1212- عن عائشة أم المؤمنين أنها انتقلت حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق حين دخلت في الدم من الحيضة الثالثة، قال ابن شهاب فذكر ذلك لعمرة بنت عبد الرحمن فقالت: صدق عروة وقد جادلها في ذلك ناس، فقالوا: إن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه {ثلاثة قروء} [البقرة: ٢٢٨] فقالت عائشة: «صدقتم، تدرون ما الأقراء؟» إنما الأقراء الأطهار "(1) 1685- عن ابن شهاب أنه قال سمعت أبا بكر بن عبد الرحمن يقول: ما أدركت أحدا من فقهائنا إلا وهو يقول هذا يريد قول عائشة(2)
(1) صححه ابن الملقن.
(البدر المنير) (2) صححه العيني (نخب الأفكار)
المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)
( ش ) : قَوْلُهُ : إِنَّ عَائِشَةَ رَضِىَ اللَّهَ عَنْهَا انْتَقَلَتْ حَفْصَةَ حِينَ دَخَلَتْ فِي الدَّمِ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ يَقْتَضِي أَنَّهَا تَعْتَقِدُ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا وَاسْتِبْقَاءَ مَا كَانَ لَزِمَهَا مِنْ الْمُقَامِ بِسَبَبِهَا , وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا قَالَهُ شُيُوخُنَا مِنْ أَنَّ الْأَقْرَاءَ هِيَ الْأَطْهَارُ ; لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ الْمَدْخُولَ بِهَا مَعَ السَّلَامَةِ تَعْتَدُّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ فَذَهَبَتْ عَائِشَةُ وَأَكْثَرُ عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ أَنَّ الْأَقْرَاءَ هِيَ الْأَطْهَارُ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ , وَقَدْ احْتَجَّ مَالِكٌ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ , فَإِنَّمَا تَطْلُقُ فِي طُهْرٍ تَعْتَدُّ بِهِ وَيَحْتَجُّ لِذَلِكَ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ إذْ أَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُطَلِّقَ لِلطُّهْرِ ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ غَيْرَ أَنَّ آخِرَ الطُّهْرِ يُجْزِئُ عَنْ جَمِيعِهِ وَتَحْقِيقُ ذَلِكَ أَنَّ الْقُرْءَ الْخُرُوجُ مِنْ الطُّهْرِ إِلَى الْحَيْضِ فَإِذَا رَأَتْ الدَّمَ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَقَدْ كَمُلَتْ لَهَا ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَكَانَ لَهَا أَنْ تَنْتَقِلَ مِنْ مَوْضِعِ اعْتِدَادِهَا وَقَالَهُ أَشْهَبُ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُ عَمْرَةَ : وَقَدْ جَادَلَهَا فِي ذَلِكَ أُنَاسٌ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُجَادَلَةَ مُبَاحَةٌ عِنْدَ الصَّحَابَةِ بَلْ هِيَ مَأْمُورٌ بِهَا إِذَا كَانَتْ عَلَى وَجْهِهَا مِنْ الْقَصْدِ إِلَى الْحَقِّ وَطَلَبِ حَقِيقَةِ الْحُكْمِ , فَإِنَّ عَائِشَةَ رَضِىَ اللَّهَ عَنْهَا قَدْ أَتَتْ ذَلِكَ مَعَ جَمَاعَةٍ مِنْ النَّاسِ وَشَاعَ ذَلِكَ وَاشْتَهَرَ وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ أَحَدٌ عَلَيْهَا فَثَبَتَ أَنَّهُ إجْمَاعٌ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُمْ : إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ : وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ عَلَى مَعْنَى الْمَنْعِ لَهَا مِنْ انْتِقَالِ الْمُعْتَدَّةِ بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَجَاوَبَتْهُمْ عَائِشَةُ بِأَنَّ التَّعَلُّقَ بِالْآيَةِ صَحِيحٌ غَيْرَ أَنَّ تَأْوِيلَهَا عَلَى غَيْرِ مَا ظَنَنْتُمْ , وَذَلِكَ أَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ الْأَقْرَاءَ هِيَ الْحِيَضُ , وَإِنَّمَا الْأَقْرَاءُ الْأَطْهَارُ , وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا : إِنَّ اسْمَ الْقُرْءِ يَقَعُ عَلَى الطُّهْرِ , وَالْحَيْضِ إِلَّا أَنَّهُ فِي الطُّهْرِ أَظْهَرُ فَعَلَى هَذَا يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى الطُّهْرِ مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَنَّهُ فِيهِ أَظْهَرُ فَوَجَبَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَلَا يُعْدَلَ عَنْهُ إِلَّا بِدَلِيلٍ , وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ الْحُكْمَ الثَّانِيَ إِذَا عُلِّقَ فِي الشَّرْعِ عَلَى اسْمٍ يَتَنَاوَلُ مَعْنَيَيْنِ تَعَلَّقَ بِأَوَّلِهِمَا وُجُودًا فَإِذَا كَانَ الطَّلَاقُ فِي زَمَنِ الطُّهْرِ فَأَوَّلُ الْأَقْرَاءِ الْأَطْهَارُ فَيَجِبُ أَنْ يَتَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِهَا.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُ عَائِشَةَ لِمَنْ جَادَلَهَا فِي ذَلِكَ أَتَدْرُونَ مَا الْأَقْرَاءُ , وَإِنَّمَا الْأَقْرَاءُ الْأَطْهَارُ إِنْ كَانَتْ قَالَتْ ذَلِكَ لِمَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ فَوَاضِحٌ ; لِأَنَّهَا أَعْلَمَتْهُمْ بِمُقْتَضَاهُ فِي اللُّغَةِ , وَإِنْ كَانَتْ قَالَتْ ذَلِكَ لِمَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ اللِّسَانِ , وَالْعِلْمِ بِاللُّغَةِ فِي الْعَرَبِيَّةِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْأَقْرَاءُ وَاقِعَةً فِي الطُّهْرِ عَلَى الْحَيْضِ فَأَعْلَمَتْهُمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ فِي الشَّرْعِ الطُّهْرُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الْعَرَبِ يُرِيدُ بِهِ الطُّهْرَ وَبَعْضُهُمْ يُرِيدُ بِهِ الْحَيْضَ فَأَعْلَمَتْهُمْ أَنَّهُ فِي لُغَةِ قُرَيْشٍ الطُّهْرُ , وَأَنَّ حَمْلَهُ عَلَى مُقْتَضَاهُ فِي لُغَةِ قُرَيْشٍ أَوْلَى ; لِأَنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ بِلُغَتِهِمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ : مَا أَدْرَكْت أَحَدًا مِنْ فُقَهَائِنَا إِلَّا وَهُوَ يَقُولُ هَذَا يُرِيدُ أَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ أَحَدًا مِنْ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ إِلَّا وَهُوَ يَقُولُ : إِنَّ الْأَقْرَاءَ هِيَ الْأَطْهَارُ , وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَعَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَهُمْ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ فَيُرْجَعُ إِلَى قَوْلِهِمْ , وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأَبِي مُوسَى وَعَبْدِ اللَّهِ أَنَّ الْقُرْءَ الْحَيْضَةُ , وَقَدْ حَكَى الْقَاضِي أَبُو إسْحَقَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْأَثْرَمِ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى ذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ وَقَالَ رَأَيْت حَدِيثَ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ يَخْتَلِفُ فِي إسْنَادِهِ الْأَعْمَشُ وَمَنْصُورٌ الْحَاكِمُ وَحَدِيثُ ابْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عَلِيٍّ لَيْسَ هُوَ عِنْدِي سَمَاعًا , وَهُوَ مُرْسَلٌ أَرْسَلَهُ سَعِيدٌ عَنْ عَلِيٍّ وَحَدِيثُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي مُوسَى مُنْقَطِعٌ ; لِأَنَّ الْحَسَنَ لَمْ يَجْتَمِعْ مَعَهُ , وَالْأَحَادِيثُ عَمَّنْ قَالَ : الْأَقْرَاءُ هِيَ الْأَطْهَارُ قَوِيَّةٌ صَحِيحَةٌ فَرَجَعَ أَحْمَدُ إِلَى هَذَا.
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا انْتَقَلَتْ حَفْصَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ حِينَ دَخَلَتْ فِي الدَّمِ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَتْ صَدَقَ عُرْوَةُ وَقَدْ جَادَلَهَا فِي ذَلِكَ نَاسٌ فَقَالُوا إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ { ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ } فَقَالَتْ عَائِشَةُ صَدَقْتُمْ تَدْرُونَ مَا الْأَقْرَاءُ إِنَّمَا الْأَقْرَاءُ الْأَطْهَارُ و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ مَا أَدْرَكْتُ أَحَدًا مِنْ فُقَهَائِنَا إِلَّا وَهُوَ يَقُولُ هَذَا يُرِيدُ قَوْلَ عَائِشَةَ
عن سليمان بن يسار أن الأحوص هلك بالشام، حين دخلت امرأته في الدم من الحيضة الثالثة، وقد كان طلقها، فكتب معاوية بن أبي سفيان إلى زيد بن ثابت، يسأله عن ذ...
عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول: «إذا طلق الرجل امرأته، فدخلت في الدم من الحيضة الثالثة، فقد برئت منه، وبرئ منها» قال مالك: «وهو الأمر عندنا»
عن الفضيل بن أبي عبد الله مولى المهري، أن القاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله، كانا يقولان: «إذا طلقت المرأة فدخلت في الدم من الحيضة الثالثة، فقد بانت م...
عن مالك، أنه سمع ابن شهاب يقول: «عدة المطلقة الأقراء وإن تباعدت»
عن يحيى بن سعيد، عن رجل من الأنصار أن امرأته سألته الطلاق، فقال لها: «إذا حضت فآذنيني»، فلما حاضت آذنته، فقال: «إذا طهرت فآذنيني»، فلما طهرت آذنته فطل...
عن القاسم بن محمد وسليمان بن يسار أنه سمعهما يذكران أن يحيى بن سعيد بن العاص طلق ابنة عبد الرحمن بن الحكم البتة، فانتقلها عبد الرحمن بن الحكم، فأرسلت...
عن نافع، أن بنت سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل كانت تحت عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان، «فطلقها البتة فانتقلت»، فأنكر ذلك عليها عبد الله بن عمر
عن نافع، أن عبد الله بن عمر «طلق امرأة له في مسكن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وكان طريقه إلى المسجد، فكان يسلك الطريق الأخرى من أدبار البيوت، ك...
عن يحيى بن سعيد، أن سعيد بن المسيب سئل عن المرأة يطلقها زوجها، وهي في بيت بكراء على من الكراء؟ فقال سعيد بن المسيب: «على زوجها»، قال: فإن لم يكن عند ز...