3725- عن زينب بنت أبي سلمة، أنها أخبرته، هذه الأحاديث الثلاثة، قال: قالت زينب: دخلت على أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، حين توفي أبوها أبو سفيان، فدعت أم حبيبة بطيب فيه صفرة خلوق - أو غيره - فدهنت منه جارية، ثم مست بعارضيها، ثم قالت: والله ما لي بالطيب من حاجة، غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول على المنبر: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا»
(خلوق أو غيره) هو برفع خلوق.
وبرفع غيره.
أي دعت بصفرة وهي خلوق أو غيره.
والخلوق طيب مخلوط.
(فدهنت منه جارية) أي طلتها من ذلك الطيب تقليلا لما في يديها.
(ثم مست بعارضيها) هما جانبا الوجه، فوق الذقن، إلى ما دون الأذن.
وإنما فعلت هذا لدفع صورة الإحداد.
(أربعة أشهر وعشرا) أي إلى انقضاء عدة الوفاة.
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا يَحِلّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِن بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر تُحِدّ عَلَى مَيِّت فَوْق ثَلَاث إِلَّا عَلَى زَوْج أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْرًا ) فِيهِ دَلِيل عَلَى وُجُوب الْإِحْدَاد عَلَى الْمُعْتَدَّة مِنْ وَفَاة زَوْجهَا وَهُوَ مُجْمَع عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَة وَإِنْ اِخْتَلَفُوا فِي تَفْصِيله , فَيَجِب عَلَى كُلّ مُعْتَدَّة عَنْ وَفَاة سَوَاء الْمَدْخُول بِهَا وَغَيْرهَا وَالصَّغِيرَة وَالْكَبِيرَة وَالْبِكْر وَالثَّيِّب وَالْحُرَّة وَالْأَمَة وَالْمُسْلِمَة وَالْكَافِرَة هَذَا مَذْهَب الشَّافِعِيّ وَالْجُمْهُور.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة وَغَيْره مِنْ الْكُوفِيِّينَ وَأَبُو ثَوْر وَبَعْض الْمَالِكِيَّة : لَا يَجِب عَلَى الزَّوْجَة الْكِتَابِيَّة بَلْ تَخْتَصّ بِالْمُسْلِمَةِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا يَحِلّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِن بِاَللَّهِ ) فَخَصَّهُ بِالْمُؤْمِنَةِ.
وَدَلِيل الْجُمْهُور أَنَّ الْمُؤْمِن هُوَ الَّذِي يَشْمَل خِطَاب الشَّارِع وَيَنْتَفِع بِهِ وَيَنْقَاد لَهُ , فَلِهَذَا قَيَّدَ بِهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة أَيْضًا : لَا إِحْدَاد عَلَى الصَّغِيرَة وَلَا عَلَى الزَّوْجَة الْأَمَة.
وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا إِحْدَاد عَلَى أُمّ الْوَلَد وَلَا عَلَى الْأَمَة إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهُمَا سَيِّدهمَا وَلَا عَلَى الزَّوْجَة الرَّجْعِيَّة.
وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُطَلَّقَة ثَلَاثًا , فَقَالَ عَطَاء وَرَبِيعَة وَمَالِك وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ وَابْن الْمُنْذِر.
لَا إِحْدَاد عَلَيْهَا , وَقَالَ الْحَكَم وَأَبُو حَنِيفَة وَالْكُوفِيُّونَ وَأَبُو ثَوْر وَأَبُو عُبَيْد : عَلَيْهَا الْإِحْدَاد وَهُوَ قَوْل ضَعِيف لِلشَّافِعِيِّ وَحَكَى الْقَاضِي قَوْلًا عَنْ الْحَسَن الْبَصْرِيّ أَنَّهُ لَا يَجِب الْإِحْدَاد عَلَى الْمُطَلَّقَة وَلَا عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا , وَهَذَا شَاذّ غَرِيب.
وَدَلِيل مَنْ قَالَ : لَا إِحْدَاد عَلَى الْمُطَلَّقَة ثَلَاثًا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِلَّا عَلَى الْمَيِّت ) فَخَصَّ الْإِحْدَاد بِالْمَيِّتِ بَعْد تَحْرِيمه فِي غَيْره.
قَالَ الْقَاضِي : وَاسْتُفِيدَ وُجُوب الْإِحْدَاد فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا مِنْ اِتِّفَاق الْعُلَمَاء عَلَى حَمْل الْحَدِيث عَلَى ذَلِكَ , مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي لَفْظه مَا يَدُلّ عَلَى الْوُجُوب وَلَكِنْ اِتَّفَقُوا عَلَى حَمْله عَلَى الْوُجُوب مَعَ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيث الْآخَر حَدِيث أُمّ سَلَمَة وَحَدِيث أُمّ عَطِيَّة فِي الْكُحْل وَالطِّيب وَاللِّبَاس وَمَنْعهَا مِنْهُ وَاَللَّه أَعْلَم.
وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْرًا ) , فَالْمُرَاد بِهِ وَعَشْرَة أَيَّام بِلَيَالِيِهَا.
هَذَا مَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْعُلَمَاء كَافَّة , إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير وَالْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهَا أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْر لَيَالٍ وَأَنَّهَا تَحِلّ فِي الْيَوْم الْعَاشِرَة , وَعِنْدنَا وَعِنْد الْجُمْهُور لَا تَحِلّ حَتَّى تَدْخُل لَيْلَة الْحَادِي عَشَر.
وَاعْلَمْ أَنَّ التَّقْيِيد عِنْدنَا بِأَرْبَعَةِ أَشْهُر وَعَشْر خَرَجَ عَلَى غَالِب الْمُعْتَدَّات أَنَّهَا تَعْتَدّ بِالْأَشْهُرِ , أَمَّا إِذَا كَانَتْ حَامِلًا فَعِدَّتهَا بِالْحَمْلِ.
وَيَلْزَمهَا الْإِحْدَاد فِي جَمِيع الْعِدَّة حَتَّى تَضَع سَوَاء قَصُرَتْ الْمُدَّة أَمْ طَالَتْ فَإِذَا وَضَعَتْ فَلَا إِحْدَاد بَعْده.
وَقَالَ بَعْض الْعُلَمَاء : لَا يَلْزَمهَا الْإِحْدَاد بَعْد أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْر وَإِنْ لَمْ تَضَع الْحَمْل وَاَللَّه أَعْلَم.
قَالَ الْعُلَمَاء وَالْحِكْمَة فِي وُجُوب الْإِحْدَاد فِي عِدَّة الْوَفَاة دُون الطَّلَاق , لِأَنَّ الزِّينَة وَالطِّيب يَدْعُوَانِ إِلَى النِّكَاح وَيُوقِعَانِ فِيهِ فَنَهَيْت عَنْهُ لِيَكُونَ الِامْتِنَاع مِنْ ذَلِكَ زَاجِرًا عَنْ النِّكَاح , لِكَوْنِ الزَّوْج مَيِّتًا لَا يَمْنَع مُعْتَدَّته مِنْ النِّكَاح وَلَا يُرَاعِيه نَاكِحهَا , وَلَا يُخَاف مِنْهُ بِخِلَافِ الْمُطَلِّق الْحَيّ فَإِنَّهُ يَسْتَغْنِي بِوُجُودِهِ عَنْ زَاجِر آخَر وَلِهَذِهِ الْعِلَّة وَجَبَتْ الْعِدَّة عَلَى كُلّ مُتَوَفَّى عَنْهَا , وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَدْخُولًا بِهَا بِخِلَافِ الطَّلَاق فَاسْتُظْهِرَ لِلْمَيِّتِ بِوُجُوبِ الْعِدَّة وَجُعِلَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْرًا , لِأَنَّ الْأَرْبَعَة فِيهَا يَنْفُخ الرُّوح فِي الْوَلَد إِنْ كَانَ وَالْعَشْر اِحْتِيَاطًا , وَفِي هَذِهِ الْمُدَّة يَتَحَرَّك الْوَلَد فِي الْبَطْن قَالُوا وَلَمْ يُوَكَّل ذَلِكَ إِلَى أَمَانَة النِّسَاء وَيُجْعَل بِالْأَقْرَاءِ كَالطَّلَاقِ , لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الِاحْتِيَاط لِلْمَيِّتِ وَلَمَّا كَانَتْ الصَّغِيرَة مِنْ الزَّوْجَات نَادِرَة أُلْحِقَتْ بِالْغَالِبِ فِي حُكْم وُجُوب الْعِدَّة وَالْإِحْدَاد وَاَللَّه أَعْلَم.
قَوْله : ( فَدَعَتْ أُمّ حَبِيبَة بِطَيِّبٍ فِيهِ صُفْرَة خَلُوق أَوْ غَيْره ) هُوَ بِرَفْعِ خَلُوق وَبِرَفْعِ غَيْره أَيْ دَعَتْ بِصُفْرَةٍ وَهِيَ خَلُوق أَوْ غَيْره وَالْخَلُوق بِفَتْحِ الْخَاء هُوَ طِيب مَخْلُوط.
قَوْله : ( مَسَّتْ بِعَارِضَيْهَا ) هُمَا جَانِبَا الْوَجْه فَوْق الذَّقَن إِلَى مَا دُون الْأُذُن وَإِنَّمَا فَعَلَتْ هَذَا لِدَفْعِ صُورَة الْإِحْدَاد وَفِي هَذَا الَّذِي فَعَلَتْهُ أُمّ حَبِيبَة وَزَيْنَب مَعَ الْحَدِيث الْمَذْكُور دَلَالَة لِجَوَازِ الْإِحْدَاد عَلَى غَيْر الزَّوْج ثَلَاثَة أَيَّام فَمَا دُونهَا.
و حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ الثَّلَاثَةَ قَالَ قَالَتْ زَيْنَبُ دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَ أَبُوهَا أَبُو سُفْيَانَ فَدَعَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِطِيبٍ فِيهِ صُفْرَةٌ خَلُوقٌ أَوْ غَيْرُهُ فَدَهَنَتْ مِنْهُ جَارِيَةً ثُمَّ مَسَّتْ بِعَارِضَيْهَا ثُمَّ قَالَتْ وَاللَّهِ مَا لِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ غَيْرَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا
قالت زينب: ثم دخلت على زينب بنت جحش حين توفي أخوها، فدعت بطيب، فمست منه، ثم قالت: والله ما لي بالطيب من حاجة، غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسل...
قالت زينب: سمعت أمي أم سلمة، تقول: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إن ابنتي توفي عنها زوجها، وقد اشتكت عينها، أفنكحل...
عن حميد بن نافع، قال: سمعت زينب بنت أم سلمة، قالت: توفي حميم لأم حبيبة، فدعت بصفرة، فمسحته بذراعيها، وقالت: إنما أصنع هذا لأني سمعت رسول الله صلى الله...
عن حميد بن نافع، قال: سمعت زينب بنت أم سلمة، تحدث عن أمها، أن امرأة توفي زوجها، فخافوا على عينها، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فاستأذنوه في الكحل،...
عن أم سلمة وأم حبيبة تذكران أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت له أن بنتا لها توفي عنها زوجها فاشتكت عينها فهي تريد أن تكحلها، فقال رسول...
عن زينب بنت أبي سلمة، قالت: لما أتى أم حبيبة نعي أبي سفيان، دعت في اليوم الثالث بصفرة، فمسحت به ذراعيها، وعارضيها، وقالت: كنت عن هذا غنية، سمعت النبي...
عن حفصة، أو عن عائشة، أو عن كلتيهما؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر (أو تؤمن بالله ورسوله) أن تحد على مي...
عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر، أن تحد على ميت فوق ثلاث، إلا على زوجها
عن أم عطية، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تحد امرأة على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج، أربعة أشهر وعشرا، ولا تلبس ثوبا مصبوغا، إلا ثوب عصب، ولا...