7081- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ستكون فتن، القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، من تشرف لها تستشرفه، فمن وجد فيها ملجأ، أو معاذا، فليعذ به.»
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله ( سَتَكُونُ فِتَنٌ ) فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِيّ " فِتْنَة " بِالْإِفْرَادِ.
قَوْله ( الْقَاعِد فِيهَا خَيْر مِنْ الْقَائِم ) زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ طَرِيق الْحَسَن بْن إِسْمَاعِيل الْكَلْبِيّ عَنْ إِبْرَاهِيم بْن سَعْد بِسَنَدِهِ فِيهِ فِي أَوَّله " النَّائِم فِيهَا خَيْر مِنْ الْيَقْظَان وَالْيَقْظَان فِيهَا خَيْر مِنْ الْقَاعِد " , وَالْحَسَن بْن إِسْمَاعِيل الْمَذْكُور وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَهُوَ مِنْ شُيُوخه , ثُمَّ وَجَدْت هَذِهِ الزِّيَادَة عِنْدَ مُسْلِم أَيْضًا مِنْ رِوَايَة أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيم بْن سَعْد , وَكَانَ أَخْرَجَهُ أَوَّلًا مِنْ طَرِيق يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم بْن سَعْد عَنْ أَبِيهِ كَرِوَايَةِ مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه شَيْخ الْبُخَارِيّ فِيهِ , فَكَأَنَّ إِبْرَاهِيم بْن سَعْد كَانَ يَذْكُرهُ تَامًّا وَنَاقِصًا , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة خَرْشَة بْن الْحُرّ عِنْدَ أَحْمَد وَأَبِي يَعْلَى مِثْل هَذِهِ الزِّيَادَة , وَقَدْ وَجَدْت لِهَذِهِ الزِّيَادَة شَاهِدًا مِنْ حَدِيث اِبْن مَسْعُود عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُدَ بِلَفْظِ " النَّائِم فِيهَا خَيْر مِنْ الْمُضْطَجِع " وَهُوَ الْمُرَاد بِالْيَقْظَانِ فِي الرِّوَايَة الْمَذْكُورَة لِأَنَّهُ قَابَلَهُ بِالْقَاعِدِ.
قَوْله ( وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْر مِنْ السَّاعِي ) فِي حَدِيث اِبْن مَسْعُود " وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْر مِنْ الرَّاكِب وَالرَّاكِب فِيهَا خَيْر مِنْ الْمُجْرِي قَتْلَاهَا كُلّهَا فِي النَّار ".
قَوْله ( خَيْر مِنْ السَّاعِي ) فِي حَدِيث أَبِي بَكْرَة عِنْدَ مُسْلِم " مِنْ السَّاعِي إِلَيْهَا " وَزَادَ " أَلَا فَإِذَا نَزَلَتْ فَمَنْ كَانَتْ لَهُ إِبِل فَلْيَلْحَق بِإِبِلِهِ " الْحَدِيث قَالَ بَعْض الشُّرَّاح فِي قَوْله " وَالْقَاعِد فِيهَا خَيْر مِنْ الْقَائِم " أَيْ الْقَاعِد فِي زَمَانهَا عَنْهَا قَالَ : وَالْمُرَاد بِالْقَائِمِ الَّذِي لَا يَسْتَشْرِفهَا وَبِالْمَاشِي مَنْ يَمْشِي فِي أَسْبَابه لِأَمْرٍ سِوَاهَا , فَرُبَّمَا يَقَع بِسَبَبِ مَشْيه فِي أَمْر يَكْرَههُ وَحَكَى اِبْن التِّين عَنْ الدَّاوُدِيِّ أَنَّ الظَّاهِر أَنَّ الْمُرَاد مَنْ يَكُون مُبَاشِرًا لَهَا فِي الْأَحْوَال كُلّهَا , يَعْنِي أَنَّ بَعْضهمْ فِي ذَلِكَ أَشَدّ مِنْ بَعْض , فَأَعْلَاهُمْ فِي ذَلِكَ السَّاعِي فِيهَا بِحَيْثُ يَكُون سَبَبًا لِإِثَارَتِهَا , ثُمَّ مَنْ يَكُون قَائِمًا بِأَسْبَابِهَا وَهُوَ الْمَاشِي , ثُمَّ مَنْ يَكُون مُبَاشِرًا لَهَا وَهُوَ الْقَائِم , ثُمَّ مَنْ يَكُون مَعَ النَّظَّارَة وَلَا يُقَاتِل وَهُوَ الْقَاعِد , ثُمَّ مَنْ يَكُون مُجْتَنِبًا لَهَا وَلَا يُبَاشِر وَلَا يَنْظُر وَهُوَ الْمُضْطَجِع الْيَقْظَان , ثُمَّ مَنْ لَا يَقَع مِنْهُ شَيْء مِنْ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ رَاضٍ وَهُوَ النَّائِم , وَالْمُرَاد بِالْأَفْضَلِيَّةِ فِي هَذِهِ الْخَيْرِيَّة مَنْ يَكُون أَقَلّ شَرًّا مِمَّنْ فَوْقَهُ عَلَى التَّفْصِيل الْمَذْكُور.
قَوْله ( مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاة وَالْمُعْجَمَة وَتَشْدِيد الرَّاء أَيْ تَطَلَّعَ لَهَا بِأَنْ يَتَصَدَّى وَيَتَعَرَّض لَهَا وَلَا يُعْرِض عَنْهَا , وَضُبِطَ أَيْضًا مِنْ الشَّرَف وَمِنْ الْإِشْرَاف.
قَوْله ( تَسْتَشْرِفُهُ ) أَيْ تُهْلِكهُ بِأَنْ يُشْرِف مِنْهَا عَلَى الْهَلَاك , يُقَال اِسْتَشْرَفْت الشَّيْء عَلَوْته وَأَشْرَفْت عَلَيْهِ , يُرِيد مَنْ اِنْتَصَبَ لَهَا اِنْتَصَبَتْ لَهُ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْهَا أَعْرَضَتْ عَنْهُ , وَحَاصِله أَنَّ مَنْ طَلَعَ فِيهَا بِشَخْصِهِ قَابَلَتْهُ بِشَرِّهَا , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمُرَاد مَنْ خَاطَرَ فِيهَا بِنَفْسِهِ أَهْلَكَتْهُ , وَنَحْوه قَوْل الْقَائِل مَنْ غَالَبَهَا غَلَبَتْهُ.
قَوْله ( فَمَنْ وَجَدَ فِيهَا ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ " مِنْهَا ".
قَوْله ( مَلْجَأ ) أَيْ يَلْتَجِئ إِلَيْهِ مِنْ شَرِّهَا.
قَوْله ( أَوْ مَعَاذًا ) بِفَتْحِ الْمِيم وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَة وَبِالذَّالِ الْمُعْجَمَة هُوَ بِمَعْنَى الْمَلْجَأ , قَالَ اِبْن التِّين وَرَوَيْنَاهُ بِالضَّمِّ يَعْنِي مُعَاذًا , قَوْله ( فَلْيَعُذْ بِهِ ) أَيْ لِيَعْتَزِلْ فِيهِ لِيَسْلَمَ مِنْ شَرّ الْفِتْنَة وَفِي رِوَايَة سَعْد بْن إِبْرَاهِيم " فَلْيَسْتَعِذْ " وَوَقَعَ تَفْسِيره عِنْدَ مُسْلِم فِي حَدِيث أَبِي بَكْرَة وَلَفْظه " فَإِذَا نَزَلَتْ فَمَنْ كَانَ لَهُ إِبِل فَلْيَلْحَقْ بِإِبِلِهِ - وَذَكَرَ الْغَنَم وَالْأَرْض - قَالَ رَجُل يَا رَسُول اللَّه أَرَأَيْت مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ؟ قَالَ : يَعْمِد إِلَى سَيْفه فَيَدُقّ عَلَى حَدّه بِحَجَرٍ ثُمَّ لِيَنْجُ إِنْ اِسْتَطَاعَ ".
وَفِيهِ التَّحْذِير مِنْ الْفِتْنَة وَالْحَثّ عَلَى اِجْتِنَاب الدُّخُول فِيهَا وَأَنَّ شَرّهَا يَكُون بِحَسَبِ التَّعَلُّق بِهَا , وَالْمُرَاد بِالْفِتْنَةِ مَا يَنْشَأ عَنْ الِاخْتِلَاف فِي طَلَب الْمُلْك حَيْثُ لَا يُعْلَم الْمُحِقّ مِنْ الْمُبْطِل.
قَالَ الطَّبَرِيُّ : اِخْتَلَفَ السَّلَف فَحَمَلَ ذَلِكَ بَعْضهمْ عَلَى الْعُمُوم وَهُمْ مَنْ قَعَدَ عَنْ الدُّخُول فِي الْقِتَال بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مُطْلَقًا كَسَعْدٍ وَابْن عُمَر وَمُحَمَّد بْن مَسْلَمَةَ وَأَبِي بَكْرَة فِي آخَرِينَ , وَتَمَسَّكُوا بِالظَّوَاهِرِ الْمَذْكُورَة وَغَيْرهَا , ثُمَّ اِخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ فَقَالَتْ طَائِفَة بِلُزُومِ الْبُيُوت , وَقَالَتْ طَائِفَة بَلْ بِالتَّحَوُّلِ عَنْ بَلَد الْفِتَن أَصْلًا.
ثُمَّ اِخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : إِذَا هَجَمَ عَلَيْهِ شَيْء مِنْ ذَلِكَ يَكُفّ يَده وَلَوْ قُتِلَ , وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : بَلْ يُدَافِع عَنْ نَفْسه وَعَنْ مَاله وَعَنْ أَهْله وَهُوَ مَعْذُور إِنْ قَتَلَ أَوْ قُتِلَ.
وَقَالَ آخَرُونَ : إِذَا بَغَتْ طَائِفَة عَلَى الْإِمَام فَامْتَنَعَتْ مِنْ الْوَاجِب عَلَيْهَا وَنَصَبَتْ الْحَرْب وَجَبَ قِتَالهَا , وَكَذَلِكَ لَوْ تَحَارَبَتْ طَائِفَتَانِ وَجَبَ عَلَى كُلّ قَادِر الْأَخْذ عَلَى يَد الْمُخْطِئ وَنَصْر الْمُصِيب , وَهَذَا قَوْل الْجُمْهُور , وَفَصَّلَ آخَرُونَ فَقَالُوا : كُلّ قِتَال وَقَعَ بَيْنَ طَائِفَتَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ حَيْثُ لَا إِمَام لِلْجَمَاعَةِ فَالْقِتَال حِينَئِذٍ مَمْنُوع , وَتَنْزِل الْأَحَادِيث الَّتِي فِي هَذَا الْبَاب , وَغَيْره عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ قَوْل الْأَوْزَاعِيِّ , قَالَ الطَّبَرِيُّ : وَالصَّوَاب أَنْ يُقَال إِنَّ الْفِتْنَة أَصْلهَا الِابْتِلَاء , وَإِنْكَار الْمُنْكَر وَاجِب عَلَى كُلّ مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ , فَمَنْ أَعَانَ الْمُحِقّ أَصَابَ وَمَنْ أَعَانَ الْمُخْطِئ أَخْطَأَ , وَإِنْ أَشْكَلَ الْأَمْر فَهِيَ الْحَالَة الَّتِي وَرَدَ النَّهْي عَنْ الْقِتَال فِيهَا.
وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّ الْأَحَادِيث وَرَدَتْ فِي حَقّ نَاس مَخْصُوصِينَ , وَأَنَّ النَّهْي مَخْصُوص بِمَنْ خُوطِبَ بِذَلِكَ.
وَقِيلَ إِنَّ أَحَادِيث النَّهْي مَخْصُوصَة بِآخِرِ الزَّمَان حَيْثُ يَحْصُل التَّحَقُّق أَنَّ الْمُقَاتَلَة إِنَّمَا هِيَ فِي طَلَب الْمُلْك.
وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيث اِبْن مَسْعُود الَّذِي أَشَرْت إِلَيْهِ " قُلْت يَا رَسُول اللَّه وَمَتَى ذَلِكَ ؟ قَالَ أَيَّام الْهَرْج قُلْت وَمَتَى ؟ قَالَ حِينَ لَا يَأْمَن الرَّجُل جَلِيسه ".
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ح قَالَ إِبْرَاهِيمُ وَحَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِمِ وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمَاشِي وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ فَمَنْ وَجَدَ مِنْهَا مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ستكون فتن، القاعد فيها خير من القائم، والقائم خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، من تشرف...
عن الحسن قال: «خرجت بسلاحي ليالي الفتنة، فاستقبلني أبو بكرة فقال: أين تريد؟ قلت: أريد نصرة ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم.<br> قال: قال رسول الل...
عن حذيفة بن اليمان يقول: «كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر، مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله، إنا كنا في...
عن أبي الأسود قال: «قطع على أهل المدينة بعث، فاكتتبت فيه، فلقيت عكرمة فأخبرته، فنهاني أشد النهي، ثم قال: أخبرني ابن عباس: أن أناسا من المسلمين كانوا...
حدثنا حذيفة قال: «حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين، رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر: حدثنا: أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال، ثم علموا من الق...
عن سلمة بن الأكوع : «أنه دخل على الحجاج فقال: يا ابن الأكوع، ارتددت على عقبيك، تعربت؟ قال: لا، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن لي في البدو» وعن...
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر، يفر بدي...
عن أنس رضي الله عنه قال: «سألوا النبي صلى الله عليه وسلم حتى أحفوه بالمسألة، فصعد النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم المنبر فقال: لا تسألوني عن شيء إلا...
عن سالم، عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه قام إلى جنب المنبر فقال: الفتنة ها هنا، الفتنة ها هنا، من حيث يطلع قرن الشيطان، أو قال: قرن الشمس...