1550-
عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ، أنه أخبره عن محمود بن لبيد الأنصاري، أن عمر بن الخطاب، حين قدم الشام شكا إليه أهل الشام وباء الأرض وثقلها.
وقالوا: لا يصلحنا إلا هذا الشراب.
فقال عمر: اشربوا هذا العسل.
قالوا: لا يصلحنا العسل.
فقال رجل من أهل الأرض: هل لك أن نجعل لك من هذا الشراب شيئا لا يسكر؟ قال: نعم.
فطبخوه حتى ذهب منه الثلثان وبقي الثلث.
فأتوا به عمر فأدخل فيه عمر إصبعه ثم رفع يده.
فتبعها يتمطط فقال: هذا الطلاء هذا مثل طلاء الإبل فأمرهم عمر أن يشربوه.
فقال له عبادة بن الصامت أحللتها.
والله فقال عمر: كلا والله «اللهم إني لا أحل لهم شيئا حرمته عليهم.
ولا أحرم عليهم شيئا أحللته لهم»
صححه شعيب الأرنؤوط (صحيح ابن حبان)
المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)
( ش ) : قَوْلُهُ إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حِينَ قَدِمَ الشَّامَ قُدُومُهُ الشَّامَ كَانَ عَلَى حَسَبِ مَا يَلْزَمُ الْإِمَامَ مِنْ مُرَاعَاةِ أَنْظَارِهِ وَتَطَلُّعِهَا بِنَفْسِهِ وَتَعَاهُدِ أَحْوَالِهَا لَا سِيَّمَا وَهُوَ مَوْضِعُ رِبَاطٍ وَهُوَ أَهَمُّ الْمَوَاضِعِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَأَوْلَاهَا بِتَفَقُّدِهِ وَتَعَاهُدِهِ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ شَكَا إِلَيْهِ أَهْلُ الشَّامِ وَبَاءَ الْأَرْضِ وَثِقَلَهَا يُرِيدُ أَنَّهُمْ شَكَوْا إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ مَا أَحْوَجَهُمْ إِلَى شُرْبِ شَرَابٍ يُزِيلُ عَنْهُمْ وَبَاءَ الْأَرْضِ وَيُبْعِدُ عَنْهُمْ ثِقَلَهَا وَأَمْرَاضَهَا الْمُعْتَادَةَ عِنْدَهُمْ وَقَدْ اعْتَادُوا أَنْ يَغْتَذُوا لَهَا بِشَرَابٍ وَأَخْبَرُوا عُمَرَ أَنَّهُ لَا يُصْلِحُهُمْ إِلَّا ذَلِكَ يُرِيدُ أَنَّ أَبْدَانَهُمْ لَا تَأْلَفُ غَيْرَهُ فَأَمَرَهُمْ عُمَرُ أَنْ يَشْرَبُوا الْعَسَلَ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَاحِ مِنْهُ مِنْ أَنْ لَا يَنْتَهِيَ إِلَى الْحَدِّ الْمُحَرَّمِ مِنْ السُّكْرِ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُتَّخَذُ مِنْ الْعَصِيرِ مَا يَبْقَى وَيَسْلَمُ مِنْ الشِّدَّةِ الْمُطْرِبَةِ وَعَلِمَ أَنَّ الْعَسَلَ يَبْقَى الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ فَعَدَلَ بِهِمْ إِلَيْهِ لِيَقْتَنُوهُ وَيَتَّخِذُوهُ وَيَدَّخِرُوهُ فَمَتَى أَرَادُوا شُرْبَهُ خَلَطُوهُ بِالْمَاءِ فَقَالُوا : إنَّهُ لَا يُصْلِحُنَا الْعَسَلُ يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُزِيلُ عَنْهُمْ وَبَاءَ الْأَرْضِ وَلَا وَخَامَتَهَا وَلَا يَدْفَعُ مَا يَحْدُثُ مِنْ أَمْرَاضِهَا وَهَذَا كُلُّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَمْ يُبَحْ لَهُمْ شُرْبُ ذَلِكَ الشَّرَابِ الْمُسْكِرِ لِلتَّدَاوِي وَقَدْ ذَكَرَهُ.
.
( فَصْلٌ ) وَلَمَّا تَوَقَّفَ عُمَرُ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ عَنْ إجَابَتِهِمْ إِلَى مَا أَرَادُوهُ مِنْ شُرْبِ الْعِنَبِ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ ادِّخَارُهُ قَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ يُرِيدُ مِمَّنْ نَشَأَ فِيهَا : هَلْ لَك أَنْ نَجْعَلَ لَك مِنْ هَذَا الشَّرَابِ شَيْئًا لَا يُسْكِرُ لِعِلْمِهِ بِذَلِكَ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُدَّخَرَ وَلَا يَتَغَيَّرَ وَيُتَوَصَّلَ إِلَى ذَلِكَ بِصَنْعَةٍ عَلِمَهَا فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : نَعَمْ إجَابَةً إِلَى اخْتِبَارِ مَا ادَّعَاهُ مِنْ صِحَّةِ ادِّخَارِهِ الْعَصِيرَ دُونَ أَنْ يُسْكِرَ أَوْ يَتَغَيَّرَ فَإِنَّهُ إنَّمَا مَنَعَهُمْ مِنْهُ لَمَّا عَلِمَ فِيهِ مِنْ التَّغَيُّرِ وَتَعَذَّرَ عِنْدَهُ مِنْ بَقَائِهِ دُونَ أَنْ يَفْسُدَ فَلَمَّا ادَّعَى هَذَا بِحَضْرَتِهِ أَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَضَعَ مِنْهُ مَا يَسْلَمُ مِنْ الْفَسَادِ أَجَابَهُ إِلَى أَنْ يَصْنَعَ ذَلِكَ لِيَخْتَبِرَ قَوْلَهُ وَيُعَايِنَ مَا أَخْبَرَهُ بِهِ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَطَبَخَهُ حَتَّى ذَهَبَ مِنْهُ الثُّلُثَانِ وَبَقِيَ الثُّلُثُ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ ذَهَبَتْ مِنْهُ الْمَائِيَّةُ الَّتِي تُحْدِثُ إفْسَادَهُ وَيَسْرُعُ بِهَا تَغَيُّرُهُ وَبَقِيَتْ عَسَلِيَّتُهُ خَالِصَةً وَإِنَّمَا خَصَّ ذَلِكَ بِذَهَابِ الثُّلُثَيْنِ وَبَقَاءِ الثُّلُثِ لِأَنَّ هَذِهِ كَانَتْ صِفَةَ عَصِيرِ ذَلِكَ الْعِنَبِ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ فِي طَبْخٍ لَا أَحَدُّ ذَهَابَ ثُلُثَيْهِ وَإِنَّمَا أَنْظُرُ إِلَى السُّكْرِ قَالَ أَشْهَبُ : وَإِنْ نَقَصَ تِسْعَةُ أَعْشَارِهِ بِذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ : وَلَيْسَ ذَهَابُ الثُّلُثَيْنِ فِي كُلِّ بَلَدٍ وَلَا مِنْ كُلِّ عَصِيرٍ فَأَمَّا الْمَوْضِعُ الْمُخْتَصُّ بِذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ : مَنْ تَحَفَّظَ فِي خَاصَّتِهِ فَعَمِلَ الطَّبْخَ فَلَا يَعْمَلُهُ إِلَّا بِاجْتِمَاعِ وَجْهَيْنِ : أَنْ يَذْهَبَ ثُلُثَاهُ وَيُوقِنَ أَنَّهُ لَا يُسْكِرُ فَأَمَّا حَدُّ الْوَصْفَيْنِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُسْكِرُ فَصَحِيحٌ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى سُؤَالٍ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يُسْكِرْ فَسَوَاءٌ ذَهَبَ ثُلُثُهُ أَوْ رُبْعُهُ أَوْ أَكْثَرُ أَوْ أَقَلُّ اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ بَلَدٌ يَذْهَبُ مِنْهُ أَقَلُّ مِنْ الثُّلُثَيْنِ وَيَسْلَمُ مِنْ الْفَسَادِ فَيُرَاعَى ذَهَابُ الثُّلُثَيْنِ فِي الْبِلَادِ الَّتِي يَسْلَمُ فِيهَا مِنْ الْفَسَادِ ذَهَابُ الثُّلُثَيْنِ وَيُحْتَرَزُ بِتَيَقُّنِ سَلَامَتِهِ مِنْ الْفَسَادِ لِوُجُودِ الْفَسَادِ مَعَ ذَهَابِ الثُّلُثَيْنِ فِي سَائِرِ الْبِلَادِ وَإِذَا اعْتَبَرَ السَّلَامَةَ مِنْ أَنْ يُسْكِرَ اسْتَغْنَى عَنْ سَائِرِ الْأَوْصَافِ وَجَعَلَ أَبُو حَنِيفَةَ ذَهَابَ الثُّلُثَيْنِ حَدًّا فِي جَوَازِ شُرْبِ مَا يَبْقَى وَإِنْ كَانَ يُسْكَرُ مِنْ كَثِيرِهِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا شَرَابٌ فِيهِ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ قَلِيلُهُ حَرَامًا أَصْلُ ذَلِكَ النِّيءُ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا أَخْبَرَهُ وَأَشْرَفَ عَلَيْهِ بِالْمُشَاهَدَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ وَقَوْلُهُ فَأَتَوْا بِهِ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَأَدْخَلَ فِيهِ أُصْبُعَهُ ثُمَّ رَفَعَهُ فَتَبِعَهَا يَتَمَطَّطُ اخْتِبَارٌ مِنْ عُمَرَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا أَخْبَرَهُ بِهِ وَإِشْرَافٌ عَلَيْهِ بِالْمُشَاهَدَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ وَاعْتِنَاءٌ بِأُمُورِ الْمُسْلِمِينَ وَمَصَالِحِ دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ فَأَدْخَلَ أُصْبُعَهُ لِيَخْتَبِرَ ثَخَانَتَهُ وَهِيَ الَّتِي تَمْنَعُ التَّغَيُّرَ ثُمَّ رَفَعَ أُصْبُعَهُ الَّتِي أَدْخَلَهَا فِي الطِّلَاءِ فَتَبِعَهَا الطِّلَاءُ يَتَمَطَّطُ لِثَخَانَتِهِ وَلَوْ كَانَ رَقِيقًا فِي حُكْمِ الشَّرَابِ لَمْ يَتْبَعْ يَدَهُ وَلَا أُصْبُعَهُ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَجَعَلَ يَنْقُطُ مَا يَتَعَلَّقُ بِأُصْبُعِهِ مِنْهُ إِنْ كَانَ تَعَلَّقَ مِنْهُ شَيْءٌ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُ عُمَرَ هَذَا الطِّلَاءُ يُرِيدُ أَنَّهُ سُمِّيَ بِالطِّلَاءِ عَلَى مَعْنَى التَّشْبِيهِ بِهَذَا وَلِذَلِكَ قَالَ : هَذَا مِثْلُ طِلَاءِ الْإِبِلِ فِي ثَخَانَتِهِ وَبُعْدِهِ مِنْ التَّغَيُّرِ ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِشُرْبِهِ وَلَوْ رَاعَى أَبُو حَنِيفَةَ أَنْ يَعُودَ إِلَى مِثْلِ هَذَا مِنْ الْقِوَامِ وَالثَّخَانَةِ لَمَا أَبَاحَ لِلنَّاسِ إِلَّا شُرْبَ مَا يُؤْمَنُ فَسَادُهُ فَإِنَّ هَذَا فِي قِوَامِ الْعَسَلِ وَلَا يَكُنْ شُرْبُ مِثْلِهِ إِلَّا أَنْ يُمْزَجَ بِالْمَاءِ فَلَا يُخَافُ عَلَى مِثْلِ هَذَا التَّغَيُّرُ أَبَدًا وَأَمَّا مِنْ عَصِيرٍ يَذْهَبُ ثُلُثَاهُ وَيَبْقَى الثُّلُثُ رَقِيقًا يَسْرُعُ إِلَيْهِ التَّغَيُّرُ وَيَطْرَأُ عَلَيْهِ الْفَسَادُ لَهُ حُكْمُهُ وَحُكْمُ الَّذِي قَدْ صَارَ فِي قِوَامِ الْعَسَلِ حُكْمُ الَّذِي لَا يَتَغَيَّرُ وَلَوْ أَمْسَكَ أَعْوَامًا وَلَوْ كَانَ ذَهَابُ الثُّلُثَيْنِ مِنْهُ يُجْزِئُ عَلَى كُلٍّ لَمَّا احْتَاجَ عُمَرُ أَنْ يَرَاهُ وَيَخْتَبِرَهُ وَيُدْخِلَ أُصْبُعَهُ فِيهِ وَيَرْفَعَهُ لِيَعْلَمَ بِذَلِكَ ثَخَانَتَهُ وَلَقَالَ لِلَّذِي قَالَ لَهُ : هَلْ لَك أَنْ أَجْعَلَ لَك مِنْ هَذَا الشُّرْبِ مَا لَا يُسْكِرُ أَنَا أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنْك : اُطْبُخْهُ حَتَّى يَذْهَبَ الثُّلُثَانِ وَلَا يُرَاعَى أَيُسْكِرُ أَمْ لَا وَلَمَّا قَالَ لَهُ : افْعَلْ عَلِمَ أَنَّهُ إنَّمَا أَمَرَهُ بِأَنْ يَعْمَلَ مِنْهُ مَا لَا يُسْكِرُ وَأَنَّهُ اخْتَبَرَ صِدْقَهُ وَعَلِمَ صِحَّةَ قَوْلِهِ بِمَا شَاهَدَ مِنْ ثَخَانَتِهِ وَأَنَّهُ فِي قِوَامِ طِلَاءِ الْإِبِلِ ثُمَّ أَظْهَرَ تَصْدِيقَ قَوْلِ الصَّانِعِ وَإِجَابَتَهُ إِلَى مَا سَأَلَ بِأَنْ يَكُونَ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الصِّفَةِ الَّتِي ادَّعَى أَنَّهَا لَا تُسْكِرُ فَمَنْ أَبَاحَ شُرْبَ مَا يُسْكِرُ مِنْ ذَلِكَ بِذَهَابِ الثُّلُثَيْنِ فَقَدْ خَالَفَ إجْمَاعَ الصَّحَابَةِ لِأَنَّهُمْ بَيْنَ قَائِلَيْنِ : قَائِلٍ يَقُولُ بِمِثْلِ قَوْلِ عُمَرَ أَنَّهَا إِذَا لَمْ تُسْكِرْ لَمَّا عَادَتْ عَلَيْهِ مِنْ الْقِوَامِ أَنَّهُ مُبَاحٌ عَمَلُهَا وَاِتِّخَاذُهَا وَقَائِلٍ أَنْكَرَ عَلَى عُمَرَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ إبَاحَتَهَا مَعَ ذَلِكَ كُلِّهِ خَوْفًا مِنْ الذَّرِيعَةِ لِإِبَاحَتِهِ إِلَى شُرْبِ الْمُسْكِرِ مِنْهَا عَلَى حَسَبِ مَا أَفْتَى بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ فَقَدْ خَالَفَ إجْمَاعَهُمْ وَقَدْ رَوَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ كَانَ يَرْزُقُ النَّاسُ طِلَاءً يَقَعُ فِيهِ الذُّبَابُ فَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِشُرْبِهِ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَمَرَهُمْ بِشُرْبِهِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ نَدَبَهُمْ إِلَى ذَلِكَ عَلَى مَعْنَى اسْتِيفَاءِ صِحَّةِ أَجْسَامِهِمْ وَصَلَاحِ أَحْوَالِهِمْ وَالْمَنْعِ لَهُمْ مِنْ تَحْرِيمِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ إبَاحَتَهُ لَهُمْ فَإِنَّ الْقَاضِيَ أَبَا الْفَرَجِ مِنْ أَصْحَابِنَا قَدْ قَالَ : إِنَّ الْإِبَاحَةَ أَمْرٌ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَحْلَلْتَهَا وَاَللَّهِ يُرِيدُ أَنَّ مَا أَبَاحَهُ لَهُمْ مِنْ هَذِهِ الطِّلَاءِ الَّذِي يُؤْمَنُ مَعَهُ الْفَسَادُ يَتَسَبَّبُ بِهِ إِلَى شُرْبِ مَا لَا يَبْلُغُ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ مِمَّا يَسْرُعُ إِلَيْهِ الْفَسَادُ إِلَّا أَنَّهُمْ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ فَلَا يُبْلِغُوهُ ذَهَابَ الثُّلُثَيْنِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي يَصْلُحُ فِيهِ ذَهَابُ الثُّلُثَيْنِ وَأَمَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِذَلِكَ وَيُشْرَبُ مَا ذَهَبَ ثُلُثَاهُ فِي بَلَدٍ لَا يَصْلُحُ فِيهِ إِلَّا بِذَهَابِ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثَيْنِ يَتَعَلَّقُ بِذِكْرِ ذَهَابِ الثُّلُثَيْنِ عَلَى حَسَبِ مَا تَعَلَّقَ بِهِ الْمُخَالِفُ وَقَدْ تَبِعَ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ عَلَى هَذَا الْإِنْكَارِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ : وَقَدْ نَهَى عَنْهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَلَوْ اقْتَصَرَ النَّاسُ عَلَى مَا أَبَاحَ مِنْهُ لَمْ أَنْهَ عَنْهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ : وَإِنَّهُ لَيُعْجِبُنِي لِمَنْعِ الذَّرَائِعِ أَنْ يُنْهَى عَنْهُ النَّاسُ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُ عُمَرَ كَلَّا وَاَللَّهِ اللَّهُمَّ إنِّي لَا أُحِلُّ لَهُمْ شَيْئًا حَرَّمْته عَلَيْهِمْ وَلَا أُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ شَيْئًا أَحْلَلْتَهُ لَهُمْ إنْكَارًا عَلَى عُبَادَةَ بِإِظْهَارِ النِّيَّةِ وَصَحِيحِ مُعْتَقِدِهِ وَتَبْيِينِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ وَأَنَّهُ لَا يُحِلُّ حَرَامًا وَهُوَ مَا يَسْرُعُ إِلَيْهِ الْفَسَادُ وَالتَّغَيُّرُ مِنْ الْأَشْرِبَةِ وَلَا يُحَرِّمُ حَلَالًا مِنْهَا وَهُوَ مَا بَلَغَ الْمَبْلَغَ الَّذِي صَنَعَهُ الرَّجُلُ مِنْ الثَّخَانَةِ وَأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ طِلَاءِ الْإِبِلِ فَلَا يَسْرُعُ إِلَيْهِ فَسَادٌ وَلَا يُمْكِنُ شُرْبُهُ إِلَّا بِخَلْطِهِ بِالْمَاءِ عَلَى حَسَبِ مَا يَصْنَعُ بِالْعَسَلِ مَنْ أَرَادَ شُرْبَهُ.
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ وَاقِدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حِينَ قَدِمَ الشَّامَ شَكَا إِلَيْهِ أَهْلُ الشَّامِ وَبَاءَ الْأَرْضِ وَثِقَلَهَا وَقَالُوا لَا يُصْلِحُنَا إِلَّا هَذَا الشَّرَابُ فَقَالَ عُمَرُ اشْرَبُوا هَذَا الْعَسَلَ قَالُوا لَا يُصْلِحُنَا الْعَسَلُ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ هَلْ لَكَ أَنْ نَجْعَلَ لَكَ مِنْ هَذَا الشَّرَابِ شَيْئًا لَا يُسْكِرُ قَالَ نَعَمْ فَطَبَخُوهُ حَتَّى ذَهَبَ مِنْهُ الثُّلُثَانِ وَبَقِيَ الثُّلُثُ فَأَتَوْا بِهِ عُمَرَ فَأَدْخَلَ فِيهِ عُمَرُ إِصْبَعَهُ ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ فَتَبِعَهَا يَتَمَطَّطُ فَقَالَ هَذَا الطِّلَاءُ هَذَا مِثْلُ طِلَاءِ الْإِبِلِ فَأَمَرَهُمْ عُمَرُ أَنْ يَشْرَبُوهُ فَقَالَ لَهُ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ أَحْلَلْتَهَا وَاللَّهِ فَقَالَ عُمَرُ كَلَّا وَاللَّهِ اللَّهُمَّ إِنِّي لَا أُحِلُّ لَهُمْ شَيْئًا حَرَّمْتَهُ عَلَيْهِمْ وَلَا أُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ شَيْئًا أَحْلَلْتَهُ لَهُمْ
عن عبد الله بن عمر، أن رجالا من أهل العراق قالوا له يا أبا عبد الرحمن، إنا نبتاع من ثمر النخل والعنب فنعصره خمرا فنبيعها.<br> فقال عبد الله بن عمر: إن...
عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم في العقول أن في النفس مائة من...
عن مالك أن ابن شهاب، كان يقول: «في دية العمد إذا قبلت خمس وعشرون بنت مخاض، وخمس وعشرون بنت لبون، وخمس وعشرون حقة، وخمس وعشرون جذعة»
عن يحيى بن سعيد، أن مروان بن الحكم كتب إلى معاوية بن أبي سفيان، أنه أتي بمجنون قتل رجلا، فكتب إليه معاوية، «أن اعقله ولا تقد منه، فإنه ليس على مجنون ق...
عن عراك بن مالك، وسليمان بن يسار، أن رجلا، من بني سعد بن ليث أجرى فرسا، فوطئ على إصبع رجل من جهينة، فنزي منها، فمات، فقال عمر بن الخطاب للذي ادعي عليه...
عن مالك، أن ابن شهاب، وسليمان بن يسار، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، كانوا يقولون «دية الخطإ عشرون بنت مخاض، وعشرون بنت لبون، وعشرون ابن لبون ذكرا، وعشرون...
عن سعيد بن المسيب، أنه كان يقول: «تعاقل المرأة الرجل إلى ثلث الدية إصبعها كإصبعه، وسنها كسنه، وموضحتها كموضحته، ومنقلتها كمنقلته»(1) 2473- عن ابن شهاب...
عن مالك أنه سمع ابن شهاب يقول: «مضت السنة أن الرجل إذا أصاب امرأته بجرح أن عليه عقل ذلك الجرح، ولا يقاد منه»
عن أبي هريرة، أن امرأتين من هذيل رمت إحداهما الأخرى، فطرحت جنينها، «فقضى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بغرة عبد أو وليدة»