5772- عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، أنه سمعه يسأل أسامة بن زيد: ماذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطاعون؟ فقال أسامة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الطاعون رجز أو عذاب أرسل على بني إسرائيل أو على من كان قبلكم، فإذا سمعتم به بأرض، فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها، فلا تخرجوا فرارا منه» وقال أبو النضر: «لا يخرجكم إلا فرار منه»
(الطاعون) هو قروح تخرج في الجسد.
فتكون في المرافق أو الآباط أو الأيدي أو الأصابع وسائر البدن ويكون معه ورم وألم شديد.
وتخرج تلك القروح مع لهيب، ويسود ما حواليه أو يخضر أو يحمر حمرة بنفسجية كدرة ويحصل معه خفقان القلب والقيء.
(رجز) الرجز هو العذاب.
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الطَّاعُون ( إِنَّهُ رِجْز أُرْسِل عَلَى بَنِي إِسْرَائِيل , أَوْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلكُمْ , فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا تَقْدُمُوا عَلَيْهِ , وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ ).
وَفِي رِوَايَة ( إِنَّ هَذَا الْوَجَع أَوْ السَّقَم رُجْز عُذِّبَ بِهِ بَعْض الْأُمَم قَبْلكُمْ ثُمَّ بَقِيَ بَعْدُ بِالْأَرْضِ , فَيَذْهَب الْمَرَّة , وَيَأْتِي الْأُخْرَى , فَمَنْ سَمِعَ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا يَقْدُمَنَّ عَلَيْهِ , وَمَنْ وَقَعَ بِأَرْضٍ وَهُوَ بِهَا فَلَا يُخْرِجَنَّه الْفِرَار مِنْهُ ).
وَفِي حَدِيث عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّ الْوَبَاء وَقَعَ بِالشَّامِ.
وَأَمَّا ( الطَّاعُون ) فَهُوَ قُرُوح تَخْرُج فِي الْجَسَد فَتَكُون فِي الْمَرَافِق أَوْ الْآبَاط أَوْ الْأَيْدِي أَوْ الْأَصَابِع وَسَائِر الْبَدَن , وَيَكُون مَعَهُ وَرَم وَأَلَم شَدِيد , وَتَخْرُج تِلْكَ الْقُرُوح مَعَ لَهِيب , وَيَسْوَدّ مَا حَوَالَيْهِ , أَوْ يَخْضَرّ , أَوْ يَحْمَرّ حُمْرَة بَنَفْسَجِيَّة كَدِرَة , وَيَحْصُل مَعَهُ خَفَقَان الْقَلْب وَالْقَيْء.
وَأَمَّا ( الْوَبَاء ) فَقَالَ الْخَلِيل وَغَيْره : هُوَ مَرَض الطَّاعُون , وَقَالَ : هُوَ كُلّ مَرَض عَامّ.
وَالصَّحِيح الَّذِي قَالَهُ الْمُحَقِّقُونَ أَنَّهُ مَرَض الْكَثِيرِينَ مِنْ النَّاس فِي جِهَة مِنْ الْأَرْض دُون سَائِر الْجِهَات , وَيَكُون مُخَالِفًا لِلْمُعْتَادِ مِنْ أَمْرَاض فِي الْكَثْرَة وَغَيْرهَا , وَيَكُون مَرَضهمْ نَوْعًا وَاحِدًا بِخِلَافِ سَائِر الْأَوْقَات , فَإِنَّ أَمْرَاضهمْ فِيهَا مُخْتَلِفَة.
قَالُوا : وَكُلّ طَاعُون وَبَاء , وَلَيْسَ كُلّ وَبَاء طَاعُونًا.
وَالْوَبَاء الَّذِي وَقَعَ فِي الشَّام فِي زَمَن عُمَر كَانَ طَاعُونًا , وَهُوَ طَاعُون عَمْوَاس , وَهِيَ قَرْيَة مَعْرُوفَة بِالشَّامِ , وَقَدْ سَبَقَ فِي شَرْح مُقَدِّمَة الْكِتَاب فِي ذِكْر الضُّعَفَاء مِنْ الرُّوَاة عِنْد ذِكْره طَاعُون الْجَارِف بَيَان الطَّوَاعِين , وَأَزْمَانهَا , وَعَدَدهَا , وَأَمَاكِنهَا , وَنَفَائِس مِمَّا يَتَعَلَّق بِهَا.
وَجَاءَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيث أَنَّهُ أَرْسَلَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيل أَوْ مَنْ كَانَ قَبْلكُمْ عَذَابًا لَهُمْ.
هَذَا الْوَصْف وَبِكَوْنِهِ عَذَابًا مُخْتَصّ بِمَنْ كَانَ قَبْلنَا , وَأَمَّا هَذِهِ الْأُمَّة فَهُوَ لَهَا رَحْمَة وَشَهَادَة , فَفِي الصَّحِيحَيْنِ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْمَطْعُون شَهِيد ).
وَفِي حَدِيث آخَر فِي غَيْر الصَّحِيحَيْنِ ( أَنَّ الطَّاعُون كَانَ عَذَابًا يَبْعَثهُ اللَّه عَلَى مَنْ يَشَاء , فَجَعَلَهُ رَحْمَة لِلْمُؤْمِنِينَ , فَلَيْسَ مِنْ عَبْد يَقَع الطَّاعُون فَيَمْكُث فِي بَلَده صَابِرًا يَعْلَم أَنَّهُ لَنْ يُصِيبهُ إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّه لَهُ إِلَّا كَانَ لَهُ مِثْل أَجْر شَهِيد ) وَفِي حَدِيث آخَر ( الطَّاعُون شَهَادَة لِكُلِّ مُسْلِم ).
وَإِنَّمَا يَكُون شَهَادَة لِمَنْ صَبَرَ كَمَا بَيَّنَهُ فِي الْحَدِيث الْمَذْكُور.
وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيث مَنْع الْقُدُوم عَلَى بَلَد الطَّاعُون , وَمَنْع الْخُرُوج مِنْهُ فِرَارًا مِنْ ذَلِكَ.
أَمَّا الْخُرُوج لِعَارِضٍ فَلَا بَأْس بِهِ , وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ هُوَ مَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْجُمْهُور.
قَالَ الْقَاضِي : هُوَ قَوْل الْأَكْثَرِينَ.
قَالَ : حَتَّى قَالَتْ عَائِشَة : الْفِرَار مِنْهُ كَالْفِرَارِ مِنْ الزَّحْف.
قَالَ : وَمِنْهُمْ مَنْ جَوَّزَ الْقُدُوم عَلَيْهِ وَالْخُرُوج مِنْهُ فِرَارًا.
قَالَ : وَرُوِيَ هَذَا عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , وَأَنَّهُ نَدِمَ عَلَى رُجُوعه مِنْ سَرْغ.
وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَمَسْرُوق وَالْأَسْوَد بْن هِلَال أَنَّهُمْ فَرُّوا مِنْ الطَّاعُون , وَقَالَ عَمْرو بْن الْعَاصِ : فِرُّوا عَنْ هَذَا الرِّجْز فِي الشِّعَاب وَالْأَوْدِيَة وَرُءُوس الْجِبَال , فَقَالَ مَعَاذ : بَلْ هُوَ شَهَادَة وَرَحْمَة.
وَيَتَأَوَّل هَؤُلَاءِ النَّهْي عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَنْهَ عَنْ الدُّخُول عَلَيْهِ وَالْخُرُوج مِنْهُ مَخَافَة أَنْ يُصِيبهُ غَيْر الْمُقَدَّر , لَكِنْ مَخَافَة الْفِتْنَة عَلَى النَّاس , لِئَلَّا يَظُنُّوا أَنَّ هَلَاك الْقَادِم إِنَّمَا حَصَلَ بِقُدُومِهِ , وَسَلَامَة الْفَارّ إِنَّمَا كَانَتْ بِفِرَارِهِ.
قَالُوا : وَهُوَ مِنْ نَحْو النَّهْي عَنْ الطِّيَرَة وَالْقُرْب مِنْ الْمَجْذُوم , وَقَدْ جَاءَ عَنْ اِبْن مَسْعُود قَالَ : الطَّاعُون فِتْنَة عَلَى الْمُقِيم وَالْفَارّ , أَمَّا الْفَارّ فَيَقُول : فَرَرْت فَنَجَوْت , وَأَمَّا الْمُقِيم فَيَقُول : أَقَمْت فَمُتّ , وَإِنَّمَا فَرَّ مَنْ لَمْ يَأْتِ أَجَله , وَأَقَامَ مَنْ حَضَرَ أَجَله وَالصَّحِيح مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ النَّهْي عَنْ الْقُدُوم عَلَيْهِ وَالْفِرَار مِنْهُ لِظَاهِرِ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة.
قَالَ الْعُلَمَاء : وَهُوَ قَرِيب الْمَعْنَى مِنْ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاء الْعَدُوّ , وَاسْأَلُوا اللَّه الْعَافِيَة , فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا ) وَفِي هَذَا الْحَدِيث الِاحْتِرَاز مِنْ الْمَكَارِه وَأَسْبَابهَا.
وَفِيهِ التَّسْلِيم لِقَضَاءِ اللَّه عِنْد حُلُول الْآفَات.
وَاللَّه أَعْلَم.
وَاتَّفَقُوا عَلَى جَوَاز الْخُرُوج بِشُغْلٍ وَغَرَض غَيْر الْفِرَار , وَدَلِيله صَرِيح الْأَحَادِيث.
قَوْله فِي رِوَايَة أَبِي النَّضْر ( لَا يُخْرِجكُمْ إِلَّا فِرَار مِنْهُ ) وَقَعَ فِي بَعْض النُّسَخ ( فِرَار ) بِالرَّفْعِ , وَفِي بَعْضهَا ( فِرَارًا ) بِالنَّصْبِ , وَكِلَاهُمَا مُشْكِل مِنْ حَيْثُ الْعَرَبِيَّة , وَالْمَعْنَى.
قَالَ الْقَاضِي : وَهَذِهِ الرِّوَايَة ضَعِيفَة عِنْد أَهْل الْعَرَبِيَّة مُفْسِدَة لِلْمَعْنَى ; لِأَنَّ ظَاهِرهَا الْمَنْع مِنْ الْخُرُوج لِكُلِّ سَبَب إِلَّا لِلْفِرَارِ , فَلَا مَنْع مِنْهُ , وَهَذَا ضِدّ الْمُرَاد.
وَقَالَ جَمَاعَة : إِنَّ لَفْظَة ( إِلَّا ) هُنَا غَلَط مِنْ الرَّاوِي , وَالصَّوَاب حَذْفهَا كَمَا هُوَ الْمَعْرُوف فِي سَائِر الرِّوَايَات.
قَالَ الْقَاضِي : وَخَرَّجَ بَعْض مُحَقِّقِي الْعَرَبِيَّة لِرِوَايَةِ النَّصْب وَجْهًا فَقَالَ : هُوَ مَنْصُوب عَلَى الْحَال.
قَالَ : وَلَفْظَة ( إِلَّا ) هُنَا لِلْإِيجَابِ لَا لِلِاسْتِثْنَاءِ , وَتَقْدِيره لَا تَخْرُجُوا إِذَا لَمْ يَكُنْ خُرُوجكُمْ إِلَّا فِرَارًا مِنْهُ.
وَاللَّهُ أَعْلَم.
وَاعْلَمْ أَنَّ أَحَادِيث الْبَاب كُلّهَا مِنْ رِوَايَة أُسَامَة بْن زَيْد , وَذَكَرَ فِي الطُّرُق الثَّلَاث فِي آخِر الْبَاب مَا يُوهِم أَوْ يَقْتَضِي أَنَّهُ مِنْ رِوَايَة سَعْد بْن أَبِي وَقَاصّ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ الْقَاضِي وَغَيْره : هَذَا وَهْم إِنَّمَا هُوَ مِنْ رِوَايَة سَعْد عَنْ أُسَامَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَم.
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ وَأَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَسْأَلُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ مَاذَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الطَّاعُونِ فَقَالَ أُسَامَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الطَّاعُونُ رِجْزٌ أَوْ عَذَابٌ أُرْسِلَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَوْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ و قَالَ أَبُو النَّضْرِ لَا يُخْرِجُكُمْ إِلَّا فِرَارٌ مِنْهُ
عن أسامة بن زيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الطاعون آية الرجز، ابتلى الله عز وجل به ناسا من عباده، فإذا سمعتم به، فلا تدخلوا عليه، وإذا و...
عن أسامة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن هذا الطاعون رجز سلط على من كان قبلكم، أو على بني إسرائيل، فإذا كان بأرض فلا تخرجوا منها فرارا منه...
عن عامر بن سعد، أخبره أن رجلا سأل سعد بن أبي وقاص عن الطاعون، فقال أسامة بن زيد: أنا أخبرك عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هو عذاب أو رجز أرسل...
عن أسامة بن زيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن هذا الوجع أو السقم رجز عذب به بعض الأمم قبلكم، ثم بقي بعد بالأرض، فيذهب المرة ويأتي الأخ...
عن حبيب، قال: كنا بالمدينة فبلغني أن الطاعون قد وقع بالكوفة، فقال لي عطاء بن يسار وغيره: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا كنت بأرض فوقع بها،...
عن عبد الله بن عباس، أن عمر بن الخطاب، خرج إلى الشام، حتى إذا كان بسرغ لقيه أهل الأجناد أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه، فأخبروه أن الوباء قد وقع بالشام،...
عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، أن عمر، خرج إلى الشام فلما جاء سرغ بلغه أن الوباء قد وقع بالشام، فأخبره عبد الرحمن بن عوف، أن رسول الله صلى الله عليه وس...
عن أبي هريرة، حين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا عدوى ولا صفر ولا هامة» فقال أعرابي: يا رسول الله فما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء، فيج...
عن ابن شهاب، أن أبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، حدثه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا عدوى» ويحدث، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يو...