِيَ أَنْ يَكُون لَمْ يَسْمَع فِي ذَلِكَ شَيْئًا مَنْصُوصًا , وَإِلَى ذَلِكَ يُشِير قَوْل عَائِشَة لِعَبْدِ اللَّه بْن شَدَّاد فِي رِوَايَته الْمُشَار إِلَيْهَا حَيْثُ قَالَتْ لَهُ " مَا قَالَ عَلِيّ حِينَئِذٍ ؟ قَالَ سَمِعْته يَقُول : صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ , قَالَتْ : رَحِمَ اللَّهُ عَلِيًّا إِنَّهُ كَانَ لَا يَرَى شَيْئًا يُعْجِبهُ إِلَّا قَالَ صَدَقَ اللَّه وَرَسُوله , فَيَذْهَب أَهْل الْعِرَاق فَيَكْذِبُونَ عَلَيْهِ وَيَزِيدُونَهُ " , فَمِنْ هَذَا أَرَادَ عُبَيْدَة بْن عَمْرو التَّثَبُّت فِي هَذِهِ الْقِصَّة بِخُصُوصِهَا وَأَنَّ فِيهَا نَقْلًا مَنْصُوصًا مَرْفُوعًا.
وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ نَحْو هَذَا الْحَدِيث عَنْ عَلِيّ وَزَادَ فِي آخِره " قِتَالهمْ حَقّ عَلَى كُلّ مُسْلِم " وَوَقَعَ سَبَب تَحْدِيث عَلِيّ بِهَذَا الْحَدِيث فِي رِوَايَة عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي رَافِع فِيمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ رِوَايَة بِشْر بْن سَعِيد عَنْهُ قَالَ " إِنَّ الْحَرُورِيَّة لَمَّا خَرَجَتْ وَهُوَ مَعَ عَلِيّ قَالُوا : لَا حُكْم إِلَّا لِلَّهِ تَعَالَى , فَقَالَ عَلِيّ : كَلِمَة حَقّ أُرِيدَ بِهَا بَاطِل , إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَفَ نَاسًا إِنِّي لَأَعْرِفُ صِفَتهمْ فِي هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ الْحَقّ بِأَلْسِنَتِهِمْ وَلَا يُجَاوِز هَذَا مِنْهُمْ - وَأَشَارَ بِحَلْقِهِ - مِنْ أَبْغَضِ خَلْق اللَّه إِلَيْهِ " الْحَدِيث.


حديث إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا فوالله لأن أخر من السماء

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏أَبِي ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏الْأَعْمَشُ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏خَيْثَمَةُ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏عَلِيٌّ ‏ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ‏ ‏إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏حَدِيثًا فَوَاللَّهِ لَأَنْ أَخِرَّ مِنْ السَّمَاءِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَكْذِبَ عَلَيْهِ وَإِذَا حَدَّثْتُكُمْ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ فَإِنَّ الْحَرْبَ خِدْعَةٌ وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏يَقُولُ ‏ ‏سَيَخْرُجُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ أَحْدَاثُ الْأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ لَا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث صحيح البخاري

يخرج في هذه الأمة قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم

عن ‌أبي سلمة ‌وعطاء بن يسار : «أنهما أتيا أبا سعيد الخدري، فسألاه عن الحرورية، أسمعت النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا أدري ما الحرورية؟ سمعت النبي ص...

يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية

عن ‌عبد الله بن عمر، «وذكر الحرورية، فقال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية.»

دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاته وصيام...

عن ‌أبي سعيد قال: «بينا النبي صلى الله عليه وسلم يقسم، جاء عبد الله بن ذي الخويصرة التميمي فقال: اعدل يا رسول الله، فقال: ويلك، من يعدل إذا لم أعدل.<b...

أهوى بيده قبل العراق وقال يخرج منه قوم يقرءون الق...

عن ‌يسير بن عمرو قال: «قلت لسهل بن حنيف: هل سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الخوارج شيئا؟ قال: سمعته يقول، وأهوى بيده قبل العراق: يخرج منه قوم...

لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان دعواهما واحدة

عن ‌أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان دعواهما واحدة.»

ليس كما تظنون إنما هو كما قال لقمان لابنه

عن ‌عبد الله رضي الله عنه قال: «لما نزلت هذه الآية {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} شق ذلك على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقالوا: أينا لم يظ...

ألا تقولوه يقول لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الل...

عن عتبان بن مالك يقول: «غدا علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رجل: أين مالك بن الدخشن؟ فقال رجل منا: ذلك منافق، لا يحب الله ورسوله، فقال النبي صل...

أهوت إلى حجزتها وهي محتجزة بكساء فأخرجت الصحيفة فأ...

عن ‌حصين، عن ‌فلان قال: «تنازع أبو عبد الرحمن وحبان بن عطية، فقال أبو عبد الرحمن لحبان: لقد علمت الذي جرأ صاحبك على الدماء، يعني عليا، قال: ما هو لا أ...

اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين اللهم اشدد وطأتك...

عن ‌أبي هريرة : أن النبي صلى الله عليه وسلم «كان يدعو في الصلاة: اللهم أنج عياش بن أبي ربيعة، وسلمة بن هشام، والوليد بن الوليد، اللهم أنج المستضعفين م...