حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء - سنن الترمذي

سنن الترمذي | أبواب البر والصلة باب ما جاء في رحمة المسلمين (حديث رقم: 1924 )


1924- عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء، الرحم شجنة من الرحمن، فمن وصلها وصله الله ومن قطعها قطعه الله»: هذا حديث حسن صحيح

أخرجه الترمذي


صحيح

شرح حديث ( ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء)

تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: أبو العلا محمد عبد الرحمن المباركفورى (المتوفى: 1353هـ)

‏ ‏قَوْلُهُ : ( عَنْ أَبِي قَابُوسَ ) ‏ ‏غَيْرُ مُنْصَرِفٍ لِلْعُجْمَةِ وَالْعِلْمِيَّةِ.
قَطَعَ بِهَذَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِمَّنْ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ , كَذَا فِي مِرْقَاةِ الصُّعُودِ وَأَبُو قَابُوسَ هَذَا هُوَ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مَقْبُولٌ مِنْ الرَّابِعَةِ.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( الرَّاحِمُونَ ) ‏ ‏لِمَنْ فِي الْأَرْضِ مِنْ آدَمِيٍّ وَحَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ بِنَحْوِ شَفَقَةٍ وَإِحْسَانٍ وَمُوَاسَاةٍ ‏ ‏( يَرْحَمُهُمْ الرَّحْمَنُ ) ‏ ‏أَيْ يُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيَتَفَضَّلُ عَلَيْهِمْ , وَالرَّحْمَةُ مُقَيَّدَةٌ بِاتِّبَاعِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ , فَإِقَامَةُ الْحُدُودِ وَالِانْتِقَامِ لِحُرْمَةِ اللَّهِ لَا يُنَافِي كُلٌّ مِنْهُمَا الرَّحْمَةَ ‏ ‏( اِرْحَمُوا مَنْ فِي الْأَرْضِ ) ‏ ‏قَالَ الطِّيبِيُّ : أَتَى بِصِيغَةِ الْعُمُومِ لِيَشْمَلَ جَمِيعَ أَصْنَافِ الْخَلْقِ فَيَرْحَمُ الْبَرَّ وَالْفَاجِرَ , وَالنَّاطِقَ وَالْبُهْمَ , وَالْوُحُوشَ وَالطَّيْرَ اِنْتَهَى.
وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ إِيرَادَ ‏ ‏( مَنْ ) ‏ ‏لِتَغْلِيبِ ذَوِي الْعُقُولِ لِشَرَفِهِمْ عَلَى غَيْرِهِمْ أَوْ لِلْمُشَاكَلَةِ الْمُقَابِلَةِ بِقَوْلِهِ ‏ ‏( يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ) ‏ ‏وَهُوَ مَجْزُومٌ عَلَى جَوَابِ الْأَمْرِ أَيْ اللَّهُ تَعَالَى , وَقِيلَ الْمُرَادُ مَنْ سَكَنَ فِيهَا وَهُمْ الْمَلَائِكَةُ فَإِنَّهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ لِلْمُؤْمِنِينَ , قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْت كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَك وَقِهمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ } , وَفِي السِّرَاجِ الْمُنِيرِ وَقَدْ رُوِيَ بِلَفْظِ : " اِرْحَمُوا أَهْلَ الْأَرْضِ يَرْحَمُكُمْ أَهْلُ السَّمَاءِ " , وَالْمُرَادُ بِأَهْلِ السَّمَاءِ الْمَلَائِكَةُ , وَمَعْنَى رَحْمَتِهِمْ لِأَهْلِ الْأَرْضِ دُعَاؤُهُمْ لَهُمْ بِالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : " وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ آمَنَ " ‏ ‏( الرَّحِمُ شِجْنَةٌ ) ‏ ‏بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ بَعْدَهَا نُونٌ وَجَاءَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِهِ رِوَايَةً وَلُغَةً , وَأَصْلُ الشِّجْنَةِ عُرُوقُ الشَّجَرِ الْمُشْتَبِكَةُ , وَالشَّجَنُ بِالتَّحْرِيكِ وَاحِدُ الشُّجُونِ , وَهِيَ طُرُقُ الْأَوْدِيَةِ , وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ : الْحَدِيثُ ذُو شُجُونٍ , أَيْ يَدْخُلُ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ ‏ ‏( مِنْ الرَّحْمَنِ ) ‏ ‏أَيْ أُخِذَ اِسْمُهَا مِنْ هَذَا الِاسْمِ كَمَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي السُّنَنِ مَرْفُوعًا : " أَنَا الرَّحْمَنُ خَلَقْت الرَّحِمَ وَشَقَقْت لَهَا اِسْمًا مِنْ اِسْمِي ".
وَالْمَعْنَى أَنَّهَا أَثَرٌ مِنْ آثَارِ الرَّحْمَةِ مُشْتَبِكَةٌ بِهَا , فَالْقَاطِعُ لَهَا مُنْقَطِعٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى.
وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ : مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الرَّحِمَ اُشْتُقَّ اِسْمُهَا مِنْ اِسْمِ الرَّحْمَنِ فَلَهَا بِهِ عُلْقَةٌ , وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهَا مِنْ ذَاتِ اللَّهِ , تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ , ذَكَرَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ) ‏ ‏وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَسَكَتَ عَنْهُ , وَنَقَلَ الْمُنْذِرِيُّ تَصْحِيحَ التِّرْمِذِيِّ وَأَقَرَّهُ , وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ أَيْضًا.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ هُوَ الْحَدِيثُ الْمُسَلْسَلُ بِالْأَوَّلِيَّةِ.
قَالَ اِبْنُ الصَّلَاحِ فِي مُقَدِّمَتِهِ : قَلَّمَا تَسْلَمُ الْمُسَلْسَلَاتُ مِنْ ضَعْفٍ , أَعْنِي فِي وَصْفِ التَّسَلْسُلِ لَا فِي أَصْلِ الْمَتْنِ , وَمِنْ الْمُسَلْسَلِ مَا يَنْقَطِعُ تَسَلْسُلُهُ فِي وَسَطِ إِسْنَادِهِ , وَذَلِكَ نَقْصٌ فِيهِ وَهُوَ كَالْمُسَلْسَلِ بِأَوَّلِ حَدِيثٍ سَمِعْته عَلَى مَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي ذَلِكَ اِنْتَهَى.


حديث الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء الرحم شجنة من الرحمن

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏ابْنُ أَبِي عُمَرَ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏سُفْيَانُ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي قَابُوسَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ‏ ‏قَالَ ‏ ‏قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ‏ ‏الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ الرَّحْمَنُ ارْحَمُوا مَنْ فِي الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ الرَّحِمُ ‏ ‏شُجْنَةٌ ‏ ‏مِنْ الرَّحْمَنِ فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلَهُ اللَّهُ وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعَهُ اللَّهُ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏أَبُو عِيسَى ‏ ‏هَذَا ‏ ‏حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث سنن الترمذي

بايعت رسول الله ﷺ على إقام الصلاة

عن جرير بن عبد الله قال: «بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم» وهذا حديث حسن صحيح

الدين النصيحة

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة» ثلاث مرار، قالوا: يا رسول الله لمن؟ قال: «لله، ولكتابه، ولأئمة المسلمين وعامتهم»:...

المسلم أخو المسلم لا يخونه ولا يكذبه ولا يخذله

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المسلم أخو المسلم، لا يخونه ولا يكذبه ولا يخذله، كل المسلم على المسلم حرام، عرضه وماله ودمه، التق...

المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا

عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا»: هذا حديث صحيح

إن أحدكم مرآة أخيه فإن رأى به أذى فليمطه عنه

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أحدكم مرآة أخيه، فإن رأى به أذى فليمطه عنه»: ويحيى بن عبيد الله ضعفه شعبة وفي الباب عن أنس

من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كرب...

عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر في الدنيا يسر...

من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيام...

عن أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة» وفي الباب عن أسماء بنت يزيد: هذا حديث حسن

لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث

عن أبي أيوب الأنصاري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيصد هذا ويصد هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام»...

هلم أقاسمك مالي نصفين ولي امرأتان فأطلق إحداهما

عن أنس قال: لما قدم عبد الرحمن بن عوف المدينة آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع، فقال له: هلم أقاسمك مالي نصفين، ولي امرأتان فأطلق...