842- عن أبي قلابة، قال: جاءنا أبو سليمان مالك بن الحويرث، إلى مسجدنا، فقال: والله إني لأصلي بكم وما أريد الصلاة، ولكني أريد أن أريكم كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، قال: قلت لأبي قلابة: كيف صلى؟ قال: مثل صلاة شيخنا هذا - يعني عمرو بن سلمة إمامهم - وذكر أنه كان «إذا رفع رأسه من السجدة الآخرة في الركعة الأولى قعد، ثم قام»
إسناده صحيح.
إسماعيل بن إبراهيم: هو ابن علية، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، وأبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجرمي.
وأخرجه البخاري (677) و (802) و (818) و (824)، والنسائي في "الكبرى" (741) من طريق أيوب السختياني، به.
وهو في "مسند أحمد" (15599) و (20539).
و"صحيح ابن حبان " (1934) و (1935).
قوله: "من السجدة الآخرة" أي: من السجدة الثانية.
قال ابن عبد البر في "التمهيد" 19/ 254: اختلف الفقهاء في النهوض من السجود إلى القيام، فقال مالك والأوزاعي والثوري وأبو حنيفة وأصحابه: ينهض على صدور قدميه ولا يجلس، وروي ذلك عن ابن مسعود وابن عمر وابن عباس، وقال النعمان ابن أبي عياش: أدركت غير واحد من أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم -يفعل ذلك، وقال أبو الزناد: تلك السنة، وبه قال أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه، قال أحمد: أكثر الأحاديث على هذا، قال الأثرم: ورأيت أحمد بن حنبل ينهض بعد السجود على صدور قدميه ولا يجلس قبل أن ينهض، وذكر عن ابن مسعود وابن عمر وأبي سعيد وابن عباس وابن الزبير أنهم كانوا ينهضون على صدور أقدامهم.
وقال الشافعي: إذا رفع رأسه من السجدة جلس ثم نهض معتمدا على الأرض بيديه حتى يعتدل قائما.
ومن حجة من ذهب مذهب مالك ومن تابعه حديث أبي حميد الساعدي، فيه أن النبي- صلى الله عليه وسلم -لما رفع رأسه من السجدة قام، ولم يذكر قعودا.
وفي حديث رفاعة بن رافع عن النبي- صلى الله عليه وسلم -في تعليم الأعرابي: "ثم اسجد حتى تعتدل ساجدا، ثم قم" ولم يأمره بالقعدة.
واحتج أبو جعفر الطحاوي لهذا المذهب أيضا بأن قال: قد اتفقوا أنه يرجع من السجود بتكبير، ثم لا يكبر تكبيرة أخرى للقيام، قال:
فلو كانت القعدة مسنونة، لكان الانتقال منها إلى القيام بالذكر كسائر أحوال الانتقال.
وحجة الشافعي لما ذهب إليه في ذلك حديث مالك بن الحويرث هذا.
قال أصحاب الشافعي: فحديث مالك بن الحويرث أولى ما قيل به في هذه المسالة، لأن فيه زيادة سكت عنها غيره، فوجب قبولها.
عون المعبود على شرح سنن أبي داود: أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي
( عَنْ أَبِي قِلَابَةَ ) : بِكَسْرِ الْقَاف وَخِفَّة اللَّام اِسْمه عَبْد اللَّه يَزِيد ( وَاَللَّه إِنِّي لَأُصَلِّي بِكُمْ وَمَا أُرِيد الصَّلَاة ) : اِسْتَشْكَلَ نَفْي هَذِهِ الْإِرَادَة لِمَا يَزِيد عَلَيْهَا مِنْ وُجُود صَلَاة غَيْر قُرْبَة وَمِثْلهَا لَا يَصِحّ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ نَفْي الْقُرْبَة وَإِنَّمَا أَرَادَ بَيَان السَّبَب الْبَاعِث لَهُ عَلَى الصَّلَاة فِي غَيْر وَقْت صَلَاة مُعَيَّنَة جَمَاعَة , وَكَأَنَّهُ قَالَ لَيْسَ الْبَاعِث لِي عَلَى هَذَا الْفِعْل حُضُور صَلَاة مُعَيَّنَة مِنْ أَدَاء أَوْ إِعَادَة أَوْ غَيْر ذَلِكَ , وَإِنَّمَا الْبَاعِث لِي عَلَيْهِ قَصْد التَّعْلِيم , وَكَأَنَّهُ كَانَ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ أَحَد مَنْ خُوطِبَ بِقَوْلِهِ " صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي " وَرَأَى أَنَّ التَّعْلِيم بِالْفِعْلِ أَوْضَح مِنْ الْقَوْل , فَفِيهِ دَلِيل عَلَى جَوَاز مِثْل ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَاب التَّشْرِيك فِي الْعِبَادَة ( قَالَ ) : أَيْ أَيُّوب ( قُلْت لِأَبِي قِلَابَةَ كَيْف صَلَّى ) : أَيْ مَالِك بْن الْحُوَيْرِث ( قَالَ ) : أَيْ أَبُو قِلَابَةَ ( يَعْنِي عَمْرو بْن سَلَمَة ) : بِكَسْرِ اللَّام كُنْيَته أَبُو يَزِيد كَانَ يَؤُمّ قَوْمه وَهُوَ صَبِيّ , رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَعَنْهُ أَبُو قِلَابَةَ ( إِمَامهمْ ) : بَيَان لِعَمْرٍو أَوْ بَدَل مِنْهُ ( ذَكَرَ أَنَّهُ ) : أَيْ ذَكَرَ أَبُو قِلَابَةَ أَنَّ مَالِك بْن الْحُوَيْرِث ( إِذَا رَفَعَ رَأْسه مِنْ السَّجْدَة الْآخِرَة ) : أَيْ مِنْ السَّجْدَة الثَّانِيَة ( قَعَدَ ثُمَّ قَامَ ) : وَفِي رِوَايَة لِلْبُخَارِيِّ : " إِذَا رَفَعَ رَأْسه عَنْ السَّجْدَة الثَّانِيَة جَلَسَ وَاعْتَمَدَ عَلَى الْأَرْض ثُمَّ قَامَ ".
وَالْحَدِيث يَدُلّ عَلَى مَشْرُوعِيَّة جِلْسَة الِاسْتِرَاحَة وَأَخَذَ بِهَا الشَّافِعِيّ وَطَائِفَة مِنْ أَهْل الْحَدِيث.
وَمِنْ أَحْمَد رِوَايَتَانِ , وَذَكَرَ الْخَلَّال أَنَّ أَحْمَد رَجَعَ إِلَى الْقَوْل بِهَا وَلَمْ يَسْتَحِبّهَا الْأَكْثَر , وَاحْتَجَّ الطَّحَاوِيُّ بِخُلُوِّ حَدِيث أَبِي حُمَيْدٍ عَنْهَا , فَإِنَّهُ سَاقَهُ بِلَفْظِ : فَقَامَ وَلَمْ يَتَوَرَّك.
وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا كَذَلِكَ قَالَ فَلَمَّا تَخَالَفَا اِحْتَمَلَ أَنْ يَكُون مَا فَعَلَهُ فِي حَدِيث مَالِك بْن الْحُوَيْرِث لِعِلَّةٍ كَانَتْ بِهِ فَقَعَدَ لِأَجْلِهَا لَا أَنَّ ذَلِكَ مِنْ سُنَّة الصَّلَاة , ثُمَّ قَوِيَ ذَلِكَ بِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَقْصُودَة لَشُرِعَ لَهَا ذِكْر مَخْصُوص , وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْأَصْل عَدَم الْعِلَّة وَبِأَنَّ مَالِك بْن الْحُوَيْرِث هُوَ رَاوِي حَدِيث " صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي " فَحِكَايَاته لِصِفَاتِ صَلَاة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَاخِلَة تَحْت هَذَا الْأَمْر.
وَاسْتُدِلَّ بِحَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ الْمَذْكُور عَلَى عَدَم وُجُوبهَا فَكَأَنَّهُ تَرَكَهَا لِبَيَانِ الْجَوَاز , وَتَمَسَّكَ مَنْ لَمْ يَقُلْ بِاسْتِحْبَابِهَا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تُبَادِرُونِي بِالْقِيَامِ وَالْقُعُود فَإِنِّي قَدْ بَدَّنْت " فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلهَا لِهَذَا السَّبَب فَلَا يُشْرَع إِلَّا فِي حَقّ مَنْ اِتَّفَقَ لَهُ نَحْو ذَلِكَ.
وَأَمَّا الذِّكْر الْمَخْصُوص فَإِنَّهَا جِلْسَة خَفِيفَة جِدًّا اِسْتَغْنَى فِيهَا بِالتَّكْبِيرِ الْمَشْرُوع لِلْقِيَامِ فَإِنَّهَا مِنْ جُمْلَة النُّهُوض إِلَى الْقِيَام , وَمَنْ حَيْثُ الْمَعْنَى أَنَّ السَّاجِد يَضَع يَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَرَأْسه مُمَيِّزًا لِكُلِّ عُضْو وُضِعَ , فَكَذَا يَنْبَغِي إِذَا رَفَعَ رَأْسه وَيَدَيْهِ أَنْ يُمَيِّز رَفْع رُكْبَتَيْهِ , وَإِنَّمَا يَتِمّ ذَلِكَ بِأَنْ يَجْلِس ثُمَّ يَنْهَض قَائِمًا , نَبَّهَ عَلَيْهِ نَاصِر الدِّين بْن الْمُنِير فِي الْحَاشِيَة.
وَلَمْ تَتَّفِق الرِّوَايَات عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ عَلَى نَفْي هَذِهِ الْجِلْسَة كَمَا يَفْهَمهُ صَنِيع الطَّحَاوِيّ بَلْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا مِنْ وَجْه آخَر عَنْهُ بِإِثْبَاتِهَا , وَسَيَأْتِي ذَلِكَ عِنْد الْكَلَام عَلَى حَدِيثه بَعْد بَابَيْنِ إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
وَأَمَّا قَوْل بَعْضهمْ لَوْ كَانَتْ سُنَّة لَذَكَرَهَا كُلّ مَنْ وَصَفَ صَلَاته , فَيُقَوِّي أَنَّهُ فَعَلَهَا لِلْحَاجَةِ فَفِيهِ نَظَر , فَإِنَّ السُّنَن الْمُتَّفَق عَلَيْهَا لَمْ يَسْتَوْعِبهَا كُلّ وَاحِد مِمَّنْ وَصَفَ وَإِنَّمَا أُخِذَ مَجْمُوعهَا عَنْ مَجْمُوعهمْ.
كَذَا فِي فَتْح الْبَارِي.
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيُّ.
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ يَعْنِي ابْنَ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ جَاءَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ إِلَى مَسْجِدِنَا فَقَالَ وَاللَّهِ إِنِّي لَأُصَلِّي بِكُمْ وَمَا أُرِيدُ الصَّلَاةَ وَلَكِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُرِيَكُمْ كَيْفَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي قَالَ قُلْتُ لِأَبِي قِلَابَةَ كَيْفَ صَلَّى قَالَ مِثْلَ صَلَاةِ شَيْخِنَا هَذَا يَعْنِي عَمْرَو بْنَ سَلَمَةَ إِمَامَهُمْ وَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الْآخِرَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى قَعَدَ ثُمَّ قَامَ
عن أبي قلابة، قال: جاءنا أبو سليمان مالك بن الحويرث، إلى مسجدنا، فقال: والله إني لأصلي وما أريد الصلاة، ولكني أريد أن أريكم كيف رأيت رسول الله صلى الل...
عن مالك بن الحويرث، «أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان في وتر من صلاته، لم ينهض حتى يستوي قاعدا»
أخبرني أبو الزبير، أنه سمع طاوسا، يقول: قلنا لابن عباس: في الإقعاء على القدمين في السجود، فقال: «هي السنة»، قال: قلنا: «إنا لنراه جفاء بالرجل»، فقال...
عن عبيد بن الحسن، قال: سمعت عبد الله بن أبي أوفى، يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع يقول: «سمع الله لمن حمده، اللهم ربنا ل...
عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: حين يقول: " سمع الله لمن حمده، اللهم ربنا لك الحمد ملء السماء - قال مؤمل: ملء السموات وم...
عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد، فإنه من وافق قوله قول الملائكة، غ...
عن عامر، قال: " لا يقول القوم خلف الإمام: سمع الله لمن حمده، ولكن يقولون: ربنا لك الحمد "
عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين: «اللهم اغفر لي، وارحمني، وعافني، واهدني، وارزقني»
عن أسماء بنت أبي بكر، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من كان منكن يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا ترفع رأسها حتى يرفع الرجال رءوسهم، كراهة...