2329- عن أبي ذر، أن ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، ذهب أهل الدثور بالأجور، يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم، قال: " أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون؟ إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة، قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: «أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر»
(الدثور) جمع دثر، وهو المال الكثير.
(بكل تسبيحة صدقة ٠٠ الخ) قال القاضي: يحتمل تسميتها صدقة أن لها أجرا، كما للصدقة أجر.
وإن هذه الطاعات تماثل الصدقات في الأجور.
وسماها صدقة على طريق المقابلة وتجنيس الكلام.
وقيل: معناه أنها صدقة على نفسه.
(وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن منكر صدقة) فيه إشارة إلى ثبوت حكم الصدقة في كل فرد من أفراد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولهذا نكره.
والثواب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أكثر منه في التسبيح والتحميد والتهليل.
لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية.
وقد يتعين ولا يتصور وقوعه نفلا.
والتسبيح والتحميد والتهليل نوافل.
(وفي بضع أحدكم) هو بضم الباء، ويطلق على الجماع، ويطلق على الفرج نفسه.
وكلاهما تصح إرادته هنا.
وفي هذا دليل على أن المباحات تصير طاعات بالنيات الصادقات.
فالجماع يكون عبادة إذا نوى به قضاء حق الزوجة ومعاشرتها بالمعروف الذي أمر الله تعالى به، أو طلب ولد صالح، أو إعفاف نفسه أو إعفاف زوجته، ومنعهما جميعا من النظر إلى حرام أو الفكر فيه أو الهم به أو غير ذلك من المقاصد الصالحة.
(أجرا) ضبطناه أجرا بالنصب والرفع وهما ظاهران.
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
قَوْله : ( ذَهَبَ أَهْل الدُّثُور بِالْأُجُورِ ) الدُّثُور بِضَمِّ الدَّال جَمْع دَثْر بِفَتْحِهَا , وَهُوَ الْمَال الْكَثِير.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَوَلَيْسَ قَدْ جَعَلَ اللَّه لَكُمْ مَا تَصَدَّقُونَ إِنَّ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً , وَكُلّ تَكْبِيرَة صَدَقَة , وَكُلّ تَحْمِيدَة صَدَقَة , وَكُلّ تَهْلِيلَة صَدَقَة , وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ وَنَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ ) وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا تَصَدَّقُونَ ) فَالرِّوَايَة فِيهِ بِتَشْدِيدِ الصَّاد وَالدَّال جَمِيعًا , وَيَجُوز فِي اللُّغَة تَخْفِيف الصَّاد.
وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَكُلّ تَكْبِيرَة صَدَقَة , وَكُلّ تَحْمِيدَة صَدَقَة وَكُلّ تَهْلِيلَة صَدَقَة ) فَرَوَيْنَاهُ بِوَجْهَيْنِ : رَفْع ( صَدَقَة ) وَنَصْبُهُ , فَالرَّفْع عَلَى الِاسْتِئْنَاف , وَالنَّصْب عَطْف عَلَى أَنَّ بِكُلِّ تَسْبِيحَة صَدَقَة , قَالَ الْقَاضِي : يَحْتَمِل تَسْمِيَتهَا صَدَقَة أَنَّ لَهَا أَجْرًا كَمَا لِلصَّدَقَةِ أَجْر , وَأَنَّ هَذِهِ الطَّاعَات تُمَاثِل الصَّدَقَاتِ فِي الْأُجُور , وَسَمَّاهَا صَدَقَة عَلَى طَرِيق الْمُقَابَلَة وَتَجْنِيس الْكَلَام , وَقِيلَ : مَعْنَاهُ : أَنَّهَا صَدَقَة عَلَى نَفْسه.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَأَمْر بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَة وَنَهْي عَنْ مُنْكَر صَدَقَة ) فِيهِ : إِشَارَة إِلَى ثُبُوت حُكْم الصَّدَقَة فِي كُلّ فَرْد مِنْ أَفْرَاد الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر , وَلِهَذَا نَكَّرَهُ , وَالثَّوَاب فِي الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر أَكْثَر مِنْهُ فِي التَّسْبِيح وَالتَّحْمِيد وَالتَّهْلِيل ; لِأَنَّ الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر فَرْض كِفَايَة , وَقَدْ يَتَعَيَّن وَلَا يُتَصَوَّر وُقُوعه نَفْلًا , وَالتَّسْبِيح وَالتَّحْمِيد وَالتَّهْلِيل نَوَافِل , وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَجْر الْفَرْض أَكْثَر مِنْ أَجْر النَّفْل لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : " وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَدَاء مَا اِفْتَرَضْت عَلَيْهِ ".
رَوَاهُ الْبُخَارِيّ مِنْ رِوَايَة أَبِي هُرَيْرَة.
وَقَدْ قَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ مِنْ أَصْحَابنَا عَنْ بَعْض الْعُلَمَاء : إِنَّ ثَوَاب الْفَرْض يَزِيد عَلَى ثَوَاب النَّافِلَة بِسَبْعِينَ دَرَجَة.
وَاسْتَأْنَسُوا فِيهِ بِحَدِيثٍ.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَفِي بُضْع أَحَدكُمْ صَدَقَة ) هُوَ بِضَمِّ الْبَاء , وَيُطْلَق عَلَى الْجِمَاع , وَيُطْلَق عَلَى الْفَرْج نَفْسه , وَكِلَاهُمَا تَصِحّ إِرَادَته هُنَا , وَفِي هَذَا دَلِيل عَلَى أَنَّ الْمُبَاحَات تَصِير طَاعَات بِالنِّيَّاتِ الصَّادِقَات , فَالْجِمَاع يَكُون عِبَادَة إِذَا نَوَى بِهِ قَضَاء حَقّ الزَّوْجَة وَمُعَاشَرَتَهَا بِالْمَعْرُوفِ الَّذِي أَمَرَ اللَّه تَعَالَى بِهِ , أَوْ طَلَبَ وَلَدٍ صَالِحٍ , أَوْ إِعْفَافَ نَفْسِهِ أَوْ إِعْفَاف الزَّوْجَة وَمَنْعَهُمَا جَمِيعًا مِنْ النَّظَر إِلَى حَرَام , أَوْ الْفِكْر فِيهِ , أَوْ الْهَمّ بِهِ , أَوْ غَيْر ذَلِكَ مِنْ الْمَقَاصِد الصَّالِحَة.
قَوْله : ( قَالُوا : يَا رَسُول اللَّه أَيَأْتِي أَحَدنَا شَهْوَته وَيَكُون لَهُ فِيهَا أَجْر ؟ قَالَ : أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَام أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْر , فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَال كَانَ لَهُ أَجْر ) فِيهِ : جَوَاز الْقِيَاس وَهُوَ مَذْهَب الْعُلَمَاء كَافَّة , وَلَمْ يُخَالِف فِيهِ إِلَّا أَهْل الظَّاهِر وَلَا يُعْتَدُّ بِهِمْ.
وَأَمَّا الْمَنْقُول عَنْ التَّابِعِينَ وَنَحْوِهِمْ مِنْ ذَمّ الْقِيَاس , فَلَيْسَ الْمُرَاد بِهِ الْقِيَاس الَّذِي يَعْتَمِدُهُ الْفُقَهَاءُ الْمُجْتَهِدُونَ , وَهَذَا الْقِيَاس الْمَذْكُور فِي الْحَدِيث هُوَ مِنْ قِيَاس الْعَكْس , وَاخْتَلَفَ الْأُصُولِيُّونَ فِي الْعَمَل بِهِ.
وَهَذَا الْحَدِيث دَلِيل لِمَنْ عَمِلَ بِهِ , وَهُوَ الْأَصَحّ.
وَاَللَّه أَعْلَم.
وَفِي هَذَا الْحَدِيث فَضِيلَة التَّسْبِيح , وَسَائِر الْأَذْكَار , وَالْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر , وَإِحْضَار النِّيَّة فِي الْمُبَاحَات , وَذَكَرَ الْعَالِم دَلِيلًا لِبَعْضِ الْمَسَائِل الَّتِي تَخْفَى وَتَنْبِيه الْمُفْتَى عَلَى مُخْتَصَر الْأَدِلَّة , وَجَوَاز سُؤَال الْمُسْتَفْتِي عَنْ بَعْض مَا يَخْفَى مِنْ الدَّلِيل إِذَا عَلِمَ مِنْ حَال الْمَسْئُول أَنَّهُ لَا يَكْرَهُ ذَلِكَ , وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ سُوء أَدَب.
وَاَللَّه أَعْلَم.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَال كَانَ لَهُ أَجْر ) ضَبَطْنَا ( أَجْرًا ) بِالنَّصْبِ وَالرَّفْع وَهُمَا ظَاهِرَانِ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ الضُّبَعِيُّ حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ حَدَّثَنَا وَاصِلٌ مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُقَيْلٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيلِيِّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالْأُجُورِ يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ وَيَتَصَدَّقُونَ بِفُضُولِ أَمْوَالِهِمْ قَالَ أَوَ لَيْسَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ مَا تَصَّدَّقُونَ إِنَّ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً وَكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةً وَكُلِّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةً وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةً وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ وَنَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ قَالَ أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرًا
عن عائشة تقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنه خلق كل إنسان من بني آدم على ستين وثلاثمائة مفصل.<br> فمن كبر الله، وحمد الله، وهلل الله، وسب...
عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «على كل مسلم صدقة» قيل: أرأيت إن لم يجد؟ قال «يعتمل بيديه فينفع نفسه ويتصدق» قا...
حدثنا أبو هريرة، عن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر أحاديث منها، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل سلامى من الناس عليه صدقة، كل يوم تطلع...
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم، أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر: ا...
عن معبد بن خالد، قال: سمعت حارثة بن وهب، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: " تصدقوا، فيوشك الرجل يمشي بصدقته، فيقول الذي أعطيها: لو جئتنا...
عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليأتين على الناس زمان يطوف الرجل فيه بالصدقة من الذهب، ثم لا يجد أحدا يأخذها منه، ويرى الرجل الواحد يتب...
عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى يكثر المال ويفيض، حتى يخرج الرجل بزكاة ماله فلا يجد أحدا يقبلها منه، وحتى تعود...
عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " لا تقوم الساعة حتى يكثر فيكم المال، فيفيض حتى يهم رب المال من يقبله منه صدقة، ويدعى إليه الرجل في...
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " §تقيء الأرض أفلاذ كبدها، أمثال الأسطوان من الذهب والفضة، فيجيء القاتل فيقول: في هذا قتلت، ويجيء...