3728- قالت زينب: سمعت أمي أم سلمة، تقول: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إن ابنتي توفي عنها زوجها، وقد اشتكت عينها، أفنكحلها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا» - مرتين أو ثلاثا، كل ذلك يقول: لا - ثم قال: «إنما هي أربعة أشهر وعشر، وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول»، قال حميد: فقلت لزينب، وما ترمي بالبعرة على رأس الحول؟ فقالت زينب: «كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها دخلت حفشا، ولبست شر ثيابها، ولم تمس طيبا، ولا شيئا حتى تمر بها سنة، ثم تؤتى بدابة - حمار، أو شاة، أو طير - فتفتض به، فقلما تفتض بشيء إلا مات، ثم تخرج، فتعطى بعرة، فترمي بها، ثم تراجع بعد ما شاءت من طيب أو غيره»
(وقد كانت إحداكن في الجاهلية) معناه لا تستكثرن العدة ومنع الاكتحال فيها.
فإنها مدة قليلة.
وقد خففت عنكن وصارت أربعة أشهر وعشرا، بعد أن كانت سنة.
وفي هذا تصريح بنسخ الاعتداد سنة، المذكور في سورة البقرة، في الآية الثانية.
وأما رميها بالبعرة في رأس الحول فقد فسره في الحديث.
قال بعض العلماء: معناه أنها رمت بالعدة وخرجت منها كانفصالها من هذه البعرة ورميها بها.
(وما ترمي بالبعرة) أي وما المراد بهذا القول.
(حفشا) أي بيتا صغيرا حقيرا قريب السمك.
(فتفتض) هكذا هو في جميع النسخ: فتفتض، بالفاء والضاد.
قال ابن قتيبة: سألت الحجازيين عن معنى الافتضاض فذكروا أن المعتدة كانت لا تغتسل ولا تمس ماء ولا تقلم ظفرا، ثم تخرج بعد الحول بأقبح منظر.
ثم تفتض، أي تكسر ما هي فيه من العدة بطائر تمسح به قبلها وتنبذه.
فلا يكاد يعيش ما تفتض به.
وقال مالك: معناه تمسح به جلدها.
وقال ابن وهب: معناه تمسح بيدها عليه أو على ظهره.
وقيل معناه تمسح به ثم تفتض أي تغتسل.
والافتضاض الاغتسال بالماء العذب للانقاء وإزالة الوسخ حتى تصير بيضاء نقية كالفضة.
وقال الأخفش: معناه تتنظف وتتنقى من الدرن، تشبيها لها بالفضة في نقائها وبياضها.
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
قَوْلهَا : ( وَقَدْ اِشْتَكَتْ عَيْنهَا ) هُوَ بِرَفْعِ النُّون وَوَقَعَ فِي بَعْض الْأُصُول عَيْنَاهَا بِالْأَلِفِ.
قَوْلهَا : ( أَفَنُكَحِّلهَا ؟ فَقَالَ : لَا ) هُوَ بِضَمِّ الْحَاء.
وَفِي هَذَا الْحَدِيث وَحَدِيث أُمّ عَطِيَّة الْمَذْكُور بَعْده فِي قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( لَا تَكْتَحِل ) دَلِيل عَلَى تَحْرِيم الِاكْتِحَال عَلَى الْحَادَّة , سَوَاء اِحْتَاجَتْ إِلَيْهِ أَمْ لَا.
وَجَاءَ فِي الْحَدِيث الْآخَر فِي الْمُوَطَّأ وَغَيْره فِي حَدِيث أُمّ سَلَمَة : " اِجْعَلِيهِ بِاللَّيْلِ وَامْسَحِيهِ بِالنَّهَارِ " وَوَجْه الْجَمِيع بَيْن الْأَحَادِيث أَنَّهَا إِذَا لَمْ تَحْتَجْ إِلَيْهِ لَا يَحِلّ لَهَا , وَإِنْ اِحْتَاجَتْ لَمْ يَجُزْ بِالنَّهَارِ وَيَجُوز بِاللَّيْلِ , مَعَ أَنَّ الْأَوْلَى تَرْكه , فَإِنَّ فَعَلَتْهُ مَسَحَتْهُ بِالنَّهَارِ.
فَحَدِيث الْإِذْن فِيهِ لِبَيَانِ أَنَّهُ بِاللَّيْلِ لِلْحَاجَةِ غَيْر حَرَام , حَدِيث النَّهْي مَحْمُول عَلَى عَدَم الْحَاجَة.
وَحَدِيث الَّتِي اِشْتَكَتْ عَيْنهَا فَنَهَاهَا مَحْمُول عَلَى أَنَّهُ نَهْي تَنْزِيه وَتَأَوَّلَهُ بَعْضهمْ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّق الْخَوْف عَلَى عَيْنهَا.
وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي اِكْتِحَال الْمُحَدَّة فَقَالَ سَالِم بْن عَبْد اللَّه وَسُلَيْمَان بْن يَسَار وَمَالِك فِي رِوَايَة عَنْهُ يَجُوز إِذَا خَافَتْ عَلَى عَيْنهَا بِكُحْلٍ لَا طِيب فِيهِ وَجَوَّزَهُ بَعْضهمْ عِنْد الْحَاجَة وَإِنْ كَانَ فِيهِ طِيب , وَمَذْهَبنَا جَوَازه لَيْلًا عِنْد الْحَاجَة بِمَا لَا طِيب فِيهِ.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْر وَقَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّة تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْس الْحَوْل ) مَعْنَاهُ لَا تَسْتَكْثِرْنَ الْعِدَّة وَمَنَعَ الِاكْتِحَال فِيهَا فَإِنَّهَا مُدَّة قَلِيلَة وَقَدْ خُفِّفَتْ عَنْكُنَّ وَصَارَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْرًا بَعْد أَنْ كَانَتْ سُنَّة.
وَفِي هَذَا تَصْرِيح بِنَسْخِ الِاعْتِدَاد سُنَّة الْمَذْكُور فِي سُورَة الْبَقَرَة فِي الْآيَة الثَّانِيَة.
وَأَمَّا رَمْيهَا بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْس الْحَوْل , فَقَدْ فَسَّرَهُ فِي الْحَدِيث.
قَالَ بَعْض الْعُلَمَاء : مَعْنَاهُ أَنَّهَا رَمَتْ بِالْعِدَّةِ وَخَرَجَتْ مِنْهَا كَانْفِصَالِهَا مِنْ هَذِهِ الْبَعْرَة وَرَمِيَهَا بِهَا , وَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ إِشَارَة إِلَى أَنَّ الَّذِي فَعَلَتْهُ وَصَبَرَتْ عَلَيْهِ مِنْ الِاعْتِدَاد سُنَّة وَلُبْسهَا شَرّ ثِيَابهَا وَلُزُومهَا بَيْتًا صَغِيرًا هَيِّن بِالنِّسْبَةِ إِلَى حَقّ الزَّوْج وَمَا يَسْتَحِقّهُ مِنْ الْمُرَاعَاة كَمَا يُهَوِّن الرَّمْي بِالْبَعْرَةِ.
قَوْله : ( دَخَلَتْ حِفْشًا ) هُوَ بِكَسْرِ الْحَاء الْمُهْمَلَة وَإِسْكَان الْفَاء وَبِالشِّينِ الْمُعْجَمَة أَيْ بَيْتًا صَغِيرًا حَقِيرًا قَرِيب السَّمَك.
قَوْله : ( ثُمَّ تُؤْتَى بِدَابَّةِ حِمَار أَوْ شَاة أَوْ طَيْر فَتَفْتَضّ بِهِ ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيع النُّسَخ ( فَتَفْتَضّ ) بِالْفَاءِ وَالضَّاد قَالَ اِبْن قُتَيْبَة : سَأَلْت الْحِجَازِيِّينَ عَنْ مَعْنَى الِافْتِضَاض فَذَكَرُوا أَنَّ الْمُعْتَدَّة كَانَتْ لَا تَغْتَسِل وَلَا تَمَسّ مَاء وَلَا تُقَلِّم ظُفْرًا ثُمَّ تَخْرُج بَعْد الْحَوْل بِأَقْبَح مَنْظَر ثُمَّ تَفْتَضّ أَيْ تَكْسِر مَا هِيَ فِيهِ مِنْ الْعِدَّة بِطَائِرٍ تَمْسَح بِهِ قُبُلهَا وَتَنْبِذهُ فَلَا يَكَاد يَعِيش مَا تَفْتَضّ بِهِ.
وَقَالَ مَالِك : مَعْنَاهُ تَمْسَح بِهِ جِلْدهَا.
وَقَالَ اِبْن وَهْب : مَعْنَاهُ تَمْسَح بِيَدِهَا عَلَيْهِ أَوْ عَلَى ظَهْره.
وَقِيلَ : مَعْنَاهُ تَمْسَح بِهِ ثُمَّ تَفْتَضّ أَيْ تَغْتَسِل وَالِافْتِضَاض الِاغْتِسَال بِالْمَاءِ الْعَذْب لِلْإِنْقَاءِ وَإِزَالَة الْوَسَخ حَتَّى تَصِير بَيْضَاء نَقِيَّة كَالْفِضَّةِ.
وَقَالَ الْأَخْفَش : مَعْنَاهُ تَتَنَظَّف وَتَتَنَقَّى مِنْ الدَّرَن تَشْبِيهًا لَهَا بِالْفِضَّةِ فِي نَقَائِهَا وَبَيَاضهَا.
وَذَكَرَ الْهَرَوِيُّ : أَنَّ الْأَزْهَرِيّ قَالَ : رَوَاهُ الشَّافِعِيّ ( تُقْبَص ) بِالْقَافِ وَالصَّاد الْمُهْمَلَة وَالْبَاء الْمُوَحَّدَة مَأْخُوذ مِنْ الْقَبْض بِأَطْرَافِ الْأَصَابِع.
قَالَتْ زَيْنَبُ سَمِعْتُ أُمِّي أُمَّ سَلَمَةَ تَقُولُ جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَقَدْ اشْتَكَتْ عَيْنُهَا أَفَنَكْحُلُهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ لَا ثُمَّ قَالَ إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ وَقَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ قَالَ حُمَيْدٌ قُلْتُ لِزَيْنَبَ وَمَا تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ فَقَالَتْ زَيْنَبُ كَانَتْ الْمَرْأَةُ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا دَخَلَتْ حِفْشًا وَلَبِسَتْ شَرَّ ثِيَابِهَا وَلَمْ تَمَسَّ طِيبًا وَلَا شَيْئًا حَتَّى تَمُرَّ بِهَا سَنَةٌ ثُمَّ تُؤْتَى بِدَابَّةٍ حِمَارٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ طَيْرٍ فَتَفْتَضُّ بِهِ فَقَلَّمَا تَفْتَضُّ بِشَيْءٍ إِلَّا مَاتَ ثُمَّ تَخْرُجُ فَتُعْطَى بَعْرَةً فَتَرْمِي بِهَا ثُمَّ تُرَاجِعُ بَعْدُ مَا شَاءَتْ مِنْ طِيبٍ أَوْ غَيْرِهِ
عن حميد بن نافع، قال: سمعت زينب بنت أم سلمة، قالت: توفي حميم لأم حبيبة، فدعت بصفرة، فمسحته بذراعيها، وقالت: إنما أصنع هذا لأني سمعت رسول الله صلى الله...
عن حميد بن نافع، قال: سمعت زينب بنت أم سلمة، تحدث عن أمها، أن امرأة توفي زوجها، فخافوا على عينها، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فاستأذنوه في الكحل،...
عن أم سلمة وأم حبيبة تذكران أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت له أن بنتا لها توفي عنها زوجها فاشتكت عينها فهي تريد أن تكحلها، فقال رسول...
عن زينب بنت أبي سلمة، قالت: لما أتى أم حبيبة نعي أبي سفيان، دعت في اليوم الثالث بصفرة، فمسحت به ذراعيها، وعارضيها، وقالت: كنت عن هذا غنية، سمعت النبي...
عن حفصة، أو عن عائشة، أو عن كلتيهما؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر (أو تؤمن بالله ورسوله) أن تحد على مي...
عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر، أن تحد على ميت فوق ثلاث، إلا على زوجها
عن أم عطية، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تحد امرأة على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج، أربعة أشهر وعشرا، ولا تلبس ثوبا مصبوغا، إلا ثوب عصب، ولا...
عن أم عطية، قالت: «كنا ننهى أن نحد على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا، ولا نكتحل، ولا نتطيب، ولا نلبس ثوبا مصبوغا، وقد رخص للمرأة في طهرها...
عن سهل بن سعد الساعدي، أخبره، أن عويمرا العجلاني، جاء إلى عاصم بن عدي الأنصاري، فقال له: أرأيت يا عاصم لو أن رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله، فتقتلونه،...