4768- عن زيد بن وهب الجهني، أنه كان في الجيش الذين كانوا مع علي عليه السلام الذين ساروا إلى الخوارج، فقال علي عليه السلام: أيها الناس، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يخرج قوم من أمتي يقرءون القرآن ليست قراءتكم إلى قراءتهم شيئا، ولا صلاتكم إلى صلاتهم شيئا، ولا صيامكم إلى صيامهم شيئا، يقرءون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم، لا تجاوز صلاتهم تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لو يعلم الجيش الذين يصيبونهم ما قضي لهم على لسان نبيهم صلى الله عليه وسلم لنكلوا عن العمل، وآية ذلك أن فيهم رجلا له عضد وليست له ذراع على عضده مثل حلمة الثدي، عليه شعرات بيض» أفتذهبون إلى معاوية وأهل الشام وتتركون هؤلاء يخلفونكم في ذراريكم وأموالكم؟ والله إني لأرجو أن يكونوا هؤلاء القوم، فإنهم قد سفكوا الدم الحرام، وأغاروا في سرح الناس، فسيروا على اسم الله " قال سلمة بن كهيل: " فنزلني زيد بن وهب منزلا منزلا حتى مر بنا على قنطرة، قال: فلما التقينا وعلى الخوارج عبد الله بن وهب الراسبي فقال لهم: ألقوا الرماح وسلوا السيوف من جفونها، فإني أخاف أن يناشدوكم كما ناشدوكم يوم حروراء، قال: فوحشوا برماحهم، واستلوا السيوف، وشجرهم الناس برماحهم، قال: وقتلوا بعضهم على بعضهم، قال: وما أصيب من الناس يومئذ إلا رجلان " فقال علي رضي الله عنه: " التمسوا فيهم المخدج، فلم يجدوا، قال: فقام علي رضي الله عنه بنفسه، حتى أتى ناسا قد قتل بعضهم على بعض، فقال: أخرجوهم، فوجدوه مما يلي الأرض، فكبر، وقال: صدق الله، وبلغ رسوله، فقام إليه عبيدة السلماني فقال: يا أمير المؤمنين، والله الذي لا إله إلا هو لقد سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: إي والله الذي لا إله إلا هو، حتى استحلفه ثلاثا، وهو يحلف "(1) 4769- حدثنا أبو الوضيء، قال: قال علي، عليه السلام اطلبوا المخدج فذكر الحديث فاستخرجوه من تحت القتلى في طين قال أبو الوضيء: «فكأني أنظر إليه حبشي عليه قريطق له إحدى يدين، مثل ثدي المرأة عليها شعيرات مثل شعيرات التي تكون على ذنب اليربوع» (2)
(١) إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (١٠٦٦) عن عبد بن حميد، والنسائي في "الكبرى" (٨٥١٨) عن العباس بن عبد العظيم، كلاهما عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد.
وأخرجه مختصرا وبنحوه النسائي في "الكبرى" (٨٥١٧) من طريق موسى بن قيس، عن سلمة بن كهيل، به.
وأخرجه مختصرا النسائي في "الكبرى" (٨٥١٦) من طريق الأعمش، عن زيد بن وهب، به.
وهو في "مسند أحمد" (٧٠٦).
وأخرجه بنحوه مسلم (١٠٦٦)، والنسائي في "الكبرى" (٨٥٥٩) من طريق بسر ابن سعيد، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي.
وهو عند ابن حبان في "صحيحه" (٦٩٣٩).
وأخرجه النسائي (٨٥١٣) من طريق إبراهيم بن عبد الأعلى، عن طارق بن زياد، عن علي.
وهو بنحوه.
وهو في "مسند أحمد" (٨٤٨).
وأخرجه بنحوه النسائي (٨٥١٥) من طريق عاصم بن كليب، عن أبيه كليب، عن علي.
وهو في "مسند أحمد" (١٣٧٨) و (١٣٧٩).
وانظر حديث علي السالف أيضا (٤٧٦٣) من طريق عبيدة السلماني عنه.
وانظر ما بعده.
وقوله: " فوحشوا"، قال الخطابي في" معالم السنن" ٤/ ٣٣٥: فوحشوا برماحهم معناه: رموا بها على بعد، يقال للإنسان إذاكان في يده شيء , فرمى به على بعد قد وحش به، ومنه قول الشاعر:
إن أنتم لم تطلبوا بأخيكم .
فضعوا السلاح ووحشوا بالأبرق
وقوله:"وشجرهم الناس برماحهم"، يريد: أنهم دافعوهم بالرماح وكفوهم عن أنفسهم بها، يقال: شجرت الدابة بلجامها، إذا كلففتها به، وقد يكون أيضا معناه: أنهم شبكوهم بالرماح، فقتلوهم من الاشتجار، وهو الاختلاط والاشتباك.
(٢)إسناده صحيح.
أبو الوضيء: هو عباد بن نسيب.
وأخرجه الطيالسي (١٦٩) عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد في "مسنده" (١١٧٩) و (١١٨٨)، وأبو يعلى (٤٨٠) و (٥٥٥) من طرق عن حماد بن زيد، به.
وأخرجه أحمد في "مسنده" (١١٨٩) و (١١٩٧)، والحاكم في "المستدرك" ٤/ ٥٣١ - ٥٣٣ من طريق يزيد بن أبي صالح، عن أبي الوضيء، به.
ورواية الحاكم مطولة.
وانظر ما قبله، وما بعده.
وقوله: عليه قريطق، قال ابن الأثير في "النهاية": هو تصغير قرطق، أي: قباء، وهو تعريب: كرته، وقد تضم طاؤه.
وإبدال القاف من الهاء في الأسماء المعربة كثير، كالبرق، والباشق، والمنشق.
واليربوع: هو حيوان صغير على هيئة الجرذ الصغير, وله ذنب طويل ينتهي بخصلة من الشعر، وهو قصير اليدين طويل الرجلين، لونه كلون الغزال.
عون المعبود على شرح سنن أبي داود: أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي
( يُصِيبُونَهُمْ ) أَيْ يَقْتُلُونَ ذَلِكَ الْخَوَارِج ( مَا ) مَصْدَرِيَّة ( قُضِيَ ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُول ( لَهُمْ ) أَيْ لِذَلِكَ الْجَيْش.
وَالْجُمْلَة مَفْعُول يَعْلَم ( عَلَى لِسَان نَبِيّهمْ ) مِنْ الْبِشَارَة الْعُظْمَى لِقَاتِلِيهِمْ ( لَاتَّكَلُوا عَلَى الْعَمَل ) كَذَا فِي أَكْثَر النُّسَخ.
وَهَكَذَا فِي رِوَايَة مُسْلِم وَهُوَ اِفْتَعَلُوا مِنْ الْوَكَل يُقَال اِتَّكَلَ عَلَيْهِ إِذَا اِعْتَمَدَ عَلَيْهِ وَوَثِقَ بِهِ وَالْمَعْنَى اِعْتَمَدُوا عَلَى ذَلِكَ الْعَمَل وَهُوَ قِتَالهمْ لِمَا فِيهِ مِنْ الْأَجْر الْعَظِيم وَاكْتَفَوْا بِهِ دُون غَيْره مِنْ الْأَعْمَال الصَّالِحَة.
وَفِي بَعْض نُسَخ الْكِتَاب لَنَكَّلُوا عَنْ الْعَمَل مِنْ النَّكَل وَهُوَ التَّأَخُّر أَيْ تَأَخَّرُوا عَنْ الْعَمَل الْآخَر وَاَللَّه أَعْلَم.
( لَهُ عَضُد ) الْعَضُد مَا بَيْن الْمِرْفَق إِلَى الْكَتِف كَذَا فِي الْمِصْبَاح ( وَلَيْسَتْ لَهُ ذِرَاع ) هِيَ مِنْ الْمِرْفَق إِلَى أَطْرَاف الْأَصَابِع كَذَا فِي الْمِصْبَاح , وَكَأَنَّ هَذَا وَصْفه مِنْ كَثْرَة لَحْمه وَشَحْمه ( عَلَى عَضُده ) وَفِي رِوَايَة مُسْلِم عَلَى رَأْس عَضُده ( مِثْل حَلَمَة الثَّدْي ) بِفَتْحِ الْحَاء وَاللَّام أَيْ مِثْل رَأْسه ( أَفَتَذْهَبُونَ إِلَى مُعَاوِيَة وَأَهْل الشَّام ) وَقِصَّته عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَرِّخ الثِّقَة اِبْن سَعْد وَنَقَلَ عَنْهُ السُّيُوطِيّ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّه عَنْهُ بُويِعَ بِالْخِلَافَةِ الْغَد مِنْ قَتْل عُثْمَان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ بِالْمَدِينَةِ فَبَايَعَهُ جَمِيع مَنْ كَانَ بِهَا مِنْ الصَّحَابَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ , وَيُقَال إِنَّ طَلْحَة وَالزُّبَيْر بَايَعَا كَارِهَيْنِ غَيْر طَائِعَيْنِ ثُمَّ خَرَجَا إِلَى مَكَّة وَعَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا بِهَا فَأَخَذَاهَا وَخَرَجَا بِهَا إِلَى الْبَصْرَة يُطَالِبُونَ بِدَمِ عُثْمَان , وَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيًّا فَخَرَجَ إِلَى الْعِرَاق فَلَقِيَ بِالْبَصْرَةِ طَلْحَة وَالزُّبَيْر وَعَائِشَة وَمَنْ مَعَهُمْ وَهِيَ وَقْعَة الْجَمَل وَكَانَتْ فِي جُمَادَى الْآخِرَة سَنَة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَقُتِلَ بِهَا طَلْحَة وَالزُّبَيْر وَغَيْرهمَا , وَبَلَغَتْ الْقَتْلَى ثَلَاثَة عَشَرَ أَلْفًا وَأَقَامَ عَلِيّ بِالْبَصْرَةِ خَمْس عَشْرَة لَيْلَة ثُمَّ اِنْصَرَفَ إِلَى الْكُوفَة , ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْهِ مُعَاوِيَة بْن أَبِي سُفْيَان وَمَنْ مَعَهُ بِالشَّامِ فَبَلَغَ عَلِيًّا فَسَارَ إِلَيْهِ فَالْتَقَوْا بِصِفِّينَ فِي صَفَر سَنَة سَبْع وَثَلَاثِينَ وَدَامَ الْقَتْل بِهَا أَيَّامًا فَرَفَعَ أَهْل الشَّام الْمَصَاحِف يَدْعُونَ إِلَى مَا فِيهَا مَكِيدَة مِنْ عَمْرو بْن الْعَاصِ فَكَرِهَ النَّاس الْحَرْب وَتَدَاعَوْا إِلَى الصُّلْح وَحَكَّمُوا الْحَكَمَيْنِ , فَحَكَّمَ عَلِيّ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ , وَحَكَّمَ مُعَاوِيَة عَمْرو بْن الْعَاصِ وَكَتَبُوا بَيْنهمْ كِتَابًا عَلَى أَنْ يُوَافُوا رَأْس الْحَوْل بِأَذْرُح فَيَنْظُرُوا فِي أَمْر الْأُمَّة , فَافْتَرَقَ النَّاس وَرَجَعَ مُعَاوِيَة إِلَى الشَّام وَعَلِيّ إِلَى الْكُوفَة فَخَرَجَتْ عَلَيْهِ الْخَوَارِج مِنْ أَصْحَابه وَمَنْ كَانَ مَعَهُ وَقَالُوا لَا حُكْم إِلَّا لِلَّهِ , وَعَسْكَرُوا بِحَرُورَاء , فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ اِبْن عَبَّاس فَخَاصَمَهُمْ وَحَجَّهُمْ , فَرَجَعَ مِنْهُمْ قَوْم كَثِير وَثَبَتَ قَوْم وَسَارُوا إِلَى النَّهْرَوَان فَعَرَضُوا لِلسَّبِيلِ فَسَارَ إِلَيْهِمْ عَلِيّ فَقَتَلَهُمْ بِالنَّهْرَوَان وَقَتَلَ مِنْهُمْ ذَا الثُّدَيَّة وَذَلِكَ سَنَة ثَمَان وَثَلَاثِينَ , وَاجْتَمَعَ النَّاس بِأَذْرُح فِي شَعْبَان مِنْ هَذِهِ السَّنَة وَحَضَرَهَا سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص وَابْن عُمَر وَغَيْرهمَا مِنْ الصَّحَابَة , فَقَدَّمَ عَمْرو أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ مَكِيدَة مِنْهُ فَتَكَلَّمَ فَخَلَعَ عَلِيًّا وَتَكَلَّمَ عَمْرو فَأَقَرَّ مُعَاوِيَة وَبَايَعَ لَهُ فَتَفَرَّقَ النَّاس عَلَى هَذَا وَصَارَ عَلِيّ فِي خِلَاف مِنْ أَصْحَابه حَتَّى صَارَ يَعَضّ عَلَى إِصْبَعه وَيَقُول أُعْصَى وَيُطَاع مُعَاوِيَة , وَانْتَدَبَ ثَلَاثَة نَفَر مِنْ الْخَوَارِج عَبْد الرَّحْمَن بْن مُلْجِم الْمُرَادِيّ وَالْبَرْك بْن عَبْد اللَّه التَّمِيمِيّ وَعَمْرو بْن بُكَيْر التَّمِيمِيّ فَاجْتَمَعُوا بِمَكَّة وَتَعَاهَدُوا وَتَعَاقَدُوا لَيَقْتُلُنَّ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة : عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب وَمُعَاوِيَة بْن أَبِي سُفْيَان وَعَمْرو بْن الْعَاصِ وَيُرِيحُوا الْعِبَاد مِنْهُمْ , فَقَالَ اِبْن مُلْجِم أَنَا لَكُمْ بِعَلِيٍّ وَقَالَ الْبَرْك أَنَا لَكُمْ بِمُعَاوِيَة , وَقَالَ عَمْرو بْن بُكَيْر أَنَا أَكْفِيكُمْ عَمْرو بْن الْعَاصِ.
هَذَا كَلَام اِبْن سَعْد وَقَدْ أَحْسَنَ فِي تَلْخِيصه هَذِهِ الْوَقَائِع وَلَمْ يُوَسِّع فِيهَا الْكَلَام كَمَا صَنَعَ غَيْره لِأَنَّ هَذَا هُوَ اللَّائِق بِهَذَا الْمَقَام قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذُكِرَ أَصْحَابِي فَأَمْسِكُوا.
قَالَهُ السُّيُوطِيُّ.
( وَتَتْرُكُونَ هَؤُلَاءِ ) الْخَوَارِج ( يَخْلُفُونَكُمْ إِلَى ذَرَارِيّكُمْ ) جَمْع ذُرِّيَّة أَيْ فَيَنْهَبُونَهَا وَيَقْتُلُونَهَا ( وَأَمْوَالكُمْ ) أَيْ يَخْلُفُونَكُمْ إِلَى أَمْوَالكُمْ فَيُفْسِدُونَهَا ( إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُونُوا هَؤُلَاءِ ) أَيْ الْمَذْكُورُونَ فِي الْحَدِيث ( الْقَوْم ) بِالْفَتْحِ خَبَر يَكُون أَيْ هَذَا الْقَوْم ( فِي سَرْح النَّاس ) أَيْ مَوَاشِيهمْ السَّائِمَة ( فَسِيرُوا ) أَيْ إِلَيْهِمْ ( فَنَزَّلَنِي ) مِنْ التَّنْزِيل ( زَيْد بْن وَهْب مَنْزِلًا مَنْزِلًا ) هَكَذَا فِي بَعْض النُّسَخ مَرَّتَيْنِ وَفِي بَعْض النُّسَخ مَرَّة وَاحِدَة.
قَالَ النَّوَوِيّ فِي شَرْح مُسْلِم : فَنَزَّلَنِي زَيْد بْن وَهْب مَنْزِلًا هَكَذَا فِي مُعْظَم نُسَخ صَحِيح مُسْلِم مَرَّة وَاحِدَة وَفِي نَادِر مِنْهَا مَنْزِلًا مَنْزِلًا مَرَّتَيْنِ , وَكَذَا ذَكَرَهُ الْحَمِيدِيّ فِي الْجَمْع بَيْن الصَّحِيحَيْنِ وَهُوَ وَجْه الْكَلَام أَيْ ذَكَرَ لِي مَرَاحِلهمْ بِالْجَيْشِ مَنْزِلًا مَنْزِلًا ( حَتَّى مَرَرْنَا ) وَفِي رِوَايَة مُسْلِم حَتَّى قَالَ مَرَرْنَا بِزِيَادَةِ لَفْظ قَالَ , وَفِي بَعْض نُسَخ سُنَن أَبِي دَاوُدَ مَرَّ بِنَا مَكَان مَرَرْنَا ( عَلَى قَنْطَرَة ) بِفَتْحِ الْقَاف أَيْ حَتَّى بَلَغَ الْقَنْطَرَة الَّتِي كَانَ الْقِتَال عِنْدهَا وَهِيَ قَنْطَرَة الدِّبْرِجَان كَذَا جَاءَ مُبَيَّنًا فِي سُنَن النَّسَائِيِّ وَهُنَاكَ خَطَبَهُمْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَرَوَى لَهُمْ هَذِهِ الْأَحَادِيث ( قَالَ ) أَيْ زَيْد بْن وَهْب ( فَلَمَّا اِلْتَقَيْنَا ) أَيْ نَحْنُ وَالْخَوَارِج ( وَعَلَى الْخَوَارِج عَبْد اللَّه بْن وَهْب ) أَيْ كَانَ أَمِيرهمْ ( سُلُّوا ) بِضَمِّ السِّين أَمْر مِنْ سَلَّ يَسُلّ ( مِنْ جُفُونهَا ) أَيْ مِنْ أَغْمِدَتِهَا ( فَإِنِّي أَخَاف أَنْ يُنَاشِدُوكُمْ ) أَيْ يَطْلُبُوكُمْ الصُّلْح بِالْإِيمَانِ لَوْ تُقَاتِلُونَ بِالرُّمْحِ مِنْ بَعِيد , فَأَلْقُوا الرِّمَاح وَادْخُلُوا فِيهِمْ بِالسُّيُوفِ حَتَّى لَا يَجِدُوا فُرْصَة فَدَبَّرُوا تَدْبِيرًا قَادَهُمْ إِلَى التَّدْمِير.
كَذَا فِي مَجْمَع الْبِحَار ( فَوَحَّشُوا بِرِمَاحِهِمْ ) أَيْ رَمَوْا بِهَا عَنْ بُعْد قَالَهُ النَّوَوِيّ , وَهُوَ مِنْ بَاب التَّفْعِيل أَيْ التَّوْحِيش قَالَهُ فِي الصِّرَاح.
قَالَ الْجَوْهَرِيّ فِي الصِّحَاح : وَحَّشَ الرَّجُل إِذَا رَمَى بِثَوْبِهِ وَسِلَاحه مَخَافَة أَنْ يُلْحَق.
قَالَ الشَّاعِر : فَذَرُوا السِّلَاح وَوَحِّشُوا بِالْأَبْرَقِ ( وَاسْتَلُّوا ) بِصِيغَةِ الْمَاضِي ( وَشَجَرَهُمْ النَّاس بِرِمَاحِهِمْ ) قَالَ الْجَوْهَرِيّ فِي الصِّحَاح : شَجَرَهُ بِالرُّمْحِ أَيْ طَعَنَهُ وَشَجَرَ بَيْته أَيْ عَمَّدَهُ بِعَمُودٍ اِنْتَهَى.
وَفِي النِّهَايَة : وَفِي الْحَدِيث شَجَرْنَاهُمْ بِالرِّمَاحِ أَيْ طَعَنَّاهُمْ اِنْتَهَى , أَيْ مَدُّوهَا إِلَيْهِمْ وَطَاعَنُوهُمْ بِهَا قَالَهُ النَّوَوِيّ ( وَقَتَلُوا بَعْضهمْ ) أَيْ بَعْض الْخَوَارِج ( وَمَا أُصِيبَ مِنْ النَّاس ) أَيْ الَّذِينَ مَعَ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ( الْمُخْدَج ) بِضَمِّ الْمِيم وَسُكُون الْخَاء وَفَتْح الدَّال.
قَالَ الْجَوْهَرِيّ : يُقَال أَخْدَجَتْ النَّاقَة إِذَا جَاءَتْ بِوَلَدِهَا نَاقِص الْخَلْق فَالْوَلَد مُخْدَج.
وَمِنْهُ حَدِيث عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فِي ذِي الثُّدَيَّة الْيَد : أَيْ نَاقِص الْيَد اِنْتَهَى ( حَتَّى أَتَى نَاسًا ) أَيْ مِنْ الْخَوَارِج ( فَوَجَدُوهُ ) أَيْ الْمُخْدَج الْخَارِجِيّ ( فَكَبَّرَ ) عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ( وَقَالَ صَدَقَ اللَّه وَبَلَّغَ رَسُوله ) رِسَالَته.
فَفِي صَحِيح مُسْلِم مِنْ حَدِيث أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " آيَتهمْ رَجُل أَسْوَد إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْل ثَدْي الْمَرْأَة.
قَالَ أَبُو سَعِيد : فَاشْهَدْ أَنِّي سَمِعْت هَذَا مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَشْهَد أَنَّ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب قَاتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُل فَالْتُمِسَ فَوُجِدَ فَأُتِيَ بِهِ حَتَّى نَظَرْت إِلَيْهِ عَلَى نَعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " ( فَقَامَ إِلَيْهِ عُبَيْدَة ) حَاصِله أَنَّهُ اِسْتَحْلَفَ عَلِيًّا ثَلَاثًا وَإِنَّمَا اِسْتَحْلَفَهُ لِيُسْمِع الْحَاضِرِينَ وَيُؤَكِّد ذَلِكَ عِنْدهمْ وَيَظْهَر لَهُمْ الْمُعْجِزَة الَّتِي أَخْبَرَ بِهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَظْهَر أَنَّ عَلِيًّا وَأَصْحَابه أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَأَنَّهُمْ مُحِقُّونَ فِي قِتَالهمْ وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا فِي هَذِهِ الْأَحَادِيث مِنْ الْفَوَائِد.
قَالَهُ النَّوَوِيّ.
( السَّلْمَانِيّ ) بِإِسْكَانِ اللَّام مَنْسُوب إِلَى سَلْمَان جَدّ قَبِيلَة مَعْرُوفَة وَهُمْ بَطْن مِنْ مُرَاد أَسْلَمَ عُبَيْدَة قَبْل وَفَاة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَلَّمَ بِسَنَتَيْنِ وَلَمْ يَرَهُ وَسَمِعَ عُمَر وَعَلِيًّا وَابْن مَسْعُود وَغَيْرهمْ مِنْ الصَّحَابَة.
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم اِنْتَهَى.
أَيْ فِي كِتَاب الزَّكَاة فِي بَاب إِعْطَاء الْمُؤَلَّفَة قُلُوبهمْ.
( عَنْ جَمِيل بْن مُرَّة ) بِفَتْحِ الْجِيم وَكَسْر الْمِيم ( أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَضِيء ) بِفَتْحِ الْوَاو وَكَسْر الْمُعْجَمَة اِسْمه عَبَّاد بْن نُسَيْب ( عَلَيْهِ قُرَيْطِق ) تَصْغِير قُرْطُق وَهُوَ مُعَرَّب كرته كَذَا فِي النِّهَايَة ( عَلَى ذَنَب الْيَرْبُوع ) هُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ كلاكموش كَذَا فِي الصِّرَاح أَيْ موش دشتي.
وَقَالَ الدَّمِيرِيّ فِي حَيَاة الْحَيَوَان : الْيَرْبُوع بِفَتْحِ الْيَاء الْمُثَنَّاة حَيَوَان طَوِيل الرِّجْلَيْنِ قَصِير الْيَدَيْنِ جِدًّا وَلَهُ ذَنَب كَذَنَبِ الْجُرُذ وَيَسْكُن بَطْن الْأَرْض لِتَقُومَ رُطُوبَتهَا مَقَام الْمَاء.
قَالَ الْجَاحِظ وَالْقَزْوِينِيّ : الْيَرْبُوع مِنْ نَوْع الْفَأْر اِنْتَهَى.
وَالْحَدِيث سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ.
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ قَالَ أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ الْجُهَنِيُّ أَنَّهُ كَانَ فِي الْجَيْشِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَام الَّذِينَ سَارُوا إِلَى الْخَوَارِجِ فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَام أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنْ أُمَّتِي يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَيْسَتْ قِرَاءَتُكُمْ إِلَى قِرَاءَتِهِمْ شَيْئًا وَلَا صَلَاتُكُمْ إِلَى صَلَاتِهِمْ شَيْئًا وَلَا صِيَامُكُمْ إِلَى صِيَامِهِمْ شَيْئًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ يَحْسِبُونَ أَنَّهُ لَهُمْ وَهُوَ عَلَيْهِمْ لَا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُمْ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ لَوْ يَعْلَمُ الْجَيْشُ الَّذِينَ يُصِيبُونَهُمْ مَا قُضِيَ لَهُمْ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَنَكَلُوا عَنْ الْعَمَلِ وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّ فِيهِمْ رَجُلًا لَهُ عَضُدٌ وَلَيْسَتْ لَهُ ذِرَاعٌ عَلَى عَضُدِهِ مِثْلُ حَلَمَةِ الثَّدْيِ عَلَيْهِ شَعَرَاتٌ بِيضٌ أَفَتَذْهَبُونَ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَأَهْلِ الشَّامِ وَتَتْرُكُونَ هَؤُلَاءِ يَخْلُفُونَكُمْ فِي ذَرَارِيِّكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُونُوا هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ فَإِنَّهُمْ قَدْ سَفَكُوا الدَّمَ الْحَرَامَ وَأَغَارُوا فِي سَرْحِ النَّاسِ فَسِيرُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ قَالَ سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ فَنَزَّلَنِي زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ مَنْزِلًا مَنْزِلًا حَتَّى مَرَّ بِنَا عَلَى قَنْطَرَةٍ قَالَ فَلَمَّا الْتَقَيْنَا وَعَلَى الْخَوَارِجِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ الرَّاسِبِيُّ فَقَالَ لَهُمْ أَلْقُوا الرِّمَاحَ وَسُلُّوا السُّيُوفَ مِنْ جُفُونِهَا فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يُنَاشِدُوكُمْ كَمَا نَاشَدُوكُمْ يَوْمَ حَرُورَاءَ قَالَ فَوَحَّشُوا بِرِمَاحِهِمْ وَاسْتَلُّوا السُّيُوفَ وَشَجَرَهُمْ النَّاسُ بِرِمَاحِهِمْ قَالَ وَقَتَلُوا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضِهِمْ قَالَ وَمَا أُصِيبَ مِنْ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ إِلَّا رَجُلَانِ فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْتَمِسُوا فِيهِمْ الْمُخْدَجَ فَلَمْ يَجِدُوا قَالَ فَقَامَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِنَفْسِهِ حَتَّى أَتَى نَاسًا قَدْ قُتِلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فَقَالَ أَخْرِجُوهُمْ فَوَجَدُوهُ مِمَّا يَلِي الْأَرْضَ فَكَبَّرَ وَقَالَ صَدَقَ اللَّهُ وَبَلَّغَ رَسُولُهُ فَقَامَ إِلَيْهِ عَبِيدَةُ السَّلْمَانِيُّ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَقَدْ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِي وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ حَتَّى اسْتَحْلَفَهُ ثَلَاثًا وَهُوَ يَحْلِفُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ مُرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَضِيءِ قَالَ قَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَام اطْلُبُوا الْمُخْدَجَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فَاسْتَخْرَجُوهُ مِنْ تَحْتِ الْقَتْلَى فِي طِينٍ قَالَ أَبُو الْوَضِيءِ فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ حَبَشِيٌّ عَلَيْهِ قُرَيْطِقٌ لَهُ إِحْدَى يَدَيْنِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ عَلَيْهَا شُعَيْرَاتٌ مِثْلُ شُعَيْرَاتِ الَّتِي تَكُونُ عَلَى ذَنَبِ الْيَرْبُوعِ
عن أبي مريم، قال: «إن كان ذلك المخدج لمعنا يومئذ في المسجد، نجالسه بالليل والنهار، وكان فقيرا، ورأيته مع المساكين يشهد طعام علي عليه السلام مع الناس...
عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أريد ماله بغير حق فقاتل فقتل فهو شهيد»
عن سعيد بن زيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله، أو دون دمه، أو دون دينه فهو شهيد»
قال أنس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خلقا، فأرسلني يوما لحاجة، فقلت: والله لا أذهب وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به نبي الله صلى الله...
عن أنس، قال: «خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين بالمدينة وأنا غلام ليس كل أمري كما يشتهي صاحبي أن أكون عليه ما قال لي فيها أف قط، وما قال لي لم ف...
قال أبو هريرة: وهو يحدثنا: كان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس معنا في المجلس يحدثنا، فإذا قام قمنا قياما حتى نراه قد دخل بعض بيوت أزواجه، فحدثنا يوما ف...
عن عبد الله بن عباس، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الهدي الصالح، والسمت الصالح، والاقتصاد جزء من خمسة وعشرين جزءا من النبوة»
عن سهل بن معاذ، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه، دعاه الله عز وجل على رءوس الخلائق يوم القيامة حتى يخ...
عن الحارث بن سويد، عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما تعدون الصرعة فيكم؟» قالوا: الذي لا يصرعه الرجال قال: «لا، ولكنه الذي يملك ن...