1589-
عن عقبة بن عامر قال: قلت: يا رسول الله، إنا نمر بقوم فلا هم يضيفونا، ولا هم يؤدون، ما لنا عليهم من الحق ولا نحن نأخذ منهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أبوا إلا أن تأخذوا كرها فخذوا»: هذا حديث حسن.
وقد رواه الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب أيضا وإنما معنى هذا الحديث: أنهم كانوا يخرجون في الغزو فيمرون بقوم ولا يجدون من الطعام ما يشترون بالثمن فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن أبوا أن يبيعوا إلا أن تأخذوا كرها فخذوا» هكذا روي في بعض الحديث مفسرا، وقد روي عن عمر بن الخطاب أنه كان يأمر بنحو هذا
صحيح
تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: أبو العلا محمد عبد الرحمن المباركفورى (المتوفى: 1353هـ)
قَوْلُهُ : ( عَنْ أَبِي الْخَيْرِ ) اِسْمُهُ مَرْثَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزْنِيُّ الْمِصْرِيُّ ثِقَةٌ فَقِيهٌ مِنْ الثَّالِثَةِ ( إِنَّمَا نَمُرُّ بِقَوْمٍ ) أَيْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَوْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ( فَلَا هُمْ يُضَيِّفُونَّا ) بِتَشْدِيدِ النُّونِ وَكَانَ أَصْلُهُ يُضَيِّفُونَنَا مِنْ الْإِضَافَةِ ( إِنْ أَبَوْا ) أَيْ إِنْ اِمْتَنَعُوا مِنْ الْإِضَافَةِ وَأَدَاءِ مَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ مِنْ الْحَقِّ ( إِلَّا أَنْ تَأْخُذُوا كَرْهًا ) بِفَتْحِ الْكَافِ أَيْ جَبْرًا ( فَخُذُوا ) أَيْ كَرْهًا , قَالَ الْخَطَّابِيُّ : إِنَّمَا كَانَ يَلْزَمُ ذَلِكَ فِي زَمَنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ بَيْتُ مَالٍ.
وَأَمَّا الْيَوْمَ فَأَرْزَاقُهُمْ فِي بَيْتِ الْمَالِ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ.
وَقَالَ اِبْنُ بَطَّالٍ : قَالَ أَكْثَرُهُمْ إِنَّهُ كَانَ هَذَا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ حَيْثُ كَانَتْ الْمُوَاسَاةُ وَاجِبَةً وَهُوَ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ " جَائِزَتَهُ " كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ مَرْفُوعًا : " مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ جَائِزَتَهُ " الْحَدِيثَ , قَالُوا : وَالْجَائِزَةُ تَفْضُلُ الْوَاجِبَ.
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ : الَّذِي يَنْبَغِي عَلَيْهِ التَّعْوِيلُ هُوَ أَنَّ تَخْصِيصَ مَا شَرَعَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمَّتِهِ بِزَمَنٍ مِنْ الْأَزْمَانِ أَوْ حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ لَا يُقْبَلُ إِلَّا بِدَلِيلٍ , وَلَمْ يَقُمْ هَاهُنَا دَلِيلٌ عَلَى تَخْصِيصِ هَذَا الْحُكْمِ بِزَمَنِ النُّبُوَّةِ وَلَيْسَ فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِلْقَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّةِ ; لِأَنَّ مُؤْنَةَ الضِّيَافَةِ بَعْدَ شِرْعَتِهَا قَدْ صَارَتْ لَازِمَةً لِلْمُضِيفِ لِكُلِّ نَازِلٍ عَلَيْهِ , فَلِلنَّازِلِ الْمُطَالَبَةُ بِهَذَا الْحَقِّ الثَّابِتِ شَرْعًا كَالْمُطَالَبَةِ بِسَائِرِ الْحُقُوقِ , فَإِذَا أَسَاءَ إِلَيْهِ وَاعْتَدَى عَلَيْهِ بِإِهْمَالِ حَقِّهِ كَانَ لَهُ مُكَافَأَةٌ بِمَا أَبَاحَهُ لَهُ الشَّارِعُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ { وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ اِعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اِعْتَدَى عَلَيْكُمْ } اِنْتَهَى.
قُلْت : كَمَا أَنَّ تَأْوِيلَ هَذَا الْحَدِيثِ بِتَخْصِيصِهِ بِزَمَنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَعِيفٌ كَذَلِكَ تَأْوِيلَاتُهُ الْأُخْرَى الَّتِي تَأَوَّلُوهُ بِهَا ضَعِيفَةٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا , قَالَ النَّوَوِيُّ : حَمَلَ أَحْمَدُ وَاللَّيْثُ الْحَدِيثَ عَلَى ظَاهِرِهِ , وَتَأَوَّلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى وُجُوهٍ : أَحَدُهَا أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُضْطَرِّينَ فَإِنَّ ضِيَافَتَهُمْ وَاجِبَةٌ , وَثَانِيهَا أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِنْ أَعْرَاضِهِمْ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَذْكُرُوا لِلنَّاسِ لُؤْمَهُمْ , وَثَالِثُهَا أَنَّ هَذَا كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ وَكَانَتْ الْمُوَاسَاةُ وَاجِبَةً , فَلَمَّا أُشِيعَ الْإِسْلَامُ نُسِخَ ذَلِكَ , وَهَذَا التَّأْوِيلُ بَاطِلٌ لِأَنَّ الَّذِي اِدَّعَاهُ الْمُؤَوِّلُ لَا يُعْرَفُ قَائِلَةُ , وَرَابِعُهَا أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ مَرَّ بِأَهْلِ الذِّمَّةِ الَّذِينَ شُرِطَ عَلَيْهِمْ ضِيَافَةُ مَنْ يَمُرُّ بِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ , وَهَذَا أَيْضًا ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ إِنَّمَا صَارَ هَذَا فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ اِنْتَهَى.
قُلْت : التَّأْوِيلُ الثَّانِي أَيْضًا بَاطِلٌ قَالَ الْقَارِي بَعْدَ ذِكْرِهِ : مَا أَبْعَدَ هَذَا التَّأْوِيلِ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ اِنْتَهَى.
وَالتَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ أَيْضًا ضَعِيفٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ , فَالظَّاهِرُ هُوَ مَا قَالَ أَحْمَدُ وَاللَّيْثُ مِنْ أَنَّ الْحَدِيثَ مَحْمُولٌ عَلَى ظَاهِرِهِ أَلَّا وَقَدْ قَرَّرَهُ الشَّوْكَانِيُّ , وَأَمَّا الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ هَكَذَا رُوِيَ فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ مُفَسَّرًا فَإِنِّي لَمْ أَقِفْ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ , فَإِنْ كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ الْمُفَسَّرُ قَابِلًا لِلِاحْتِجَاجِ فَحَمْلُ حَدِيثِ الْبَابِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى مُتَعَيِّنٌ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ ) أَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ.
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَمُرُّ بِقَوْمٍ فَلَا هُمْ يُضَيِّفُونَا وَلَا هُمْ يُؤَدُّونَ مَا لَنَا عَلَيْهِمْ مِنْ الْحَقِّ وَلَا نَحْنُ نَأْخُذُ مِنْهُمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنْ أَبَوْا إِلَّا أَنْ تَأْخُذُوا كَرْهًا فَخُذُوا قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ وَقَدْ رَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ أَيْضًا وَإِنَّمَا مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَخْرُجُونَ فِي الْغَزْوِ فَيَمُرُّونَ بِقَوْمٍ وَلَا يَجِدُونَ مِنْ الطَّعَامِ مَا يَشْتَرُونَ بِالثَّمَنِ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ أَبَوْا أَنْ يَبِيعُوا إِلَّا أَنْ تَأْخُذُوا كَرْهًا فَخُذُوا هَكَذَا رُوِيَ فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ مُفَسَّرًا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِنَحْوِ هَذَا
عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة: «لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا» وفي الباب عن أبي سعيد، وعبد...
عن جابر بن عبد الله، في قوله تعالى: {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة} [الفتح: ١٨] قال جابر: «بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أ...
عن يزيد بن أبي عبيد، قال: قلت لسلمة بن الأكوع على أي شيء بايعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية؟ قال: «على الموت» هذا حديث حسن صحيح
عن ابن عمر قال: كنا نبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة، فيقول لنا: «فيما استطعتم»
عن جابر بن عبد الله قال: «لم نبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الموت، إنما بايعناه على أن لا نفر»: هذا حديث حسن صحيح
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم: رجل بايع إماما فإن أعطاه وفى له، و...
عن جابر، أنه قال: جاء عبد فبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الهجرة، ولا يشعر النبي صلى الله عليه وسلم أنه عبد، فجاء سيده، فقال النبي صلى الله علي...
عن محمد بن المنكدر، سمع أميمة بنت رقيقة، تقول: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسوة، فقال لنا: «فيما استطعتن وأطقتن»، قلت: الله ورسوله أرحم بنا...
عن البراء قال: «كنا نتحدث أن أصحاب بدر يوم بدر كعدة أصحاب طالوت ثلاث مائة وثلاثة عشر رجلا» وفي الباب عن ابن عباس: هذا حديث حسن صحيح وقد رواه الثوري، و...