1298- عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من باع نخلا قد أبرت، فثمرها للبائع إلا أن يشترط المبتاع»
أخرجه الشيخان
المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)
( ش ) : قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ التَّأْبِيرُ فِي النَّخْلِ هُوَ التَّلْقِيحُ قَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ أَبَّرْتُ النَّخْلَ أؤبرها أَبْرًا وأبرتها لَقَّحْتهَا وَقَالَ الْخَلِيلُ الْأَبْرُ لِقَاحُ النَّخْلِ يُقَالُ أَبَّرَهَا أَبْرًا إِذَا لَقَّحَهَا وَالتَّلْقِيحُ أَنْ يُؤْخَذَ طَلْعُ ذَكَرِ النَّخْلِ فَيُعَلَّقَ بَيْنَ طَلْعِ الْإِنَاثِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ التَّأْبِيرُ أَنْ يَشُقَّ الطَّلْعَ عَنْ الثَّمَرَةِ وَقَالَ مَالِكٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَإِذَا تَمَّ اللِّقَاحُ فَسَقَطَ مَا سَقَطَ وَثَبَتَ مَا ثَبَتَ فَحِينَئِذٍ تَكُونُ الثَّمَرَةُ لِلْبَائِعِ بِإِطْلَاقِ الْعَقْدِ وَالتَّأْبِيرُ عَلَى هَذَا إصْلَاحُهَا لِلِّقَاحِ فَإِذَا لُقِّحَتْ وَانْعَقَدَ النَّوْرُ فِيهَا فِيمَا يُنَوَّرُ فَقَدْ تَمَّ اللِّقَاحُ وَثَبَتَ حُكْمُ التَّأْبِيرِ وَإِذَا اُشْتُقَّ طَلْعٌ قَبْلَ إبَانَةٍ فَتَأَخَّرَ تَأْبِيرُهُ وَقَدْ أُبِّرَ عِنْدَهُ مِمَّنْ حَالُهُ مِثْلُ حَالِهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا أُبِّرَ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَمَا عَدَا النَّخْلَ مِنْ سَائِرِ الْأَشْجَارِ فَالتَّأْبِيرُ فِيهِ مَا قَدَّمْنَا ذَكَرَهُ وَفِي التِّينِ وَمَا لَا زَمَنَ لَهُ أَنْ تَبْرُزَ جَمِيعُ الثَّمَرَةِ عَنْ مَوْضِعِهَا ظَاهِرَةً وَتَتَمَيَّزَ عَنْ أَصْلِهَا فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ التَّأْبِيرِ فِيهَا ; لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَظْهَرُ وَيَتَبَيَّنُ حَالُهُ وَكَثْرَتُهُ وَقِلَّتُهُ وَالتَّأْبِيرُ فِي النَّخْلِ الَّتِي لَا تُؤَبَّرُ أَنْ تَبْلُغَ مَبْلَغَ الْإِبَارِ فِي غَيْرِهَا , وَأَمَّا الزَّرْعُ فَإِبَارُهُ أَنْ يُفْرَكَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرَوَى عَنْهُ أَشْهَبُ أَنَّ إبَارَهُ ظُهُورُهُ مِنْ الْأَرْضِ وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الثَّمَرَ هُوَ الْحَبُّ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ إبَارُهَا بِذَهَابِ زَهْرِهَا وَانْعِقَادِ حَبِّهَا وَوَجْهُ رِوَايَةِ أَشْهَبَ أَنَّ الْأَصْلَ هُوَ الْأَرْضُ وَاَلَّذِي يَنْفَصِلُ مِنْهُ هُوَ الزَّرْعُ فَوَجَبَ أَنْ يَنْفَصِلَ عَنْهُ فِي الْبَيْعِ بِالظُّهُورِ كَالثَّمَرَةِ مَعَ الشَّجَرِ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ يُرِيدُ أَنَّهَا بِمُطْلَقِ الْعَقْدِ تَكُونُ لِلْبَائِعِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى هِيَ لِلْمُشْتَرِي وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُبْتَاعُ وَمِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا ظَاهِرٌ مُتَمَيِّزٌ فَلَمْ يُتَّبَعْ الْأَصْلُ بِمُطْلَقِ الْعَقْدِ كَالْجَنِينِ بَعْدَ الْوِلَادَةِ.
( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا ثَبَتَ أَنَّهَا لِلْبَائِعِ بِمُطْلَقِ الْعَقْدِ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي إجْبَارُهُ عَلَى نَقْلِ ثَمَرَتِهِ قَبْلَ أَوَانِ جِذَاذِهَا وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَهُ ذَلِكَ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا اسْتِحْقَاقٌ يُجَدَّدُ عَلَى أَرْضٍ فِيهَا زَرْعٌ لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَيْهِ فَلَمْ يُجْبَرْ عَلَى نَقْلِهِ قَبْلَ أَوَانِهِ كَالشُّفْعَةِ.
( مَسْأَلَةٌ ) فَإِنْ أَبَّرَ بَعْضَهُ دُونَ بَعْضٍ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَا مُتَسَاوِيَيْنِ أَوْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَهُمَا فَإِنْ كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ مَا أُبِّرَ لِلْبَائِعِ وَمَا لَمْ يُؤَبَّرْ لِلْمُبْتَاعِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ مَا أُبِّرَ تَبَعُ مَا لَمْ يُؤَبَّرْ وَذَلِكَ كُلُّهُ لِلْمُبْتَاعِ وَقَالَ سَحْنُونٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يُقَالُ لِلْبَائِعِ إمَّا أَنْ تُسَلِّمَ جَمِيعَ الثَّمَرَةِ وَإِلَّا فُسِخَ الْبَيْعُ وَإِنْ رِضَى الْمُبْتَاعُ بِالنِّصْفِ وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ النَّخْلَ مِمَّا يُمْكِنُ تَبْعِيضُهُ وَنَمَاءُ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مُتَمَيِّزٌ وَقَدْ تَسَاوَيَا فَلَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا تَبَعًا لِلْآخَرِ فَكَانَ لِكُلِّ قِسْمٍ حُكْمُ نَفْسِهِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي إِنْ كَانَ قَالَهُ فِي الْمُتَمَيِّزِ أَنَّ فَضْلَ الثَّمَرَةِ وَمَعْرِفَةَ تَسَاوِيهِمَا أَمْرٌ يَبْعُدُ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ تَبَعًا لِمَا لَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَهَذَا إِذَا أَبَّرَ بَعْضَ النَّخْلِ وَبَقِيَ بَعْضُهَا لَمْ يُؤَبَّرْ فَأَمَّا إِذَا كَانَتْ النَّخْلُ فِي حِينِ تَأْبِيرِهَا وَكَانَ بَعْضُ ثَمَرَتِهَا قَدْ كَمُلَ ذَلِكَ فِيهَا وَبَعْضُهَا لَمْ يَكْمُلْ وَكَانَ فِي سَائِرِ الثِّمَارِ قَدْ ظَهَرَ بَعْضُ الثَّمَرَةِ وَبَعْضُهَا لَمْ يَظْهَرْ فَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّ ذَلِكَ لِلْبَائِعِ وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الثَّمَرَةَ الْمُبْتَاعُ وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّ هَذَا مَعْنًى يَنْقُلُ حُكْمَ الثَّمَرَةِ فِي جَوَازِ فَصْلِهَا عَنْ الْأَصْلِ بِالْبَيْعِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ ظُهُورُ بَعْضِهِ كَظُهُورِ جَمِيعِهِ فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ أَصْلُهُ الْإِزْهَاءُ وَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّهُ إِذَا كَانَ لِمَا لَمْ يُؤَبَّرْ حُكْمٌ يُخَالِفُ حُكْمَ مَا أُبِّرَ وَكَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا تَبَعًا لِلْآخَرِ لَمْ يَجُزْ فِي ذَلِكَ مُطْلَقُ الْعَقْدِ ; لِأَنَّهُ لَا يَتَمَيَّزُ بِهِ حَقُّ الْمُبْتَاعِ مِنْ حَقِّ الْبَائِعِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ الْبَائِعُ نَصِيبَ الْمُبْتَاعِ ; لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْبَائِعُ مَا لَمْ يُؤَبَّرْ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ نَصِيبَ الْبَائِعِ ; لِأَنَّهُ مِمَّا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ.
( مَسْأَلَةٌ ) فَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ أَكْثَرَ فَعَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنَّ الْقَلِيلَ تَبَعٌ لِلْكَثِيرِ وَالثَّانِيَةُ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ التَّسَاوِي.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُبْتَاعُ يُرِيدُ فَلَا يَكُونُ حِينَئِذٍ لِلْمُبْتَاعِ بِمُقْتَضَى الشَّرْطِ وَلَا نَعْلَمُ فِي جَوَازِ ذَلِكَ خِلَافًا إِذَا ابْتَاعَهَا بِغَيْرِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فَإِنْ ابْتَاعَهَا بِطَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ فَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ أُبِّرَتْ الثَّمَرَةُ أَمْ لَمْ تُؤَبَّرْ إِلَّا أَنْ يَجِدَهَا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فِي الْمَبْسُوطِ إِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ أُبِّرَتْ أَمْ لَمْ تُؤَبَّرْ مَا لَمْ يَبْتَدِئْ صَلَاحَهَا وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ هَذَا طَعَامٌ بِطَعَامٍ غَيْرُ مُتَنَجِّزِ الْقَبْضِ وَإِنَّمَا رَاعَى فِي فَسَادِ الْعَقْدِ مَا يَئُولُ إِلَيْهِ لَا مَا هُوَ عَلَيْهِ حِينَ الْعَقْدِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى قَصِيلًا فَحَصَدَهُ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ فِيهِ الْحَبُّ صَحَّ شِرَاؤُهُ , وَأَمَّا إِنْ أَبْقَاهُ حَتَّى صَارَ حَبًّا فَسَدَ فِيهِ الْبَيْعُ وَرُوعِيَ فِيهِ الْمَآلُ وَلَوْ رُوعِيَ فِيهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ يَوْمَ الْعَقْدِ لَصَحَّ الْبَيْعُ وَلَمْ يَفْسُدْ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَوْمَ شِرَائِهِ إِلَّا قَصِيلًا أَوْ عُشْبًا وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي مَا احْتَجَّ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ أَنَّ الطَّلْعَ بِمَنْزِلَةِ جِمَارِ النَّخْلَةِ مَا لَمْ تُؤَبَّرْ فَإِذَا أُبِّرَتْ فَدَاخِلٌ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُبْتَاعُ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ ابْتِيَاعِهَا بِطَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَإِنْ اشْتَرَطَ مِنْ الثَّمَرَةِ الْمَأْبُورَةِ أَقَلَّ مِنْ قَدْرِ مَا اشْتَرَاهُ مِنْ النَّخْلِ مِثْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ جَمِيعَ النَّخْلِ وَيَشْتَرِطَ نِصْفَ ثَمَرَتِهَا فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الثَّمَرَةِ وَلَا فِي مَالِ الْعَبْدِ وَحِلْيَةِ السَّيْفِ وَرَوَى سَحْنُونٌ عَنْ أَشْهَبَ جَوَازَهُ فِي ثَمَرَةِ النَّخْلِ وَمَالِ الْعَبْدِ وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ إنَّمَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ عَلَى وَجْهِ التَّبَعِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَقْصُودًا فَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ وَإِذَا اسْتَثْنَى بَعْضَ ذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الثَّمَرَةَ مَقْصُودَةٌ بِالْعَقْدِ قَدْ لَحِقَتْهَا الْمُغَابَنَةُ وَالْمُكَايَسَةُ وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّ مَا جَازَ أَنْ يُشْتَرَطَ جَمِيعُهُ فِي الْعَقْدِ جَازَ أَنْ يُشْتَرَطَ بَعْضُهُ كَأَصْلٍ آخَرَ.
( مَسْأَلَةٌ ) فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ فِي حِينِ الْعَقْدِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُلْحِقَهُ بِالْعَقْدِ فَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ فَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ فِي مَالِ الْعَبْدِ وَثَمَرَةِ النَّخْلِ وَرَوَاهُ مَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِيهِمَا وَبِهِ قَالَ الْمَخْزُومِيُّ وَابْنُ دِينَارٍ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ فِي الثَّمَرَةِ دُونَ مَالِ الْعَبْدِ وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ فَأَمَّا إجَازَةُ ذَلِكَ بَعْدَ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَا بَعْدَ الْعَقْدِ يَلْحَقُ بِالْعَقْدِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ جَائِزَةٌ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ لَا يَلْحَقُ بِالْعَقْدِ فَيَجِبُ أَنْ لَا تَجُوزَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَوَجْهُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ مَالِ الْعَبْدِ وَثَمَرَةِ الشَّجَرَةِ عَلَى رَأْيِ أَشْهَبَ أَنَّ مَالَ الْعَبْدِ يَنْتَقِلُ بِكَمَالِ الْعَقْدِ فِيهِ دُونَ شَرْطٍ إِلَى حَالِهِ لَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ عَلَيْهَا فِي أَصْلِ الْعَقْدِ ; لِأَنَّهُ يَنْتَقِلُ إِلَى مِلْكِ الْبَائِعِ وَالثَّمَرَةُ بَاقِيَةٌ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي كَانَ يَجُوزُ اشْتِرَاطُهَا لِلْمُبْتَاعِ مَعَ الْأَصْلِ فَلِذَلِكَ جَازَ لَهُ أَنْ يُلْحِقَهَا بِالْعَقْدِ.
( مَسْأَلَةٌ ) فَإِنْ اشْتَرَى الْأَصْلَ وَالثَّمَرَةَ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْأَصْلُ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي زَرْعٍ فَاسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ فُسِخَ الْبَيْعُ مَا لَمْ يُسْتَحْصَدْ الزَّرْعُ وَلَوْ اُسْتُحْصِدَ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ تَمَّ فِيهِ الْبَيْعُ وَهُوَ لِلْمُبْتَاعِ وَكَذَلِكَ الثَّمَرَةُ فِي اسْتِحْقَاقِ الْأَجَلِ وَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَمْضِ عَلَى هَذِهِ الثَّمَرَةِ وَقْتٌ وَهِيَ فِيهِ بِصُورَةِ مَا يَفْسُدُ فِيهِ الْبَيْعُ ; لِأَنَّهَا كَانَتْ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا بِصُورَةِ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لِاعْتِقَادِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَنَّهَا تَبَعٌ لِلْأَصْلِ الَّذِي بِيعَتْ مَعَهُ فَلَمَّا بَدَا صَلَاحُهَا كَانَتْ بِصِفَةِ مَا يَصِحُّ إفْرَادُهُ بِالْبَيْعِ فَلَمْ يَفْسُدْ مَعَهَا اسْتِحْقَاقُ الْأَصْلِ وَإِفْرَادُهَا مِنْهُ وَلَوْ اُسْتُحِقَّ الْأَصْلُ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِ الثَّمَرَةِ لَفَسَدَ الْبَيْعُ فِيهَا لِانْفِرَادِهَا عَنْ الْأَصْلِ وَاسْتِحَالَةِ الْبَيْعِ فِيهَا عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ وَإِنَّمَا ذَلِكَ ; لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ يَتَنَاوَلُ الْأَصْلَ دُونَهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
( مَسْأَلَةٌ ) فَإِنْ أَفْرَدَ الثَّمَرَةَ بِالشِّرَاءِ عَلَى الْجَدِّ ثُمَّ اشْتَرَى الْأَصْلَ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَتْرُكَ الثَّمَرَةَ فِي الْأَصْلِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ مَلَكَ الْأَصْلَ وَالثَّمَرَةَ جَمِيعًا عَلَى وَجْهٍ صَحِيحٍ سَائِغٍ فَكَانَتْ لَهُ التَّبْقِيَةُ كَمَا لَوْ مَلَكَهُمَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ وَلَوْ اشْتَرَى الزَّرْعَ عَلَى الْحَصَادِ ثُمَّ اكْتَرَى الْأَصْلَ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُقِرَّ الزَّرْعَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ فَلَا تَسْقُطُ المخارصة بِتَلَفِ الزَّرْعِ وَهُوَ الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ مُنِعَ مِنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا مَعَ كَثْرَةِ الْغَرَرِ وَتَكَرُّرِ الْجَوَائِحِ وَالْجَهْلِ بِصِفَةِ الْمَبِيعِ حِينَ الْقَبْضِ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَلَوْ اشْتَرَى الثَّمَرَةَ عَلَى التَّبْقِيَةِ ثُمَّ اشْتَرَى الْأَصْلَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُبْقِيَهَا ; لِأَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الثَّمَرَةِ وَقَعَ فَاسِدًا وَلَوْ وَرِثَ الْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ جَازَتْ لَهُ التَّبْقِيَةُ قَالَ مَالِكٌ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الثَّمَرَةَ إِذَا فُسِخَ الْبَيْعُ رُدَّتْ إِلَيْهِ بِحَقِّ الْمِيرَاثِ.
.
( فَصْلٌ ) فَإِنْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ غَيْرَ مَأْبُورَةٍ فَإِنَّهَا بِمُطْلَقِ الْعَقْدِ لِلْمُبْتَاعِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ هِيَ لِلْبَائِعِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ الثَّمَرَةَ قَبْلَ الْإِبَارِ مُسْتَكِنَّةٌ فِي الْبَيْعِ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ فَكَانَتْ تَبَعًا لِلْأَصْلِ فِي الْبَيْعِ كَالْحَمْلِ فِي الْبَطْنِ وَاللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلْبَائِعِ بِالشَّرْطِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا كَامِنٌ لِظُهُورِهِ عَامَّةً فَلَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ بِالشَّرْطِ كَالْجَنِينِ.
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرُهَا لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ
عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها»، نهى البائع والمشتري
عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نهى عن بيع الثمار حتى تزهي»، فقيل له: يا رسول الله وما تزهي؟ فقال: «حين تحمر»، وقال رسول الله صلى الل...
عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن بن حارثة، عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نهى عن بيع الثمار حتى تنجو من العاهة»
عن زيد بن ثابت أنه كان «لا يبيع ثماره حتى تطلع الثريا»
عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «أرخص لصاحب العرية، أن يبيعها بخرصها»
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «أرخص في بيع العرايا بخرصها، فيما دون خمسة أوسق أو في خمسة أوسق» يشك داود قال: خمسة أوسق
عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن، عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن أنه سمعها تقول: ابتاع رجل ثمر حائط، في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فعالجه، وقام فيه...
عن ربيعة بن عبد الرحمن، أن القاسم بن محمد كان «يبيع ثمر حائطه ويستثني منه»
عن عبد الله بن أبي بكر، أن جده محمد بن عمرو بن حزم " باع ثمر حائط له، يقال له: الأفرق، بأربعة آلاف درهم، واستثنى منه بثمانمائة درهم تمرا "