حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها - موطأ الإمام مالك

موطأ الإمام مالك | كتاب البيوع باب النهي عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها (حديث رقم: 1299 )


1299- عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها»، نهى البائع والمشتري

أخرجه مالك في الموطأ


أخرجه الشيخان

شرح حديث (نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها)

المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)

( ش ) : مَعْنَاهُ حَتَّى تَزْهَى وَمَعْنَى الْإِزْهَاءِ فِي ثَمَرَةِ النَّخْلِ أَنْ تَبْدُوَ فِيهَا الْحُمْرَةُ أَوْ الصُّفْرَةُ وَهُوَ النُّضْجُ وَبُدُوُّ الصَّلَاحِ وَبِذَلِكَ يَنْجُو مِنْ الْعَاهَةِ وَذَلِكَ كُلُّهُ بَعْدَ أَنْ تَطْلُعَ الثُّرَيَّا مَعَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ مِنْ شَهْرِ مايه بِالْأَعْجَمِيِّ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لِثَمَرَةِ النَّخْلِ سَبْعُ دَرَجَاتٍ الطَّلْعُ ثُمَّ يَنْفَتِحُ الزَّهْرُ عَنْهُ وَيَبْيَضُّ فَيَكُونُ إغْرِيضًا ثُمَّ يَذْهَبُ عَنْهُ بَيَاضُ الْإِغْرِيضِ وَيَعْظُمُ حَبُّهُ وَتَعْلُوهُ خُضْرَةٌ ثُمَّ يَكُونُ بَلَحًا ثُمَّ تَعْلُو الْخُضْرَةَ حُمْرَةٌ فَيَكُونُ زَهْوًا ثُمَّ يَصْفَرُّ صُفْرَةً فَيَكُونُ بُسْرًا ثُمَّ تَعْلُو الصُّفْرَةَ كُدْرَةٌ وَتَنْضَجُ الثَّمَرَةُ فَتَكُونُ رُطَبًا ثُمَّ تَيْبَسُ وَتَكُونُ تَمْرًا وَبُدُوُّ صَلَاحِ التِّينِ أَنْ يَطِيبَ وَتُوجَدَ فِيهِ الْحَلَاوَةُ وَيَظْهَرَ السَّوَادُ فِي أَسْوَدِهِ وَالْبَيَاضُ فِي أَبْيَضِهِ وَكَذَلِكَ الْعِنَبُ الْأَسْوَدُ بُدُوُّ صَلَاحِهِ أَنْ يَنْحُوَ إِلَى السَّوَادِ وَأَنْ يَنْحُوَ أَبْيَضُهُ إِلَى الْبَيَاضِ مَعَ النُّضْجِ وَكَذَلِكَ الزَّيْتُونُ بُدُوُّ صَلَاحِهِ أَنْ يَنْحُوَ إِلَى السَّوَادِ وَبُدُوُّ صَلَاحِ الْقِثَّاءِ أَنْ تَنْعَقِدَ وَتَبْلُغَ الْقِثَّاءُ مِنْهُ مَبْلَغًا يُوجَدُ لَهُ طَعْمٌ وَكَذَلِكَ الْفَقُّوسُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ , وَأَمَّا الْبِطِّيخُ فَلَيْسَ بُدُوُّ صَلَاحِهِ إِلَّا إِذَا نَحَا نَاحِيَةَ الِاصْفِرَارِ وَالطِّيَابِ وَرُوِيَ فِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ أَصْبَغَ عَنْ أَشْهَبَ بُدُوُّ صَلَاحِ الْبِطِّيخِ أَنْ يُؤْكَلَ فَقُّوسًا قَالَ أَصْبَغُ فَقُّوسًا قَدْ تَهَيَّأَ لِلتَّبَطُّخِ , وَأَمَّا الصِّغَارُ فَلَا.
وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّ بُدُوَّ الصَّلَاحِ فِيهِ إنَّمَا هُوَ عَلَى وَجْهِ مَا يُؤْكَلُ عَلَيْهِ وَيُوجَدُ فِيهِ الْغَرَضُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ وَوَجْهُ مَا قَالَهُ أَشْهَبُ أَنَّ هَذَا بُدُوُّ صَلَاحٍ يُؤْكَلُ عَلَيْهِ غَالِبًا فَأَشْبَهَ بُدُوَّ صَلَاحِ الْقِثَّاءِ.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) , وَأَمَّا الْمَوْزُ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ أَشْهَبَ وَابْنِ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُبَاعُ إِذَا بَلَغَ فِي شَجَرِهِ قَبْلَ أَنْ يَطِيبَ فَإِنَّهُ لَا يَطِيبُ حَتَّى يُنْزَعَ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ رَضِى اللَّهُ عَنْهُ وَمَعْنَى ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يَتَنَاهَى عِظَمُهُ أَوْ عِظَمُ بَعْضِهِ وَيَبْلُغَ أَوَّلُهُ مَبْلَغَهُ إِذَا أُزِيلَ عَنْ أَصْلِهِ تَهَيَّأَ فِيهِ تَمَامُ النُّضْجِ فَإِنَّهُ إِذَا أُزِيلَ عَنْ أَصْلِهِ قَبْلَ تَنَاهِيهِ فَسَدَ وَلَمْ يَتِمَّ نُضْجُهُ.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) , وَأَمَّا الْجَزَرُ وَاللِّفْتُ وَالْفُجْلُ وَالثُّومُ وَالْبَصَلُ فَبُدُوُّ صَلَاحِهِ إِذَا اسْتَقَلَّ وَتَمَّ وَانْتُفِعَ بِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي قَلْعِهِ فَسَادٌ وَقَصَبُ السُّكْرِ إِذَا طَابَ وَهُوَ أَنْ يَكْبُرَ فَلَا يَكُونَ فَسَادًا وَالْبُرُّ إِذَا يَبِسَ وَكَذَلِكَ الْفُولُ وَالْجُلْبَانُ وَالْحِمَّصُ وَالْعَدَسُ وَالْوَرْدُ وَسَائِرُ الْأَنْوَارِ أَنْ تَنْفَتِحَ كِمَامُهُ وَيَظْهَرُ نَوْرُهُ وَالْقَصِيلُ وَالْقَضْبُ وَالْقَرَطُ إِذَا بَلَغَ أَنْ يَرْعَى دُونَ فَسَادٍ.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ وَأَنَّ نَهْيَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي تَعْلِيلِ ذَلِكَ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ أَنَّ الْغَرَرَ مَوْجُودٌ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَبَعْدَهُ وَلَكِنَّهُ لَا غَرَضَ فِي شِرَائِهَا قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ إِلَّا مُجَرَّدُ الِاسْتِرْخَاصِ لَا غَيْرُ ذَلِكَ ; لِأَنَّهَا قَدْ تَسْلَمُ فَتَرْخُصُ عَلَيْهِ أَوْ يَتْلَفُ بَعْضُهَا إِذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ فَيَكُونُ غَالِيًا وَبَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ لَهُ غَرَضٌ فِي ذَلِكَ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا وَأَكْلِهَا رَطْبَةً فَلِذَلِكَ جَازَ هَذَا وَعُفِيَ عَنْ الْغَرَرِ لِأَجْلِهِ وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا إِنَّ الْغَرَرَ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ أَكْثَرُ وَبَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ يَقِلُّ وَيَنْدُرُ وَكَثِيرُ الْغَرَرِ يُبْطِلُ الْعُقُودَ وَيَسِيرُهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ فِيهَا إذْ لَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهَا مِنْهُ.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَالْمَمْنُوعُ مِنْهُ هُوَ الْبَيْعُ الْمُطْلَقِ دُونَ اشْتِرَاطِ الْقَطْعِ وَذَلِكَ أَنَّ بَيْعَ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا يَقَعُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنْ يَشْتَرِطَ الْقَطْعَ فَهَذَا لَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ ; لِأَنَّهُ بَاعَ مَا لَا غَرَرَ فِي بَيْعِهِ وَلَا تَدْخُلُهُ زِيَادَةٌ وَلَا نَقْصٌ لِجَدِّهِ إِيَّاهُ عَقِيبَ الْعَقْدِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ يَشْتَرِطَ التَّبْقِيَةَ وَهَذَا لَا خِلَافَ فِي مَنْعِهِ إِلَّا مَا رُوِيَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ فِي الْعَرِيَّةِ وَوَجْهُ مَنْعِهِ أَنَّ الْمَنْفَعَةَ تَقِلُّ فِي ذَلِكَ وَالْغَرَرُ يَكْثُرُ ; لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مَقْصُودُهَا إِلَّا مَا يَئُولُ إِلَيْهِ مِنْ الزِّيَادَةِ وَذَلِكَ مَجْهُولٌ وَلِأَنَّ الْجَوَائِحَ تَكْثُرُ فِيهَا فَلَا يُعْلَمُ الْبَاقِي مِنْهَا وَلَا عَلَى أَيِّ صِفَةٍ تَكُونُ عِنْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا , وَأَمَّا إِذَا بَدَا صَلَاحُ الثَّمَرَةِ فَقَدْ تَنَاهَى عِظَمُهَا وَكَثُرَ الِانْتِفَاعُ بِهَا وَقَلَّتْ الْجَائِحَةُ فِيهَا وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ إطْلَاقُ الْعَقْدِ فِيهَا فَالْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ مَنْعُهُ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ جَوَازَهُ وَيَكُونُ مُقْتَضَاهُ الْجَدُّ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي فَصْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ إطْلَاقَ اللَّفْظِ يَقْتَضِي التَّبْقِيَةَ.
وَالثَّانِي أَنَّ الْبَيْعَ غَيْرُ جَائِزٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْلُهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا وَهَذَا اللَّفْظُ يَقْتَضِي النَّهْيَ عَنْهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْ ذَلِكَ بِشَرْطِ قَطْعٍ وَلَا غَيْرِهِ فَإِنْ قَالُوا هَذِهِ حُجَّتُنَا ; لِأَنَّهُ قَالَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْبَلَحَ يَجُوزُ بَيْعُهُ ; لِأَنَّهُ يُقْصَدُ لِلْأَكْلِ , وَالْحِصْرِمُ يَجُوزُ بَيْعُهُ ; لِأَنَّ الْحِصْرِمَ يُقْصَدُ لِلطَّبْخِ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْحِصْرِمَ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ ; لِأَنَّهُ لَا يُسْتَطَابُ أَكْلُهُ الِاسْتِطَابَةَ الْمَعْهُودَةَ مِنْ الْأَكْلِ الْمَقْصُودِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ الَّذِي يَأْتِي بَعْدَ هَذَا إنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تُزْهِيَ قِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا تُزْهِي قَالَ حِينَ تَحْمَرُّ وَجَوَابٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنَّ الْعِلَّةَ عِنْدَكُمْ لَيْسَ هَذَا مِنْ بُدُوِّ الصَّلَاحِ أَلَا تَرَى أَنَّ سَائِرَ الْفَوَاكِهِ يَجُوزُ بَيْعُهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَإِنْ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا وَجَوَابٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنَّ هَذَا تَعَلُّقٌ بِدَلِيلِ الْخِطَابِ وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ بِهِ وَنَحْنُ فَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ لَا يَقُولُ بِهِ.
وَمَنْ قَالَ بِهِ مِنْهُمْ فَإِنَّهُ يَقُولُ بِهِ مَا لَمْ يَعُدْ بِإِسْقَاطِ النُّضْجِ وَهَا هُنَا يُؤَدِّي إِلَى إسْقَاطِ النُّضْجِ ; لِأَنَّا لَوْ قُلْنَا إِنَّ الْحِصْرِمَ يَجُوزُ بَيْعُهُ لَزِمَنَا أَنْ نَقُولَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْفَاكِهَةِ ; لِأَنَّ أَحَدًا لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا وَلَوْ قُلْنَا ذَلِكَ لَأَبْطَلْنَا فِي سَائِرِ الْفَوَاكِهِ حُكْمَ النُّضْجِ فَإِنْ قَالُوا نَحْمِلُهُ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ بَيْعِهِ بِشَرْطِ التَّبْقِيَةِ فَالْجَوَابُ أَنَّ إطْلَاقَ الْعَقْدِ يَقْتَضِي التَّبْقِيَةَ ; لِأَنَّ الْمَعْهُودَ مِنْ حَالِ الثَّمَرَةِ إبْقَاؤُهَا عَلَى الشَّجَرَةِ إِلَى أَنْ تَتَنَاهَى وَجَوَابٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنَّ هَذَا لَا يَصِحُّ عَلَى أَصْلِكُمْ ; لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا بِشَرْطِ التَّبْقِيَةِ بَعْدَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا فَلَا تُوجَدُ فَائِدَةٌ لِتَخْصِيصِهِ ذَلِكَ بِمَا قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فَإِنْ قَالُوا الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا حَتَّى تَظْهَرَ الثَّمَرَةُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَأَيْت إِذَا مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ فَبِمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ وَمَا قَدْ وَجَدَ لَا يُقَالُ فِيهِ إِذَا مَنَعَهُ اللَّهُ فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا نَنْقُلُهُ عَلَيْكُمْ وَهُوَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ وَمَا لَمْ يُوجَدْ لَا يُسَمَّى ثِمَارًا وَجَوَابٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنَّهُ قَدْ فَسَّرَ هَذَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ فَقَالَ حِينَ يَحْمَرُّ وَجَوَابٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنَّهُ يُقَالُ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ بَعْدَ وُجُودِهَا بِمَعْنَى أَنَّهُ مَنَعَ الِانْتِفَاعَ بِهَا فَإِنْ قَالُوا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا قَالَ هَذَا عَلَى وَجْهِ النَّصِيحَةِ وَالْمَشُورَةِ لَا عَلَى وَجْهِ التَّحْرِيمِ وَالْإِخْبَارِ عَنْ الشَّرْعِ.
يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَى سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ كَانَ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ الثِّمَارَ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا فَإِذَا جَاءَ مِنْ النَّاسِ وَقْتُ تَقَاضِيهِمْ قَالَ الْمُبْتَاعُ قَدْ أَصَابَ الثَّمَرَ الدَّمَارُ وَأَصَابَهُ فَسَادٌ وَأَصَابَهُ مِرَاضٌ عَاهَاتٌ يَحْتَجُّونَ بِهَا فَلَمَّا كَثُرَتْ خُصُومَتُهُمْ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كالمشورة يُشِير بِهَا فَلَا تُبَايِعُوا الثَّمَرَةَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا لِكَثْرَةِ خُصُومَتِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ وَالْجَوَابُ أَنَّ الَّذِي رَوَى ابْنُ عُمَرَ النَّهْيَ عَنْ ذَلِكَ وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ فَلَا يُعْدَلُ عَنْ مُقْتَضَاهُ إِلَّا بِدَلِيلٍ , وَأَمَّا مَا أَوْرَدَهُ فَهُوَ تَأْوِيلٌ مِنْ زَيْدٍ فَلَا يُرَدُّ بِهِ ظَاهِرُ نَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَوَابٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَارَ بِذَلِكَ أَوَّلًا ثُمَّ حَرَّمَهُ لِهَذَا الْمَعْنَى وَجَوَابٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنَّ هَذَا التَّأْوِيلَ لَا يَصِحُّ عَلَى أَصْلِكُمْ ; لِأَنَّ بَيْعَهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ إنَّمَا يَقْتَضِي عِنْدَكُمْ الْجَذَّ وَالتَّبْقِيَةَ وَفِيهِ مَحْرُمَةٌ وَهَذَا يَمْنَعُ مِنْ أَنْ يَكُونَ نَهْيُهُ عَلَى وَجْهِ الْمَشُورَةِ وَيُوجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى التَّحْرِيمِ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَى إسْحَاقُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُخَابَرَةِ قَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ الْمُحَاقَلَةُ بَيْعُ الزَّرْعِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَالْمُخَابَرَةُ بَيْعُ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذِهِ ثَمَرَةٌ نَامِيَةٌ أَفْرَدَهَا بِالْبَيْعِ عَنْ أَصْلِهَا قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطِ قَطْعِهَا فَلَمْ يَصِحَّ بَيْعُهَا كَمَا لَوْ بَاعَهَا بِشَرْطِ التَّبْقِيَةِ.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَلَا يُبَاعُ الزَّرْعُ إِذَا أفرك وَلَا الْفُولُ إِذَا اخْضَرَّ وَلَا الْحِمَّصُ وَالْجُلْبَانُ إِلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ ; لِأَنَّ بُدُوَّ مَنْفَعَتِهِ الْمَقْصُودَةِ الْيُبْسُ وَاسْتِغْنَاؤُهُ عَنْ الْمَاءِ وَإِنَّمَا يُؤْكَلُ الْبَلَحُ وَعَلَى هَذَا حُكْمُ الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالْفُسْتُقِ عِنْدِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
‏ ‏( فَرْعٌ ) فَإِنْ بِيعَ الْفُولُ أَوْ الْحِنْطَةُ أَوْ الْعَدَسُ أَوْ الْحِمَّصُ عَلَى الْإِطْلَاقِ قَبْلَ يُبْسِهِ وَبَعْدَ أَنْ أفرك فَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُفْسَخُ فِيهِ الْبَيْعُ وَيُرَدُّ وَحُكْمُهُ حُكْمُ بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَرَوَى يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يَفُوتُ بِالْيُبْسِ وَيَمْضِي الْبَيْعُ وَلَا يُرَدُّ وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَكْرَهُ أَنْ يُعْمَلَ بِهِ فَإِذَا عَمِلَ بِهِ وَفَاتَ فَلَا أَرَى أَنْ يُفْسَخَ وَتَأَوَّلَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ هَذَا عَلَى مَعْنَى تَفُوتُ بِالْقَبْضِ وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ إِنْ نَزَلَ لَمْ أَفْسَخْهُ وَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَمْضِي بِنَفْسِ الْعَقْدِ.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) , وَأَمَّا إِذَا بَدَا صَلَاحُ الثَّمَرَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهَا وَذَلِكَ بِأَنْ يَبْدُوَ الصَّلَاحُ فِي نَخْلَةٍ مِنْهَا فَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ النَّخْلَةُ فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَيَجُوزُ بَيْعُ ذَلِكَ النِّصْفِ كُلِّهِ ; لِأَنَّهُ لَوْ رُوعِيَ فِي ذَلِكَ بِيعَ مَا بَدَا صَلَاحُهُ دُونَ غَيْرِهِ لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ لِتَفَاوُتِهِ وَلَلَحِقَتْهُ الْمَشَقَّةُ الْمُفْرِطَةُ فِيهِ وَلَامْتَنَعَ بَيْعُهُ إِلَّا عِنْدَ انْقِضَائِهِ وَهُوَ وَقْتُ فَوْتِ بَيْعِهِ وَاسْتِغْنَاءِ الْمُشْتَرِي عَنْهُ وَكَذَلِكَ إِذَا بَدَا صَلَاحُ نَوْعٍ جَازَ بَيْعُ سَائِرِ أَنْوَاعِ ذَلِكَ الْجِنْسِ مِمَّا يَقْرَبُ مِنْهُ فِي بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَإِنْ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُ تِلْكَ الْأَنْوَاعِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَهَذَا إِذَا كَانَ طَيِّبًا مُتَتَابِعًا وَلَمْ يَكُنْ مُبَكِّرًا وَالْمُرَاعَى فِيهِ بُلُوغُ الزَّمَنِ الَّذِي تُؤْمَنُ فِيهِ الْعَاهَةُ عَلَى الثَّمَرَةِ غَالِبًا وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنْ لَا تَكُونَ تِلْكَ الثَّمَرَةُ خَارِجَةً عَنْ عَادَةِ غَيْرِهَا فَإِنَّ مِنْ الشَّجَرِ مَا يَتَقَدَّمُ نَوْعٌ مِنْهُ سَائِرَ الْأَنْوَاعِ فِي الطِّيبِ بِالْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ وَيَتَأَخَّرُ عَنْ سَائِرِهِ بِالْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمُتَأَخِّرِ بِظُهُورِ صَلَاحِ الْمُتَقَدِّمِ كَمَا لَا يَمْنَعُ تَأْخِيرُ الْمُتَأَخِّرِ مَعَ الْمُتَقَدِّمِ كَالْعِنَبِ الشَّتْوِيِّ وَالصَّيْفِيِّ لَا يُبَاعُ الشَّتْوِيُّ بِبُدُوِّ صَلَاحِ الصَّيْفِيِّ ; لِأَنَّ عَادَتَهُمَا التَّفَاوُتُ فِي بُدُوِّ الصَّلَاحِ كَالْجِنْسَيْنِ وَكَذَلِكَ إِذَا نَدَرَ مِنْ الشَّجَرَةِ الْوَاحِدَةِ الْحَبَّةُ الْوَاحِدَةُ فَقَدْ يَنْدُرُ وَلَا يَتَلَاحَقُ بِهَا مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ شَيْءٌ فَإِنَّ تِلْكَ الْحَبَّةَ لَا حُكْمَ لَهَا حَتَّى يَتَقَارَبَ صَلَاحُ غَيْرِهَا فَإِنْ كَانَتْ الشَّجَرَةُ تُطْعِمُ بَطْنَيْنِ فِي السَّنَةِ فَالظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ الْآخَرُ بِبُدُوِّ صَلَاحِ الْأَوَّلِ رَوَاهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَفِي الْمَبْسُوطِ أَنَّهُ إِذَا كَانَ طِيبُهَا مُتَتَابِعًا لَا يَنْقَطِعُ الْأَوَّلُ حَتَّى يُدْرِكُ الْآخَرَ فَلَا بَأْسَ بِبَيْعِهِمَا جَمِيعًا بِطِيبِ الْأَوَّلِ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ لِبَطْنِ الثَّانِي ثَمَرَةً لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا وَلَا بَلَغَتْ إبَّانَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا فَلَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا كَالْمُفْرَدَةِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُ إِذَا اتَّصَلَ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الثَّمَرَةِ الْوَاحِدَةِ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ كالمقاثئ.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَلَا يُبَاعُ جِنْسٌ مِنْ الثَّمَرِ بِبُدُوِّ صَلَاحِ جِنْسٍ آخَرَ خِلَافًا لِلَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ نَهْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا وَحَتَّى تَزْهُوَ قِيلَ : وَمَا تَزْهُو ؟ قَالَ حِينَ تَحْمَرُّ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي الْعِنَبِ حِينَ يَسْوَدُّ فَاعْتُبِرَ فِي كُلِّ جِنْسٍ صِفَةٌ لَا تُوجَدُ فِي غَيْرِهِ وَمُنِعَ مِنْ بَيْعِهِ حَتَّى تُوجَدَ تِلْكَ الصِّفَةُ فِيهِ وَهَذَا يَمْنَعُ اعْتِبَارَهُ بَعْدَهُ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ مَنْعَ الثَّمَرَةِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا إنَّمَا هُوَ لِتُؤْمَنَ عَلَيْهَا الْعَاهَةُ وَلِتَكُونَ مَعْلُومَةَ الصِّفَةِ بِرُؤْيَةِ مَا طَابَ مِنْهَا وَقَدْ عُلِمَ تَفَاوُتُ أَجْنَاسِ الثِّمَارِ فِي الطِّيبِ فَإِذَا طَابَ بَعْضُهَا لَمْ يُؤْمَنْ بِذَلِكَ الْعَاهَةُ عَلَى غَيْرِهَا مِمَّا يَتَأَخَّرُ إبَّانُهُ عَنْ إبَّانِهَا وَإِذَا عُلِمَ صِفَةُ بَعْضِهَا بِبُدُوِّ الصَّلَاحِ فِيهَا لَمْ يُعْلَمْ بِذَلِكَ صِفَةُ غَيْرِهَا مَا لَمْ يَبْدُ الصَّلَاحُ فِيهَا.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا بَدَا صَلَاحُ نَخْلَةٍ مِنْ حَائِطٍ جَازَ بَيْعُ جَمِيعِ ذَلِكَ الْحَائِطِ وَجَازَ بَيْعُ مَا حَوَالَيْهِ مِنْ الْحَوَائِطِ وَمَا يَكُونُ حَالُهُ فِي التَّكْبِيرِ وَالتَّأْخِيرِ خِلَافًا لِمُطَرِّفٍ مِنْ أَصْحَابِنَا وَالشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِمَا لَا يُبَاعُ بِطِيبِهَا غَيْرُ حَائِطِهَا وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذِهِ ثَمَرَةٌ بَدَا صَلَاحُهَا فَجَازَ أَنْ يُبَاعَ بِهِ مَا حَوْلَهَا كَمَا لَوْ لَمْ يُفْصَلْ بَيْنَهُمَا بِجِدَارٍ.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الثَّمَرَةِ الَّتِي بَدَا صَلَاحُهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ وَيَجُوزُ بَيْعُهَا بِشَرْطِ التَّبْقِيَةِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا بِشَرْطِ التَّبْقِيَةِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذِهِ ثَمَرَةٌ جَازَ بَيْعُهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ فَجَازَ بَيْعُهَا بِشَرْطِ التَّبْقِيَةِ أَصْلُ ذَلِكَ إِذَا قَالَ أَبْتَاعُهَا مِنْك عَلَى أَنْ أَقْبِضَهَا غَدًا.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تُفْرَدَ الْحِنْطَةُ فِي سُنْبُلِهَا بِالشِّرَاءِ دُونَ السُّنْبُلِ وَكَذَلِكَ الْجَوْزُ وَاللَّوْزُ وَالْبَاقِلَاءُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُفْرَدَ بِالْبَيْعِ دُونَ قِشْرِهِ عَلَى الْجُزَافِ مَا دَامَ فِيهِ , وَأَمَّا شِرَاءُ السُّنْبُلِ إِذَا يَبِسَ وَلَمْ يَنْفَعْهُ الْمَاءُ فَجَائِزٌ وَكَذَلِكَ الْبَاقِلَاءُ وَالْجَوْزُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ مَا رَوَى نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى تَزْهُوَ وَعَنْ السُّنْبُلِ حَتَّى يَبْيَضَّ وَيَأْمَنَ الْعَاهَاتِ نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ وَهَذَا عَلَى طَرِيقِ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ فِي تَعَلُّقِهِ بِدَلِيلِ الْخِطَابِ فِي الْغَايَةِ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ مَا جَازَ بَيْعُهُ بَعْدَ الْفَرْكِ جَازَ بَيْعُهُ قَبْلَ الْفَرْكِ كَالشَّعِيرِ.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ قَائِمًا قَبْلَ حَصَادِهِ إِذَا يَبِسَ جَمِيعُهُ أَوْ أَكْثَرُهُ رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ وَرَوَى الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ فِي أَنَادِرِهِ وَقَبْلَ دَرْسِهِ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ نَافِعٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إِلَّا إِذَا كَانَ حُزُمًا يُرَى سُنْبُلُهُ وَيُنْظَرُ إِلَيْهِ وَوَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ عَنْ الصِّفَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْحَصَادِ وَقَدْ أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا قَبْلَ الْحَصَادِ وَأَنَّهُ يَتَأَتَّى حزره عَلَى ذَلِكَ فَكَذَلِكَ بَعْدَ الْحَصَادِ وَقَبْلَ تَغَيُّرِهِ بِالدَّرْسِ وَوَجْهٌ آخَرُ أَنَّ الْحَصَادَ مَعْنًى لَا يُتَوَقَّعُ مَعَهُ إضَافَةُ شَيْءٍ إِلَى الزَّرْعِ يَمْنَعُ صِحَّةَ تَقْدِيرِهِ وَتَسَاوَى الْمُتَبَايِعَانِ فِي مَعْرِفَتِهِ فَلَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ صِحَّةَ بَيْعِهِ جُزَافًا أَصْلُ ذَلِكَ إِذَا أَمَالَتْهُ الرِّيحُ وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ مَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ الَّتِي يُمْكِنُ عَلَيْهَا حَزْرُهُ , وَأَمَّا إِذَا كَانَ يَخْفَى سُنْبُلُهُ أَوْ بَعْضُهُ فَلَا يُمْكِنُ حَزْرُهُ لِخَفَاءِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ وَلِذَلِكَ جَوَّزْنَا الْخَرْصَ فِي النَّخْلِ وَالْأَعْنَابِ لَمَّا كَانَتْ ثَمَرَتُهَا ظَاهِرَةً يُمْكِنُ ذَلِكَ فِيهَا وَلَا يُخْرَصُ الزَّبِيبُ ; لِأَنَّ ثَمَرَتَهُ مَسْتُورَةٌ فِي أَوْرَاقِهِ.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بَعْدَ دَرْسِهِ وَرَوَى ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ فِي مَبْسُوطِهِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ صَارَ عَلَى حَالَةٍ لَا يَتَأَتَّى حَزْرُهُ وَلَا يُؤْمَنُ مِنْ إضَافَةِ التِّبْنِ إِلَيْهِ فَلَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ كَمَا لَوْ صَفَّاهُ ثُمَّ أَضَافَ إِلَى حِنْطَتِهِ تِبْنًا وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْجُزَافِ , وَأَمَّا بِالْكَيْلِ فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ ذَلِكَ ; لِأَنَّ الْمِقْدَارَ مَعْرُوفٌ بِالْكَيْلِ وَالصِّفَةُ مَعْرُوفَةٌ بِفَرْكِ بَعْضِهِ وَالنَّظَرِ إِلَيْهِ.


حديث نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها نهى البائع والمشتري

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنِي ‏ ‏يَحْيَى ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مَالِك ‏ ‏عَنْ ‏ ‏نَافِعٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏ابْنِ عُمَرَ ‏ ‏أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى ‏ ‏يَبْدُوَ صَلَاحُهَا ‏ ‏نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

أحاديث أخرى من موطأ الإمام مالك

أرخص فيها للشيخ وكرهها للشاب

عن عطاء بن يسار، أن عبد الله بن عباس سئل عن القبلة للصائم؟ «فأرخص فيها للشيخ، وكرهها للشاب»

رسول الله ﷺ كان يذهب لحاجة الإنسان في البيوت

عن ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يذهب لحاجة الإنسان في البيوت

كنت أرجل رأس رسول الله ﷺ وأنا حائض

عن عائشة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أنها قالت: كنت «أرجل رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا حائض»

في البقرة من الوحش بقرة وفي الشاة من الظباء شاة

عن هشام بن عروة، أن أباه كان يقول: «في البقرة من الوحش بقرة، وفي الشاة من الظباء شاة»

من صلى بأرض فلاة صلى عن يمينه ملك وعن شماله ملك

عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: «من صلى بأرض فلاة صلى عن يمينه ملك، وعن شماله ملك، فإذا أذن وأقام الصلاة أو أقام، صلى وراءه من الملائ...

إني نحلت ابني هذا غلاما كان لي

عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، وعن محمد بن النعمان بن بشير، أنهما حدثاه عن النعمان بن بشير، أنه قال: إن أباه بشيرا أتى به إلى رسول الله صلى الله عليه و...

قال لا تبع طعاما ابتعته حتى تستوفيه

عن نافع، أن حكيم بن حزام ابتاع طعاما أمر به عمر بن الخطاب للناس، فباع حكيم الطعام قبل أن يستوفيه، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب، فرده عليه، وقال: «لا تبع طعا...

لا يروح إلى الجمعة إلا ادهن وتطيب إلا أن يكون حرام...

عن نافع، أن عبد الله بن عمر كان «لا يروح إلى الجمعة إلا ادهن وتطيب إلا أن يكون حراما»

يخرج زكاة الفطر عن غلمانه الذين بوادي القرى وبخيبر

عن نافع، أن عبد الله بن عمر كان «يخرج زكاة الفطر عن غلمانه الذين بوادي القرى وبخيبر»