حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

قصة النجاشي مع جعفر بن أبي طالب - مسند أحمد

مسند أحمد | مسند أهل البيت رضوان الله عليهم أجمعين حديث جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وهو حديث الهجرة (حديث رقم: 1740 )


1740- عن أم سلمة ابنة أبي أمية بن المغيرة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: لما نزلنا أرض الحبشة، جاورنا بها خير جار، النجاشي، أمنا على ديننا، وعبدنا الله لا نؤذى، ولا نسمع شيئا نكرهه،
فلما بلغ ذلك قريشا، ائتمروا أن يبعثوا إلى النجاشي فينا رجلين جلدين، وأن يهدوا للنجاشي هدايا مما يستطرف من متاع مكة، وكان من أعجب ما يأتيه منها إليه الأدم، فجمعوا له أدما كثيرا،
ولم يتركوا من بطارقته بطريقا إلا أهدوا له هدية، ثم بعثوا بذلك مع عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة المخزومي، وعمرو بن العاص بن وائل السهمي، وأمروهما أمرهم،
وقالوا لهما: ادفعوا إلى كل بطريق هديته، قبل أن تكلموا النجاشي فيهم، ثم قدموا للنجاشي هداياه، ثم سلوه أن يسلمهم إليكم قبل أن يكلمهم، قالت: فخرجا فقدما على النجاشي، ونحن عنده بخير دار، وعند خير جار،
فلم يبق من بطارقته بطريق إلا دفعا إليه هديته قبل أن يكلما النجاشي، ثم قالا لكل بطريق منهم: إنه قد صبا إلى بلد الملك منا غلمان سفهاء، فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينكم، وجاءوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنتم، وقد بعثنا إلى الملك فيهم أشراف قومهم لنردهم إليهم، فإذا كلمنا الملك فيهم، فتشيروا عليه بأن يسلمهم إلينا ولا يكلمهم، فإن قومهم أعلى بهم عينا، وأعلم بما عابوا عليهم، فقالوا لهما: نعم، ثم إنهما قربا هداياهم إلى النجاشي فقبلها منهما،
ثم كلماه، فقالا له: أيها الملك، إنه قد صبا إلى بلدك منا غلمان سفهاء، فارقوا دين قومهم، ولم يدخلوا في دينك، وجاءوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنت، وقد بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم، وأعمامهم وعشائرهم، لتردهم إليهم، فهم أعلى بهم عينا، وأعلم بما عابوا عليهم وعاتبوهم فيه.
قالت: ولم يكن شيء أبغض إلى عبد الله بن أبي ربيعة، وعمرو بن العاص من أن يسمع النجاشي كلامهم، فقالت بطارقته حوله: صدقوا أيها الملك، قومهم أعلى بهم عينا، وأعلم بما عابوا عليهم، فأسلمهم إليهما، فليرداهم إلى بلادهم وقومهم، قالت: فغضب النجاشي، ثم قال: فغضب النجاشي، ثم قال: لا هيم الله، إذا لا أسلمهم إليهما، ولا أكاد قوما جاوروني، ونزلوا بلادي، واختاروني على من سواي حتى أدعوهم فأسألهم ماذا يقول هذان في أمرهم، فإن كانوا كما يقولان أسلمتهم اليهما ورددتهم الى قومهم، وإن كانوا على غير ذلك منعتهم منهما، وأحسنت جوارهم ما جاوروني.
قالت: ثم أرسل إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعاهم فلما جاءهم رسوله اجتمعوا، ثم قال بعضهم لبعض: ما تقولون للرجل إذا جئتموه؟ قالوا: نقول والله ما علمنا، وما أمرنا به نبينا صلى الله عليه وسلم، كائن في ذلك ما هو كائن.
فلما جاءوه، وقد دعا النجاشي أساقفته، فنشروا مصاحفهم حوله، سألهم فقال: ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم، ولم تدخلوا في ديني ولا في دين أحد من هذه الأمم؟
قالت: فكان الذي كلمه جعفر بن أبي طالب، فقال له: أيها الملك، كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام، ونأكل الميتة ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار يأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا منا نعرف نسبه، وصدقه، وأمانته، وعفافه،
" فدعانا إلى الله لنوحده، ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم، والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنة، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئا، وأمرنا بالصلاة، والزكاة، والصيام "،
قال: فعدد عليه أمور الإسلام، فصدقناه وآمنا به واتبعناه على ما جاء به، فعبدنا الله وحده، فلم نشرك به شيئا، وحرمنا ما حرم علينا، وأحللنا ما أحل لنا، فعدا علينا قومنا، فعذبونا وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث، فلما قهرونا وظلمونا، وشقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا، خرجنا إلى بلدك، واخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارك، ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك،
قالت: فقال له النجاشي: هل معك مما جاء به عن الله من شيء؟ قالت: فقال له جعفر: نعم، فقال له النجاشي: فاقرأه علي، فقرأ عليه صدرا من (كهيعص) ، قالت: فبكى والله النجاشي حتى أخضل لحيته، وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلا عليهم، ثم قال النجاشي: إن هذا والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة، انطلقا فوالله لا أسلمهم اليكم ابدا، ولا أكاد،
قالت أم سلمة: فلما خرجا من عنده، قال عمرو بن العاص: والله لانبئنهم غدا عيبهم عندهم، ثم أستأصل به خضراءهم، قالت: فقال له عبد الله بن أبي ربيعة - وكان أتقى الرجلين فينا -: لا تفعل فإن لهم ارحاما، وإن كانوا قد خالفونا.
قال: والله لاخبرنه أنهم يزعمون أن عيسى ابن مريم عبد، قالت: ثم غدا عليه الغد، فقال له: أيها الملك، إنهم يقولون في عيسى ابن مريم قولا عظيما، فأرسل اليهم فاسألهم عما يقولون فيه، قالت: فأرسل إليهم يسألهم عنه،
قالت: ولم ينزل بنا مثله، فاجتمع القوم، فقال بعضهم لبعض: ماذا تقولون في عيسى إذا سألكم عنه؟ قالوا: نقول والله فيه ما قال الله، وما جاء به نبينا كائنا في ذلك ما هو كائن، فلما دخلوا عليه،
قال لهم: ما تقولون في عيسى ابن مريم؟ فقال له جعفر بن أبي طالب: نقول فيه الذي جاء به نبينا: هو عبد الله ورسوله، وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول، قالت: فضرب النجاشي يده إلى الأرض، فأخذ منها عودا، ثم قال: ما عدا عيسى ابن مريم ما قلت هذا العود، فتناخرت بطارقته حوله حين قال ما قال، فقال: وإن نخرتم والله اذهبوا، فأنتم سيوم بأرضي - والسيوم: الآمنون - من سبكم غرم، ثم من سبكم غرم، فما أحب أن لي دبرا ذهبا، وأني آذيت رجلا منكم - والدبر بلسان الحبشة: الجبل -
ردوا عليهما هداياهما، فلا حاجة لنا بها، فوالله ما أخذ الله مني الرشوة حين رد علي ملكي، فآخذ الرشوة فيه وما أطاع الناس في، فأطيعهم فيه.
قالت: فخرجا من عنده مقبوحين مردودا عليهما ما جاءا به، وأقمنا عنده بخير دار مع خير جار.
قالت: فوالله إنا على ذلك إذ نزل به - يعني من ينازعه في ملكه - قال: فوالله ما علمنا حزنا قط كان أشد من حزن حزناه عند ذلك، تخوفا أن يظهر ذلك على النجاشي، فيأتي رجل لا يعرف من حقنا ما كان النجاشي يعرف منه.
قالت: وسار النجاشي وبينهما عرض النيل، قالت: فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رجل يخرج حتى يحضر وقعة القوم ثم يأتينا بالخبر؟ قالت: فقال الزبير بن العوام: أنا، قالت: وكان من أحدث القوم سنا،
قالت: فنفخوا له قربة، فجعلها في صدره ثم سبح عليها حتى خرج إلى ناحية النيل التي بها ملتقى القوم، ثم انطلق حتى حضرهم.
قالت: ودعونا الله للنجاشي بالظهور على عدوه، والتمكين له في بلاده، واستوسق عليه أمر الحبشة، فكنا عنده في خير منزل، حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو بمكة

أخرجه أحمد في مسنده


جعفر بن أبي طالب الهاشمي أبو عبد الله، وهو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخوه علي بن أبي طالب، وكان أسن من علي بعشر سنين.
أسلم جعفر قديما، ولكن بعد علي أخيه.
وهاجر إلى الحبشة، وكان حجيج النجاشي عن المسلمين، والظاهر أن إسلام النجاشي كان على يد جعفر رضي الله عنه.
ثم كانت هجرته بمن كان معه من المسلمين ومن تبعهم من المشركين والأشعريين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محاصر خيبر، ففتحها الله عليهم على يديه.
واعتمر رسؤل الله صلى الله عليه وسلم عمرة القضاء، فدخل مكة وهوآخذ بزمام ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال يومئذ لجعفر: "أشبهت خلقي وخلقي".
وقد بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مؤتة وجعله أميرا بعد زيد بن حارثة، فقتل زيد، فأخذ الراية جعفر بن أبي طالب، فقطعت يمينه، فأخذها بشماله، فقطعت ثم قتل، فوجد في جسده بضع وعشرون، وقيل: وتسعون ضربة بسهم أو سيف أو رمح، مقبلا غير مدبر، فعوضه الله عن يديه جناحين يطير بهما في الجنة، فلهذا يقال له: ذو الجناحين، ويقال له الطيار لذلك، وقد شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة والشهادة، فرضي الله عنه، وكانت وفاته بموبة فى جمادى سنة ثمان، وقبره مشهود عند ثنية الكرك (في المزار جنوب الكرك تبعد عنها عشرة أميال) وكان عمره ما بين الخمس والعشرين إلى الثلاثين، وقيل: أحد وأربعين رحمه الله "جامع المسانيد" ١/الورقة ٢٣٣، وانظر "سير أعلام النبلاء" ١/٢٠٦-٢١٧.
إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن إسحاق، فقد روى له مسلم متابعة، وهو صدوق حسن الحديث إلا أنه مدلس، لكنه هنا صرح بالتحديث فانتفت شبهة تدليسه.
يعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم الزهري، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث- وهو أحد الفقهاء السبعة المعروفين في المدينة- قيل: اسمه محمد، وقيل: المغيرة، وقيل: أبو بكر اسمه، وكنيته عبد الرحمن، وقيل: اسمه كنيته وهو في "السيرة" لابن هشام ١/٣٥٧-٣٦٢ عن ابن إسحاق، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" ١/١١٥-١١٦ مختصرا من طريق إبراهيم بن سعد، به.
وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" ٢/٣٠١- ٣٠٤ من طريق يونس بن بكير، وأبو نعيم في "دلائل النبوة" (١٩٤) من طريق جرير بن حازم كلاهما عن محمد بن إسحاق، به.
وأخرج قسما منه الطبراني (١٤٧٩) من طريقين عن ابن إسحاق، به.
وجلدين أي: قوين.
ويستطرف، أي: مما يندر وجوده ويستحسن من الأشياء.
والأدم: جمع أديم، وهو الجلد.
والبطريق: رئيس الأساقفة، أو الحافق في الحرب.
وصبا، بدون همز: أي مال، وصبا بالهمز: أي ترك دينه وخل دينا آخر.
وقوله: فإن قومهم أعلى بهم غينا أي: أبصر بهم وأعلم بحالهم.
قال السهيلي في "الروض الأنف" ٢/٩٢-٩٣: أي: أبصر بهم، أي: عينهم وإبصارهم فوق عين غيرهم في أمرهم، فالعين هاهنا بمعنى الرؤية والإبصار، لا بمعنى العين التي هي الجارحة، وما سميت الجارحة عينا إلا مجازا، لأنها موضع العيان، وقد قالوا: عانه يعينه عينا: إذا رآه، وإن كان الأشهر في هذا أن يقال: عاينه معاينة، والأشهر في"عنت" أن يكون بمعنى الإصابة بالعين وإنما أوردنا هذا الكلام ليعلم أن العين في أصل وضع اللغة صفة لا جارحة، وأنها إذا أضيفت إلى البارئ سبحانه، فإنها حقيقة نحو قول أم سلمة لعائشة: بعين الله مهواك وعلى رسول الله تردين؟ وفي التنزيل: {ولتصنع على عيني} وقد أملينا في المسائل المفردات مسألة في هذا المعنى، وفيها الرد على من أجاز التثنية في العين مع إضافتها إلى الله تعالى وقاسها على اليدين، وفيها الرد عنى من احتي بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن ربكم ليس بأعور" وأوردنا في ذلك ما فيه شفاء، وأتبعناه بمعان بديعة في معنى عور الدجال، فلينظر هناك.
واستوسق أي: اجتمع.
وقول جعفر بن أبي طالب في عيسى صلوات الله عليه: "هو روح الله وكلمته" قال السهيلي: كلمته، أي: قال له كما قال لآدم حين خلقه من تراب، ثم قال له كن فيكون، ولم يقل: فكان، لئلا يتوهم وقوع الفعل بعد القول بيسير، وإنما هو واقع للحال، فقوله: (فيكون) مشعرا بوقوع الفعل في حال القول وتوجه الفعل بيسير على القول، لا يمكن مستقدم ولا مستأخر، فهذا معنى الكلمة.
وأما روح الله، فلأنه نفخة روح القدس في جيب الطاهرة المقدسة، والقدس: الطهارة من كل ما يشين أو يعيب أو تقذره نفس، أو يكرهه شرع، وجبريل روح القدس، لأنه روح لم يخلق من مني ولا صدرعن شهوة، فهو مضاف إلى الله سبحانه إضافة تشريف وتكريم، لأنه صادر عن الحضرة المقدسة، وعيسى عليه السلام صادر عنه، فهو روح الله على هذا المعنى، إذ النفخ قد يسمى روحا كما قال غيلان يصف النار: فقلت له ارفعها إليك وأحيها بروحك واقتته لها قيتة قدرا وقوله: "ولا أكاذ"، أي: ولا أخشى أن يلحقني فيه كيد، و"قوما" نصب على البدل من الضمير في قوله: "لا أسلمهم"، وفي "سيرة ابن هشام": ولا ئكاد قوئم جاوروني.
وقوله: "والذي جاء به موسى"، قال السندي: لم يقل: عيسى، مع أنه نبيهم، لما فيه من خلاف اليهود، بخلاف موسى، فلم يختلف أحد من الطوائف المعلومة في نبوته.

شرح حديث (قصة النجاشي مع جعفر بن أبي طالب)

حاشية السندي على مسند الإمام أحمد بن حنبل: أبي الحسن نور الدين محمد بن عبد الهادي

قوله : "لما نزلنا أرض الحبشة " : قيل : سبب ذلك أن قريشا ائتمرت أن يفتنوا المؤمنين عن دينهم ، فوثبت كل قبيلة على من آمن منهم ، فآذوهم ، وعذبوهم ، فافتتن من افتتن منهم ، وعصم الله من شاء منهم ، ومنع الله رسوله صلى الله عليه وسلم بعمه أبي طالب ، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما نزل بأصحابه ، ولم يقدر أن يمنعهم من المشركين ، ولم يؤمر بعد بالجهاد ، أمر أصحابه بالخروج إلى أرض الحبشة ، وقال : "إن لها ملكا صالحا لا يظلم ولا يظلم عنده أحد ، واخرجوا إليه حتى يجعل الله للمسلمين فرجا " .
فخرج إليها أحد عشر رجلا ، وأربع نسوة سرا : عثمان بن عفان ، وزوجته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والزبير ، وابن مسعود ، وعبد الرحمن بن عوف ، وأبو حذيفة مع امرأته سهلة ، ومصعب ، وأبو سلمة مع أم سلمة ، وعثمان بن مظعون ، وعامر بن ربيعة مع امرأته ليلى ، وحاطب بن عمر ، وسهيل بن بيضاء ، فخرجوا إلى أرض الحبشة ، ثم خرج جعفر ، وتتابع المسلمون ، فكان من هاجر إلى أرض الحبشة من المسلمين اثنين وثمانين رجلا سوى النساء والصبيان ، كذا في "تفسير الخازن " .
وروى الطبراني عن ابن مسعود ، قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي ، ونحن نحو ثمانين رجلا .
وروى الطبراني عن عبد الله بن عامر بن أبي ربيعة ، عن أمه ليلى بسند صحيح ، قالت : كان عمر بن الخطاب من أشد الناس علينا في إسلامنا ، فلما تهيأنا للخروج إلى أرض الحبشة ، فأتى عمر وأنا على بعيري ، وأنا أريد أن أتوجه ، فقال : أين يا أم عبد الله ؟ فقلت : آذيتمونا في ديننا ، فنذهب في أرض الله حيث لا نؤذى ، فقال : صحبكم الله ، ثم ذهب ، فجاء زوجي عامر بن ربيعة ، فأخبرته بما رأيت من رقة عمر ، فقال : ترجين أن يسلم ؟ والله لا يسلم حتى يسلم حمار الخطاب .
"أمنا " : - بكسر ميم - من الأمن ; أي : صرنا آمنين .
"لا نؤذى " : على بناء المفعول .
"جلدين " : - بفتح فسكون - ; أي : قويين شديدين .
"وأن يهدوا " : من الإهداء .
قوله : "مما يستطرف " : على بناء المفعول ; أي : يستحسن .
"من أعجب ما يأتيه " : أي : النجاشي .
"منها " : أي : من مكة .
"الأدم " : - بفتحتين بلا مد - : جمع أديم ، وهو الجلد المدبوغ ، أو الأحمر منه .
"من بطارقته " : هو جمع بطريق ; كالتلامذة جمع تلميذ ، وهم خواص الدولة .
"قبل أن يكلمهم " : أي : قبل أن يكلم النجاشي المسلمين .
"إنه قد صبأ " : كمنع وكرم - بهمزة في آخره - : إذا خرج من دين إلى دين ، والمراد ها هنا : الخروج مطلقا ، أو من الدين ، و"إلى" متعلقة بمقدر ; أي : متوجهين إلى بلد الملك .
"فارقوا " : من المفارقة .
"وقد بعثنا " : بفتحات - .
"فيهم " : في شأنهم وطلبهم .
"لنرد " : بنون - ; من الرد ; أي لنردهم كما في بعض النسخ .
"فتشيروا " : من - حذف النون للتخفيف - ، وهو خبر بمعنى الأمر ، وفي بعض النسخ : "فأشيروا" بصيغة الأمر .
"بأن يسلمهم " : من التسليم ، أو الإسلام بمعناه .
"أعلاهم عينا " : أي : نظرا ; أي : نظرهم يكفي عن نظرك .
"لا ، ها ايم الله ! إذا " : كلمة "لا" للنفي ; أي : ليس الأمر كما ذكرتم ، و"ها" حرف تنبيه ، و"ايم الله" للقسم ، و"إذا " : بمعنى إذا جاءوا بلادي ، ودخلوا فيها ، ولا شك في صحة إذا في المعنى ، وقد جاء "إذا" في الأحاديث كثيرا في هذا المحل ، فقول من منع ذلك ، وقال : الصواب : "ذا" الذي هو اسم الإشارة ، تحكم بلا شبهة ، والله تعالى أعلم .
"ولا أكاد " : خبره محذوف ; أي : أسلمهم .
"قوما " : إن كان - بالنصب كما في بعض النسخ - ، فهو إما مفعول لأسلم محذوفا ، أو حال عن مفعوله ، وإن كان - بالرفع - كما في بعض النسخ ، وهو الظاهر ، فهو خبر لمحذوف ; أي : هم قوم .
"حتى " : غاية لعدم التسليم .
"ما علمنا " : من التعليم .
"فلما جاءوه " : أي : النجاشي ، وروى الطبراني أن جعفرا حين استأذن على النجاشي نادى فقال : ائذن لحزب الله - عز وجل - .
وفي "تفسير الخازن " : أنه قال : "يستأذن أولياء الله ، فقال : ائذنوا لهم ، مرحبا بأولياء الله ، فلما دخلوا عليه ، سلموا " .
"أساقفته " : - بقاف ثم فاء - أي : علماءه .
"ونسيء الجوار " : من الإساءة .
"وعفافه " : - بالفتح - أي : كفه عما لا يليق .
"فعدا " : أي : تجاوزوا في حد الإيذاء علينا .
"ألا نظلم " : على بناء المفعول .
"حتى أخضل " : أي : بل .
"والذي جاء به موسى " : لم يقل : عيسى ، مع أنه نبيهم ; لما فيه من خلاف اليهود ، بخلاف موسى ، فلم يختلف أحد من الطوائف المعلومة في نبوته .
"من مشكاة " : فيه تشبيه للكتابين بالنور .
"انطلقا " : خطاب لعبد الله وعمرو اللذين جاءا من جهة الكفرة .
"لأنبئنه " : من نبأ بمعنى أخبر - بالنون الثقيلة - .
"عنده " : أي : عند النجاشي .
"ثم أستأصل " : أي : أخرج من الأصل .
"خضراءهم " : أي : جماعتهم .
"مثلها " : أي : مثل تلك المصيبة .
"ما عدا " : أي : ما جاوز .
"هذا العود " : أي : هذا المقدار ، يريد : أن قدره هذا ، وهو لا يتجاوز عنه ما يقول الظلمة من البنوة وغيرها .
"فتناخرت " : من نخر - بنون وخاء معجمة وراء - : إذا مد الصوت في خياشيمه .
"سيوم " : ضبط - بضم سين مهملة وبضم مثناة تحتية - .
"غرم " : ضبط من بناء المفعول من التغريم .
"دبرا " : ضبط - بفتح دال مهملة وسكون موحدة - .
"فآخذ " : - بالنصب - جواب النفي .
"فيه " : أي : في الله برد قوم يعبدونه على أعدائهم بالرشوة .
"وما أطاع " : أي : الله .
"الناس " : - بالنصب - .
"في " : أي : رد ملكي علي ، أو في عدم الرد .
"فأطيعهم " : - بالنصب أيضا - .
"فيه " : أي : في شأنه .
"إذ نزل به " : أي : بالنجاشي .
"حزنا " : - بفتحتين ، أو بضم فسكون - .
"أن يظهر " : يغلب ذلك المنازع .
"فيأتي رجل " : أي : يتملك ويأتي في البلاد .
"عرض النيل " : - بفتح فسكون - خلاف الطول .
"عليها " : أي : على القربة المنفوخة .
"واستوسق " : أي : اجتمع ، عطف على دعونا .
"وهو بمكة " : جاء أنهم سمعوا إيمان قريش ، فجاء بعضهم وهو بمكة ، ورجع بعضهم إلى أرض الحبشة حين علموا بكذب الخبر حتى جاءوا بخيبر ، والله تعالى أعلم .
في "المجمع " : رواه أحمد ، ورجاله رجال الصحيح ، غير ابن إسحاق ، وقد صرح بالسماع .


حديث فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏يَعْقُوبُ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏أَبِي ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ‏ ‏حَدَّثَنِي ‏ ‏مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ شِهَابٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيِّ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أُمِّ سَلَمَةَ ابْنَةِ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ زَوْجِ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَتْ ‏ ‏لَمَّا نَزَلْنَا أَرْضَ ‏ ‏الْحَبَشَةِ ‏ ‏جَاوَرْنَا بِهَا خَيْرَ جَارٍ ‏ ‏النَّجَاشِيَّ ‏ ‏أَمِنَّا عَلَى دِينِنَا وَعَبَدْنَا اللَّهَ لَا نُؤْذَى وَلَا نَسْمَعُ شَيْئًا نَكْرَهُهُ فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ ‏ ‏قُرَيْشًا ‏ ‏ائْتَمَرُوا ‏ ‏أَنْ يَبْعَثُوا إِلَى ‏ ‏النَّجَاشِيِّ ‏ ‏فِينَا رَجُلَيْنِ ‏ ‏جَلْدَيْنِ ‏ ‏وَأَنْ يُهْدُوا ‏ ‏لِلنَّجَاشِيِّ ‏ ‏هَدَايَا مِمَّا يُسْتَطْرَفُ مِنْ مَتَاعِ ‏ ‏مَكَّةَ ‏ ‏وَكَانَ مِنْ أَعْجَبِ مَا يَأْتِيهِ مِنْهَا إِلَيْهِ ‏ ‏الْأَدَمُ ‏ ‏فَجَمَعُوا لَهُ ‏ ‏أَدَمًا ‏ ‏كَثِيرًا وَلَمْ يَتْرُكُوا مِنْ ‏ ‏بَطَارِقَتِهِ ‏ ‏بِطْرِيقًا ‏ ‏إِلَّا أَهْدَوْا لَهُ هَدِيَّةً ثُمَّ بَعَثُوا بِذَلِكَ مَعَ ‏ ‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيِّ ‏ ‏وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِيِّ ‏ ‏وَأَمَرُوهُمَا أَمْرَهُمْ وَقَالُوا لَهُمَا ادْفَعُوا إِلَى كُلِّ ‏ ‏بِطْرِيقٍ ‏ ‏هَدِيَّتَهُ قَبْلَ أَنْ تُكَلِّمُوا ‏ ‏النَّجَاشِيَّ ‏ ‏فِيهِمْ ثُمَّ قَدِّمُوا ‏ ‏لِلنَّجَاشِيِّ ‏ ‏هَدَايَاهُ ثُمَّ سَلُوهُ أَنْ يُسْلِمَهُمْ إِلَيْكُمْ قَبْلَ أَنْ يُكَلِّمَهُمْ قَالَتْ فَخَرَجَا فَقَدِمَا عَلَى ‏ ‏النَّجَاشِيِّ ‏ ‏وَنَحْنُ عِنْدَهُ بِخَيْرِ دَارٍ وَعِنْدَ خَيْرِ جَارٍ فَلَمْ يَبْقَ مِنْ ‏ ‏بَطَارِقَتِهِ ‏ ‏بِطْرِيقٌ ‏ ‏إِلَّا دَفَعَا إِلَيْهِ هَدِيَّتَهُ قَبْلَ أَنْ يُكَلِّمَا ‏ ‏النَّجَاشِيَّ ‏ ‏ثُمَّ قَالَا لِكُلِّ ‏ ‏بِطْرِيقٍ ‏ ‏مِنْهُمْ إِنَّهُ قَدْ ‏ ‏صَبَا ‏ ‏إِلَى بَلَدِ الْمَلِكِ مِنَّا غِلْمَانٌ ‏ ‏سُفَهَاءُ ‏ ‏فَارَقُوا دِينَ قَوْمِهِمْ وَلَمْ يَدْخُلُوا فِي دِينِكُمْ وَجَاءُوا بِدِينٍ مُبْتَدَعٍ لَا نَعْرِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتُمْ وَقَدْ بَعَثَنَا إِلَى الْمَلِكِ فِيهِمْ أَشْرَافُ قَوْمِهِمْ لِيَرُدَّهُمْ إِلَيْهِمْ فَإِذَا كَلَّمْنَا الْمَلِكَ فِيهِمْ ‏ ‏فَتُشِيرُوا ‏ ‏عَلَيْهِ بِأَنْ يُسْلِمَهُمْ إِلَيْنَا وَلَا يُكَلِّمَهُمْ فَإِنَّ قَوْمَهُمْ أَعَلَى بِهِمْ عَيْنًا وَأَعْلَمُ بِمَا عَابُوا عَلَيْهِمْ فَقَالُوا لَهُمَا نَعَمْ ثُمَّ إِنَّهُمَا قَرَّبَا هَدَايَاهُمْ إِلَى ‏ ‏النَّجَاشِيِّ ‏ ‏فَقَبِلَهَا مِنْهُمَا ثُمَّ كَلَّمَاهُ فَقَالَا لَهُ أَيُّهَا الْمَلِكُ إِنَّهُ قَدْ ‏ ‏صَبَا ‏ ‏إِلَى بَلَدِكَ مِنَّا غِلْمَانٌ ‏ ‏سُفَهَاءُ ‏ ‏فَارَقُوا دِينَ قَوْمِهِمْ وَلَمْ يَدْخُلُوا فِي دِينِكَ وَجَاءُوا بِدِينٍ مُبْتَدَعٍ لَا نَعْرِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ وَقَدْ بَعَثَنَا إِلَيْكَ فِيهِمْ أَشْرَافُ قَوْمِهِمْ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَعْمَامِهِمْ وَعَشَائِرِهِمْ لِتَرُدَّهُمْ إِلَيْهِمْ فَهُمْ أَعَلَى بِهِمْ عَيْنًا وَأَعْلَمُ بِمَا عَابُوا عَلَيْهِمْ وَعَاتَبُوهُمْ فِيهِ قَالَتْ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَبْغَضَ إِلَى ‏ ‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ ‏ ‏وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ‏ ‏مِنْ أَنْ يَسْمَعَ ‏ ‏النَّجَاشِيُّ ‏ ‏كَلَامَهُمْ فَقَالَتْ ‏ ‏بَطَارِقَتُهُ ‏ ‏حَوْلَهُ صَدَقُوا أَيُّهَا الْمَلِكُ قَوْمُهُمْ أَعَلَى بِهِمْ عَيْنًا وَأَعْلَمُ بِمَا عَابُوا عَلَيْهِمْ فَأَسْلِمْهُمْ إِلَيْهِمَا فَلْيَرُدَّاهُمْ إِلَى بِلَادِهِمْ وَقَوْمِهِمْ قَالَ فَغَضِبَ ‏ ‏النَّجَاشِيُّ ‏ ‏ثُمَّ قَالَ لَا هَا اللَّهِ ايْمُ اللَّهِ إِذَنْ لَا أُسْلِمُهُمْ إِلَيْهِمَا وَلَا أُكَادُ قَوْمًا جَاوَرُونِي وَنَزَلُوا بِلَادِي وَاخْتَارُونِي عَلَى مَنْ سِوَايَ حَتَّى أَدْعُوَهُمْ فَأَسْأَلَهُمْ مَاذَا يَقُولُ هَذَانِ فِي أَمْرِهِمْ فَإِنْ كَانُوا كَمَا يَقُولَانِ أَسْلَمْتُهُمْ إِلَيْهِمَا وَرَدَدْتُهُمْ إِلَى قَوْمِهِمْ وَإِنْ كَانُوا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ مَنَعْتُهُمْ مِنْهُمَا وَأَحْسَنْتُ جِوَارَهُمْ مَا جَاوَرُونِي قَالَتْ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى ‏ ‏أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَدَعَاهُمْ فَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولُهُ اجْتَمَعُوا ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ مَا تَقُولُونَ لِلرَّجُلِ إِذَا جِئْتُمُوهُ قَالُوا نَقُولُ وَاللَّهِ مَا عَلَّمَنَا وَمَا أَمَرَنَا بِهِ نَبِيُّنَا ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏كَائِنٌ فِي ذَلِكَ مَا هُوَ كَائِنٌ فَلَمَّا جَاءُوهُ وَقَدْ دَعَا ‏ ‏النَّجَاشِيُّ ‏ ‏أَسَاقِفَتَهُ ‏ ‏فَنَشَرُوا مَصَاحِفَهُمْ حَوْلَهُ سَأَلَهُمْ فَقَالَ مَا هَذَا الدِّينُ الَّذِي فَارَقْتُمْ فِيهِ قَوْمَكُمْ وَلَمْ تَدْخُلُوا فِي دِينِي وَلَا فِي دِينِ أَحَدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَمِ قَالَتْ فَكَانَ الَّذِي كَلَّمَهُ ‏ ‏جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ‏ ‏فَقَالَ لَهُ أَيُّهَا الْمَلِكُ كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ ‏ ‏وَنَأْتِي ‏ ‏الْفَوَاحِشَ ‏ ‏وَنَقْطَعُ ‏ ‏الْأَرْحَامَ ‏ ‏وَنُسِيءُ الْجِوَارَ يَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى ‏ ‏بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ فَدَعَانَا إِلَى اللَّهِ لِنُوَحِّدَهُ وَنَعْبُدَهُ وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ الْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَصِلَةِ ‏ ‏الرَّحِمِ ‏ ‏وَحُسْنِ الْجِوَارِ وَالْكَفِّ عَنْ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ وَنَهَانَا عَنْ ‏ ‏الْفَوَاحِشِ ‏ ‏وَقَوْلِ الزُّورِ وَأَكْلِ مَالَ الْيَتِيمِ ‏ ‏وَقَذْفِ ‏ ‏الْمُحْصَنَةِ ‏ ‏وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَأَمَرَنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ قَالَ فَعَدَّدَ عَلَيْهِ أُمُورَ الْإِسْلَامِ فَصَدَّقْنَاهُ وَآمَنَّا بِهِ وَاتَّبَعْنَاهُ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ فَعَبَدْنَا اللَّهَ وَحْدَهُ فَلَمْ نُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا وَحَرَّمْنَا مَا حَرَّمَ عَلَيْنَا وَأَحْلَلْنَا مَا أَحَلَّ لَنَا فَعَدَا عَلَيْنَا قَوْمُنَا فَعَذَّبُونَا وَفَتَنُونَا عَنْ دِينِنَا لِيَرُدُّونَا إِلَى عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ وَأَنْ نَسْتَحِلَّ مَا كُنَّا نَسْتَحِلُّ مِنْ ‏ ‏الْخَبَائِثِ ‏ ‏فَلَمَّا قَهَرُونَا وَظَلَمُونَا وَشَقُّوا عَلَيْنَا وَحَالُوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ دِينِنَا خَرَجْنَا إِلَى بَلَدِكَ وَاخْتَرْنَاكَ عَلَى مَنْ سِوَاكَ وَرَغِبْنَا فِي جِوَارِكَ وَرَجَوْنَا أَنْ لَا نُظْلَمَ عِنْدَكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ قَالَتْ فَقَالَ لَهُ ‏ ‏النَّجَاشِيُّ ‏ ‏هَلْ مَعَكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ عَنْ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالَتْ ‏ ‏فَقَالَ لَهُ ‏ ‏جَعْفَرٌ ‏ ‏نَعَمْ فَقَالَ لَهُ ‏ ‏النَّجَاشِيُّ ‏ ‏فَاقْرَأْهُ عَلَيَّ فَقَرَأَ عَلَيْهِ ‏ ‏صَدْرًا ‏ ‏مِنْ ‏ ‏كهيعص ‏ ‏قَالَتْ فَبَكَى وَاللَّهِ ‏ ‏النَّجَاشِيُّ ‏ ‏حَتَّى ‏ ‏أَخْضَلَ ‏ ‏لِحْيَتَهُ وَبَكَتْ ‏ ‏أَسَاقِفَتُهُ ‏ ‏حَتَّى ‏ ‏أَخْضَلُوا ‏ ‏مَصَاحِفَهُمْ حِينَ سَمِعُوا مَا تَلَا عَلَيْهِمْ ثُمَّ قَالَ ‏ ‏النَّجَاشِيُّ ‏ ‏إِنَّ هَذَا وَاللَّهِ وَالَّذِي جَاءَ بِهِ ‏ ‏مُوسَى ‏ ‏لَيَخْرُجُ مِنْ ‏ ‏مِشْكَاةٍ ‏ ‏وَاحِدَةٍ انْطَلِقَا فَوَاللَّهِ لَا أُسْلِمُهُمْ إِلَيْكُمْ أَبَدًا وَلَا أُكَادُ قَالَتْ ‏ ‏أُمُّ سَلَمَةَ ‏ ‏فَلَمَّا خَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ قَالَ ‏ ‏عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ ‏ ‏وَاللَّهِ لَأُنَبِّئَنَّهُمْ غَدًا عَيْبَهُمْ عِنْدَهُمْ ثُمَّ أَسْتَأْصِلُ بِهِ خَضْرَاءَهُمْ قَالَتْ فَقَالَ لَهُ ‏ ‏عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ ‏ ‏وَكَانَ أَتْقَى الرَّجُلَيْنِ فِينَا لَا تَفْعَلْ فَإِنَّ لَهُمْ أَرْحَامًا وَإِنْ كَانُوا قَدْ خَالَفُونَا قَالَ وَاللَّهِ لَأُخْبِرَنَّهُ أَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ ‏ ‏عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ ‏ ‏عَبْدٌ قَالَتْ ثُمَّ غَدَا عَلَيْهِ الْغَدَ فَقَالَ لَهُ أَيُّهَا الْمَلِكُ إِنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي ‏ ‏عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ‏ ‏قَوْلًا عَظِيمًا فَأَرْسِلْ إِلَيْهِمْ فَاسْأَلْهُمْ عَمَّا يَقُولُونَ فِيهِ قَالَتْ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ يَسْأَلُهُمْ عَنْهُ قَالَتْ وَلَمْ يَنْزِلْ بِنَا مِثْلُهُ فَاجْتَمَعَ الْقَوْمُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ مَاذَا تَقُولُونَ فِي ‏ ‏عِيسَى ‏ ‏إِذَا سَأَلَكُمْ عَنْهُ قَالُوا نَقُولُ وَاللَّهِ فِيهِ مَا قَالَ اللَّهُ وَمَا جَاءَ بِهِ نَبِيُّنَا كَائِنًا فِي ذَلِكَ مَا هُوَ كَائِنٌ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالَ لَهُمْ مَا تَقُولُونَ فِي ‏ ‏عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ‏ ‏فَقَالَ لَهُ ‏ ‏جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ‏ ‏نَقُولُ فِيهِ الَّذِي جَاءَ بِهِ نَبِيُّنَا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ وَرُوحُهُ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى ‏ ‏مَرْيَمَ ‏ ‏الْعَذْرَاءِ ‏ ‏الْبَتُولِ ‏ ‏قَالَتْ فَضَرَبَ ‏ ‏النَّجَاشِيُّ ‏ ‏يَدَهُ إِلَى الْأَرْضِ فَأَخَذَ مِنْهَا عُودًا ثُمَّ قَالَ مَا عَدَا ‏ ‏عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ‏ ‏مَا قُلْتَ هَذَا الْعُودَ ‏ ‏فَتَنَاخَرَتْ ‏ ‏بَطَارِقَتُهُ ‏ ‏حَوْلَهُ حِينَ قَالَ مَا قَالَ فَقَالَ وَإِنْ ‏ ‏نَخَرْتُمْ ‏ ‏وَاللَّهِ اذْهَبُوا فَأَنْتُمْ ‏ ‏سُيُومٌ ‏ ‏بِأَرْضِي ‏ ‏وَالسُّيُومُ ‏ ‏الْآمِنُونَ ‏ ‏مَنْ سَبَّكُمْ ‏ ‏غُرِّمَ ‏ ‏ثُمَّ مَنْ سَبَّكُمْ ‏ ‏غُرِّمَ ‏ ‏فَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي دَبْرًا ذَهَبًا وَأَنِّي آذَيْتُ رَجُلًا مِنْكُمْ ‏ ‏وَالدَّبْرُ بِلِسَانِ ‏ ‏الْحَبَشَةِ ‏ ‏الْجَبَلُ ‏ ‏رُدُّوا عَلَيْهِمَا هَدَايَاهُمَا فَلَا حَاجَةَ لَنَا بِهَا فَوَاللَّهِ مَا أَخَذَ اللَّهُ مِنِّي الرِّشْوَةَ حِينَ رَدَّ عَلَيَّ مُلْكِي فَآخُذَ الرِّشْوَةَ فِيهِ وَمَا أَطَاعَ النَّاسَ فِيَّ فَأُطِيعَهُمْ فِيهِ قَالَتْ فَخَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ ‏ ‏مَقْبُوحَيْنِ ‏ ‏مَرْدُودًا عَلَيْهِمَا مَا جَاءَا بِهِ وَأَقَمْنَا عِنْدَهُ بِخَيْرِ دَارٍ مَعَ خَيْرِ جَارٍ قَالَتْ فَوَاللَّهِ إِنَّا عَلَى ذَلِكَ إِذْ نَزَلَ بِهِ ‏ ‏يَعْنِي مَنْ يُنَازِعُهُ فِي مُلْكِهِ ‏ ‏قَالَ فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْنَا حُزْنًا قَطُّ كَانَ أَشَدَّ مِنْ حُزْنٍ حَزِنَّاهُ عِنْدَ ذَلِكَ تَخَوُّفًا أَنْ يَظْهَرَ ذَلِكَ عَلَى ‏ ‏النَّجَاشِيِّ ‏ ‏فَيَأْتِيَ رَجُلٌ لَا يَعْرِفُ مِنْ حَقِّنَا مَا كَانَ ‏ ‏النَّجَاشِيُّ ‏ ‏يَعْرِفُ مِنْهُ قَالَتْ وَسَارَ ‏ ‏النَّجَاشِيُّ ‏ ‏وَبَيْنَهُمَا عُرْضُ النِّيلِ قَالَتْ فَقَالَ ‏ ‏أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏مَنْ رَجُلٌ يَخْرُجُ حَتَّى يَحْضُرَ ‏ ‏وَقْعَةَ ‏ ‏الْقَوْمِ ثُمَّ يَأْتِيَنَا بِالْخَبَرِ قَالَتْ فَقَالَ ‏ ‏الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ ‏ ‏أَنَا قَالَتْ وَكَانَ مِنْ أَحْدَثِ الْقَوْمِ سِنًّا قَالَتْ فَنَفَخُوا لَهُ ‏ ‏قِرْبَةً ‏ ‏فَجَعَلَهَا فِي صَدْرِهِ ثُمَّ سَبَحَ عَلَيْهَا حَتَّى خَرَجَ إِلَى نَاحِيَةِ النِّيلِ الَّتِي بِهَا مُلْتَقَى الْقَوْمِ ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى حَضَرَهُمْ قَالَتْ وَدَعَوْنَا اللَّهَ ‏ ‏لِلنَّجَاشِيِّ ‏ ‏بِالظُّهُورِ عَلَى عَدُوِّهِ وَالتَّمْكِينِ لَهُ فِي بِلَادِهِ وَاسْتَوْسَقَ عَلَيْهِ أَمْرُ ‏ ‏الْحَبَشَةِ ‏ ‏فَكُنَّا عِنْدَهُ فِي خَيْرِ مَنْزِلٍ حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏وَهُوَ ‏ ‏بِمَكَّةَ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث مسند أحمد

رأيت النبي ﷺ يأكل القثاء بالرطب

عن عبد الله بن جعفر، قال: " رأيت النبي صلى الله عليه وسلم، يأكل القثاء بالرطب

أتذكر إذ تلقينا رسول الله ﷺ أنا وأنت وابن عباس...

عن عبد الله بن أبي مليكة، قال: قال عبد الله بن جعفر لابن الزبير: أتذكر إذ تلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنا وأنت وابن عباس، قال: نعم.<br> قال:...

كان رسول الله ﷺ إذا قدم من سفر تلقي بالصبيان من أه...

عن عبد الله بن جعفر، قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا قدم من سفر تلقي بالصبيان من أهل بيته " قال: " وإنه قدم مرة من سفر " قال: " فسبق بي...

أطيب اللحم لحم الظهر

عن عبد الله بن جعفر، يحدث ابن الزبير وقد نحرت للقوم جزور - أو بعير - أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، والقوم يلقون لرسول الله صلى الله عليه وسلم...

أما تتقي الله في هذه البهيمة التي ملككها الله إنه...

عن عبد الله بن جعفر، قال: أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذات يوم خلفه، فأسر إلي حديثا لا أخبر به أحدا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب ما ا...

كان رسول الله ﷺ يتختم في يمينه

أخبرنا حماد بن سلمة، قال: رأيت ابن أبي رافع يتختم في يمينه، فسألته عن ذلك، فذكر أنه رأى عبد الله بن جعفر يتختم في يمينه.<br> وقال عبد الله بن جعفر: "...

من شك في صلاته فليسجد سجدتين وهو جالس

عن عبد الله بن جعفر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " من شك في صلاته، فليسجد سجدتين وهو جالس "

كان إذا عطس حمد الله فيقال له يرحمك الله فيقول يه...

عن عبد الله بن جعفر، قال يحيى بن إسحاق: قال: سمعت عبد الله بن جعفر: - قال أحدهما: ذي الجناحين - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا عطس حمد الله،...

إن آخر ما رأيت رسول الله ﷺ في إحدى يديه رطبات وفي...

عن عبد الله بن جعفر، أنه قال: إن آخر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى يديه رطبات، وفي الأخرى قثاء، وهو يأكل من هذه، ويعض من هذه، وقال: "...