1327- عن مالك بن أوس بن الحدثان النصري أنه التمس صرفا بمائة دينار، قال فدعاني طلحة بن عبيد الله فتراوضنا حتى اصطرف مني وأخذ الذهب يقلبها في يده، ثم قال: حتى يأتيني خازني من الغابة وعمر بن الخطاب يسمع، فقال عمر: والله لا تفارقه حتى تأخذ منه، ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الذهب بالورق ربا، إلا هاء وهاء، والبر بالبر ربا، إلا هاء وهاء، والتمر بالتمر ربا، إلا هاء وهاء، والشعير بالشعير ربا، إلا هاء وهاء»
أخرجه الشيخان
المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)
( ش ) : قَوْلُهُ أَنَّهُ الْتَمَسَ صَرْفًا بِمِائَةِ دِينَارٍ دَلِيلٌ عَلَى تَجْوِيزِ عِوَضِ الدِّينَارِ وَمُرَاوَضَةِ مُتَبَايِعِهِمَا فِي صَرْفِهِمَا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ طَلَبًا لِلزِّيَادَةِ أَوْ مَعْرِفَةِ مَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الْعَطَاءُ وَقَوْلُهُ فَدَعَانِي طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ فَتَرَاوَضْنَا يَقْتَضِي جَوَازَ الْمُصَارَفَةِ لِمَنْ لَمْ يَتَّخِذْ ذَلِكَ مُتَّجِرًا , وَأَمَّا مَنْ اتَّخَذَ ذَلِكَ مُتَّجِرًا أَوْ صِنَاعَةً فَقَدْ كَرِهَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَعْمَلَ بِالصَّرْفِ إِلَّا أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ تَعَالَى يُرِيدُ أَنَّهُمَا تَسَاوَيَا فِيهِ حَتَّى عَقَدَا الصَّرْفَ فَأَخَذَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الذَّهَبَ يُقَلِّبُهَا لِيَعْلَمَ جَوْدَتَهَا ثُمَّ قَالَ حَتَّى يَأْتِيَ خَازِنِي مِنْ الْغَابَةِ يُرِيدُ أَنْ يُؤَخِّرَ ذَلِكَ إِلَى أَنْ يَأْتِيَهُ خَازِنُهُ مِنْ الْغَابَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ تَأْخِيرَ الدَّرَاهِمِ خَاصَّةً وَيَقْبِضَ هُوَ الدَّنَانِيرَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ إقْرَارَ الدَّنَانِيرِ بِيَدِ مَالِكِهَا حَتَّى يَأْتِيَ خَازِنُهُ مِنْ الْغَابَةِ فَيَتَقَابَضَا يَدًا بِيَدٍ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ حِينَ سَمِعَ ذَلِكَ وَاَللَّهِ لَا تُفَارِقْهُ حَتَّى تَأْخُذَ مِنْهُ يُرِيدُ لَا تُفَارِقْهُ وَبَيْنَكُمَا عَقْدٌ حَتَّى ينتجز مَا بَيْنَكُمَا مِنْ التَّقَابُضِ ثُمَّ احْتَجَّ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ وَحُمِلَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ التَّقَابُضَ فِيهِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَعَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ لَا يَتَأَخَّرُ عَنْهُمَا بَلْ يَقْتَرِنُ بِهِمَا ; لِأَنَّ عَقْدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقْتَضِي الْإِشَارَةَ إِلَى مَا بِيَدِهِ مِنْ الْعِوَضِ بِقَوْلِهِ هَاءَ وَلِذَلِكَ فَهِمَ مِنْهُ عُمَرُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ اللِّسَانِ تَعْجِيلَ التَّقَابُضِ فَأَمَّا التَّفَرُّقُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ نَعْلَمُهُ فِي أَنَّهُ يُفْسِدُ الْعَقْدَ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا احْتَجَّ بِهِ عُمَرُ وَمَا جَوَّزَهُ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ فَتَرْكُهُ التَّأْوِيلَ وَالْمُرَاجَعَةَ لِعُمَرَ رَضِى اللَّهُ عَنْهُمَا دَلِيلٌ عَلَى رُجُوعِهِ عَنْهُ.
( مَسْأَلَةٌ ) فَإِنْ اسْتَأْذَنَ الصَّرَّافُ بَعْدَ الْعَقْدِ فِي أَنْ يَذْهَبَ بِهَا إِلَى صَرَّافٍ قَرِيبٍ مِنْهُ يُرِيهِ إيَّاهَا وَيَزِنُهَا عِنْدَهُ أَوْ عَقَدَ مَعَهُ الصَّرْفَ عَلَى ذَلِكَ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ فِيمَا قَرُبَ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَا لِقُرْبِهِمَا فِي حُكْمِ الْمُتَجَالِسَيْنِ , وَأَمَّا أَنْ تَبَاعَدَ ذَلِكَ حَتَّى يُرَى أَنَّهُ افْتِرَاقٌ مِنْ الْمُتَصَارِفَيْنِ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَهُوَ يُفْسِدُ الْعَقْدَ.
( مَسْأَلَةٌ ) فَإِنْ اسْتَوْجَبَ رَجُلٌ سِوَارَيْ ذَهَبٍ بِمِائَةٍ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَذْهَبَ بِهِمَا فَإِنْ رَضِيَهُمَا أَهْلُهُ رَجَعَ بِهِمَا فَاسْتَوْجَبَهُمَا مِنْهُ وَإِلَّا رَدَّهُمَا رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَقَالَ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ أَحَبُّ إلَيْنَا أَنْ نَأْخُذَهَا مِنْ غَيْرِ إيجَابٍ , وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ إثْبَاتُ الْخِيَارِ فِي الصَّرْفِ وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ وَجُوِّزَ التَّأْخِيرُ فِيهِ بَعْدَ عَقْدِهِ عَلَى النَّقْدِ وَهُوَ أَيْضًا بَعِيدٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْمُوَاعَدَةَ فِي الصَّرْفِ وَتَقْرِيرِ الثَّمَنِ دُونَ عَقْدٍ وَلِذَلِكَ قَالَ إنَّهُ إِنْ رَضِيَهُمَا أَهْلُهُ رَجَعَ فَاسْتَوْجَبَهُمَا مِنْهُ فَذَكَرَ أَنَّ الْإِيجَابَ لَمْ يُوجَدْ بَعْدُ وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ تَقْرِيرِ الثَّمَنِ وَمَعْرِفَةِ مَا يَتْبَعُ الصَّرْفَ إِنْ رَضِيَهَا أَهْلُهُ لِمَا كُلِّفَ الطَّلَبُ وَمَعْرِفَةُ الثَّمَنِ فَلَمْ يَجْعَلْ إِلَيْهِ عَقْدَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ الصَّرْفَ يُنَافِي الْخِيَارَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ ; لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُنَاجَزَةِ وَالنَّقْدِ فِي الْمَجْلِسِ وَالْخِيَارُ لَا يَكُونُ إِلَّا فِيمَا يَدْخُلُهُ التَّأْخِيرُ ; لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ فِي مُدَّةٍ تَتَأَخَّرُ عَنْ حَالِ الْعَقْدِ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَلَوْ بِيعَ حُلِيٌّ فِي تَرِكَةٍ فَابْتَاعَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ بَعْضَهُ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فَأَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَقَاصَّا بِهِ مِمَّا لَهُ فِي الْمِيرَاثِ فَإِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ إِلَّا أَنْ يُنْجِزَ الْقِسْمَةَ فِي الْمَجْلِسِ بِإِثْرِ الِابْتِيَاعِ ; لِأَنَّ شِرَاءَهُ لَيْسَ بِقِسْمَةٍ مُتَنَجَّزَةٍ ; لِأَنَّهُ لَوْ ذَهَبَ سَائِرُ الْمِيرَاثِ لَرَجَعَ عَلَيْهِ فِيمَا بِيَدِهِ فَلَمَّا لَمْ يَتَنَجَّزْ الْقَبْضُ فِيهِ دَخَلَهُ التَّأْخِيرُ فِي الصَّرْفِ فَأَبْطَلَهُ وَلَوْ قَالَ مُبْتَاعُ الْحُلِيِّ : أَمْسِكْ ثَمَنَ حِصَّتِي مِنْهُ وَارْفَعْ الْبَاقِيَ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ وَكِتَابِ مُحَمَّدٍ عَنْ مَالِكٍ جَوَازُ ذَلِكَ وَقَالَ بِإِثْرِهَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ خَالَفَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَالِكًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ الْمُفَاصَلَةَ وَقَعَتْ فِي هَذَا الْحُلِيِّ الْمَبِيعِ بِإِمْسَاكِ قَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْهُ وَدَفْعِ الْبَاقِي فَقَدْ وُجِدَ التَّنَاجُزُ بَيْنَهُمَا فَصَحَّ الْعَقْدُ وَلَا يُؤَثِّرُ وَزْنُهُ لِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ إِذَا جَازَ لَهُ اسْتِرْجَاعُهَا بِإِثْرِ دَفْعِهِ لَهَا.
( مَسْأَلَةٌ ) فَإِنْ كَانَ افْتِرَاقُهُمَا قَبْلَ الْعَقْدِ بِغَلَبَةٍ مِنْ أَحَدِهِمَا مِثْلَ أَنْ يَقْبِضَ الصَّرَّافُ الدَّنَانِيرَ وَيَمْنَعَ مِنْ دَفْعِ الدَّرَاهِمِ الظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ ذَلِكَ يُفْسِدُ الْعَقْدَ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ فِي قَوْمٍ اشْتَرَوْا قِلَادَةَ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا بِدَرَاهِمَ نَقْدًا وَقَالُوا نَزِنُ الدَّرَاهِمَ وَأَمَرُوهُ بِذَلِكَ وَفَصَلُوا الْقِلَادَةَ وَتُقَاوَمُوا اللُّؤْلُؤَ أَوْ بَاعُوا الذَّهَبَ فِيمَا وَضَعُوا أَرَادُوا نَقْضَ الْبَيْعِ لِتَأَخُّرِ النَّقْدِ فَقَالَ مَالِكٌ لَا تُنْقَضُ لِتَأَخُّرِ النَّقْدِ ; لِأَنَّهُمْ اشْتَرَوْا عَلَى النَّقْدِ زَادَ مُحَمَّدٌ عَنْ مَالِكٍ وَلَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِتَأْخِيرِهِمْ وَصُنْعِهِمْ وَإِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ مَغْلُوبٌ وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَنَّ تَأْخِيرَ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ النَّقْدَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ الثَّانِي عَلَى وَجْهِ الْغَلَبَةِ لَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ هَذَا الْعَقْدِ النَّقْدُ فَإِذَا عُدِمَتْ شُرُوطُ صِحَّتِهِ وَجَبَ أَنْ يَفْسُدَ وَيَحْتَمِلُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَنْ يَكُونَ مَالِكٌ أَلْزَمَهُ ثَمَنَ الْقِلَادَةِ ; لِأَنَّهُمْ أَخَذُوهَا عَلَى وَجْهِ الشِّرَاءِ ثُمَّ تَعَدَّوْا عَلَى إتْلَافِهَا لِيُؤَدُّوا إِلَيْهِ الْقِيمَةَ فَلَزِمَهُمْ الثَّمَنُ كَمَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا عَلَى الْخِيَارِ وَادَّعَى تَلَفَهُ فَاتُّهِمَ أَنَّهُ يُرِيدُ رَدَّ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّمَنُ دُونَ الْقِيمَةِ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ الْوَرِقُ بِالذَّهَبِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ قَالَ ابْنُ ثَابِتٍ فِي غَرِيبِهِ إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ بِالْمَدِّ وَذَلِكَ يَقْتَضِي النَّقْدَ مَعَ الْعَقْدِ وَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنَّ هَاءَ وَهَاءَ تَنُوبُ عَنْ الْعَقْدِ وَالنَّقْدِ لِقُرْبِ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ فَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَأَخَّرَ النَّقْدُ عَنْ الْعَقْدِ وَمِنْ صِفَتِهِ أَنْ يَكُونَا مَعًا مِثْلَ الدِّرْهَمَيْنِ أَوْ يَكُونَ النَّقْدُ مُتَّصِلًا بِتَمَامِ الْعَقْدِ أَوْ فِي حُكْمِ الْمُتَّصِلِ لِقُرْبِهِ مِنْهُ مَعَ كَوْنِهِمَا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَمَا هُوَ حُكْمُهُ مِنْ الْقُرْبِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ , وَأَمَّا إِنْ فَصَلَ بَيْنَهُمَا طُولُ مَجْلِسٍ وَالْخُرُوجُ مِنْ أَمْرٍ إِلَى أَمْرٍ غَيْرِهِ وَمِنْ الصَّرْفِ إِلَى الْإِعْرَاضِ عَنْهُ وَالِاشْتِغَالِ بِغَيْرِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِمَا إِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ وَهُوَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَرِقُ بِالذَّهَبِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ هَذَا صَرْفٌ تَأَخَّرَ الْقَبْضُ فِيهِ عَنْ الْعَقْدِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَصِحَّ كَمَا لَوْ قَامَا مِنْ مَجْلِسِهِمَا.
( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا ثَبَتَ أَنَّ حُكْمَ النَّقْدِ اتِّصَالُهُ بِالْعَقْدِ فَإِنَّ مِنْ حُكْمِهِ حُضُورُ الْعِوَضَيْنِ حَالَ الْعَقْدِ وَالنَّقْدِ فَأَمَّا الْعَقْدُ فَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ , وَأَمَّا حُضُورُهُمَا حِينَ الْعَقْدِ فَلَازِمٌ أَيْضًا وَلَوْ أَنَّ الْمُتَصَارِفَيْنِ عَقَدَا الصَّرْفَ بِحَضْرَةِ الْعِوَضَيْنِ ثُمَّ قَبَضَ أَحَدُهُمَا الدَّنَانِيرَ فَأَنْفَذهَا إِلَى بَيْتِهِ ثُمَّ قَبَضَ الدَّرَاهِمَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ مَنْ ابْتَاعَ خَلْخَالَ فِضَّةٍ بِدَنَانِيرَ فَاسْتُحِقَّتْ وَقَدْ أَنْفَذَ بِهَا إِلَى بَيْتِهِ فَأَرَادَ الْمُسْتَحِقُّ أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ وَأَرَادَ هُوَ أَنْ يَنْقُدَهُ مِنْ عِنْدِهِ الثَّمَنَ وَيَتْبَعَ الْبَائِعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَلَوْ حَضَرَ الْخَلْخَالُ جَازَ ذَلِكَ وَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ إِنَّ هَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ مَفْسُوخٌ ; لِأَنَّ لِمُسْتَحِقِّهَا فِي ذَلِكَ الْخِيَارُ فَجَوَّزَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إمْضَاءَ الْمُسْتَحِقِّ الْبَيْعَ مَعَ حُضُورِ الْخَلْخَالِ مِنْ التَّجْوِيزِ وَالنَّقْدِ وَمَنَعَ ذَلِكَ مَعَ غَيْبَتِهِمَا ; لِأَنَّهُمَا مِمَّا يَتَعَيَّنُ بِالنَّقْدِ وَجَوَّزَ ذَلِكَ فِي الْغَاصِبِ يَشْتَرِي الدَّنَانِيرَ مِمَّنْ غَصَبَهَا مِنْهُ وَهِيَ غَائِبَةٌ عَنْهُ لَمَّا لَمْ تَكُنْ مُعَيَّنَةً بِالْغَصْبِ وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ إِنْ حُمِلَ عَلَى ظَاهِرِهِ ; لِأَنَّ هَذَا الصَّرْفَ مَوْقُوفٌ عَلَى الْفَسْخِ لَا عَلَى الْإِجَازَةِ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ إمْضَاءَهُ كَوُجُودِ الرَّدِيءِ فِي أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُوجِبُ فَسْخَ الْعَقْدِ إِنْ رَضِيَ بِهِ الَّذِي وَجَدَ الرَّدِيءَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَلَوْ كَانَ فِي حُكْمِ الْحَاضِرِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَأْخُذَ الصَّرَّافُ الدِّينَارَ فَيُدْخِلَهُ فِي كُمِّهِ أَوْ تَابُوتِهِ ثُمَّ يَقْضِيَ عِوَضَهُ وَيَبِيعَهُ مِنْ غَيْرِهِ فِي الْمَجْلِسِ ثُمَّ يَقْتَضِيَ عِوَضَهُ قَبْلَ مَغِيبِهِ وَقَبْلَ التَّفَرُّقِ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ لِمُضَارَعَتِهِ مَعِيبَ مَا حُضُورُهُ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ.
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ النَّصْرِيِّ أَنَّهُ الْتَمَسَ صَرْفًا بِمِائَةِ دِينَارٍ قَالَ فَدَعَانِي طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ فَتَرَاوَضْنَا حَتَّى اصْطَرَفَ مِنِّي وَأَخَذَ الذَّهَبَ يُقَلِّبُهَا فِي يَدِهِ ثُمَّ قَالَ حَتَّى يَأْتِيَنِي خَازِنِي مِنْ الْغَابَةِ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسْمَعُ فَقَالَ عُمَرُ وَاللَّهِ لَا تُفَارِقْهُ حَتَّى تَأْخُذَ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ
عن يزيد بن عبد الله بن قسيط، أنه رأى سعيد بن المسيب: «يراطل الذهب بالذهب، فيفرغ ذهبه في كفة الميزان، ويفرغ صاحبه الذي يراطله ذهبه في كفة الميزان الأخر...
عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من ابتاع طعاما.<br> فلا يبعه حتى يستوفيه»
عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من ابتاع طعاما.<br> فلا يبعه حتى يقبضه»
عن عبد الله بن عمر، أنه قال: «كنا في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، نبتاع الطعام.<br> فيبعث علينا من يأمرنا بانتقاله من المكان الذي ابتعناه فيه، إ...
عن نافع، أن حكيم بن حزام ابتاع طعاما أمر به عمر بن الخطاب للناس، فباع حكيم الطعام قبل أن يستوفيه، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب، فرده عليه، وقال: «لا تبع طعا...
عن يحيى بن سعيد، أنه سمع جميل بن عبد الرحمن المؤذن يقول لسعيد بن المسيب: إني رجل أبتاع من الأرزاق التي تعطى الناس بالجار ما شاء الله، ثم أريد أن أبيع...
عن أبي الزناد، أنه سمع سعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، «ينهيان أن يبيع الرجل حنطة بذهب إلى أجل، ثم يشتري بالذهب تمرا قبل أن يقبض الذهب»
عن كثير بن فرقد، أنه سأل أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن الرجل: «يبيع الطعام من الرجل بذهب إلى أجل، ثم يشتري بالذهب تمرا قبل أن يقبض الذهب، فكره ذل...
عن عبد الله بن عمر أنه قال: «لا بأس بأن يسلف الرجل الرجل في الطعام الموصوف بسعر معلوم إلى أجل مسمى، ما لم يكن في زرع لم يبد صلاحه، أو تمر لم يبد صلاحه...