1136-
عن ابن شهاب، أنه بلغه أن نساء كن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلمن بأرضهن، وهن غير مهاجرات، وأزواجهن حين أسلمن كفار.
منهن بنت الوليد بن المغيرة.
وكانت تحت صفوان بن أمية.
فأسلمت يوم الفتح.
وهرب زوجها صفوان بن أمية من الإسلام.
فبعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عمه وهب بن عمير.
برداء رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أمانا لصفوان بن أمية.
ودعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام.
وأن يقدم عليه.
فإن رضي أمرا قبله.
وإلا سيره شهرين , فلما قدم صفوان على رسول الله صلى الله عليه وسلم بردائه، ناداه على رءوس الناس , فقال: يا محمد إن هذا وهب بن عمير جاءني بردائك.
وزعم أنك دعوتني إلى القدوم عليك.
فإن رضيت أمرا قبلته , وإلا سيرتني شهرين.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انزل أبا وهب» فقال: لا والله.
لا أنزل حتى تبين لي.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بل لك تسير أربعة أشهر» فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل هوازن بحنين.
فأرسل إلى صفوان بن أمية يستعيره أداة وسلاحا عنده.
فقال صفوان: أطوعا أم كرها؟ فقال: «بل طوعا» , فأعاره الأداة والسلاح الذي عنده.
ثم خرج صفوان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو كافر فشهد حنينا والطائف , وهو كافر، وامرأته مسلمة، ولم يفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين امرأته حتى أسلم صفوان.
واستقرت عنده امرأته بذلك النكاح"(1) 1566- عن ابن شهاب، أنه قال «كان بين إسلام صفوان , وبين إسلام امرأته نحو من شهرين»(2) 1567- قال ابن شهاب: «ولم يبلغنا أن امرأة هاجرت إلى الله ورسوله، وزوجها كافر مقيم بدار الكفر، إلا فرقت هجرتها بينها وبين زوجها إلا أن يقدم زوجها مهاجرا قبل أن تنقضي عدتها»(3)
(1) هذا الحديث لا أعلمه يتصل من وجه صحيح وهو حديث مشهور وشهرة هذا الحديث أقوى من إسناده إن شاء الله (3) مرسل
المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)
( ش ) : قَوْلُهُ إِنَّ نِسَاءً كُنَّ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُسْلِمْنَ بِأَرْضِهِنَّ وَهُنَّ غَيْرُ مُهَاجِرَاتٍ وَأَزْوَاجُهُنَّ حِينَ أَسْلَمْنَ كُفَّارٌ مِنْهُنَّ بِنْتُ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَهِيَ عَاتِكَةُ بِنْتُ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ إِلَى قَوْلِهِ أَسْلَمَتْ عَامَ الْفَتْحِ يُحْتَمَلُ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ أَنْ تَكُونَ أَسْلَمَتْ فِي وَقْتً تُمْكِنُ الْهِجْرَةُ فِيهِ وَذَلِكَ قَبْلَ الْفَتْحِ لِأَنَّهُ قَالَ أَسْلَمْنَ بِأَرْضِهِنَّ وَلَمْ يُهَاجِرْنَ وَأَزْوَاجُهُنَّ كُفَّارٌ وَلَوْ كَانَ وَقْتٌ لَا يُمْكِنُ فِيهِ الْهِجْرَةُ لَمَا احْتَاجَ إِلَى نَفْيِ الْهِجْرَةِ عَنْهُنَّ لِأَنَّ تِلْكَ حَالُ سَائِرِ النِّسَاءِ لَا يُمْكِنُ سِوَاهَا ثُمَّ قَالَ مِنْهُنَّ بِنْتُ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ ثُمَّ أَسْلَمَتْ عَامَ الْفَتْحِ وَمَنْ أَسْلَمَ عَامَ الْفَتْحِ قَبْلَ الْفَتْحِ فَإِنَّمَا أَسْلَمَتْ فِي وَقْتٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْهِجْرَةُ وَأَمَّا مَنْ أَسْلَمَتْ بَعْدَ الْفَتْحِ فَقَدْ فَاتَتْهَا الْهِجْرَةُ لِأَنَّهُ لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَعَاتِكَةُ إِذَا أَسْلَمَتْ يَوْمَ الْفَتْحِ وَفِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَرَّ زَوْجُهَا صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ لَكِنَّهُ إنَّمَا أَضَافَهَا إِلَى مَنْ لَمْ تُهَاجِرْ وَوَصَفَهَا بِعَدَمِ الْهِجْرَةِ لِأَنَّ الْقُرْآنَ إنَّمَا أُنْزِلَ بِحُكْمِ مَنْ هَاجَرَ وَسَيَأْتِي بَعْدَ هَذَا حُكْمُ مَنْ هَاجَرَ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ وَهَرَبَ زَوْجُهَا مِنْ الْإِسْلَامِ يُرِيدُ أَنَّهُ فَرَّ لِئَلَّا يَدْخُلَ فِيهِ وَلَمْ يَفِرَّ مِنْ الْقَتْلِ لِأَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ أَمِنَ مِنْ الْقَتْلِ وَقَدْ عَرَفَ ذَلِكَ صَفْوَانُ وَغَيْرُهُ لَكِنَّ فِرَارَهُ كَانَ مِنْ الْإِسْلَامِ الَّذِي أَبَاهُ وَعَلَيْهِ قُوتِلَ حَتَّى أَظْهَرَ اللَّهُ تَعَالَى الدِّينَ فَذَلِكَ قوله تعالى وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنْ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَ عَمِّهِ وَهْبَ بْنَ عُمَيْرٍ بِرِدَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَانًا لِصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ وَدَعَاهُ إِلَى الْإِسْلَامِ وَإِلَى أَنْ يَقْدُمَ عَلَيْهِ فَإِنْ رَضِيَ أَمْرًا قَبِلَهُ وَإِلَّا سَيَّرَهُ شَهْرَيْنِ يُرِيدُ أَنَّهُ أَرْسَلَ ابْنَ عَمِّهِ لِسُكُونِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ إِلَى قَوْلِهِ وَثِقَتِهِ بِهِ وَقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَمَعْرِفَتِهِ بِإِشْفَاقِهِ وَقَرَنَ بِهِ رِدَاءَهُ لِيَتَحَقَّقَ بِذَلِكَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ مَا وَرَدَ عَلَيْهِ بِهِ وَهْبُ بْنُ عُمَيْرٍ مِنْ تَأْمِينِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ وَدُعَائِهِ إِيَّاهُ إِلَى مَا ذَكَرَهُ لَهُ عَلَى حَسْبِ عَادَةِ الْعَرَبِ فِي ذَلِكَ مِنْ أَنَّ مَنْ أَمَّنَ مِنْهُمْ أَحَدًا أَعْطَاهُ سَوْطَهُ أَوْ رِدَاءَهُ أَوْ حَبْلًا أَوْ شَيْئًا يَكُونُ كَالشَّاهِدِ لَهُ عَلَى التَّأْمِينِ وَيُشْهَرُ بِهِ تَأْمِينُهُ لَهُ وَقَوْلُهُ وَدَعَاهُ إِلَى الْإِسْلَامِ بِمَعْنَى أَنْ يَعْرِضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ وَيُبَيِّنَ لَهُ شَرَائِعَهُ وَأَحْكَامَهُ وَهَدْيَهُ فَإِنْ رَضِيَهُ الْتَزَمَهُ وَدَخَلَ فِيهِ وَقَبِلَهُ مِنْهُ وَإِنْ كَرِهَ ذَلِكَ سَيَّرَهُ شَهْرَيْنِ يَعْنِي أَنَّهُ يُؤَمِّنُهُ فِيهِمَا لَا يَعْرِضُ لَهُ أَحَدٌ حَكَاهُ ابْنُ مُزَيْنٍ عَنْ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ وَعِنْدِي أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا كَانَ لِيَتَمَكَّنَ فِيهِمَا مِنْ الْخُرُوجِ إِلَى حَيْثُ يَأْمَنُ مِنْ بِلَادِ الشِّرْكِ وَسَائِرِ الْأُمَمِ قَالَ أَبُو الْمُطَرِّفِ الْقَنَازِعِيُّ رَحَمِهُ اللَّهُوَهَذَا أَصْلٌ فِي عَقْدِ الصُّلْحِ بَيْنَ الْمُشْرِكِينَ وَالْمُسْلِمِينَ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَعَلَى حَسْبِ مَا يَرَوْنَهُ مَصْلَحَةً لَهُمْ وَمَا قَالَهُ لَيْسَ بِالْبَيِّنِ وَإِنَّمَا هُوَ تَأْمِينٌ لِرَجُلٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ لِيَرَى الْإِسْلَامَ وَحَالَهُ فَإِنْ رَضِيَهُ دَخَلَ فِيهِ وَإِلَّا كَانَ آمِنًا مُدَّةً يُمْكِنُهُ أَنْ يَبْلُغَ مَأْمَنَهُ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنْ يُسَمِّيَ التَّأْمِينَ صُلْحًا مَجَازًا أَوْ اتِّسَاعًا أَوْ لِأَنَّ الْمُؤَمَّنَ أَيْضًا يَأْمَنُهُ مَنْ أَمَّنَهُ لَكِنْ لِهَذَا الْمَعْنَى اسْمٌ يَخْتَصُّ بِهِ وَهُوَ التَّأْمِينُ وَالصُّلْحُ أَيْضًا اسْمٌ لِمَعْنًى آخَرَ يَخْتَصُّ بِهِ وَتَخْتَلِفُ أَحْكَامُهُمَا لِأَنَّ الْمُصَالَحَ يَمْلِكُ نَفْسَهُ وَيَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُهُ وَالْمُؤَمَّنُ لَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ وَلَا يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُهُ وَإِنَّمَا يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ مَنْ أَمَّنَهُ عَلَى حَسْبِ مَا يَأْتِي تَفْسِيرُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَلَمَّا قَدِمَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ أَنَّهُ نَادَاهُ عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ هَذَا وَهْبُ بْنُ عُمَيْرٍ جَاءَنِي بِرِدَائِك يَزْعُمُ أَنَّك دَعَوْتنِي إِلَى الْقُدُومِ عَلَيْك يُرِيدُ أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ حِينَ قُدُومِهِ نَادَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ يُرِيدُ إشْهَارَ تَأْمِينِهِ وَالْإِعْلَانَ بِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعَ كُفْرِهِ قَدْ خَافَ أَمْرًا مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ لَمْ يُشْهِرْ تَأْمِينَهُ مَعَ مَا عُلِمَ مِنْ وَفَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَّهُ لَمْ يَغْدِرْ قَطُّ بِذِمَّةٍ عَرَفَ ذَلِكَ مِنْ حَالِهِ الْمُؤْمِنُ وَالْكَافِرُ وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ لِهِرَقْلَ حِينَ سَأَلَهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَغْدِرُ ؟ قَالَ لَا وَنَحْنُ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ لَا نَدْرِي مَا هُوَ فَاعِلٌ فِي ذَلِكَ.
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ قَالَ ذَلِكَ وَأَعْلَنَ بِهِ لِيَعْلَمَ عِلْمَ ذَلِكَ أَصْحَابُهُ فَرُبَّمَا خَفَى ذَلِكَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ فَاغْتَالَهُ وَبَدَرَ بِقَتْلِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ صَفْوَانُ أَرَادَ تَحْقِيقَ مَا جَاءَ بِهِ ابْنُ عَمِّهِ لِتَجْوِيزِهِ الْوَهْمَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ تُسْتَعْمَلُ هَذِهِ اللَّفْظَةُ لِمَنْ قَامَ بِقَوْلٍ يَقُولُهُ وَيُعْلِنُ بِهِ وَالنَّاسُ جُلُوسٌ مُنْصِتُونَ بِمَعْنَى أَنَّهُ عَلَى رُءُوسِهِمْ وَأَنَّهُ يُسْمِعُ جَمِيعَهُمْ وَلَمْ يُخْبِرْ بِذَلِكَ إخْبَارَ الْجَالِسِ لَدَى مَنْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ وَحَادَثَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْلِسْ أَبَا وَهْبٍ فَكَنَّاهُ وَهِيَ كُنْيَةُ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ مُزَيْنٍ عَنْهُ لَا بَأْسَ أَنْ يُكَنَّى الْيَهُودِيُّ وَالنَّصْرَانِيُّ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ وَكَانَ مُشْرِكًا قَالَ ابْنُ مُزَيْنٍ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يُكَنَّى الْيَهُودِيُّ وَلَا النَّصْرَانِيُّ الذِّمِّيُّ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَلْزَمَهُمْ الذِّلَّةَ وَالصَّغَارَ وَفِي تَكْنِيَتِهِ إكْرَامُهُ وَتَعْظِيمُهُ وَإِنَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو الْعَرَبَ خَاصَّةً بِكُنَاهَا مَعَ الْإِشْرَاكِ اسْتِئْلَافًا لَهَا بِذَلِكَ وَلِمَنْ كَانَ وَرَاءَهَا مِنْ عَشَائِرِهَا كَمَا جَاءَ عَنْهُ أَنَّهُ مَنَّ عَلَى غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَسْرَى الْعَرَبِ الْمُشْرِكِينَ أَطْلَقَهُمْ امْتِنَانًا وَاسْتِئْلَافًا بِغَيْرِ فِدَاءٍ فَكَانَ الْغَيْرُ إنَّمَا قَصَرَ ذَلِكَ عَلَى مُشْرِكِي الْعَرَبِ دُونَ غَيْرِهِمْ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ يَحْتَاجُ إِلَى تَأَمُّلٍ وَتَقْسِيمٍ وَذَلِكَ أَنَّ الْكُنَى قَدْ يُدْعَى بِهَا عَلَى غَيْرِ سَبِيلِ الْإِكْرَامِ إمَّا لِشُهْرَتِهَا وَأَنَّهَا تُغْلَبُ عَلَى الِاسْمِ وَيُشْتَهَرُ بِهَا صَاحِبُهَا دُونَ الِاسْمِ فَهَذَا لَا اخْتِلَافَ فِي جَوَازِهِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ فَكَنَّاهُ لِاشْتِهَارِهِ بِكُنْيَتِهِ فَلَمْ يُرِدْ إكْرَامَهُ بِهَذَا وَلَا اسْتِئْلَافَهُ فَفِي السُّورَةِ مِنْ ذَمِّهِ وَالْإِخْبَارِ بِأَنَّهُ سَيَصْلَى النَّارَ مَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ غَلَبَتْ الْكُنَى عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَبِي بَكْرٍ وَأَبِي عُبَيْدَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِمْ وَغَلَبَتْ الْأَسْمَاءُ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ كَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ بِالِانْتِسَابِ إِلَى أَسْمَائِهِمْ وَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَلَمْ يَقُلْ أَنَا ابْنُ أَبِي الْحَارِثِ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَضَعَ مِنْ جَدِّهِ وَلَا قَصَدَ إِلَى تَصْغِيرِ حَالِهِ وَلِذَلِكَ قَالَ لِحَسَّانَ لَمَّا اسْتَأْذَنَهُ فِي هِجَاءِ قُرَيْشٍ كَيْفَ بِنَسَبِي فِيهِمْ فَقَالَ لَأَسُلَّنك مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ فَقَدْ يُدْعَى بِالْكُنَى عَلَى مَعْنَى الشُّهْرَةِ وَغَلَبَتِهَا وَقَدْ يَكُونُ مِنْ النَّاسِ مَنْ لَا اسْمَ لَهُ وَاسْمُهُ كُنْيَتُهُ كَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ وَغَيْرِهِمَا وَأَمَّا الْكُنْيَةُ عَلَى سَبِيلِ الْإِكْرَامِ فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يُدْعَى بِهَا مَنْ لَيْسَ بِمُسْلِمٍ أَوْ لَا هِيَ الَّتِي يَصِحُّ فِيهَا الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَقَالَ لَا وَاَللَّهِ حَتَّى تُبَيِّنَ لِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَلْ لَك تَسْيِيرُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ حَتَّى تُبَيِّنَ مَا أَنَفَذْت بِهِ إلَيَّ هَلْ هُوَ عَلَى مَا بَلَغَنِي فَأَنْزِلَ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ فَأَنْظُرَ فِيهِ فَيَكُونُ التَّبَيُّنُ حِينَئِذٍ لَهُ خَاصَّةً لِيَعْلَمَ وَجْهَ التَّأْمِينِ كَيْفَ هُوَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ حَتَّى تُبَيِّنَ لِي بِأَنْ يَسْمَعَ هَؤُلَاءِ تَأْمِينَك لِي فَآمَنُ فِي الْمُسْتَقْبِلِ إِذَا اُشْتُهِرَ الْأَمَانُ أَوْ تُعْلِمَ بِذَلِكَ مِنْ أَصْحَابِك فَلَا يَكُونُ مِنْهُمْ مَنْ أَخَافُ إِذَايَتَهُ فَأَجَابَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالزِّيَادَةِ فِي التَّأْمِينِ عَلَى مَا بَلَغَهُ وَرَضِيَهُ فَقَالَ بَلْ لَك تَسْيِيرُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَلَى هَذَا اسْتَقَرَّ أَمْرُ التَّسْيِيرِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَإِنَّمَا بَالَغَ فِي ذَلِكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتِئْلَافًا لَهُ وَاسْتِمَالَةً إِلَى الْإِسْلَامِ وَلِيَعْلَمَ أَنَّهُ لَيْسَ الْغَرَضُ فِي قَتْلِهِ وَلَا التَّشَفِّي مِنْهُ لِعَدَاوَتِهِ وَإِنَّمَا الْغَرَضُ أَنْ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ فَيَدْخُلَ فِيهِ فَيُكَفِّرَ عَنْهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ سَيِّئِ عَمَلِهِ وَقَدْ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِىَ اللَّهَ عَنْهَا وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ قَطُّ إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةٌ مِنْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَيَنْتَقِمُ لِلَّهِ بِهَا وَإِنَّمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ ذَلِكَ لِمَا اُفْتُرِضَ عَلَيْهِ مِنْ الْجِهَادِ وَمَا أَوْجَبَ عَلَيْهِ رَبُّهُ مِنْ قِتَالِ مَنْ لَا يَدْخُلُ فِي الْإِسْلَامِ وَلَا يُقِرُّ بِهِ فَمَنْ أَقَرَّ بِهِ وَدَخَلَ فِيهِ أَطْرَحَ عَدَاوَتَهُ وَأَظْهَرَ مَوَدَّتَهُ وَلَمْ يَبْلُغْ بِأَحَدٍ أَكْثَرَ مِمَّا بَلَغَ بِوَحْشِيٍّ قَاتِلِ حَمْزَةَ قَالَ لَهُ هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُغَيِّبَ عَنِّي وَجْهَك.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ هَوَازِنَ بِجَيْشٍ فَأَرْسَلَ إِلَى صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ أَنْ يَسْتَعِيرَهُ أَدَاةً وَسِلَاحًا عِنْدَهُ فَقَالَ صَفْوَانُ أَطَوْعًا أَمْ كَرْهًا فَقَالَ بَلْ طَوْعًا يُرِيدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا خَرَجَ إِلَى حُنَيْنٍ قَبْلَ هَوَازِنَ اسْتَعَارَ مِنْ صَفْوَانَ أَدَاةً وَسِلَاحًا كَانَتْ عِنْدَهُ وَالْعَارِيَةُ مُبَاحَةٌ مِنْ الْكَافِرِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ لَا يَجُوزُ أَنْ يَلْبَسَ الْمُسْلِمُ ثَوْبًا لَبِسَهُ كَافِرٌ حَتَّى يَغْسِلَهُ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ الثِّيَابِ الَّتِي يُفْسِدُهَا الْغَسْلُ فَلْيَلْبِسْهَا وَيُصَلِّي فِيهَا دُونَ أَنْ يَغْسِلَهَا فَعَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَنْ لَبِسَهَا مِنْ الصَّحَابَةِ لَمْ يَسْتَدِمْ لُبْسَهَا حِينَ الصَّلَاةِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهَا لِأَنَّ الدُّرُوعَ مِمَّا يُفْسِدُهَا الْغَسْلُ وَأَمَّا أَحْكَامُ الْعَارِيَةِ إِذَا تَلِفَتْ عِنْدَ الْمُعَارِ فَنَحْنُ نَذْكُرُهَا فِي مَوَاضِعِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ ثُمَّ رَجَعَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَاهُ إِلَى الْخُرُوجِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا خَرَجَ بِاخْتِيَارِهِ وَلَمْ يَدْعُهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى ذَلِكَ لِمَا رُوِيَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ لَا يَسْتَعِينُ بِمُشْرِكٍ وَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ الْخُرُوجِ لَمَّا رَجَا أَنْ يَرَى فِي طَرِيقِهِ وَسَفَرِهِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يُقَوِّي فِي نَفْسِهِ أَمْرَ الْإِسْلَامِ فَيَكُونُ سَبَبًا لِإِسْلَامِهِ وَهَلْ الْمَنْعُ لَمْ يَتَنَاوَلْ خُرُوجَهُ مَعَهُ وَإِنَّمَا يَتَنَاوَلُ اسْتِعَانَتَهُ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَشَهِدَ حُنَيْنًا وَالطَّائِفَ وَهُوَ كَافِرٌ وَامْرَأَتُهُ مُسْلِمَةٌ وَلَمْ يُفَرِّقْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ حَتَّى أَسْلَمَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ يُرِيدُ لَمْ يَفْسَخْ نِكَاحَهُ وَأَمَّا التَّفْرِقَةُ بِأَنْ لَا يُجَامِعَهَا فَهِيَ مُتَيَقِّنةٌ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهَا الرَّاوِي فِي حَدِيثِهِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى أَقْوَالٍ فَعِنْدَ مَالِكٍ أَنَّ الزَّوْجَةَ لَا تَبِينُ مِنْ زَوْجِهَا الْكَافِرِ بِنَفْسِ إسْلَامِهَا وَبِهِ قَالَ عَطَاءُ وَابْنُ شِهَابٍ وَعَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ وَجَمَاعَةٌ وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ إِذَا أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ بِسَاعَةٍ حَرُمَتْ عَلَيْهِ وَحَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ هَذَا وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا وَمَرَاسِيلُ ابْنِ شِهَابٍ لَا يُحْتَجُّ بِهَا غَيْرَ أَنَّ هَاتَيْنِ الْقِصَّتَيْنِ قِصَّةَ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ وَقِصَّةَ عِكْرِمَةَ قَدْ شُهِرَتَا وَتَوَاتَرَ خَبَرُهُمَا فَكَانَ ذَلِكَ يَقُومُ لَهُمَا مَقَامَ الْإِسْنَادِ الْمُتَّصِلِ وَقَدْ رَوَى وَكِيعٌ عَنْ أَسْمَاءَ وَعَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةً أَسْلَمَتْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ زَوْجُهَا بَعْدَهَا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهَا كَانَتْ أَسْلَمَتْ مَعِي فَرَدَّهَا عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَدِيمُ مِلْكَ عِصْمَتِهِ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى كُفْرِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمْ ا أَنَّهَا تُخَيَّرُ فَإِنْ شَاءَتْ فَارَقَتْهُ وَإِنْ شَاءَتْ قَرَّتْ عِنْدَهُ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْتَدِيمُ مِلْكَ عِصْمَتِهَا مَعَ بَقَائِهِ عَلَى كُفْرِهِ قَوْلُهُ تَعالَى فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَهَذَا نَصٌّ فِي تَحْرِيمِ الْمُهَاجِرَاتِ فَهُوَ حُجَّةٌ فَإِنْ سَلِمَ قِسْنَا عَلَيْهِ غَيْرَ الْمُهَاجِرَاتِ فَقُلْنَا إِنَّ هَذِهِ حُرَّةٌ مُسْلِمَةٌ فَلَا يَجُوزُ إقْرَارُهَا تَحْتَ الْكَافِرِ أَوْ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَدِيمَ الْكَافِرُ مِلْكَ عِصْمَتِهَا كَالْمُهَاجِرَةِ.
( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ إسْلَامُهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ إسْلَامُهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يُسْلِمَا جَمِيعًا أَوْ يُسْلِمَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ فَإِنْ أَسْلَمَا جَمِيعًا فِي وَقْتٍ مِثْلِ أَنْ يَأْتِيَا جَمِيعًا مُسْلِمِينَ فَفِي النَّوَادِرِ أَنَّهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا فَإِنْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَتَقَدَّمَ الزَّوْجُ أَوْ الزَّوْجَةُ فَإِنْ تَقَدَّمَ الزَّوْجُ فَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ بَعْدَ هَذَا وَإِنْ تَقَدَّمَتْ الزَّوْجَةُ فَقَدْ رَوَى عِيسَى بْنُ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي النَّصْرَانِيِّ تُسْلِمُ زَوْجَتُهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ هُوَ مَكَانَهُ فَلَا رَجْعَةَ لَهُ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَيَتَخَرَّجُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ فِي إسْلَامِ الزَّوْجَةِ قَبْلَ الْبِنَاءِ تَقَعُ الْفُرْقَةُ بِنَفْسِ إسْلَامِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ إسْلَامَ الزَّوْجَةِ إِذَا لَمْ يَتْبَعْهُ إسْلَامُ الزَّوْجِ وَقَعَتْ بِهِ الْفُرْقَةُ وَإِذَا تَبِعَهُ إسْلَامُ الزَّوْجِ لَمْ تَقَعْ بِهِ فُرْقَةٌ دُونَ اعْتِبَارِ إسْلَامِ الزَّوْجِ لَمَّا بَقِيَا عَلَى نِكَاحِهِمَا وَإِنْ أَسْلَمَ الزَّوْجُ فِي عِدَّةِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَلَا يَقَعُ ذَلِكَ مِنْ حَالِهِمَا إِلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ يُمْكِنُ فِيهَا مَعْرِفَةُ مَا يَكُونُ مِنْ الزَّوْجِ فِي ذَلِكَ فَإِذَا وَقَعَ إسْلَامُ الزَّوْجَةِ كَانَ مُرَاعًى عَلَى مَا يَأْتِي تَفْسِيرُهُ بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
وَجْهُ قَوْلِ أَصْبَغَ وَأَشْهَبَ عَلَى تَفْسِيرِ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّهُ مَعْنًى يُوجِبُ فُرْقَةً فِي النِّكَاحِ فَإِذَا وُجِدَ قَبْلَ الْبِنَاءِ قَطَعَ الْعِصْمَةَ وَالطَّلَاقَ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا إِنْ أَسْلَمَتْ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَإِنَّهُ إِنْ أَسْلَمَ بَعْدَهَا مَا دَامَتْ فِي عِدَّتِهَا فَهِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى عِصْمَتِهِ مَجُوسِيًّا كَانَ أَوْ كِتَابِيًّا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ وَيَكُونُ أَحَقُّ بِهَا بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهِ دُونَ رَجْعَةٍ لِأَنَّ إسْلَامَهُ كَالِارْتِجَاعِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ التَّشْغِيبَ دُخُولُ النِّكَاحِ بِمَا تَجَرَّدَ مِنْ إسْلَامِ الزَّوْجَةِ وَأَنَّهُ لَا يَحِلُّ أَنْ يَمْلِكَ عِصْمَتَهَا كَافِرٌ وَهَذَا تَشْغِيبٌ أَوْجَبَ الْعِدَّةَ وَلَمْ يُوجِبْ الْفُرْقَةَ كَالطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ فَإِذَا أَسْلَمَ الزَّوْجُ قَبْلَ انْقِطَاعِ الْمُدَّةِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَقَدْ زَالَ التَّشْغِيبُ وَانْجَبَرَ الثَّلْمُ وَصَحَّحَ إسْلَامُهُ الْعَقْدَ فَبَقِيَتْ عِنْدَهُ عَلَى حُكْمِ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى رَجْعَةٍ لِأَنَّ تَشْغِيبٌ الْعَقْدِ لَمْ يَقَعْ بِمَا تَجْبُرُهُ الرَّجْعَةُ وَإِنَّمَا وَقَعَ بِمَا يَجْبُرُهُ إسْلَامُ الزَّوْجِ وَقَدْ وُجِدَ ذَلِكَ , يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ ارْتَجَعَهَا وَبَقِيَ عَلَى كُفْرِهِ لَمْ تَصِحَّ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ رَضِى اللَّهُ عَنْهُ وَالَّذِي عِنْدِي فِي تَحْرِيمِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ إسْلَامَ الزَّوْجَةِ لَا يُوجِبُ فُرْقَةً إِذَا تَعَقَّبَهُ إسْلَامُ الزَّوْجِ فَإِذَا لَمْ يَتَعَقَّبْهُ إسْلَامُ الزَّوْجِ وَقَعَتْ بِهِ الْفُرْقَةُ وَذَلِكَ إنَّمَا يُعْرَفُ بَعْدَ مُدَّةٍ فَإِذَا وَقَعَ إسْلَامُ الزَّوْجَةِ بَعْدَ مُدَّةٍ كَانَتْ مُرَاعًى فَإِنْ تَعَقَّبَهُ إسْلَامُ الزَّوْجِ عَلِمْنَا أَنَّ إسْلَامَ الزَّوْجَةِ إسْلَامٌ لَا يُؤَثِّرُ فُرْقَةً وَإِنَّمَا يُؤَثِّرُ تَصْحِيحُ الْعَقْدِ وَإِثْبَاتُهُ فَبَقِيَا عَلَى مَا كَانَا عَقَدَاهُ مِنْ النِّكَاحِ وَأَسْلَمَا عَلَيْهِ فَلَا مَعْنَى لِرَجْعَتِهِ وَلَا لِمَا يَقُومُ مَقَامَهَا لِأَنَّ نِكَاحَهُمَا لَمْ يَطْرَأْ عَلَيْهِ إِلَّا مَا أَثَّرَ فِيهِ تَصْحِيحًا وَتَبْيِينًا وَإِنْ لَمْ يَتَعَقَّبْهُ إسْلَامُ الزَّوْجِ عَلِمْنَا أَنَّ إسْلَامَ الزَّوْجَةِ قَدْ وَقَعَتْ بِهِ الْفُرْقَةُ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا أَنَّهَا تَحْتَسِبُ بِعِدَّتِهَا إِذَا عَلِمْنَا وُقُوعَ الْفُرْقَةِ مِنْ يَوْمِ إسْلَامِهَا وَلَوْ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بِامْتِنَاعِ الزَّوْجِ مِنْ الْإِسْلَامِ أَوْ بِظُهُورِ ذَلِكَ عِنْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةٍ تَكُونُ عِدَّةً أَوْجَبَ أَنْ تَسْتَأْنِفَ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِئِذٍ لِأَنَّ الْعِدَّةَ إنَّمَا تَكُونُ مِنْ يَوْمِ تَكُونُ الْفُرْقَةُ.
( فَرْعٌ ) وَالْمُدَّةُ الْمُرَاعَاةُ فِي الدُّخُولِ بِهَا مِنْ يَوْمِ إسْلَامِهَا إِلَى انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَإِنْ أَسْلَمَا فِيهَا فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ فِيهَا فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ وَلَا سَبِيلَ لَهُ إلَيْهَا وَلَا تَوَقُّفَ فِي أَثْنَاءِ هَذِهِ الْمُدَّةِ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ : يُعْرَضُ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ فَإِنْ أَبَى فُرِّقَ بَيْنَهُمَا فَأَشَارَ إِلَى مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ قَالَ خَلَعَهَا الْإِسْلَامُ عَنْهُ كَمَا تُخْلَعُ الْأَمَةُ مِنْ الْعَبْدِ إِذَا عَتَقَتْ تَحْتَهُ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ الْعِدَّةَ مُدَّةٌ ضُرِبَتْ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا لِيَعْلَمَ مَا أَوْقَع الزَّوْجُ مِنْ الطَّلَاقِ هَلْ هُوَ بَائِنٌ أَوْ غَيْرُ بَائِنٍ فَإِنْ تَعَقَّبَهُ ارْتِجَاعٌ فِي الْعِدَّةِ عُلِمَ أَنَّهُ غَيْرُ بَائِنٍ فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُنَا مِثْلُهُ.
( فَرْعٌ ) وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْحَرْبِيِّينَ وَالذِّمِّيِّينَ وَالْوَثَنِيِّينَ وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَأَهْلُ الْأَمْصَارِ خِلَافًا لِأَهْلِ الْكُوفَةِ فِي قَوْلِهِمْ هَذَا حُكْمُ الْحَرْبِيِّينَ دُونَ الْوَثَنِيِّينَ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ فَإِنْ أَسْلَمَتْ مِنْهُمْ الْمَرْأَةُ قَبْلَ الزَّوْجِ عُرِضَ عَلَيْهِ فَإِنْ أَسْلَمَ فِي الْوَقْتِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ عُجِّلَ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا كُفْرٌ يَمْنَعُ اسْتِدَامَةَ النِّكَاحِ فَكَانَ حُكْمُهُ مَوْقُوفًا عَلَى إسْلَامِ الزَّوْجِ كَكُفْرِ الْكِتَابِيِّينَ الْحَرْبِيِّينَ.
( فَرْعٌ ) وَهَلْ تَكُونُ هَذِهِ الْفُرْقَةُ طَلَاقًا أَوْ فَسْخًا قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ هِيَ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَيْسَ ذَلِكَ بِطَلَاقٍ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا فُرْقَةٌ وَاقِعَةٌ بِاخْتِيَارِ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ كَالطَّلَاقِ المبتدا.
وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّهُ فُرْقَةٌ وَاقِعَةٌ بِالشَّرْعِ مِنْ غَيْرِ مُوقِعٍ فَكَانَتْ فَسْخًا كَالْفُرْقَةِ الْوَاقِعَةِ بِمِلْكِ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ وَهَذَا إِذَا قُلْنَا إِنَّ الْفُرْقَةَ الْوَاقِعَةَ بِالرِّدَّةِ فَسْخٌ وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ أَبِي أُوَيْسٍ وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ فَعَلَى هَذَا الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا أَنَّ فُرْقَةَ الْمُرْتَدَّةِ مِنْ نِكَاحٍ صَحَّحَهُ الْإِسْلَامُ وَالْفُرْقَةُ الْوَاقِعَةُ بِإِسْلَامِ زَوْجَةِ الْكَافِرِ فُرْقَةٌ مِنْ نِكَاحٍ لَمْ يُصَحِّحْهُ إسْلَامٌ.
( فَرْعٌ ) وَهَلْ عَلَى الْكَافِرِ الَّذِي أَسْلَمَتْ زَوْجَتُهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا نَفَقَةَ لَهَا رَوَى أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَهَا النَّفَقَةُ وَفِي رِوَايَةِ عِيسَى مَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ أَنَّهَا مُمْتَنِعَةٌ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ وَوَجْهُ رِوَايَةِ أَصْبَغَ أَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ مِنْهُ يَمْلِكُ اسْتِبَاحَةَ وَطْئِهَا كَالْمُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيَّةِ.
( ش ) : قَوْلُهُ وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ امْرَأَةً هَاجَرَتْ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَّا فَرَّقَتْ هِجْرَتُهَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا إِلَّا أَنْ يَقْدُمَ قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا يُرِيدُ مَعَ إسْلَامِهَا وَبَقَائِهِ عَلَى الْكُفْرِ وَأَمَّا لَوْ أَسْلَمَا جَمِيعًا وَهَاجَرَتْ هِيَ دُونَهُ عَلَى وَجْهٍ مُبَاحٍ فِي وَقْتِنَا هَذَا لَمَا خَرَجَتْ عَنْ عِصْمَتِهِ وَأَمَّا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَقَدْ كَانَ لِلْهِجْرَةِ أَحْكَامٌ مَخْصُوصَةٌ غَيْرَ أَنَّ الظَّاهِرَ مَا قُلْنَاهُ وَقَدْ شَرَطَ أَنْ يَقْدُمَ زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنْ يَقْدُمَ مُسْلِمًا وَلَوْ قَدِمَ كَافِرًا لَبَانَتْ مِنْهُ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ إِنْ لَمْ يُسْلِمْ فِيهَا وَقَدْ رَوَى ابْنُ إسْحَقَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدَّ ابْنَتَهُ زَيْنَبَ عَلَى أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يُحْدِثْ شَيْئًا وَاخْتَلَفَ عَنْهُ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ وَالرَّازِيُّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْفَضْلِ عَنْهُ بَعْدَ سِتِّ سِنِينَ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ عَنْهُ بَعْدَ سَنَتَيْنِ وَرِوَايَةُ عَلِيٍّ حَسْبَمَا قَدْ عُلِمَ مِنْ الضَّعْفِ وَالِاضْطِرَابِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدَّ زَيْنَبَ ابْنَتَهُ إِلَى أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنْ غَيْرِهِ وَهَذَا أَشْبَهُ وَأَقْرَبُ وَلَوْ ثَبَتَ مَا رُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ رَدَّهَا عَلَيْهِ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ لَاحْتَمَلَ أَنْ يُرِدْ بِهِ عَلَى مِثْلِ الصَّدَاقِ الْأَوَّلِ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الْفَرَائِضُ وَقَالَ قَتَادَةُ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ سُورَةُ بَرَاءَةٍ بِقَطْعِ الْعُهُودِ بَيْنَ الْمُشْرِكِينَ وَالْمُسْلِمِينَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ اسْتَكْمَلَتْ ثَلَاثَ حِيَضٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهَا مَنْسُوخًا وَثَبَتَ النَّسْخُ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهَا إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بَانَتْ مِنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
حَدَّثَنِي مَالِك عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ نِسَاءً كُنَّ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسْلِمْنَ بِأَرْضِهِنَّ وَهُنَّ غَيْرُ مُهَاجِرَاتٍ وَأَزْوَاجُهُنَّ حِينَ أَسْلَمْنَ كُفَّارٌ مِنْهُنَّ بِنْتُ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَكَانَتْ تَحْتَ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ فَأَسْلَمَتْ يَوْمَ الْفَتْحِ وَهَرَبَ زَوْجُهَا صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ مِنْ الْإِسْلَامِ فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَ عَمِّهِ وَهْبَ بْنَ عُمَيْرٍ بِرِدَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَانًا لِصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ وَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْإِسْلَامِ وَأَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهِ فَإِنْ رَضِيَ أَمْرًا قَبِلَهُ وَإِلَّا سَيَّرَهُ شَهْرَيْنِ فَلَمَّا قَدِمَ صَفْوَانُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرِدَائِهِ نَادَاهُ عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ هَذَا وَهْبَ بْنَ عُمَيْرٍ جَاءَنِي بِرِدَائِكَ وَزَعَمَ أَنَّكَ دَعَوْتَنِي إِلَى الْقُدُومِ عَلَيْكَ فَإِنْ رَضِيتُ أَمْرًا قَبِلْتُهُ وَإِلَّا سَيَّرْتَنِي شَهْرَيْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: انْزِلْ أَبَا وَهْبٍ فَقَالَ لَا وَاللَّهِ لَا أَنْزِلُ حَتَّى تُبَيِّنَ لِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَلْ لَكَ تَسِيرُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَلَ هَوَازِنَ بِحُنَيْنٍ فَأَرْسَلَ إِلَى صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ يَسْتَعِيرُهُ أَدَاةً وَسِلَاحًا عِنْدَهُ فَقَالَ صَفْوَانُ أَطَوْعًا أَمْ كَرْهًا فَقَالَ بَلْ طَوْعًا فَأَعَارَهُ الْأَدَاةَ وَالسِّلَاحَ الَّذِي عِنْدَهُ ثُمَّ خَرَجَ صَفْوَانُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ كَافِرٌ فَشَهِدَ حُنَيْنًا وَالطَّائِفَ وَهُوَ كَافِرٌ وَامْرَأَتُهُ مُسْلِمَةٌ وَلَمْ يُفَرِّقْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ حَتَّى أَسْلَمَ صَفْوَانُ وَاسْتَقَرَّتْ عِنْدَهُ امْرَأَتُهُ بِذَلِكَ النِّكَاحِ و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ كَانَ بَيْنَ إِسْلَامِ صَفْوَانَ وَبَيْنَ إِسْلَامِ امْرَأَتِهِ نَحْوٌ مِنْ شَهْرَيْنِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ امْرَأَةً هَاجَرَتْ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَزَوْجُهَا كَافِرٌ مُقِيمٌ بِدَارِ الْكُفْرِ إِلَّا فَرَّقَتْ هِجْرَتُهَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا إِلَّا أَنْ يَقْدَمَ زَوْجُهَا مُهَاجِرًا قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا
عن ابن شهاب، أن أم حكيم بنت الحارث بن هشام، وكانت تحت عكرمة بن أبي جهل، فأسلمت يوم الفتح وهرب زوجها عكرمة بن أبي جهل من الإسلام حتى قدم اليمن فارتحلت...
عن أنس بن مالك، أن عبد الرحمن بن عوف جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبه أثر صفرة، فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أنه تزوج، فقال له رس...
عن يحيى بن سعيد أنه قال: لقد بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان «يولم بالوليمة ما فيها خبز ولا لحم»
عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دعي أحدكم إلى وليمة فليأتها»
عن أبي هريرة، أنه كان يقول: «شر الطعام طعام الوليمة، يدعى لها الأغنياء، ويترك المساكين، ومن لم يأت الدعوة فقد عصى الله ورسوله»
عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، أنه سمع أنس بن مالك، يقول: إن خياطا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعه، قال أنس فذهبت مع رسول الله صلى الله...
عن زيد بن أسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا تزوج أحدكم المرأة أو اشترى الجارية، فليأخذ بناصيتها، وليدع بالبركة، وإذا اشترى البعير فليأخذ...
عن أبي الزبير المكي، أن رجلا خطب إلى رجل أخته، فذكر أنها قد كانت أحدثت، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فضربه أو «كاد يضربه» ثم قال: «ما لك وللخبر»
عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، أن القاسم بن محمد وعروة بن الزبير كانا يقولان في «الرجل يكون عنده أربع نسوة، فيطلق إحداهن البتة أنه يتزوج إن شاء، ولا ينتظ...