1132- عن ابن شهاب، وبلغه عن القاسم بن محمد أنهما كانا يقولان: «إذا نكح الحر الأمة فمسها فقد أحصنته»(1) 1555- قال مالك: " وكل من أدركت كان يقول: ذلك تحصن الأمة الحر إذا نكحها فمسها فقد أحصنته"(2)
المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)
( ش ) : قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ إِذَا تَزَوَّجَ الْحُرُّ الْأَمَةَ فَمَسَّهَا فَقَدْ أَحْصَنَتْهُ يُرِيدُ الْإِحْصَانَ الَّذِي يَجِبُ بِهِ عَلَى الْمُحْصَنِ إِذَا زَنَا الرَّجْمُ , وَالْإِحْصَانُ عَلَى أَوْجُهِ , الْإِحْصَانِ بِمَعْنَى الْحُرِّيَّةِ فِي قَوْلُهُ تَعالَى وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَالَ مَالِكٌ فَهُنَّ الْحَرَائِرُ , وَالثَّانِي الْمُحْصَنَاتُ ذَوَاتُ الْأَزْوَاجِ مِنْ قَوْلُهُ تَعالَى وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ النِّسَاءِ يُرِيدُ ذَوَاتَ الْأَزْوَاجِ , وَالثَّالِثُ الْإِحْصَانُ بِمَعْنَى الْعَفَافِ قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ رَضِى اللَّهُ عَنْهُ فِي عَائِشَةَ رَضِىَ اللَّهَ عَنْهَا حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ فِي الْمَنْعِ فَالْمَرْأَةُ تَكُونُ مُحْصَنَةً بِالْإِسْلَامِ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَمْنَعُهَا مِمَّا حَرَّمَ عَلَيْهَا وَتَكُونُ مُحْصَنَةً بِالْعَفَافِ فِي الْحُرِّيَّةِ وَمُحْصَنَةً بِالتَّزْوِيجِ , وَأَمَّا الْإِحْصَانُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فَهُوَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ مَنْ حَصَلَ لَهُ بِالزِّنَا الرَّجْمَ , فَالصِّفَاتُ الْمُتَقَدِّمَةُ مِنْ صِفَاتِ هَذَا الْوَجْهِ الْآخَرِ لِأَنَّهَا لَا تُحْصِنُ إِلَّا حُرَّةً أُصِيبَتْ بِنِكَاحٍ , وَقَدْ تَقَدَّمَ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ تَكُونَ الْمُحْصَنَاتُ بِمَعْنَى النِّسَاءِ وَانَمَا قَصَدَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ بِالْإِحْصَانِ الْوَجْهَ الْآخَرَ وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ الْأَوَّلُ فِي صِفَاتِ الْمُحْصَنِ وَالثَّانِي فِي وَصْفِ مَا يَكْمُلُ بِهِ الْإِحْصَانُ مِنْ الْعُقُودِ وَالثَّالِثُ فِي ذِكْرِ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِحْصَانُ مِنْ الْجِمَاعِ وَالرَّابِعُ مَا يَثْبُتُ بِهِ حُكْمُ الْإِحْصَانِ.
( الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي صِفَاتِ الْمُحْصَنِ ) هِيَ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا حُرًّا مُسْلِمًا يَصِحُّ مِنْهُ الْجِمَاعُ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي اعْتِبَارِ الْعَقْلِ فَأَمَّا الصَّغِيرُ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُحْصَنًا بِجِمَاعِهِ وَيُحْصِنُ الْكَبِيرَةَ وَلَا يُحْصِنُ الصَّغِيرَةَ.
قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْفِعْلَ مُضَافٌ إِلَى فَاعِلِهِ وَهُوَ الرَّجُلُ فَيَجِبُ أَنْ يُعْتَبَرَ بِحَالِهِ فَإِذَا كَانَ كَبِيرًا فَهُوَ جِمَاعٌ وَإِذَا كَانَ صَغِيرًا فَلَيْسَ بِجِمَاعٍ فَإِذَا كَانَ الْمُجَامِعُ كَبِيرًا وَالْمُجَامَعَةُ صَغِيرَةً فَلَهُ حُكْمُ الْجِمَاعِ التَّامِّ فَيَجِبُ أَنْ يُؤَثِّرَ فِي حَقِّ مَنْ كَمُلَتْ لَهُ صِفَاتُ الْإِحْصَانِ دُونَ غَيْرِهِ وَلَا يُؤَثِّرُ فِي حَقِّ مَنْ عَدِمَ فِيهَا شَرْطًا مِنْ شُرُوطِ الْإِحْصَانِ كَالصَّبِيَّةِ الَّتِي عُدِمَ فِيهَا الْبُلُوغُ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا الْحُرِّيَّةُ فَهِيَ مِنْ صِفَاتِ الْإِحْصَانِ فَإِذَا وُجِدَتْ هَذِهِ الصِّفَةُ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَوُجِدَ مِنْهَا الْجِمَاعُ فَهُمَا مُحْصَنَانِ وَمَنْ عُدِمْت فِيهِ هَذِهِ الصِّفَةُ مِنْهُمَا لَمْ يَثْبُتْ لَهُ بِالْجِمَاعِ حُكْمُ الْإِحْصَانِ وَيَثْبُتُ لِلْآخَرِ إِذَا وُجِدَتْ فِيهِ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا الْإِسْلَامُ فَإِنْ كَانَا مُسْلِمِينَ فَهُمَا بِالْجِمَاعِ مُحْصَنَانِ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ الرَّجُلُ مُسْلِمًا فَهُوَ الْمُحْصَنُ دُونَهَا لِوُجُودِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ الْإِحْصَانِ فِيهِ وَعَدَمُهُ فِيهَا , وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْمُسْلِمَةُ دُونَهُ لِأَنَّ النِّكَاحَ بَيْنَهُمَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا يَصِحُّ.
( فَرْعٌ ) وَإِذَا ثَبَتَ لِلرَّجُلِ أَوْ الْمَرْأَةِ حُكْمُ الْإِحْصَانِ ثُمَّ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ حُكْمُ الْإِحْصَانِ فَإِنْ رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ لَمْ يَكُنْ مُحْصَنًا إِلَّا بِإِحْصَانٍ مُسْتَأْنَفٍ هَذَا الْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ سَحْنُونٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ يُؤْثَرُ هَذَا الْقَوْلُ.
وَقَدْ قَالَ غَيْرُهُ مِنْ الرُّوَاةِ إِنَّ رِدَّتَهُ لَا تُسْقِطُ حَصَانَتَهُ وَلَا إيمَانَهُ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ تَعالَى لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُك وَهَذَا قَدْ أَشْرَكَ فَوَجَبَ أَنْ يَحْبَطَ كُلُّ عَمَلٍ كَانَ عَمِلَهُ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ إنَّهُ إِذَا ارْتَدَّ ثُمَّ رَاجَعَ الْإِسْلَامَ فَإِنَّ فَرِيضَةَ الْحَجِّ تَعُودُ عَلَيْهِ نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُعِيذَنَا بِرَحْمَتِهِ.
وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ هَذَا حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ الزَّوْجِيَّةِ فَلَمْ يَسْقُطْ بِالرِّدَّةِ كَالطَّلَاقِ وَلِأَنَّهُ لَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثُمَّ ارْتَدَّ لَمْ يَبْطُلْ طَلَاقُهُ وَتَعُودُ بِرِدَّتِهِ زَوْجَتُهُ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا كَوْنُهُ مِمَّنْ يَصِحُّ مِنْهُ الْجِمَاعُ فَهُوَ السَّلِيمُ الَّذِي لَيْسَ بِهِ آفَةٌ تَمْنَعُهُ الْجِمَاعَ مِثْلُ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ رَتْقَاءَ لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهَا أَوْ يَكُونَ الرَّجُلُ مَجْبُوبَ الذَّكَرِ وَلَا يُمْكِنُ وَطْؤُهُ فَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ مَا يُمْكِنُ وَطْؤُهُ بِهِ فَإِنَّهُ يَقَعُ بِهِ الْإِحْصَانُ وَإِنْ كَانَ خَصِيًّا رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَرَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْجِمَاعَ يَتَأَتَّى مِنْهُ وَقَدْ وُجِدَتْ فِيهِ سَائِرُ شُرُوطِ الْإِحْصَانِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُحْصَنًا.
( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا الْجُنُونُ فَقَدْ اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ أَصْحَابُ مَالِكٍ فَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ لَمْ يَطَأْ إِلَّا وَهِيَ مَجْنُونَةٌ وَهُوَ مُفِيقٌ فَهُوَ الْمُحْصَنُ دُونَهَا , وَإِنْ كَانَ مَجْنُونًا وَهِيَ مُفِيقَةٌ فَهِيَ الْمُحْصَنَةُ دُونَهُ , وَقَالَ أَشْهَبُ الِاعْتِبَارُ فِي ذَلِكَ بِحَالِ الزَّوْجِ فَإِنْ كَانَ مُفِيقًا دُونَهَا فَهُمَا مُحْصَنَانِ وَإِنْ كَانَ مَجْنُونًا دُونَهَا فَلَا يُحْصَنُ بِذَلِكَ أَحَدُهُمَا وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ سَوَاءٌ كَانَا مَجْنُونَيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا فَإِنَّهُمَا مُحْصَنَانِ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْمَعْنَى إِذَا كَانَ يُؤَثِّرُ فِي الْإِحْصَانِ وَجَبَ أَنْ لَا يَتَعَدَّى تَأْثِيرُهُ مَنْ وُجِدَ فِيهِ كَالْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ بِأَنَّ الْجُنُونَ لَا يُنْقِصُ مِنْ الْحُرِّيَّةِ وَمَا لَا يُنْقِصُ مِنْ الْحُرِّيَّةِ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ بِحَالِ الرَّجُلِ لِأَنَّهُ الْفَاعِلُ لِلْوَطْءِ كَوَطْءِ الصَّغِيرِ وَهَذَا خَالَفَ الرِّقَّ وَالْكُفْرَ فَإِنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَأْثِيرًا فِي نَقْصِ الْحُرِّيَّةِ فَلِذَلِكَ لَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ بِصِفَةِ الْفَاعِلِ خَاصَّةً بَلْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ حُكْمُ نَفْسِهِ وَوَجْهُ قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّ هَذَا وَطْءٌ صَحِيحٌ قَدْ وُجِدَ مِنْ بَالِغٍ مُسْلِمٍ فَوَجَبَ أَنْ يُحْصَنَ كَوَطْءِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ وَلَيْسَ عِنْدَنَا لِلْجُنُونِ تَأْثِيرٌ فِي مَنْعِ الْإِحْصَانِ.
( الْبَابُ الثَّانِي فِي وَصْفِ مَا يَكْمُلُ بِهِ الْإِحْصَانُ مِنْ الْعُقُودِ ) وَهُوَ الْعَقْدُ الصَّحِيحُ اللَّازِمُ الَّذِي لَا خِيَارَ فِيهِ فَأَمَّا الْعَقْدُ الْفَاسِدُ فَلَا يَكُونُ بِهِ الْإِحْصَانُ وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ كُلُّ نِكَاحٍ كَانَ حَرَامًا أَوْ فَاسِدًا يُفْسَخُ لِفَسَادِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا يُحْصِنُ الْوَطْءُ فِيهِ.
وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْإِحْصَانَ لَمَّا كَانَ مُتَعَلِّقًا بِالْكَمَالِ وَتَمَامِ الْحُرْمَةِ لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ الْعَقْدُ الْفَاسِدُ لِأَنَّهُ مُضَادٌّ لِلْكَمَالِ وَمُنَافٍ لَهُ فَلَا تَحْصُلُ بِهِ صِفَاتُ الْكَمَالِ.
( فَرْعٌ ) فَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ مِمَّا يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ وَوَطِئَ بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْلِ وَفِي الْوَقْتِ الَّذِي يُحْكَمُ بِصِحَّتِهِ وَإِثْبَاتِهِ فَإِنَّهُ يَقَعُ بِهِ الْإِحْصَانُ , وَأَمَّا إِنْ وَطِئَ قَبْلَهُ وَهُوَ الَّذِي يَفُوتُ بِهِ النِّكَاحُ فَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَعِنْدِي أَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْوَجْهَيْنِ فَإِنْ قُلْنَا أَنَّهُ وَطْءٌ مَمْنُوعٌ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ الْإِحْصَانُ لِأَنَّ أَوَّلَهُ مَمْنُوعٌ وَبَاقِيَهُ كَانَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ فَيَجِبُ أَنْ لَا يَقَعَ بِهِ إحْصَانٌ وَلَا إحْلَالٌ وَإِنْ قُلْنَا أَنَّهُ مُبَاحٌ لَزِمَنَا أَنْ نَقُولَ إنَّهُ يَقَعُ بِهِ الْإِحْصَانُ لِأَنَّ تَنَاوُلَهُ حَالَ الْإِيلَاجِ وَبِهِ يَلْزَمُ النِّكَاحُ وَمَا بَعْدَهُ يَقَعُ بِهِ الْإِحْصَانُ.
( الْبَابُ الثَّالِثُ فِي ذِكْرِ مَا يَقَعُ بِهِ الْإِحْصَانُ مِنْ الْجِمَاعِ فِي الْفَرْجِ عَلَى وَجْهِ الْإِبَاحَةِ ) فَإِذَا غَابَتْ الْحَشَفَةُ أَوْ غَابَ مِنْ ذَكَرٍ مَقْطُوعِ الْحَشَفَةِ بِقَدْرِ ذَلِكَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَقَدْ وَجَبَ الْإِحْصَانُ فِي حَقِّ مَنْ اجْتَمَعَتْ لَهُ صِفَاتُ الْإِحْصَانِ أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ حُكْمٌ يَتَعَلَّقُ بِالْجِمَاعِ فَلَا اعْتِبَارَ فِيهِ لِإِنْزَالٍ كَالْحُدُودِ وَوُجُوبِ الْمَهْرِ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَهَذَا فِي الذَّكَرِ الْمُنْتَشِرِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُنْتَشِرًا فَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الَّتِي تَزَوَّجَتْ شَيْخًا كَبِيرًا فَأَدْخَلَتْ بِأُصْبُعِهَا ذَكَرَهُ فِي فَرْجِهَا إِنْ انْتَشَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَحَلَّهَا لِلْمُطَلِّقِ ثَلَاثًا وَإِنْ بَقِيَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَحِلَّهَا قَالَ مُحَمَّدٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ وَطِئَهَا فَوْقَ الْفَرْجِ فَدَخَلَ مَاؤُهُ فِي فَرْجِهَا فَأَنْزَلَتْ هِيَ لَمْ يُحْصِنْهَا ذَلِكَ وَلَمْ يُحِلَّهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَهَذَا إِذَا كَانَ الْوَطْءُ مُبَاحًا عَارِيًا مِنْ الْكَرَاهِيَةِ , وَأَمَّا إِذَا تَعَلَّقَتْ بِهِ كَرَاهِيَةٌ أَوْ تَحْرِيمٌ كَوَطْءِ الصَّائِمِ أَوْ الْمُحْرِمِ أَوْ الْمُعْتَكِفِ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ الْإِحْصَانُ هَذَا الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَبِهِ يَأْخُذُ مُطَرِّفُ زَادَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَكَذَلِكَ الْحَائِضُ وَالْمُظَاهَرُ مِنْهَا.
وَرَوَى مَالِكٌ يُحْصِنُ وَلَا يُحِلُّ لِلْمُطَلِّقِ ثَلَاثًا وَبِهِ قَالَ الْمُغِيرَةُ وَابْنُ دِينَارٍ وَانْفَرَدَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ بِقَوْلِهِ يُحِلُّ وَيُحْصِنُ وَبِهِ يَأْخُذُ ابْنُ حَبِيبٍ وَوَجْهُ نَفْيِ الْإِحْصَانِ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ مَعْنًى يُؤَثِّرُ فِي الْإِحْصَانِ فَوَجَبَ أَنْ يَقَعَ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ كَعَقْدِ النِّكَاحِ.
وَوَجْهُ إثْبَاتِ الْإِحْصَانِ أَنَّ هَذَا الْوَطْءَ لَا يُؤَثِّرُ فِي النِّكَاحِ لِأَنَّهُ وَطْءٌ مُبَاحٌ وَإِنَّمَا وَقَعَ عَلَى صِفَةٍ مَحْظُورَةٍ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ وُقُوعَ الْإِحْصَانِ بِهِ.
( فَرْعٌ ) إِذَا قُلْنَا إِنَّ الصَّائِمَ يَمْنَعُ الْإِحْصَانَ فَالَّذِي رَوَى مُحَمَّدٌ أَنَّ الصَّائِمَةَ تَمْنَعُ الْإِحْصَانَ وَلَمْ يُفَصِّلْ قَالَ وَهَكَذَا كُلُّ مَا نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مُوَاقَعَةِ الْجِمَاعِ فِيهِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مَا كَانَ مِنْ صِيَامِ نَذْرٍ مَعِينٍ أَوْ صِيَامِ رَمَضَانَ أَوْ كَفَّارَةِ قَتْلٍ أَوْ ظِهَارٍ أَوْ يَمِينٍ أَوْ فدية أَذًى أَوْ كُلِّ صَوْمٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَاجِبٍ فَهَذَا الَّذِي اخْتَلَفَ فِيهِ أَصْحَابُنَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا صِيَامُ التَّطَوُّعِ أَوْ قَضَاءُ رَمَضَانَ أَوْ نَذْرٌ غَيْرُ مُعَيَّنٍ فَمُجْمَعٌ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ الْوَطْءَ فِي ذَلِكَ يُحِلُّ وَيُحْصِنُ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ.
( الْبَابُ الرَّابِعُ فِيمَا يَثْبُتُ بِهِ حُكْمُ الْإِحْصَانِ ) حُكْمُ الْإِحْصَانِ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا وَيَتَّفِقَا عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْوَطْءِ فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ أَحَدُهُمَا وَأَنْكَرَهُ الْآخَرُ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ الْإِحْصَانُ لِلْمُقِرِّ وَلَا لِلْمُنْكِرِ.
رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ وَزَادَ سَحْنُونٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ بَعْضُ الرُّوَاةِ يَقُولُ لَهَا أَنْ تُسْقِطَ مَا أَقْرَرْت بِهِ مِنْ الْإِحْصَانِ قَبْلَ أَنْ يُوجَدَ فِي زِنًا وَبَعْدَهُ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْإِحْصَانَ حُكْمٌ يَلْزَمُهَا بِالْوَطْءِ فَلَا يَثْبُتُ إِلَّا بِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ بِهِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي مَا احْتَجَّ الْقَائِلُ بِهِ مِنْ أَنَّ لِلزَّوْجَةِ إِذَا كَانَتْ هِيَ الْمُقِرَّةُ أَنْ تَقُولَ أَرَدْت بِالْإِقْرَارِ أَخْذَ الْمَهْرِ وَلِلزَّوْجِ أَنْ يَقُولَ أَرَدْت أَنْ أُثْبِتَ عَلَيْهَا الرَّجْعَةَ وَأُوجِبَ عَلَيْهَا الْعِدَّةَ , وَالْحُدُودُ تُؤَثِّرُ فِي إسْقَاطِهَا الشُّبْهَةُ , وَلَمَّا كَانَ يَجُوزُ إسْقَاطُ الْحَدِّ جُمْلَةً بِالرُّجُوعِ عَنْ الْإِقْرَارِ فَكَذَلِكَ يَجُوزُ إسْقَاطُ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ بِالْإِنْكَارِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَالرُّجُوعِ إِلَى شُبْهَةٍ.
( مَسْأَلَةٌ ) فَإِنْ طَالَتْ مُدَّةُ مَقَامِهَا عِنْدَ الزَّوْجِ الْعِشْرِينَ سَنَةً وَنَحْوِهَا ثُمَّ وُجِدَتْ تَزْنِي فَأَنْكَرَتْ وَطْءَ الزَّوْجِ وَأَقَرَّ بِهِ الزَّوْجُ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ هِيَ مُحْصَنَةٌ قَالَ سَحْنُونٌ وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ مِنْ الرُّوَاةِ لِأَنَّهَا تُرِيدُ أَنْ تَدْفَعَ بِإِنْكَارِهَا حَقًّا وَجَبَ , لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهَا فِيهِ دَعْوَى , وَفِي كِتَابِ الرَّجْمِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ إِنْ طَالَ مَقَامُهَا مَعَهُ ثُمَّ زَنَى فَقَالَ لَمْ أُجَامِعْهَا , إنَّهُ إِنْ لَمْ يُعْلَمْ وَطْؤُهُ إيَّاهَا بِوَطْءٍ ظَاهِرٍ أَوْ إقْرَارٍ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَيَحْلِفُ , فَإِنْ عُلِمَ مِنْهُ إِقْرَارٌ بِالْوَطْءِ رُجِمَ قَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ وَهَذِهِ خَيْرٌ مِنْ الَّتِي فِي كِتَابِ النِّكَاحِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ إِنَّ حَدَّهَا الرَّجْمُ إِذَا أَنْكَرَتْ الْوَطْءَ بَعْدَ الزِّنَا وَلَوْ لَمْ يَبِتْ عِنْدَهَا إِلَّا لَيْلَةً وَاحِدَةً قَالَ مُحَمَّدٌ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ.
( فَرْعٌ ) وَهَذَا إِذَا كَانَ بَعْدَ الزِّنَا وَأَمَّا إِذَا طَالَتْ الْمُدَّةُ وَاخْتَلَفَا فِي الْوَطْءِ قَبْلَ الزِّنَا فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ مُحْصَنَةً وَإِنْ كَانَ قَدْ أَقَامَ مَعَهَا الدَّهْرَ الطَّوِيلَ وَالسِّنِينَ الْكَثِيرَةَ فَارَقَهَا فِي ذَلِكَ أَوْ لَمْ يُفَارِقْهَا رَوَاهُ مُحَمَّدٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ لِأَنَّ طُولَ الْمُقَامِ لَا يَمْنَعُهَا إنْكَارَ الْوَطْءِ كَمَا لَوْ ادَّعَتْ عَلَيْهِ الْعَنَتَ لَكَانَ لَهَا ذَلِكَ بَعْدَ طُولِ الْمُدَّةِ فَكَذَلِكَ فِي مَسْأَلَتِنَا مِثْلُهُ.
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ ابْنِ شِهَابٍ وَبَلَغَهُ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ إِذَا نَكَحَ الْحُرُّ الْأَمَةَ فَمَسَّهَا فَقَدْ أَحْصَنَتْهُ قَالَ مَالِك وَكُلُّ مَنْ أَدْرَكْتُ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ تُحْصِنُ الْأَمَةُ الْحُرَّ إِذَا نَكَحَهَا فَمَسَّهَا فَقَدْ أَحْصَنَتْهُ
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " نهى عن متعة النساء يوم خيبر، وعن أكل لحوم الحمر الإنسية"
عن عروة بن الزبير أن خولة بنت حكيم دخلت على عمر بن الخطاب فقالت: إن ربيعة بن أمية استمتع بامرأة فحملت منه، فخرج عمر بن الخطاب فزعا يجر رداءه، فقال: «ه...
عن مالك، أنه سمع ربيعة بن أبي عبد الرحمن يقول: «ينكح العبد أربع نسوة» قال مالك: «وهذا أحسن ما سمعت في ذلك»
عن ابن شهاب، أنه بلغه أن نساء كن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلمن بأرضهن، وهن غير مهاجرات، وأزواجهن حين أسلمن كفار.<br> منهن بنت الوليد بن ال...
عن ابن شهاب، أن أم حكيم بنت الحارث بن هشام، وكانت تحت عكرمة بن أبي جهل، فأسلمت يوم الفتح وهرب زوجها عكرمة بن أبي جهل من الإسلام حتى قدم اليمن فارتحلت...
عن أنس بن مالك، أن عبد الرحمن بن عوف جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبه أثر صفرة، فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أنه تزوج، فقال له رس...
عن يحيى بن سعيد أنه قال: لقد بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان «يولم بالوليمة ما فيها خبز ولا لحم»
عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دعي أحدكم إلى وليمة فليأتها»
عن أبي هريرة، أنه كان يقول: «شر الطعام طعام الوليمة، يدعى لها الأغنياء، ويترك المساكين، ومن لم يأت الدعوة فقد عصى الله ورسوله»