3883- عن عبد الله بن الحارث: «حدثنا العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه: قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ما أغنيت عن عمك، فإنه كان يحوطك ويغضب لك؟ قال: هو في ضحضاح من نار، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار.»
أخرجه مسلم في الإيمان، باب: شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأبي طالب، رقم: ٢٠٩.
(ما أغنيت) ماذا نفعته، وأي شيء دفعته عنه.
(عمك) أبي طالب.
(يحوطك) يصونك ويدافع عنك.
(ضحضاح) هو الموضع القريب القعر، والمعنى: أنه خفف عنه شيء من العذاب.
(الدرك) طبق من أطباق جهنم، وأسفل كل شيء ذي عمق، ويقال لما انخفض درك، كما يقال لما ارتفع درج.
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( عَنْ يَحْيَى ) هُوَ اِبْن سَعِيد القَطَّانُ , وَسُفْيَان هُوَ الثَّوْرِيّ , وَعَبْد الْمَلِك هُوَ اِبْن عُمَيْر , وَعَبْد اللَّه بْن الْحَارِث هُوَ اِبْن نَوْفَل بْن الْحَارِث بْن عَبْد الْمُطَّلِب , وَالْعَبَّاس عَمّ جَدّه.
قَوْله : ( مَا أَغْنَيْت عَنْ عَمّك ) يَعْنِي أَبَا طَالِب.
قَوْله : ( كَانَ يَحُوطك ) بِضَمِّ الْحَاء الْمُهْمَلَة مِنْ الْحِيَاطَة وَهِيَ الْمُرَاعَاة , وَفِيهِ تَلْمِيح إِلَى مَا ذَكَرَهُ اِبْن إِسْحَاق قَالَ : " ثُمَّ إِنَّ خَدِيجَة وَأَبَا طَالِب هَلَكَا فِي عَام وَاحِد قَبْل الْهِجْرَة بِثَلَاثِ سِنِينَ , وَكَانَتْ خَدِيجَة لَهُ وَزِيرَة صِدْق عَلَى الْإِسْلَام يَسْكُن إِلَيْهَا , وَكَانَ أَبُو طَالِب لَهُ عَضُدًا وَنَاصِرًا عَلَى قَوْمه , فَلَمَّا هَلَكَ أَبُو طَالِب نَالَتْ قُرَيْش مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْأَذَى مَا لَمْ تَطْمَع بِهِ فِي حَيَاة أَبِي طَالِب , حَتَّى اِعْتَرَضَهُ سَفِيهٌ مِنْ سُفَهَاء قُرَيْش فَغَمَرَ عَلَى رَأْسه تُرَابًا : فَحَدَّثَنِي هِشَام بْن عُرْوَة عَنْ أَبِيهِ قَالَ : فَدَخَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْته يَقُول مَا نَالَتْنِي قُرَيْش شَيْئًا أَكْرَهُهُ حَتَّى مَاتَ أَبُو طَالِب ".
قَوْله : ( وَيَغْضَب لَك ) يُشِير إِلَى مَا كَانَ يَرُدّ بِهِ عَنْهُ مِنْ قَوْل وَفِعْل.
قَوْله : ( هُوَ فِي ضَحْضَاح ) بِمُعْجَمَتَيْنِ وَمُهْمَلَتَيْنِ هُوَ اِسْتِعَارَة , فَإِنَّ الضَّحْضَاح مِنْ الْمَاء مَا يَبْلُغ الْكَعْب , وَيُقَال أَيْضًا لِمَا قَدْ قَرُبَ مِنْ الْمَاء وَهُوَ ضِدّ الْغَمْرَة , وَالْمَعْنَى أَنَّهُ خُفِّفَ عَنْهُ الْعَذَاب.
وَقَدْ ذُكِرَ فِي حَدِيث أَبِي سَعِيد ثَالِث أَحَادِيث الْبَاب أَنَّهُ " يُجْعَل فِي ضَحْضَاح يَبْلُغ كَعْبَيْهِ يَغْلِي مِنْهُ دِمَاغه ".
وَوَقَعَ فِي حَدِيث اِبْن عَبَّاس عِنْد مُسْلِم " إِنَّ أَهْوَن أَهْل النَّار عَذَابًا أَبُو طَالِب لَهُ نَعْلَانِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغه " وَلِأَحْمَد مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة مِثْله لَكِنْ لَمْ يُسَمِّ أَبَا طَالِب , وَلِلْبَزَّارِ مِنْ حَدِيث جَابِر " قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ نَفَعْت أَبَا طَالِب ؟ قَالَ : أَخْرَجْته مِنْ النَّار إِلَى ضَحْضَاح مِنْهَا " وَسَيَأْتِي فِي أَوَاخِر الرِّقَاق مِنْ حَدِيث النُّعْمَان بْن بَشِير نَحْوه وَفِي آخِره " كَمَا يَغْلِي الْمِرْجَل بِالْقُمْقُمِ " وَالْمِرْجَل بِكَسْرِ الْمِيم وَفَتْح الْجِيم الْإِنَاء الَّذِي يَغْلِي فِيهِ الْمَاء وَغَيْره , وَالْقُمْقُم بِضَمِّ الْقَافَيْنِ وَسُكُون الْمِيم الْأُولَى مَعْرُوف وَهُوَ الَّذِي يُسَخَّن فِيهِ الْمَاء.
قَالَ اِبْن الْأَثِير : كَذَا وَقَعَ " كَمَا يَغْلِي الْمِرْجَل بِالْقُمْقُمِ " وَفِيهِ نَظَر.
وَوَقَعَ فِي نُسْخَة " كَمَا يَغْلِي الْمِرْجَل وَالْقُمْقُم " وَهَذَا أَوْضَح إِنْ سَاعَدَتْهُ الرِّوَايَة , اِنْتَهَى.
وَيَحْتَمِل أَنْ تَكُون الْبَاء بِمَعْنَى مَعَ , وَقِيلَ : الْقُمْقُم هُوَ الْبُسْر كَانُوا يَغْلُونَهُ عَلَى النَّار اِسْتِعْجَالًا لِنُضْجِهِ فَإِنْ ثَبَتَ هَذَا زَالَ الْإِشْكَالُ.
( تَنْبِيه ) : فِي سُؤَال الْعَبَّاس عَنْ حَال أَبِي طَالِب مَا يَدُلّ عَلَى ضَعْف مَا أَخْرَجَهُ اِبْن إِسْحَاق مِنْ حَدِيث اِبْن عَبَّاس بِسَنَدٍ فِيهِ مَنْ لَمْ يُسَمَّ " أَنَّ أَبَا طَالِب لَمَّا تَقَارَبَ مِنْهُ الْمَوْت بَعْد أَنْ عَرَضَ عَلَيْهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُول لَا إِلَه إِلَّا اللَّه فَأَبَى , قَالَ فَنَظَرَ الْعَبَّاس إِلَيْهِ وَهُوَ يُحَرِّك شَفَتَيْهِ فَأَصْغَى إِلَيْهِ فَقَالَ : يَا اِبْن أَخِي , وَاَللَّه لَقَدْ قَالَ أَخِي الْكَلِمَة الَّتِي أَمَرْته أَنْ يَقُولهَا " وَهَذَا الْحَدِيث لَوْ كَانَ طَرِيقه صَحِيحًا لَعَارَضَهُ هَذَا الْحَدِيث الَّذِي هُوَ أَصَحّ مِنْهُ فَضْلًا عَنْ أَنَّهُ لَا يَصِحّ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْن خُزَيْمَةَ وَابْن الْجَارُود مِنْ حَدِيث عَلِيّ قَالَ " لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِب قُلْت : يَا رَسُول اللَّه إِنَّ عَمّك الشَّيْخ الضَّالّ قَدْ مَاتَ , قَالَ : اِذْهَبْ فَوَارِهِ.
قُلْت : إِنَّهُ مَاتَ مُشْرِكًا , فَقَالَ : اِذْهَبْ فَوَارِهِ " الْحَدِيث.
وَوَقَفْت عَلَى جُزْء جَمَعَهُ بَعْض أَهْل الرَّفْض أَكْثَر فِيهِ مِنْ الْأَحَادِيث الْوَاهِيَة الدَّالَّة عَلَى إِسْلَام أَبِي طَالِب وَلَا يَثْبُت مِنْ ذَلِكَ شَيْء , وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيق , وَقَدْ لَخَّصْت ذَلِكَ فِي تَرْجَمَة أَبِي طَالِب مِنْ كِتَاب الْإِصَابَة.
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَغْنَيْتَ عَنْ عَمِّكَ فَإِنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ قَالَ هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ وَلَوْلَا أَنَا لَكَانَ فِي الدَّرَكِ الْأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ
عن ابن المسيب، عن أبيه «أن أبا طالب لما حضرته الوفاة، دخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهل، فقال: أي عم، قل لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك...
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: «أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم وذكر عنده عمه، فقال: لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة، فيجعل في ضحضاح من النار يبلغ ك...
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لما كذبني قريش، قمت في الحجر، فجلا الله لي بيت المقدس، فطفقت أخبرهم عن...
عن مالك بن صعصعة رضي الله عنهما: «أن نبي الله صلى الله عليه وسلم حدثهم عن ليلة أسري به: بينما أنا في الحطيم، وربما قال في الحجر، مضطجعا، إذ أتاني آت...
عن ابن عباس رضي الله عنهما: «في قوله تعالى: {وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس} قال: هي رؤيا عين، أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أ...
عن كعب بن مالك يحدث حين تخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، بطوله.<br> قال ابن بكير في حديثه: «ولقد شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة ا...
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول: «شهد بي خالاي العقبة.».<br> قال أبو عبد الله: قال ابن عيينة: أحدهما البراء بن معرور.<br>
قال جابر : «أنا وأبي وخالي من أصحاب العقبة».<br>
عن ابن شهاب، عن عمه قال: أخبرني أبو إدريس عائذ الله: أن عبادة بن الصامت، من الذين شهدوا بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن أصحابه ليلة العق...