2763- عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «احفوا الشوارب واعفوا اللحى»: «هذا حديث صحيح»
صحيح
تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: أبو العلا محمد عبد الرحمن المباركفورى (المتوفى: 1353هـ)
قَوْلُهُ : ( اُحْفُوا الشَّوَارِبَ ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْفَاءِ ثُلَاثِيًّا وَرُبَاعِيًّا مِنْ الْإِحْفَاءِ أَوْ الْحَفْوِ , وَالْمُرَادُ الْإِزَالَةُ قَالَهُ الْحَافِظُ.
قُلْت : أَرَادَ بِقَوْلِهِ ثُلَاثِيًّا وَرُبَاعِيًّا , ثُلَاثِيًّا مُجَرَّدًا وَثُلَاثِيًّا مَزِيدًا فِيهِ.
وَالشَّوَارِبُ جَمْعُ الشَّارِبِ وَالْمُرَادُ بِهِ الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى الشَّفَةِ الْعُلْيَا وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَبْسُوطًا فِي بَابِ قَصِّ الشَّارِبِ ( وَاعْفُوا اللِّحَى ) مِنْ الْإِعْفَاءِ وَهُوَ التَّرْكُ , وَقَدْ حَصَلَ مِنْ مَجْمُوعِ الْأَحَادِيثِ خَمْسُ رِوَايَاتٍ اُعْفُوا وَأَوْفُوا وَأَرْخُوا وَارْجُوا وَوَفِّرُوا , وَمَعْنَاهَا كُلُّهَا تَرْكُهَا عَلَى حَالِهَا.
قَالَ اِبْنُ السِّكِّيتِ وَغَيْرُهُ : يُقَالُ فِي جَمْعِ اللِّحْيَةِ لِحًى , وَلِحًى بِكَسْرِ اللَّامِ وَضَمِّهَا لُغَتَانِ وَالْكَسْرُ أَفْصَحُ.
قَالَ الْحَافِظُ : قَالَ الطَّبَرِيُّ ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ فَكَرِهُوا تَنَاوُلَ شَيْءٍ مِنْ اللِّحْيَةِ مِنْ طُولِهَا وَمِنْ عَرْضِهَا , وَقَالَ قَوْمٌ : إِذَا زَادَ عَلَى الْقَبْضَةِ يُؤْخَذُ الزَّائِدُ , ثُمَّ سَاقَ بِسَنَدِهِ إِلَى اِبْنِ عُمَرَ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ , وَإِلَى عُمَرَ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ بِرَجُلٍ , وَمِنْ طَرِيقِ أَبَى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ فَعَلَهُ.
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ بِسَنَدٍ حَسَنٍ قَالَ : كُنَّا نُعْفِي السِّبَالَ إِلَّا فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ , وَقَوْلُهُ نُعْفِي بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَتَشْدِيدِ الْفَاءِ أَيْ نَتْرُكُهُ وَافِرًا , وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا نُقِلَ عَنْ اِبْنِ عُمَرَ , فَإِنَّ السِّبَالَ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ جَمْعُ سَبَلَةٍ بِفَتْحَتَيْنِ : وَهِيَ مَا طَالَ مِنْ شَعْرِ اللِّحْيَةِ , فَأَشَارَ جَابِرٌ إِلَى أَنَّهُمْ يُقَصِّرُونَ مِنْهَا فِي النُّسُكِ.
ثُمَّ حَكَى الطَّبَرِيُّ اِخْتِلَافًا فِيمَا يُؤْخَذُ مِنْ اللِّحْيَةِ هَلْ لَهُ حَدٌّ أَمْ لَا , فَأَسْنَدَ عَنْ جَمَاعَةٍ الِاقْتِصَارَ عَلَى أَخْذِ الَّذِي يَزِيدُ مِنْهَا عَلَى قَدْرِ الْكَفِّ.
وَعَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ : أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ طُولِهَا وَعَرْضِهَا مَا لَمْ يُفْحِشْ , وَعَنْ عَطَاءٍ نَحْوُهُ , قَالَ وَحَمَلَ هَؤُلَاءِ النَّهْيَ عَلَى مَنْعِ مَا كَانَتْ الْأَعَاجِمُ تَفْعَلُهُ مِنْ قَصِّهَا وَتَخْفِيفِهَا , قَالَ وَكَرِهَ آخَرُونَ التَّعَرُّضَ لَهَا إِلَّا فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ , وَأَسْنَدَهُ عَنْ جَمَاعَةٍ وَاخْتَارَ قَوْلَ عَطَاءٍ وَقَالَ : إِنَّ الرَّجُلَ لَوْ تَرَكَ لِحْيَتَهُ لَا يَتَعَرَّضُ لَهَا حَتَّى أَفْحَشَ طُولُهَا وَعَرْضُهَا , لَعَرَّضَ نَفْسَهُ لِمَنْ يَسْخَرُ بِهِ.
وَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْخُذُ مِنْ لِحْيَتِهِ مِنْ عَرْضِهَا وَطُولِهَا اِنْتَهَى.
ثُمَّ تَكَلَّمَ الْحَافِظُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ تَقَدَّمَ كَلَامُهُ فِي الْبَابِ الْمُتَقَدِّمِ ثُمَّ قَالَ : وَقَالَ عِيَاضٌ يُكْرَهُ حَلْقُ اللِّحْيَةِ وَقَصُّهَا وَتَحْذِيفُهَا , وَأَمَّا الْأَخْذُ مِنْ طُولِهَا وَعَرْضِهَا إِذَا عَظُمَتْ فَحَسَنٌ , بَلْ تُكْرَهُ الشُّهْرَةُ فِي تَعْظِيمِهَا كَمَا يُكْرَهُ فِي تَقْصِيرِهَا كَذَا قَالَ.
وَتَعَقَّبَهُ النَّوَوِيُّ بِأَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ الْخَبَرِ فِي الْأَمْرِ بِتَوْفِيرِهَا , قَالَ وَالْمُخْتَارُ تَرْكُهَا عَلَى حَالِهَا وَأَنْ لَا يَتَعَرَّضَ لَهَا بِتَقْصِيرٍ وَلَا غَيْرِهِ , وَكَانَ مُرَادُهُ بِذَلِكَ فِي غَيْرِ النُّسُكِ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَى اِسْتِحْبَابِهِ فِيهِ.
قُلْت : لَوْ ثَبَتَ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ الْمُتَقَدِّمِ لَكَانَ قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَعَطَاءٍ أَحْسَنَ الْأَقْوَالِ وَأَعْدَلَهَا , لَكِنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ لَا يَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ.
وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ : إِنَّهُ إِذَا زَادَ عَلَى الْقَبْضَةِ يُؤْخَذُ الزَّائِدُ , وَاسْتَدَلَّ بِآثَارِ اِبْنِ عُمَرَ وَعُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَهُوَ ضَعِيفٌ ; لِأَنَّ أَحَادِيثَ الْإِعْفَاءِ الْمَرْفُوعَةِ الصَّحِيحَةِ تَنْفِي هَذِهِ الْآثَارَ.
فَهَذِهِ الْآثَارُ لَا تَصْلُحُ لِلِاسْتِدْلَالِ بِهَا مَعَ وُجُودِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ الصَّحِيحَةِ , فَأَسْلَمُ الْأَقْوَالِ هُوَ قَوْلُ مِنْ قَالَ بِظَاهِرِ أَحَادِيثِ الْإِعْفَاءِ وَكَرِهَ أَنْ يُؤْخَذَ شَيْءٌ مِنْ طُولِ اللِّحْيَةِ وَعَرْضِهَا , وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
اِعْلَمْ أَنَّ أَثَرَ اِبْنِ عُمَرَ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ الطَّبَرِيُّ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ بِلَفْظِ : وَكَانَ اِبْنُ عُمَرَ إِذَا حَجَّ أَوْ اِعْتَمَرَ قَبَضَ عَلَى لِحْيَتِهِ , فَمَا فَضَلَ أَخَذَهُ.
قَالَ الْحَافِظُ : هُوَ مَوْصُولٌ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ إِلَى نَافِعٍ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ نَافِعٍ بِلَفْظِ : كَانَ اِبْنُ عُمَرَ إِذَا حَلَقَ رَأْسَهُ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَخَذَ مِنْ لِحْيَتِهِ وَشَارِبِهِ , وَفِي حَدِيثِ الْبَابِ مِقْدَارُ الْمَأْخُوذِ.
قَالَ الْكِرْمَانِيُّ : لَعَلَّ اِبْنَ عُمَرَ أَرَادَ الْجَمْعَ بَيْنَ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ فِي النُّسُكِ فَحَلَقَ رَأْسَهُ كُلَّهُ وَقَصَّرَ مِنْ لِحْيَتِهِ لِيَدْخُلَ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى : { مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ } وَخُصَّ ذَلِكَ مِنْ عُمُومِ قَوْلِهِ : " وَوَفِّرُوا اللِّحَى ".
فَحَمَلَهُ عَلَى حَالَةٍ غَيْرِ حَالَةِ النُّسُكِ.
قَالَ الْحَافِظُ : الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ اِبْنَ عُمَرَ كَانَ لَا يَخُصُّ هَذَا التَّخْصِيصَ بِالنُّسُكِ بَلْ كَانَ يُحْمَلُ الْأَمْرُ بِالْإِعْفَاءِ عَلَى غَيْرِ الْحَالَةِ الَّتِي تَتَشَوَّهُ فِيهَا الصُّورَةُ بِإِفْرَاطِ طُولِ شَعْرِ اللِّحْيَةِ أَوْ عَرْضِهِ اِنْتَهَى.
وَقَالَ فِي الدِّرَايَةِ : قَوْلُهُ إِنَّ الْمَسْنُونَ فِي اللِّحْيَةِ أَنْ تَكُونَ قَدْرَ الْقَبْضَةِ , رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ مَرْوَانَ بْنِ سَالِمٍ : رَأَيْت اِبْنَ عُمَرَ يَقْبِضُ عَلَى لِحْيَتِهِ لِيَقْطَعَ مَا زَادَ عَلَى الْكَفِّ , وَأَخْرَجَهُ اِبْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ سَعْدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ.
وَرَوَى اِبْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوَهُ , وَهَذَا مِنْ فِعْلِ هَذَيْنِ الصَّحَابِيَّيْنِ يُعَارِضُهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا : ( اُحْفُوا الشَّوَارِبَ وَاعْفُوا اللِّحَى ).
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ اِبْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا : " خُذُوا الشَّوَارِبَ وَاعْفُوا اللِّحَى ".
وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِحَمْلِ النَّهْيِ عَلَى الِاسْتِئْصَالِ أَوْ مَا قَارَبَهُ , بِخِلَافِ الْأَخْذِ الْمَذْكُورِ.
وَلَا سِيَّمَا أَنَّ الَّذِي فَعَلَ ذَلِكَ هُوَ الَّذِي رَوَاهُ اِنْتَهَى.
قُلْت : فِي هَذَا الْجَمْعِ نَظَرٌ كَمَا لَا يَخْفَى.
قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ.
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَحْفُوا الشَّوَارِبَ وَأَعْفُوا اللِّحَى قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ
عن ابن عمر، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بإحفاء الشوارب وإعفاء اللحى». هذا حديث حسن صحيح، وأبو بكر بن نافع هو: مولى ابن عمر ثقة، وعمر بن ناف...
عن عباد بن تميم، عن عمه، «أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم مستلقيا في المسجد واضعا إحدى رجليه على الأخرى». هذا حديث حسن صحيح، وعم عباد بن تميم هو: عبد...
عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا استلقى أحدكم على ظهره فلا يضع إحدى رجليه على الأخرى» هذا حديث رواه غير واحد عن سليمان التيمي ولا...
عن جابر، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن اشتمال الصماء والاحتباء في ثوب واحد، وأن يرفع الرجل إحدى رجليه على الأخرى وهو مستلق على ظهره»: «هذا ح...
عن أبي هريرة، قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا مضطجعا على بطنه فقال: «إن هذه ضجعة لا يحبها الله» وفي الباب عن طهفة، وابن عمر: وروى يحيى بن أ...
حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا بهز بن حكيم حدثني أبي عن جدي قال قلت يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر قال احفظ عورتك إلا من زوجت...
عن جابر بن سمرة، قال: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم متكئا على وسادة على يساره»: «هذا حديث حسن غريب» وروى غير واحد هذا الحديث عن إسرائيل، عن سماك عن ج...
عن جابر بن سمرة، قال: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم متكئا على وسادة» هذا حديث صحيح
عن أبي مسعود، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يؤم الرجل في سلطانه ولا يجلس على تكرمته في بيته إلا بإذنه»: «هذا حديث حسن»