حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

لا عدوى ولا طيرة وأحب الفأل - سنن الترمذي

سنن الترمذي | أبواب السير باب ما جاء في الطيرة (حديث رقم: 1615 )


1615- عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا عدوى ولا طيرة، وأحب الفأل»، قالوا: يا رسول الله، وما الفأل؟ قال: «الكلمة الطيبة»: هذا حديث حسن صحيح

أخرجه الترمذي


صحيح

شرح حديث (لا عدوى ولا طيرة وأحب الفأل)

تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: أبو العلا محمد عبد الرحمن المباركفورى (المتوفى: 1353هـ)

‏ ‏قَوْلُهُ : ( لَا عَدْوَى ) ‏ ‏بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ , قَالَ فِي الْقَامُوسِ : إِنَّهُ الْفَسَادُ , وَقَالَ التُّورْبَشْتِيُّ الْعَدْوَى هُنَا مُجَاوَزَةُ الْعِلَّةِ مِنْ صَاحِبِهَا إِلَى غَيْرِهِ , يُقَالُ أَعْدَى فُلَانٌ فُلَانًا مِنْ خَلْفِهِ أَوْ مِنْ غُرَّتِهِ , وَذَلِكَ عَلَى مَا يَذْهَبُ إِلَيْهِ الْمُتَطَبِّبَةُ فِي عِلَلٍ سَبْعٍ الْجُذَامِ وَالْجَرَبِ وَالْجُدَرِيِّ وَالْحَصْبَةِ وَالْبَخْرِ وَالرَّمَدِ وَالْأَمْرَاضِ الْوَبَائِيَّةِ.
‏ ‏وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي التَّأْوِيلِ , فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ الْمُرَادُ مِنْهُ نَفْيُ ذَلِكَ وَإِبْطَالُهُ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ وَالْقَرَائِنُ الْمَسُوقَةُ عَلَى الْعَدْوَى وَهُمْ الْأَكْثَرُونَ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَرَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إِبْطَالَهَا , فَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ فِرَارَك مِنْ الْأَسَدِ ".
وَقَالَ : " لَا يُورَدَنَّ ذُو عَاهَةٍ عَلَى مُصِحٍّ " , وَإِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ نَفْيَ مَا كَانَ يَعْتَقِدُهُ أَصْحَابُ الطَّبِيعَةِ , فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَ الْعِلَلَ الْمُعْدِيَةَ مُؤَثِّرَةً لَا مَحَالَةَ , فَأَعْلَمَهُمْ بِقَوْلِهِ هَذَا أَنْ لَيْسَ الْأَمْرُ عَلَى مَا يُتَوَهَّمُونَ , بَلْ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَشِيئَةِ إِنْ شَاءَ كَانَ وَإِنْ لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ.
وَيُشِيرُ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُهُ : " فَمَنْ أَعْدَى الْأَوَّلَ " أَيْ إِنْ كُنْتُمْ تَرَوْنَ أَنَّ السَّبَبَ فِي ذَلِكَ الْعَدْوَى لَا غَيْرُ فَمَنْ أَعْدَى الْأَوَّلَ ؟ وَبَيَّنَ بِقَوْلِهِ : " فِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ " , وَبِقَوْلِهِ : " لَا يُورَدَنَّ ذُو عَاهَةٍ عَلَى مُصِحٍّ " , أَنَّ مُدَانَاةَ ذَلِكَ بِسَبَبِ الْعِلَّةِ فَلْيَتَّقِهِ اِتِّقَاءً مِنْ الْجِدَارِ الْمَائِلِ وَالسَّفِينَةِ الْمَعْيُوبَةِ.
وَقَدْ رَدَّ الْفِرْقَةُ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ فِي اِسْتِدْلَالِهِمْ بِالْحَدِيثَيْنِ أَنَّ النَّهْيَ فِيهِمَا إِنَّمَا جَاءَ شَفَقًا عَلَى مُبَاشَرَةِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ فَتُصِيبُهُ عِلَّةٌ فِي نَفْسِهِ أَوْ عَاهَةٌ فِي إِبِلِهِ فَيَعْتَقِدُ أَنَّ الْعَدْوَى حَقٌّ.
‏ ‏قُلْت : وَقَدْ اِخْتَارَهُ الْعَسْقَلَانِيُّ يَعْنِي الْحَافِظَ اِبْنَ حَجَرٍ فِي شَرْحِ النُّخْبَةِ , وَبَسَطْنَا الْكَلَامَ مَعَهُ فِي شَرْحِ الشَّرْحِ وَمُجْمَلُهُ أَنَّهُ يَرُدُّ عَلَيْهِ اِجْتِنَابَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ الْمَجْذُومِ عِنْدَ إِرَادَةِ الْمُبَايَعَةِ مَعَ أَنَّ مَنْصِبَ النُّبُوَّةِ بَعِيدٌ مِنْ أَنْ يُورَدَ لِحَسْمِ مَادَّةِ ظَنِّ الْعَدْوَى كَلَامًا يَكُونُ مَادَّةً لِظَنِّهَا أَيْضًا , فَإِنَّ الْأَمْرَ بِالتَّجَنُّبِ أَظْهَرُ مِنْ فَتْحِ مَادَّةِ ظَنِّ أَنَّ الْعَدْوَى لَهَا تَأْثِيرٌ بِالطَّبْعِ.
وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ فَلَا دَلَالَةَ أَصْلًا عَلَى نَفْيِ الْعَدْوَى مُبَيَّنًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
‏ ‏قَالَ الشَّيْخُ التُّورْبَشْتِيُّ : وَأَرَى الْقَوْلَ الثَّانِيَ أَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّوْفِيقِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِيهِ , ثُمَّ لِأَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ يُفْضِي إِلَى تَعْطِيلِ الْأُصُولِ الطِّبِّيَّةِ وَلَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِتَعْطِيلِهَا بَلْ وَرَدَ بِإِثْبَاتِهَا وَالْعِبْرَةُ بِهَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ.
وَأَمَّا اِسْتِدْلَالُهُمْ بِالْقَرَائِنِ الْمَسُوقَةِ عَلَيْهَا فَإِنَّا قَدْ وَجَدْنَا الشَّارِعَ يَجْمَعُ فِي النَّهْيِ بَيْنَ مَا هُوَ حَرَامٌ وَبَيْنَ مَا هُوَ مَكْرُوهٌ , وَبَيْنَ مَا يُنْهَى عَنْهُ لِمَعْنًى , وَبَيْنَ مَا يُنْهَى عَنْهُ لِمَعَانٍ كَثِيرَةٍ , وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَكَرنَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمَجْذُومِ الْمُبَايِعِ : " قَدْ بَايَعْنَاك فَارْجِعْ " , فِي حَدِيثِ الشَّرِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ الثَّقَفِيِّ , وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمَجْذُومِ الَّذِي أَخَذَ بِيَدِهِ فَوَضَعَهَا مَعَهُ فِي الْقَصْعَةِ : " كُلْ ثِقَةً بِاَللَّهِ وَتَوَكُّلًا عَلَيْهِ " , وَلَا سَبِيلَ إِلَى التَّوْفِيقِ بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ , بَيَّنَ بِالْأَوَّلِ التَّوَقِّي مِنْ أَسْبَابِ التَّلَفِ وَبِالثَّانِي التَّوَكُّلَ عَلَى اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ وَلَا إِلَهَ غَيْرُهُ , فِي مُتَارَكَةِ الْأَسْبَابِ وَهُوَ حَالُهُ اِنْتَهَى.
قَالَ الْقَارِي وَهُوَ جَمْعٌ حَسَنٌ فِي غَايَةِ التَّحْقِيقِ اِنْتَهَى.
‏ ‏قُلْت : فِي كَوْنِ هَذَا الْجَمْعِ حَسَنًا نَظَرٌ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ , وَأَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بِإِثْبَاتِ الْأُصُولِ الطِّبِّيَّةِ فَفِيهِ أَنَّ وُرُودَ الشَّرْعِ لِإِثْبَاتِ جَمِيعِ الْأُصُولِ الطِّبِّيَّةِ مَمْنُوعٌ , بَلْ قَدْ وَرَدَ الشَّرْعُ لِإِبْطَالِ بَعْضِهَا , فَإِنَّ الْمُتَطَبِّبِينَ قَائِلُونَ بِحُصُولِ الشِّفَاءِ بِالْحَرَامِ وَقَدْ وَرَدَ الشَّرْعُ بِنَفْيِ الشِّفَاءِ بِالْحَرَامِ , وَهُمْ قَائِلُونَ بِثُبُوتِ الْعَدْوَى فِي بَعْضِ الْأَمْرَاضِ , وَقَدْ وَرَدَ الشَّرْعُ بِأَنَّهُ لَا عَدْوَى , فَالظَّاهِرُ الرَّاجِحُ عِنْدِي فِي التَّوْفِيقِ وَالْجَمْعِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ هُوَ مَا ذَكَرَهُ الْحَافِظُ فِي شَرْحِ النُّخْبَةِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
‏ ‏( وَلَا طِيَرَةَ ) ‏ ‏نَفْيٌ مَعْنَاهُ النَّهْيُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى { لَا رَيْبَ فِيهِ } ‏ ‏( وَأُحِبُّ الْفَأْلَ ) ‏ ‏بِصِيغَةِ الْمُتَكَلِّمِ مِنْ الْإِحْبَابِ ‏ ‏( قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْفَأْلُ ) ‏ ‏وَإِنَّمَا نَشَأَ هَذَا السُّؤَالُ لِمَا فِي نُفُوسِهِمْ مِنْ عُمُومِ الطِّيَرَةِ الشَّامِلِ لِلتَّشَاؤُمِ وَالتَّفَاؤُلِ الْمُتَعَارَفِ فِيمَا بَيْنَهُمْ ‏ ‏( قَالَ ) ‏ ‏إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ فَرْدٌ خَاصٌّ خَارِجٌ عَنْ الْعُرْفِ الْعَامِّ مُعْتَبَرٌ عِنْدَ خَوَاصِّ الْأَنَامِ وَهُوَ ‏ ‏قَوْلُهُ : ( الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ ) ‏ ‏أَيْ الصَّالِحَةُ لِأَنْ يُؤْخَذَ مِنْهَا الْفَأْلُ الْحَسَنُ.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ) ‏ ‏وَأَخْرَجَ الشَّيْخَانِ مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.


حديث لا عدوى ولا طيرة وأحب الفأل قالوا يا رسول الله وما الفأل قال الكلمة الطيبة

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏قَتَادَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَنَسٍ ‏ ‏أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏لَا عَدْوَى ‏ ‏وَلَا ‏ ‏طِيَرَةَ ‏ ‏وَأُحِبُّ الْفَأْلَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْفَأْلُ قَالَ الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏أَبُو عِيسَى ‏ ‏هَذَا ‏ ‏حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث سنن الترمذي

كان يعجبه إذا خرج لحاجته أن يسمع يا راشد يا نجيح

عن أنس بن مالك، " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعجبه إذا خرج لحاجته أن يسمع: يا راشد، يا نجيح ": هذا حديث حسن صحيح غريب

اغزوا بسم الله وفي سبيل الله قاتلوا من كفر بالله و...

عن سليمان بن بريدة، عن أبيه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث أميرا على جيش أوصاه في خاصة نفسه بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا، وقال:...

كان النبي ﷺ لا يغير إلا عند صلاة الفجر فإن سمع أذا...

عن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يغير إلا عند صلاة الفجر، فإن سمع أذانا أمسك، وإلا أغار، واستمع ذات يوم فسمع رجلا يقول: الله أكبر، الله أكب...

مثل المجاهد في سبيل الله مثل القائم الصائم الذي لا...

عن أبي هريرة قال: قيل: يا رسول الله، ما يعدل الجهاد؟ قال: «إنكم لا تستطيعونه».<br> فردوا عليه مرتين، أو ثلاثا، كل ذلك يقول: «لا تستطيعونه»، فقال في ال...

المجاهد في سبيلي هو علي ضامن إن قبضته أورثته الجنة

عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - يعني يقول الله عز وجل -: «المجاهد في سبيلي هو علي ضامن، إن قبضته أورثته الجنة، وإن رجعته رجعته بأجر أو...

كل ميت يختم على عمله إلا الذي مات مرابطا في سبيل ا...

أخبرني أبو هانئ الخولاني، أن عمرو بن مالك الجنبي، أخبره، أنه سمع فضالة بن عبيد، يحدث، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «كل ميت يختم على عمله إ...

من صام يوما في سبيل الله زحزحه الله عن النار سبعين...

عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من صام يوما في سبيل الله زحزحه الله عن النار سبعين خريفا» أحدهما يقول: «سبعين»، والآخر يقول: «أربعين»....

لا يصوم عبد يوما في سبيل الله إلا باعد ذلك اليوم ا...

عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يصوم عبد يوما في سبيل الله إلا باعد ذلك اليوم النار عن وجهه سبعين خريفا»: هذا حديث حسن ص...

من صام يوما في سبيل الله جعل الله بينه وبين النار...

عن أبي أمامة الباهلي، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من صام يوما في سبيل الله جعل الله بينه وبين النار خندقا كما بين السماء والأرض» هذا حديث غريب م...