3323- حدثنا عاصم، قال: قلت لأنس بن مالك: أحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة؟ قال: نعم ما بين كذا إلى كذا، فمن أحدث فيها حدثا، قال: ثم قال لي: هذه شديدة «من أحدث فيها حدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا، ولا عدلا»، قال: فقال ابن أنس: «أو آوى محدثا»
(فمن أحدث فيها حدثا) معناه من أتى فيها إثما.
(صرفا ولا عدلا) قال الأصمعي: الصرف التوبة، والعدل الفدية: وروى ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال القاضي: وقيل المعنى لا تقبل فريضته ولا نافلته قبول رضا، وإن قبلت قبول جزاء.
(أو آوى محدثا) أي آوى من أتاه وضمه إليه وحماه.
ويقال: أوى بالقصر والمد، في الفعل اللازم والمتعدي جميعا.
لكن القصر في اللازم أشهر وأفصح.
والمد في المتعدي أشهر وأفصح.
وبالأفصح جاء القرآن العزيز في الموضعين.
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
قَوْله : ( مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَة اللَّه وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ ) قَالَ الْقَاضِي : مَعْنَاهُ مَنْ أَتَى فِيهَا إِثْمًا أَوْ آوَى مَنْ أَتَاهُ وَضَمَّهُ إِلَيْهِ وَحَمَاهُ.
قَالَ : وَيُقَال : أَوَى وَآوَى بِالْقَصْرِ وَالْمَدّ فِي الْفِعْل اللَّازِم وَالْمُتَعَدِّي جَمِيعًا لَكِنَّ الْقَصْر فِي اللَّازِم أَشْهَر وَأَفْصَح , وَالْمَدّ فِي الْمُتَعَدِّي أَشْهَر وَأَفْصَح.
قُلْت : وَبِالْأَفْصَحِ جَاءَ الْقُرْآن الْعَزِيز فِي الْمَوْضِعَيْنِ , قَالَ اللَّه تَعَالَى { أَرَأَيْت إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَة } وَقَالَ فِي الْمُتَعَدِّي : { وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَة } قَالَ الْقَاضِي وَلَمْ يُرْوَ هَذَا الْحَرْف إِلَّا مُحْدِثًا بِكَسْرِ الدَّال , ثُمَّ قَالَ : وَقَالَ الْإِمَام الْمَازِرِيّ , رُوِيَ بِوَجْهَيْنِ كَسْر الدَّال وَفَتْحهَا , قَالَ : فَمَنْ فَتَحَ أَرَادَ الْإِحْدَاث نَفْسه , وَمَنْ كَسَرَ أَرَادَ فَاعِل الْحَدَث , وَقَوْله : ( عَلَيْهِ لَعْنَة اللَّه.
إِلَى آخِره ) هَذَا وَعِيد شَدِيد لِمَنْ اِرْتَكَبَ هَذَا , قَالَ الْقَاضِي : وَاسْتَدَلُّوا بِهَذَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْكَبَائِر ; لِأَنَّ اللَّعْنَة لَا تَكُون إِلَّا فِي كَبِيرَة , وَمَعْنَاهُ : أَنَّ اللَّه تَعَالَى يَلْعَنهُ , وَكَذَا يَلْعَنهُ الْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعُونَ , وَهَذَا مُبَالَغَة فِي إِبْعَاده عَنْ رَحْمَة اللَّه تَعَالَى , فَإِنَّ اللَّعْن فِي اللُّغَة هُوَ الطَّرْد وَالْإِبْعَاد , قَالُوا : وَالْمُرَاد بِاللَّعْنِ هُنَا الْعَذَاب الَّذِي يَسْتَحِقّهُ عَلَى ذَنْبه , وَالطَّرْد عَنْ الْجَنَّة أَوَّل الْأَمْر , وَلَيْسَتْ هِيَ كَلَعْنَةِ الْكُفَّار الَّذِينَ يُبْعَدُونَ مِنْ رَحْمَة اللَّه تَعَالَى كُلّ الْإِبْعَاد.
وَاَللَّه أَعْلَم.
قَوْله : ( لَا يَقْبَل اللَّه مِنْهُ يَوْم الْقِيَامَة صَرْفًا وَلَا عَدْلًا ) , قَالَ الْقَاضِي : قَالَ الْمَازِرِيّ : اِخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرهمَا , فَقِيلَ : الصَّرْف : الْفَرِيضَة , وَالْعَدْل : النَّافِلَة , وَقَالَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ : الصَّرْف : النَّافِلَة , وَالْعَدْل : الْفَرِيضَة , عَكْس قَوْل الْجُمْهُور , وَقَالَ الْأَصْمَعِيّ : الصَّرْف : التَّوْبَة , وَالْعَدْل : الْفِدْيَة , وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقَالَ يُونُس : الصَّرْف الِاكْتِسَاب , وَالْعَدْل : الْفِدْيَة , وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة : الْعَدْل : الْحِيلَة , وَقِيلَ : الْعَدْل : الْمِثْل.
وَقِيلَ : الصَّرْف : الدِّيَة , وَالْعَدْل : الزِّيَادَة , قَالَ الْقَاضِي : وَقِيلَ : الْمَعْنَى : لَا تُقْبَل فَرِيضَته وَلَا نَافِلَته قَبُول رِضًا , وَإِنْ قُبِلَتْ قَبُول جَزَاء , وَقِيلَ : يَكُون الْقَبُول هُنَا بِمَعْنَى تَكْفِير الذَّنْب بِهِمَا , قَالَ : وَقَدْ يَكُون مَعْنَى الْفِدْيَة هُنَا : أَنَّهُ لَا يَجِد فِي الْقِيَامَة فِدَاء يَفْتَدِي بِهِ بِخِلَافِ غَيْره مِنْ الْمُذْنِبِينَ الَّذِينَ يَتَفَضَّل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عَلَى مَنْ يَشَاء مِنْهُمْ بِأَنْ يَفْدِيه مِنْ النَّار بِيَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيّ , كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيح.
قَوْله فِي آخِر هَذَا الْحَدِيث : ( فَقَالَ اِبْن أَنَس : أَوْ آوَى مُحْدِثًا ) كَذَا وَقَعَ فِي أَكْثَر النُّسَخ ( فَقَالَ اِبْن أَنَس ) وَوَقَعَ فِي بَعْضهَا ( فَقَالَ أَنَس ) بِحَذْفِ لَفْظَة ( اِبْن ).
قَالَ الْقَاضِي : وَوَقَعَ عِنْد عَامَّة شُيُوخنَا ( فَقَالَ اِبْن أَنَس ) بِإِثْبَاتِ ( اِبْن ) قَالَ : وَهُوَ الصَّحِيح , وَكَأَنَّ اِبْن أَنَس ذَكَّرَ أَبَاهُ هَذِهِ الزِّيَادَة , لِأَنَّ سِيَاق هَذَا الْحَدِيث مِنْ أَوَّله إِلَى آخِره مِنْ كَلَام أَنَس , فَلَا وَجْه لِاسْتِدْرَاكِ أَنَس بِنَفْسِهِ , مَعَ أَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَة قَدْ وَقَعَتْ فِي أَوَّل الْحَدِيث فِي سِيَاق كَلَام أَنَس فِي أَكْثَر الرِّوَايَات , قَالَ : وَسَقَطَتْ عِنْد السَّمَرْقَنْدِيّ : قَالَ : وَسُقُوطهَا هُنَاكَ يُشْبِه أَنْ يَكُون هُوَ الصَّحِيح , وَلِهَذَا اُسْتُدْرِكَتْ فِي آخِر الْحَدِيث.
هَذَا آخِر كَلَام الْقَاضِي.
و حَدَّثَنَاه حَامِدُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ قَالَ قُلْتُ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَحَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ قَالَ نَعَمْ مَا بَيْنَ كَذَا إِلَى كَذَا فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا قَالَ ثُمَّ قَالَ لِي هَذِهِ شَدِيدَةٌ مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا قَالَ فَقَالَ ابْنُ أَنَسٍ أَوْ آوَى مُحْدِثًا
عن عاصم الأحول، قال: سألت أنسا، أحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة؟ قال: «نعم، هي حرام لا يختلى خلاها، فمن فعل ذلك فعليه لعنة الله والملائكة وا...
عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم بارك لهم في مكيالهم، وبارك لهم في صاعهم، وبارك لهم في مدهم»
عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما بمكة من البركة»
عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، قال: خطبنا علي بن أبي طالب فقال: من زعم أن عندنا شيئا نقرأه إلا كتاب الله وهذه الصحيفة (قال: وصحيفة معلقة في قراب سيفه) فق...
عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المدينة حرم، فمن أحدث فيها حدثا، أو آوى محدثا، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه يو...
عن أبي هريرة، أنه كان يقول: لو رأيت الظباء ترتع بالمدينة ما ذعرتها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما بين لابتيها حرام»
عن أبي هريرة، قال: «حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين لابتي المدينة»، قال أبو هريرة: «فلو وجدت الظباء ما بين لابتيها ما ذعرتها»، وجعل اثني عشر...
عن أبي هريرة، أنه قال: كان الناس إذا رأوا أول الثمر جاءوا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا أخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «اللهم بارك لن...
عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بأول الثمر، فيقول: «اللهم بارك لنا في مدينتنا، وفي ثمارنا، وفي مدنا، وفي صاعنا بركة مع بركة»، ث...