5681- عن أبي واقد الليثي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس في المسجد والناس معه، إذ أقبل نفر ثلاثة، فأقبل اثنان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذهب واحد، قال فوقفا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأما أحدهما فرأى فرجة في الحلقة فجلس فيها، وأما الآخر فجلس خلفهم، وأما الثالث فأدبر ذاهبا، فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ألا أخبركم عن النفر الثلاثة؟ أما أحدهم فأوى إلى الله، فآواه الله، وأما الآخر فاستحيا، فاستحيا الله منه، وأما الآخر فأعرض، فأعرض الله عنه» حدثنا يحيى بن أبي كثير، أن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، حدثه في هذا الإسناد بمثله، في المعنى
(فرجة) الفرجة بضم الفاء، وفتحها، لغتان.
وهي الخلل بين الشيئين.
يقال لها أيضا: فرج.
ومنه قوله تعالى: وما بها من فروج، جمع فرج وأما الفرجة بمعنى الراحة من الغم، فذكر الأزهري فيها فتح الفاء وضمها وكسرها.
وقد فرج له، في الحلقة والصف ونحوهما، بتخفيف الراء، يفرج، بضمها.
(الحلقة) بإسكان اللام، على المشهور.
وحكى الجوهري فتحها، وهي لغة رديئة.
(فأوى إلى الله فآواه الله) لفظة أوى بالقصر.
وآواه بالمد.
هكذا الرواية، وهذه هي اللغة الفصيحة وبها جاء القرآن.
أنه إذا كان لازما كان مقصورا، وإن كان متعديا كان ممدودا.
قال الله تعالى: {أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة}.
وقال تعالى: {إذ أوى الفتية إلى الكهف}.
وقال تعالى، في المتعدي: {وآويناهما إلى ربوة}.
وقال تعالى: {ألم يجدك يتيما فآوى}.
قال العلماء: معنى أوى إلى الله أي لجأ إليه.
(وأما الآخر فاستحيا) هذا دليل اللغة الفصيحة الصحيحة أنه يجوز في الجماعة أن يقال، في غير الأخير منهم، الآخر.
فيقال: حضرني ثلاثة.
أما أحدهم فقرشي وأما الآخر فأنصاري وأما الآخر فتيمي.
وقد زعم بعضهم أنه لا يستعمل الآخر إلا في الآخر خاصة.
وهذا الحديث صريح في الرد عليه.
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( بَيْنَمَا هُوَ جَالِس فِي الْمَسْجِد , وَالنَّاس مَعَهُ , إِذْ أَقْبَلَ ثَلَاثَة نَفَر , فَأَقْبَلَ اِثْنَانِ ) إِلَى آخِره فِيهِ اِسْتِحْبَاب جُلُوس الْعَالِم لِأَصْحَابِهِ وَغَيْرهمْ فِي مَوْضِع بَارِز ظَاهِر لِلنَّاسِ , وَالْمَسْجِد أَفْضَل , فَيُذَاكِرهُمْ الْعِلْم وَالْخَيْر.
وَفِيهِ جَوَاز حِلَق الْعِلْم وَالذِّكْر فِي الْمَسْجِد , وَاسْتِحْبَاب دُخُولهَا , وَمُجَالَسَة أَهْلهَا , وَكَرَاهَة الِانْصِرَاف عَنْهَا مِنْ غَيْر عُذْر , وَاسْتِحْبَاب الْقُرْب مِنْ كَبِير الْحَلْقَة لِيَسْمَع كَلَامه سَمَاعًا بَيِّنًا , وَيَتَأَدَّب بِأَدَبِهِ.
وَأَنَّ قَاصِد الْحَلْقَة إِنْ رَأَى فُرْجَة دَخَلَ فِيهَا , وَإِلَّا جَلَسَ وَرَاءَهُمْ.
وَفِيهِ الثَّنَاء عَلَى مَنْ فَعَلَ جَمِيلًا فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَثْنَى عَلَى الِاثْنَيْنِ فِي هَذَا الْحَدِيث , وَأَنَّ الْإِنْسَان إِذَا فَعَلَ قَبِيحًا وَمَذْمُومًا وَبَاحَ بِهِ جَازَ أَنْ يُنْسَب إِلَيْهِ.
وَاللَّه أَعْلَم.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَرَأَى فُرْجَة فِي الْحَلْقَة فَدَخَلَ فِيهَا ) الْفُرْجَة بِضَمِّ الْفَاء وَفَتْحهَا لُغَتَانِ , وَهِيَ الْخَلَل بَيْن الشَّيْئَيْنِ , وَيُقَال لَهَا أَيْضًا فَرْج , وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى : { وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوج } جَمْع فَرْج.
وَأَمَّا الْفُرْجَة بِمَعْنَى الرَّاحَة مِنْ الْغَمّ فَذَكَر الْأَزْهَرِيّ فِيهَا فَتْح الْفَاء وَضَمّهَا وَكَسْرهَا , وَقَدْ فَرَجَ لَهُ فِي الْحَلْقَة وَالصَّفّ وَنَحْوهمَا بِتَخْفِيفِ الرَّاء يَفْرُج بِضَمِّهَا.
وَأَمَّا الْحَلْقَة فَبِإِسْكَانِ اللَّام عَلَى الْمَشْهُور , وَحَكَى الْجَوْهَرِيّ فَتْحهَا , وَهِيَ لُغَة رَدِيئَة.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أَمَّا أَحَدهمْ فَأَوَى إِلَى اللَّه فَآوَاهُ اللَّه ) لَفْظَة ( أَوَى ) بِالْقَصْرِ , وَ ( آوَاهُ ) بِالْمَدِّ هَكَذَا الرِّوَايَة , وَهَذِهِ هِيَ اللُّغَة الْفَصِيحَة , وَبِهَا جَاءَ الْقُرْآن أَنَّهُ إِذَا كَانَ لَازِمًا كَانَ مَقْصُورًا وَإِنْ كَانَ مُتَعَدِّيًا كَانَ مَمْدُودًا قَالَ اللَّه تَعَالَى { أَرَأَيْت إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَة } وَقَالَ تَعَالَى : { إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ } وَقَالَ فِي الْمُتَعَدِّي : { وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَة } وَقَالَ تَعَالَى : { أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى } قَالَ الْقَاضِي : وَحَكَى بَعْض أَهْل اللُّغَة فِيهِمَا جَمِيعًا لُغَتَيْنِ : الْقَصْر وَالْمَدّ , فَيُقَال : أَوَيْت إِلَى الرَّجُل بِالْقَصْرِ وَالْمَدّ وَآوَيْته بِالْمَدِّ وَالْقَصْر , وَالْمَشْهُور الْفَرْق كَمَا سَبَقَ.
قَالَ الْعُلَمَاء : مَعْنَى أَوَى إِلَى اللَّه أَيْ لَجَأَ إِلَيْهِ.
قَالَ الْقَاضِي : وَعِنْدِي أَنَّ مَعْنَاهُ هُنَا دَخَلَ مَجْلِس ذِكْر اللَّه تَعَالَى , أَوْ دَخَلَ مَجْلِس رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَجْمَع أَوْلِيَائِهِ , وَانْضَمَّ إِلَيْهِ , وَمَعْنَى آوَاهُ اللَّه أَيْ قَبِلَهُ وَقَرَّبَهُ , وَقِيلَ : مَعْنَاهُ رَحِمَهُ أَوْ آوَاهُ إِلَى جَنَّته أَيْ كَتَبَهَا لَهُ.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( وَأَمَّا الْآخَر فَاسْتَحَى فَاسْتَحَى اللَّه مِنْهُ ) أَيْ تَرَكَ الْمُزَاحَمَة وَالتَّخَطِّي حَيَاء مِنْ اللَّه تَعَالَى , وَمِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْحَاضِرِينَ , أَوْ اِسْتِحْيَاء مِنْهُمْ أَنْ يُعْرِض ذَاهِبًا كَمَا فَعَلَ الثَّالِث , فَاسْتَحَى اللَّه مِنْهُ أَيْ رَحِمَهُ وَلَمْ يُعَذِّبهُ , بَلْ غَفَرَ ذُنُوبه , وَقِيلَ : جَازَاهُ بِالثَّوَابِ.
قَالُوا : وَلَمْ يَلْحَقهُ بِدَرَجَةِ صَاحِبه الْأَوَّل فِي الْفَضِيلَة الَّذِي آوَاهُ وَبَسَطَ لَهُ اللُّطْف وَقَرَّبَهُ.
وَأَمَّا الثَّالِث فَأَعْرَض فَأَعْرَض اللَّه عَنْهُ أَيْ لَمْ يَرْحَمهُ , وَقِيلَ : سَخِطَ عَلَيْهِ , وَهَذَا مَحْمُول عَلَى أَنَّهُ ذَهَبَ مُعْرِضًا لَا لِعُذْرٍ وَضَرُورَة.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الثَّانِي : ( وَأَمَّا الْآخَر فَاسْتَحَى ) هَذَا دَلِيل اللُّغَة الْفَصِيحَة الصَّحِيحَة أَنَّهُ يَجُوز فِي الْجَمَاعَة أَنْ يُقَال فِي غَيْر الْأَخِير مِنْهُمْ الْآخَر , فَيُقَال : حَضَرَنِي ثَلَاثَة : أَمَّا أَحَدهمْ فَقُرَشِيّ , وَأَمَّا الْآخَر فَأَنْصَارِيّ , وَأَمَّا الْآخَر فَتَمِيمِيّ.
وَقَدْ زَعَمَ بَعْضهمْ أَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَل الْآخَر إِلَّا فِي الْآخَر خَاصَّة , وَهَذَا الْحَدِيث صَرِيح فِي الرَّدّ عَلَيْهِ.
وَاللَّه أَعْلَم.
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فِيمَا قُرِئَ عَلَيْهِ عَنْ إِسْحَقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ وَالنَّاسُ مَعَهُ إِذْ أَقْبَلَ نَفَرٌ ثَلَاثَةٌ فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَهَبَ وَاحِدٌ قَالَ فَوَقَفَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَرَأَى فُرْجَةً فِي الْحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا وَأَمَّا الْآخَرُ فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ وَأَمَّا الثَّالِثُ فَأَدْبَرَ ذَاهِبًا فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنْ النَّفَرِ الثَّلَاثَةِ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى اللَّهِ فَآوَاهُ اللَّهُ وَأَمَّا الْآخَرُ فَاسْتَحْيَا فَاسْتَحْيَا اللَّهُ مِنْهُ وَأَمَّا الْآخَرُ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ و حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا حَرْبٌ وَهُوَ ابْنُ شَدَّادٍ ح و حَدَّثَنِي إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا حَبَّانُ حَدَّثَنَا أَبَانُ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ أَنَّ إِسْحَقَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ حَدَّثَهُ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ بِمِثْلِهِ فِي الْمَعْنَى
عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يقيمن أحدكم الرجل من مجلسه، ثم يجلس فيه»
عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يقيم الرجل الرجل من مقعده، ثم يجلس فيه ولكن تفسحوا وتوسعوا» عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم...
عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يقيمن أحدكم أخاه، ثم يجلس في مجلسه» وكان ابن عمر، إذا قام له رجل عن مجلسه، لم يجلس فيه ".<br> وحدثناه...
عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يقيمن أحدكم أخاه يوم الجمعة، ثم ليخالف إلى مقعده، فيقعد فيه ولكن يقول افسحوا»
عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «إذا قام أحدكم» وفي حديث أبي عوانة «من قام من مجلسه، ثم رجع إليه فهو أحق به»
عن أم سلمة، أن مخنثا كان عندها ورسول الله صلى الله عليه وسلم في البيت، فقال لأخي أم سلمة: يا عبد الله بن أبي أمية إن فتح الله عليكم الطائف غدا، فإني أ...
عن عائشة، قالت: كان يدخل على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مخنث فكانوا يعدونه من غير أولي الإربة، قال فدخل النبي صلى الله عليه وسلم يوما وهو عند بعض...
عن أسماء بنت أبي بكر، قالت: تزوجني الزبير وما له في الأرض من مال ولا مملوك ولا شيء، غير فرسه، قالت: فكنت أعلف فرسه، وأكفيه مئونته وأسوسه وأدق النوى لن...
عن ابن أبي مليكة، أن أسماء، قالت: كنت أخدم الزبير خدمة البيت، وكان له فرس، وكنت أسوسه، فلم يكن من الخدمة شيء أشد علي من سياسة الفرس، كنت أحتش له وأقوم...