3652- عن ابن عمر، أنه طلق امرأته، وهي حائض في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل عمر بن الخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مره فليراجعها، ثم ليتركها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك بعد، وإن شاء طلق قبل أن يمس، فتلك العدة التي أمر الله عز وجل أن يطلق لها النساء»
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لْيَتْرُكْهَا حَتَّى تَطْهُر ثُمَّ تَحِيض ثُمَّ تَطْهُر ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْد وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْل أَنْ يَمَسّ فَتِلْكَ الْعِدَّة الَّتِي أَمَرَ اللَّه أَنْ يُطَلَّق لَهَا النِّسَاء ) يَعْنِي قَبْل أَنْ يَمَسّ أَيْ قَبْل أَنْ يَطَأهَا , فَفِيهِ تَحْرِيم الطَّلَاق فِي طُهْر جَامَعَهَا فِيهِ.
قَالَ أَصْحَابنَا : يَحْرُم طَلَاقهَا فِي طُهْر جَامَعَهَا فِيهِ حَتَّى يَتَبَيَّن حَمْلهَا لِئَلَّا تَكُون حَامِلًا فَيَنْدَم , فَإِذَا بَانَ الْحَمْل دَخَلَ بَعْد ذَلِكَ فِي طَلَاقهَا عَلَى بَصِيرَة فَلَا يَنْدَم فَلَا تُحَرَّم وَلَوْ كَانَتْ الْحَائِض حَامِلًا.
فَالصَّحِيح عِنْدنَا وَهُوَ نَصّ الشَّافِعِيّ أَنَّهُ لَا يَحْرُم طَلَاقهَا , لِأَنَّ تَحْرِيم الطَّلَاق فِي الْحَيْض إِنَّمَا كَانَ لِتَطْوِيلِ الْعِدَّة لِكَوْنِهِ لَا يُحْسَب قُرْءًا.
وَأَمَّا الْحَامِل الْحَائِض فَعِدَّتهَا بِوَضْعِ الْحَمْل فَلَا يَحْصُل فِي حَقّهَا تَطْوِيل.
وَفِي قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ ) دَلِيل عَلَى أَنَّهُ لَا إِثْم فِي الطَّلَاق بِغَيْرِ سَبَب لَكِنْ يُكْرَه لِلْحَدِيثِ الْمَشْهُور فِي سُنَن أَبِي دَاوُدَ وَغَيْره , أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " أَبْغَض الْحَلَال إِلَى اللَّه الطَّلَاق " , فَيَكُون حَدِيث اِبْن عُمَر لِبَيَانِ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ وَهَذَا الْحَدِيث لِبَيَانِ كَرَاهَة التَّنْزِيه.
قَالَ أَصْحَابنَا الطَّلَاق أَرْبَعَة أَقْسَام : حَرَام وَمَكْرُوه وَوَاجِب وَمَنْدُوب , وَلَا يَكُون مُبَاحًا مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ.
فَأَمَّا الْوَاجِب فَفِي صُورَتَيْنِ وَهُمَا فِي الْحُكْمَيْنِ إِذَا بَعَثَهُمَا الْقَاضِي عِنْد الشِّقَاق بَيْن الزَّوْجَيْنِ وَرَأَيَا الْمَصْلَحَة فِي الطَّلَاق وَجَبَ عَلَيْهِمَا الطَّلَاق ; وَفِي الْمَوْلَى إِذَا مَضَتْ عَلَيْهِ أَرْبَعَة أَشْهُر وَطَالَبَتْ الْمَرْأَة بِحَقِّهَا فَامْتَنَعَ مِنْ الْفَيْئَة وَالطَّلَاق فَالْأَصَحّ عِنْدنَا أَنَّهُ يَجِب عَلَى الْقَاضِي أَنْ يُطَلِّق عَلَيْهِ طَلْقَة رَجْعِيَّة.
وَأَمَّا الْمَكْرُوه فَأَنْ يَكُون الْحَال بَيْنهمَا مُسْتَقِيمًا فَيُطَلِّق بِلَا سَبَب وَعَلَيْهِ يُحْمَل حَدِيث " أَبْغَض الْحَلَال إِلَى اللَّه الطَّلَاق ".
وَأَمَّا الْحَرَام فَفِي ثَلَاث صُوَر أَحَدهَا فِي الْحَيْض بِلَا عِوَض مِنْهَا وَلَا سُؤَالهَا ; وَالثَّانِي فِي طُهْر جَامَعَهَا فِيهِ قَبْل بَيَان الْحَمْل ; وَالثَّالِث إِذَا كَانَ عِنْده زَوْجَات يَقْسِم لَهُنَّ وَطَلَّقَ وَاحِدَة قَبْل أَنْ يُوفِيهَا قَسْمهَا.
وَأَمَّا الْمَنْدُوب فَهُوَ أَلَّا تَكُون الْمَرْأَة عَفِيفَة أَوْ يَخَافَا أَوْ أَحَدهمَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُود اللَّه أَوْ نَحْو ذَلِكَ وَاَللَّه أَعْلَم.
وَأَمَّا جَمْع الطَّلْقَات الثَّلَاثَة دَفْعَة فَلَيْسَ الثَّلَاث بِحَرَامٍ عِنْدنَا , لَكِنْ الْأَوْلَى تَفْرِيقهَا , وَبِهِ قَالَ أَحْمَد وَأَبُو ثَوْر.
وَقَالَ مَالِك وَالْأَوْزَاعِيّ وَأَبُو حَنِيفَة وَاللَّيْث : هُوَ بِدْعَة قَالَ الْخَطَّابِيّ : فِي قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مُرْهُ فَلْيُرَاجِعهَا ) لَيْل عَلَى أَنَّ الرَّجْعَة لَا تَفْتَقِر إِلَى رِضَا الْمَرْأَة وَلَا وَلِيّهَا وَلَا تَجْدِيد عَقْد وَاَللَّه أَعْلَم.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَتِلْكَ الْعِدَّة الَّتِي أَمْر اللَّه أَنْ يُطَلَّق لَهَا النِّسَاء ) فِي دَلِيل لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيّ وَمَالِك وَمُوَافِقِيهِمَا أَنَّ الْأَقْرَاء فِي الْعِدَّة هِيَ الْأَطْهَار لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لِيُطَلِّقهَا فِي الطُّهْر إِنْ شَاءَ فَتِلْكَ الْعِدَّة الَّتِي أَمَرَ اللَّه أَنْ يُطَلَّق لَهَا النِّسَاء أَيْ فِيهَا , وَمَعْلُوم أَنَّ اللَّه لَمْ يَأْمُر بِطَلَاقِهِنَّ فِي الْحَيْض , بَلْ حَرَّمَهُ , فَإِنْ قِيلَ : الضَّمِير فِي قَوْله : ( فَتِلْكَ ) يَعُود إِلَى الْحَيْضَة.
قُلْنَا : هَذَا غَلَط لِأَنَّ الطَّلَاق فِي الْحَيْض غَيْر مَأْمُور بِهِ بَلْ مُحَرَّم , وَإِنَّمَا الضَّمِير عَائِد إِلَى الْحَالَة الْمَذْكُورَة وَهِيَ حَالَة الطُّهْر أَوْ إِلَى الْعِدَّة.
وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاء مِنْ أَهْل الْفِقْه وَالْأُصُول وَاللُّغَة عَلَى أَنَّ ( الْقُرْء ) يُطْلَق فِي اللُّغَة عَلَى الْحَيْض وَعَلَى الطُّهْر وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَقْرَاء الْمَذْكُورَة فِي قَوْله تَعَالَى : { وَالْمُطَلَّقَات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَة قُرُوء } وَفِيمَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّة , فَقَالَ مَالِك وَالشَّافِعِيّ وَآخَرُونَ : هِيَ الْأَطْهَار.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة وَالْأَوْزَاعِيّ وَآخَرُونَ : هِيَ الْحَيْض.
وَهُوَ مَرْوِيّ عَنْ عُمَر وَعَلِيّ وَابْن مَسْعُود رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ , وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيّ وَزُفَر وَإِسْحَاق وَآخَرُونَ مِنْ السَّلَف , وَهُوَ أَصَحّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَد.
قَالُوا : لِأَنَّ مَنْ قَالَ بِالْأَطْهَارِ يَجْعَلهَا قُرْأَيْنِ وَبَعْض الثَّالِث , وَظَاهِر الْقُرْآن أَنَّهَا ثَلَاثَة.
وَالْقَائِل بِالْحَيْضِ يَشْتَرِط ثَلَاثَة حَيْضَات كَوَامِل فَهُوَ أَقْرَب إِلَى مُوَافَقَة الْقُرْآن , وَلِهَذَا الِاعْتِرَاض صَارَ اِبْن شِهَاب الزُّهْرِيّ إِلَى أَنَّ الْأَقْرَاء هِيَ الْأَطْهَار , قَالَ : وَلَكِنْ لَا تَنْقَضِي الْعِدَّة إِلَّا بِثَلَاثَةِ أَطْهَار كَامِلَة وَلَا تَنْقَضِي بِطُهْرَيْنِ وَبَعْض الثَّالِث.
وَهَذَا مَذْهَب اِنْفَرَدَ بِهِ بَلْ اِتَّفَقَ الْقَائِلُونَ لِلْأَطْهَارِ عَلَى أَنَّهَا تَنْقَضِي بِقُرْأَيْنِ وَبَعْض الثَّالِث , حَتَّى لَوْ طَلَّقَهَا وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الطُّهْر لَحْظَة يَسِيرَة حُسِبَ ذَلِكَ قُرْءًا , وَيَكْفِيهَا طُهْرَانِ بَعْده.
وَأَجَابُوا عَنْ الِاعْتِرَاض بِأَنَّ الشَّيْئَيْنِ وَبَعْض الثَّالِث يُطْلَق عَلَيْهَا اِسْم : الْجَمِيع , قَالَ اللَّه تَعَالَى : { الْحَجّ أَشْهُر مَعْلُومَات } وَمَعْلُوم أَنَّهُ شَهْرَانِ وَبَعْض الثَّالِث , وَكَذَا قَوْله تَعَالَى : { فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ } الْمُرَاد فِي يَوْم وَبَعْض الثَّانِي.
وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِالْأَطْهَارِ : مَتَى تَنْقَضِي عِدَّتهَا ؟ فَالْأَصَحّ عِنْدنَا أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ رُؤْيَة الدَّم بَعْد الطُّهْر الثَّالِث , وَفِي قَوْل : لَا تَنْقَضِي حَتَّى يَمْضِي يَوْم وَلَيْلَة.
وَالْخِلَاف فِي مَذْهَب مَالِك كَهُوَ عِنْدنَا.
وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِالْحَيْضِ أَيْضًا فَقَالَ أَبُو حَنِيفَة وَأَصْحَابه : حَتَّى تَغْتَسِل مِنْ الْحَيْضَة الثَّالِثَة أَوْ يَذْهَب وَقْت صَلَاة.
وَقَالَ عُمَر وَعَلِيّ وَابْن مَسْعُود وَالثَّوْرِيّ وَزُفَر وَإِسْحَاق وَأَبُو عُبَيْد : حَتَّى تَغْتَسِل مِنْ الثَّالِثَة.
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَآخَرُونَ : تَنْقَضِي بِنَفْسِ اِنْقِطَاع الدَّم.
وَعَنْ إِسْحَاق رِوَايَة , أَنَّهُ إِذَا اِنْقَطَعَتْ الدَّم اِنْقَطَعَتْ الرَّجْعَة , وَلَكِنْ لَا تَحِلّ لِلْأَزْوَاجِ حَتَّى تَغْتَسِل اِحْتِيَاطًا وَخُرُوجًا مِنْ الْخِلَاف وَاَللَّه أَعْلَم.
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيَتْرُكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ
عن عبد الله، أنه «طلق امرأة له وهي حائض تطليقة واحدة، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يراجعها، ثم يمسكها حتى تطهر، ثم تحيض عنده حيضة أخرى، ثم يم...
عن ابن عمر، قال: طلقت امرأتي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي حائض، فذكر ذلك عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «مره فليراجعها، ثم ليدعه...
عن نافع، أن ابن عمر، طلق امرأته وهي حائض، فسأل عمر النبي صلى الله عليه وسلم، «فأمره أن يرجعها، ثم يمهلها حتى تحيض حيضة أخرى، ثم يمهلها حتى تطهر، ثم يط...
عن سالم بن عبد الله، أن عبد الله بن عمر، قال: طلقت امرأتي وهي حائض، فذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وسلم، فتغيظ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال:...
عن ابن عمر، أنه طلق امرأته وهي حائض، فذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «مره فليراجعها، ثم ليطلقها طاهرا، أو حاملا»
عن ابن عمر، أنه طلق امرأته وهي حائض، فسأل عمر عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال «مره فليراجعها حتى تطهر، ثم تحيض حيضة أخرى، ثم تطهر، ثم يطلق ب...
عن ابن سيرين.<br> قال: مكثت عشرين سنة يحدثني من لا أتهم؛ أن ابن عمر طلق امرأته ثلاثا وهي حائض.<br> فأمر أن يراجعها.<br> فجعلت لا أتهمهم، ولا أعرف ال...
عن يونس بن جبير، قال: قلت لابن عمر: رجل طلق امرأته وهي حائض، فقال: أتعرف عبد الله بن عمر، فإنه طلق امرأته وهي حائض، فأتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم،...
عن ابن عمر قالل: طلقت امرأتي وهي حائض.<br> فأتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له.<br> فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ليراجعها.<br> فإذا طهرت...