585-
عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن غير واحد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قطع لبلال بن الحارث المزني معادن القبلية».
وهي من ناحية الفرع.
فتلك المعادن لا يؤخذ منها، إلى اليوم إلا الزكاة
يروى متصلا مرفوعا عند أحمد وأبي داود والبيهقي ولا يصح
المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)
( ش ) : قَوْلُهُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَطَعَ لِبِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُزَنِيِّ مَعَادِنَ الْقَبَلِيَّةِ , وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ إِنَّ الْقَبَلِيَّةَ لَمْ تَكُنْ خُطَّةً لِأَحَدٍ , وَإِنَّمَا كَانَتْ فَلَاةً وَالْمَعَادِنُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ ضَرْبٌ مِنْهَا لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ كَالْبَرَارِي وَالْمَوَاتِ وَأَرْضِ الْعَنْوَةِ وَضَرْبٌ مِنْهَا فِي أَرْضِ الصُّلْحِ وَضَرْبٌ مِنْهَا طُهْرٌ فِي مِلْكِ رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَأَمَّا مَا كَانَ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُقْطِعَهَا مَنْ شَاءَ وَمَعْنَى إقْطَاعِهَا أَيَّاهُ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ الِانْتِفَاعَ بِهَا مُدَّةً مَحْدُودَةً أَوْ غَيْرَ مَحْدُودَةٍ وَلَا يُمَلِّكُهُ رَقَبَتَهَا ; لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْأَرْضِ الَّتِي لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فَلِلْإِمَامِ حَبْسُهَا لِمَنَافِعِهِمْ وَلَا يَبِيعُهَا عَلَيْهِمْ وَلَا يُمَلِّكُهَا بَعْضَهُمْ وَسَيَأْتِي بَيَانُ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا فِي أَرْضِ الصُّلْحِ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُقْطِعُهَا الْإِمَامُ مَنْ ذَكَرَ وَذَكَرَ ذَلِكَ عَمَّنْ لَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ , وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ لَا حَقَّ لِلْإِمَامِ فِيهَا وَهِيَ لِأَهْلِ الصُّلْحِ وَجْهُ مَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّهُمْ إنَّمَا صَالَحُوا عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِلْكُهُمْ لَهُ وَهَذِهِ مَعَادِنُ مَوْدُوعَةٌ فِي الْأَرْضِ لَمْ يَعْلَمُوا بِهَا وَلَا تَقَدَّمَ مِلْكُهُمْ عَلَيْهَا وَلَا تَنَاوَلَهَا الصُّلْحُ فَكَانَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُقْطِعَهَا مَنْ شَاءَ.
وَوَجْهُ مَا قَالَهُ ابْنُ نَافِعٍ أَنَّ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ أَمْلَاكِهِمْ , وَإِنْ كَانَتْ غَايَتُهُ ; لِأَنَّهَا مِنْ أَصْلِ الْأَرْضِ كَسَائِرِ أَرَاضِيهمْ وَابْنُ الْقَاسِمِ , وَإِنْ كَانَ يُوَافِقُهُ فِي مَعَادِنِ الصُّلْحِ فَإِنَّ وَجْهَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ إنَّمَا صَالَحُوا عَلَيْهَا فَوَجَبَ أَنْ يُوَفِّيَ لَهُمْ بِمَا اعْتَقَدُوهُ وعاقدوا عَلَيْهِ , وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَمْلِكُهُ أَهْلُ الْإِسْلَامِ كَمَا لَوْ صَالَحُوا وَبِأَيْدِيهِمْ شَيْءٌ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ وَحُقُوقِ جَمَاعَتِهِمْ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُمْ وَأُقِرَّ بِأَيْدِيهِمْ وَفَاءً لَهُمْ وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الصُّلْحِ وَبِيَدِهِ مَعْدِنٌ أُخْرِجَ عَنْ يَدِهِ وَأَقْطَعَهُ الْإِمَامُ مَنْ شَاءَ وَجْهُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ نَافِعٍ أَنَّ هَذَا مِنْ الْأُصُولِ الثَّابِتَةِ فَجَازَ أَنْ يَمْلِكَهَا مَنْ كَانَتْ فِي أَرْضِهِ كَالْعُيُونِ وَالْآبَارِ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْهَا فِي أَرْضِ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ فِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ , وَقَالَ مَالِكٌ ذَلِكَ لَهُ وَلَهُ مَنْعُهُ.
وَوَجْهُ الْقَوْلَيْنِ مَا تَقَدَّمَ.
( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَمَنْ أقطع مِنْ هَذِهِ الْمَعَادِنِ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيْعُهَا ; لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يُورَثُ عَنْهُ ذَلِكَ , وَقَالَ أَشْهَبُ يُورَثُ عَنْهُ وَلَا يَبِيعُهَا وَلَعَلَّهُ أَنْ يُرِيدَ إِنْ تَرَكَ الْإِمَامُ ذَلِكَ بِيَدِ وَرَثَتِهِ بِمَنْزِلَةِ الْإِقْطَاعِ لَهُمْ وَأَمَّا حَقِيقَةُ الْمِيرَاثِ فَلَا يَصِحُّ فِيهَا ; لِأَنَّ مُورِثَهُمْ لَمْ يَمْلِكْهَا.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَتِلْكَ الْمَعَادِنُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهَا إِلَى الْيَوْمِ إِلَّا الزَّكَاةُ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ الْمَعْدِنَ يَجِبُ فِيمَا يَخْرُجُ مِنْهُ الزَّكَاةُ , وَإِنَّمَا لَا يُؤْخَذُ مِنْهَا شَيْءٌ غَيْرُ زَكَاةِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَفِي هَذَا بَابَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمَعْدِنَ لَا يُسَمَّى رِكَازًا وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ إِلَّا الزَّكَاةُ.
( الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي أَنَّ الْمَعْدِنَ لَا يُسَمَّى رِكَازًا ) فَأَمَّا الْمَعْدِنُ فَلَا يُسَمَّى رِكَازًا وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ , وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْمَعْدِنُ يُسَمَّى رِكَازًا وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَالَ الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ وَالْبِئْرُ جُبَارٌ وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ فَوَجْهُ الدَّلِيلِ مِنْهُ أَنْ قَالَ الْمَعْدِنُ جُبَارٌ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ وَلَوْ كَانَ الْمَعْدِنُ رِكَازًا لَقَالَ وَفِيهِ الْخُمُسُ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الرِّكَازَ مِنْ أَرَكَزْت الشَّيْءَ إِذَا دَفَنَتْهُ وَالْمَعْدِنُ نَبَاتٌ أَنْبَتَهُ اللَّهُ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ بِوَضْعِ آدَمِيٍّ فَسُمِّيَ رِكَازًا قَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ رَكَزْت الشَّيْءَ رِكْزًا غَرَزْته.
( الْبَابُ الثَّانِي فِي أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ إِلَّا الزَّكَاةُ ) وَأَمَّا وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي الْمَعْدِنِ دُونَ الْخُمُسِ فَإِنَّ الْمَعْدِنَ عَلَى ضَرْبَيْنِ ضَرْبٌ يُتَكَلَّفُ بِهِ مُؤْنَةُ عَمَلٍ فَهَذَا لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا تَجِبُ فِيهِ غَيْرُ الزَّكَاةِ وَضَرْبٌ لَا يَتَكَلَّفُ فِيهِ مُؤْنَةَ عَمَلٍ , وَإِنَّمَا يُوجَدُ نُدْرَةً فَهَذَا اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِيهِ فَقَالَ مَرَّةً فِيهِ الزَّكَاةُ , وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى فِيهِ الْخُمُسُ , وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ لَا تُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ مَعْدِنٍ إِلَّا الزَّكَاةُ , وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ مَعْدِنٍ الْخُمُسُ وَالشَّافِعِيُّ مِثْلُ الثَّلَاثَةِ الْأَقْوَالِ , وَدَلِيلُنَا عَلَى أَخْذِ الزَّكَاةِ مِنْهُ حَدِيثُ رَبِيعَةَ فِي مَعَادِنِ الْقَبَلِيَّةِ وَأَنَّهَا لَا تُؤْخَذُ مِنْهَا إِلَى الْيَوْمِ غَيْرُ الزَّكَاةِ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا مَا لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهِ مِلْكُ غَيْرِهِ وَاسْتَفَادَهُ مِنْ الْأَرْضِ بِتَكَلُّفِ عَمَلٍ فَوَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ دُونَ الْخُمُسِ كَالزَّرْعِ وَقَوْلُهُمْ لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهِ مِلْكٌ احْتِزَازٌ مِنْ الرِّكَازِ.
( فَرْعٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَالنُّدْرَةُ الَّتِي لَا يُتَكَلَّفُ فِيهَا عَمَلٌ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِيهَا الْخُمُسُ , وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ فِيهَا الزَّكَاةُ وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ وَالرِّكَازُ الْمَوْضُوعُ فِي الْأَرْضِ وَهُوَ دَفْنُ الْجَاهِلِيَّةِ وَالْقِطَعُ الْمَوْجُودَةُ فِي الْأَرْضِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ , وَلِأَنَّ هَذَا لَمْ يُتَكَلَّفْ فِيهِ مُؤْنَةٌ وَلَا عَمَلٌ فَأَشْبَهَ الْمَوْضُوعَ فِي الْأَرْضِ.
وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ أَنَّ هَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ الْأَرْضِ فَوَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ دُونَ الْخُمُسِ كَاَلَّذِي يُسْتَفَادُ بِالْعَمَلِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الرِّكَازُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا يُوجَدُ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُتَكَلَّفُ فِيهِ عَمَلٌ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ مِلْكٌ أَوْ لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهِ مِلْكٌ وَالرِّكَازُ عِنْدَ ابْنِ نَافِعٍ مَا تَقَدَّمَ عَلَيْهِ مِلْكٌ.
( فَرْعٌ ) فَإِذَا قُلْنَا بِرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنَّ الْعَمَلَ الْمُعْتَبَرَ فِي تَمْيِيزِ النُّدْرَةِ مِنْ غَيْرِهَا هُوَ التَّصْفِيَةُ لِلذَّهَبِ وَالتَّخْلِيصُ لَهَا دُونَ الْحَفْرِ وَالطَّلَبِ فَإِذَا كَانَتْ الْقِطْعَةُ خَالِصَةً لَا تَحْتَاجُ إِلَى تَخْلِيصٍ فَهِيَ النُّدْرَةُ الْمُشَبَّهَةُ بِالرِّكَازِ وَفِيهَا الْخُمُسُ وَأَمَّا إِذَا كَانَتْ مُمَازِجَةً التُّرَابَ وَتَحْتَاجُ إِلَى تَخْلِيصٍ فَهِيَ الْمَعْدِنُ وَتَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ.
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطَعَ لِبِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُزَنِيِّ مَعَادِنَ الْقَبَلِيَّةِ وَهِيَ مِنْ نَاحِيَةِ الْفُرُعِ فَتِلْكَ الْمَعَادِنُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهَا إِلَى الْيَوْمِ إِلَّا الزَّكَاةُ
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «في الركاز الخمس»
عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت تلي بنات أخيها يتامى في حجرها لهن الحلي، «فلا تخرج من حليهن الزكاة»
عن نافع، أن عبد الله بن عمر كان يحلي بناته وجواريه الذهب.<br> ثم «لا يخرج من حليهن الزكاة»
عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، أنه قال: كانت عائشة تليني وأخا لي يتيمين في حجرها، فكانت «تخرج من أموالنا الزكاة»
عن يحيى بن سعيد، أنه «اشترى لبني أخيه يتامى في حجره مالا فبيع ذلك المال بعد بمال كثير»
عن السائب بن يزيد، أن عثمان بن عفان كان يقول: «هذا شهر زكاتكم.<br> فمن كان عليه دين فليؤد دينه.<br> حتى تحصل أموالكم فتؤدون منه الزكاة»
عن أيوب بن أبي تميمة السختياني، أن عمر بن عبد العزيز «كتب في مال قبضه بعض الولاة ظلما، يأمر برده إلى أهله، ويؤخذ زكاته لما مضى من السنين، ثم عقب بعد ذ...
عن يزيد بن خصيفة، أنه سأل سليمان بن يسار عن " رجل له مال، وعليه دين مثله، أعليه زكاة؟ فقال: لا "
عن زريق بن حيان، وكان زريق على جواز مصر، في زمان الوليد وسليمان وعمر بن عبد العزيز، فذكر أن عمر بن عبد العزيز كتب إليه: «أن انظر من مر بك من المسلمين،...