حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

قضاء الله أحق وشرط الله أوثق وإنما الولاء لمن أعتق - موطأ الإمام مالك

موطأ الإمام مالك | كتاب العتق والولاء باب مصير الولاء لمن أعتق (حديث رقم: 1479 )


1479- عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: جاءت بريرة فقالت: إني كاتبت أهلي على تسع أواق في كل عام أوقية فأعينيني.
فقالت عائشة: إن أحب أهلك أن أعدها لهم عنك.
عددتها ويكون لي ولاؤك فعلت.
فذهبت بريرة إلى أهلها.
فقالت لهم ذلك فأبوا عليها.
فجاءت من عند أهلها ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس.
فقالت لعائشة إني قد عرضت عليهم ذلك فأبوا علي إلا أن يكون الولاء لهم.
فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فسألها.
فأخبرته عائشة.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خذيها واشترطي لهم الولاء.
فإنما الولاء لمن أعتق» ففعلت عائشة.
ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فحمد الله وأثنى عليه.
ثم قال: «أما بعد فما بال رجال يشترطون شروطا ليست في كتاب الله؟ ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل.
وإن كان مائة شرط.
قضاء الله أحق.
وشرط الله أوثق.
وإنما الولاء لمن أعتق»

أخرجه مالك في الموطأ


أخرجه الشيخان

شرح حديث (قضاء الله أحق وشرط الله أوثق وإنما الولاء لمن أعتق)

المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)

( ش ) : قَوْلُ بَرِيرَةَ كَاتَبْت أَهْلِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ فِي كُلِّ عَامٍ أُوقِيَّةٌ يَقْتَضِي أَنَّ الْكِتَابَةَ عَلَى النُّجُومِ جَائِزَةٌ وَتَكُونُ الْكِتَابَةُ شَيْئًا مُقَدَّرًا وَمَا يُدْفَعُ مِنْهُ فِي كُلِّ عَامٍ مُقَدَّرًا وَقَوْلُهَا فَأَعِينِينِي دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ السَّعْيِ وَأَخْذِ صَدَقَاتِ التَّطَوُّعِ لِتُؤَدِّي بِهَا عَنْ نَفْسِهَا وَأَمَّا الصَّدَقَاتُ الْوَاجِبَةُ مِنْ الزَّكَوَاتِ فَإِنَّ مَالِكًا قَالَ : إِنْ أَعْطَى مِنْهَا مَا يُتِمُّ بِهِ عِتْقَ الْمُكَاتَبِ فَجَائِزٌ وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ وَأَمَّا إِنْ يُعْطَى مِنْهُ مَا يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى كِتَابَتِهِ مَعَ بَقَاءِ رِقِّهِ فَلَا , وَلَيْسَ فِي قَوْلِ بَرِيرَةَ فَأَعِينِينِي مَا يَدُلُّ عَلَى زَكَاةٍ وَلَا عَلَى غَيْرِهَا وَإِنَّمَا طَلَبَتْ الْعَوْنَ عَلَى الْأَدَاءِ.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُ عَائِشَةَ إِنْ أَحَبَّ أَهْلُك أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ عَدَدْتهَا وَيَكُونُ لِي وَلَاؤُك فَعَلْت يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَعْنَى شِرَاءِ الْمُكَاتَبِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْأَدَاءِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى شِرَائِهَا لِعَجْزِهَا عَنْ الْأَدَاءِ , أَوْ رُجُوعِهَا إِلَى الرِّقِّ قَالَ ابْنُ مُزَيْنٍ لِعِيسَى كَيْفَ جَازَ لِعَائِشَةَ أَنْ تَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ وَهِيَ مُكَاتَبَةٌ ؟ فَقَالَ : نَحْمِلَهُ عَلَى أَنَّهَا عَجَزَتْ وَقَالَهُ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ نَافِعٍ فَأَمَّا شِرَاءُ الْمُكَاتَبِ فَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ فَقَالَ مَرَّةً إِنْ فَاتَ بِالْعِتْقِ لَمْ يُرَدَّ وَقَالَ مَرَّةً يُرَدُّ وَيُنْقَضُ الْبَيْعُ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْعِتْقَ الْبَتْلَ أَقْوَى مِنْ الْكِتَابَةِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ الْعِتْقَ إنَّمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ وَالْبَيْعُ لَا يَجُوزُ ; لِأَنَّ فِيهِ نَقْضًا لِلْكِتَابَةِ وَعَقْدُ الْكِتَابَةِ عَقْدٌ لَازِمٌ وَلَا يُنْتَقَضُ إِلَّا بِالْعَجْزِ عَنْ الْأَدَاءِ وَأَمَّا حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى الْعَجْزِ عَنْ الْأَدَاءِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَعْجَزَ عَنْهُ فَتَلَوَّمَ أَهْلُهَا عَلَيْهَا لِاسْتِبْرَاءِ حَالِهَا فَخَرَجَتْ تَسْعَى فِي أَدَاءِ نَجْمِهَا فَاخْتَارَتْ عَائِشَةُ أَنْ تَتْرُكَ السُّؤَالَ وَتَرْضَى بِالْعَجْزِ لِتَشْتَرِيَهَا فَتُنَفِّذَ عِتْقَهَا فَيَكُونُ ذَلِكَ أَرْفَقَ وَأَتَمَّ لِعِتْقِهَا ; لِأَنَّهَا رُبَّمَا عَجَزَتْ عَمَّا بَقِيَ مِنْ نُجُومِهَا بِالْمُكَاتَبَةِ فَيَكُونُ ذَلِكَ وَإِنْ أَرَادَتْ النَّجْمَ الَّذِي حَلَّ بِإِعْطَاءٍ مِنْ عَائِشَةَ , أَوْ غَيْرِهَا , ثُمَّ رُبَّمَا إِنْ كَانَتْ بَقِيَتْ النُّجُومُ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ اللَّفْظُ مَعَ الْأَدَاءِ بِتَعْجِيلِ عِتْقِهَا تِسْعَ سِنِينَ وَيَكُونُ إِذَا اشْتَرَتْهَا عَائِشَةُ يَكُونُ الْوَلَاءُ لَهَا عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ الشَّرْعُ , أَوْ عَلَى مَا ظَنَّتْ أَنَّهَا لَا يَثْبُتُ لَهَا إِلَّا بِالشَّرْطِ.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَمَا ذَكَرَتْ أَنَّ أَهْلَهَا أَبَوْا إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْوَلَاءُ يُحْتَمَلُ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ أَنَّهُمْ إنَّمَا أَرَادُوا بَيْعَ الْكِتَابَةِ لَا بَيْعَ الرَّقَبَةِ , وَذَلِكَ أَنَّ بَيْعَ الْكِتَابَةِ يَقْتَضِي بَقَاءَ الرَّقَبَةِ , وَالْكِتَابَةُ تَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ لِمَنْ كَاتَبَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ قَدْ أَرَادُوا بَيْعَ الرَّقَبَةِ إمَّا مَعَ بَقَاءِ الْكِتَابَةِ وَإِمَّا بَعْدَ فَسْخِ الْكِتَابَةِ إِلَّا أَنَّهُمْ اعْتَقَدُوا أَنَّ اشْتِرَاطَ الْوَلَاءِ لَهُمْ جَائِزٌ مَعَ ذَلِكَ وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ مِنْ الْحَدِيثِ لَمَّا قَضَى بِالْوَلَاءِ لِعَائِشَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهَا.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم خُذِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمْ الْوَلَاءَ , ظَاهِرُهُ اشْتِرَاطُهُ لِلْبَائِعِ وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ بْنُ النَّحَّاسِ مَعْنَى ذَلِكَ اشْتَرِطِي عَلَيْهِمْ الْوَلَاءَ لِنَفْسِك وَإِنَّ لَهُمْ بِمَعْنَى عَلَيْهِمْ وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ فَإِنَّ فِي رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ أَبَوْا إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْوَلَاءُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم لَا يَمْنَعُك ذَلِكَ فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ , ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَهُوَ بَاطِلٌ , وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّهُمْ وَإِنْ اشْتَرَطُوا الْوَلَاءَ لِأَنْفُسِهِمْ فِي الْبَيْعِ فَإِنَّ اشْتِرَاطَ ذَلِكَ لَا يَنْفَعُ وَلَوْ اشْتَرَطُوهُ مِائَةَ مَرَّةٍ فَإِنَّ شَرْطَ اللَّهِ يَعْنِي مَا أَمَرَ بِهِ وَشَرَعَهُ أَحَقُّ وَأَوْثَقُ وَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ اشْتَرَطَ الْوَلَاءَ بِالْعِتْقِ لَا بِالشَّرْطِ وَقَدْ رَوَى فِي الْمُزَنِيَّةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي مُكَاتَبٍ بَاعَهُ أَهْلُهُ مِنْ رَجُلٍ عَلَى أَنْ يُعْتِقَهُ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ لِمَنْ بَاعَهُ فَقَالَ الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَهُ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَقَدْ قَالَ سَحْنُونٌ فِي كِتَابِ ابْنِهِ إنَّمَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم عَائِشَةَ بِشِرَاءِ بَرِيرَةَ وَيَشْتَرِطُ الْوَلَاءَ لِلْبَائِعِ عَلَى مَعْنَى الْخَدِيعَةِ يُرِيدُونَ , وَلَكِنْ بَعْد الْإِعْلَامِ لَهُمْ بِوَجْهِ الْحُكْمِ فِي ذَلِكَ مَعَ الشَّرْطِ قَالَ سَحْنُونٌ إذْ لَا يَحِلُّ الْقَوْلُ مِنْ الْقُلُوبِ مَحَلَّ الْحُكْمِ كَمَا رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أَنَّهُ قَالَ إنِّي لَأَنْسَى , أَوْ أُنَسَّى لِأُسِنَّ يُرِيدُ أَنَّ الْفِعْلَ أَثْبَتُ فِي النُّفُوسِ مِنْ التَّعْلِيمِ بِالْقَوْلِ وَأَنْكَرَ قَوْلَ مَنْ قَالَ اشْتَرِطِي لَهُمْ بِمَعْنَى عَلَيْهِمْ وَقَالَ مَا عَلِمْت مَنْ قَالَهُ.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ قَالَ سَحْنُونٌ مَعْنَاهُ مَنْ أَعْتَقَ عَنْ نَفْسِهِ ; لِأَنَّهُمْ أَجْمَعُوا أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِعِتْقٍ عَنْ الْمَيِّتِ فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِلْمَيِّتِ وَرَوَى ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ مَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَنْ غَيْرِهِ فَوَلَاؤُهُ لِلْغَيْرِ وَإِنْ كَرِهَ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ سَوَاءٌ أَعْتَقَ عَنْهُ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ الْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ إِذَا أَعْتَقَ عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَدَلِيلُنَا عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ الْوَلَاءَ مَعْنًى يُورَثُ بِهِ عَلَى وَجْهِ التَّعْصِيبِ فَلَا يَفْتَقِرُ حُصُولُهُ لِمَنْ حَصَلَ لَهُ إِلَى إذْنِهِ كَالنَّسَبِ , وَدَلِيلٌ آخَرُ أَنَّ الْوَلَاءَ تَعْصِيبٌ ثَبَتَ بِالْإِذْنِ فَوَجَبَ أَنْ يَثْبُتَ بِغَيْرِ إذْنٍ أَصْلُ ذَلِكَ : الرَّجُلُ يُعْتِقُ عَبْدَهُ فَيَثْبُتُ وَلَاؤُهُ لِعَصَبَتِهِ وَإِنْ كَرِهُوا ذَلِكَ.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَمِنْ هَذَا الْبَابِ عِنْدِي مَنْ يُعْتَقُ فِي الزَّكَاةِ أَنَّ الْوَلَاءَ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ دُونَ الْمُعْتِقِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُعْتِقْ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّمَا أَعْتَقَ عَنْ غَيْرِهِ فَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم : إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ مَحْمُولٌ عَلَى عُمُومِهِ إِلَّا إِنْ خَصَّ مِنْهُ الْمُعْتِقَ عَنْ غَيْرِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْطَى الْوَرِقَ وَقَدْ يَكُونُ فِي الْأَغْلَبِ مُعْطِي الْوَرِقِ مَنْ يُعْتَقُ عَنْهُ دُونَ مُبَاشَرَةِ الْعِتْقِ وَأَمَّا الْعِتْقُ فِي الْكَفَّارَةِ فَوَلَاؤُهُ لِلْمُعْتِقِ ; لِأَنَّهُ أَعْتَقَ عَنْ نَفْسِهِ.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَمَنْ أَعْتَقَ مُدَبَّرَهُ عَنْ فُلَانٍ فَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ قَالَ عَنْهُ عِيسَى وَلَا أُحِبُّ ابْتِدَاءَ ذَلِكَ وَمَعْنَى ذَلِكَ مَا فِيهِ مِنْ إتْمَامِ نَقْلِ الْوَلَاءِ عَنْ الْمُدَبَّرِ قَالَ عِيسَى قِيلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ فَالْمُكَاتَبُ مِثْلُهُ قَالَ مَا أَشْبَهَهُ بِهِ يُرِيدُ أَنَّ مَنْ أَعْتَقَهُ عَنْ غَيْرِهِ فَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ قَدْ ثَبَتَ لَهُ بِعَقْدِ الْكِتَابَةِ وَلَا يَقْدِرُ أَنْ يُفْسَخَ بِمَالٍ , وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهُ مِمَّنْ يُعْتِقَهُ لَكَانَ الْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ وَهَذَا فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُسَوِّغْهُ نَقْضُ عَقْدِ الْكِتَابَةِ وَقَدْ قَالَ عَنْهُ أَصْبَغُ فِي الْمُدَبَّرِ يَبِيعُهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فَيُعْتِقُهُ الْمُبْتَاعُ أَنَّ الْوَلَاءَ لِلْمُبْتَاعِ ; لِأَنَّهُ قَدْ سَوَّغَهُ بِإِطْلَاقِ الْبَيْعِ لِلْمِلْكِ الَّذِي يُبْطِلُ الْوَلَاءَ فَإِذَا فَاتَ رُدَّ الْبَيْعُ بِالْعِتْقِ وَالْوَلَاءُ لِلْمُبْتَاعِ الْمُعْتِقِ.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَمَنْ أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ عَنْ أَجْنَبِيٍّ فَوَلَاؤُهُ لِلْمُعْتَقِ , وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهَا مِمَّنْ يُعْتِقُهَا قَالَ أَصْبَغُ الْوَلَاءُ لِلْبَائِعِ , وَالْعِتْقُ مَاضٍ كَمَا لَوْ أَعْطَاهُ مَالًا عَلَى الْعِتْقِ وَرُوِيَ عَنْ سَحْنُونٍ الْعِتْقُ بَاطِلٌ وَتُرَدُّ إِلَى سَيِّدِهَا أُمُّ وَلَدٍ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ مِنْ أَنَّ بَيْعَهَا مِمَّنْ يُعْتِقُهَا وَإِنْ كَانَ لَفْظُهُ لَفْظَ الْبَيْعِ فَإِنَّ مَعْنَاهُ أَنْ يُعْطِيَهُ الْمُبْتَاعُ مَالًا عَلَى أَنْ يُعَجِّلَ عِتْقَهَا وَذَلِكَ جَائِزٌ فَيُحْمَلُ أَمْرَهَا عَلَى الْجَائِزِ مِنْ الْمَعْنَى دُونَ الْمُنْتَزِعِ مِنْ اللَّفْظِ , وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ الْعَقْدَ إنَّمَا يُبَاشِرُ الْبَيْعَ بِشَرْطِ أَنْ يُعْتِقُهَا الْمُبْتَاعُ فَإِذَا بَطَلَ الْبَيْعُ بِالشَّرْعِ فِي أُمِّ الْوَلَدِ لَمْ يَصِحَّ الْعِتْقُ ; لِأَنَّهُ مُتَرَتِّبٌ عَلَى مِلْكِ الْمُبْتَاعِ لِمَا ابْتَاعَ.
‏ ‏( فَرْعٌ ) فَإِذَا قُلْنَا يَنْفُذُ الْعِتْقُ فَإِنَّ الْمَالَ سَائِغٌ لِلْبَائِعِ وَرَوَى ابْنُ الْمَاجِشُونِ الْوَلَاءُ لِلْبَائِعِ وَالْعِتْقُ مَاضٍ وَيُرَدُّ الثَّمَنُ , وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ إعْطَاءِ الْمَالِ عَلَى تَعْجِيلِ الْعِتْقِ , وَذَلِكَ جَائِزٌ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ الْعِتْقَ لَمَّا وَقَعَ بِإِذْنِ سَيِّدِهَا نَفَذَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَذِنَ لِرَجُلٍ فِي أَنْ يُعْتِقَ أَمَتَهُ وَلَمَّا بَطَلَ الْبَيْعُ رَدَّ مَا تَعَلَّقَ بِهِ مِنْ الثَّمَن ; لِأَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَهُ عَلَى وَجْهِ الثَّمَنِ.


حديث خذيها واشترطي لهم الولاء

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنِي ‏ ‏مَالِك ‏ ‏عَنْ ‏ ‏هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِيهِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏أَنَّهَا قَالَتْ ‏ ‏جَاءَتْ ‏ ‏بَرِيرَةُ ‏ ‏فَقَالَتْ إِنِّي ‏ ‏كَاتَبْتُ ‏ ‏أَهْلِي عَلَى تِسْعِ ‏ ‏أَوَاقٍ ‏ ‏فِي كُلِّ عَامٍ أُوقِيَّةٌ فَأَعِينِينِي فَقَالَتْ ‏ ‏عَائِشَةُ ‏ ‏إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ عَنْكِ عَدَدْتُهَا وَيَكُونَ لِي ‏ ‏وَلَاؤُكِ ‏ ‏فَعَلْتُ فَذَهَبَتْ ‏ ‏بَرِيرَةُ ‏ ‏إِلَى أَهْلِهَا فَقَالَتْ لَهُمْ ذَلِكَ فَأَبَوْا عَلَيْهَا فَجَاءَتْ مِنْ عِنْدِ أَهْلِهَا وَرَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏جَالِسٌ فَقَالَتْ ‏ ‏لِعَائِشَةَ ‏ ‏إِنِّي قَدْ عَرَضْتُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ فَأَبَوْا عَلَيَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ لَهُمْ فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَسَأَلَهَا فَأَخْبَرَتْهُ ‏ ‏عَائِشَةُ ‏ ‏فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ‏ ‏خُذِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمْ الْوَلَاءَ فَإِنَّمَا ‏ ‏الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ فَفَعَلَتْ ‏ ‏عَائِشَةُ ‏ ‏ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فِي النَّاسِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَمَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ وَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث موطأ الإمام مالك

لا يمنعنك ذلك فإنما الولاء لمن أعتق

عن عبد الله بن عمر، أن عائشة أم المؤمنين، أرادت أن تشتري جارية تعتقها.<br> فقال أهلها: نبيعكها على أن ولاءها لنا.<br> فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عل...

إن أحب أهلك أن أصب لهم ثمنك صبة واحدة وأعتقك

عن عمرة بنت عبد الرحمن، أن بريرة جاءت تستعين عائشة أم المؤمنين فقالت عائشة: «إن أحب أهلك أن أصب لهم ثمنك صبة واحدة وأعتقك» فعلت فذكرت ذلك بريرة لأهلها...

نهى عن بيع الولاء وعن هبته

عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «نهى عن بيع الولاء وعن هبته»

الزبير بن العوام اشترى عبدا فأعتقه ولذلك العبد بن...

عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، أن الزبير بن العوام، اشترى عبدا.<br> فأعتقه.<br> ولذلك العبد بنون من امرأة حرة.<br> فلما أعتقه الزبير قال: هم موالي.<br> و...

إنما أحرزت المال وأما ولاء الموالي فلا

عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن أبيه، أنه أخبره أن العاصي بن هشام هلك.<br> وترك بنين له ثلاثة.<br> اثنان لأم، ورجل لعلة.<b...

إنما هم موالي صاحبتنا فإذا مات ولدها فلنا ولاؤهم و...

عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم، أنه أخبره أبوه أنه كان جالسا عند أبان بن عثمان، فاختصم إليه نفر من جهينة ونفر من بني الحارث بن الخزرج وكانت امرأة من جه...

يوالي من شاء فإن مات ولم يوالي أحدا فميراثه للمسلم...

حدثني مالك، أنه سأل ابن شهاب، عن السائبة؟ قال: يوالي من شاء فإن مات ولم يوالي أحدا فميراثه للمسلمين وعقله عليهم

المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء

عن نافع، أن عبد الله بن عمر، كان يقول المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء

أن ابدأ بديون الناس ثم اقض ما بقي من كتابته ثم اقس...

عن حميد بن قيس المكي، أن مكاتبا، كان لابن المتوكل هلك بمكة وترك عليه بقية من كتابته.<br> وديونا للناس.<br> وترك ابنته.<br> فأشكل على عامل مكة القضاء ف...