حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

هذا نكاح السر ولا أجيزه ولو كنت تقدمت فيه لرجمت - موطأ الإمام مالك

موطأ الإمام مالك | كتاب النكاح باب جامع ما لا يجوز من النكاح (حديث رقم: 1117 )


1117- عن أبي الزبير المكي، أن عمر بن الخطاب أتي بنكاح لم يشهد عليه إلا رجل وامرأة، فقال:: هذا نكاح السر ولا أجيزه ولو كنت تقدمت فيه لرجمت "

أخرجه مالك في الموطأ


إسناده منقطع

شرح حديث (هذا نكاح السر ولا أجيزه ولو كنت تقدمت فيه لرجمت)

المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)

( ش ) : قَوْلُهُ أُتِيَ بِنِكَاحٍ لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ إِلَّا رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ يُرِيدُ أَنَّهُ انْفَرَدَ بِالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ وَلَمْ يَشْهَدْ بِهِ سِوَاهُمَا وَفِي هَذَا بَابَانِ أَحَدُهُمَا مُقَارَنَةُ الشَّهَادَةِ لِعَقْدِ النِّكَاحِ وَالثَّانِي ذِكْرُ مَنْ يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِ عَقْدُ النِّكَاحِ.
‏ ‏( الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي مُقَارَنَةِ الشَّهَادَةِ لِعَقْدِ النِّكَاحِ ) ‏ ‏أَمَّا مُقَارَنَةُ الشَّهَادَةِ لِعَقْدِ النِّكَاحِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ الْأَفْضَلُ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي عَدِّ ذَلِكَ عِنْدَنَا شَرْطًا فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ وَيَجُوزُ عِنْدَنَا أَنْ يَنْعَقِدَ النِّكَاحُ بِغَيْرِ شَهَادَةٍ ثُمَّ يَقَعُ الْإِشْهَادُ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَبِهِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ وَمِنْ الْمُحَدِّثِينَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِي وَزَيْدُ بْنُ هَارُونَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ وَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ أَوْ أَعْمَيَيْنِ أَوْ مَحْدُودَيْنِ فِي قَذْفٍ وَيَجُوزُ فِيهِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ النِّكَاحِ مُقَارَنَةُ الشَّهَادَةِ لِعَقْدِهِ فَإِنْ عَرَا عَنْ الشَّهَادَةِ حِينَ الْعَقْدِ وَجَبَ فَسْخُهُ لِفَسَادِهِ وَأَقَلُّ ذَلِكَ شَاهِدَا عَدْلٍ وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَابْنُ حَنْبَلٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالنَّخَعِيِّ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ عَلَى مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ أَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ خَيْبَرَ وَالْمَدِينَةِ ثَلَاثًا بَنَيْنَا عَلَيْهِ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ وَدَعَوْت الْمُسْلِمِينَ إِلَى وَلِيمَةٍ فَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ خُبْزٍ وَلَا لَحْمٍ أَمَرَ بِالْأَنْطَاعِ فَأُلْقَى فِيهَا مِنْ التَّمْرِ وَالْأَقِطِ السَّمْنِ فَكَانَتْ وَلِيمَتُهُ.
فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ : إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ , فَقَالُوا إِنْ حَجَبَهَا فَهِيَ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَإِنْ لَمْ يَحْجُبْهَا فَهِيَ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ.
فَلَمَّا ارْتَحَلَ وَطَّأَ لَهَا خَلْفَهُ وَسَدَلَ الْحِجَابَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ النَّاسِ فَوَجْهُ الدَّلِيلِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا إِنْ حَجَبَهَا فَهِيَ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَلَوْ كَانَ أَشْهَدَ عَلَى نِكَاحِهَا لَعَلِمُوا ذَلِكَ بِالْإِشْهَادِ , وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا عَقْدٌ لِاسْتِبَاحَةِ الْبُضْعِ فَلَمْ يَفْتَقِرْ إِلَى الشَّهَادَةِ كَالرَّجْعَةِ وَشِرَاءِ الْأَمَةِ وَدَلِيلٌ ثَانٍ فَإِنَّ هَذَا عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ فَلَمْ تَكُنْ مُفَارِقَةُ الشَّهَادَةِ شَرْطًا فِي صِحْته كَالْإِجَارَةِ.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَإِذَا عَقَدَ النِّكَاحَ وَلَمْ يَحْضُرْهُ شُهُودٌ ثُمَّ أَقَرَّ وَأَشْهَدَا عَلَيْهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَمْ يُفْسَخْ النِّكَاحُ وَإِنْ بَنَى وَلَمْ يُشْهِدَا فَقَدْ رَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَرَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ تَعَرِّي عَقْدِ النِّكَاحِ مِنْ الشَّهَادَةِ لَا ذَرِيعَةَ فِيهِ إِلَى الْفَسَادِ , وَتَعَرِّي الْوَطْءِ وَالْبِنَاءِ مِنْ الشَّهَادَةِ فِيهِ الذَّرِيعَةُ إِلَى الْفَسَادِ , فَمُنِعَ مِنْهُ لِذَلِكَ , وَلَوْ جَازَ لِكُلِّ مَنْ وُجِدَ مَعَ امْرَأَةٍ فِي خَلْوَةٍ أَوْ أَقَرَّ بِجِمَاعِهَا أَنْ يَدَّعِيَ النِّكَاحَ لَارْتَفَعَ حَدُّ الزِّنَا عَنْ كُلِّ زَانٍ وَالتَّعْزِيرُ فِي الْخَلْوَةِ فَمُنِعَ مِنْ ذَلِكَ لِيَرْتَفِعَ هَذَا الْمَعْنَى فَمَتَى وَقَعَ الْبِنَاءُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَمْنُوعِ فُسِخَ مَا اُدُّعِيَ مِنْ النِّكَاحِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ دَخَلَ وَلَمْ يُشْهِدْ إِلَّا شَاهِدًا وَاحِدًا فَسِخَ النِّكَاحُ وَيَتَزَوَّجُهَا بَعْدَ أَنْ تَسْتَبْرِئَ بِثَلَاثِ حَيْضَاتٍ إِنْ أَحَبَّ.
‏ ‏( فَرْعٌ ) وَهَلْ عَلَيْهِمَا حَدٌّ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْمَسِيسِ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ أَنَّهُ إِنْ كَانَ أَمْرُهُمَا دَرْءَ الْحَدِّ عَنْهُمَا عَالِمَيْنِ كَانَا أَوْ جَاهِلَيْنِ وَالشَّاهِدُ الْوَاحِدُ عَلَى نِكَاحِهِمَا أَوْ مَعْرِفَةِ بِنَائِهِمَا بِاسْمِ النِّكَاحِ وَذِكْرُهُ وَإِظْهَارُهُ كَالْأَمْرِ الْفَاشِي مِنْ نِكَاحِهِمَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَقَدْ كَانَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ إِنْ كَانَا مِمَّنْ لَا يُعْذَرَانِ بِجَهَالَةٍ حُدَّا وَإِنْ كَانَ أَمْرُهُمَا فَاشِيًا.
وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّ الْإِفْشَاءَ فِي النِّكَاحِ وَالْإِعْلَانَ بِهِ أَبْلُغُ فِي إظْهَارِهِ مِنْ الْإِشْهَادِ لِأَنَّهُ لَوْ انْفَرَدَ الْإِشْهَادُ وَاقْتَرَنَ بِهِ الْكِتْمَانُ لَفَسَدَ الْعَقْدُ وَبِالْإِعْلَانِ يُفَارِقُ صِفَةَ الزِّنَا وَيَمْتَنِعُ فَسَادُهُ فَإِذَا وُجِدَ الْإِعْلَانُ بِهِ انْتَفَى الْحَدُّ.
وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْإِفْشَاءَ وَالْإِظْهَارَ إِذَا قَصَرَ عَنْ الثُّبُوتِ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْكِتْمَانِ وَالِاسْتِسْرَارِ الَّذِي يَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ مَعَ أَنَّهُ لَا يُعْلِمُ الْإِمَامَ الَّذِي يَرْفَعُ إِلَيْهِ ذَلِكَ فَشَقَّ هَذَا الْأَمْرُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ عِنْدَهُ بَذْلِك وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
‏ ‏( الْبَابُ الثَّانِي فِي صِفَةِ مَنْ يَثْبُتُ النِّكَاحُ بِشَهَادَتِهِ ) ‏ ‏لَا يَثْبُتُ بِأَقَلِّ مِنْ شَاهِدَيْنِ مِنْ الرِّجَالِ وَلَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْلُهُ تَعالَى فِي الطَّلَاقِ وَقِيلَ فِي الرَّجْعَةِ.
‏ ‏( وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ ) وَالْأَمْرُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا مَعْنًى يُثْبِتُ حُكْمًا فِي الْبَدَنِ فَإِذَا لَمْ يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ بِانْفِرَادِهِنَّ لَمْ يَثْبُتْ بِشَهَادَتِهِنَّ مَعَ الرِّجَالِ كَالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ وَدَلِيلٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنَّ هَذَا جِنْسٌ لَا يَثْبُتُ النِّكَاحُ بِاثْنَيْنِ مِنْهُ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَدْخَلٌ فِي الشَّهَادَةِ بِهِ كَالْعَبِيدِ وَالْفُسَّاقِ.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُ عُمَرَ رَضِى اللَّهُ عَنْهُ هَذَا نِكَاحُ السِّرِّ وَلَا أُجِيزُهُ يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ النِّكَاحِ غَيْرَ أَنَّ تَعْلِيلَهُ لِمَنْعِهِ بِأَنَّهُ مِنْ نِكَاحِ السِّرِّ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي نِكَاحِ السِّرِّ فَمَنَعَ مِنْهُ مَالِكٌ وَقَالَ إنَّهُ يُفْسَخُ إِنْ وَقَعَ وَبِهِ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ لَا يُفْسَخُ وَاسْتِدْلَالُ أَصْحَابِنَا فِي ذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأَسْوَدِ الْقُرَشِيُّ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : أَعْلِنُوا بِالنِّكَاحِ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ الِاسْتِسْرَارَ بِالنِّكَاحِ مَمْنُوعٌ لِمُشَابِهَةِ الزِّنَا الَّذِي يُتَوَاطَأُ عَلَيْهِ سِرًّا فَيَجِبُ أَنْ لَا يَجُوزَ النِّكَاحُ إِلَّا عَلَى وَجْهٍ يَتَمَيَّزُ مِنْ الزِّنَا وَلِذَلِك شُرِعَ فِيهِ ضَرْبٌ مِنْ اللَّهْوِ وَالْوَلِيمَةِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْإِعْلَانِ فِيهِ.
‏ ‏( فَرْعٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ الَّذِي يُرَاعَى فِيهِ تَرْكُ التَّوَاطُؤِ عَلَى الْكِتْمَانِ وَمَعْنَى ذَلِكَ عَقْدُهُ دُونَ ذِكْرِ كِتْمَانٍ وَلَا إعْلَانٍ فَمَتَى عَقَدَ عَلَى هَذَا فَهُوَ عَقْدٌ صَحِيحٌ حَتَّى يَقْتَرِنَ بِهِ التَّوَاطُؤُ عَلَى الْكِتْمَانِ وَقَدْ اتَّفَقْنَا عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَقْتَرِنَ بِعَقْدِ النِّكَاحِ أَحَدُ أَمْرَيْنِ الْإِشْهَادُ عِنْدَ مَنْ يُخَالِفُنَا أَوْ تَرْكُ التَّوَاطُؤِ عَلَى الْكِتْمَانِ عِنْدَنَا وَقَدْ اتَّفَقْنَا عَلَى أَنَّ النِّكَاحَ يَخْتَصُّ بِهَذَا الْمَعْنَى دُونَ سَائِرِ الْعُقُودِ وَكُلُّ مَا يُلْزِمُنَا الْمُخَالِفُ فِي مَسْأَلَتِنَا هَذِهِ يَلْزَمُهُ مِثْلُهُ فِي مَسْأَلَةِ مُقَارَنَةِ الْإِشْهَادِ لِعَقْدِ النِّكَاحِ , وَالْأَحَادِيثُ فِي ذَلِكَ مُتَقَارِبَةُ الْأَسَانِيدِ لَا يَكَادُ يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْهَا وَقَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِى اللَّهُ عَنْهُ وَمَا شَاعَ مِنْهُ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ يُقَوِّي الْمَنْعَ مِنْ الْكِتْمَانِ وَيَرْجِعُ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاةِ صِفَةٍ يَتَمَيَّزُ بِهَا النِّكَاحُ مِنْ السِّفَاحِ وَنَحْنُ لَا نُرَاعِي نَفْيَ الْكِتْمَانِ لِأَنَّهُ مِنْ أَحْكَامِ أَسْبَابِ الزِّنَا الَّذِي لَا يَكَادُ يُفَارِقُهَا وَيُرَاعَى الْإِشْهَادُ بِهِ فِي صِحَّةِ الْوَطْءِ وَمُفَارِقَتِهِ لِلزِّنَا فَكَانَ ذَلِكَ أَوْلَى مِنْ مُرَاعَاةِ الْإِشْهَادِ فِي نَفْسِ الْعَقْدِ خَاصَّةً لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِشْهَادِ فِي نَفْسِ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ وَتَصْحِيحِ الْوَطْءِ وَالتَّمْيِيزِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَطْءِ الزِّنَا وَوَجْهٌ ثَانٍ مِنْ التَّرْجِيحِ وَهُوَ أَنَّنَا لَا نَشْتَرِطُ زِيَادَةً عَلَى إطْلَاقِ الْعَقْدِ فِي صِحَّتِهِ وَإِنَّمَا نَتَّقِي إحْدَاثَ صِفَةٍ تُشَابِهُ صِفَةَ الزِّنَا وَهِيَ التَّوَاطُؤُ عَلَى الْكِتْمَانِ وَالشَّافِعِيُّ يَقُولُ : إِنَّ إطْلَاقَ الْعَقْدِ لَا يَصِحُّ عِنْدَهُ حَتَّى يَشْتَرِطَ مَعْنًى آخَرَ وَهُوَ الْإِشْهَادُ وَيَصِحُّ إِذَا اتَّفَقَا عَلَى صِفَةٍ لَيْسَتْ مِنْ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَبِهَا يُشَابِهُ الزِّنَى وَهِيَ الْكِتْمَانُ , فَكَانَ مَا قُلْنَا أَوْلَى لِأَنَّ كُلَّ عَقْدٍ صَحِيحٍ فِي الشَّرِيعَةِ فَإِنَّ إطْلَاقَهُ لِلْعَقْدِ مَعَ مَنْ يَصِحُّ عَقْدُهُ مِنْهُ يَقْتَضِي الصِّحَّةَ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَغَيْرِهَا.
‏ ‏( فَرْعٌ ) وَكُلُّ نِكَاحٍ اُسْتُكْتِمَهُ شُهُودُهُ فَهُوَ مِنْ نِكَاحِ السِّرِّ وَإِنْ كَثُرَ الشُّهُودُ.
رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَعُمَرُ عَنْ مَالِكٍ قَالَ عِيسَى سَمِعْت ابْنَ الْقَاسِمِ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ بِمِصْرَ يَقُولُ لَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ مِنْ الرِّجَالِ عَلَى هَذَا الْمَسْجِدِ ثُمَّ اُسْتُكْتِمُوا كَانَ نِكَاحَ سِرٍّ.
قَالَ أَصْبَغُ وَهُوَ الْحَقُّ وَرَوَى ابْنُ مُزَيْنٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى قَالَ لَا يَكُونُ نِكَاحُ السِّرِّ إِلَّا فِي مِثْلِ الَّذِي وَقَعَ بِعَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ فَأَمَأ أَنْ يَشْهَدَ فِيهِ رَجُلَانِ عَدْلَانِ فَصَاعِدًا فَهُوَ نِكَاحٌ حَلَالٌ جَائِزٌ وَإِنْ اسْتَكْتَمَ ذَلِكَ الشُّهُودَ لِأَنَّهُ إِذَا عَلِمَهُ عَدْلَانِ فَصَاعِدًا فَلَيْسَ بِسِرٍّ.
وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مَعْقُودٌ عَلَى الْكِتْمَانِ الَّذِي يُنَافِي النِّكَاحَ وَيُشَابِهُ التَّسَبُّبَ إِلَى الزِّنَا وَإِنْ اتَّفَقَ الزَّوْجَانِ وَالْأَوْلِيَاءُ عَلَى الْكِتْمَانِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ الشُّهُودُ فَهُوَ نِكَاحُ السِّرِّ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَوَجْهُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُ عُمَرَ رَضِى اللَّهُ عَنْهُ وَلَوْ كُنْت تَقَدَّمْت فِيهِ لَرَجَمْت.
قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إنَّمَا هَذَا مِنْ عُمَرَ رَضِى اللَّهُ عَنْهُ عَلَى وَجْهِ التَّشْدِيدِ فِي الزَّجْرِ عَنْهُ وَالْمَنْعِ مِنْهُ وَلَا رَجْمَ وَلَا حَدَّ إِذَا وَقَعَ وَلَكِنْ الْعُقُوبَةُ.
وَرَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ يُعَاقَبُ الشَّاهِدَانِ إِنْ أَتَيَا ذَلِكَ عَنْ مَعْرِفَةِ أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ وَإِنْ جَهِلَا ذَلِكَ لَمْ يُعَاقَبَا زَادَ ابْنُ حَبِيبٍ وَيُعَاقَبُ النَّاكِحُ وَالْمُنْكَحُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ وَيُحْتَمَلُ عِنْدِي فِي قَوْلِ عُمَرَ رَضِى اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ يُوجِبُ الْحَدَّ فِيهِ إِذَا لَمْ يَقَعْ الْإِشْهَادُ بِهِ وَظَهَرَ بِهِمَا بَعْدَ الْبِنَاءِ وَالْإِقْرَارِ بِالْوَطْءِ مِنْ غَيْرِ إعْلَانٍ وَلَا إشْهَادٍ.
وَكَذَلِكَ رُوِيَ أَنَّ قَوْلَ عُمَرَ إنَّمَا كَانَ فِي امْرَأَةٍ مُوَلَّدَةٍ تَزَوَّجَهَا رَبِيعَةُ بْنُ أُمَيَّةَ الْجُمَحِيُّ نِكَاحَ سِرٍّ فَحَمَلَتْ مِنْهُ فَدَرَأَ عَنْهُمَا الْحَدَّ عُمَرُ رَضِى اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ تَقَدَّمَ فِي ذَلِكَ وَلَمَّا قَدَّرَ بِهِمَا مِنْ الْجَهْلِ بِمَنْعِهِ فَيَكُونُ قَوْلُ عُمَرَ لَوْ كُنْت تَقَدَّمَتْ فِيهِ لَرَجَمْت.
بِمَعْنَى أَنَّهُ لَوْ تَقَدَّمَ فِي ذَلِكَ تَقَدُّمًا لَمَنَعَ هَذَيْنِ النَّاكِحَيْنِ عِلْمُهُ وَلَا يَكُونَانِ مِمَّنْ يَجْهَلُ حُكْمَهُ فِيهِ لَرَجَمْتهمَا لِمَا ظَهَرَ مِنْ حَمْلِ الْمَرْأَةِ دُونَ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِعَقْدِ النِّكَاحِ.


حديث

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏و حَدَّثَنِي ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مَالِك ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ ‏ ‏أَنَّ ‏ ‏عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ‏ ‏أُتِيَ بِنِكَاحٍ لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ إِلَّا رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ فَقَالَ ‏ ‏هَذَا نِكَاحُ السِّرِّ وَلَا أُجِيزُهُ وَلَوْ كُنْتُ تَقَدَّمْتُ فِيهِ لَرَجَمْتُ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث موطأ الإمام مالك

نكحت في عدتها فضربها عمر بن الخطاب وضرب زوجها بالم...

عن سليمان بن يسار، أن طليحة الأسدية، كانت تحت رشيد الثقفي فطلقها، فنكحت في عدتها فضربها عمر بن الخطاب وضرب زوجها بالمخفقة ضربات، وفرق بينهما، ثم قال ع...

لا تنكح الأمة على الحرة إلا أن تشاء الحرة

عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: «لا تنكح الأمة على الحرة إلا أن تشاء الحرة، فإن طاعت الحرة فلها الثلثان من القسم»

إنها لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره

عن زيد بن ثابت أنه كان يقول في «الرجل يطلق الأمة ثلاثا، ثم يشتريها، إنها لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره»

تحل له بملك يمينه ما لم يبت طلاقها فإن بت طلاقها ف...

عن مالك، أنه سأل ابن شهاب، عن رجل كانت تحته أمة مملوكة فاشتراها، وقد كان طلقها واحدة، فقال: «تحل له بملك يمينه ما لم يبت طلاقها، فإن بت طلاقها، فلا تح...

ما أحب أن أخبرهما جميعا ونهى عن ذلك

عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن أبيه، أن عمر بن الخطاب سئل عن المرأة وابنتها من ملك اليمين توطأ إحداهما بعد الأخرى، فقال عمر: «ما أحب أن...

لو كان لي من الأمر شيء ثم وجدت أحدا فعل ذلك لجعلت...

عن قبيصة بن ذؤيب، أن رجلا سأل عثمان بن عفان عن الأختين من ملك اليمين هل يجمع بينهما؟ فقال عثمان: " أحلتهما آية، وحرمتهما آية، فأما أنا فلا أحب أن أصنع...

لا تقربها فإني قد أردتها فلم أنشط إليها

عن عبد الرحمن بن المجبر، أنه قال: وهب سالم بن عبد الله لابنه جارية، فقال: «لا تقربها فإني قد أردتها فلم أنشط إليها»

رأيت جارية لي منكشفا عنها وهي في القمر فجلست منها...

عن يحيى بن سعيد، أن أبا نهشل بن الأسود قال للقاسم بن محمد: " إني رأيت جارية لي منكشفا عنها، وهي في القمر فجلست منها مجلس الرجل من امرأته، فقالت: إني ح...

لا تقربها فإني قد رأيت ساقها منكشفة

عن عبد الملك بن مروان أنه: " وهب لصاحب له جارية ثم سأله عنها فقال: قد هممت أن أهبها لابني فيفعل بها كذا وكذا، فقال عبد الملك: لمروان كان أورع منك وهب...