1607- عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلع له أحد فقال: «هذا جبل يحبنا ونحبه، اللهم إن إبراهيم حرم مكة، وأنا أحرم ما بين لابتيها»
أخرجه الشيخان
المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)
( ش ) : قَوْلُ أَنَسٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم طَلَعَ لَهُ أُحُدٌ قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ مَعْنَاهُ بَدَا لَهُ , فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم : هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ قَالَ مَعْنَاهُ يُحِبُّنَا أَهْلُهُ وَنُحِبُّهُمْ.
قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ وَيُحْتَمَلُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ انْتِفَاعُنَا بِهِ انْتِفَاعُنَا بِمَنْ يُحِبُّنَا فِي الْحِمَايَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الْمَنَافِعِ , وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَنَّ مَحَبَّتَنَا لَهُ مَحَبَّتُنَا لِمَنْ يَعْتَقِدُ فِيهِ أَنَّهُ يُحِبُّنَا فَهُوَ آكَدُ لِلْمَحَبَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم اللَّهُمَّ إِنَّ إبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَرَوَى يَحْيَى بْنُ مُزْيَنٍ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ الزِّنْجِيِّ حَرَّمَ مَكَّةَ مِمَّا يَلِي الْمَدِينَةَ نَحْوَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ أَوْ دَنَا شَيْئًا نَحْوَ التَّنْعِيمِ , وَمِمَّا يَلِي طَرِيقَ الْعِرَاقِ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَمْيَالٍ , وَمِمَّا يَلِي طَرِيقَ نَجْدٍ سَبْعَةَ أَمْيَالٍ , وَمِمَّا يَلِي طَرِيقَ الْيَمَنِ سَبْعَةَ أَمْيَالٍ بِمَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ أَضَاءَةُ وَمِمَّا يَلِي جُدَّةَ عَشْرَةَ أَمْيَالٍ بِالْحُدَيْبِيَةِ.
قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ فِيهِ نَظَرٌ وَالَّذِي عِنْدِي أَنَّ بَيْنَ مَكَّةَ وَعَرَفَةَ نَحْوَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِيلًا , وَهُوَ نَحْوَ مَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْحُدَيْبِيَةِ وَبَيْنَ مَكَّةَ وَالْجِعِرَّانَةِ وَبَيْنَ مَكَّةَ وَحُنَيْنٍ هَذِهِ مَسَافَاتٌ مُتَقَارِبَةٌ , وَلَوْ كَانَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْحُدَيْبِيَةِ تِسْعَةُ أَمْيَالٍ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ مَكَّةَ وَجُدَّةَ مَا تَقْصُرُ فِيهِ الصَّلَاةُ , وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ إِنَّ بَيْنَهُمَا ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ مِيلًا , وَتُقْصَرُ فِيهَا الصَّلَاةُ , وَإِنَّمَا يَقَعُ الْوَهْمُ مَعَ اخْتِلَافِ النَّاسِ فِي الْحِرْزِ فِي قَدْرِ الْمِيلِ , وَالَّذِي حَكَى ابْنُ حَبِيبٍ أَلْفَ بَاعٍ كُلُّ بَاعٍ مِنْ ذِرَاعَيْنِ , وَأَهْلُ الْحِسَابِ وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ مُعْتَمِدُونَ عَلَى أَنَّ كُلَّ بَاعٍ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ فَتَفَاوَتَ الْأَمْرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ , وَأَمَّا التَّنْعِيمُ فَإِنِّي أَقَمْت بِمَكَّةَ مُدَّةً وَسَمِعْت أَكْثَرَ النَّاسِ يَذْكُرُونَ أَنَّهَا خَمْسَةُ أَمْيَالٍ , وَلَمْ أَسْمَعْ فِي ذَلِكَ خِلَافًا مُدَّةَ مَقَامِي بِهَا , وَلَوْ كَانَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالتَّنْعِيمِ أَرْبَعَةُ أَمْيَالٍ أَوْ دُونَ لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْحُدَيْبِيَةِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ قَرِيبٌ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ مِيلًا فَإِنَّهَا أَزْيَدُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَمْثَالِهَا.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم إِنَّ إبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَقَدْ رَوَى ابْنُ شُرَيْحٍ الْعَدَوِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَالَ إِنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا إبْرَاهِيمُ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ , وَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّ قَوْلَهُ إِنَّ إبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ دَعَا فِي تَحْرِيمِهَا , وَأَنَّ الْبَارِئَ تَعَالَى أَجَابَ دُعَاءَهُ وَحَرَّمَهَا , وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَنَّ إبْرَاهِيمَ كُلِّفَ أَنْ يَحْكُمَ بِاجْتِهَادِهِ , وَأَنَّهُ أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إِلَى تَحْرِيمِهَا فَأُضِيفَ ذَلِكَ إِلَى تَحْرِيمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِأَنَّهُ بِأَمْرِهِ حُرِّمَتْ , وَيُضَافُ تَحْرِيمُهَا إِلَى إبْرَاهِيمَ عليه السلام لِأَنَّهُ الَّذِي حَكَمَ بِذَلِكَ , وَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ , وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ أَنَّهُ لَمْ يُحَرِّمْهَا أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ مِمَّنْ لَا يَلْزَمُ تَحْرِيمُهُ , وَلَا يَثْبُتُ حُكْمُهُ ; لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُؤْمَرْ بِذَلِكَ بِالِاجْتِهَادِ فِي ذَلِكَ , وَلَمْ يُسَوَّغْ لَهُ التَّحْرِيمُ فَلَا يَلْزَمُ النَّاسَ امْتِثَالُ أَمْرِهِ وَاجْتِنَابُ مَا نَهَى عَنْهُ وَحَرَّمَهُ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وَإِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا يُرِيدُ حَرَّتَيْهَا , وَاللَّابَةُ الْحَرَّةُ قَالَهُ ابْنُ نَافِعٍ قَالَ وَالْحَرَّتَانِ إحْدَاهُمَا الَّتِي يَنْزِلُ بِهَا الْحَاجُّ , وَالْأُخْرَى تُقَابِلُهَا مِنْ نَاحِيَةِ شَرْقِيِّ الْمَدِينَةِ وَهُوَ أَيْضًا فِي أَقْصَى الْعُمْرَانِ خَارِجَةً عَنْهُ , وَقَالَ وَحَرَّتَانِ أُخْرَيَانِ أَيْضًا مِنْ نَاحِيَةِ الْقِبْلَةِ وَالْجَوْفِ مِنْ الْمَدِينَةِ , وَهُمَا أَيْضًا فِي طَرَفِ الْعُمْرَانِ مِنْ جَانِبَيْ الْمَدِينَةِ جَمِيعًا عَلَى مِثْلِ الْآخَرَيْنِ , قَالَ ابْنُ نَافِعٍ فَمَا بَيْنَ هَذِهِ الْحَرَّاتِ فِي الدُّورِ كُلِّهِ مُحَرَّمٌ أَنْ يُصَادَ فِيهِ صَيْدٌ , وَمَنْ عَصَى فَاسْتَحَلَّ فَقَدْ اسْتَحَلَّ مَا قَدْ نُهِيَ عَنْهُ , وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِ جَزَاءٌ , وَحُرِّمَ قَطْعُ الشَّجَرِ مِنْهَا عَلَى بَرِيدٍ مِنْ كُلِّ شَقٍّ حَوْلَهَا كُلِّهَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ أَنَّ مُقْتَضَى تَفْضِيلِ مَالِكٍ الْمَدِينَةَ عَلَى مَكَّةَ أَنَّ عَلَيْهِ الْجَزَاءَ فِيمَا أَصَابَ مِنْ الصَّيْدِ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ , وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَعَ لَهُ أُحُدٌ فَقَالَ هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَأَنَا أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا
عن أبي هريرة، أنه كان يقول: لو رأيت الظباء بالمدينة ترتع ما ذعرتها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما بين لابتيها حرام»
عن أبي أيوب الأنصاري، «أنه وجد غلمانا قد ألجئوا ثعلبا إلى زاوية، فطردهم عنه»، قال مالك: " لا أعلم إلا أنه قال: أفي حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم يص...
عن عائشة أم المؤمنين، أنها قالت: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وعك أبو بكر وبلال، قالت: فدخلت عليهما، فقلت: يا أبت، كيف تجدك؟ ويا بلال،...
عن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «على أنقاب المدينة ملائكة، لا يدخلها الطاعون، ولا الدجال»
عن إسماعيل بن أبي حكيم، أنه سمع عمر بن عبد العزيز يقول: كان من آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قال: «قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا ق...
عن ابن شهاب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يجتمع دينان في جزيرة العرب» قال مالك: قال ابن شهاب: ففحص عن ذلك عمر بن الخطاب حتى أتاه الثلج وال...
عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلع له أحد فقال: «هذا جبل يحبنا ونحبه»
عن عبد الرحمن بن القاسم، أن أسلم مولى عمر بن الخطاب أخبره، أنه زار عبد الله بن عياش المخزومي فرأى عنده نبيذا، وهو بطريق مكة، فقال له أسلم: إن هذا الشر...
عن عبد الله بن عباس، أن عمر بن الخطاب، خرج إلى الشام حتى إذا كان بسرغ لقيه أمراء الأجناد أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه، فأخبروه أن الوبأ قد وقع بأرض الش...