1055- عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول في الكلب المعلم: «كل ما أمسك عليك إن قتل، وإن لم يقتل»(1) 1421- عن مالك أنه سمع نافعا يقول: قال عبد الله بن عمر: «وإن أكل وإن لم يأكل»(2)
(1) إسناده صحيح
المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)
( ش ) : قَوْلُهُ فِي الْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ كُلْ مَا أَمْسَكَ عَلَيْك يُرِيدُ الْمُعَلَّمَ لِلصَّيْدِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قوله تعالى وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنْ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ إِلَى قَوْلِهِ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ : إِذَا أَرْسَلْت الْكِلَابَ الْمُعَلَّمَةَ وَذَكَرْت اسْمَ اللَّهِ فَكُلْ مَا أَمْسَكْنَ عَلَيْك وَفِي هَذَا ثَلَاثُ أَبْوَابٍ أَحَدُهَا فِي صِفَةِ الْجَارِحِ الَّذِي يَصِحُّ الِاصْطِيَادُ بِهِ وَالْبَابُ الثَّانِي فِي صِفَةِ الْمُعَلَّمِ مِنْهُ وَالْبَابُ الثَّالِثُ فِي مَعْنَى الْإِمْسَاكِ عَلَى الصَّائِدِ.
( الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي صِفَةِ الْجَارِحِ ) فَأَمَّا صِفَةُ الْجَارِحِ الَّذِي يَصِحُّ أَنْ يُصَادَ بِهِ فَهُوَ كُلُّ جَارِحٍ يُمْكِنُ أَنْ يَفْهَمَ التَّعْلِيمَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ كَالْكَلْبِ وَالْفَهْدِ وَالنَّمِرِ وَمِنْ الطَّيْرِ كَالْبَازِي وَالصَّقْرِ وَالْبَاشِقِ وَالشَّاهِينِ والشذانيق وَالْعُقَابِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَعَلَى هَذَا عَامَّةُ الْفُقَهَاءِ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُمَا قَالَا لَا يَحِلُّ إِلَّا صَيْدُ الْكَلْبِ وَأَمَّا صَيْدُ سَائِرِ الْجَوَارِحِ مِنْ الطَّيْرِ وَغَيْرِهَا فَلَا يَحِلُّ صَيْدُهَا وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ : يَجُوزُ صَيْدُ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا صَيْدُ الْكَلْبِ الْأَسْوَدِ الْبَهِيمِ وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ رَاهْوَيْهِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قوله تعالى وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنْ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ وَهَذَا عَامٌّ فِي كُلِّ جَارِحٍ مِنْ الْكِلَابِ وَغَيْرِهَا لِأَنَّ مَعْنَى مُكَلِّبِينَ مُسَلِّطِينَ وَأَضَافَهُ إِلَى الصَّائِدِ لِيُعْلَمَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ وَهُوَ التَّعْلِيمُ وَالتَّسْلِيطُ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَقَالَ الْفَضْلُ بْنُ مَسْلَمَةَ : التَّكْلِيبُ تَعْلِيمُ الْكِلَابِ الصَّيْدَ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا مِنْ الْجَوَارِحِ الْمُعَلَّمَةِ فَجَازَ الِاصْطِيَادُ بِهِ كَالْكَلْبِ.
( الْبَابُ الثَّانِي فِي صِفَةِ الْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ ) أَمَّا صِفَةُ الْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ فَهُوَ أَنْ يَفْهَمَ الزَّجْرَ وَالْأَشْلَاءَ وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ أَنْ لَا يَأْكُلَ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَهُوَ شَرْطٌ فِي تَعَلُّمِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَبِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ قَالَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَقَدْ اسْتَدَلَّ شُيُوخُنَا فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ قَالُوا : فَمَا بَقِيَ بَعْدَ الْأَكْلِ فَهُوَ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْنَا وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ قَتْلَ الْجَارِحِ ذَكَاةٌ يَفْسُدُ الصَّيْدُ بِهَا فَلَا يَفْسُدُ بِأَكْلِهِ مِنْهُ أَصْلُ ذَلِكَ إِذَا ذُبِحَ وَتَعَلَّقَ مَنْ مَنَعَ ذَلِكَ بِمَا رُوِيَ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِذَا أَرْسَلْت كَلْبَك الْمُعَلَّمَ وَذَكَرْت اسْمَ اللَّهِ فَكُلْ وَإِنْ قَتَلَ فَإِنْ أَكَلَ فَلَا تَأْكُلْ فَإِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ وَهَذَا الْحَدِيثُ صَحِيحٌ فَالْأَخْذُ بِهِ وَاجِبٌ غَيْرَ أَنَّهُ عَامٌّ فَتَحْمِلُهُ عَلَى الَّذِي أُدْرِكَ مَيِّتًا مِنْ الْجَرْيِ أَوْ الصَّدْمِ فَأَكَلَ مِنْهُ فَإِنَّهُ قَدْ صَارَ عَلَى صِفَةٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا الْإِرْسَالُ وَلَا الْإِمْسَاكُ عَلَيْنَا يُبَيِّنُ هَذَا التَّأْوِيلَ أَنَّهُ قَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا أَمْسَكَ عَلَيْك فَكُلْ فَإِنَّ أَخْذَ الْكَلْبِ ذَكَاةٌ وَالْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ أَخْذُهُ الْمُعْتَادِ ذَكَاةً وَمَعْنَى الذَّكَاةِ أَنْ تُبِيحَ أَكْلَ الْمُذَكَّى فَلَا يُفْسِدُهُ مَا وُجِدَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ أَكْلٍ وَغَيْرِهِ كَمَا لَوْ ذَبَحَهُ الصَّائِدُ ثُمَّ أَكَلَ مِنْهُ الْكَلْبُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنْ أَكَلَ فَلَا تَأْكُلْ إِلَّا أَنْ يُوجَدَ مِنْهُ غَيْرُ مُجَرَّدِ الْأَكْلِ دُونَ إرْسَالِ الصَّائِدِ لَهُ وَيَكُونُ قَوْلُهُ فَإِنْ أَكَلَ فَلَا تَأْكُلْ مَقْطُوعًا مِمَّا قَبْلَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا الْحَدِيثَ وَوَجْهُ تَأْوِيلِهِ لِإِنْكَارِ مَنْ أَنْكَرَ عَلَى مَالِكٍ مُخَالَفَتَهُ ابْنَ عُمَرَ فَبَيَّنَّا أَنَّ مَالِكًا مُخَالِفُهُ وَإِنَّمَا تَأَوَّلَهُ عَلَى وَجْهٍ سَائِغٍ وَقِيَاسٍ جَلِيٍّ.
( الْبَابُ الثَّالِثُ فِي مَعْنَى الْإِمْسَاكِ ) أَمَّا مَعْنَى الْإِمْسَاكِ.
عَلَيْنَا فَقَدْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ : إِنَّ مَعْنَاهُ أَنْ يُمْسِكَ بِإِرْسَالِنَا وَهُوَ عَلَى أُصُولِنَا بَيِّنٌ لِأَنَّ الْكَلْبَ لَا نِيَّةَ لَهُ وَلَا يَصِحُّ مِنْهُ مَيْزُ هَذَا وَإِنَّمَا يَتَصَيَّدُ بِالتَّعْلِيمِ وَإِذَا كَانَ الِاعْتِبَارُ عَلَيْنَا بِأَنْ يُمْسِكَ عَلَيْنَا أَوْ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ الْحُكْمُ يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يَتَمَيَّزَ ذَلِكَ بِنِيَّةِ مَنْ لَهُ نِيَّةٌ وَهُوَ مُرْسِلُهُ فَإِذَا أَرْسَلَهُ فَقَدْ أَمْسَكَ عَلَيْهِ وَإِذَا لَمْ يُرْسِلْهُ فَلَمْ يُمْسِكْ عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ مَعْنَى قوله تعالى مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ مِمَّا صِدْنَ لَكُمْ.
( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْكَلْبَ إِذَا لَمْ يُرْسِلْهُ الصَّائِدُ وَصَادَ بِإِرْسَالِهِ فَلَا يُؤْكَلُ مَا قَتَلَ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرْسَلْت كَلْبَك الْمُعَلَّمَ وَذَكَرْت اسْمَ اللَّهِ فَكُلْ وَفِيهِ فَإِنْ وَجَدْت مَعَ كِلَابِك أَوْ كَلْبِك كَلْبًا غَيْرَهُ فَخَشِيت أَنْ يَكُونَ أَخَذَهُ مَعَهُ وَقَدْ قَتَلَهُ فَلَا تَأْكُلْ فَإِنَّمَا ذَكَرْت اسْمَ اللَّهِ عَلَى كَلْبِك وَلَمْ تَذْكُرْهُ عَلَى غَيْرِهِ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَإِذَا انْشَلَى الْكَلْبُ بِنَفْسِهِ عَلَى الصَّيْدِ ثُمَّ أَعَانَهُ الصَّائِدُ بِالْإِشْلَاءِ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ : لَا يُؤْكَلُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ : وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُؤْكَلُ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِأَوَّلِ انْبِعَاثِهِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أَرْسَلَ مُسْلِمٌ كَلْبًا عَلَى صَيْدٍ فَانْبَعَثَ بِذَلِكَ فَأَغْرَاهُ مَجُوسِيٌّ لَمَا مَنَعَ ذَلِكَ مِنْ أَكْلِهِ وَلَوْ أَرْسَلَهُ مَجُوسِيٌّ ثُمَّ أَغْرَاهُ مُسْلِمٌ مَا أُكِلَ صَيْدُهُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ : وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ بِإِشْلَائِهِ تَمَادَى عَلَى الصَّيْدِ فَوَجَبَ أَنْ يُطْرَحَ مَا كَانَ مِنْ جَرْيِهِ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا يُعْتَبَرُ بِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى قَصْدِ قَاصِدٍ أَرْسَلَهُ.
( مَسْأَلَةٌ ) فَإِنْ أَرْسَلَهُ عَلَى صَيْدٍ فَصَادَ غَيْرَهُ فَقَتَلَهُ لَمْ يُؤْكَلْ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ : يُؤْكَلُ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا صَيْدٌ لَمْ يُرْسِلْ عَلَيْهِ فَلَمْ يَحِلَّ أَكْلُهُ أَصْلُهُ إِذَا انْبَعَثَ مِنْ غَيْرِ إرْسَالٍ.
( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا ثَبَتَ أَنَّ الصَّيْدَ يَحْتَاجُ أَنْ يُعْتَبَرَ بِالنِّيَّةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُعْتَبَرَ ذَلِكَ فِي جَمَاعَةٍ يَرَاهَا الصَّائِدُ أَوْ يَرَى بَعْضَهَا أَوْ لَا يَرَى شَيْئًا مِنْهَا وَتُحْصَرُ بِمَوْضِعٍ لَا تَخْتَلِطُ بِغَيْرِهَا فِي الْأَغْلَبِ كَالْغَارِ فِيهِ الصَّيْدُ يُرْسِلُ جَارِحَهُ وَيَنْوِي جَمِيعَ مَا فِيهِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ : لَا يَصِحُّ إرْسَالُهُ إِلَّا عَلَى مَا يَرَاهُ حِينَ الْإِرْسَالِ وَأَمَّا مَا لَا يَرَاهُ إِذَا كَانَ الْمَوْضِعُ مِمَّا لَا يَنْحَصِرُ وَلَا يَمْتَنِعُ مِنْ دُخُولِ غَيْرِهِ مِنْ الصَّيْدِ إِلَيْهِ كَالْغَيْضَةِ وَالْجَوْبَةِ مِنْ الْأَرْضِ فَقَدْ جَوَّزَ الْإِرْسَالَ عَلَى مَا فِيهَا أَصْبَغُ وَمَنَعَ مِنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَيَتَخَرَّجُ الْقَوْلَانِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ وَأَقْوَالُ أَصْحَابِنَا فِيهَا عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ فَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَجُوزُ الْإِرْسَالُ عَلَى مَا لَا يَرَاهُ إِذَا أُمِنَ مِنْ امْتِزَاجِ غَيْرِهِ بِهِ كَالْغَارِ وَلَا يَجُوزُ إِذَا لَمْ يَأْمَنْ ذَلِكَ كَالْغِيَاضِ وَمَذْهَبُ أَصْبَغَ يَجُوزُ الْإِرْسَالُ عَلَى مَا فِي جِهَةٍ مُعَيَّنَةٍ سَوَاءٌ كَانَتْ مِمَّا يَصِلُ إلَيْهَا صَيْدٌ غَيْرُ مَا فِيهَا كَالْغِيَاضِ أَوْ مِمَّا لَا يَصِلُ إِلَيْهِ كَالْغَارِ وَمَذْهَبُ أَشْهَبَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُرْسِلَ إِلَّا عَلَى مَا يَرَاهُ وَأَمَّا الْإِرْسَالُ عَلَى غَيْرِ تَعْيِينٍ مِثْلُ أَنْ يُرْسِلَهُ عَلَى كُلِّ صَيْدٍ يَقُومُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ إِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِعَدَمِ التَّعْيِينِ كَمَا لَوْ أَرْسَلَهُ وَنَوَى كُلَّ صَيْدٍ فِي الْعَالَمِ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ وَإِنْ قَتَلَ.
وَإِنْ لَمْ يَقْتُلْ يُرِيدُونَ قَتْلَ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ لِأَنَّ قَتْلَهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذَكَاةٌ إِذَا أَخَذَهُ الْأَخْذَ الْمُعْتَادَ فَجَرَحَهُ فَمَاتَ مِنْ جُرْحِهِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنْ صَاحِبِهِ أَوْ أَنْفَذَ مَقَاتِلَهُ وَأَمَّا إِنْ قَتَلَهُ بِالصَّدْمِ أَوْ الضَّغْطِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يُؤْكَلُ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَرَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ أَشْهَبَ : يُؤْكَلُ وَبِهِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَالشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ قوله تعالى حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ إِلَى قَوْلِهِ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَهَذِهِ نَطِيحَةٌ لَمْ تُذَكَّ فَلَا يَجُوزُ أَكْلُهَا وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ هَذِهِ آلَةُ الصَّيْدِ فَإِذَا قَتَلَتْ مِنْ غَيْرِ جُرْحٍ لَمْ تُؤْكَلْ أَصْلُ ذَلِكَ السَّهْمُ وَالْمِعْرَاضُ وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ حَدِيثُ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِذَا أَرْسَلْت كَلْبَك الْمُعَلَّمَ وَذَكَرْت اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى فَكُلْ وَإِنْ قَتَلَ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ أَنْ يُجْرَحَ أَوْ لَا يُجْرَحُ وَمِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا صَيْدٌ مَاتَ بِفِعْلِ الْجَارِحِ فَجَازَ أَكْلُهُ أَصْلُ ذَلِكَ جُرْحُهُ فَأَمَّا إِذَا مَاتَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُدْرِكَهُ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ : إِنَّ قَوْلَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ وَلَا نَعْلَمُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا فِي الْمَذْهَبِ.
.
( فَصْلٌ ) وَإِنْ لَمْ يَقْتُلْ مَعْنَى ذَلِكَ إِنْ لَمْ يَقْتُلْ فَأَدْرَكْت ذَكَاتَهُ فَذَكَّيْتُهُ لِأَنَّ ذَكَاةَ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ هِيَ الذَّكَاةُ الْمَعْهُودَةُ وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَكَاتِهِ حَتَّى قَتَلَهُ الْكَلْبُ سَوَاءٌ أَدْرَكَهُ أَوْ لَمْ يُدْرِكْهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَكْلُهُ لِأَنَّ قَتْلَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ ذَكَاتُهُ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ وَإِنْ أَكَلَ وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ هُوَ مَذْهَبُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَذَلِكَ إِنْ أَكَلَ الْكَلْبُ مِنْ الصَّيْدِ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ قَتْلِهِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ قَتْلَهُ ذَكَاةٌ قَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ فَلَا يَضُرُّ مَا طَرَأَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ قَتْلِهِ كَمَا لَا يَضُرُّ الذَّبِيحَةُ مَا طَرَأَ عَلَيْهَا بَعْدَ تَمَامِ ذَكَاتِهَا.
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي الْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ كُلْ مَا أَمْسَكَ عَلَيْكَ إِنْ قَتَلَ وَإِنْ لَمْ يَقْتُلْ و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك أَنَّهُ سَمِعَ نَافِعًا يَقُولُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَإِنْ أَكَلَ وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ
عن مالك عن نافع، أن عبد الرحمن بن أبي هريرة، سأل عبد الله بن عمر «عما لفظ البحر، فنهاه عن أكله»، قال نافع، ثم انقلب عبد الله فدعا بالمصحف، فقرأ: {أحل...
عن سعد الجاري، مولى عمر بن الخطاب أنه قال: سألت عبد الله بن عمر عن الحيتان يقتل بعضها بعضا أو تموت صردا؟ فقال «ليس بها بأس»، قال سعد ثم سألت عبد الله...
عن أبي هريرة، وزيد بن ثابت أنهما كانا: «لا يريان بما لفظ البحر بأسا»
عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، أن ناسا من أهل الجار قدموا فسألوا مروان بن الحكم «عما لفظ البحر»؟ فقال: «ليس به بأس»، وقال: اذهبوا إلى زيد بن ثابت، وأبي هر...
عن أبي ثعلبة الخشني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أكل كل ذي ناب من السباع حرام»
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أكل كل ذي ناب من السباع حرام» قال مالك: وهو الأمر عندنا
عن عبد الله بن عباس أنه قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة ميتة كان أعطاها مولاة لميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «أفلا انتفعتم بجل...
عن عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دبغ الإهاب فقد طهر»
عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر: «أن يستمتع بجلود الميتة إذا دبغت»