7439-
عن أبي سعيد الخدري قال: «قلنا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: هل تضارون في رؤية الشمس والقمر إذا كانت صحوا.
قلنا: لا، قال: فإنكم لا تضارون في رؤية ربكم يومئذ إلا كما تضارون في رؤيتهما ثم قال: ينادي مناد: ليذهب كل قوم إلى ما كانوا يعبدون، فيذهب أصحاب الصليب مع صليبهم، وأصحاب الأوثان مع أوثانهم، وأصحاب كل آلهة مع آلهتهم، حتى يبقى من كان يعبد الله من بر أو فاجر، وغبرات من أهل الكتاب، ثم يؤتى بجهنم تعرض كأنها سراب، فيقال لليهود: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد عزير بن الله، فيقال: كذبتم، لم يكن لله صاحبة ولا ولد، فما تريدون؟ قالوا: نريد أن تسقينا، فيقال: اشربوا، فيتساقطون في جهنم.
ثم يقال للنصارى: ما كنتم تعبدون؟ فيقولون: كنا نعبد المسيح بن الله، فيقال: كذبتم، لم يكن لله صاحبة ولا ولد، فما تريدون؟ فيقولون: نريد أن تسقينا، فيقال: اشربوا، فيتساقطون، حتى يبقى من كان يعبد الله من بر أو فاجر، فيقال لهم: ما يحبسكم وقد ذهب الناس؟ فيقولون: فارقناهم ونحن أحوج منا إليه اليوم، وإنا سمعنا مناديا ينادي: ليلحق كل قوم بما كانوا يعبدون، وإنما ننتظر، ربنا قال: فيأتيهم الجبار فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا، فلا يكلمه إلا الأنبياء، فيقول: هل بينكم وبينه آية تعرفونه، فيقولون: الساق، فيكشف عن ساقه، فيسجد له كل مؤمن، ويبقى من كان يسجد لله رياء وسمعة، فيذهب كيما يسجد فيعود ظهره طبقا واحدا، ثم يؤتى بالجسر فيجعل بين ظهري جهنم قلنا يا رسول الله، وما الجسر؟ قال: مدحضة مزلة، عليه خطاطيف وكلاليب، وحسكة مفلطحة لها شوكة عقيفاء، تكون بنجد، يقال لها: السعدان، المؤمن عليها كالطرف وكالبرق وكالريح، وكأجاويد الخيل والركاب، فناج مسلم وناج مخدوش، ومكدوس في نار جهنم، حتى يمر آخرهم يسحب سحبا، فما أنتم بأشد لي مناشدة في الحق قد تبين لكم من المؤمن يومئذ للجبار، وإذا رأوا أنهم قد نجوا، في إخوانهم، يقولون: ربنا إخواننا، كانوا يصلون معنا، ويصومون معنا، ويعملون معنا، فيقول الله تعالى: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من إيمان فأخرجوه، ويحرم الله صورهم على النار، فيأتونهم وبعضهم قد غاب في النار إلى قدمه، وإلى أنصاف ساقيه، فيخرجون من عرفوا، ثم يعودون، فيقول: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار فأخرجوه، فيخرجون من عرفوا ثم يعودون، فيقول: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من إيمان فأخرجوه، فيخرجون من عرفوا قال أبو سعيد: فإن لم تصدقوني فاقرؤوا {إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها} فيشفع النبيون والملائكة والمؤمنون، فيقول الجبار: بقيت شفاعتي، فيقبض قبضة من النار، فيخرج أقواما قد امتحشوا، فيلقون في نهر بأفواه الجنة يقال له: ماء الحياة، فينبتون في حافتيه كما تنبت الحبة في حميل السيل، قد رأيتموها إلى جانب الصخرة، إلى جانب الشجرة، فما كان إلى الشمس منها كان أخضر، وما كان منها إلى الظل كان أبيض، فيخرجون كأنهم اللؤلؤ، فيجعل في رقابهم الخواتيم، فيدخلون الجنة، فيقول أهل الجنة: هؤلاء عتقاء الرحمن، أدخلهم الجنة بغير عمل عملوه، ولا خير قدموه، فيقال لهم: لكم ما رأيتم ومثله معه.» 7440- عن أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يحبس المؤمنون يوم القيامة حتى يهموا بذلك، فيقولون: لو استشفعنا إلى ربنا فيريحنا من مكاننا، فيأتون آدم فيقولون: أنت آدم أبو الناس، خلقك الله بيده، وأسكنك جنته، وأسجد لك ملائكته، وعلمك أسماء كل شيء، لتشفع لنا عند ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا.
قال فيقول: لست هناكم، قال: ويذكر خطيئته التي أصاب: أكله من الشجرة وقد نهي عنها، ولكن ائتوا نوحا أول نبي بعثه الله إلى أهل الأرض، فيأتون نوحا فيقول: لست هناكم، ويذكر خطيئته التي أصاب: سؤاله ربه بغير علم، ولكن ائتوا إبراهيم خليل الرحمن، قال: فيأتون إبراهيم فيقول: إني لست هناكم، ويذكر ثلاث كلمات كذبهن، ولكن ائتوا موسى: عبدا آتاه الله التوراة وكلمه وقربه نجيا، قال: فيأتون موسى فيقول: إني لست هناكم، ويذكر خطيئته التي أصاب: قتله النفس، ولكن ائتوا عيسى عبد الله ورسوله، وروح الله وكلمته، قال: فيأتون عيسى فيقول: لست هناكم، ولكن ائتوا محمدا صلى الله عليه وسلم، عبدا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فيأتوني، فأستأذن على ربي في داره فيؤذن لي عليه، فإذا رأيته وقعت ساجدا، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، فيقول: ارفع محمد، وقل يسمع، واشفع تشفع، وسل تعط، قال: فأرفع رأسي فأثني على ربي بثناء وتحميد يعلمنيه، فيحد لي حدا، فأخرج فأدخلهم الجنة قال قتادة وسمعته أيضا يقول: فأخرج فأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة ثم أعود فأستأذن على ربي في داره، فيؤذن لي عليه، فإذا رأيته وقعت ساجدا فيدعني ما شاء الله أن يدعني، ثم يقول: ارفع محمد، وقل يسمع، واشفع تشفع، وسل تعط، قال: فأرفع رأسي فأثني على ربي بثناء وتحميد يعلمنيه، قال: ثم أشفع فيحد لي حدا، فأخرج فأدخلهم الجنة قال قتادة: وسمعته يقول: فأخرج فأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة ثم أعود الثالثة، فأستأذن على ربي في داره فيؤذن لي عليه، فإذا رأيته وقعت ساجدا، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، ثم يقول: ارفع محمد، وقل يسمع، واشفع تشفع، وسل تعطه، قال: فأرفع رأسي، فأثني على ربي بثناء وتحميد يعلمنيه، قال: ثم أشفع فيحد لي حدا، فأخرج فأدخلهم الجنة قال قتادة: وقد سمعته يقول: فأخرج فأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة حتى ما يبقى في النار إلا من حبسه القرآن أي وجب عليه الخلود.
قال: ثم تلا هذه الآية: {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} قال وهذا المقام المحمود الذي وعده نبيكم صلى الله عليه وسلم.»
أخرجه مسلم في الإيمان باب معرفة طريق الرؤية رقم 183
(ما يحبسكم) ما يمنعكم من الذهاب ويقعدكم عنه.
(الجبار) الله سبحانه وتعالى والجبار العالي العظيم الذي لا يقهره أحد ويقهر كل من عداه
(آية) علامة.
(مدحضة) من دحضت رجله إذا زلقت ومالت.
(مزلة) موضع تزلق فيه الأقدام.
(خطاطيف) جمع خطاف وهو حديدة معوجة يختطف بها الشيء.
وفي معناها (الكلاليب) فهي جمع كلوب وهو حديدة معطوفة الرأس يعلق عليها اللحم وقيل هي ما يتناول به الحداد الحديد من النار.
(حسكة) شوكة صلبة.
(مفلطحة) عريضة.
(عقيفة) منعطفة معوجة وفي نسخة (عقيفاء).
(بنجد) مكان مرتفع.
(مخدوش) مخموش ممزوق.
(مكدوس) مصروع أو مدفوع مطرود.
(بأشد) بأكثر.
(مناشدة.
.
) مطالبة في حق ظهر لكم في الدنيا.
(من المؤمن.
.
) من طلب المؤمنين من الله في الآخرة.
(في إخوانهم) في شأن نجاة إخوانهم من النار وفي نسخة (وبقي إخوانهم).
(مثقال) وزن.
(صورهم) معالم خلقتهم فلا تغيرها النار.
(ذرة) مثل للقلة في الوزن وقيل غير ذلك.
(امتشحوا) من المحش وهو احتراق الجلد وظهور العظم.
(حميل السيل) ما يحمله ويجئ به السيل من طين ونحوه فإنه إذا جاءت فيه حبة واستقرت على شط مجرى السيل نبتت في يوم وليلة فشبه بها سرعة عود أبدانهم وأجسامهم إليهم بعد إحراق النار لها (يهموا بذلك) يقصدوا ويعزموا ويعتنوا بسؤال الشفاعة وإزالة الكرب عنهم
(في داره) في جنته
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
حَدِيث أَبِي سَعِيد فِي مَعْنَى حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة بِطُولِهِ , وَتَقَدَّمَ شَرْحه أَيْضًا هُنَاكَ , وَقَوْله فِي سَنَده عَنْ زَيْد هُوَ اِبْن أَسْلَمَ , " وَعَطَاء " هُوَ اِبْن يَسَار , وَقَوْله فِيهِ " وَأَصْحَاب آلِهَة مَعَ آلِهَتهمْ " فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيِّ " إِلَههمْ " بِالْإِفْرَادِ وَقَوْله " مَا يُجْلِسكُمْ " بِالْجِيمِ وَاللَّام مِنْ الْجُلُوس أَيْ يُقْعِدكُمْ عَنْ الذَّهَاب , وَفِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيِّ " مَا يَحْبِسُكُمْ " بِالْحَاءِ وَالْمُوَحَّدَة مِنْ الْحَبْس أَيْ يَمْنَعكُمْ وَهُوَ بِمَعْنَاهُ , وَقَوْله فِيهِ " فَيَأْتِيهِمْ اللَّه فِي صُورَة " اِسْتَدَلَّ اِبْن قُتَيْبَة بِذِكْرِ الصُّورَة عَلَى أَنَّ لِلَّهِ صُورَة لَا كَالصُّوَرِ كَمَا ثَبَتَ أَنَّهُ شَيْء لَا كَالْأَشْيَاءِ وَتَعَقَّبُوهُ , وَقَالَ اِبْن بَطَّال : تَمَسَّكَ بِهِ الْمُجَسِّمَة فَأَثْبَتُوا لِلَّهِ صُورَة , وَلَا حُجَّة لَهُمْ فِيهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُون بِمَعْنَى الْعَلَامَة وَضَعَهَا اللَّه لَهُمْ دَلِيلًا عَلَى مَعْرِفَته كَمَا يُسَمَّى الدَّلِيل وَالْعَلَامَة صُورَة وَكَمَا تَقُول : صُورَة حَدِيثك كَذَا وَصُورَة الْأَمْر كَذَا وَالْحَدِيث وَالْأَمْر لَا صُورَة لَهُمَا حَقِيقَة , وَأَجَازَ غَيْره أَنَّ الْمُرَاد بِالصُّورَةِ الصِّفَة , وَإِلَيْهِ مَيْل الْبَيْهَقِيِّ , وَنَقَلَ اِبْن التِّين أَنَّ مَعْنَاهُ صُورَة الِاعْتِقَاد , وَأَجَازَ الْخَطَّابِيّ أَنْ يَكُون الْكَلَام خَرَجَ عَلَى وَجْه الْمُشَاكَلَة لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ ذِكْر الشَّمْس وَالْقَمَر وَالطَّوَاغِيت , وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْط هَذَا هُنَاكَ , وَكَذَا قَوْله " نَعُوذ بِك " وَقَالَ غَيْره فِي قَوْله فِي الصُّورَة الَّتِي يَعْرِفُونَهَا : يَحْتَمِل أَنْ يُشِير بِذَلِكَ إِلَى مَا عَرَفُوهُ حِين أَخْرَجَ ذُرِّيَّة آدَم مِنْ صُلْبه ثُمَّ أَنْسَاهُمْ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ يُذَكِّرُهُمْ بِهَا فِي الْآخِرَة , وَقَوْله " فَإِذَا رَأَيْنَا رَبّنَا عَرَفْنَاهُ " قَالَ اِبْن بَطَّال عَنْ الْمُهَلَّب : إِنَّ اللَّه يَبْعَث لَهُمْ مَلَكًا لِيَخْتَبِرهُمْ فِي اِعْتِقَاد صِفَات رَبّهمْ الَّذِي لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء فَإِذَا قَالَ لَهُمْ أَنَا رَبّكُمْ رَدُّوا عَلَيْهِ لِمَا رَأَوْا عَلَيْهِ مِنْ صِفَة الْمَخْلُوق , فَقَوْله " فَإِذَا جَاءَ رَبّنَا عَرَفْنَاهُ " أَيْ إِذَا ظَهَرَ لَنَا فِي مُلْك لَا يَنْبَغِي لِغَيْرِهِ وَعَظَمَة لَا تُشْبِه شَيْئًا مِنْ مَخْلُوقَاته فَحِينَئِذٍ يَقُولُونَ أَنْتَ رَبّنَا , قَالَ : وَأَمَّا قَوْله " هَلْ بَيْنكُمْ وَبَيْنه عَلَامَة تَعْرِفُونَهَا , فَيَقُولُونَ السَّاق " فَهَذَا يَحْتَمِل أَنَّ اللَّه عَرَّفَهُمْ عَلَى أَلْسِنَة الرُّسُل مِنْ الْمَلَائِكَة أَوْ الْأَنْبِيَاء أَنَّ اللَّه جَعَلَ لَهُمْ عَلَامَة تَجَلِّيه السَّاق , وَذَلِكَ أَنَّهُ يَمْتَحِنهُمْ بِإِرْسَالِ مَنْ يَقُول لَهُمْ أَنَا رَبّكُمْ وَإِلَى ذَلِكَ الْإِشَارَة بِقَوْلِهِ تَعَالَى ( يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِت ) وَهِيَ وَإِنْ وَرَدَ أَنَّهَا فِي عَذَاب الْقَبْر فَلَا يَبْعُد أَنْ تَتَنَاوَل يَوْم الْمَوْقِف أَيْضًا , قَالَ : وَأَمَّا السَّاق فَجَاءَ عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى ( يَوْم يُكْشَف عَنْ سَاق ) قَالَ عَنْ شِدَّة مِنْ الْأَمْر , وَالْعَرَب تَقُول : قَامَتْ الْحَرْب عَلَى سَاق إِذَا اِشْتَدَّتْ , وَمِنْهُ : قَدْ سَنَّ أَصْحَابك ضَرْب الْأَعْنَاق وَقَامَتْ الْحَرْب بِنَا عَلَى سَاق وَجَاءَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ فِي تَفْسِيرهَا عَنْ نُور عَظِيم قَالَ اِبْن فَوْرَكٍ : مَعْنَاهُ مَا يَتَجَدَّد لِلْمُؤْمِنِينَ مِنْ الْفَوَائِد وَالْأَلْطَاف.
وَقَالَ الْمُهَلَّب : كَشْف السَّاق لِلْمُؤْمِنِينَ رَحْمَة وَلِغَيْرِهِمْ نِقْمَة.
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : تَهَيَّبَ كَثِير مِنْ الشُّيُوخ الْخَوْض فِي مَعْنَى السَّاق , وَمَعْنَى قَوْل اِبْن عَبَّاس إِنَّ اللَّه يَكْشِف عَنْ قُدْرَته الَّتِي تَظْهَر بِهَا الشِّدَّة.
وَأَسْنَدَ الْبَيْهَقِيُّ الْأَثَر الْمَذْكُور عَنْ اِبْن عَبَّاس بِسَنَدَيْنِ كُلّ مِنْهُمَا حَسَن , وَزَادَ : إِذَا خَفِيَ عَلَيْكُمْ شَيْء مِنْ الْقُرْآن فَأَتْبِعُوهُ مِنْ الشِّعْر وَذَكَرَ الرَّجَز الْمُشَار إِلَيْهِ , وَأَنْشَدَ الْخَطَّابِيُّ فِي إِطْلَاق السَّاق عَلَى الْأَمْر الشَّدِيد " فِي سَنَة قَدْ كَشَفَتْ عَنْ سَاقهَا " وَأَسْنَدَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْه آخَر صَحِيح عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : يُرِيد يَوْم الْقِيَامَة , قَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَقَدْ يُطْلَق وَيُرَاد النَّفْس , وَقَوْله فِيهِ " وَيَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُد لِلَّهِ رِيَاء وَسُمْعَة فَيَذْهَب كَيْمَا يَسْجُد فَيَعُود ظَهْره طَبَقًا وَاحِدًا " ذَكَرَ الْعَلَّامَة جَمَال الدِّين بْن هِشَام فِي الْمُغْنِي أَنَّهُ وَقَعَ فِي الْبُخَارِيّ فِي هَذَا الْمَوْضِع " كَيْمَا " مُجَرَّدَة وَلَيْسَ بَعْدهَا لَفْظ يَسْجُد فَقَالَ بَعْد أَنْ حَكَى عَنْ الْكُوفِيِّينَ : إِنَّ كَيْ نَاصِبَة دَائِمًا , قَالَ وَيَرُدّهُ قَوْلهمْ كَيْمَه كَمَا يَقُولُونَ لِمَه , وَأَجَابُوا بِأَنَّ التَّقْدِير كَيْ تَفْعَل مَاذَا , وَيَلْزَمهُمْ كَثْرَة الْحَذْف وَإِخْرَاج مَا الِاسْتِفْهَامِيَّة عَنْ الصَّدْر وَحَذْف أَلِفهَا فِي غَيْر الْجَرّ , وَحَذْف الْفِعْل الْمَنْصُوب مَعَ بَقَاء عَامِل النَّصْب وَكُلّ ذَلِكَ لَمْ يَثْبُت , نَعَمْ وَقَعَ فِي صَحِيح الْبُخَارِيّ فِي تَفْسِير ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَة ) فَيَذْهَب كَيْمَا فَيَعُود ظَهْره طَبَقًا وَاحِدًا , أَيْ كَيْمَا يَسْجُد , وَهُوَ غَرِيب جِدًّا لَا يَحْتَمِل الْقِيَاس عَلَيْهِ اِنْتَهَى كَلَامه.
وَكَأَنَّهُ وَقَعَتْ لَهُ نُسْخَة سَقَطَتْ مِنْهَا هَذِهِ اللَّفْظَة ; لَكِنَّهَا ثَابِتَة فِي جَمِيع النُّسَخ الَّتِي وَقَفْت عَلَيْهَا حَتَّى أَنَّ اِبْن بَطَّال ذَكَرَهَا بِلَفْظِ " كَيْ يَسْجُد " بِحَذْفِ مَا , وَكَلَام اِبْن هِشَام يُوهِمُ أَنَّ الْبُخَارِيّ أَوْرَدَهُ فِي التَّفْسِير , وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ ذَكَرَهَا هُنَا فَقَطْ , وَقَوْله فِيهِ " فَيَعُود ظَهْره طَبَقًا وَاحِدًا " قَالَ اِبْن بَطَّال تَمَسَّكَ بِهِ مَنْ أَجَازَ تَكْلِيف مَا لَا يُطَاق مِنْ الْأَشَاعِرَة وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِقِصَّةِ أَبِي لَهَب , وَأَنَّ اللَّه كَلَّفَهُ الْإِيمَان بِهِ مَعَ إِعْلَامه بِأَنَّهُ يَمُوت عَلَى الْكُفْر وَيَصْلَى نَارًا ذَات لَهَب , قَالَ : وَمَنَعَ الْفُقَهَاء مِنْ ذَلِكَ وَتَمَسَّكُوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى ( لَا يُكَلِّف اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعهَا ) وَأَجَابُوا عَنْ السُّجُود بِأَنَّهُمْ يُدْعَوْنَ إِلَيْهِ تَبْكِيتًا إِذْ أَدْخَلُوا أَنْفُسهمْ فِي الْمُؤْمِنِينَ السَّاجِدِينَ فِي الدُّنْيَا فَدُعُوا مَعَ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى السُّجُود فَتَعَذَّرَ عَلَيْهِمْ فَأَظْهَرَ اللَّه بِذَلِكَ نِفَاقهمْ وَأَخْزَاهُمْ , قَالَ : وَمِثْله مِنْ التَّبْكِيت مَا يُقَال لَهُمْ بَعْد ذَلِكَ ( اِرْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا ) وَلَيْسَ فِي هَذَا تَكْلِيف مَا لَا يُطَاق بَلْ إِظْهَار خِزْيهمْ , وَمِثْله مَنْ كُلِّفَ أَنْ يَعْقِد شَعِيرَة فَإِنَّهَا لِلزِّيَادَةِ فِي التَّوْبِيخ وَالْعُقُوبَة اِنْتَهَى.
وَلَمْ يَجِب عَنْ قِصَّة أَبِي لَهَب وَقَدْ اِدَّعَى بَعْضهمْ أَنَّ مَسْأَلَة تَكْلِيف مَا لَا يُطَاق لَمْ تَقَع إِلَّا بِالْإِيمَانِ فَقَطْ , وَهِيَ مَسْأَلَة طَوِيلَة الذَّيْل لَيْسَ هَذَا مَوْضِع ذِكْرهَا , وَقَوْله " قَالَ مَدْحَضَة مَزِلَّة " بِفَتْحِ الْمِيم وَكَسْر الزَّاي وَيَجُوز فَتْحهَا وَتَشْدِيد اللَّام , قَالَ : أَيْ مَوْضِع الزَّلَل وَيُقَال بِالْكَسْرِ فِي الْمَكَان وَبِالْفَتْحِ فِي الْمَقَال , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة أَبِي ذَرّ عَنْ الْكُشْمِيهَنِيِّ هُنَا الدَّحْض الزَّلَق , لِيَدْحَضُوا لِيَزْلَقُوا زَلَقًا لَا يَثْبُت فِيهِ قَدَم , وَهَذَا قَدْ تَقَدَّمَ لَهُمْ فِي تَفْسِير سُورَة الْكَهْف , وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ الْكَلَام عَلَيْهِ , وَقَوْله " عَلَيْهِ خَطَاطِيف وَكَلَالِيب " تَقَدَّمَ بَيَانه , وَقَوْله " وَحَسَكَة " بِفَتْحِ الْحَاء وَالسِّين الْمُهْمَلَتَيْنِ قَالَ صَاحِب التَّهْذِيب وَغَيْره الْحَسَك نَبَات لَهُ ثَمَر خَشِن يَتَعَلَّق بِأَصْوَافِ الْغَنَم وَرُبَّمَا اُتُّخِذَ مِثْله مِنْ حَدِيد وَهُوَ مِنْ آلَات الْحَرْب , وَقَوْله " مُفَلْطَحَة " بِضَمِّ الْمِيم وَفَتْح الْفَاء وَسُكُون اللَّام بَعْدهَا طَاء ثُمَّ حَاء مُهْمَلَتَانِ كَذَا وَقَعَ عِنْد الْأَكْثَر , وَفِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيِّ " مُطَلْفَحَة " بِتَقْدِيمِ الطَّاء وَتَأْخِير الْفَاء وَاللَّام قَبْلهَا وَلِبَعْضِهِمْ كَالْأَوَّلِ لَكِنْ بِتَقْدِيمِ الْحَاء عَلَى الطَّاء وَالْأَوَّل هُوَ الْمَعْرُوف فِي اللُّغَة وَهُوَ الَّذِي فِيهِ اِتِّسَاع وَهُوَ عَرِيض , يُقَال : فَلْطَحَ الْقُرْص بَسَطَهُ وَعَرَّضَهُ , وَقَوْله شَوْكَة عَقِيفَة بِالْقَافِ ثُمَّ الْفَاء وَزْن عَظِيمَة , وَلِبَعْضِهِمْ عُقَيْفَاء بِصِيغَةِ التَّصْغِير مَمْدُود.
( تَنْبِيهٌ ) : قَرَأْت فِي تَنْقِيح الزَّرْكَشِيّ وَقَعَ هُنَا فِي حَدِيث أَبِي سَعِيد بَعْد شَفَاعَة الْأَنْبِيَاء فَيَقُول اللَّه : بَقِيَتْ شَفَاعَتِي فَيُخْرِجُ مِنْ النَّار مَنْ لَمْ يَعْمَل خَيْرًا , وَتَمَسَّكَ بِهِ بَعْضهمْ فِي تَجْوِيز إِخْرَاج غَيْر الْمُؤْمِنِينَ مِنْ النَّار وَرُدَّ بِوَجْهَيْنِ أَحَدهمَا أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَة ضَعِيفَة ; لِأَنَّهَا غَيْر مُتَّصِلَة كَمَا قَالَ عَبْد الْحَقّ فِي الْجَمْع , وَالثَّانِي أَنَّ الْمُرَاد بِالْخَيْرِ الْمَنْفِيّ مَا زَادَ عَلَى أَصْل الْإِقْرَار بِالشَّهَادَتَيْنِ , كَمَا تَدُلّ عَلَيْهِ بَقِيَّة الْأَحَادِيث هَكَذَا قَالَ , وَالْوَجْه الْأَوَّل غَلَط مِنْهُ فَإِنَّ الرِّوَايَة مُتَّصِلَة هُنَا , وَأَمَّا نِسْبَة ذَلِكَ لِعَبْدِ الْحَقّ فَغَلَط عَلَى غَلَط ; لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْهُ إِلَّا فِي طَرِيق أُخْرَى وَقَعَ فِيهَا : أَخْرِجُوا مَنْ كَانَ فِي قَلْبه مِثْقَال حَبَّة خَرْدَل مِنْ خَيْر.
قَالَ : هَذِهِ الرِّوَايَة غَيْر مُتَّصِلَة , وَلَمَّا سَاقَ حَدِيث أَبِي سَعِيد الَّذِي فِي هَذَا الْبَاب سَاقَهُ بِلَفْظِ الْبُخَارِيّ وَلَمْ يَتَعَقَّبهُ بِأَنَّهُ غَيْر مُتَّصِل وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لَتَعَقَّبْنَاهُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا اِنْقِطَاع فِي السَّنَد أَصْلًا , ثُمَّ إِنَّ لَفْظ حَدِيث أَبِي سَعِيد هُنَا لَيْسَ كَمَا سَاقَهُ الزَّرْكَشِيّ وَإِنَّمَا فِيهِ : فَيَقُول الْجَبَّار بَقِيَتْ شَفَاعَتِي فَيُخْرِجُ أَقْوَامًا قَدْ امْتُحِشُوا , ثُمَّ قَالَ فِي آخِره : فَيَقُول أَهْل الْجَنَّة هَؤُلَاءِ عُتَقَاء الرَّحْمَن أَدْخَلَهُمْ الْجَنَّة بِغَيْرِ عَمَل عَمِلُوهُ وَلَا خَيْر قَدَّمُوهُ , فَيَجُوز أَنْ يَكُون الزَّرْكَشِيّ ذَكَرَهُ بِالْمَعْنَى.
حَدِيث أَنَس فِي الشَّفَاعَة وَقَدْ مَضَى شَرْحه مُسْتَوْفًى فِي بَاب صِفَة الْجَنَّة وَالنَّار مِنْ " كِتَاب الرِّقَاق " وَقَوْله هُنَا " وَقَالَ حَجَّاج بْن مِنْهَال : حَدَّثَنَا هَمَّام " كَذَا عِنْد الْجَمِيع إِلَّا فِي رِوَايَة أَبِي زَيْد الْمَرْوَزِيِّ عَنْ الْفَرَبْرِيّ , فَقَالَ فِيهَا " حَدَّثَنَا حَجَّاج " وَقَدْ وَصَلَهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ طَرِيق إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم وَأَبُو نُعَيْم مِنْ طَرِيق مُحَمَّد بْنِ أَسْلَمَ الطُّوسِيِّ قَالَا " حَدَّثَنَا حَجَّاج بْن مِنْهَال " فَذَكَرَهُ بِطُولِهِ وَسَاقُوا الْحَدِيث كُلّه إِلَّا النَّسَفِيّ فَسَاقَ مِنْهُ إِلَى قَوْله " خَلَقَك اللَّه بِيَدِهِ " ثُمَّ قَالَ " فَذَكَرَ الْحَدِيث " وَوَقَعَ لِأَبِي ذَرّ عَنْ الْحَمَوِيِّ نَحْوه لَكِنْ قَالَ " وَذَكَرَ الْحَدِيث بِطُولِهِ " بَعْد قَوْله " حَتَّى يُهِمُّوا بِذَلِكَ " وَنَحْوه لِلْكُشْمِيهَنِيِّ.
وَقَوْله فِيهِ " ثَلَاث كَذِبَات " فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِيّ " ثَلَاث كَلِمَات " وَقَوْله " فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فِي دَاره فَيُؤْذَنُ لِي عَلَيْهِ " قَالَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا يُوهِم الْمَكَان وَاَللَّه مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ , وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ فِي دَاره الَّذِي اِتَّخَذَهَا لِأَوْلِيَائِهِ وَهِيَ الْجَنَّة وَهِيَ دَار السَّلَام , وَأُضِيفَتْ إِلَيْهِ إِضَافَة تَشْرِيف مِثْل بَيْت اللَّه وَحَرَم اللَّه , وَقَوْله فِيهِ " قَالَ قَتَادَةُ سَمِعْته يَقُول فَأُخْرِجهُمْ " هُوَ مَوْصُول بِالسَّنَدِ الْمَذْكُور , وَوَقَعَ لِلْكُشْمِيهَنِيِّ " وَسَمِعْته أَيْضًا يَقُول " وَلِلْمُسْتَمْلِيّ " وَسَمِعْته يَقُول : فَأَخْرُجُ فَأُخْرِجُهُمْ " الْأَوَّل بِفَتْحِ الْهَمْزَة وَضَمّ الرَّاء وَالثَّانِي بِضَمِّ الْهَمْزَة وَكَسْر الرَّاء.
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ عَنْ زَيْدٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ هَلْ تُضَارُونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ إِذَا كَانَتْ صَحْوًا قُلْنَا لَا قَالَ فَإِنَّكُمْ لَا تُضَارُونَ فِي رُؤْيَةِ رَبِّكُمْ يَوْمَئِذٍ إِلَّا كَمَا تُضَارُونَ فِي رُؤْيَتِهِمَا ثُمَّ قَالَ يُنَادِي مُنَادٍ لِيَذْهَبْ كُلُّ قَوْمٍ إِلَى مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ فَيَذْهَبُ أَصْحَابُ الصَّلِيبِ مَعَ صَلِيبِهِمْ وَأَصْحَابُ الْأَوْثَانِ مَعَ أَوْثَانِهِمْ وَأَصْحَابُ كُلِّ آلِهَةٍ مَعَ آلِهَتِهِمْ حَتَّى يَبْقَى مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ مِنْ بَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ وَغُبَّرَاتٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ثُمَّ يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ تُعْرَضُ كَأَنَّهَا سَرَابٌ فَيُقَالُ لِلْيَهُودِ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ قَالُوا كُنَّا نَعْبُدُ عُزَيْرَ ابْنَ اللَّهِ فَيُقَالُ كَذَبْتُمْ لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ صَاحِبَةٌ وَلَا وَلَدٌ فَمَا تُرِيدُونَ قَالُوا نُرِيدُ أَنْ تَسْقِيَنَا فَيُقَالُ اشْرَبُوا فَيَتَسَاقَطُونَ فِي جَهَنَّمَ ثُمَّ يُقَالُ لِلنَّصَارَى مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ فَيَقُولُونَ كُنَّا نَعْبُدُ الْمَسِيحَ ابْنَ اللَّهِ فَيُقَالُ كَذَبْتُمْ لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ صَاحِبَةٌ وَلَا وَلَدٌ فَمَا تُرِيدُونَ فَيَقُولُونَ نُرِيدُ أَنْ تَسْقِيَنَا فَيُقَالُ اشْرَبُوا فَيَتَسَاقَطُونَ فِي جَهَنَّمَ حَتَّى يَبْقَى مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ مِنْ بَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ فَيُقَالُ لَهُمْ مَا يَحْبِسُكُمْ وَقَدْ ذَهَبَ النَّاسُ فَيَقُولُونَ فَارَقْنَاهُمْ وَنَحْنُ أَحْوَجُ مِنَّا إِلَيْهِ الْيَوْمَ وَإِنَّا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِيَلْحَقْ كُلُّ قَوْمٍ بِمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ وَإِنَّمَا نَنْتَظِرُ رَبَّنَا قَالَ فَيَأْتِيهِمْ الْجَبَّارُ فِي صُورَةٍ غَيْرِ صُورَتِهِ الَّتِي رَأَوْهُ فِيهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ أَنْتَ رَبُّنَا فَلَا يُكَلِّمُهُ إِلَّا الْأَنْبِيَاءُ فَيَقُولُ هَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ آيَةٌ تَعْرِفُونَهُ فَيَقُولُونَ السَّاقُ فَيَكْشِفُ عَنْ سَاقِهِ فَيَسْجُدُ لَهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ وَيَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ لِلَّهِ رِيَاءً وَسُمْعَةً فَيَذْهَبُ كَيْمَا يَسْجُدَ فَيَعُودُ ظَهْرُهُ طَبَقًا وَاحِدًا ثُمَّ يُؤْتَى بِالْجَسْرِ فَيُجْعَلُ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْجَسْرُ قَالَ مَدْحَضَةٌ مَزِلَّةٌ عَلَيْهِ خَطَاطِيفُ وَكَلَالِيبُ وَحَسَكَةٌ مُفَلْطَحَةٌ لَهَا شَوْكَةٌ عُقَيْفَاءُ تَكُونُ بِنَجْدٍ يُقَالُ لَهَا السَّعْدَانُ الْمُؤْمِنُ عَلَيْهَا كَالطَّرْفِ وَكَالْبَرْقِ وَكَالرِّيحِ وَكَأَجَاوِيدِ الْخَيْلِ وَالرِّكَابِ فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ وَنَاجٍ مَخْدُوشٌ وَمَكْدُوسٌ فِي نَارِ جَهَنَّمَ حَتَّى يَمُرَّ آخِرُهُمْ يُسْحَبُ سَحْبًا فَمَا أَنْتُمْ بِأَشَدَّ لِي مُنَاشَدَةً فِي الْحَقِّ قَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ الْمُؤْمِنِ يَوْمَئِذٍ لِلْجَبَّارِ وَإِذَا رَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ نَجَوْا فِي إِخْوَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِخْوَانُنَا كَانُوا يُصَلُّونَ مَعَنَا وَيَصُومُونَ مَعَنَا وَيَعْمَلُونَ مَعَنَا فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى اذْهَبُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ دِينَارٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجُوهُ وَيُحَرِّمُ اللَّهُ صُوَرَهُمْ عَلَى النَّارِ فَيَأْتُونَهُمْ وَبَعْضُهُمْ قَدْ غَابَ فِي النَّارِ إِلَى قَدَمِهِ وَإِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ فَيُخْرِجُونَ مَنْ عَرَفُوا ثُمَّ يَعُودُونَ فَيَقُولُ اذْهَبُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ نِصْفِ دِينَارٍ فَأَخْرِجُوهُ فَيُخْرِجُونَ مَنْ عَرَفُوا ثُمَّ يَعُودُونَ فَيَقُولُ اذْهَبُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجُوهُ فَيُخْرِجُونَ مَنْ عَرَفُوا قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَإِنْ لَمْ تُصَدِّقُونِي فَاقْرَءُوا { إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا } فَيَشْفَعُ النَّبِيُّونَ وَالْمَلَائِكَةُ وَالْمُؤْمِنُونَ فَيَقُولُ الْجَبَّارُ بَقِيَتْ شَفَاعَتِي فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنْ النَّارِ فَيُخْرِجُ أَقْوَامًا قَدْ امْتُحِشُوا فَيُلْقَوْنَ فِي نَهَرٍ بِأَفْوَاهِ الْجَنَّةِ يُقَالُ لَهُ مَاءُ الْحَيَاةِ فَيَنْبُتُونَ فِي حَافَتَيْهِ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ قَدْ رَأَيْتُمُوهَا إِلَى جَانِبِ الصَّخْرَةِ وَإِلَى جَانِبِ الشَّجَرَةِ فَمَا كَانَ إِلَى الشَّمْسِ مِنْهَا كَانَ أَخْضَرَ وَمَا كَانَ مِنْهَا إِلَى الظِّلِّ كَانَ أَبْيَضَ فَيَخْرُجُونَ كَأَنَّهُمْ اللُّؤْلُؤُ فَيُجْعَلُ فِي رِقَابِهِمْ الْخَوَاتِيمُ فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ فَيَقُولُ أَهْلُ الْجَنَّةِ هَؤُلَاءِ عُتَقَاءُ الرَّحْمَنِ أَدْخَلَهُمْ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ عَمَلٍ عَمِلُوهُ وَلَا خَيْرٍ قَدَّمُوهُ فَيُقَالُ لَهُمْ لَكُمْ مَا رَأَيْتُمْ وَمِثْلَهُ مَعَهُ وَقَالَ حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يُحْبَسُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُهِمُّوا بِذَلِكَ فَيَقُولُونَ لَوْ اسْتَشْفَعْنَا إِلَى رَبِّنَا فَيُرِيحُنَا مِنْ مَكَانِنَا فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ أَنْتَ آدَمُ أَبُو النَّاسِ خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ وَأَسْكَنَكَ جَنَّتَهُ وَأَسْجَدَ لَكَ مَلَائِكَتَهُ وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ لِتَشْفَعْ لَنَا عِنْدَ رَبِّكَ حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا قَالَ فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ قَالَ وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ أَكْلَهُ مِنْ الشَّجَرَةِ وَقَدْ نُهِيَ عَنْهَا وَلَكِنْ ائْتُوا نُوحًا أَوَّلَ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَيَأْتُونَ نُوحًا فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ سُؤَالَهُ رَبَّهُ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَكِنْ ائْتُوا إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ الرَّحْمَنِ قَالَ فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُ إِنِّي لَسْتُ هُنَاكُمْ وَيَذْكُرُ ثَلَاثَ كَلِمَاتٍ كَذَبَهُنَّ وَلَكِنْ ائْتُوا مُوسَى عَبْدًا آتَاهُ اللَّهُ التَّوْرَاةَ وَكَلَّمَهُ وَقَرَّبَهُ نَجِيًّا قَالَ فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُولُ إِنِّي لَسْتُ هُنَاكُمْ وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ قَتْلَهُ النَّفْسَ وَلَكِنْ ائْتُوا عِيسَى عَبْدَ اللَّهِ وَرَسُولَهُ وَرُوحَ اللَّهِ وَكَلِمَتَهُ قَالَ فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ وَلَكِنْ ائْتُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدًا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ فَيَأْتُونِي فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فِي دَارِهِ فَيُؤْذَنُ لِي عَلَيْهِ فَإِذَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي فَيَقُولُ ارْفَعْ مُحَمَّدُ وَقُلْ يُسْمَعْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ وَسَلْ تُعْطَ قَالَ فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأُثْنِي عَلَى رَبِّي بِثَنَاءٍ وَتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا فَأَخْرُجُ فَأُدْخِلُهُمْ الْجَنَّةَ قَالَ قَتَادَةُ وَسَمِعْتُهُ أَيْضًا يَقُولُ فَأَخْرُجُ فَأُخْرِجُهُمْ مِنْ النَّارِ وَأُدْخِلُهُمْ الْجَنَّةَ ثُمَّ أَعُودُ الثَّانِيَةَ فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فِي دَارِهِ فَيُؤْذَنُ لِي عَلَيْهِ فَإِذَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي ثُمَّ يَقُولُ ارْفَعْ مُحَمَّدُ وَقُلْ يُسْمَعْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ وَسَلْ تُعْطَ قَالَ فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأُثْنِي عَلَى رَبِّي بِثَنَاءٍ وَتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ قَالَ ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا فَأَخْرُجُ فَأُدْخِلُهُمْ الْجَنَّةَ قَالَ قَتَادَةُ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ فَأَخْرُجُ فَأُخْرِجُهُمْ مِنْ النَّارِ وَأُدْخِلُهُمْ الْجَنَّةَ ثُمَّ أَعُودُ الثَّالِثَةَ فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فِي دَارِهِ فَيُؤْذَنُ لِي عَلَيْهِ فَإِذَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي ثُمَّ يَقُولُ ارْفَعْ مُحَمَّدُ وَقُلْ يُسْمَعْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ وَسَلْ تُعْطَهْ قَالَ فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأُثْنِي عَلَى رَبِّي بِثَنَاءٍ وَتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ قَالَ ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا فَأَخْرُجُ فَأُدْخِلُهُمْ الْجَنَّةَ قَالَ قَتَادَةُ وَقَدْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ فَأَخْرُجُ فَأُخْرِجُهُمْ مِنْ النَّارِ وَأُدْخِلُهُمْ الْجَنَّةَ حَتَّى مَا يَبْقَى فِي النَّارِ إِلَّا مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ أَيْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْخُلُودُ قَالَ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ { عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا } قَالَ وَهَذَا الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ الَّذِي وُعِدَهُ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عن أنس بن مالك : «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل إلى الأنصار فجمعهم في قبة وقال لهم: اصبروا حتى تلقوا الله ورسوله، فإني على الحوض.»
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا تهجد من الليل قال: اللهم ربنا لك الحمد، أنت قيم السماوات والأرض، ولك الحمد، أنت رب...
عن عدي بن حاتم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه، ليس بينه وبينه ترجمان، ولا حجاب يحجبه.»
عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «جنتان من فضة، آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب، آنيتهما وما فيهما، وما بين...
عن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من اقتطع مال امرئ مسلم بيمين كاذبة، لقي الله وهو عليه غضبان.<br> قال عبد الله: ثم قر...
عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم: رجل حلف على سلعة: لقد أعطى بها أكثر مما أعطى وهو كا...
عن أبي بكرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم، ثلاث متوالي...
عن أسامة قال: «كان ابن لبعض بنات النبي صلى الله عليه وسلم يقضي، فأرسلت إليه أن يأتيها، فأرسل إن لله ما أخذ، وله ما أعطى وكل إلى أجل مسمى، فلتصبر ولت...
عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اختصمت الجنة والنار إلى ربهما، فقالت الجنة: يا رب ما لها لا يدخلها إلا ضعفاء الناس وسقطهم، وقالت النا...