401-
عن أبي ذر قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فأراد المؤذن أن يؤذن الظهر فقال: «أبرد».
ثم أراد أن يؤذن فقال: «أبرد» - مرتين أو ثلاثا - حتى رأينا فيء التلول، ثم قال: «إن شدة الحر من فيح جهنم، فإذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة»
إسناده صحيح.
أبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك وأخرجه البخاري (535)، ومسلم (616)، والترمذي (158) من طريق شعبة، بهذا الإسناد.
وهو في "مسند أحمد" (21376)، و"صحيح ابن حبان" (1509).
قوله: "فيء التلول" الفيء: هو ما بعد الزوال من الظل، والتلول: جمع تل، وهو كل ما اجتمع على الأرض من تراب أو رمل أو نحو ذلك، وهي في الغالب منبطحة غير شاخصة، فلا يظهر لها ظل إلا إذا ذهب أكثر وقت الظهر.
قاله صاحب "عون المعبود".
من فيح جهنم، أي: من سعة انتشارها وتنفسها، ومنه: مكان أفيح، أي: متسع، وهذا كناية عن شدة استعارها.
وقوله: فأبردوا عن الصلاة، أي: أخروا الصلاة عن وقتها المعتاد إلى أن تنكسر شدة الحر، والمراد بالصلاة صلاة الظهر، لأنها الصلاة التي يشتد حرها في أول وقتها.
قال الخطابي: ومعنى الكلام يحتمل وجهين، أحدهما: أن شدة الحر في الصيف من وهج حر جهنم في الحقيقة.
والوجه الآخر أن هذا الكلام خرج مخرج التشبيه والتقريب، أي: كأنه نار جهنم في الحر، فاحذروها، واجتنبوا ضررها.
عون المعبود على شرح سنن أبي داود: أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي
( أَبُو الْحَسَن هُوَ مُهَاجِر ) : مُهَاجِر : اِسْم وَلَيْسَ بِوَصْفٍ ( فَقَالَ : أَبْرِدْ ) : قَالَ الْخَطَّابِيُّ : مَعْنَى الْإِبْرَاد فِي هَذَا الْحَدِيث , اِنْكِسَار شِدَّة الظَّهِيرَة.
اِنْتَهَى.
قَالَ الْحَافِظ فِي الْفَتْح : فَإِنْ قِيلَ الْإِبْرَاد لِلصَّلَاةِ , فَكَيْف أَمَرَ الْمُؤَذِّن بِهِ لِلْأَذَانِ , فَالْجَوَاب أَنَّ ذَلِكَ مَبْنِيّ عَلَى أَنَّ الْأَذَان هَلْ هُوَ لِلْوَقْتِ أَوْ لِلصَّلَاةِ , وَفِيهِ خِلَاف مَشْهُور , وَالْأَمْر الْمَذْكُور يُقَوِّي الْقَوْل بِأَنَّهُ لِلصَّلَاةِ.
وَأَجَابَ الْكَرْمَانِيُّ بِأَنَّ عَادَتهمْ جَرَتْ بِأَنَّهُمْ لَا يَتَخَلَّفُونَ عِنْد سَمَاع الْأَذَان عَنْ الْحُضُور إِلَى الْجَمَاعَة , فَالْإِبْرَاد بِالْأَذَانِ لِغَرَضِ الْإِبْرَاد بِالْعِبَادَةِ ( أَوْ ثَلَاثًا ) : هُوَ شَكّ مِنْ الرَّاوِي ( حَتَّى رَأَيْنَا فَيْء التُّلُول ) : قَالَ الْحَافِظ فِي الْفَتْح : هَذِهِ الْغَايَة مُتَعَلِّقَة بِقَوْلِهِ.
فَقَالَ : أَبْرِدْ , أَيْ كَانَ يَقُول لَهُ فِي الزَّمَان الَّذِي قَبْل الرُّؤْيَة أَبْرِدْ أَوْ مُتَعَلِّقَة بِأَبْرِدْ , أَيْ قَالَ لَهُ أَبْرِدْ إِلَى أَنْ تَرَى أَوْ مُتَعَلِّقَة أَيْ قَالَ لَهُ أَبْرِدْ فَأَبْرَدَ إِلَى أَنْ رَأَيْنَا , وَالْفَيْء بِفَتْحِ الْفَاء وَسُكُون الْيَاء بَعْدهَا هَمْزَة هُوَ مَا بَعْد الزَّوَال مِنْ الظِّلّ.
وَالتُّلُول جَمْع تَلّ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاة وَتَشْدِيد اللَّام , كُلّ مَا اِجْتَمَعَ عَلَى الْأَرْض مِنْ تُرَاب أَوْ رَمْل أَوْ نَحْو ذَلِكَ , وَهِيَ فِي الْغَالِب مُنْبَطِحَة غَيْر شَاخِصَة , فَلَا يَظْهَر لَهَا ظِلّ إِلَّا إِذَا ذَهَبَ أَكْثَر وَقْت الظُّهْر.
وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي غَايَة الْإِبْرَاد , فَقِيلَ حَتَّى يَصِير الظِّلّ ذِرَاعًا بَعْد ظِلّ الزَّوَال , وَقِيلَ رُبْع قَامَة , وَقِيلَ ثُلُثهَا , وَقِيلَ نِصْفهَا , وَقِيلَ غَيْر ذَلِكَ , وَنَزَّلَهَا الْمَازِرِيُّ عَلَى اِخْتِلَاف الْأَوْقَات , وَالْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِد أَنَّهُ يَخْتَلِف بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَال , لَكِنْ يُشْتَرَط أَنْ لَا يَمْتَدّ إِلَى آخِر الْوَقْت ( ثُمَّ قَالَ إِنَّ شِدَّة الْحَرّ مِنْ فَيْح جَهَنَّم ) : هُوَ بِفَتْحِ الْفَاء وَسُكُون الْيَاء وَفِي آخِره حَاء مُهْمَلَة.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ : فَيْح جَهَنَّم مَعْنَاهُ سُطُوع حَرّهَا وَانْتِشَاره , وَأَصْله فِي كَلَامهمْ السَّعَة وَالِانْتِشَار , وَمِنْهُ قَوْلهمْ فِي الْغَارَة فِيحِي فَيَاحِ , وَمَكَان أَفَيْح أَيْ وَاسِع , وَأَرْض فَيْحَاء أَيْ وَاسِعَة.
وَمَعْنَى الْحَدِيث يَحْمِل عَلَى وَجْهَيْنِ.
أَحَدهمَا أَنَّ شِدَّة حَرّ الصَّيْف مِنْ وَهَج حَرّ جَهَنَّم فِي الْحَقِيقَة , وَرُوِيَ أَنَّ اللَّه تَعَالَى أَذِنَ لِجَهَنَّم فِي نَفَسَيْنِ , نَفَس فِي الصَّيْف وَنَفَس فِي الشِّتَاء فَهُوَ مِنْهَا.
وَالْوَجْه الثَّانِي أَنَّ هَذَا خَرَجَ مَخْرَج التَّشْبِيه وَالتَّقْرِيب , أَيْ كَأَنَّهُ نَار جَهَنَّم أَيْ كَأَنَّ شِدَّة الْحَرّ مِنْ نَار جَهَنَّم فَاحْذَرُوهَا وَاجْتَنِبُوا ضَرَرهَا وَاَللَّه أَعْلَم.
اِنْتَهَى.
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ.
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ قَالَ أَبُو دَاوُد أَبُو الْحَسَنِ هُوَ مُهَاجِرٌ قَالَ سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ يَقُولُ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَرَادَ الْمُؤَذِّنُ أَنْ يُؤَذِّنَ الظُّهْرَ فَقَالَ أَبْرِدْ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ فَقَالَ أَبْرِدْ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا حَتَّى رَأَيْنَا فَيْءَ التُّلُولِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَإِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ
عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا اشتد الحر، فأبردوا عن الصلاة» قال: ابن موهب: «بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم»
عن جابر بن سمرة، «أن بلالا كان يؤذن الظهر إذا دحضت الشمس»
عن أنس بن مالك أنه أخبره، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر والشمس بيضاء مرتفعة حية» (1) 405- عن الزهري قال: والعوالي على ميلين...
عن عائشة، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر والشمس في حجرتها قبل أن تظهر»
عن علي بن شيبان قال: «قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فكان يؤخر العصر ما دامت الشمس بيضاء نقية»
عن علي رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم الخندق: «حبسونا عن صلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا»
عن أبي يونس مولى عائشة رضي الله عنها أنه قال: أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفا وقالت: " إذا بلغت هذه الآية فآذني: {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى} [ا...
عن زيد بن ثابت قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة، ولم يكن يصلي صلاة أشد على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منها، فنزلت {حا...
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك، ومن أدرك من الفجر ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أد...