586- عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «في الركاز الخمس»
أخرجه الشيخان
المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)
( ش ) : قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ نَصٌّ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم عَلَى أَنَّ هَذَا حُكْمُهُ , وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي مَعْنَى الرِّكَازِ فَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ فَمَعْنَى مَا رَوَى عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ الرِّكَازَ مَا وُجِدَ فِي الْأَرْضِ مِنْ قِطَعِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ مُخَلَّصًا لَا يَحْتَاجُ فِي تَصْفِيَتِهِ إِلَى عَمَلٍ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا دُفِنَ فِي الْأَرْضِ أَوْ مِمَّا أَنْبَتَتْهُ الْأَرْضُ مُخَلَّصًا كَالنَّبَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَمَعْنَى مَا رَوَى عَنْهُ ابْنُ نَافِعٍ أَنَّ الرِّكَازَ مَا وُضِعَ فِي الْأَرْضِ , وَإِنَّمَا وُجِدَ فِيهَا مِنْ النُّدْرَةِ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهِ مِلْكٌ فَإِنَّهُ مَعْدِنٌ وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ , وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ الرِّكَازُ إنَّمَا هُوَ مَا دُفِنَ مِنْ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ خَاصَّةً , وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الرِّكَازُ اسْمٌ لِمَا يَخْرُجُ مِنْ الْمَعْدِنِ وَلِمَا يُوضَعُ فِي الْأَرْضِ مِنْ الْمَالِ الْمَدْفُونِ , وَقَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ أَنَّ الرِّكَازَ يُقَالُ لِمَا يُوضَعُ فِي الْأَرْضِ وَلِمَا يَخْرُجُ مِنْ الْمَعْدِنِ مِنْ قِطَعِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَأَمَّا تُرَابُ الْمَعْدِنِ فَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا أَسْمَاهُ رِكَازًا.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فِيهِ الْخُمُسُ يَقْتَضِي إثْبَاتَ الْخُمُسِ فِيهِ وَلَيْسَ فِيهِ نَصٌّ عَلَى مَنْ لَهُ ذَلِكَ الْخُمُسُ إِلَّا أَنَّهُ يُسْتَدَلُّ عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى وُجُوبِ دَفْعِهِ إِلَى الْإِمَامِ الْعَدْلِ , وَقَدْ رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي مُخْتَصَرِ ابْنِ شَعْبَانَ إِذَا كَانَ الْإِمَامُ جَائِرًا يُخْرِجُ الْوَاجِدُ لَهُ خُمُسَهُ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ وَلَا يَدْفَعُهُ إِلَى مَنْ يَعِيثُ فِيهِ , وَكَذَلِكَ مَا فَضَلَ مِنْ الْمَالِ عَنْ أَهْلِ الْمَوَارِيثِ وَلَا أَعْلَمُ الْيَوْمَ بَيْتَ مَالٍ إنَّمَا هُوَ بَيْتُ ظُلْمٍ , وَكَذَلِكَ الْعُشْرُ وَالْكَلَامُ فِي هَذَا فِي أَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ أَحَدُهَا صِفَةُ دَافِنِهِ وَالثَّانِي صِفَةُ مَوْضِعِهِ وَالثَّالِثُ صِفَتُهُ فِي نَفْسِهِ وَالرَّابِعُ حُكْمُ الْوَاجِدِ لَهُ.
( الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي صِفَةِ دَافِنِ الرِّكَازِ ) فَأَمَّا صِفَةُ دَافِنِهِ فَلَا يَخْلُو مِنْ ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ أَحَدُهَا أَنْ يُوجَدَ عَلَيْهِ سِيَّمَا أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَالثَّانِي أَنْ يُوجَدَ عَلَيْهِ سِيمَا الْجَاهِلِيَّةِ وَالثَّالِثُ أَنْ يُجْهَلَ أَمْرُهُ وَيُشْكِلُ فَأَمَّا مَا وُجِدَ عَلَيْهِ سِيمَا أَهْلِ الْإِسْلَامِ فَيُسَمَّى كَنْزًا وَهُوَ لُقَطَةٌ يُعَرَّفُ كَمَا تُعرَّفُ اللُّقَطَةُ , ثُمَّ حُكْمُهَا حُكْمُ الْإِسْلَامِ وَأَمَّا مَا وُجِدَ عَلَيْهِ سِيمَا أَهْلِ الْكُفْرِ فَهُوَ الرِّكَازُ وَفِيهِ الْخُمُسُ وَأَمَّا مَا جُهِلَ أَمْرُهُ وَأُشْكِلَ حَالُهُ فَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
( الْبَابُ الثَّانِي فِي صِفَةِ مَوْضِعِهِ ) وَأَمَّا صِفَةُ مَوْضِعِهِ فَمَا تُيُقِّنَ أَنَّهُ مِنْ دَفْنِ الْكُفْرِ فَعَلَى خَمْسَةِ أَضْرُبٍ : أَحَدُهَا مَا أُصِيبَ فِي بِلَادِ الْعَنْوَةِ وَالثَّانِي مَا أُصِيبَ فِي بِلَادِ الصُّلْحِ وَالثَّالِثُ مَا أُصِيبَ فِي فَيَافِي الْمُسْلِمِينَ وَالرَّابِعُ مَا أُصِيبَ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ وَالْخَامِسُ أَنْ يُجْهَلَ أَمْرُهَا فَأَمَّا مَا أُصِيبَ فِي بِلَادِ الْعَنْوَةِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْفَيْءِ وَيُصْرَفُ خُمُسُهُ إِلَى وَجْهِ الْخُمُسِ وَيُفَرَّقُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ عَلَى مُفْتَتِحِي الْأَرْضِ وَعَلَى ذُرِّيَّتِهِمْ بَعْدَهُمْ وَرُوِيَ أَنَّهُ بَلَّغَهُ عَنْ مَالِكٍ , وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ وَابْنُ نَافِعٍ يَكُونُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ لِمَنْ وَجَدَهُ وَيَخْرُجُ خُمُسُهُ فِي وَجْهِ الْخُمُسِ , وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ إِنْ عُرِفَ أَنَّهُ لِأَهْلِ الْعَنْوَةِ فَهُوَ لِمَنْ افْتَتَحَ الْبِلَادَ إِنْ عُرِفُوا وَإِلَّا فَلِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَخُمُسُهُ فِي وَجْهِ الْخُمُسِ وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ هَذَا مَالٌ لَمْ يُوصَلْ إِلَيْهِ إِلَّا بِذَلِكَ الْجَيْشِ وَهُمْ الَّذِينَ ظَهَرُوا عَلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَعَلَى مَا فِيهِ بِدَعْوَةِ الْإِسْلَامِ فَكَانَ فِيهَا لَهُمْ كَالظَّاهِرِ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ.
وَوَجْهُ قَوْلِ مُطَّرِفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّ التَّوَصُّلَ إنَّمَا كَانَ إِلَيْهِ بِالْوُجُودِ لَهُ وَذَلِكَ مِمَّا انْفَرَدَ الْوَاجِدُ لَهُ وَأَمَّا الْغَانِمُونَ لِلْأَرْضِ والمتغلبون عَلَيْهَا فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى التَّوَصُّلِ إِلَيْهِ فَكَانَ لِمَنْ وَجَدَهُ دُونَهُمْ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا الضَّرْبُ الثَّانِي وَهُوَ مَا أُصِيبَ فِي بِلَادِ الصُّلْحِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْمُغِيرَةُ هُوَ لِأَهْلِ الصُّلْحِ دُونَ غَيْرِهِمْ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ فِي تَفْرِيعِهِ وَفِيهِ الْخُمُسُ , وَهَذَا إِذَا كَانَ وَاجِدُهُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الصُّلْحِ فَإِنْ كَانَ وَاجِدُهُ مِنْ أَهْلِ الصُّلْحِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ لَهُ , وَقَالَ غَيْرُهُ بَلْ هُوَ لِجُمْلَةِ أَهْلِ الصُّلْحِ , وَقَالَ مُطَّرِفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ نَافِعٍ وَأَصْبَغُ مَا وُجِدَ فِي أَرْضِ الصُّلْحِ فَهُوَ لِمَنْ وَجَدَهُ , وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ عُلِمَ أَنَّهُ مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الصُّلْحِ كَانَ لَهُمْ وَكَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ اللُّقَطَةِ يُعَرَّفُ فَمَنْ ادَّعَاهَا مِنْهُمْ أَقْسَمَ عَلَى ذَلِكَ فِي كَنِيسَتِهِ وَسُلِّمَتْ إِلَيْهِ اللُّقَطَةُ , وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَلَا مِنْ أَمْوَالِ مَنْ وَرِثُوهُ فَهُوَ لِمَنْ وَجَدَهُ يُخْرِجُ خُمُسَهُ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ هَؤُلَاءِ صَالَحُوا عَلَى بِلَادِهِمْ فَهُمْ أَحَقُّ بِمَا فِيهَا مِنْ غَالِبِ مَا فِي بَطْنِهَا كَمَا هُمْ أَحَقُّ بِمَا عَلَى ظَهْرِهَا وَعَلَى ذَلِكَ أَدَّوْا الْجِزْيَةَ.
وَوَجْهُ قَوْلِ مُطَّرِفٍ أَنَّهُمْ إنَّمَا وَقَعَ صُلْحُهُمْ عَلَى مَا ظَهَرَ إِلَيْهِمْ وَمَا يُمْكِنُ أَنْ يَعْرِفُوهُ وَمَا كَانَ مُغَيَّبًا فِي الْأَرْضِ مِمَّا لَا سَبِيلَ إِلَى مَعْرِفَتِهِ فَلَمْ يَتَنَاوَلْهُ صُلْحُهُمْ كَمَا لَا يَتَنَاوَلُهُ ابْتِيَاعُهُمْ لَهَا لَوْ ابْتَاعُوهَا.
وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ كَانَتْ لُقَطَةً لَهُمْ ضَاعَتْ لَهُمْ فَإِنْ عُرِفَ أَنَّهَا لِرَجُلٍ مِنْهُمْ دُفِعَتْ إِلَى مَنْ اعْتَرَفَهَا كَدَفْنِ الْمُسْلِمِينَ , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فَهِيَ لُقَطَةٌ تُتَبَيَّنُ مِمَّنْ يَعْرِفُهَا فَهِيَ لِمَنْ وَجَدَهَا وَيُخَمِّسُهَا ; لِأَنَّهُ اسْتَفَادَهَا مِنْ جِهَةِ التَّخْمِيسِ وَيَجِبُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ إِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهَا مِنْ أَمْوَالِ قَوْمٍ قَبْلَهُمْ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُمْ فِيهَا وَهِيَ لِمَنْ وَجَدَهَا عَلَى حَسَبِ مَا تَقَدَّمَ , مِثْلُ أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ الزَّمَانِ لِلرُّومِ , ثُمَّ غَلَبَ عَلَيْهَا الْقِبْطُ فَصُولِحُوا عَلَيْهَا أَوْ وُجِدَ الرِّكَازُ وَعَلَيْهِ سِيمَا الرُّومِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِمَنْ وَجَدَهُ وَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ مَا وُجِدَ فِي بِلَادِ الْعَرَبِ مِنْ دَفْنِ الْجَاهِلِيَّةِ الَّتِي لَمْ يُصَالِحُوا عَلَيْهَا.
( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا مَا وُجِدَ فِي فَيَافِي الْعَرَبِ وَالصَّحَارِيِ الَّتِي تُفْتَحُ عَنْوَةً وَأَسْلَمَ أَهْلُهَا عَلَيْهَا فَقَالَ مَالِكٌ إنَّهُ لِمَنْ وَجَدَهُ وَيُخْرِجُ خُمُسَهُ ; لِأَنَّهَا لَمْ تُفْتَحْ عَنْوَةً فَيَكُونُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ لِمَنْ افْتَتَحَهُ وَلَمْ يُصَالِحْ عَلَيْهَا أَهْلَهَا فَيَكُونُ لِأَهْلِ الصُّلْحِ فَيَكُونُ لِمَنْ وَجَدَهُ وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا.
( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا مَا وُجِدَ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ فَهُوَ لِلْجَيْشِ الَّذِي وَصَلَ الْوَاجِدُ لَهُ إِلَيْهِ بِهِمْ ; لِأَنَّهُ مَالٌ ظَهَرَ عَلَيْهِ وَغُلِبَ عَلَيْهِ بِاسْمِ الْإِسْلَامِ كَسَائِرِ الْفَيْءِ.
( مَسْأَلَةٌ ) فَإِنْ جُهِلَت الْأَرْضُ فَلَمْ يُدْرَ حُكْمُهَا قَالَ سَحْنُونٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ هُوَ لِمَنْ أَصَابَهُ يُرِيدُ وَيُخَمِّسُهُ.
وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُعْلَمْ عَلَيْهِ مِلْكٌ مُتَقَدِّمٌ لِأَحَدٍ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ لِمَنْ وَجَدَهُ كَاَلَّذِي يُوجَدُ فِي فَيَافِي الْأَرْضِ وَصَحَارِي الْعَرَبِ ( الْبَابُ الثَّالِثُ فِي صِفَتِهِ فِي نَفْسِهِ ) أَمَّا صِفَتُهُ فِي نَفْسِهِ فَإِنَّ هَذَا الَّذِي تَقَدَّمَ حُكْمُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ النُّحَاسِ وَالْخُرْثِيِّ وَاللُّؤْلُؤِ وَالطِّيبِ فَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِيهِ فَقَالَ مَرَّةً لَا خُمُسَ فِيهِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ الْمَوَّازِ , وَقَالَ مَرَّةً فِيهِ الْخُمُسُ وَاخْتَارَهُ أَيْضًا ابْنُ الْقَاسِمِ وَبِهِ قَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ نَافِعٍ وَجَّهَ فِي الْخُمُسِ مَا احْتَجَّ بِهِ ابْنُ الْمَوَّازِ مِنْ أَنَّ الرِّكَازَ إنَّمَا هُوَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَأَمَّا سَائِرُ الْعُرُوضِ فَلَيْسَتْ بِرِكَازٍ فَلَا شَيْءَ فِيهَا.
وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ اسْمَ الرِّكَازِ عَامٌّ لِكُلِّ مَا وُضِعَ فِي الْأَرْضِ فَوَجَبَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى عُمُومِهِ إِلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ , وَهَذَا التَّأْوِيلُ لِهَذِهِ اللَّفْظَةِ اقْتَضَى الْخِلَافَ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ.
( الْبَابُ الرَّابِعُ فِي صِفَةِ الْوَاجِدِ لَهُ ) أَمَّا صِفَةُ الْوَاجِدِ لَهُ فَقَدْ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ هُوَ لِمَنْ أَصَابَهُ وَيُخَمِّسُ سَوَاءٌ كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً وَالْأَصْلُ فِيهِ عُمُومُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ هَذَا مَالٌ لَمْ يُوصَلْ إِلَيْهِ بِالْغَلَبَةِ فَلَمْ يَخْتَصَّ بِأَهْلِ الْغَلَبَةِ وَالْحَرْبِ كَاللُّقَطَةِ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا مَا وُجِدَ فِي أَرْضِ الصُّلْحِ أَوْ أَرْضِ الْعَنْوَةِ مِنْ الرِّكَازِ إِذَا قُلْنَا بِقَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ هُوَ لِمَنْ وَجَدَهُ قَالَ إنَّمَا ذَلِكَ إِذَا كَانَتْ الْأَرْضُ مِلْكًا لَهُ أَوْ غَيْرَ مَمْلُوكَةٍ , وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مِلْكًا لِغَيْرِهِ فَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ الرِّكَازِ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَقَاسَهُ عَلَى الْأَجِيرِ يَحْفِرُ فِي دَارِ رَجُلٍ فَيَجِدُ كَنْزًا فَلَا حَقَّ فِيهِ لِلْأَجِيرِ , وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ إِذَا مَلَكَ الْأَرْضَ غَيْرُ الْوَاجِدِ فَهُوَ لِمَنْ وَجَدَهُ دُونَ رَبِّ الْأَرْضِ.
وَوَجْهُهُ أَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ إِذَا عَرَفَ أَنَّ الْمَالَ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَا لِمُورِثِهِ فَهُوَ لِمَنْ وَجَدَهُ وَلَا حَقَّ فِيهِ لِصَاحِبِ الدَّارِ ; لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الرِّكَازَ بِابْتِيَاعِ الدَّارِ.
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ
عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت تلي بنات أخيها يتامى في حجرها لهن الحلي، «فلا تخرج من حليهن الزكاة»
عن نافع، أن عبد الله بن عمر كان يحلي بناته وجواريه الذهب.<br> ثم «لا يخرج من حليهن الزكاة»
عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، أنه قال: كانت عائشة تليني وأخا لي يتيمين في حجرها، فكانت «تخرج من أموالنا الزكاة»
عن يحيى بن سعيد، أنه «اشترى لبني أخيه يتامى في حجره مالا فبيع ذلك المال بعد بمال كثير»
عن السائب بن يزيد، أن عثمان بن عفان كان يقول: «هذا شهر زكاتكم.<br> فمن كان عليه دين فليؤد دينه.<br> حتى تحصل أموالكم فتؤدون منه الزكاة»
عن أيوب بن أبي تميمة السختياني، أن عمر بن عبد العزيز «كتب في مال قبضه بعض الولاة ظلما، يأمر برده إلى أهله، ويؤخذ زكاته لما مضى من السنين، ثم عقب بعد ذ...
عن يزيد بن خصيفة، أنه سأل سليمان بن يسار عن " رجل له مال، وعليه دين مثله، أعليه زكاة؟ فقال: لا "
عن زريق بن حيان، وكان زريق على جواز مصر، في زمان الوليد وسليمان وعمر بن عبد العزيز، فذكر أن عمر بن عبد العزيز كتب إليه: «أن انظر من مر بك من المسلمين،...
عن عبد الله بن دينار، أنه قال: سمعت عبد الله بن عمر وهو يسأل عن الكنز ما هو؟ فقال: «هو المال الذي لا تؤدى منه الزكاة»