168- عن عائشة، قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم «يعجبه التيمن، في تنعله، وترجله، وطهوره، وفي شأنه كله»
أخرجه مسلم في الطهارة باب التيمن في الطهور وغيره رقم 268
(يعجبه) يحب من الإعجاب وهو الرغبة في الشيء لحسنه.
(التيمن) استعمال اليمين في تعاطي الأشياء والابتداء باليمين وهو المقصود هنا.
(تنعله) لبسه النعل.
(ترجله) دهن شعره وتسريحه.
(طهوره) تطهره من الحدث أو النجس.
(شأنه كله) كل عمل من الأعمال الطيبة المستحسنة لا الأعمال الخبيثة المستقذرة فإنه يستعمل لها اليسار ويبدأ باليسار كالاستنجاء ودخول بيت الخلاء
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
وَأَوْرَدَ الْمُصَنِّف مِنْ الْحَدِيث طَرَفًا لِيُبَيِّنَ بِهِ الْمُرَاد بِقَوْلِ عَائِشَة " يُعْجِبهُ التَّيَمُّن " إِذْ هُوَ لَفْظ مُشْتَرَك بَيْن الِابْتِدَاء بِالْيَمِينِ وَتَعَاطِي الشَّيْء بِالْيَمِينِ وَالتَّبَرُّك وَقَصْد الْيَمِين , فَبَانَ بِحَدِيثِ أُمّ عَطِيَّة أَنَّ الْمُرَاد بِالطُّهُورِ الْأَوَّل.
قَوْله : ( سَمِعْت أَبِي ) هُوَ سُلَيْمُ بْن أَسْوَد الْمُحَارِبِيّ الْكُوفِيّ أَبُو الشَّعْثَاء مَشْهُور بِكُنْيَتِهِ أَكْثَر مِنْ اِسْمه , وَهُوَ مِنْ كِبَار التَّابِعِينَ كَشَيْخِهِ مَسْرُوق فَهُمَا قَرِينَانِ كَمَا أَنَّ أَشْعَث وَشُعْبَة قَرِينَانِ وَهُمَا مِنْ كِبَار أَتْبَاع التَّابِعِينَ.
قَوْله : ( كَانَ يُعْجِبهُ التَّيَمُّن ) قِيلَ : لِأَنَّهُ كَانَ يُحِبّ الْفَأْل الْحَسَن إِذْ أَصْحَاب الْيَمِين أَهْل الْجَنَّة.
وَزَادَ الْمُصَنِّف فِي الصَّلَاة عَنْ سُلَيْمَان بْن حَرْب عَنْ شُعْبَة " مَا اِسْتَطَاعَ " فَنَبَّهَ عَلَى الْمُحَافَظَة عَلَى ذَلِكَ مَا لَمْ يَمْنَع مَانِع.
قَوْله : ( فِي تَنَعُّله ) أَيْ : لُبْس نَعْله ( وَتَرَجُّله ) أَيْ : تَرْجِيل شَعْره وَهُوَ تَسْرِيحه وَدَهْنه , قَالَ فِي الْمَشَارِق : رَجَّلَ شَعْره إِذَا مَشَّطَهُ بِمَاءٍ أَوْ دُهْن لِيَلِينَ وَيُرْسِل الثَّائِر وَيَمُدّ الْمُنْقَبِض , زَادَ أَبُو دَاوُدَ عَنْ مُسْلِم بْن إِبْرَاهِيم عَنْ شُعْبَة وَسِوَاكه.
قَوْله : ( فِي شَأْنه كُلّه ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ مِنْ الرُّوَاة بِغَيْرِ وَاو , وَفِي رِوَايَة أَبِي الْوَقْت بِإِثْبَاتِ الْوَاو وَهِيَ الَّتِي اِعْتَمَدَهَا صَاحِب الْعُمْدَة , قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدِّين : هُوَ عَامّ مَخْصُوص ; لِأَنَّ دُخُول الْخَلَاء وَالْخُرُوج مِنْ الْمَسْجِد وَنَحْوهمَا يُبْدَأ فِيهِمَا بِالْيَسَارِ , اِنْتَهَى.
وَتَأْكِيد " الشَّأْن " بِقَوْلِهِ " كُلّه " يَدُلّ عَلَى التَّعْمِيم ; لِأَنَّ التَّأْكِيد يَرْفَع الْمَجَاز فَيُمْكِن أَنْ يُقَال : حَقِيقَة الشَّأْن مَا كَانَ فِعْلًا مَقْصُودًا , وَمَا يُسْتَحَبّ فِيهِ التَّيَاسُر لَيْسَ مِنْ الْأَفْعَال الْمَقْصُودَة بَلْ هِيَ إِمَّا تُرُوك وَإِمَّا غَيْر مَقْصُودَة , وَهَذَا كُلّه عَلَى تَقْدِير إِثْبَات الْوَاو , وَأَمَّا عَلَى إِسْقَاطهَا فَقَوْله " فِي شَأْنه كُلّه " مُتَعَلِّق بِيُعْجِبُهُ لَا بِالتَّيَمُّنِ أَيْ يُعْجِبهُ فِي شَأْنه كُلّه التَّيَمُّن فِي تَنَعُّله إِلَخْ , أَيْ : لَا يَتْرُك ذَلِكَ سَفَرًا وَلَا حَضَرًا وَلَا فِي فَرَاغه وَلَا شُغْله وَنَحْو ذَلِكَ.
وَقَالَ الطِّيبِيّ قَوْله " فِي شَأْنه " بَدَل مِنْ قَوْله " فِي تَنَعُّله " بِإِعَادَةِ الْعَامِل.
قَالَ : وَكَأَنَّهُ ذَكَرَ التَّنَعُّل لِتَعَلُّقِهِ بِالرِّجْلِ , وَالتَّرَجُّل لِتَعَلُّقِهِ بِالرَّأْسِ , وَالطُّهُور لِكَوْنِهِ مِفْتَاح أَبْوَاب الْعِبَادَة , فَكَأَنَّهُ نَبَّهَ عَلَى جَمِيع الْأَعْضَاء فَيَكُون كَبَدَلِ الْكُلّ مِنْ الْكُلّ.
قُلْت : وَوَقَعَ فِي رِوَايَة مُسْلِم بِتَقْدِيمِ قَوْله " فِي شَأْنه كُلّه " عَلَى قَوْله " فِي تَنَعُّله إِلَخْ " وَعَلَيْهَا شَرَحَ الطِّيبِيّ , وَجَمِيع مَا قَدَّمْنَاهُ مَبْنِيّ عَلَى ظَاهِر السِّيَاق الْوَارِد هُنَا , لَكِنْ بَيَّنَ الْمُصَنِّف فِي الْأَطْعِمَة مِنْ طَرِيق عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك عَنْ شُعْبَة أَنَّ أَشْعَث شَيْخه كَانَ يُحَدِّث بِهِ تَارَة مُقْتَصِرًا عَلَى قَوْله " فِي شَأْنه كُلّه " وَتَارَة عَلَى قَوْله " فِي تَنَعُّله إِلَخْ " وَزَادَ الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ طَرِيق غُنْدَر عَنْ شُعْبَة أَنَّ عَائِشَة أَيْضًا كَانَتْ تُجْمِلهُ تَارَة وَتُبَيِّنهُ أُخْرَى , فَعَلَى هَذَا يَكُون أَصْل الْحَدِيث مَا ذُكِرَ مِنْ التَّنَعُّل وَغَيْره , وَيُؤَيِّدهُ رِوَايَة مُسْلِم مِنْ طَرِيق أَبِي الْأَحْوَص وَابْن مَاجَهْ مِنْ طَرِيق عَمْرو بْن عُبَيْد كِلَاهُمَا عَنْ أَشْعَث بِدُونِ قَوْله " فِي شَأْنه كُلّه " , وَكَأَنَّ الرِّوَايَة الْمُقْتَصِرَة عَلَى " فِي شَأْنه كُلّه " مِنْ الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة لِمُسْلِمٍ " فِي طُهُوره وَنَعْله " بِفَتْحِ النُّون وَإِسْكَان الْعَيْن أَيْ : هَيْئَة تَنَعُّله , وَفِي رِوَايَة اِبْن مَاهَان فِي مُسْلِم " وَنَعَله " بِفَتْحِ الْعَيْن.
وَفِي الْحَدِيث اِسْتِحْبَاب الْبُدَاءَة بِشِقِّ الرَّأْس الْأَيْمَن فِي التَّرَجُّل وَالْغُسْل وَالْحَلْق , وَلَا يُقَال : هُوَ مِنْ بَاب الْإِزَالَة فَيُبْدَأ فِيهِ بِالْأَيْسَرِ , بَلْ هُوَ مِنْ بَاب الْعِبَادَة وَالتَّزْيِين , وَقَدْ ثَبَتَ الِابْتِدَاء بِالشِّقِّ الْأَيْمَن فِي الْحَلْق كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا , وَفِيهِ الْبُدَاءَة بِالرِّجْلِ الْيُمْنَى فِي التَّنَعُّل وَفِي إِزَالَتهَا بِالْيُسْرَى وَفِيهِ الْبُدَاءَة بِالْيَدِ الْيُمْنَى فِي الْوُضُوء وَكَذَا الرِّجْل , وَبِالشِّقِّ الْأَيْمَن فِي الْغُسْل.
وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى اِسْتِحْبَاب الصَّلَاة عَنْ يَمِين الْإِمَام وَفِي مَيْمَنَة الْمَسْجِد وَفِي الْأَكْل وَالشُّرْب بِالْيَمِينِ , وَقَدْ أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّف فِي هَذِهِ الْمَوَاضِع كُلّهَا , قَالَ النَّوَوِيّ : قَاعِدَة الشَّرْع الْمُسْتَمِرَّة اِسْتِحْبَاب الْبُدَاءَة بِالْيَمِينِ فِي كُلّ مَا كَانَ مِنْ بَاب التَّكْرِيم وَالتَّزْيِين , وَمَا كَانَ بِضِدِّهِمَا اُسْتُحِبَّ فِيهِ التَّيَاسُر.
قَالَ : وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّ تَقْدِيم الْيَمِين فِي الْوُضُوء سُنَّة مَنْ خَالَفَهَا فَاتَهُ الْفَضْل وَتَمَّ وُضُوءُهُ , اِنْتَهَى.
وَمُرَاده بِالْعُلَمَاءِ أَهْل السُّنَّة , وَإِلَّا فَمَذْهَب الشِّيعَة الْوُجُوب , وَغَلِطَ الْمُرْتَضَى مِنْهُمْ فَنَسَبَهُ لِلشَّافِعِيِّ , وَكَأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ لَازِم مِنْ قَوْله بِوُجُوبِ التَّرْتِيب ; لَكِنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِذَلِكَ فِي الْيَدَيْنِ وَلَا فِي الرِّجْلَيْنِ لِأَنَّهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْعُضْو الْوَاحِد ; وَلِأَنَّهُمَا جُمِعَا فِي لَفْظ الْقُرْآن , لَكِنْ يُشْكِل عَلَى أَصْحَابه حُكْمهمْ عَلَى الْمَاء بِالِاسْتِعْمَالِ إِذَا اِنْتَقَلَ مِنْ يَد إِلَى يَد أُخْرَى , مَعَ قَوْلهمْ بِأَنَّ الْمَاء مَا دَامَ مُتَرَدِّدًا عَلَى الْعُضْو لَا يُسَمَّى مُسْتَعْمَلًا , وَفِي اِسْتِدْلَالهمْ عَلَى وُجُوب التَّرْتِيب بِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُل أَحَد فِي صِفَة وُضُوء النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ مُنَكِّسًا , وَكَذَلِكَ لَمْ يَنْقُل أَحَد أَنَّهُ قَدَّمَ الْيُسْرَى عَلَى الْيُمْنَى.
وَوَقَعَ فِي الْبَيَان لِلْعِمْرَانِيِّ وَالتَّجْرِيد لِلْبَنْدَنِيجِيِّ نِسْبَة الْقَوْل بِالْوُجُوبِ إِلَى الْفُقَهَاء السَّبْعَة , وَهُوَ تَصْحِيف مِنْ الشِّيعَة.
وَفِي كَلَام الرَّافِعِيّ مَا يُوهِم أَنَّ أَحْمَد قَالَ بِوُجُوبِهِ , وَلَا يُعْرَف ذَلِكَ عَنْهُ , بَلْ قَالَ الشَّيْخ الْمُوَفَّق فِي الْمُغْنِي : لَا نَعْلَم فِي عَدَم الْوُجُوب خِلَافًا.
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِي أَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ فِي تَنَعُّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَطُهُورِهِ وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ
عن أنس بن مالك أنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وحانت صلاة العصر، فالتمس الناس الوضوء فلم يجدوه، فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء، فو...
عن ابن سيرين، قال: قلت لعبيدة «عندنا من شعر النبي صلى الله عليه وسلم أصبناه من قبل أنس أو من قبل أهل أنس» فقال: لأن تكون عندي شعرة منه أحب إلي من الدن...
عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «لما حلق رأسه كان أبو طلحة أول من أخذ من شعره»
عن أبي هريرة، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا»
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أن رجلا رأى كلبا يأكل الثرى من العطش، فأخذ الرجل خفه، فجعل يغرف له به حتى أرواه، فشكر الله له، فأدخله الجنة...
عن عدي بن حاتم، قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «إذا أرسلت كلبك المعلم فقتل فكل، وإذا أكل فلا تأكل، فإنما أمسكه على نفسه» قلت: أرسل كلبي فأجد...
عن أبي هريرة، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يزال العبد في صلاة ما كان في المسجد ينتظر الصلاة ما لم يحدث» فقال رجل أعجمي: ما الحدث يا أبا هرير...
عن عباد بن تميم، عن عمه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا»
عن محمد ابن الحنفية، قال: قال علي كنت رجلا مذاء فاستحييت أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرت المقداد بن الأسود فسأله فقال: «فيه الوضوء» ورواه...