حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

رد رسول الله ﷺ على عثمان بن مظعون التبتل - سنن الترمذي

سنن الترمذي | أبواب النكاح باب ما جاء في النهي عن التبتل (حديث رقم: 1083 )


1083- عن سعد بن أبي وقاص قال: «رد رسول الله صلى الله عليه وسلم على عثمان بن مظعون التبتل ولو أذن له لاختصينا»: «هذا حديث حسن صحيح»

أخرجه الترمذي


صحيح

شرح حديث (رد رسول الله ﷺ على عثمان بن مظعون التبتل)

تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: أبو العلا محمد عبد الرحمن المباركفورى (المتوفى: 1353هـ)

‏ ‏قَوْلُهُ : ( رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ التَّبَتُّلَ ) ‏ ‏أَيْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ حِينَ اِسْتَأْذَنَهُ بَلْ نَهَاهُ عَنْهُ.
قَالَ النَّوَوِيُّ : وَهَذَا عِنْدَ أَصْحَابِنَا مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ تَاقَتْ نَفْسُهُ وَوَجَدَ مُؤَنَهُ ‏ ‏( وَلَوْ أَذِنَ لَهُ لَاخْتَصَيْنَا ) ‏ ‏أَيْ لَجَعَلَ كُلُّ مِنَّا نَفْسَهُ خَصِيًّا كَيْ لَا يَحْتَاجَ إِلَى النِّسَاءِ.
قَالَ الطِّيبِيُّ كَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ : وَلَوْ أَذِنَ لَهُ لَتَبَتَّلْنَا.
وَلَكِنَّهُ عَدَلَ عَنْ هَذَا الظَّاهِرِ إِلَى قَوْلِهِ : لَاخْتَصَيْنَا لِإِرَادَةِ الْمُبَالَغَةِ.
أَيْ لَبَالَغْنَا فِي التَّبَتُّلِ حَتَّى يُفْضِيَ بِنَا الِاخْتِصَاءُ.
وَلَمْ يُرِدْ بِهِ حَقِيقَةَ الِاخْتِصَاءِ لِأَنَّهُ حَرَامٌ.
وَقِيلَ بَلْ هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ , وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ النَّهْيِ عَنْ الِاخْتِصَاءِ.
وَيُؤَيِّدُهُ تَوَارُدُ اِسْتِئْذَانِ جَمَاعَةٍ مِنْ صَحَابَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ كَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِمَا كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي.
قَالَ النَّوَوِيُّ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَظُنُّونَ جَوَازَ الِاخْتِصَاءِ بِاجْتِهَادِهِمْ , وَلَمْ يَكُنْ ظَنُّهُمْ هَذَا مُوَافِقًا فَإِنَّ الِاخْتِصَاءَ فِي الْآدَمِيِّ حَرَامٌ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا.
قَالَ الْبَغَوِيُّ : وَكَذَا يَحْرُمُ خِصَاءُ كُلِّ حَيَوَانٍ لَا يُؤْكَلُ , وَأَمَّا الْمَأْكُولُ فَيَجُوزُ خِصَاؤُهُ فِي صِغَرِهِ وَيَحْرُمُ فِي كِبَرِهِ اِنْتَهَى.
قُلْت يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ خِصَاءِ الْبَهَائِمِ مُطْلَقًا صَغِيرَةً كَانَتْ أَوْ كَبِيرَةً مَأْكُولَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ مَأْكُولَةٍ مَا أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ مِنْ حَدِيثِ اِبْنِ عَبَّاسٍ : إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ صَبْرِ الرُّوحِ , وَعَنْ إِخْصَاءِ الْبَهَائِمِ نَهْيًا شَدِيدًا.
وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ الْكُبْرَى.
وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْحَدِيثَ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّحَاوِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ عَنْ اِبْنِ عُمَرَ قَالَ : نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ إِخْصَاءِ الْخَيْلِ وَالْبَهَائِمِ , ثُمَّ قَالَ اِبْنُ عُمَرَ : فِيهَا نَمَاءُ الْخَلْقِ قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ تَحْتَ هَذَا الْحَدِيثِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ خَصْيِ الْحَيَوَانَاتِ.
وَقَوْلُ اِبْنِ عُمَرَ : فِيهَا نَمَاءُ الْخَلْقِ أَيْ زِيَادَتُهُ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْخَصْيَ تَنْمُو بِهِ الْحَيَوَانَاتُ , وَلَكِنْ لَيْسَ كُلُّ مَا كَانَ جَالِبًا لِنَفْعٍ يَكُونُ حَلَالًا , بَلْ لَا بُدّ مِنْ عَدَمِ الْمَانِعِ وَإِيلَامِ الْحَيَوَانِ , هَاهُنَا مَانِعٌ لِأَنَّهُ إِيلَامٌ لَمْ يَأْذَنْ بِهِ الشَّارِعُ بَلْ نَهَى عَنْهُ اِنْتَهَى كَلَامُ الشَّوْكَانِيِّ.
وَقَدْ اِسْتَدَلَّ بَعْضُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ إِخْصَاءِ الْبَهَائِمِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ } قَالَ الْحَافِظُ اِبْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ : { وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ } قَالَ اِبْنُ عَبَّاسٍ يَعْنِي بِذَلِكَ خَصْيَ الدَّوَابِّ وَكَذَا رُوِيَ عَنْ اِبْنِ عُمَرَ وَأَنَسٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعِكْرِمَةَ وَأَبِي عِيَاضٍ وَقَتَادَةَ وَأَبِي صَالِحٍ وَالثَّوْرِيِّ.
وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثٍ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ اِنْتَهَى.
وَقِيلَ الْمُرَادُ بِتَغْيِيرِ خَلْقِ اللَّهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ تَغْيِيرُ دِينِ اللَّهِ فَفِي تَفْسِيرِ اِبْنِ كَثِيرٍ : وَقَالَ اِبْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ وَمُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ , وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَالْحَكَمُ وَالسُّدِّيُّ وَالضَّحَّاكُ وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ : { وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ } يَعْنِي دِينَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى : { أَقِمْ وَجْهَك لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ } عَلَى قَوْلِ مَنْ جَعَلَ ذَلِكَ أَمْرًا أَيْ لَا تُبَدِّلُوا فِطْرَةَ اللَّهِ وَدَعُوا النَّاسَ إِلَى فِطْرَتِهِمْ اِنْتَهَى.
‏ ‏قُلْت : لَوْ تَأَمَّلْت وَتَدَبَّرْت فِي الْآيَتَيْنِ ظَهَرَ لَك أَنَّ الْمُرَادَ بِتَغْيِيرِ خَلْقِ اللَّهِ فِي الْآيَةِ الْأَوْلَى هُوَ تَغْيِيرُ الصُّورَةِ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِتَبْدِيلِ خَلْقِ اللَّهِ فِي الْآيَةِ الثَّانِيَةِ هُوَ تَبْدِيلُ دِينِ اللَّهِ.
وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِتَغْيِيرِ خَلْقِ اللَّهِ فِي الْآيَةِ الْأُولَى هُوَ تَغْيِيرُ الصُّورَةِ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتُ وَالْمُسْتَوْشِمَاتُ وَالْمُتَنَمِّصَاتُ وَالْمُتَفَلِّجَاتُ لِلْحُسْنِ.
الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ الْحَدِيثَ.
وَقَدْ اِسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ بِجَوَازِ إِخْصَاءِ الْبَهَائِمِ بِمَا وَرَدَ مِنْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ مَوْجُوئَيْنِ.
قَالُوا : لَوْ كَانَ إِخْصَاءُ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ حَرَامًا.
لَمَا ضَحَّى بِالْكَبْشِ الْمَوْجُوءِ الْبَتَّةَ.
وَفِي هَذَا الِاسْتِدْلَالِ نَظَرٌ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ.
وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي رِسَالَتِي إِرْشَادِ الْهَائِمِ إِلَى حُكْمِ إِخْصَاءِ الْبَهَائِمِ.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ) ‏ ‏وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ.


حديث رد رسول الله صلى الله عليه وسلم على عثمان بن مظعون التبتل ولو أذن له

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ ‏ ‏وَغَيْرُ وَاحِدٍ ‏ ‏قَالُوا أَخْبَرَنَا ‏ ‏عَبْدُ الرَّزَّاقِ ‏ ‏أَخْبَرَنَا ‏ ‏مَعْمَرٌ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏الزُّهْرِيِّ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏عَلَى ‏ ‏عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ ‏ ‏التَّبَتُّلَ ‏ ‏وَلَوْ أَذِنَ لَهُ لَاخْتَصَيْنَا ‏ ‏قَالَ ‏ ‏أَبُو عِيسَى ‏ ‏هَذَا ‏ ‏حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث سنن الترمذي

إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض» وفي الباب عن...

إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه

عن أبي حاتم المزني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد»، قالوا: يا رسول...

إن المرأة تنكح على دينها ومالها وجمالها

عن جابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن المرأة تنكح على دينها، ومالها، وجمالها، فعليك بذات الدين، تربت يداك» وفي الباب عن عوف بن مالك، وعائشة، و...

انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما

عن المغيرة بن شعبة، أنه خطب امرأة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «انظر إليها، فإنه أحرى أن يؤدم بينكما» وفي الباب عن محمد بن مسلمة، وجابر، وأبي حميد،...

فصل ما بين الحرام والحلال الدف والصوت

عن محمد بن حاطب الجمحي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فصل ما بين الحرام والحلال، الدف والصوت» وفي الباب عن عائشة، وجابر، والربيع بنت معوذ.<br...

أعلنوا هذا النكاح واجعلوه في المساجد واضربوا عليه...

عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعلنوا هذا النكاح، واجعلوه في المساجد، واضربوا عليه بالدفوف»: «هذا حديث غريب حسن في هذا الباب،» وعيس...

اسكتي عن هذه وقولي التي كنت تقولين قبلها

عن الربيع بنت معوذ قالت: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخل علي غداة بني بي، فجلس على فراشي، كمجلسك مني، وجويريات لنا يضربن بدفوفهن، ويندبن من قتل...

بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في الخير

عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفأ الإنسان إذا تزوج، قال: «بارك الله لك، وبارك عليك، وجمع بينكما في الخير» وفي الباب عن عقيل بن أبي...

لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال بسم الله اللهم جنبنا...

عن ابن عباس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإن قضى الله بين...