1292- عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، أن أبان بن عثمان وهشام بن إسماعيل: «كانا يذكران في خطبتهما عهدة الرقيق في الأيام الثلاثة، من حين يشترى العبد أو الوليدة، وعهدة السنة»
المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)
( ش ) : قَوْلُهُ إِنَّ أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ وَهِشَامَ بْنَ إسْمَاعِيلَ كَانَا يَذْكُرَانِ فِي خُطْبَتِهِمَا عُهْدَةَ الرَّقِيقِ يُرِيدُ أَنَّهَا مِنْ الْأُمُورِ الْمَشْهُورَةِ الْمَعْمُولِ بِهَا الَّتِي كَانَ الْأُمَرَاءُ يَهْتَمُّونَ بِهَا وَيَجْعَلُونَهَا مِنْ أَوْكَدِ اللَّوَازِمِ حَتَّى كَادُوا يُدْخِلُونَ ذَلِكَ فِي الْخُطَبِ لِئَلَّا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ مِمَّنْ قَرُبَ مِنْ الْمَدِينَةِ وَلَا بَعُدَ عَنْهَا ; لِأَنَّ الْمَدِينَةَ كَانَتْ لَا تَنْفَكُّ عَنْ قَادِمٍ عَلَيْهَا مِنْ جَمِيعِ الْآفَاقِ , وَكَانُوا يَحْضُرُونَ الْجُمَعَ وَأَوْقَاتَ الْخُطَبِ فَيَسْمَعُونَ تَكَرُّرَ ذَلِكَ فِي الْخُطَبِ مِنْ الْأُمَرَاءِ أَوْ مِمَّنْ يَرْجِعُ إِلَى قَوْلِهِمْ وَيَمْتَثِلُ أَمْرَهُمْ , ثُمَّ لَا يُنْكِرُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ مُنْكِرٌ وَلَا يَنْهَاهُمْ عَنْهُ نَاهٍ لِكَوْنِهِ سَابِقًا مَعْمُولًا بِهِ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ الَّذِينَ يُؤْخَذُ عَنْهُمْ الْعِلْمُ وَإِلَيْهِمْ كَانَ يُرْجَعُ فِيمَا اُخْتُلِفَ فِيهِ مِنْهُ وَلِأَنَّ أَمِيرَ الْمَدِينَةِ لَمْ يَكُنْ يُدْخِلُ ذَلِكَ فِي خُطْبَتِهِ إِلَّا بَعْدَ مُشَاوِرَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ بِهَا وَمُوَافَقَتِهِمْ لَهُ عَلَيْهَا.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ عُهْدَةُ الرَّقِيقِ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ فِيهِ سِتَّةُ أَبْوَابٍ الْأَوَّلُ مِنْهَا فِي تَفْسِيرِ مَعْنَى الْعُهْدَةِ وَتَبْيِينِ أَحْكَامِهَا وَعَدَدِهَا وَالْبَابُ الثَّانِي فِي مَحَلِّ الْحُكْمِ بِهَا مِنْ الْبِلَادِ وَالْبَابُ الثَّالِثُ فِي مَحَلِّ ثُبُوتِهَا مِنْ الْمَبِيعِ وَالْبَابُ الرَّابِعُ فِي مَحَلِّ ثُبُوتِهَا مِنْ الْعُقُودِ وَالْبَابُ الْخَامِسُ فِي مُقْتَضَى ذِكْرِهَا وَالْبَابُ السَّادِسُ فِي حُكْمِ الْعِوَضِ مِنْهَا فِي تَعْجِيلٍ أَوْ تَأْخِيرٍ.
( الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ مَعْنَى الْعُهْدَةِ ) مَعْنَاهَا تَعَلُّقُ الْمَبِيعِ بِضَمَانِ الْبَائِعِ وَكَوْنُهُ مِمَّا يُدْرِكُهُ مِنْ النَّقْصِ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً , وَذَلِكَ أَنَّ الْبَيْعَ فِيمَا فِيهِ الْعُهْدَةُ لَازِمٌ لَا خِيَارَ فِيهِ , وَلَكِنَّهُ مُتَرَقَّبٌ مُرَاعًى , فَإِنْ سَلِمَ فِي مُدَّةِ الْعُهْدَةِ عُلِمَ لُزُومُهُ لِلْمُبْتَاعِ وَالْبَائِعِ جَمِيعًا , وَإِنْ أَصَابَهُ نَقْصٌ عُلِمَ لُزُومُهُ لِلْبَائِعِ وَثَبَتَ الْخِيَارُ لِلْمُبْتَاعِ فِي إمْضَائِهِ أَوْ رَدِّهِ كَعَيْبٍ دَلَّسَ بِهِ الْبَائِعُ لَا يَعْلَمُ بَرَاءَتَهُ مِنْ التَّدْلِيسِ بِالْعَيْبِ الَّذِي ظَهَرَ فِي مُدَّةِ الْعُهْدَةِ وَهِيَ مُضَافَةٌ إِلَى مِلْكِهِ لَمَّا تَعَلَّقَتْ التُّهْمَةُ بِهِ مِنْ التَّدْلِيسِ وَهِيَ مُغَلَّبَةٌ عَلَى تَجْوِيزِ بَرَاءَتِهِ وَلِذَلِكَ حَكَمْنَا عَلَيْهِ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ إِذَا وُجِدَ فِي مُدَّةِ مِلْكِهِ , وَإِنْ كُنَّا لَا نَعْلَمُ أَنَّهُ دَلَّسَ بِهِ.
( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْمَبِيعَ الَّذِي ثَبَتَتْ فِيهِ الْعُهْدَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ أَحَدُهُمَا فِيهِ اسْتِبْرَاءٌ وَمُوَاضَعَةٌ وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ , وَالثَّانِي لَيْسَ فِيهِ اسْتِبْرَاءٌ وَلَا مُوَاضَعَةٌ وَلَهُ عُهْدَتَانِ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَحْكَامٌ تَخْتَصُّ بِهَا , وَأَمَّا الْعُهْدَةُ الْأُولَى فَهِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ هَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ وَغَيْرِهِمْ وَمَنَعَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ ثُبُوتَ هَذِهِ الْعُهْدَةِ اشْتَرَطَ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ , وَاسْتَدَلَّ أَصْحَابُنَا فِي ذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ قَتَادَةُ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عُهْدَةُ الرَّقِيقِ ثَلَاثُ لَيَالٍ , وَرَوَى قَتَادَةُ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُهْدَةُ الرَّقِيقِ ثَلَاثٌ , وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الرَّقِيقَ يُمْكِنُهُ الْإِفْهَامُ وَالْإِخْبَارُ عَمَّا يَجِدُهُ مِنْ أَسْبَابِ الْمَرَضِ وَمُقَدِّمَاتِ الْعِلَلِ , فَيَتْبَعُهُ سَيِّدُهُ لِذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَتَبَيَّنَ مَرَضُهُ فَحُكِمَ فِيهِ بِالْعُهْدَةِ لِيَتَبَيَّنَ أَمْرُهُ وَيَتَّضِحَ حَالُهُ , وَوَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ هَذَا وَجْهُ احْتِيَاطٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّدْلِيسِ ويقتضى الِاخْتِلَافَ فِي الْبُيُوعِ وَالتَّخَاصُمَ فَجَازَ أَنْ يُعْتَبَرَ فِيهِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ.
أَصْلُ ذَلِكَ الْمُصَرَّاةُ.
( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَأَوَّلُ هَذِهِ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ مِنْ يَوْمِ عَقْدِ الْبَيْعِ إِنْ كَانَ الْبَيْعُ لَازِمًا , وَإِنْ كَانَ بِالْخِيَارِ فَمِنْ يَوْم يُحْكَمُ بِلُزُومِ الْعَقْدِ , وَإِنَّمَا يحسب فِيهَا بِالْيَوْمِ الْكَامِلِ فَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ قَبْلَ الْفَجْرِ اُحْتُسِبَ بِمَا بَعْدَهُ مِنْ الْأَيَّامِ , وَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ فِي بَعْضِ النَّهَارِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ إِنْ كَانَ الْبَيْعُ نِصْفَ النَّهَارِ لَمْ يُحْتَسَبْ بِذَلِكَ الْيَوْمِ , وَهَذَا الْقَوْلُ مَشْهُورٌ لِابْنِ الْقَاسِم فِي الْعَقِيقَةِ وَمُدَّةِ مَقَامِ الْمُسَافِرِ فِي الْمِصْرِ , وَأَمَّا سَحْنُونٌ فَيَقُولُ إنَّمَا يُرَاعَى الْمَقْصُودُ مِنْ الْمُدَّةِ وَتُلَفَّقُ أَبْعَاضُ الْأَيَّامِ فَيُحْتَسَبُ فِي الْمَقَامِ فِي الْمِصْرِ بِعِشْرِينَ صَلَاةً , وَيَجِيءُ عَلَى هَذَا أَنْ تُلَفَّقَ أَبْعَاضُ الْأَيَّامِ فِي الْعُهْدَةِ.
وَجْهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ التَّعَلُّقَ بِلَفْظِ الْحَدِيثِ فِي عُهْدَةِ الرَّقِيقِ ثَلَاثٌ , وَذَلِكَ لَا يَنْطَلِقُ عَلَى السَّاعَاتِ وَأَبْعَاضِ الْأَيَّامِ , وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي ذَلِكَ ثُبُوتُ حُمَّى الرِّبْعِ , وَقَدْ يَتَقَدَّمُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَيَتَأَخَّرُ فَيَجِبُ اسْتِيفَاءُ الْيَوْمِ لِتُعْلَمَ السَّلَامَةُ مِنْهُ , وَوَجْهُ مَا يَقْتَضِيه قَوْلُ سَحْنُونٍ أَنَّهُمْ يُرَاعُونَ فِي ذَلِكَ أَقْصَى مُدَّةِ أَدْوَاءِ الْأَمْرَاضِ الْمُعَيَّنَةِ الْمُعْتَادَةِ وَهِيَ حُمَّى الرِّبْعِ , وَتَبْعِيضُ الْأَيَّامِ فِيهَا مُشَاهَدٌ وَكَمَالُهَا غَيْرُ مُعْتَادٍ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الْأَصْلُ فِي مَعْنَى الْعُهْدَةِ وَجَبَ أَنَّ تَكُونَ أَيَّامُهَا سَنَةً عَلَى ذَلِكَ.
( فَرْعٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ أَنَّ الْعُهْدَةَ مِنْ وَقْتِ لُزُومِ الْبَيْعِ فَسَوَاءٌ قَبَضَ الْمُبْتَاعُ الْجَارِيَةَ الْمَبِيعَةَ أَوْ لَمْ يَقْبِضْهَا فَإِنْ كَانَتْ غَائِبَةً غَيْبَةً بَعِيدَةً تَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ مِنْ الْبَائِعِ فَإِنَّ عُهْدَةَ الثَّلَاثِ مِنْ الْبَائِعِ , فَإِذَا انْقَضَتْ نُفِيَ ضَمَانُ الْغَيْبَةِ الْبَعِيدَةِ كَمَا تَنْتِفِي نَفَقَةُ ضَمَانِ الِاسْتِبْرَاءِ بَعْدَ انْقِضَاءِ عُهْدَةِ الثَّلَاثِ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ وَهُوَ قَوْلُهُ أَنَّ ضَمَانَ الْعَبْدِ الْمُبْتَاعِ الْمُعَيَّنِ مِنْ الْبَائِعِ حَتَّى يَقْبِضَهُ الْمُبْتَاعُ , وَإِنْ لَمْ يُمْسِكُهُ بِالثَّمَنِ , وَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ لَا عُهْدَةَ فِي الْعَبْدِ الْمَبِيعِ نِصْفُهُ.
( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ عُهْدَةَ الرَّقِيقِ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ لَاحِقَةٌ لِلْبَائِعِ بِأَيِّ وَجْهٍ أَصَابَهُ نَقْصٌ أَوْ هَلَاكٌ مِمَّا يُعْلَمُ أَنَّهُ حَادِثٌ أَوْ لَا يُعْلَمُ , وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ أَحْوَالُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ أَغْلَبُ وَأَكْثَرُ أَجْرَى جَمِيعَهُ مَجْرَى غَالِبِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ مَا حَدَثَ بِهِ مِنْ الْعَيْبِ نَقْصًا فِي جَسَدِهِ أَوْ عَيْبًا يَخْتَصُّ بِنَقْصِ ثَمَنِهِ كَالْإِبَاقِ وَالسَّرِقَةِ وَالشُّرْبِ وَالزِّنَا فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ يُثْبِتُ الْخِيَارَ لِلْمُبْتَاعِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ , وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا عَيْبٌ لَوْ كَانَ بِالْمَبِيعِ قَبْلَ الْبَيْعِ لَكَانَ لِلْمُبْتَاعِ الرَّدُّ بِهِ فَإِذَا حَدَثَ فِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ كَانَ لَهُ الرَّدُّ بِهِ كَالنَّقْصِ فِي الْجَسَدِ.
( مَسْأَلَةٌ ) فَإِنْ ذَهَبَ شَيْءٌ مِنْ الْعُيُوبِ الْجَارِيَةِ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّ الْمُبْتَاعُ بَطَلَ خِيَارُهُ مِثْلُ أَنْ يَظْهَرَ بِعَيْنِهِ رَمَاصٌ فَيَذْهَبُ , وَذَلِكَ فِيمَا لَا تَنْتِفِي عَوْدَتُهُ فَأَمَّا مَا تُعْتَادُ عَوْدَتُهُ كَالْحُمَّى وَنَحْوِهَا فَإِنَّ سَحْنُونًا قَالَ لَهُ الرَّدُّ الْآنَ ; لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ الْعَوْدَةَ سَوَاءٌ رَفَعَهُ إِلَى الْحَاكِمِ حِينَ أَصَابَتْهُ الْحُمَّى أَوْ لَمْ يَرْفَعْهُ , وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَعْلَمُ ذَهَابَهَا , فَإِنْ عَاوَدَتْهُ فِي الْقُرْبِ رَدَّ , وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الثَّلَاثِ.
وَجْهُ قَوْل سَحْنُونٍ أَنَّ ذَهَابَهَا لَيْسَ بِبُرْءٍ فَلَا يَسْقُطُ الْخِيَارُ , وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّهُ عَلَى صُورَةِ الْبُرْءِ وَيَحْتَمِلُ الْمُعَاوَدَةَ فَيَجِبُ التَّوْقِيفُ حَتَّى يَعْلَمَ عَلَى أَيِّ الْوَجْهَيْنِ كَانَ رَدُّهَا بِهِ.
( فَرْعٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ , فَإِنْ طَرَأَ عَلَى الْعَبْدِ أَوْ الْأَمَةِ أَمْرٌ فَأَشْكَلَ وَقْتُ حُدُوثِهِ فَلَمْ يُدْرَأْ فِي الْعُهْدَةِ أَوْ بَعْدَهَا فَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعَبْدِ يَأْبَقُ فِي الْعُهْدَةِ , وَقَدْ تَبَرَّأَ بَائِعُهُ بِالْإِبَاقِ فَلَمْ يَعْلَمْ صِحَّتَهُ وَلَا هَلَاكَهُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْمُبْتَاعِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ أَصَابَهُ فِي الْعُهْدَةِ , وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْبَائِعِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ سَلِمَ فِي الْعُهْدَةِ.
وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ وَلَمْ يَتَيَقَّنْ مِنْهُ فِي الْعُهْدَةِ أَكْثَرَ مِنْ الْإِبَاقِ الَّذِي تَبَرَّأَ مِنْهُ فَلَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ إِلَّا بِتَيَقُّنِ سَلَامَتِهِ فِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ.
( فَرْعٌ ) وَعَلَى الْبَائِعِ نَفَقَةُ الْعَبْدِ وَكِسْوَتُهُ وَمُؤْنَتُهُ فِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ ; لِأَنَّهَا مُرَّةً تَلْحَقُهُ بِمِلْكِهِ فِي الضَّمَانِ الْعَامِّ فَلَزِمَهُ فِيهَا النَّفَقَةُ وَالْمُؤْنَةُ كَمُدَّةِ الْخِيَارِ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَلِلْمُبْتَاعِ أَنْ يُسْقِطَ الْعُهْدَةِ بَعْدَ ثُبُوتِ الْعَقْدِ وَيُسْقِطَ عَنْ الْبَائِعِ الضَّمَانَ وَالنَّفَقَةَ وَيُبْرِمَ الْعَقْدَ فَإِنْ لَمْ يُسْقِطْ الْعُهْدَةَ , وَلَكِنَّهُ أَحْدَثَ فِي الْعَبْدِ مَا يَمْنَعُ رَدَّهُ أَوْ يَقْتَضِي الرِّضَا بِهِ كَالْعِتْقِ , ثُمَّ حَدَثَ عَيْبٌ فِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ فَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ تَسْقُطُ بَقِيَّةُ الْعُهْدَةِ , وَقَالَ أَصْبَغُ وَسَحْنُونٌ الْعُهْدَةُ ثَابِتَةٌ وَيَنْفُذُ الْعِتْقِ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ , وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي عُهْدَةِ السَّنَةِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ اثْنَانِ مِثْلُ الْقَوْلَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ وَالثَّالِثُ يُرَدُّ الْعِتْقُ , وَهَذَا فِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ أَوْلَى , وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّ هَذَا عَيْبٌ حَدَثَ بَعْدَ الْعِتْقِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ بِهِ كَالْعَيْبِ يَحْدُثُ بَعْدَ الْعِتْقِ وَفِي غَيْرِ عُهْدَةِ الثَّلَاثِ , وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ تَمَامَ الْبَيْعِ وَانْبِرَامَهُ مُرَاعًى بِسَلَامَةِ الْعَبْدِ فِي مُدَّةِ الْعُهْدَةِ فَإِذَا حَدَثَ فِي الْعُهْدَةِ عَيْبٌ تَبَيَّنَ أَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَنْبَرِمْ فَيَثْبُتُ لَهُ الرُّجُوعُ ; لِأَنَّهُ كَعَيْبٍ حَدَثَ عِنْدَ الْبَائِعِ أَوْ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ الْعِتْقُ ; لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يَعْتِقَ عَبْدًا اشْتَرَاهُ , ثُمَّ يَطَّلِعَ بَعْدَ الْعِتْقِ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ , وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ أَنَّ الْعَقْدَ لَمَّا كَانَ مُرَاعًى وَمَوْقُوفًا عَلَى السَّلَامَةِ وَكَذَلِكَ الْعِتْقُ فَإِذَا دَخَلَ فِيهِ الْخِيَارُ لِحُدُوثِ الْعَيْبِ بَطَلَ الْعِتْقُ ; لِأَنَّهُ عِتْقٌ لَمْ يُصَادِفْ مِلْكَ الْمُعْتِقِ.
.
( فَصْلٌ ) وَأَمَّا الْعُهْدَةُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ عُهْدَةُ السَّنَةِ فَتَخْتَصُّ بِثَلَاثَةِ أَدْوَاءٍ الْجُنُونُ وَالْجُذَامُ وَالْبَرَصُ فَكُلُّ مَا ظَهَرَ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ مِنْ هَذِهِ الْأَدْوَاءِ فَهُوَ مِنْ الْبَائِعِ.
هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَجَمَاعَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ , وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ ذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ الْمُبْتَاعِ.
( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَالْجُنُونُ الَّذِي يَجِبُ بِهِ الرَّدُّ هُوَ ذَهَابُ الْعَقْلِ مِنْ مَسِّ الشَّيْطَانِ.
عَلَى هَذَا جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا مَدَنِيُّهُمْ وَمِصْرِيُّهُمْ إِلَّا ابْنَ وَهْبٍ فَإِنَّهُ قَالَ بِأَيِّ وَجْهٍ زَالَ عَقْلُهُ فِي السَّنَةِ مِنْ ضَرْبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَهُوَ مِنْ الْبَائِعِ , وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّ السَّنَةَ إنَّمَا جُعِلَتْ مُدَّةً لِهَذِهِ الْعُهْدَةِ مِنْ الْأَدْوَاءِ الثَّلَاثَةِ لَمَّا كَانَتْ أَدْوَاءً تُوجَدُ أَسْبَابُهَا وَيَتَأَخَّرُ وُجُودُهَا وَبِذَلِكَ فَارَقَتْ سَائِرَ الْأَدْوَاءِ , وَذَهَابُ الْعَقْلِ بِضَرْبَةٍ أَوْ مَعْنًى طَارِئٍ مَعْلُومٌ أَنَّ سَبَبَهُ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا حِينَ التَّبَايُعِ فَلَمْ يَلْزَمْ الْبَائِعَ الضَّمَانُ , وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ هَذَا ذَهَابُ عَقْلٍ فِي عُهْدَةِ السَّنَةِ فَلَزِمَ بِهِ الرَّدُّ كَمَا لَوْ كَانَ عَنْ جُنُونٍ.
( مَسْأَلَةٌ ) فَإِنْ ذَهَبَ بِالْعَبْدِ بَهَقٌ أَوْ حُمْرَةٌ أَوْ جَرَبٌ مُفْرِطٌ حَتَّى يَقْبُحَ مَنْظَرُهُ لَمْ يُرَدَّ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا الْجُذَامَ وَالْبَرَصَ ; لِأَنَّ هَذِهِ الْأَدْوَاءَ الَّتِي لَا يُبْرَأُ مِنْهَا فِي الْغَالِبِ وَيَنْعَدِمُ أَسْبَابُهَا تُذْهِبُ مُعْظَمَ ثَمَنِ الْمَبِيعِ , وَالْحُمْرَةُ وَالْجَرَبُ وَالْبَهَقُ مَعَانٍ يُبْرَأُ مِنْهَا غَالِبًا فَأَشْبَهَتْ سَائِرَ الْأَمْرَاضِ.
( مَسْأَلَةٌ ) فَإِنْ ظَهَرَ بِهِ جُنُونٌ أَوْ جُذَامٌ أَوْ بَرَصٌ بَيِّنٌ , ثُمَّ ذَهَبَ قَبْلَ الرَّدِّ فَقَالَ مَالِكٌ فِي الْجُنُونِ يُرَدُّ , وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ يُرَدُّ ; لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ لَا تُؤْمَنُ عَوْدَتُهُ كَالْجُنُونِ وَلِأَنَّ هَذِهِ الْأَدْوَاءَ لَا يَكَادُ يَبْرَأُ مِنْهَا , فَإِنْ ظَهَرَ بَعْضُ الْبُرْءِ فَإِنَّ سَبَبَهُ كَامِنٌ فَيَجِبُ بِهِ الرَّدُّ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَاَلَّذِي يُرَدُّ بِهِ مِنْ هَذِهِ الْعُيُوبِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِم مَا ظَهَرَ وَتُيُقِّنَ فِي مُدَّةِ السَّنَةِ أَوْ تُيُقِّنَ سَبَبُهُ فِي السَّنَةِ وَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ إِلَّا بَعْدَ السَّنَةِ فَلَا يُرَدُّ بِهِ وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ كِنَانَةَ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَشْهَبُ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ يُرَدُّ بِمَا تُيُقِّنَ بَعْدَ السَّنَةِ إِذَا شَكَّ فِيهِ قَبْلَ انْقِضَائِهَا , وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إِذَا تُيُقِّنَ سَبَبُهُ فِي السَّنَةِ وَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ إِلَّا بَعْدَ السَّنَةِ رُدَّ بِذَلِكَ.
وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ السَّنَةَ حَدٌّ لِظُهُورِ هَذَا الْمَعْنَى لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ أَسْبَابُ هَذَا الْمَرَضِ قَدْ اطَّلَعَ عَلَيْهَا الْبَائِعُ وَكَانَتْ مِنْ الْأَمْرَاضِ الَّتِي تَطْرَأُ مِمَّا لَا صُنْعَ فِيهَا لِلْبَائِعِ , وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ الضَّمَانَ إنَّمَا لَزِمَ بِالْعُهْدَةِ لِأَجْلِ التَّدْلِيسِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا جُنِيَ عَلَيْهِ فِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مِمَّا دَلَّسَ بِهِ الْبَائِعُ وَمَعَ هَذَا فَقَدْ لَزِمَهُ ضَمَانُهُ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَالنَّفَقَةُ وَالْمُؤْنَةُ فِي عُهْدَةِ السَّنَةِ عَلَى الْمُبْتَاعِ , وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ مَا يَرُدُّ فِيهَا هَذِهِ الْأَدْوَاءَ الثَّلَاثَةَ يُتَوَقَّعُ وُجُودُ أَسْبَابِهَا قَبْلَ الْبَيْعِ وَهِيَ زِيَادَةٌ فَلَمْ يَلْزَمْهُ ضَمَانُ مَا يَحْدُثُ وَيَتَكَرَّرُ بِتَوَقُّعِ مَا يَقِلُّ وَيَنْدُرُ وَإِذَا لَمْ يَلْزَمْهُ الضَّمَانُ عَلَى الْعُمُومِ لَمْ تَلْزَمْهُ النَّفَقَةُ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ غَلَّةٌ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ مَخْلَدُ بْنُ خَلَّادٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ , وَهَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الصِّحَّةَ مِنْ وَجْهِ الْإِسْنَادِ فَقَدْ تَعَلَّقَ بِهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَهَلْ تَدْخُلُ عُهْدَةُ الثَّلَاثِ فِي عُهْدَةِ السَّنَةِ أَمْ لَا عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ رَوَى عَنْهُ أَشْهَبُ وَابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ ابْتِدَاءَ السَّنَةِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الثَّلَاثِ وَبَعْدَ انْقِضَاءِ الِاسْتِبْرَاءِ فِيمَا فِيهِ الِاسْتِبْرَاءُ , وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْهُ أَنَّ ذَلِكَ دَاخِلٌ فِي السَّنَةِ وَأَنَّ السَّنَةَ مِنْ يَوْمِ التَّبَايُعِ , وَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْعُهْدَتَيْنِ مُتَنَافِيَتَانِ أَحْكَامُهُمَا مُخْتَلِفَةٌ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَتَدَاخَلَا , وَإِنَّمَا يَتَدَاخَلُ مِنْ الْمَدَدِ مَا تَتَّفِقُ أَحْكَامُهَا , وَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّ الْمُدَّتَيْنِ لَازِمَتَانِ بِإِطْلَاقِ الْعَقْدِ لَا تَفْتَقِرُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا إِلَى تَعْيِينِ مُدَّتِهَا فَيَكُونُ أَوَّلُهُمَا يَوْمَ الْبَيْعِ.
( الْبَابُ الثَّانِي فِي مَحَلِّ الْحُكْمِ بِهَا مِنْ الْبِلَادِ ) أَمَّا مَحَلُّ الْعُهْدَةِ مِنْ الْبِلَادِ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ الْمِصْرِيُّونَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ لَا تَلْزَمُ عُهْدَةُ الثَّلَاثِ أَهْلَ بَلَدٍ حَتَّى يَحْمِلَهُمْ السُّلْطَانُ عَلَيْهَا , وَمِثْلُ ذَلِكَ رُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ , وَرَوَى الْمَدَنِيُّونَ عَنْ مَالِكٍ يُقْضَى بِهَا بِكُلِّ بَلَدٍ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهَا أَهْلُهُ وَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُحَدِّثَهَا وَيَحْكُمَ بِهَا عَلَى مَنْ عَرَفَهَا وَجَهِلَهَا قَبْلَ التَّقَدُّمِ فِيهَا وَبَعْدَهُ.
وَجْهُ رِوَايَةِ الْمِصْرِيِّينَ أَنَّ الْعُرْفَ جَارٍ بِذَلِكَ بِالْمَدِينَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَلَمَّا كَانَ لَهُ وَجْهٌ مِنْ وُجُوهِ الصِّحَّةِ حُمِلَ عَلَيْهِ حَيْثُ الْعُرْفُ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْبِلَادِ , وَوَجْهُ رِوَايَةِ الْمَدَنِيِّينَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ مُقْتَضَى الْعَقْدِ ; لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ التَّسْلِيمِ وَفِي هَذَا الْبَابِ مَعْنًى آخَرَ يَحْتَاجُ إِلَى تَبْيِينِهِ , وَذَلِكَ أَنَّ اشْتِرَاطَ الضَّمَانِ الْمُتَّفَقِ عَلَى مَحَلِّهِ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ لِمَنْ شَرَطَ عَلَى الْبَائِعِ ضَمَانَ الْمَبِيعِ بَعْدَ قَبْضِهِ , فَإِنْ كَانَ مَحَلُّ الضَّمَانِ مُخْتَلَفًا فِيهِ فَلَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ لَهُ عُرْفٌ أَوْ لَا يَكُونَ لَهُ عُرْفٌ , فَإِنْ كَانَ لَهُ عُرْفٌ جَازَ نَقْلُهُ بِالشَّرْطِ كَبَيْعِ الْأَعْيَانِ الْغَائِبَةِ وَاشْتِرَاطِ ضَمَانِهَا مِنْ غَيْرِ مَا يَقْتَضِيه الْعَقْدُ , وَإِنْ كَانَ ثَمَّ عُرْفٌ يُوَافِقُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ عَنْ الْقَابِلِ بِذَلِك فَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ نَقْلِهِ , فَإِنْ شَرَطَ نَقْلَهُ فِي عَقْدِ بَيْعٍ عَمَّا يَقْتَضِيه الْعُرْفُ صَحَّ الْعَقْدُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ , وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ بِخِلَافِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَشَرَطَ نَقْلَهُ إِلَى مَا يَقْتَضِيه الْعَقْدُ صَحَّ الْعَقْدُ وَالشَّرْطُ , وَإِنْ شَرَطَ نَقْلَهُ عَمَّا يَقْتَضِيه الْعَقْدُ إِلَى الْعُرْفِ , فَإِنْ كَانَ لِلْعُرْفِ وَجْهٌ صَحِيحٌ صَحَّ الْعَقْدُ وَالشَّرْطُ , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَجْهٌ صَحِيحٌ بَطَلَ الْعَقْدُ وَصَحَّ الشَّرْطُ فَعَلَى هَذَا إِنْ شَرَطَ فِي غَيْرِ بِلَادِ الْعُهْدَةِ فَعَلَى قَوْلِ الْمِصْرِيِّينَ يَثْبُتُ الْعَقْدُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ ; لِأَنَّهُ شَرَطَ مَا يُخَالِفُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَالشَّرْطِ جَمِيعًا ; لِأَنَّهُ شَرَطَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ دُونَ الْعُرْفِ , فَإِنْ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ بِالْمَدِينَةِ فَعَلَى قَوْلِ الْمِصْرِيِّينَ يَثْبُتُ الشَّرْطُ وَالْعَقْدُ وَعَلَى قَوْلِ الْمَدَنِيِّينَ يَبْطُلُ الشَّرْطُ وَيَثْبُتُ الْعَقْدُ.
( فَرْعٌ ) فَإِنْ قُلْنَا بِرِوَايَةِ الْمِصْرِيِّينَ فَهَلْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُحْمَلَ غَيْرُ بِلَادِ الْعُهْدَةِ عَلَى الْعُهْدَةِ أَمْ لَا ؟ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ رَوَى عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَدِدْت أَنَّ النَّاسَ يُحْمَلُونَ عَلَى ذَلِكَ , وَرَوَى عَنْهُ أَشْهَبُ لَا يُحْمَلُ أَهْلُ الْآفَاقِ عَلَى الْعُهْدَةِ وَلْيُتْرَكُوا عَلَى حَالِهِمْ.
وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ هَذَا مَعْنًى لَهُ وَجْهُ احْتِيَاطٍ فِي بِيَاعَاتِ الرَّقِيقِ وَتَجُوزُ مَا كَثُرَ مِنْ تَدْلِيسِ النَّاسِ فِيهِ فَوَجَبَ أَنْ يُحْمَلَ النَّاسُ عَلَيْهِ كَنَصْبِ الْمِكْيَالِ وَالْمَوَازِينِ وَمَنْعِ كَسْرِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ , وَوَجْهُ رِوَايَةِ أَشْهَبَ أَنَّ عُرْفَ الْبِلَادِ إِذَا وَافَقَهُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ لَمْ يَجُزْ تَغْيِيرُ حُكْمِهِ , وَهَذَا عَلَى رِوَايَةِ الْمِصْرِيِّينَ.
( الْبَابُ الثَّالِثُ فِي مَحَلِّ ثُبُوتِهَا مِنْ الْمَبِيعِ ) أَمَّا مَحَلُّ الْعُهْدَةِ مِنْ الْمَبِيعِ فَهُوَ فِي الرَّقِيقِ خَاصَّةً وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَائِرِ الْمَبِيعَاتِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ لَهُ تَمْيِيزًا تُكْتَمُ بِهِ عُيُوبُهُ فَجُعِلَتْ الْعُهْدَةُ بِاخْتِيَارِ حَالِهِ وَتَبَيُّنِ أَمْرِهِ هَذَا الَّذِي حَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْجَهْمِ , وَهَذَا ضِدُّ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ ; لِأَنَّ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْبَيْعِ بِالْبَرَاءَةِ وَالصَّحِيحُ عِنْدِي مَا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ مِنْ أَنَّ لِلرَّقِيقِ أَفْهَامًا تُخْبِرُ عَنْ أَسْبَابِ أَمْرَاضِهِ الَّتِي يَجِدُهَا قَبْلَ ظُهُورِهَا عَلَيْهِ فَيَكُونُ كِتْمَانُ السَّيِّدِ لِمَا أَخْبَرَهُ بِهِ مِنْ أَسْبَابِ أَمْرَاضِهِ تَدْلِيسًا يَقُومُ مَقَامَ تَدْلِيسِهِ بِمَا ظَهَرَ عَلَيْهِ مِنْ عُيُوبِهِ ; لِأَنَّ خِيَارَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ إنَّمَا يَثْبُتُ حَيْثُ يَخْتَلِفُ حَالُ الْبَائِعِ وَالْمُبْتَاعِ فِي الْمَعْرِفَةِ بِالْعَيْبِ فَإِذَا اسْتَوَتْ حَالُهُمَا فِي ذَلِكَ بَطَلَ الْخِيَارُ , فَلَمَّا كَانَ سَائِرُ الْحَيَوَانِ وَالْمَبِيعَاتِ لَا يُمْكِنُهُ الْإِخْبَارُ عَمَّا يَجِدُ مِنْ أَوَائِلِ الْأَمْرَاضِ وَأَسْبَابِهَا ومباديها فِي بَاطِنِ جِسْمِهِ اسْتَوَتْ حَالُ الْبَائِعِ وَالْمُبْتَاعِ فِي ذَلِكَ فَلَمْ يَكُنْ لِلْمُبْتَاعِ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ , وَلِذَلِكَ لَمَّا كَانَتْ أَدْوَاءُ الْجُنُونِ وَالْجُذَامِ تَتَقَدَّمُ بِالْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ وَتَظْهَرُ بِاخْتِلَافِ الْفُصُولِ وَالْأَزْمِنَةِ كَانَتْ الْعُهْدَةُ فِيهَا سَنَةً لِاسْتِيفَاءِ جَمِيعِ الْفُصُولِ وَالْأَزْمِنَةِ وَلَمَّا كَانَتْ سَائِرُ الْأَدْوَاءِ لَا تَتَقَدَّمُ أَسْبَابُهَا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ كَانَ ذَلِكَ الْمِقْدَارُ عُهْدَتَهَا.
( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ هَذَا حُكْمُ مَنْ لَا يَعْقِلُ مِنْ الصِّبْيَانِ وَلَا يُمْكِنُهُ الْإِخْبَارُ عَمَّا يَجِدُ مِنْ أَسْبَابِ الْمَرَضِ ; لِأَنَّنَا إنَّمَا عَلَّلْنَا لِلْجِنْسِ دُونَ أَعْيَانِهِ وَلَمْ نُفَرِّقْ بَيْنَ مَنْ يَتَأَتَّى ذَلِكَ مِنْهُ وَبَيْنَ مِنْ لَا يَتَأَتَّى ; لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُنَا تَمْيِيزُ وَقْتِ إمْكَانِهِ مِنْ وَقْتِ تَعَذُّرِهِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ جَمِيعِهِ حُكْمَ مَا يُمْكِنُ ذَلِكَ فِيهِ , وَلِذَلِكَ جَعَلْنَا عِدَّةَ الْوَفَاةِ وَحُكْمَ الْإِحْدَادِ عَلَى الصَّغِيرَةِ لَمَّا تَعَذَّرَ عَلَيْنَا تَمْيِيزُ الصِّغَرِ مِنْ الْكِبَرِ.
( مَسْأَلَةٌ ) عُهْدَةُ الثَّلَاثِ لَازِمَةٌ فِي الْأَمَةِ الرَّائِعَةِ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الْمُوَاضَعَةُ إِلَّا أَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي جُمْلَةِ الِاسْتِبْرَاءِ إِنْ اسْتَغْرَقَهَا أَمْرُ الِاسْتِبْرَاءِ لَمَّا كَانَ حُكْمُ عُهْدَةِ الثَّلَاثِ حُكْمَهُ , فَإِنْ ذَهَبَ الِاسْتِبْرَاءُ جُمْلَةً وَلَمْ يَثْبُتْ كَاسْتِبْرَاءِ الْأَمَةِ الْحَامِلِ أَوْ شِرَاءِ الرَّجُلِ زَوْجَتَهُ فَعُهْدَةُ الثَّلَاثِ فِيهَا ثَابِتَةٌ ظَاهِرَةٌ لِتَعَرِّيهَا عَنْ أَحْكَامِ الْمُوَاضَعَةِ وَكَذَلِكَ الَّتِي تُشْتَرَى فِي عِظَمِ دَمِهَا.
( الْبَابُ الرَّابِعُ فِي مَحَلِّ الْعُهْدَةِ مِنْ الْعُقُودِ ) أَمَّا مَحَلُّ الْعُهْدَةِ مِنْ الْعُقُودِ وَتَمْيِيزُ مَا تَثْبُتُ فِيهِ الْعُهْدَةُ مِنْهَا مِمَّا لَا تَثْبُتُ فَإِنَّ مَا يُتَعَاوَضُ بِهِ مِنْ الرَّقِيقِ عَلَى ضَرْبَيْنِ : مُعَيَّنٌ وَثَابِتٌ فِي الذِّمَّةِ مَوْصُوفٌ , فَأَمَّا الْمُعَيَّنُ فَإِنَّ الْمُعَاوَضَةَ بِهِ عَلَى ضَرْبَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ مَبْنِيًّا عَلَى الْمُغَابَنَةِ وَالْمُكَايَسَةِ كَالْبَيْعِ , وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا عَلَى الْمُكَارَمَةِ فَأَمَّا الْبَيْعُ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ بَيْعَ بَرَاءَةٍ أَوْ بَيْعًا مُطْلَقًا , فَإِنْ كَانَ بَيْعَ بَرَاءَةٍ فَقَدْ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ فِي المدنية وَمَنْ اشْتَرَى رَقِيقًا مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ فَإِنَّهُ بَيْعُ بَرَاءَةٍ وَلَا عُهْدَةَ لِمُشْتَرِيهِ لَا عُهْدَةَ ثَلَاثٍ وَلَا عُهْدَةَ سَنَةٍ , وَضَمَانُهَا مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ فِي عِدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ إِنْ كَانَتْ مِنْ عَلِيِّ الرَّقِيقِ , وَرَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ , وَإِنْ كَانَ بَيْعًا مُطْلَقًا فَقَدْ تَثْبُتُ فِيهِ الْعُهْدَةُ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى الْمُكَارَمَةِ كَعُقْدَةِ النِّكَاحِ فَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ فَقَالَ مَرَّةً فِيهِ الْعُهْدَةُ وَبِهِ قَالَ أَشْهَبُ , وَقَالَ مَرَّةً لَا عُهْدَةَ فِيهِ , وَقَالَهُ سَحْنُونٌ فَوَجْهُ قَوْلِهِ بِثُبُوتِ الْعُهْدَةِ أَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَكَانَ حُكْمُ الْعُهْدَةِ فِيهِ ثَابِتًا كَالْبَيْعِ , وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ النِّكَاحَ يَقْتَضِي اسْتِبَاحَةَ الِاسْتِمْتَاعِ حِينَ الْعُقْدَةِ وَلَا يَجُوزُ فِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ قَبْضُ الْعِوَضِ الَّذِي هُوَ الْبُضْعُ فَلَوْ ثَبَتَتْ الْعُهْدَةُ فِي النِّكَاحِ بِالرَّقِيقِ لَوَجَبَ أَنْ يَبْطُلَ النِّكَاحُ لِتَعَذُّرِ اسْتِبَاحَةِ الِاسْتِمْتَاعِ حِين الْعَقْدِ أَوْ لِاقْتِضَاءِ الْعِوَضِ وَلِاقْتِضَاءِ الْعِوَضِ قَبْلَ انْقِضَاءِ عُهْدَةِ الثَّلَاثِ , وَقَدْ أَجْمَعْنَا عَلَى صِحَّةِ النِّكَاحِ بِالرَّقِيقِ يَثْبُتُ بِذَلِكَ أَنْ لَا عُهْدَةَ فِيهِمْ , وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَنْ لَا عُهْدَةَ فِي غَيْرِ مُخَالَعٍ بِهِ ; لِأَنَّ عِوَضَهُ يَحْصُلُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ , وَذَلِكَ يَنْفِي الْعُهْدَةَ , وَقَدْ قَالَهُ سَحْنُونٌ فِي الْعَبْدِ الْمُخَالَعِ بِهِ وَالْمُصَالَحِ بِهِ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا الْإِقَالَةُ وَالشَّرِكَةُ وَالتَّوْلِيَةُ وَالسَّلَفُ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا إقَالَةَ فِي عُهْدَةٍ وَلَا سَلَفٍ وَرَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ أَصْبَغَ , وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا عُهْدَةَ فِيمَا سَلَفَ مِنْ الرَّقِيقِ فَكَأَنَّهُ قَصَرَ هَذَا الْحُكْمَ عَلَى ابْتِدَاءِ الْغَرَضِ لَا عَلَى قَضَائِهِ , وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ عَقْدٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُكَارَمَةِ كَعَقْدِ النِّكَاحِ , وَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ لَا عُهْدَةَ فِي الْعَبْدِ الْمَوْهُوبِ لِلثَّوَابِ , وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا قَدَّمْنَاهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي الْإِقَالَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا ذَكَرْنَاهُ مَعَهَا , قَوْلٌ ثَانٍ أَنَّ الْعُهْدَةَ تَثْبُتُ فِيهَا , فَإِنْ كَانَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعُهْدَةِ الْأُولَى فَهَذَا عَلَى قَوْلِنَا أَنَّ الْإِقَالَةَ بَيْعٌ , وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ فَسْخُ بَيْعٍ عَلَى مَا تَأَوَّلَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي الشُّفْعَةِ وَالْمُرَابَحَةِ فَلَا عُهْدَةَ فِيهَا قَوْلًا وَاحِدًا.
( مَسْأَلَةٌ ) , وَأَمَّا الرَّدُّ بِالْعَيْبِ فَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ لَا عُهْدَةَ فِيهِ , وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ فَسْخُ بَيْعٍ وَلَيْسَ بِعَقْدِ مُعَاوَضَةٍ وَفَسْخُ الْبَيْعِ لَا عُهْدَةَ فِيهِ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ يُفْسَخُ.
.
( فَصْلٌ ) وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ وَهُوَ الثَّابِتُ فِي الذِّمَّةِ فَإِنَّهُ أَيْضًا عَلَى ضَرْبَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَثْبُتَ مُعَايَنَةً كَالسَّلَمِ وَالثَّانِي أَنْ يَثْبُتَ بِعَقْدِ مُكَارَمَةٍ كَالنِّكَاحِ وَالْقَرْضِ فَأَمَّا السَّلَمُ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ فَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ فِيهِ الْعُهْدَةَ وَبِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ , وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَا عُهْدَةَ فِيهِ , وَإِنْ كَانَ بَلَدُ الْعُهْدَةِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا , فَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَفِيهَا الِاسْتِبْرَاءُ , وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَ فِيهَا عُهْدَةُ ثَلَاثٍ وَعُهْدَةُ السَّنَةِ تَبَعٌ لَهَا , وَقَدْ قَالَ سَحْنُونٌ لَا عُهْدَةَ فِي عَبْدٍ مَأْخُوذٍ مِنْ دَيْنٍ وَلَا مَأْخُوذٍ مِنْ كِتَابَةٍ وَقَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ فِيهِ الْعُهْدَةُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ إِنَّ تَعْيِينَ الْعَبْدِ كَالْقَبْضِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجْرِيَ أَيْضًا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ , وَأَنَّ فَسْخَ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا نُقِلَ مِنْ جِنْسٍ إِلَى غَيْرِهِ , وَأَمَّا مَنْ يَثْبُتُ لَهُ شَيْءٌ فِي الذِّمَّةِ بِعَيْنٍ بِجِنْسِهِ فَلَيْسَ مِنْ بَابِ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
( الْبَابُ الْخَامِسُ فِي مَحَلِّ دَرْكِ الْعُهْدَةِ ) أَمَّا مَحَلُّ دَرْكِهَا فَسَيَأْتِي بَعْدَ هَذَا مُبَيَّنًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
( الْبَابُ السَّادِسُ فِي حُكْمِ الْعِوَضِ مِنْهَا فِي تَعْجِيلٍ أَوْ تَأْخِيرٍ ) أَمَّا حُكْمُهَا فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْعُهْدَةَ الْمُخْتَصَّةَ بِالرَّقِيقِ عُهْدَتَانِ إحْدَاهُمَا عُهْدَةُ الثَّلَاثِ وَالثَّانِيَةُ عُهْدَةُ السَّنَةِ , فَأَمَّا عُهْدَةُ الثَّلَاثِ فَفِيهَا مَسْأَلَتَانِ إحْدَاهُمَا لَا يَلْزَمُ النَّقْدُ فِيهَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَالثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ فِي مُدَّةِ هَذِهِ الْعُهْدَةِ , وَإِنَّمَا قُلْنَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ النَّقْدُ فِيهَا تَوَقُّعًا لِمَعْنًى مُتَكَرِّرٍ مُتَقَدِّمٍ لِجَوَازِ هَلَاكِ الْمَبِيعِ أَوْ بَعْضِهِ مَعَ انْفِرَادِ الْبَائِعِ بِمَعْرِفَتِهِ وَضَمَانِهِ لِلْمَبِيعِ بِسَبَبِهِ فَلَمْ يَكْمُلْ تَسْلِيمُهُ لِلْمَبِيعِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَسْتَحِقَّ قَبْضَ ثَمَنِهِ.
( فَرْعٌ ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّمَرَةِ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ الَّتِي ضَمَانُهَا مِنْ الْبَائِعِ وَيَلْزَمُ النَّقْدُ فِيهَا بِإِطْلَاقِ الْعَقْدِ أَنَّ ضَمَانَ الْبَائِعِ لِلثَّمَرَةِ إنَّمَا هُوَ لِأَمْرٍ طَارِئٍ يُخَافُ حُدُوثُهُ يُتَيَقَّنُ أَنَّهُ يَسْتَوِي فِي مَعْرِفَتِهِ الْبَائِعُ وَالْمُبْتَاعُ وَضَمَانُ الْعُهْدَةِ لِسَبَبٍ مَاضٍ لَا يُتَيَقَّنُ عَدَمُهُ عَلَى الْبَائِعِ حِينَ الْعَقْدِ , وَإِنَّمَا ضُرِبَتْ مُدَّةُ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ اسْتِبْرَاءً لِيَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ سَلَامَتُهُ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ فِيهَا ; لِأَنَّ هَذِهِ مُدَّةٌ لَا يَلْزَمُ دَفْعُ الثَّمَنِ فِيهَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ إِلَّا بِالتَّسْلِيمِ لَهُ فَلَمْ يَجُزْ اشْتِرَاطُ دَفْعِهِ فِيهَا كَمُدَّةِ الْخِيَارِ.
( فَرْقٌ ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ أَنَّهُ يَجُوزُ شَرْطُ النَّقْدِ فِيهِ قَبْلَ وُجُوبِهِ وَقَبْلَ خُرُوجِ الْمَبِيعِ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ أَنَّ ضَمَانَ الْبَائِعِ هُنَاكَ إنَّمَا هُوَ لِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ حَقِّ التَّوْفِيَةِ فَكَانَ لِلْمُبْتَاعِ مَنْعُ الثَّمَنِ حَتَّى يُسْتَوْفَى فَإِذَا شَرَطَ عَلَيْهِ تَعْجِيلَهُ جَازَ ذَلِكَ كَشِرَاءِ الْمَنَافِعِ فِي الْإِجَارَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ فَأَشْبَهَ بَيْعَ الْخِيَارِ , فَإِنْ شَرَطَ النَّقْدَ بَطَلَ الْعَقْدُ.
( فَرْعٌ ) وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الْبَائِعِ وَضْعَ النَّقْدِ عَلَى يَدِهِ مَخْتُومًا ; لِأَنَّ ذَلِكَ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ وَيَجِيءُ عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي أَبِي مُحَمَّدٍ فِي مَسْأَلَةِ الْعُرْبَانِ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَهَلْ لِلْبَائِعِ إيقَافُ الثَّمَنِ عَلَى يَدِ عَدْلٍ ؟ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ يَجِبُ إيقَافُهُ , وَقَالَ فِي الْمَبْسُوطِ وَالْعُتْبِيَّةِ لَيْسَ عَلَيْهِ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ بِهِ.
وَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّ مِنْ حُجَّةِ الْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ أَخَافُ فَلَسَهُ وَذَهَابَ مَا بِيَدِهِ وَأَنْ يَفْسُدَ تَسْلِيمُهُ إلَيَّ , فَإِنْ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ فَلْيَسْتَوْثِقْ لِي بِوَضْعِهِ عَلَى يَدِ عَدْلٍ , وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَجِبْ تَسْلِيمُهُ إِلَى الْبَائِعِ لَمْ يَلْزَمْ إخْرَاجُهُ مِنْ ذِمَّةِ الْمُبْتَاعِ إِلَى يَدٍ أَمَانَةً ; لِأَنَّ ذَلِكَ تَغْرِيرٌ بِالْمَالِ.
( فَرْعٌ ) فَإِذَا وُضِعَ عَلَى يَدِ عَدْلٍ فَتَلِفَ فَضَيَاعُهُ عَلَى مَنْ يَجِبُ لَهُ أَخْذُهُ عَيْنًا كَانَ أَوْ عَرْضًا أَوْ حَيَوَانًا حَكَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ أَمْرُ الْمَبِيعِ مُرَاعًى إِنْ سُلِّمَ لَزِمَ الْمُبْتَاعَ بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ , وَإِنْ لَمْ يُسَلَّمْ لَمْ يَلْزَمْهُ وَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ أَيْضًا مُرَاعًى مُعْتَبَرًا بِالْمَثْمُونِ ; لِأَنَّهُ إنَّمَا أُوقِفَ بِسَبَبِهِ , فَإِنْ سُلِّمَ الْمَبِيعُ فَالثَّمَنُ مِنْ الْبَائِعِ ; لِأَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ أَنَّهُ فِي مِلْكِهِ مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ , وَإِنْ لَمْ يُسَلَّمْ الْمَبِيعُ فَالثَّمَنُ مِنْ الْمُبْتَاعِ ; لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَهَلْ لَهُ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِالْمَبِيعِ نَاقِصًا إِذَا ضَاعَ الثَّمَنُ رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَهُ ذَلِكَ , وَرَوَى عَنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَرَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ , وَقَالَ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَلَا ثَمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَالْجَارِيَةُ الْمَعِيبَةُ لِلْبَائِعِ.
وَجْهُ بَقَاءِ الْجَارِيَةِ لَهُ وَهُوَ اخْتِيَارُ سَحْنُونٍ وَأَصْبَغَ أَنَّ هَذَا خِيَارٌ كَانَ لَهُ قَبْلَ ضَيَاعِ الثَّمَنِ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ بِضَيَاعِ الثَّمَنِ.
أَصْلُهُ إِذَا لَمْ يَحْدُثْ بِالْمَبِيعِ عَيْبٌ , وَوَجْهُ إبْطَالِ الْخِيَارِ أَنَّ حُدُوثَ النَّقْصِ فِي مُدَّةِ الْعُهْدَةِ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ ضَمَانُ الثَّمَنِ مِنْ الْمُشْتَرِي.
( فَرْعٌ ) فَإِذَا قُلْنَا بِثُبُوتِ الْخِيَارِ فَفِي أَيِّ شَيْءٍ يَكُونُ لَهُ الْخِيَارُ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَهُ قَبُولُ الْمَبِيعِ بِالثَّمَنِ التَّالِفِ , وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ إنَّمَا لَهُ أَخْذُهَا بِغُرْمِ ثَمَنٍ ثَانٍ أَوْ رَدِّهَا , وَقَالَ سَحْنُونٌ إِنْ أَتْلَفَ الثَّمَنَ قَبْلَ حُدُوثِ الْعَيْبِ فَإِنَّمَا يَأْخُذُ بِثَمَنٍ آخَرَ , وَأَمَّا إِنْ تَلِفَ الثَّمَنُ بَعْدَ حُدُوثِهِ وَقَبْلَ رِضَا الْمُبْتَاعِ بِهِ قَبْلَ الْحَيْضِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَهُ أَخْذُ الْجَارِيَةِ دُونَ ثَمَنٍ آخَرَ.
وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَلْزَمَهُ عِوَضَانِ فِي عَيْنٍ وَاحِدَةٍ , وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ النَّقْصَ الْحَادِثَ فِي الْمَبِيعِ تَبَيَّنَ أَنَّ الثَّمَنَ الْأَوَّلَ لَهُ وَبَقِيَ لَهُ الْخِيَارُ , فَإِنْ رَدَّ الْمَبِيعَ وَإِلَّا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِثَمَنٍ آخَرَ يَصِلُ إِلَى الْبَائِعِ , وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّالِثِ أَنَّ تَقَدُّمَ حُدُوثِ الْعَيْبِ قَدْ أَثْبَتَ لَهُ الْخِيَارَ قَبْلَ ضَيَاعِ الثَّمَنِ فَالثَّمَنُ مِنْ الْبَائِعِ وَإِذَا ضَاعَ الثَّمَنُ قَبْلَ حُدُوثِ الْعَيْبِ فَقَدْ ضَاعَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَإِذَا حَدَثَ الْعَيْبُ بَعْدَ ذَلِكَ وَاخْتَارَ السِّلْعَةَ فَعَلَيْهِ ثَمَنٌ آخَرُ.
( مَسْأَلَةٌ ) فَإِذَا قُلْنَا أَنَّ النَّقْدَ غَيْرُ لَازِمٍ وَلَا جَائِزٍ بِالشَّرْطِ جَازَ أَنْ يَتَطَوَّعَ الْمُبْتَاعُ بَعْدَ تَمَامِ الْبَيْعِ ; لِأَنَّهُ تَقْدِيمٌ لِنَقْدٍ لَا يَلْزَمُهُ تَقْدِيمُهُ كَالثَّمَنِ الْمُؤَجَّلِ , وَهَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ الْبَيْعُ بِالْخِيَارِ , فَإِنْ كَانَ بِالْخِيَارِ فَنَقَدَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ إِذَا لَزِمَ الْبَيْعُ بِإِمْضَائِهِ وَقَطْعِ الْخِيَارِ أَخَذَ فِيهِ جَارِيَةً فِيهَا الْمُوَاضَعَةُ فَآلَ ذَلِكَ إِلَى فَسْخِ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ.
.
( فَصْلٌ ) وَأَمَّا عُهْدَةُ السَّنَةِ فَالنَّقْدُ فِيهَا لَازِمٌ ; لِأَنَّ مَا يُتَّقَى فِيهَا نَادِرٌ شَاذٌّ فَلَا يَجُوزُ مَنْعُ النَّقْدِ لِسَبَبٍ مُتَوَقَّعٍ نَادِرٍ وَلِأَنَّ هَذِهِ مُدَّةٌ سَقَطَتْ فِيهَا النَّفَقَةُ عَنْ الْبَائِعِ بِالْبَيْعِ فَكَانَ لَهُ أَخْذُ الثَّمَنِ.
أَصْلُ ذَلِكَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعُهْدَةِ.
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَنَّ أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ وَهِشَامَ بْنَ إِسْمَعِيلَ كَانَا يَذْكُرَانِ فِي خُطْبَتِهِمَا عُهْدَةَ الرَّقِيقِ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ مِنْ حِينِ يُشْتَرَى الْعَبْدُ أَوْ الْوَلِيدَةُ وَعُهْدَةَ السَّنَةِ
عن سالم بن عبد الله، أن عبد الله بن عمر باع غلاما له بثمانمائة درهم، وباعه بالبراءة فقال الذي ابتاعه لعبد الله بن عمر: بالغلام داء لم تسمه لي، فاختصما...
عن ابن شهاب، أن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، أخبره أن عبد الله بن مسعود ابتاع جارية من امرأته زينب الثقفية، واشترطت عليه أنك إن بعتها فهي ل...
عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول: «لا يطأ الرجل وليدة، إلا وليدة إن شاء باعها، وإن شاء وهبها، وإن شاء أمسكها، وإن شاء صنع بها ما شاء»
عن ابن شهاب، أن عبد الله بن عامر أهدى لعثمان بن عفان جارية، ولها زوج.<br> ابتاعها بالبصرة، فقال عثمان: «لا أقربها حتى يفارقها زوجها، فأرضى ابن عامر زو...
عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، أن عبد الرحمن بن عوف: «ابتاع وليدة فوجدها ذات زوج فردها»
عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من باع نخلا قد أبرت، فثمرها للبائع إلا أن يشترط المبتاع»
عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها»، نهى البائع والمشتري
عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نهى عن بيع الثمار حتى تزهي»، فقيل له: يا رسول الله وما تزهي؟ فقال: «حين تحمر»، وقال رسول الله صلى الل...
عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن بن حارثة، عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نهى عن بيع الثمار حتى تنجو من العاهة»