49- عن عبادة بن الصامت، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يخبر بليلة القدر، فتلاحى رجلان من المسلمين فقال: «إني خرجت لأخبركم بليلة القدر، وإنه تلاحى فلان وفلان، فرفعت، وعسى أن يكون خيرا لكم، التمسوها في السبع والتسع والخمس»
(لأخبركم بليلة القدر) أي بتعيين ليلتها.
(فتلاحى) تنازع وتخاصم.
(فلان وفلان) عبد الله بن أبي حدرد وكعب بن مالك رضي الله عنهما.
(فرفعت) فرفع تعيينها عن ذكري.
(عسى أن يكون) رفعها (خيرا لكم) حتى تجتهدوا في طلبها فتقوموا أكثر من ليلة.
(التمسوها) اطلبوها وتحروها
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( زُبَيْد ) قُدِّمَ أَنَّهُ بِالزَّايِ وَالْمُوَحَّدَة مُصَغَّرًا , وَهُوَ اِبْن الْحَارِث الْيَامِيّ بِيَاءٍ تَحْتَانِيَّة وَمِيم خَفِيفَة , يُكَنَّى أَبَا عَبْد الرَّحْمَن , وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيث شُعْبَة أَيْضًا عَنْ مَنْصُور بْن الْمُعْتَمِر وَهُوَ عِنْد الْمُصَنِّف فِي الْأَدَب , وَعَنْ الْأَعْمَش وَهُوَ عِنْد مُسْلِم , وَرَوَاهُ اِبْن حِبَّان مِنْ طَرِيق سُلَيْمَان بْن حَرْب عَنْ شُعْبَة عَنْ الثَّلَاثَة جَمِيعًا عَنْ أَبِي وَائِل , وَقَالَ اِبْن مَنْدَهْ : لَمْ يُخْتَلَف فِي رَفْعه عَنْ زُبَيْد وَاخْتُلِفَ عَلَى الْآخَرِينَ.
وَرَوَاهُ عَنْ زُبَيْد غَيْر شُعْبَة أَيْضًا عِنْد مُسْلِم وَغَيْره.
قَوْله : ( سَأَلْت أَبَا وَائِل عَنْ الْمُرْجِئَة ) أَيْ : عَنْ مَقَالَة الْمُرْجِئَة , وَلِأَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيّ عَنْ شُعْبَة عَنْ زُبَيْد قَالَ : لَمَّا ظَهَرَتْ الْمُرْجِئَة أَتَيْت أَبَا وَائِل فَذَكَرْت ذَلِكَ لَهُ.
فَظَهَرَ مِنْ هَذَا أَنَّ سُؤَاله كَانَ عَنْ مُعْتَقَدهمْ , وَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ حِين ظُهُورهمْ , وَكَانَتْ وَفَاة أَبِي وَائِل سَنَة تِسْع وَتِسْعِينَ وَقِيلَ سَنَة اِثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ , فَفِي ذَلِكَ دَلِيل عَلَى أَنَّ بِدْعَة الْإِرْجَاء قَدِيمَة , وَقَدْ تَابَعَ أَبَا وَائِل فِي رِوَايَة هَذَا الْحَدِيث عَبْدُ الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود عَنْ أَبِيهِ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ مُصَحَّحًا وَلَفْظه " قِتَال الْمُسْلِم أَخَاهُ كُفْر , وَسِبَابه فُسُوق " , وَرَوَاهُ جَمَاعَة عَنْ عَبْد اللَّه بْنِ مَسْعُود مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا , وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيث سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص أَيْضًا مَرْفُوعًا , فَانْتَفَتْ بِذَلِكَ دَعْوَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ أَبَا وَائِل تَفَرَّدَ بِهِ.
قَوْله : ( سِبَاب ) هُوَ بِكَسْرِ السِّين وَتَخْفِيف الْمُوَحَّدَة , وَهُوَ مَصْدَر يُقَال : سَبَّ يَسُبّ سَبًّا وَسِبَابًا , وَقَالَ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ : السِّبَاب أَشَدّ مِنْ السَّبّ , وَهُوَ أَنْ يَقُول الرَّجُل مَا فِيهِ وَمَا لَيْسَ فِيهِ يُرِيد بِذَلِكَ عَيْبه.
وَقَالَ غَيْره : السِّبَاب هُنَا مِثْل الْقِتَال فَيَقْتَضِي الْمُفَاعَلَة , وَقَدْ تَقَدَّمَ بِأَوْضَح مِنْ هَذَا فِي بَاب الْمَعَاصِي مِنْ أَمْر الْجَاهِلِيَّة.
قَوْله : ( الْمُسْلِم ) كَذَا فِي مُعْظَم الرِّوَايَات , وَلِأَحْمَد عَنْ غُنْدَر عَنْ شُعْبَة " الْمُؤْمِن " , فَكَأَنَّهُ رَوَاهُ بِالْمَعْنَى.
قَوْله : ( فُسُوق ) الْفِسْق فِي اللُّغَة الْخُرُوج , وَفِي الشَّرْع : الْخُرُوج عَنْ طَاعَة اللَّه وَرَسُوله , وَهُوَ فِي عُرْف الشَّرْع أَشَدّ مِنْ الْعِصْيَان , قَالَ اللَّه تَعَالَى ( وَكَرَّهَ إِلَيْكُمْ الْكُفْر وَالْفُسُوق وَالْعِصْيَان ) , فَفِي الْحَدِيث تَعْظِيم حَقّ الْمُسْلِم وَالْحُكْم عَلَى مَنْ سَبَّهُ بِغَيْرِ حَقّ بِالْفِسْقِ , وَمُقْتَضَاهُ الرَّدّ عَلَى الْمُرْجِئَة.
وَعُرِفَ مِنْ هَذَا مُطَابَقَة جَوَاب أَبِي وَائِل لِلسُّؤَالِ عَنْهُمْ كَأَنَّهُ قَالَ : كَيْف تَكُون مَقَالَتهمْ حَقًّا وَالنَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول هَذَا.
قَوْله : ( وَقِتَاله كُفْر ) إِنْ قِيلَ : هَذَا وَإِنْ تَضَمَّنَ الرَّدّ عَلَى الْمُرْجِئَة لَكِنَّ ظَاهِره يُقَوِّي مَذْهَب الْخَوَارِج الَّذِينَ يُكَفِّرُونَ بِالْمَعَاصِي.
فَالْجَوَاب : إِنَّ الْمُبَالَغَة فِي الرَّدّ عَلَى الْمُبْتَدِع اِقْتَضَتْ ذَلِكَ , وَلَا مُتَمَسَّك لِلْخَوَارِجِ فِيهِ ; لِأَنَّ ظَاهِره غَيْر مُرَاد , لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْقِتَال أَشَدّ مِنْ السِّبَاب - لِأَنَّهُ مُفْضٍ إِلَى إِزْهَاق الرُّوح - عَبَّرَ عَنْهُ بِلَفْظِ أَشَدّ مِنْ لَفْظ الْفِسْق وَهُوَ الْكُفْر , وَلَمْ يُرِدْ حَقِيقَة الْكُفْر الَّتِي هِيَ الْخُرُوج عَنْ الْمِلَّة , بَلْ أَطْلَقَ عَلَيْهِ الْكُفْر مُبَالَغَة فِي التَّحْذِير , مُعْتَمِدًا عَلَى مَا تَقَرَّرَ مِنْ الْقَوَاعِد أَنَّ مِثْل ذَلِكَ لَا يُخْرِج عَنْ الْمِلَّةَ , مِثْل حَدِيث الشَّفَاعَة , وَمِثْل قَوْله تَعَالَى ( إِنَّ اللَّه لَا يَغْفِر أَنْ يُشْرِك بِهِ وَيَغْفِر مَا دُون ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء ) , وَقَدْ أَشَرْنَا إِلَى ذَلِكَ فِي بَاب الْمَعَاصِي مِنْ أَمْر الْجَاهِلِيَّة.
أَوْ أَطْلَقَ عَلَيْهِ الْكُفْر لِشَبَهِهِ بِهِ ; لِأَنَّ قِتَال الْمُؤْمِن مِنْ شَأْن الْكَافِر.
وَقِيلَ : الْمُرَاد هُنَا الْكُفْر اللُّغَوِيّ وَهُوَ التَّغْطِيَة ; لِأَنَّ حَقّ الْمُسْلِم عَلَى الْمُسْلِم أَنْ يُعِينهُ وَيَنْصُرهُ وَيَكُفّ عَنْهُ أَذَاهُ , فَلَمَّا قَاتَلَهُ كَانَ كَأَنَّهُ غَطَّى عَلَى هَذَا الْحَقّ , وَالْأَوَّلَانِ أَلْيَق بِمُرَادِ الْمُصَنِّف وَأَوْلَى بِالْمَقْصُودِ مِنْ التَّحْذِير مِنْ فِعْل ذَلِكَ وَالزَّجْر عَنْهُ بِخِلَافِ الثَّالِث.
وَقِيلَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ كُفْر أَيْ قَدْ يَئُول هَذَا الْفِعْل بِشُؤْمِهِ إِلَى الْكُفْر , وَهَذَا بَعِيد , وَأَبْعَد مِنْهُ حَمْله عَلَى الْمُسْتَحِلّ لِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُطَابِق التَّرْجَمَة , وَلَوْ كَانَ مُرَادًا لَمْ يَحْصُل التَّفْرِيق بَيْن السِّبَاب وَالْقِتَال , فَإِنَّ مُسْتَحِلّ لَعْن الْمُسْلِم بِغَيْرِ تَأْوِيل يَكْفُر أَيْضًا.
ثُمَّ ذَلِكَ مَحْمُول عَلَى مَنْ فَعَلَهُ بِغَيْرِ تَأْوِيل.
وَقَدْ بَوَّبَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّف فِي كِتَاب الْمُحَارِبِينَ كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
وَمِثْل هَذَا الْحَدِيث قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِب بَعْضكُمْ رِقَاب بَعْض " فَفِيهِ هَذِهِ الْأَجْوِبَة , وَسَيَأْتِي فِي كِتَاب الْفِتَن , وَنَظِيره قَوْله تَعَالَى ( أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَاب وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ) بَعْد قَوْله : ( ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارهمْ ) الْآيَة.
فَدَلَّ عَلَى أَنَّ بَعْض الْأَعْمَال يُطْلَق عَلَيْهِ الْكُفْر تَغْلِيظًا.
وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا رَوَاهُ مُسْلِم : " لَعْن الْمُسْلِم كَقَتْلِهِ " فَلَا يُخَالِف هَذَا الْحَدِيث ; لِأَنَّ الْمُشَبَّه بِهِ فَوْق الْمُشَبَّه , وَالْقَدْر الَّذِي اِشْتَرَكَا فِيهِ بُلُوغ الْغَايَة فِي التَّأْثِير : هَذَا فِي الْعَرْض , وَهَذَا فِي النَّفْس.
وَاَللَّه أَعْلَم.
وَقَدْ وَرَدَ لِهَذَا الْمَتْن سَبَب ذَكَرْته فِي أَوَّل كِتَاب الْفِتَن فِي أَوَاخِر الصَّحِيح.
أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يُخْبِرُ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ فَتَلَاحَى رَجُلَانِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ إِنِّي خَرَجْتُ لِأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ وَإِنَّهُ تَلَاحَى فُلَانٌ وَفُلَانٌ فَرُفِعَتْ وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ الْتَمِسُوهَا فِي السَّبْعِ وَالتِّسْعِ وَالْخَمْسِ
عن هشام بن عروة، عن أبيه أنه قال: سئل أسامة وأنا جالس كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير في حجة الوداع حين دفع؟ قال: «كان يسير العنق، فإذا وجد...
عن عبد الله قال: «سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أي الذنب أعظم عند الله؟ قال: أن تجعل لله ندا وهو خلقك، قلت: إن ذلك لعظيم، قلت: ثم أي؟ قال: وأن تقتل...
عن سعيد بن المسيب، عن أبيه : «أنه كان ممن بايع تحت الشجرة، فرجعنا إليها العام المقبل فعميت علينا».<br>
عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزابنة: أن يبيع ثمر حائطه إن كان نخلا بتمر كيلا، وإن كان كرما أن يبيعه بزبيب ك...
عن ابن عباس، قال: قالت ميمونة: «وضعت للنبي صلى الله عليه وسلم غسلا، فسترته بثوب، وصب على يديه، فغسلهما، ثم صب بيمينه على شماله، فغسل فرجه، فضرب بيده ا...
عن ابن محيريز، أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه، أخبره: أنه بينما هو جالس عند النبي صلى الله عليه وسلم، قال: يا رسول الله، إنا نصيب سبيا، فنحب الأثمان،...
عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «أقرأني جبريل على حرف، فلم أزل أستزيده حت...
عن عائشة رضي الله عنها، قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه، وكان يقسم لكل امرأة منهن ي...
عن ابن شهاب أن سهل بن سعد الساعدي أخبره «أن عويمرا العجلاني جاء إلى عاصم بن عدي الأنصاري فقال له: يا عاصم، أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقت...