6933-
عن أبي سعيد قال: «بينا النبي صلى الله عليه وسلم يقسم، جاء عبد الله بن ذي الخويصرة التميمي فقال: اعدل يا رسول الله، فقال: ويلك، من يعدل إذا لم أعدل.
قال عمر بن الخطاب: دعني أضرب عنقه، قال: دعه فإن له أصحابا، يحقر أحدكم صلاته مع صلاته، وصيامه مع صيامه، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ينظر في قذذه فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر في نصله فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر في رصافه فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر في نضيه فلا يوجد فيه شيء، قد سبق الفرث والدم، آيتهم رجل إحدى يديه، أو قال: ثدييه، مثل ثدي المرأة، أو قال: مثل البضعة تدردر، يخرجون على حين فرقة من الناس.
قال أبو سعيد: أشهد سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم، وأشهد أن عليا قتلهم، وأنا معه، جيء بالرجل على النعت الذي نعته النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فنزلت فيه {ومنهم من يلمزك في الصدقات}.»
(يلمزك في الصدقات) يعيبك في قسمتها.
/ التوبة 58 /
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله ( حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه ) هُوَ الْجُعْفِيُّ الْمَسْنَدِيّ بِفَتْحِ النُّون , وَوَهِمَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ أَبُو بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ أَيْضًا عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد لَكِنَّهُ لَا رِوَايَة لَهُ عَنْ هِشَام الْمَذْكُور هُنَا وَهُوَ اِبْن يُوسُف الصَّنْعَانِيُّ.
قَوْله ( عَنْ أَبِي سَلَمَة ) فِي رِوَايَة شُعَيْب الْمَاضِيَة فِي عَلَامَات النُّبُوَّة عَنْ الزُّهْرِيّ " أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَة بْن عَبْد الرَّحْمَن " وَتَقَدَّمَ فِي الْأَدَب مِنْ طَرِيق الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ أَبِي سَلَمَة وَالضَّحَّاك وَهُوَ اِبْن شراحبيل أَوْ اِبْن شَرَاحِيل الْمِشْرَقِيّ بِكَسْرِ الْمِيم وَسُكُون الْمُعْجَمَة وَفَتْح الرَّاء بَعْدهَا قَاف مَنْسُوب إِلَى مِشْرَق بَطْن مِنْ هَمْدَانَ , وَتَقَدَّمَ بَيَان حَاله فِي فَضْل سُورَة الْإِخْلَاص.
وَأَنَّ الْبَزَّار حَكَى أَنَّهُ الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم وَأَنَّ ذَلِكَ غَلَط , ثُمَّ وَقَفْت عَلَى الرِّوَايَة الَّتِي نُسِبَ فِيهَا كَذَلِكَ أَخْرَجَهَا الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيق الْوَلِيد بْن مَرْثَد عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيث فَقَالَ " حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَة بْن عَبْد الرَّحْمَن وَالضَّحَّاك بْن مُزَاحِم عَنْ أَبِي سَعِيد " قَالَ الطَّبَرِيُّ وَهَذَا خَطَأ وَإِنَّمَا هُوَ الضَّحَّاك الْمِشْرَقِيّ.
قُلْت : وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْ مُحَمَّد بْن مُصْعَب وَأَبُو عَوَانَة مِنْ طَرِيق بِشْر بْن بُكَيْر كِلَاهُمَا عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ فَقَالَ فِيهِ " عَنْ أَبِي سَلَمَة وَالضَّحَّاك الْمِشْرَقِيّ " وَفِي رِوَايَة بِشْر الْهَمْدَانِيِّ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي سَعِيد , وَاللَّفْظ الَّذِي سَاقَهُ الْبُخَارِيّ هُوَ لَفْظ أَبِي سَلَمَة , وَقَدْ أَفْرَدَ مُسْلِم لَفْظ الضَّحَّاك الْمِشْرَقِيّ مِنْ طَرِيق حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت عَنْهُ وَزَادَ فِيهِ شَيْئًا سَأَذْكُرُهُ بَعْد , وَقَدْ شَذَّ أَفْلَحُ بْن عَبْد اللَّه بْن الْمُغِيرَة عَنْ الزُّهْرِيّ فَرَوَى هَذَا الْحَدِيث عَنْهُ فَقَالَ عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن عُتْبَة عَنْ أَبِي سَعِيد أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى.
قَوْله ( بَيْنَمَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِم ) بِفَتْحِ أَوَّله مِنْ الْقِسْمَة كَذَا هُنَا بِحَذْفِ الْمَفْعُول , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة الْأَوْزَاعِيِّ يَقْسِم ذَات يَوْم قَسْمًا وَفِي رِوَايَة شُعَيْب " بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقْسِم قَسْمًا " زَادَ أَفْلَحُ بْن عَبْد اللَّه فِي رِوَايَته " يَوْم حُنَيْنٍ " وَتَقَدَّمَ فِي الْأَدَب مِنْ طَرِيق عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي نُعْمٍ عَنْ أَبِي سَعِيد أَنَّ الْمَقْسُوم كَانَ تِبْرًا بَعَثَهُ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب مِنْ الْيَمَن فَقَسَمَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْن أَرْبَعَة أَنْفُس , وَذَكَرْت أَسْمَاءَهُمْ هُنَاكَ.
قَوْله ( جَاءَ عَبْد اللَّه بْن ذِي الْخُوَيْصِرَة التَّمِيمِيّ ) فِي رِوَايَة عَبْد الرَّزَّاق عَنْ مَعْمَر بِلَفْظِ " بَيْنَمَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِم قَسْمًا إِذْ جَاءَهُ اِبْن ذِي الْخُوَيْصِرَة التَّمِيمِيّ " وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ رِوَايَة عَبْد الرَّزَّاق وَمُحَمَّد بْن ثَوْر وَأَبُو سُفْيَان الْحِمْيَرِيّ وَعَبْد اللَّه بْن مَعَاذ أَرْبَعَتهمْ عَنْ مَعْمَر وَأَخْرَجَهُ الثَّعْلَبِيّ ثُمَّ الْوَاحِدِيّ فِي أَسْبَاب النُّزُول مِنْ طَرِيق مُحَمَّد بْن يَحْيَى الذُّهْلِيِّ عَنْ عَبْد الرَّزَّاق فَقَالَ اِبْن ذِي الْخُوَيْصِرَة التَّمِيمِيّ وَهُوَ حُرْقُوص بْن زُهَيْر أَصْل الْخَوَارِج وَمَا أَدْرِي مَنْ الَّذِي قَالَ وَهُوَ حُرْقُوص إِلَخْ وَقَدْ اِعْتَمَدَ عَلَى ذَلِكَ اِبْن الْأَثِير فِي الصَّحَابَة فَتَرْجَمَ لِذِي الْخُوَيْصِرَة التَّمِيمِيّ فِي الصَّحَابَة وَسَاقَ هَذَا الْحَدِيث مِنْ طَرِيق أَبِي إِسْحَاق الثَّعْلَبِيّ وَقَالَ بَعْد فَرَاغه : فَقَدْ جَعَلَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَة اِسْم ذِي الْخُوَيْصِرَة حُرْقُوصًا وَاَللَّه أَعْلَمُ , وَقَدْ جَاءَ أَنَّ حُرْقُوصًا اِسْمُ ذِي الثُّدَيَّة كَمَا سَيَأْتِي.
قُلْت : وَقَدْ ذَكَرَ حُرْقُوصَ بْنَ زُهَيْر فِي الصَّحَابَة أَبُو جَعْفَر الطَّبَرِيُّ وَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ فِي فُتُوح الْعِرَاق أَثَر وَأَنَّهُ الَّذِي اِفْتَتَحَ سُوق الْأَهْوَاز ثُمَّ كَانَ مَعَ عَلِيّ فِي حُرُوبه ثُمَّ صَارَ مَعَ الْخَوَارِج فَقُتِلَ مَعَهُمْ , وَزَعَمَ بَعْضهمْ أَنَّهُ ذُو الثُّدَيَّة الْآتِي ذِكْره , وَلَيْسَ كَذَلِكَ , وَأَكْثَرُ مَا جَاءَ ذِكْر هَذَا الْقَائِل فِي الْأَحَادِيث مُبْهَمًا وَوُصِفَ فِي رِوَايَة عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي نُعْمٍ الْمُشَار إِلَيْهَا بِأَنَّهُ مُشْرِف الْوَجْنَتَيْنِ غَائِر الْعَيْنَيْنِ نَاشِز الْجَبْهَة كَثّ اللِّحْيَة مَحْلُوق الرَّأْس مُشَمَّر الْإِزَار , وَتَقَدَّمَ تَفْسِير ذَلِكَ فِي " بَاب بَعْث عَلِيّ " مِنْ الْمَغَازِي وَفِي حَدِيث أَبِي بَكْرَة عِنْد أَحْمَدَ وَالطَّبَرِيّ " فَأَتَاهُ رَجُلٌ أَسْوَدُ طَوِيل مُشَمَّر مَحْلُوق الرَّأْس بَيْن عَيْنَيْهِ أَثَر السُّجُود " وَفِي رِوَايَة أَبِي الْوَضِيّ عَنْ أَبِي بَرْزَة عِنْد أَحْمَدَ وَالطَّبَرِيّ وَالْحَاكِم " أُتِيَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِدَنَانِير فَكَانَ يَقْسِمهَا وَرَجُل أَسْوَد مَطْمُوم الشَّعْر بَيْن عَيْنَيْهِ أَثَر السُّجُود " وَفِي حَدِيث عَبْد اللَّه بْن عَمْرو عِنْد الْبَزَّار وَالطَّبَرِيّ " رَجُل مِنْ أَهْل الْبَادِيَة حَدِيث عَهْد بِأَمْرِ اللَّه ".
قَوْله ( فَقَالَ : اعْدِلْ يَا رَسُول اللَّه ) فِي رِوَايَة عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي نُعْمٍ " فَقَالَ اِتَّقِ اللَّه يَا مُحَمَّد " وَفِي حَدِيث عَبْد اللَّه بْن عَمْرو فَقَالَ " اِعْدِلْ يَا مُحَمَّد " وَفِي لَفْظ لَهُ عِنْد الْبَزَّار وَالْحَاكِم " فَقَالَ : يَا مُحَمَّد وَاَللَّه لَئِنْ كَانَ اللَّه أَمَرَك أَنْ تَعْدِل مَا أَرَاك تَعْدِل " وَفِي رِوَايَة مِقْسَم الَّتِي أَشَرْت إِلَيْهَا " فَقَالَ يَا مُحَمَّد قَدْ رَأَيْت الَّذِي صَنَعْت , قَالَ وَكَيْف رَأَيْت ؟ قَالَ لَمْ أَرَاك عَدَلْت " وَفِي حَدِيث أَبِي بَكْرَة " فَقَالَ يَا مُحَمَّد وَاَللَّه مَا تَعْدِل " وَفِي لَفْظ " مَا أَرَاك عَدَلْت فِي الْقِسْمَة " وَنَحْوه فِي حَدِيث أَبِي بَرْزَة.
قَوْله ( فَقَالَ وَيْحك ) فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيّ " وَيْلك " وَهِيَ رِوَايَة شُعَيْب وَالْأَوْزَاعِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ الْكَلَام عَلَيْهَا فِي كِتَاب الْأَدَب.
قَوْله ( وَمَنْ يَعْدِل إِذَا لَمْ أَعْدِل ) فِي رِوَايَة عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي نُعْمٍ.
وَمَنْ يُطِعْ اللَّه إِذَا لَمْ أُطِعْهُ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقه " أَوَلَسْت أَحَقّ أَهْل الْأَرْض أَنْ أُطِيع اللَّه " وَفِي حَدِيث عَبْد اللَّه بْن عَمْرو " عِنْدَ مَنْ يُلْتَمَس الْعَدْل بَعْدِي " وَفِي رِوَايَة مِقْسَم عَنْهُ " فَغَضِبَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ : الْعَدْل إِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدِي فَعِنْد مَنْ يَكُون " وَفِي حَدِيث أَبِي بَكْرَة " فَغَضِبَ حَتَّى اِحْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ " وَمِنْ حَدِيث أَبِي بَرْزَة " قَالَ فَغَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا وَقَالَ : وَاَللَّه لَا تَجِدُونَ بَعْدِي رَجُلًا هُوَ أَعْدَل عَلَيْكُمْ مِنِّي ".
قَوْله ( قَالَ عُمَر بْن الْخَطَّاب : يَا رَسُول اللَّه اِئْذَنْ لِي فَأَضْرِب عُنُقه ) فِي رِوَايَة شُعَيْب وَيُونُس " فَقَالَ " بِزِيَادَةِ فَاء وَقَالَ " اِئْذَنْ لِي فِيهِ فَأَضْرِب عُنُقه " وَفِي رِوَايَة الْأَوْزَاعِيِّ " فَلَأَضْرِب " بِزِيَادَةِ لَام , وَفِي حَدِيث عَبْد اللَّه بْن عَمْرو مِنْ طَرِيق مِقْسَم عَنْهُ " فَقَالَ عُمَر : يَا رَسُول اللَّه أَلَا أَقُوم عَلَيْهِ فَأَضْرِب عُنُقه " وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمَغَازِي مِنْ رِوَايَة عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي نُعْمٍ عَنْ أَبِي سَعِيد فِي هَذَا الْحَدِيث " فَسَأَلَهُ رَجُل أَظُنّهُ خَالِد بْن الْوَلِيد قَتْله " وَفِي رِوَايَة مُسْلِم " فَقَالَ خَالِد بْن الْوَلِيد " بِالْجَزْمِ , وَقَدْ ذَكَرْت وَجْه الْجَمْع بَيْنهمَا فِي أَوَاخِر الْمَغَازِي وَأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا سَأَلَ , ثُمَّ رَأَيْت عِنْد مُسْلِم مِنْ طَرِيق جَرِير عَنْ عِمَارَة بْن الْقَعْقَاع بِسَنَدِهِ فِيهِ " فَقَامَ عُمَر بْن الْخَطَّاب فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه أَلَا أَضْرِب عُنُقه ؟ قَالَ : لَا.
ثُمَّ أَدْبَرَ فَقَامَ إِلَيْهِ خَالِد بْن الْوَلِيد سَيْف اللَّه فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه أَضْرِب عُنُقه ؟ قَالَ : لَا " فَهَذَا نَصٌّ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا سَأَلَ.
وَقَدْ اُسْتُشْكِلَ سُؤَال خَالِد فِي ذَلِكَ لِأَنَّ بَعْث عَلِيّ إِلَى الْيَمَن كَانَ عَقِب بَعْث خَالِد بْن الْوَلِيد إِلَيْهَا , وَالذَّهَب الْمَقْسُوم أَرْسَلَهُ عَلِيّ مِنْ الْيَمَن كَمَا فِي صَدْر حَدِيث اِبْن أَبِي نُعْمٍ عَنْ أَبِي سَعِيد , وَيُجَاب بِأَنَّ عَلِيًّا لَمَّا وَصَلَ إِلَى الْيَمَن رَجَعَ خَالِد مِنْهَا إِلَى الْمَدِينَة فَأَرْسَلَ عَلِيّ الذَّهَب فَحَضَرَ خَالِد قِسْمَته , وَأَمَّا حَدِيث عَبْد اللَّه بْن عَمْرو فَإِنَّهُ فِي قِصَّة قَسْم وَقَعَ بِالْجِعِرَّانَةِ مِنْ غَنَائِم حُنَيْنٍ , وَالسَّائِل فِي قَتْله عُمَر بْن الْخَطَّاب جَزْمًا , وَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ الْمُعْتَرِض فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَاحِد كَمَا مَضَى قَرِيبًا ".
قَوْله ( قَالَ دَعْهُ ) فِي رِوَايَة شُعَيْب " فَقَالَ لَهُ دَعْهُ " كَذَا لِأَبِي ذَرّ وَفِي رِوَايَة الْأَوْزَاعِيِّ " فَقَالَ لَا " وَزَادَ أَفْلَحُ بْن عَبْد اللَّه فِي رِوَايَته " فَقَالَ مَا أَنَا بِالَّذِي أَقْتُل أَصْحَابِي ".
قَوْله ( فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا ) هَذَا ظَاهِره أَنَّ تَرْك الْأَمْر بِقَتْلِهِ بِسَبَبِ أَنَّ لَهُ أَصْحَابًا بِالصِّفَةِ الْمَذْكُورَة , وَهَذَا لَا يَقْتَضِي تَرْك قَتْله مَعَ مَا أَظْهَرَهُ مِنْ مُوَاجَهَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا وَاجَهَهُ , فَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون لِمَصْلَحَةِ التَّأْلِيف كَمَا فَهِمَهُ الْبُخَارِيّ لِأَنَّهُ وَصَفَهُمْ بِالْمُبَالَغَةِ فِي الْعِبَادَة مَعَ إِظْهَار الْإِسْلَام , فَلَوْ أَذِنَ فِي قَتْلهمْ لَكَانَ ذَلِكَ تَنْفِيرًا عَنْ دُخُول غَيْرهمْ فِي الْإِسْلَام , وَيُؤَيِّدهُ رِوَايَة أَفْلَحَ وَلَهَا شَوَاهِد , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة أَفْلَحَ " سَيَخْرُجُ أُنَاس يَقُولُونَ مِثْل قَوْله ".
قَوْله ( يَحْقِر أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِ ) كَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَة بِالْإِفْرَادِ , وَفِي رِوَايَة شُعَيْب وَغَيْره " مَعَ صَلَاتهمْ " بِصِيغَةِ الْجَمْع فِيهِ وَفِي قَوْله " مَعَ صِيَامهمْ " وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي ثَانِي أَحَادِيث الْبَاب الَّذِي قَبْله وَزَادَ فِي رِوَايَة شُعَيْب وَيُونُس " يَقْرَءُونَ الْقُرْآن وَلَا يُجَاوِز تَرَاقِيهمْ " بِمُثَنَّاةٍ وَقَاف جَمْع تَرْقُوَة بِفَتْحِ أَوَّله وَسُكُون الرَّاء وَضَمِّ الْقَاف وَفَتْح الْوَاو وَهِيَ الْعَظْم الَّذِي بَيْن نُقْرَة النَّحْر وَالْعَاتِق , وَالْمَعْنَى أَنَّ قِرَاءَتهمْ لَا يَرْفَعهَا اللَّه وَلَا يَقْبَلهَا , وَقِيلَ لَا يَعْمَلُونَ بِالْقُرْآنِ فَلَا يُثَابُونَ عَلَى قِرَاءَته فَلَا يَحْصُل لَهُمْ إِلَّا سَرْده.
وَقَالَ النَّوَوِيّ : الْمُرَاد أَنَّهُمْ لَيْسَ لَهُمْ فِيهِ حَظّ إِلَّا مُرُوره عَلَى لِسَانهمْ لَا يَصِل إِلَى حُلُوقهمْ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَصِل إِلَى قُلُوبهمْ , لِأَنَّ الْمَطْلُوب تَعَقُّله وَتَدَبُّره بِوُقُوعِهِ فِي الْقَلْب.
قُلْت : وَهُوَ مِثْل قَوْله فِيهِمْ أَيْضًا " لَا يُجَاوِز إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ " أَيْ يَنْطِقُونَ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَلَا يَعْرِفُونَهَا بِقُلُوبِهِمْ , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة لِمُسْلِمٍ " يَقْرَءُونَ الْقُرْآن رَطْبًا " قِيلَ الْمُرَاد الْحِذْق فِي التِّلَاوَة أَيْ يَأْتُونَ بِهِ عَلَى أَحْسَنِ أَحْوَاله , وَقِيلَ الْمُرَاد أَنَّهُمْ يُوَاظِبُونَ عَلَى تِلَاوَته فَلَا تَزَال أَلْسِنَتهمْ رَطْبَةً بِهِ , وَقِيلَ هُوَ كِنَايَة عَنْ حُسْن الصَّوْت بِهِ حَكَاهَا الْقُرْطُبِيّ , وَيُرَجِّح الْأَوَّلَ مَا وَقَعَ فِي رِوَايَة أَبِي الْوَدَّاك عَنْ أَبِي سَعِيد عِنْد مُسَدَّد " يَقْرَءُونَ الْقُرْآن كَأَحْسَنِ مَا يَقْرَؤُهُ النَّاس " وَيُؤَيِّد الْآخَر قَوْلُهُ فِي رِوَايَة مُسْلِم عَنْ أَبِي بَكْرَة عَنْ أَبِيهِ " قَوْم أَشِدَّاء أَحِدَّاء ذَلِقَة أَلْسِنَتهمْ بِالْقُرْآن " أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ وَزَادَ فِي رِوَايَة عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي نُعْمٍ عَنْ أَبِي سَعِيد " يَقْتُلُونَ أَهْل الْإِسْلَام وَيَدَعُونَ أَهْل الْأَوْثَان , يَمْرُقُونَ " وَأَرْجَحُهَا الثَّالِث.
قَوْله ( يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّين كَمَا يَمْرُق السَّهْم ) يَأْتِي تَفْسِيره فِي الْحَدِيث الثَّانِي , وَفِي رِوَايَة الْأَوْزَاعِيِّ كَمُرُوقِ السَّهْم.
قَوْله ( مِنْ الرَّمِيَّة ) فِي رِوَايَة مَعْبَد بْن سِيرِينَ عَنْ أَبِي سَعِيد الْآتِيَة فِي آخِر كِتَاب التَّوْحِيد " لَا يَعُودُونَ فِيهِ حَتَّى يَعُود السَّهْم إِلَى فُوقه " وَالرَّمِيَّة فَعِيلَة مِنْ الرَّمْي وَالْمُرَاد الْغَزَالَة الْمَرْمِيَّة مَثَلًا.
وَوَقَعَ فِي حَدِيث عَبْد اللَّه بْن عَمْرو مِنْ رِوَايَة مِقْسَم عَنْهُ " فَإِنَّهُ سَيَكُونُ لِهَذَا شِيعَة يَتَعَمَّقُونَ فِي الدِّين يَمْرُقُونَ مِنْهُ " الْحَدِيث , أَيْ يَخْرُجُونَ مِنْ الْإِسْلَام بَغْتَة كَخُرُوجِ السَّهْم إِذَا رَمَاهُ رَامٍ قَوِيّ السَّاعِد فَأَصَابَ مَا رَمَاهُ فَنَفَذَ مِنْهُ بِسُرْعَةٍ بِحَيْثُ لَا يَعْلَق بِالسَّهْمِ وَلَا بِشَيْءٍ مِنْهُ مِنْ الْمَرْمِيّ شَيْءٌ , فَإِذَا اِلْتَمَسَ الرَّامِي سَهْمَهُ وَجَدَهُ وَلَمْ يَجِد الَّذِي رَمَاهُ فَيَنْظُر فِي السَّهْم لِيَعْرِف هَلْ أَصَابَ أَوْ أَخْطَأَ فَإِذَا لَمْ يَرَهُ عَلِقَ فِيهِ شَيْء مِنْ الدَّم وَلَا غَيْره ظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يُصِبْهُ وَالْفَرْض أَنَّهُ أَصَابَهُ , وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ " سَبَقَ الْفَرْث وَالدَّم " أَيْ جَاوَزَهُمَا وَلَمْ يَتَعَلَّق فِيهِ مِنْهُمَا شَيْءٌ بَلْ خَرَجَا بَعْده , وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْح الْقُذَذ فِي عَلَامَات النُّبُوَّة , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة أَبِي نَضْرَة عَنْ أَبِي سَعِيد عِنْد مُسْلِم فَضَرَبَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ مَثَلًا الرَّجُل يَرْمِي الرَّمِيَّة الْحَدِيث , وَفِي رِوَايَة أَبِي الْمُتَوَكِّل النَّاجِي عَنْ أَبِي سَعِيد عِنْد الطَّبَرِيّ " مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ رَجُل رَمَى رَمِيَّة فَتَوَخَّى السَّهْمَ حَيْثُ وَقَعَ فَأَخَذَهُ فَنَظَرَ إِلَى فُوقه فَلَمْ يَرَ بِهِ دَسَمًا وَلَا دَمًا " لَمْ يَتَعَلَّق بِهِ شَيْء مِنْ الدَّسَم وَالدَّم , كَذَلِكَ هَؤُلَاءِ لَمْ يَتَعَلَّقُوا بِشَيْءٍ مِنْ الْإِسْلَام , وَعِنْده فِي رِوَايَة عَاصِم بْن شَمْخ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْمِيم بَعْدهَا مُعْجَمَة بَعْد قَوْله مِنْ الرَّمِيَّة " يَذْهَب السَّهْم فَيَنْظُر فِي النَّصْل فَلَا يَرَى شَيْئًا مِنْ الْفَرْث وَالدَّم " الْحَدِيث , وَفِيهِ " يَتْرُكُونَ الْإِسْلَام وَرَاء ظُهُورهمْ " وَجَعَلَ يَدَيْهِ وَرَاء ظَهْره , وَفِي رِوَايَة أَبِي إِسْحَاق مَوْلَى بَنِي هَاشِم عَنْ أَبِي سَعِيد فِي آخِر الْحَدِيث " لَا يَتَعَلَّقُونَ مِنْ الدِّين بِشَيْءٍ كَمَا لَا يَتَعَلَّق بِذَلِكَ السَّهْم " أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ , وَفِي حَدِيث أَنَس عَنْ أَبِي سَعِيد عِنْد أَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُدَ وَالطَّبَرِيّ " لَا يَرْجِعُونَ إِلَى الْإِسْلَام حَتَّى يَرْتَدّ السَّهْم إِلَى فُوقه " وَجَاءَ عَنْ اِبْن عَبَّاس عِنْد الطَّبَرِيّ وَأَوَّلُهُ فِي اِبْن مَاجَهْ بِسِيَاقٍ أَوْضَحَ مِنْ هَذَا وَلَفْظه " سَيَخْرُجُ قَوْم مِنْ الْإِسْلَام خُرُوج السَّهْم مِنْ الرَّمِيَّة عَرَضَتْ لِلرِّجَالِ فَرَمَوْهَا فَانْمَرَقَ سَهْم أَحَدهمْ مِنْهَا فَخَرَجَ فَأَتَاهُ فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ لَمْ يَتَعَلَّق بِنَصْلِهِ مِنْ الدَّم شَيْء , ثُمَّ نَظَرَ إِلَى الْقُذَذ فَلَمْ يَرَهُ تَعَلَّقَ مِنْ الدَّم بِشَيْءٍ , فَقَالَ : إِنْ كُنْت أَصَبْت فَإِنَّ بِالرِّيشِ وَالْفُوق شَيْئًا مِنْ الدَّم , فَنَظَرَ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا تَعَلَّقَ بِالرِّيشِ وَالْفُوق.
قَالَ : كَذَلِكَ يَخْرُجُونَ مِنْ الْإِسْلَام " وَفِي رِوَايَة بِلَال بْن يَقْطُر عَنْ أَبِي بَكْرَة " يَأْتِيهِمْ الشَّيْطَان مِنْ قِبَل دِينهمْ " وَلِلْحُمَيْدِيّ وَابْن أَبِي عُمَر فِي مُسْنَدَيْهِمَا مِنْ طَرِيق أَبِي بَكْر مَوْلَى الْأَنْصَار عَنْ عَلِيّ " أَنَّ نَاسًا يَخْرُجُونَ مِنْ الدِّين كَمَا يَخْرُج السَّهْم مِنْ الرَّمِيَّة ثُمَّ لَا يَعُودُونَ فِيهِ أَبَدًا ".
قَوْله ( آيَتهمْ ) أَيْ عَلَامَتهمْ , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة اِبْن أَبِي مَرْيَم عَنْ عَلِيّ عِنْد الطَّبَرِيّ " عَلَامَتهمْ ".
قَوْله ( رَجُل إِحْدَى يَدَيْهِ أَوْ قَالَ ثَدْيَيْهِ ) هَكَذَا لِلْأَكْثَرِ بِالتَّثْنِيَةِ فِيهِمَا مَعَ الشَّكّ هَلْ هِيَ تَثْنِيَة يَد أَوْ ثَدْي بِالْمُثَلَّثَةِ , وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي هُنَا بِالْمُثَلَّثَةِ فِيهِمَا فَالشَّكّ عِنْده هَلْ هُوَ الثَّدْي بِالْإِفْرَادِ أَوْ بِالتَّثْنِيَةِ , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة الْأَوْزَاعِيِّ " إِحْدَى يَدَيْهِ " تَثْنِيَة يَد وَلَمْ يَشُكّ , وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَد , فَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَة شُعَيْب وَيُونُس " إِحْدَى عَضُدَيْهِ ".
قَوْله ( مِثْل ثَدْي الْمَرْأَة أَوْ قَالَ مِثْل الْبَضْعَة ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَة وَسُكُون الْمُعْجَمَة أَيْ الْقِطْعَة مِنْ اللَّحْم.
قَوْله ( تَدَرْدَرُ ) بِفَتْحِ أَوَّله وَدَالَيْنِ مُهْمَلَتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ بَيْنهمَا رَاء سَاكِنَة وَآخِره رَاء وَهُوَ عَلَى حَذْف إِحْدَى التَّاءَيْنِ وَأَصْله تَتَدَرْدَر وَمَعْنَاهُ تَتَحَرَّك وَتَذْهَب وَتَجِيء , وَأَصْله حِكَايَة صَوْت الْمَاء فِي بَطْن الْوَادِي إِذَا تَدَافَعَ , وَفِي رِوَايَة عُبَيْدَة بْن عَمْرو عَنْ عَلِيّ عِنْد مُسْلِم " فِيهِمْ رَجُل مُخْدَج الْيَد أَوْ مُودَن الْيَد أَوْ مَثْدُونُ الْيَد " وَالْمُخْدَج بِخَاءٍ مُعْجَمَة وَجِيم وَالْمُودَن بِوَزْنِهِ وَالْمَثْدُونُ بِفَتْحِ الْمِيم وَسُكُون الْمُثَلَّثَة , وَكُلّهَا بِمَعْنًى وَهُوَ النَّاقِص , وَلَهُ مِنْ رِوَايَة زَيْد بْن وَهْب عَنْ عَلِيّ " وَغَايَة ذَلِكَ أَنَّ فِيهِمْ رَجُلًا لَهُ عَضُد لَيْسَ لَهُ ذِرَاع عَلَى رَأْس عَضُده مِثْل حَلَمَة الثَّدْي عَلَيْهِ شَعَرَات بِيض " وَعِنْد الطَّبَرِيّ مِنْ وَجْه آخَر " فِيهِمْ رَجُل مُجْدَع الْيَد كَأَنَّهَا ثَدْي حَبَشِيَّة " وَفِي رِوَايَة أَفْلَحَ بْن عَبْد اللَّه " فِيهَا شَعَرَات كَأَنَّهَا سَخْلَة سَبُع , وَفِي رِوَايَة أَبِي بَكْر مَوْلَى الْأَنْصَار " كَثَدْيِ الْمَرْأَة لَهَا حَلَمَة كَحَلَمَةِ الْمَرْأَة حَوْلهَا سَبْع هُلْبَات " وَفِي رِوَايَة عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي رَافِع عَنْ عَلِيّ عِنْد مُسْلِم " مِنْهُمْ أَسْوَدُ إِحْدَى يَدَيْهِ طُبْيُ شَاةٍ أَوْ حَلَمَة ثَدْي " فَأَمَّا الطُّبْيُ فَهُوَ بِضَمِّ الطَّاء الْمُهْمَلَة وَسُكُون الْمُوَحَّدَة وَهِيَ الثَّدْي , وَعِنْد الطَّبَرِيّ مِنْ طَرِيق طَارِق بْن زِيَاد عَنْ عَلِيّ " فِي يَده شَعَرَات سُود " وَالْأَوَّل أَقْوَى , وَقَدْ ذَكَرَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْخَوَارِجِ عَلَامَة أُخْرَى فَفِي رِوَايَة مَعْبَد بْن سِيرِينَ عَنْ أَبِي سَعِيد " قِيلَ مَا سِيمَاهُمْ , قَالَ : سِيمَاهُمْ التَّحْلِيق " وَفِي رِوَايَة عَاصِم اِبْن شَمْخ عَنْ أَبِي سَعِيد " فَقَامَ رَجُل فَقَالَ : يَا نَبِيّ اللَّه هَلْ فِي هَؤُلَاءِ الْقَوْم عَلَامَة ؟ قَالَ : يَحْلِقُونَ رُءُوسهمْ فِيهِمْ ذُو ثُدَيَّة " وَفِي حَدِيث أَنَس عَنْ أَبِي سَعِيد " هُمْ مِنْ جِلْدَتنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا , قِيلَ : يَا رَسُول اللَّه مَا سِيمَاهُمْ ؟ قَالَ التَّحْلِيق " هَكَذَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيّ , وَعِنْد أَبِي دَاوُدَ بَعْضه.
قَوْله ( يَخْرُجُونَ عَلَى خَيْر فِرْقَة مِنْ النَّاس ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ هُنَا , وَفِي عَلَامَات النُّبُوَّة وَفِي الْأَدَب " حِين " بِكَسْرِ الْمُهْمَلَة وَآخِره نُون و " فِرْقَة " بِضَمِّ الْفَاء.
وَوَقَعَ فِي رِوَايَة عَبْد الرَّزَّاق عِنْد أَحْمَدَ وَغَيْره " حِين فَتْرَة مِنْ النَّاس " بِفَتْحِ الْفَاء وَسُكُون الْمُثَنَّاة , وَوَقَعَ لِلْكُشْمِيهَنِيّ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِع " عَلَى خَيْر " بِفَتْحِ الْمُعْجَمَة وَآخِره رَاء و " فِرْقَة " بِكَسْرِ الْفَاء وَالْأَوَّل الْمُعْتَمَد وَهُوَ الَّذِي عِنْد مُسْلِم وَغَيْره وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ صَحِيحًا وَيُؤَيِّد الْأَوَّل أَنَّ عِنْد مُسْلِم مِنْ طَرِيق أَبِي نَضْرَة عَنْ أَبِي سَعِيد " تَمْرُق مَارِقَة عِنْد فِرْقَة مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَقْتُلهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ " وَفِي لَفْظ لَهُ " يَكُون فِي أُمَّتِي فِرْقَتَانِ فَيَخْرُج مِنْ بَيْنهمَا طَائِفَة مَارِقَة يَلِي قَتْلهمْ أَوْلَاهُمْ بِالْحَقِّ " وَفِي لَفْظ لَهُ " يَخْرُجُونَ فِي فِرْقَة مِنْ النَّاس يَقْتُلهُمْ أَدْنَى الطَّائِفَتَيْنِ إِلَى الْحَقّ " وَفِيهِ " فَقَالَ أَبُو سَعِيد : وَأَنْتُمْ قَتَلْتُمُوهُمْ يَا أَهْل الْعِرَاق " وَفِي رِوَايَة الضَّحَّاك الْمِشْرَقِيّ عَنْ أَبِي سَعِيد " يَخْرُجُونَ عَلَى فِرْقَة مُخْتَلِفَة يَقْتُلهُمْ أَقْرَبُ الطَّائِفَتَيْنِ إِلَى الْحَقّ " وَفِي رِوَايَة أَنَس عَنْ أَبِي سَعِيد عِنْد أَبِي دَاوُدَ " مَنْ قَاتَلَهُمْ كَانَ أَوْلَى بِاَللَّهِ مِنْهُمْ ".
قَوْله ( قَالَ أَبُو سَعِيد ) هُوَ مُتَّصِل بِالسَّنَدِ الْمَذْكُور.
قَوْله ( أَشْهَدُ سَمِعْت مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) كَذَا هُنَا بِاخْتِصَارٍ , وَفِي رِوَايَة شُعَيْب وَيُونُس " قَالَ أَبُو سَعِيد فَأَشْهَد أَنِّي سَمِعْت هَذَا الْحَدِيث مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقَدْ مَضَى فِي الْبَاب الَّذِي قَبْله مِنْ وَجْه آخَر عَنْ أَبِي سَعِيد " سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول يَخْرُج فِي هَذِهِ الْأُمَّة " وَفِي رِوَايَة أَفْلَحَ بْن عَبْد اللَّه " حَضَرْت هَذَا مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
قَوْله ( وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيًّا قَتَلَهُمْ ) فِي رِوَايَة شُعَيْب ( أَنَّ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب قَاتَلَهُمْ " وَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَة الْأَوْزَاعِيِّ وَيُونُس " قَاتَلَهُمْ " وَوَقَعَ فِي رِوَايَة أَفْلَحَ بْن عَبْد اللَّه " وَحَضَرْت مَعَ عَلِيّ يَوْم قَتَلَهُمْ بِالنَّهْرَوَانِ " وَنِسْبَة قَتْلهمْ لِعَلِيٍّ لِكَوْنِهِ كَانَ الْقَائِمَ فِي ذَلِكَ , وَقَدْ مَضَى فِي الْبَاب قَبْله مِنْ رِوَايَة سُوَيْد بْن غَفَلَة عَنْ عَلِيّ " أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِهِمْ " وَلَفْظه " فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ " وَقَدْ ذَكَرْت شَوَاهِده , وَمِنْهَا حَدِيث نَصْر بْن عَاصِم عَنْ أَبِي بَكْرَة رَفَعَه " إِنَّ فِي أُمَّتِي أَقْوَامًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآن لَا يُجَاوِز تَرَاقِيهمْ , فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَأَنِيمُوهُمْ " أَيْ فَاقْتُلُوهُمْ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ , وَتَقَدَّمَ فِي أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء وَغَيْرهَا " لَئِنْ أَدْرَكْتهمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ " وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ رِوَايَة مَسْرُوق قَالَ " قَالَتْ لِي عَائِشَةُ : مَنْ قَتَلَ الْمُخْدَج ؟ قُلْت : عَلِيٌّ قَالَتْ فَأَيْنَ قَتَلَهُ ؟ قُلْت عَلَى نَهْر يُقَال لِأَسْفَلِهِ النَّهْرَوَان.
قَالَتْ : اِئْتِنِي عَلَى هَذَا بِبَيِّنَةٍ , فَأَتَيْتهَا بِخَمْسِينَ نَفْسًا شَهِدُوا أَنَّ عَلِيًّا قَتَلَهُ بِالنَّهْرَوَانِ " أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى وَالطَّبَرِيّ , وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي " الْأَوْسَط " مِنْ طَرِيق عَامِر بْن سَعْد قَالَ " قَالَ عَمَّار لِسَعْدٍ : أَمَّا سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : يَخْرُج أَقْوَام مِنْ أُمَّتِي يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّين مُرُوق السَّهْم مِنْ الرَّمِيَّة يَقْتُلهُمْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب ؟ قَالَ : إِي وَاَللَّه " وَأَمَّا صِفَة قِتَالهمْ وَقَتْلهمْ فَوَقَعَتْ عِنْد مُسْلِم فِي رِوَايَة زَيْد بْن وَهْب الْجُهَنِيّ أَنَّهُ كَانَ فِي الْجَيْش الَّذِينَ كَانُوا مَعَ عَلِيّ حِين سَارُوا إِلَى الْخَوَارِج فَقَالَ عَلِيّ بَعْد أَنْ حَدَّثَ بِصِفَتِهِمْ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَاَللَّه إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُونُوا هَؤُلَاءِ الْقَوْم , فَإِنَّهُمْ قَدْ سَفَكُوا الدَّم الْحَرَام وَأَغَارُوا فِي سَرْح النَّاس , قَالَ فَلَمَّا اِلْتَقَيْنَا وَعَلَى الْخَوَارِج يَوْمئِذٍ عَبْد اللَّه بْن وَهْب الرَّاسِبِيّ فَقَالَ لَهُمْ : أَلْقُوا الرِّمَاح وَسُلُّوا سُيُوفكُمْ مِنْ جُفُونهَا فَإِنِّي أَخَاف أَنْ يُنَاشِدُوكُمْ كَمَا نَاشَدُوكُمْ يَوْم حَرُورَاء , قَالَ فَشَجَرَهُمْ النَّاس بِرِمَاحِهِمْ , قَالَ فَقُتِلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْض , وَمَا أُصِيبَ مِنْ النَّاس يَوْمئِذٍ إِلَّا رَجُلَانِ.
وَأَخْرَجَ يَعْقُوب بْن سُفْيَان مِنْ طَرِيق عِمْرَان بْن جَرِير عَنْ أَبِي مِجْلَز قَالَ : كَانَ أَهْل النَّهْر أَرْبَعَة آلَاف فَقَتَلَهُمْ الْمُسْلِمُونَ وَلَمْ يُقْتَل مِنْ الْمُسْلِمِينَ سِوَى تِسْعَة , فَإِنْ شِئْت فَاذْهَبْ إِلَى أَبِي بَرْزَة فَاسْأَلْهُ فَإِنَّهُ شَهِدَ ذَلِكَ.
وَأَخْرَجَ إِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَده مِنْ طَرِيق حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت قَالَ : أَتَيْت أَبَا وَائِل فَقُلْت : أَخْبِرْنِي عَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْم الَّذِينَ قَتَلَهُمْ عَلِيّ فِيمَ فَارَقُوهُ وَفِيمَ اِسْتَحَلَّ قِتَالهمْ ؟ قَالَ : لَمَّا كُنَّا بِصِفِّينَ اِسْتَحَرَّ الْقَتْلُ فِي أَهْل الشَّام فَرَفَعُوا الْمَصَاحِف فَذَكَرَ قِصَّة التَّحْكِيم , فَقَالَ الْخَوَارِج مَا قَالُوا وَنَزَلُوا حَرُورَاء , فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ عَلِيّ فَرَجَعُوا ثُمَّ قَالُوا نَكُون فِي نَاحِيَته فَإِنْ قَبِلَ الْقَضِيَّة قَاتَلْنَاهُ وَإِنْ نَقَضَهَا قَاتَلْنَا مَعَهُ , ثُمَّ اِفْتَرَقَتْ مِنْهُمْ فِرْقَة يَقْتُلُونَ النَّاس فَحَدَّثَ عَلِيّ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَمْرِهِمْ.
وَعِنْد أَحْمَدَ وَالطَّبَرَانِيِّ وَالْحَاكِم مِنْ طَرِيق عَبْد اللَّه بْن شَدَّاد أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عَائِشَة مَرْجِعَهُ مِنْ الْعِرَاق لَيَالِي قُتِلَ عَلِيٌّ فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَة تُحَدِّثنِي بِأَمْرِ هَؤُلَاءِ الْقَوْم الَّذِينَ قَتَلَهُمْ عَلِيّ , قَالَ : إِنَّ عَلِيًّا لَمَّا كَاتَبَ مُعَاوِيَة وَحَكَّمَا الْحَكَمَيْنِ خَرَجَ عَلَيْهِ ثَمَانِيَة آلَاف مِنْ قُرَّاء النَّاس فَنَزَلُوا بِأَرْضٍ يُقَال لَهَا حَرُورَاء مِنْ جَانِب الْكُوفَة وَعَتَبُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا : اِنْسَلَخْت مِنْ قَمِيص أَلْبَسَكَهُ اللَّهُ وَمِنْ اِسْم سَمَّاك اللَّه بِهِ , ثُمَّ حَكَّمْت الرِّجَال فِي دِين اللَّه وَلَا حُكْم إِلَّا لِلَّهِ , فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيًّا فَجَمَعَ النَّاس فَدَعَا بِمُصْحَفٍ عَظِيم فَجَعَلَ يَضْرِبهُ بِيَدِهِ وَيَقُول : أَيُّهَا الْمُصْحَف حَدِّثْ النَّاس , فَقَالُوا مَاذَا إِنْسَانٌ ؟ إِنَّمَا هُوَ مِدَاد وَوَرَق , وَنَحْنُ نَتَكَلَّم بِمَا رَوَيْنَا مِنْهُ , فَقَالَ : كِتَاب اللَّه بَيْنِي وَبَيْن هَؤُلَاءِ , يَقُول اللَّه فِي اِمْرَأَة رَجُل ( فَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاق بَيْنهمَا ) الْآيَة , وَأُمَّة مُحَمَّد أَعْظَمُ مِنْ اِمْرَأَة رَجُل , وَنَقَمُوا عَلَيَّ أَنْ كَاتَبْت مُعَاوِيَة , وَقَدْ كَاتَبَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُهَيْل بْن عَمْرو وَلَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُول اللَّه أُسْوَة حَسَنَة.
ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهِمْ اِبْن عَبَّاس فَنَاظَرَهُمْ فَرَجَعَ مِنْهُمْ أَرْبَعَة آلَاف فِيهِمْ عَبْد اللَّه بْن الْكَوَّاء , فَبَعَثَ عَلِيّ إِلَى الْآخَرِينَ أَنْ يَرْجِعُوا فَأَبَوْا.
فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ : كُونُوا حَيْثُ شِئْتُمْ وَبَيْنَنَا وَبَيْنكُمْ أَنْ لَا تَسْفِكُوا دَمًا حَرَامًا وَلَا تَقْطَعُوا سَبِيلًا وَلَا تَظْلِمُوا أَحَدًا , فَإِنْ فَعَلْتُمْ نَبَذْت إِلَيْكُمْ الْحَرْب.
قَالَ عَبْد اللَّه بْن شَدَّاد : فَوَاَللَّهِ مَا قَتَلَهُمْ حَتَّى قَطَعُوا السَّبِيل وَسَفَكُوا الدَّم الْحَرَام الْحَدِيث.
وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ فِي الْخَصَائِص صِفَة مُنَاظَرَة اِبْن عَبَّاس لَهُمْ بِطُولِهَا.
وَفِي الْأَوْسَط لِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيق أَبِي السَّائِغَة عَنْ جُنْدَب بْن عَبْد اللَّه الْبَجَلِيِّ قَالَ : لَمَّا فَارَقَتْ الْخَوَارِج عَلِيًّا خَرَجَ فِي طَلَبهمْ فَانْتَهَيْنَا إِلَى عَسْكَرهمْ فَإِذَا لَهُمْ دَوِيّ كَدَوِيِّ النَّحْل مِنْ قِرَاءَة الْقُرْآن , وَإِذَا فِيهِمْ أَصْحَاب الْبَرَانِس أَيْ الَّذِينَ كَانُوا مَعْرُوفِينَ بِالزُّهْدِ وَالْعِبَادَة , قَالَ فَدَخَلَنِي مِنْ ذَلِكَ شِدَّةٌ , فَنَزَلْت عَنْ فَرَسِي وَقُمْت أُصَلِّي فَقُلْت : اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ فِي قِتَال هَؤُلَاءِ الْقَوْم لَك طَاعَة فَائْذَنْ لِي فِيهِ.
فَمَرَّ بِي عَلِيّ فَقَالَ لَمَّا حَاذَانِي تَعَوَّذْ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّكّ يَا جُنْدَب , فَلَمَّا جِئْته أَقْبَلَ رَجُل عَلَى بِرْذَوْن يَقُول إِنْ كَانَ لَك بِالْقَوْمِ حَاجَة فَإِنَّهُمْ قَدْ قَطَعُوا النَّهْر , قَالَ مَا قَطَعُوهُ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ كَذَلِكَ , ثُمَّ جَاءَ آخَر كَذَلِكَ قَالَ : لَا مَا قَطَعُوهُ وَلَا يَقْطَعُونَهُ وَلَيُقْتَلَنَّ مَنْ دُونَهُ عَهْدٌ مِنْ اللَّه وَرَسُوله , قُلْت اللَّه أَكْبَرُ , ثُمَّ رَكِبْنَا فَسَايَرْته فَقَالَ لِي : سَأَبْعَثُ إِلَيْهِمْ رَجُلًا يَقْرَأُ الْمُصْحَف يَدْعُوهُمْ إِلَى كِتَاب اللَّه وَسُنَّة نَبِيّهمْ فَلَا يُقْبِل عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ حَتَّى يَرْشُقُوهُ بِالنَّبْلِ وَلَا يُقْتَل مِنَّا عَشَرَة وَلَا يَنْجُو مِنْهُمْ عَشَرَة , قَالَ فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَوْم فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ رَجُلًا فَرَمَاهُ إِنْسَان فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَعَدَ وَقَالَ عَلِيّ : دُونكُمْ الْقَوْم فَمَا قُتِلَ مِنَّا عَشَرَة وَلَا نَجَا مِنْهُمْ عَشَرَة.
وَأَخْرَجَ يَعْقُوب بْن سُفْيَان بِسَنَدٍ صَحِيح عَنْ حُمَيْد بْن هِلَال قَالَ حَدَّثَنَا رَجُل مِنْ عَبْد الْقَيْس قَالَ : لَحِقْت بِأَهْلِ النَّهْر فَإِنِّي مَعَ طَائِفَة مِنْهُمْ أَسِير إِذْ أَتَيْنَا عَلَى قَرْيَة بَيْننَا نَهْر , فَخَرَجَ رَجُل مِنْ الْقَرْيَة مُرَوَّعًا فَقَالُوا لَهُ لَا رَوْع عَلَيْك , وَقَطَعُوا إِلَيْهِ النَّهْر فَقَالُوا لَهُ أَنْتَ اِبْن خَبَّاب صَاحِب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : نَعَمْ , قَالُوا : فَحَدِّثْنَا عَنْ أَبِيك فَحَدَّثَهُمْ بِحَدِيثِ يَكُون فِتْنَةٌ فَإِنْ اِسْتَطَعْت أَنْ تَكُون عَبْد اللَّه الْمَقْتُول فَكُنْ , قَالَ فَقَدَّمُوهُ فَضَرَبُوا عُنُقه , ثُمَّ دَعَوْا سُرِّيَّتَهُ وَهِيَ حُبْلَى فَبَقَرُوا عَمَّا فِي بَطْنهَا.
وَلِابْنِ أَبِي شَيْبَة مِنْ طَرِيق أَبِي مِجْلَز لَاحِق بْن حُمَيْد قَالَ قَالَ عَلِيّ لِأَصْحَابِهِ : لَا تَبْدَءُوهُمْ بِقِتَالٍ حَتَّى يُحْدِثُوا حَدَثًا , قَالَ فَمَرَّ بِهِمْ عَبْد اللَّه بْن خَبَّاب فَذَكَرَ قِصَّة قَتْلهمْ لَهُ وَبِجَارِيَتِهِ وَأَنَّهُمْ بَقَرُوا بَطْنهَا وَكَانُوا مَرُّوا عَلَى سَاقَتِهِ فَأَخَذَ وَاحِد مِنْهُمْ تَمْرَة فَوَضَعَهَا فِي فِيهِ فَقَالُوا لَهُ تَمْرَة مُعَاهَد فِيمَ اِسْتَحْلَلْتهَا ؟ فَقَالَ لَهُمْ عَبْد اللَّه بْن خَبَّاب : أَنَا أَعْظَمُ حُرْمَة مِنْ هَذِهِ التَّمْرَة.
فَأَخَذُوهُ فَذَبَحُوهُ , فَبَلَغَ عَلِيًّا فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ : أَقِيدُونَا بِقَاتِلِ عَبْد اللَّه بْن خَبَّاب , فَقَالُوا : كُلُّنَا قَتَلَهُ , فَأَذِنَ حِينَئِذٍ فِي قِتَالهمْ.
وَعِنْد الطَّبَرِيّ مِنْ طَرِيق أَبِي مَرْيَم قَالَ أَخْبَرَنِي أَخِي أَبُو عَبْد اللَّه أَنَّ عَلِيًّا سَارَ إِلَيْهِمْ حَتَّى إِذَا كَانَ حِذَاءَهُمْ عَلَى شَطّ النَّهْرَوَان أَرْسَلَ يُنَاشِدهُمْ فَلَمْ تَزَلْ رُسُله تَخْتَلِف إِلَيْهِمْ حَتَّى قَتَلُوا رَسُوله , فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ نَهَضَ إِلَيْهِمْ فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى فَرَغَ مِنْهُمْ كُلّهمْ.
قَوْله ( جِيءَ بِالرَّجُلِ عَلَى النَّعْت الَّذِي نَعَتَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) فِي رِوَايَة شُعَيْب " عَلَى نَعْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي نَعَتَهُ " وَفِي رِوَايَة أَفْلَحَ " فَالْتَمَسَهُ عَلِيّ فَلَمْ يَجِدهُ ثُمَّ وَجَدَهُ بَعْد ذَلِكَ تَحْت جِدَار عَلَى هَذَا النَّعْت " وَفِي رِوَايَة زَيْد بْن وَهْب فَقَالَ عَلِيّ اِلْتَمِسُوا فِيهِمْ الْمُخْدَج فَالْتَمَسُوهُ فَلَمْ يَجِدُوهُ فَقَامَ عَلِيّ بِنَفْسِهِ حَتَّى أَتَى نَاسًا قَدْ قُتِلَ بَعْضهمْ عَلَى بَعْض قَالَ أَخِّرُوهُمْ فَوَجَدَهُ مِمَّا يَلِي الْأَرْض فَكَبَّرَ ثُمَّ قَالَ : صَدَقَ اللَّه وَبَلَّغَ رَسُوله.
وَفِي رِوَايَة عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي رَافِع " فَلَمَّا قَتَلَهُمْ عَلِيّ قَالَ اُنْظُرُوا , فَنَظَرُوا فَلَمْ يَجِدُوا شَيْئًا , فَقَالَ اِرْجِعُوا فَوَاللَّهِ مَا كَذَبْت وَلَا كَذَبْت مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ وَجَدُوهُ فِي خَرِبَة فَأَتَوْا بِهِ حَتَّى وَضَعُوهُ بَيْن يَدَيْهِ " أَخْرَجَهَا مُسْلِم , وَفِي رِوَايَة لِلطَّبَرِيِّ مِنْ طَرِيق زَيْد بْن وَهْب " فَقَالَ عَلِيّ اُطْلُبُوا ذَا الثُّدَيَّة , فَطَلَبُوهُ فَلَمْ يَجِدُوهُ فَقَالَ.
مَا كَذَبْت وَلَا كَذَبْت اُطْلُبُوهُ فَطَلَبُوهُ , فَوَجَدُوهُ فِي وَهْدَة مِنْ الْأَرْض عَلَيْهِ نَاس مِنْ الْقَتْلَى , فَإِذَا رَجُل عَلَى يَده مِثْل سَبَلَات السِّنَّوْر , فَكَبَّرَ عَلِيّ وَالنَّاس وَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ " وَمِنْ طَرِيق عَاصِم بْن كُلَيْب حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ " بَيْنَا نَحْنُ قُعُود عِنْد عَلِيّ فَقَامَ رَجُل عَلَيْهِ أَثَر السَّفَر فَقَالَ : إِنِّي كُنْت فِي الْعُمْرَة فَدَخَلْت عَلَى عَائِشَة فَقَالَتْ : مَا هَؤُلَاءِ الْقَوْم الَّذِينَ خَرَجُوا فِيكُمْ ؟ قُلْت : قَوْم خَرَجُوا إِلَى أَرْض قَرِيبَة مِنَّا يُقَال لَهَا حَرُورَاء , فَقَالَتْ أَمَا إِنَّ اِبْن أَبِي طَالِب لَوْ شَاءَ لَحَدَّثَكُمْ بِأَمْرِهِمْ , قَالَ فَأَهَلَّ عَلِيٌّ وَكَبَّرَ فَقَالَ : دَخَلْت عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ عِنْده غَيْر عَائِشَة فَقَالَ : كَيْف أَنْتَ وَقَوْم يَخْرُجُونَ مِنْ قِبَل الْمَشْرِق وَفِيهِمْ رَجُل كَأَنَّ يَدَهُ ثَدْيُ حَبَشِيَّةٍ , نَشَدْتُكُمْ اللَّه هَلْ أَخْبَرْتُكُمْ بِأَنَّهُ فِيهِمْ ؟ قَالُوا : نَعَمْ , فَجِئْتُمُونِي فَقُلْتُمْ لَيْسَ فِيهِمْ فَحَلَفْت لَكُمْ أَنَّهُ فِيهِمْ ثُمَّ أَتَيْتُمُونِي بِهِ تَسْحَبُونَهُ كَمَا نُعِتَ لِي.
فَقَالُوا : اللَّهُمَّ نَعَمْ.
قَالَ فَأَهَلَّ عَلِيّ وَكَبَّرَ " وَفِي رِوَايَة أَبِي الْوَضِيّ بِفَتْحِ الْوَاو وَكَسْر الضَّاد الْمُعْجَمَة الْخَفِيفَة وَالتَّشْدِيد عَنْ عَلِيّ " اُطْلُبُوا الْمُخْدَج " فَذَكَرَ الْحَدِيث وَفِيهِ " فَاسْتَخْرَجُوهُ مِنْ تَحْت الْقَتْلَى فِي طِين " قَالَ أَبُو الْوَضِيّ : كَأَنِّي أَنْظُر إِلَيْهِ حَبَشِيّ عَلَيْهِ طريطق لَهُ إِحْدَى يَدَيْهِ مِثْل ثَدْي الْمَرْأَة عَلَيْهَا شُعَيْرَات مِثْل شُعَيْرَات تَكُون عَلَى ذَنَب الْيَرْبُوع " وَمِنْ طَرِيق أَبِي مَرْيَم قَالَ " إِنْ كَانَ وَذَلِكَ الْمُخْدَج لَمَعَنَا فِي الْمَسْجِد وَكَانَ فَقِيرًا قَدْ كَسَوْته بُرْنُسًا لِي وَرَأَيْته يَشْهَد طَعَام عَلِيّ وَكَانَ يُسَمَّى نَافِعًا ذَا الثُّدَيَّة وَكَانَ فِي يَده مِثْل ثَدْي الْمَرْأَة عَلَى رَأْسه حَلَمَة مِثْل حَلَمَة الثَّدْي عَلَيْهِ شُعَيْرَات مِثْل سَبَلَات السِّنَّوْر " أَخْرَجَهُمَا أَبُو دَاوُدَ , وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيق أَبِي مَرْيَم مُطَوَّلًا وَفِيهِ " وَكَانَ عَلِيّ يُحَدِّثنَا قَبْل ذَلِكَ أَنَّ قَوْمًا يَخْرُجُونَ وَعَلَامَتهمْ رَجُل مُخْدَج الْيَد فَسَمِعْت ذَلِكَ مِنْهُ مِرَارًا كَثِيرَة وَسَمِعْت الْمُخْدَج حَتَّى رَأَيْته يَتَكَرَّه طَعَامَهُ مِنْ كَثْرَة مَا يَسْمَع ذَلِكَ مِنْهُ " وَفِيهِ " ثُمَّ أَمَرَ أَصْحَابه أَنْ يَلْتَمِسُوا الْمُخْدَج فَالْتَمَسُوهُ فَلَمْ يَجِدُوهُ حَتَّى جَاءَ رَجُل فَبَشَّرَهُ فَقَالَ وَجَدْنَاهُ تَحْت قَتِيلَيْنِ فِي سَاقِيَة , فَقَالَ وَاَللَّه مَا كَذَبْت وَلَا كَذَبْت " وَفِي رِوَايَة أَفْلَحَ " فَقَالَ عَلِيّ أَيّكُمْ يَعْرِف هَذَا ؟ فَقَالَ رَجُل مِنْ الْقَوْم : نَحْنُ نَعْرِفهُ , هَذَا حُرْقُوص وَأُمّه هَاهُنَا , قَالَ فَأَرْسَلَ عَلِيّ إِلَى أُمّه فَقَالَتْ : كُنْت أَرْعَى غَنَمًا فِي الْجَاهِلِيَّة فَغَشِيَنِي كَهَيْئَةِ الظُّلَّة فَحَمَلْت مِنْهُ فَوَلَدْت هَذَا " وَفِي رِوَايَة عَاصِم بْن شَمْخ عَنْ أَبِي سَعِيد قَالَ حَدَّثَنِي عَشَرَة مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ " اِلْتَمِسُوا لِي الْعَلَامَة الَّتِي قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنِّي لَمْ أَكْذِب وَلَا أَكْذِب , فَجِيءَ بِهِ فَحَمِدَ اللَّه وَأَثْنَى عَلَيْهِ حِين عَرَفَ الْعَلَامَة " وَوَقَعَ فِي رِوَايَة أَبِي بَكْر مَوْلَى الْأَنْصَار عَنْ عَلِيّ حَوْلهَا سَبْع هُلْبَات وَهُوَ بِضَمِّ الْهَاء وَمُوَحَّدَة جَمْع هُلْبَة , وَفِيهِ أَنَّ النَّاس وَجَدُوا فِي أَنْفُسهمْ بَعْد قَتْل أَهْل النَّهْر فَقَالَ عَلِيّ : إِنِّي لَا أَرَاهُ إِلَّا مِنْهُمْ , فَوَجَدُوهُ عَلَى شَفِير النَّهْر تَحْت الْقَتْلَى فَقَالَ عَلِيّ : صَدَقَ اللَّه وَرَسُوله , وَفَرِحَ النَّاس حِين رَأَوْهُ وَاسْتَبْشَرُوا وَذَهَبَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَجِدُونَهُ ".
قَوْله ( قَالَ فَنَزَلَتْ فِيهِ ) فِي رِوَايَة السَّرَخْسِيّ " فِيهِمْ ".
قَوْله ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزك فِي الصَّدَقَات ) اللَّمْز الْعَيْب وَقِيلَ الْوُقُوع فِي النَّاس وَقِيلَ بِقَيْدِ أَنْ يَكُون مُوَاجَهَة , وَالْهَمْز فِي الْغِيبَة أَيْ يَعِيبك فِي قَسْم الصَّدَقَات , وَيُؤَيِّد الْقِيل الْمَذْكُور مَا وَقَعَ فِي قِصَّة الْمَذْكُور حَيْثُ وَاجَهَ بِقَوْلِهِ " هَذِهِ قِسْمَة مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْه اللَّه ) وَلَمْ أَقِف عَلَى الزِّيَادَة إِلَّا فِي رِوَايَة مَعْمَر , وَقَدْ أَخْرَجَهُ عَبْد الرَّزَّاق عَنْ مَعْمَر لَكِنْ وَقَعَتْ مُقَدِّمَة عَلَى قَوْله " حِين فُرْقَة مِنْ النَّاس , قَالَ فَنَزَلَتْ فِيهِمْ " وَذَكَرَ كَلَام أَبِي سَعِيد بَعْد ذَلِكَ , وَلَهُ شَاهِد مِنْ حَدِيث اِبْن مَسْعُود قَالَ " لَمَّا قَسَمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَنَائِم حُنَيْنٍ سَمِعْت رَجُلًا يَقُول : إِنَّ هَذِهِ الْقِسْمَة مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْه اللَّه " قَالَ فَنَزَلَتْ ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزك فِي الصَّدَقَات ) أَخْرَجَهُ اِبْن مَرْدُوَيْهِ , وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي غَزْوَة حُنَيْنٍ بِدُونِ هَذِهِ الزِّيَادَة وَوَقَعَ فِي رِوَايَة عُتْبَة بْن وَسَّاج عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُمَر مَا يُؤَيِّد هَذِهِ الزِّيَادَة " فَجَعَلَ يَقْسِم بَيْن أَصْحَابه وَرَجُل جَالِس فَلَمْ يُعْطِهِ شَيْئًا فَقَالَ : يَا مُحَمَّد مَا أَرَاك تَعْدِل " وَفِي رِوَايَة أَبِي الْوَضِيّ عَنْ أَبِي بَرْزَة نَحْوه , فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْحَامِل لِلْقَائِلِ عَلَى مَا قَالَ مِنْ الْكَلَام الْجَافِي وَأَقْدَمَ عَلَيْهِ مِنْ الْخِطَاب السَّيِّئ كَوْنه لَمْ يُعْطَ مِنْ تِلْكَ الْعَطِيَّة وَأَنَّهُ لَوْ أُعْطِيَ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ.
وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ نَحْو حَدِيث أَبِي سَعِيد وَزَادَ فِي آخِره " فَغَفَلَ عَنْ الرَّجُل فَذَهَبَ , فَسَأَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ فَطُلِبَ فَلَمْ يُدْرَك " وَسَنَده جَيِّد.
( تَنْبِيه ) : جَاءَ عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ قِصَّة أُخْرَى تَتَعَلَّق بِالْخَوَارِجِ فِيهَا مَا يُخَالِف هَذِهِ الرِّوَايَة , وَذَلِكَ فِيمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ جَيِّد عَنْ أَبِي سَعِيد قَالَ " جَاءَ أَبُو بَكْر إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه إِنِّي مَرَرْت بِوَادِي كَذَا فَإِذَا رَجُل حَسَن الْهَيْئَة مُتَخَشِّع يُصَلِّي فِيهِ , فَقَالَ : اِذْهَبْ إِلَيْهِ فَاقْتُلْهُ.
قَالَ فَذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو بَكْر فَلَمَّا رَآهُ يُصَلِّي كَرِهَ أَنْ يَقْتُلهُ فَرَجَعَ , فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَر : اِذْهَبْ إِلَيْهِ فَاقْتُلْهُ فَذَهَبَ فَرَآهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالَة فَرَجَعَ , فَقَالَ : يَا عَلِيّ اِذْهَبْ إِلَيْهِ فَاقْتُلْهُ فَذَهَبَ عَلِيّ فَلَمْ يَرَهُ , فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ هَذَا وَأَصْحَابه يَقْرَءُونَ الْقُرْآن لَا يُجَاوِز تَرَاقِيهمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّين كَمَا يَمْرُق السَّهْم مِنْ الرَّمِيَّة ثُمَّ لَا يَعُودُونَ فِيهِ فَاقْتُلُوهُمْ هُمْ شَرّ الْبَرِيَّة " وَلَهُ شَاهِد مِنْ حَدِيث جَابِر أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى وَرِجَاله ثِقَات , وَيُمْكِن الْجَمْع بِأَنْ يَكُون هَذَا الرَّجُل هُوَ الْأَوَّل وَكَانَتْ قِصَّته هَذِهِ الثَّانِيَة مُتَرَاخِيَة عَنْ الْأُولَى , وَأَذِنَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَتْله بَعْد أَنْ مَنَعَ مِنْهُ لِزَوَالِ عِلَّة الْمَنْع وَهِيَ التَّأَلُّف , فَكَأَنَّهُ اِسْتَغْنَى عَنْهُ بَعْد اِنْتِشَار الْإِسْلَام كَمَا نَهَى عَنْ الصَّلَاة عَلَى مَنْ يُنْسَب إِلَى النِّفَاق بَعْد أَنْ كَانَ يَجْرِي عَلَيْهِمْ أَحْكَام الْإِسْلَام قَبْل ذَلِكَ وَكَأَنَّ أَبَا بَكْر وَعُمَر تَمَسَّكَا بِالنَّهْيِ الْأَوَّل عَنْ قَتْل الْمُصَلِّينَ وَحَمَلَا الْأَمْرَ هُنَا عَلَى قَيْد أَنْ لَا يَكُون لَا يُصَلِّي فَلِذَلِكَ عَلَّلَا عَدَم الْقَتْل بِوُجُودِ الصَّلَاة أَوْ غَلَّبَا جَانِب النَّهْي.
ثُمَّ وَجَدْت فِي " مَغَازِي الْأُمَوِيّ " مِنْ مُرْسَل الشَّعْبِيّ فِي نَحْو أَصْل الْقِصَّة " ثُمَّ دَعَا رِجَالًا فَأَعْطَاهُمْ , فَقَامَ رَجُل فَقَالَ : إِنَّك لَتَقْسِم وَمَا نَرَى عَدْلًا , قَالَ : إِذَنْ لَا يَعْدِل أَحَدٌ بَعْدِي.
ثُمَّ دَعَا أَبَا بَكْر فَقَالَ : اِذْهَبْ فَاقْتُلْهُ , فَذَهَبَ فَلَمْ يَجِدهُ فَقَالَ : لَوْ قَتَلْته لَرَجَوْت أَنْ يَكُون أَوَّلهمْ وَآخِرهمْ " فَهَذَا يُؤَيِّد الْجَمْع الَّذِي ذَكَرْته لِمَا يَدُلّ عَلَيْهِ " ثُمَّ " مِنْ التَّرَاخِي وَاَللَّه أَعْلَمُ.
وَفِي هَذَا الْحَدِيث مِنْ الْفَوَائِد غَيْر مَا تَقَدَّمَ مَنْقَبَة عَظِيمَة لِعَلِيٍّ وَأَنَّهُ كَانَ الْإِمَام الْحَقّ وَأَنَّهُ كَانَ عَلَى الصَّوَاب فِي قِتَال مَنْ قَاتَلَهُ فِي حُرُوبه فِي الْجَمَل وَصِفِّينَ وَغَيْرهمَا , وَأَنَّ الْمُرَاد بِالْحَصْرِ فِي الصَّحِيفَة فِي قَوْله فِي كِتَاب الدِّيَات " مَا عِنْدنَا إِلَّا الْقُرْآن وَالصَّحِيفَة " مُقَيَّد بِالْكِتَابَةِ لَا أَنَّهُ لَيْسَ عِنْده عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْء مِمَّا أَطْلَعَهُ اللَّه عَلَيْهِ مِنْ الْأَحْوَال الْآتِيَة إِلَّا مَا فِي الصَّحِيفَة , فَقَدْ اِشْتَمَلَتْ طُرُق هَذَا الْحَدِيث عَلَى أَشْيَاء كَثِيرَة كَانَ عِنْده عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِلْمٌ بِهَا مِمَّا يَتَعَلَّق بِقِتَالِ الْخَوَارِج وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا ذُكِرَ , وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُخْبِر بِأَنَّهُ سَيَقْتُلُهُ أَشْقَى الْقَوْم فَكَانَ ذَلِكَ فِي أَشْيَاء كَثِيرَة.
وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون النَّفْي مُقَيَّدًا بِاخْتِصَاصِهِ بِذَلِكَ فَلَا يَرِد حَدِيث الْبَاب لِأَنَّهُ شَارَكَهُ فِيهِ جَمَاعَة وَإِنْ كَانَ عِنْده هُوَ زِيَادَة عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ كَانَ صَاحِب الْقِصَّة فَكَانَ أَشَدَّ عِنَايَة بِهَا مِنْ غَيْره.
وَفِيهِ الْكَفّ عَنْ قَتْل مَنْ يَعْتَقِد الْخُرُوج عَلَى الْإِمَام مَا لَمْ يَنْصِب لِذَلِكَ حَرْبًا أَوْ يَسْتَعِدّ لِذَلِكَ لِقَوْلِهِ " فَإِذَا خَرَجُوا فَاقْتُلُوهُمْ " , وَحَكَى الطَّبَرِيُّ الْإِجْمَاع عَلَى ذَلِكَ فِي حَقّ مَنْ لَا يُكَفَّر بِاعْتِقَادِهِ , وَأَسْنَدَ عَنْ عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز أَنَّهُ كَتَبَ فِي الْخَوَارِج بِالْكَفِّ عَنْهُمْ " مَا لَمْ يَسْفِكُوا دَمًا حَرَامًا أَوْ يَأْخُذُوا مَالًا فَإِنْ فَعَلُوا فَقَاتِلُوهُمْ وَلَوْ كَانُوا وَلَدِي " وَمِنْ طَرِيق اِبْن جُرَيْجٍ " قُلْت لِعَطَاءٍ مَا يَحِلّ فِي قِتَال الْخَوَارِج ؟ إِذَا قَطَعُوا السَّبِيل وَأَخَافُوا الْأَمْن " وَأَسْنَدَ الطَّبَرِيُّ عَنْ الْحَسَن أَنَّهُ " سُئِلَ عَنْ رَجُل كَانَ يَرَى رَأْي الْخَوَارِج وَلَمْ يَخْرُج ؟ فَقَالَ : الْعَمَل أَمْلَكُ بِالنَّاسِ مِنْ الرَّأْي " قَالَ الطَّبَرِيُّ.
وَيُؤَيِّدهُ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَفَ الْخَوَارِج بِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ الْحَقّ بِأَلْسِنَتِهِمْ ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ قَوْلهمْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ حَقًّا مِنْ جِهَة الْقَوْل فَإِنَّهُ قَوْل لَا يُجَاوِز حُلُوقَهُمْ , وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى ( إِلَيْهِ يَصْعَد الْكَلِم الطَّيِّب وَالْعَمَل الصَّالِح يَرْفَعهُ ) أَخْبَرَ أَنَّ الْعَمَل الصَّالِح الْمُوَافِق لِلْقَوْلِ الطَّيِّب هُوَ الَّذِي يَرْفَع الْقَوْل الطَّيِّب , قَالَ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَجُوز قِتَال الْخَوَارِج وَقَتْلهمْ إِلَّا بَعْد إِقَامَة الْحُجَّة عَلَيْهِمْ بِدُعَائِهِمْ إِلَى الرُّجُوع إِلَى الْحَقّ وَالْإِعْذَار إِلَيْهِمْ , وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ الْبُخَارِيّ فِي التَّرْجَمَة بِالْآيَةِ الْمَذْكُورَة فِيهَا وَاسْتُدِلَّ بِهِ لِمَنْ قَالَ بِتَكْفِيرِ الْخَوَارِج.
وَهُوَ مُقْتَضَى صَنِيع الْبُخَارِيّ حَيْثُ قَرَنَهُمْ بِالْمُلْحِدِينَ وَأَفْرَدَ عَنْهُمْ الْمُتَأَوِّلِينَ بِتَرْجَمَةٍ , وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو بَكْر بْن الْعَرَبِيّ فِي شَرْح التِّرْمِذِيّ فَقَالَ : الصَّحِيح أَنَّهُمْ كُفَّار لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَام " وَلِقَوْلِهِ " لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْل عَاد " وَفِي لَفْظ " ثَمُود " وَكُلّ مِنْهُمَا إِنَّمَا هَلَكَ بِالْكُفْرِ وَبِقَوْلِهِ " هُمْ شَرُّ الْخَلْق " وَلَا يُوصَف بِذَلِكَ إِلَّا الْكُفَّار , وَلِقَوْلِهِ " إِنَّهُمْ أَبْغَضُ الْخَلْق إِلَى اللَّه تَعَالَى " وَلِحُكْمِهِمْ عَلَى كُلّ مَنْ خَالَفَ مُعْتَقَدهمْ بِالْكُفْرِ وَالتَّخْلِيد فِي النَّار فَكَانُوا هُمْ أَحَقَّ بِالِاسْمِ مِنْهُمْ , وَمِمَّنْ جَنَحَ إِلَى ذَلِكَ مِنْ أَئِمَّة الْمُتَأَخِّرِينَ الشَّيْخ تَقِيّ الدِّين السُّبْكِيّ فَقَالَ فِي فَتَاوِيه : اِحْتَجَّ مَنْ كَفَّرَ الْخَوَارِج وَغُلَاة الرَّوَافِض بِتَكْفِيرِهِمْ أَعْلَام الصَّحَابَة لِتَضَمُّنِهِ تَكْذِيب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَهَادَته لَهُمْ , بِالْجَنَّةِ , قَالَ : وَهُوَ عِنْدِي اِحْتِجَاج صَحِيح , قَالَ : وَاحْتَجَّ مَنْ لَمْ يُكَفِّرهُمْ بِأَنَّ الْحُكْم بِتَكْفِيرِهِمْ يَسْتَدْعِي تَقَدُّم عِلْمهمْ بِالشَّهَادَةِ الْمَذْكُورَة عِلْمًا قَطْعِيًّا , وَفِيهِ نَظَر لِأَنَّا نَعْلَم تَزْكِيَة مَنْ كَفَّرُوهُ عِلْمًا قَطْعِيًّا إِلَى حِين مَوْته وَذَلِكَ كَافٍ فِي اِعْتِقَادنَا تَكْفِيرَ مَنْ كَفَّرَهُمْ , وَيُؤَيِّدهُ حَدِيث " مَنْ قَالَ لِأَخِيهِ كَافِر فَقَدْ بَاءَ بِهِ أَحَدهمَا " وَفِي لَفْظ مُسْلِم " مَنْ رَمَى مُسْلِمًا بِالْكُفْرِ أَوْ قَالَ عَدُوّ اللَّه إِلَّا حَارَ عَلَيْهِ " قَالَ وَهَؤُلَاءِ قَدْ تَحَقَّقَ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ يَرْمُونَ جَمَاعَة بِالْكُفْرِ مِمَّنْ حَصَلَ عِنْدنَا الْقَطْع بِإِيمَانِهِمْ فَيَجِب أَنْ يُحْكَم بِكُفْرِهِمْ بِمُتْقَضَى خَبَر الشَّارِع , وَهُوَ نَحْو مَا قَالُوهُ فِيمَنْ سَجَدَ لِلصَّنَمِ وَنَحْوه مِمَّنْ لَا تَصْرِيح بِالْجُحُودِ فِيهِ بَعْد أَنْ فَسَّرُوا الْكُفْر بِالْجُحُودِ فَإِنْ اِحْتَجُّوا بِقِيَامِ الْإِجْمَاع عَلَى تَكْفِير فَاعِل ذَلِكَ قُلْنَا وَهَذِهِ الْأَخْبَار الْوَارِدَة فِي حَقّ هَؤُلَاءِ تَقْتَضِي كُفْرَهُمْ وَلَوْ لَمْ يَعْتَقِدُوا تَزْكِيَة مَنْ كَفَّرُوهُ عِلْمًا قَطْعِيًّا , وَلَا يُنَجِّيهِمْ اِعْتِقَادُ الْإِسْلَام إِجْمَالًا وَالْعَمَل بِالْوَاجِبَاتِ عَنْ الْحُكْم بِكُفْرِهِمْ كَمَا لَا يُنَجِّي السَّاجِدَ لِلصَّنَمِ ذَلِكَ.
قُلْت : وَمِمَّنْ جَنَحَ إِلَى بَعْض هَذَا الْبَحْث الطَّبَرِيُّ فِي تَهْذِيبه فَقَالَ بَعْد أَنْ سَرَدَ أَحَادِيث الْبَاب : فِيهِ الرَّدّ عَلَى قَوْل مَنْ قَالَ لَا يَخْرُج أَحَد مِنْ الْإِسْلَام مِنْ أَهْل الْقِبْلَة بَعْد اِسْتِحْقَاقه حُكْمَهُ إِلَّا بِقَصْدِ الْخُرُوج مِنْهُ عَالِمًا فَإِنَّهُ مُبْطِل لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيث " يَقُولُونَ الْحَقّ وَيَقْرَءُونَ الْقُرْآن وَيَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَام وَلَا يَتَعَلَّقُونَ مِنْهُ بِشَيْءٍ " وَمِنْ الْمَعْلُوم أَنَّهُمْ لَمْ يَرْتَكِبُوا اِسْتِحْلَال دِمَاء الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالهمْ إِلَّا بِخَطَأٍ مِنْهُمْ فِيمَا تَأَوَّلُوهُ مِنْ آيِ الْقُرْآن عَلَى غَيْر الْمُرَاد مِنْهُ.
ثُمَّ أَخْرَجَ بِسَنَدٍ صَحِيح عَنْ اِبْن عَبَّاس وَذَكَرَ عِنْده الْخَوَارِج وَمَا يَلْقَوْنَ عِنْد قِرَاءَة الْقُرْآن فَقَالَ : يُؤْمِنُونَ بِمُحْكَمِهِ وَيَهْلِكُونَ عِنْد مُتَشَابِهه.
وَيُؤَيِّد الْقَوْلَ الْمَذْكُورَ الْأَمْرُ بِقَتْلِهِمْ مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيث اِبْن مَسْعُود " لَا يَحِلّ قَتْل اِمْرِئٍ مُسْلِم إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاث - وَفِيهِ - التَّارِك لِدِينِهِ , الْمُفَارِق لِلْجَمَاعَةِ " قَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي " الْمُفْهِم " : يُؤَيِّد الْقَوْل بِتَكْفِيرِهِمْ التَّمْثِيل الْمَذْكُور فِي حَدِيث أَبِي سَعِيد , يَعْنِي الْآتِي فِي الْبَاب الَّذِي يَلِيه , فَإِنَّ ظَاهِر مَقْصُوده أَنَّهُمْ خَرَجُوا مِنْ الْإِسْلَام وَلَمْ يَتَعَلَّقُوا مِنْهُ بِشَيْءٍ كَمَا خَرَجَ السَّهْم مِنْ الرَّمِيَّة لِسُرْعَتِهِ وَقُوَّة رَامِيه بِحَيْثُ لَمْ يَتَعَلَّق مِنْ الرَّمِيَّة بِشَيْءٍ , وَقَدْ أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ " سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ " وَقَالَ صَاحِب الشِّفَاء فِيهِ : وَكَذَا نَقْطَع بِكُفْرِ كُلّ مَنْ قَالَ قَوْلًا يُتَوَصَّل بِهِ إِلَى تَضْلِيل الْأُمَّة أَوْ تَكْفِير الصَّحَابَة , وَحَكَاهُ صَاحِب " الرَّوْضَة " فِي كِتَاب الرِّدَّة عَنْهُ وَأَقَرَّهُ.
وَذَهَبَ أَكْثَرُ أَهْل الْأُصُول مِنْ أَهْل السُّنَّة إِلَى أَنَّ الْخَوَارِج فُسَّاق وَأَنَّ حُكْم الْإِسْلَام يَجْرِي عَلَيْهِمْ لِتَلَفُّظِهِمْ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَمُوَاظَبَتِهِمْ عَلَى أَرْكَان الْإِسْلَام , وَإِنَّمَا فُسِّقُوا بِتَكْفِيرِهِمْ الْمُسْلِمِينَ مُسْتَنِدِينَ إِلَى تَأْوِيل فَاسِد وَجَرَّهُمْ ذَلِكَ إِلَى اِسْتِبَاحَة دِمَاء مُخَالِفِيهِمْ وَأَمْوَالهمْ وَالشَّهَادَة عَلَيْهِمْ بِالْكُفْرِ وَالشِّرْك.
وَقَالَ الْخَطَّابِيّ : أَجْمَعَ عُلَمَاء الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ الْخَوَارِج مَعَ ضَلَالَتهمْ فِرْقَة مِنْ فِرَقِ الْمُسْلِمِينَ , وَأَجَازُوا مُنَاكَحَتهمْ وَأَكْل ذَبَائِحهمْ , وَأَنَّهُمْ لَا يُكَفَّرُونَ مَا دَامُوا مُتَمَسِّكِينَ بِأَصْلِ الْإِسْلَام.
وَقَالَ عِيَاض : كَادَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَة تَكُون أَشَدَّ إِشْكَالًا عِنْد الْمُتَكَلِّمِينَ مِنْ غَيْرهَا , حَتَّى سَأَلَ الْفَقِيهُ عَبْد الْحَقّ الْإِمَامَ أَبَا الْمَعَالِي عَنْهَا فَاعْتَذَرَ بِأَنَّ إِدْخَال كَافِر فِي الْمِلَّة وَإِخْرَاج مُسْلِم عَنْهَا عَظِيم فِي الدِّين , قَالَ : وَقَدْ تَوَقَّفَ قَبْله الْقَاضِي أَبُو بَكْر الْبَاقِلَّانِيّ وَقَالَ : لَمْ يُصَرِّحْ الْقَوْم بِالْكُفْرِ وَإِنَّمَا قَالُوا أَقْوَالًا تُؤَدِّي إِلَى الْكُفْر.
وَقَالَ الْغَزَالِيّ فِي كِتَاب " التَّفْرِقَة بَيْن الْإِيمَان وَالزَّنْدَقَة وَاَلَّذِي يَنْبَغِي الِاحْتِرَاز عَنْ التَّكْفِير مَا وَجَدَ إِلَيْهِ سَبِيلًا فَإِنَّ اِسْتِبَاحَة دِمَاء الْمُصَلِّينَ الْمُقِرِّينَ بِالتَّوْحِيدِ خَطَأ , وَالْخَطَأ فِي تَرْك أَلْف كَافِر فِي الْحَيَاة أَهْوَنُ مِنْ الْخَطَأ فِي سَفْك دَم لِمُسْلِمٍ وَاحِد.
وَمِمَّا اِحْتَجَّ بِهِ مَنْ لَمْ يُكَفِّرهُمْ قَوْله فِي ثَالِث أَحَادِيث الْبَاب بَعْد وَصْفهمْ بِالْمُرُوقِ مِنْ الدِّين " كَمُرُوقِ السَّهْم فَيَنْظُر الرَّامِي إِلَى سَهْمه " إِلَى أَنْ قَالَ " فَيَتَمَارَى فِي الْفُوقَة هَلْ عَلِقَ بِهَا شَيْء " قَالَ اِبْن بَطَّال : ذَهَبَ جُمْهُور الْعُلَمَاء إِلَى أَنَّ الْخَوَارِج غَيْر خَارِجِينَ عَنْ جُمْلَة الْمُسْلِمِينَ لِقَوْلِهِ " يَتَمَارَى فِي الْفُوق " لِأَنَّ التَّمَارِي مِنْ الشَّكّ , وَإِذْ وَقَعَ الشَّكّ فِي ذَلِكَ لَمْ يُقْطَع عَلَيْهِمْ بِالْخُرُوجِ مِنْ الْإِسْلَام , لِأَنَّ مَنْ ثَبَتَ لَهُ عَقْد الْإِسْلَام بِيَقِينٍ لَمْ يَخْرُج مِنْهُ إِلَّا بِيَقِينٍ قَالَ : وَقَدْ سُئِلَ عَلِيّ عَنْ أَهْل النَّهْر هَلْ كَفَرُوا ؟ فَقَالَ : مِنْ الْكُفْر فَرُّوا.
قُلْت : وَهَذَا إِنْ ثَبَتَ عَنْ عَلِيّ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ اِطَّلَعَ عَلَى مُعْتَقَدهمْ الَّذِي أَوْجَبَ تَكْفِيرهمْ عِنْد مَنْ كَفَّرَهُمْ , وَفِي اِحْتِجَاجه بِقَوْلِهِ " يَتَمَارَى فِي الْفُوق " نَظَر , فَإِنَّ فِي بَعْض طُرُق الْحَدِيث الْمَذْكُور كَمَا تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَة إِلَيْهِ وَكَمَا سَيَأْتِي " لَمْ يَعْلَق مِنْهُ بِشَيْءٍ " وَفِي بَعْضهَا " سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ " وَطَرِيق الْجَمْع بَيْنهمَا أَنَّهُ تَرَدَّدَ هَلْ فِي الْفُوق شَيْء أَوْ لَا ثُمَّ تَحَقَّقَ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَق بِالسَّهْمِ وَلَا بِشَيْءٍ مِنْهُ مِنْ الرَّمْي بِشَيْءٍ , وَيُمْكِن أَنْ يُحْمَل الِاخْتِلَاف فِيهِ عَلَى اِخْتِلَاف أَشْخَاص مِنْهُمْ , وَيَكُون فِي قَوْله " يَتَمَارَى " إِشَارَة إِلَى أَنَّ بَعْضهمْ قَدْ يَبْقَى مَعَهُ مِنْ الْإِسْلَام شَيْء , قَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي " الْمُفْهِم " : وَالْقَوْل بِتَكْفِيرِهِمْ أَظْهَرُ فِي الْحَدِيث , قَالَ : فَعَلَى الْقَوْل بِتَكْفِيرِهِمْ يُقَاتِلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَتُسْبَى أَمْوَالُهُمْ وَهُوَ قَوْل طَائِفَة مِنْ أَهْل الْحَدِيث فِي أَمْوَال الْخَوَارِج , وَعَلَى الْقَوْل بِعَدَمِ تَكْفِيرهمْ يُسْلَك بِهِمْ مَسْلَك أَهْل الْبَغْي إِذَا شَقُّوا الْعَصَا وَنَصَبُوا الْحَرْب , فَأَمَّا مَنْ اِسْتَسَرَّ مِنْهُمْ بِبِدْعَةٍ فَإِذَا ظُهِرَ عَلَيْهِ هَلْ يُقْتَل بَعْد الِاسْتِتَابَة أَوْ لَا يُقْتَل بَلْ يُجْتَهَد فِي رَدِّ بِدْعَته ؟ اُخْتُلِفَ فِيهِ بِحَسَبِ الِاخْتِلَاف فِي تَكْفِيرهمْ , قَالَ : وَبَاب التَّكْفِير بَاب خَطِر وَلَا نَعْدِل بِالسَّلَامَةِ شَيْئًا , قَالَ وَفِي الْحَدِيث عَلَمٌ مِنْ أَعْلَام النُّبُوَّة حَيْثُ أَخْبَرَ بِمَا وَقَعَ قَبْل أَنْ يَقَع , وَذَلِكَ أَنَّ الْخَوَارِج لَمَّا حَكَمُوا بِكُفْرِ مَنْ خَالَفَهُمْ اِسْتَبَاحُوا دِمَاءَهُمْ وَتَرَكُوا أَهْل الذِّمَّة فَقَالُوا نَفِي لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ , وَتَرَكُوا قِتَال الْمُشْرِكِينَ وَاشْتَغَلُوا بِقِتَالِ الْمُسْلِمِينَ , وَهَذَا كُلّه مِنْ آثَار عِبَادَة الْجُهَّال الَّذِينَ لَمْ تَنْشَرِح صُدُورهمْ بِنُورِ الْعِلْم وَلَمْ يَتَمَسَّكُوا بِحَبْلٍ وَثِيق مِنْ الْعِلْم , وَكَفَى أَنَّ رَأْسَهُمْ رَدَّ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرَهُ وَنَسَبَهُ إِلَى الْجَوْر نَسْأَل اللَّه السَّلَامَةَ.
قَالَ اِبْن هُبَيْرَة : وَفِي الْحَدِيث أَنَّ قِتَال الْخَوَارِج أَوْلَى مِنْ قِتَال الْمُشْرِكِينَ , وَالْحِكْمَة فِيهِ أَنَّ فِي قِتَالهمْ حِفْظ رَأْس مَال الْإِسْلَام , وَفِي قِتَال أَهْل الشِّرْك طَلَب الرِّبْح , وَحِفْظ رَأْس الْمَال أَوْلَى , وَفِيهِ الزَّجْر عَنْ الْأَخْذ بِظَوَاهِر جَمِيع الْآيَات الْقَابِلَة لِلتَّأْوِيلِ الَّتِي يُفْضِي الْقَوْل بِظَوَاهِرِهَا إِلَى مُخَالَفَة إِجْمَاع السَّلَف , وَفِيهِ التَّحْذِير مِنْ الْغُلُوّ فِي الدِّيَانَة وَالتَّنَطُّع فِي الْعِبَادَة بِالْحَمْلِ عَلَى النَّفْس فِيمَا لَمْ يَأْذَن فِيهِ الشَّرْع , وَقَدْ وَصَفَ الشَّارِع الشَّرِيعَة بِأَنَّهَا سَهْلَة سَمْحَة , وَإِنَّمَا نَدَبَ إِلَى الشِّدَّة عَلَى الْكُفَّار وَإِلَى الرَّأْفَة بِالْمُؤْمِنِينَ , فَعَكَسَ ذَلِكَ الْخَوَارِجُ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانه.
وَفِيهِ جَوَاز قِتَال مَنْ خَرَجَ عَنْ طَاعَة الْإِمَام الْعَادِل , وَمَنْ نَصَبَ الْحَرْب فَقَاتَلَ عَلَى اِعْتِقَاد فَاسِد , وَمَنْ خَرَجَ يَقْطَع الطُّرُق وَيُخِيف السَّبِيل وَيَسْعَى فِي الْأَرْض بِالْفَسَادِ , وَأَمَّا مَنْ خَرَجَ عَنْ طَاعَة إِمَام جَائِر أَرَادَ الْغَلَبَة عَلَى مَاله أَوْ نَفْسه أَوْ أَهْله فَهُوَ مَعْذُور وَلَا يَحِلّ قِتَاله وَلَهُ أَنْ يَدْفَع عَنْ نَفْسه وَمَاله وَأَهْله بِقَدْرِ طَاقَته , وَسَيَأْتِي بَيَان ذَلِكَ فِي كِتَاب الْفِتَن , وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيح عَنْ عَبْد اللَّه بْن الْحَارِث عَنْ رَجُل مِنْ بَنِي نَضْر عَنْ عَلِيّ وَذَكَرَ الْخَوَارِج فَقَالَ : إِنْ خَالَفُوا إِمَامًا عَدْلًا فَقَاتِلُوهُمْ , وَإِنْ خَالَفُوا إِمَامًا جَائِرًا فَلَا تُقَاتِلُوهُمْ فَإِنَّ لَهُمْ مَقَالًا.
قُلْت : وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَل مَا وَقَعَ لِلْحُسَيْنِ بْن عَلِيّ ثُمَّ لِأَهْلِ الْمَدِينَة فِي الْحَرَّة ثُمَّ لِعَبْدِ اللَّه بْن الزُّبَيْر ثُمَّ لِلْقُرَّاءِ الَّذِينَ خَرَجُوا عَلَى الْحَجَّاج فِي قِصَّة عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن الْأَشْعَث وَاَللَّه أَعْلَمُ.
وَفِيهِ ذَمُّ اِسْتِئْصَال شَعْر الرَّأْس , وَفِيهِ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُون الْمُرَاد بَيَان صِفَتهمْ الْوَاقِعَة لَا لِإِرَادَةِ ذَمّهَا , وَتَرْجَمَ أَبُو عَوَانَة فِي صَحِيحه لِهَذِهِ الْأَحَادِيث " بَيَان أَنَّ سَبَب خُرُوج الْخَوَارِج كَانَ بِسَبَبِ الْأَثَرَة فِي الْقِسْمَة مَعَ كَوْنهَا كَانَتْ صَوَابًا فَخَفِيَ عَنْهُمْ ذَلِكَ " وَفِيهِ إِبَاحَة قِتَال الْخَوَارِج بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَة وَقَتْلهمْ فِي الْحَرْب وَثُبُوت الْأَجْر لِمَنْ قَتَلَهُمْ , وَفِيهِ أَنَّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَخْرُج مِنْ الدِّين مِنْ غَيْر أَنْ يَقْصِد الْخُرُوج مِنْهُ وَمِنْ غَيْر أَنْ يَخْتَار دِينًا عَلَى دِين الْإِسْلَام , وَأَنَّ الْخَوَارِج شَرّ الْفِرَق الْمُبْتَدِعَة مِنْ الْأُمَّة الْمُحَمَّدِيَّة وَمِنْ الْيَهُود وَالنَّصَارَى.
قُلْت : وَالْأَخِير مَبْنِيّ عَلَى الْقَوْل بِتَكْفِيرِهِمْ مُطْلَقًا , وَفِيهِ مَنْقَبَة عَظِيمَة لِعُمَرَ لِشِدَّتِهِ فِي الدِّين وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى فِي التَّعْدِيل بِظَاهِرِ الْحَال وَلَوْ بَلَغَ الْمَشْهُودُ بِتَعْدِيلِهِ الْغَايَةَ فِي الْعِبَادَة وَالتَّقَشُّف وَالْوَرَع حَتَّى يُخْتَبَر بَاطِن حَاله.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ بَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُ جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ذِي الْخُوَيْصِرَةِ التَّمِيمِيُّ فَقَالَ اعْدِلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ وَيْلَكَ وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَهُ قَالَ دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ يُنْظَرُ فِي قُذَذِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ثُمَّ يُنْظَرُ فِي نَصْلِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ثُمَّ يُنْظَرُ فِي رِصَافِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ثُمَّ يُنْظَرُ فِي نَضِيِّهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ قَدْ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ آيَتُهُمْ رَجُلٌ إِحْدَى يَدَيْهِ أَوْ قَالَ ثَدْيَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ أَوْ قَالَ مِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنْ النَّاسِ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ أَشْهَدُ سَمِعْتُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيًّا قَتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ جِيءَ بِالرَّجُلِ عَلَى النَّعْتِ الَّذِي نَعَتَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَنَزَلَتْ فِيهِ { وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ }
عن يسير بن عمرو قال: «قلت لسهل بن حنيف: هل سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الخوارج شيئا؟ قال: سمعته يقول، وأهوى بيده قبل العراق: يخرج منه قوم...
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان دعواهما واحدة.»
عن عبد الله رضي الله عنه قال: «لما نزلت هذه الآية {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} شق ذلك على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقالوا: أينا لم يظ...
عن عتبان بن مالك يقول: «غدا علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رجل: أين مالك بن الدخشن؟ فقال رجل منا: ذلك منافق، لا يحب الله ورسوله، فقال النبي صل...
عن حصين، عن فلان قال: «تنازع أبو عبد الرحمن وحبان بن عطية، فقال أبو عبد الرحمن لحبان: لقد علمت الذي جرأ صاحبك على الدماء، يعني عليا، قال: ما هو لا أ...
عن أبي هريرة : أن النبي صلى الله عليه وسلم «كان يدعو في الصلاة: اللهم أنج عياش بن أبي ربيعة، وسلمة بن هشام، والوليد بن الوليد، اللهم أنج المستضعفين م...
عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء...
عن سعيد بن زيد يقول: «لقد رأيتني، وإن عمر موثقي على الإسلام، ولو انقض أحد مما فعلتم بعثمان، كان محقوقا أن ينقض.»
عن خباب بن الأرت قال: «شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، فقلنا: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو لنا؟ فقال: قد كان من ق...