3925- عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: «أول من قدم علينا مصعب بن عمير وابن أم مكتوم، وكانا يقرئان الناس، فقدم بلال وسعد وعمار بن ياسر، ثم قدم عمر بن الخطاب في عشرين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قدم النبي صلى الله عليه وسلم، فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم برسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى جعل الإماء يقلن: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما قدم حتى قرأت: {سبح اسم ربك الأعلى} في سور من المفصل.»
(الإماء جمع الأمة، وهي المرأة المملوكة.
(فما قدم حتى قرأت .
) أي كان قدومه بعد فترة من انتشار الإسلام في المدينة، تمكن فيها البراء رضي الله عنه من قراءة هذه السور وحفظها.
(في سور) من سور أخرى.
(المفصل) هو السبع الأخير من القرآن، وأوله سورة (ق) وهو الصحيح، وقيل: الحجرات.
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله فِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة عَنْ غُنْدَر عَنْ شُعْبَة ( وَكَانُوا يُقْرِئُونَ النَّاس ) فِي رِوَايَة الْأَصِيلِيّ وَكَرِيمَة " فَكَانَا يُقْرِئَانِ النَّاس " وَهُوَ أَوْجَه , وَيُوَجِّه الْأَوَّل إِمَّا عَلَى أَنَّ أَقَلّ الْجَمْع اِثْنَانِ , وَإِمَّا عَلَى أَنَّ مَنْ كَانَ يُقْرِئَانِهِ كَانَ يَقْرَأ مَعَهُمَا أَيْضًا.
قَوْله : ( وَسَعْد ) زَادَ فِي رِوَايَة الْحَاكِم " اِبْن مَالِك " وَهُوَ اِبْن أَبِي وَقَّاص , وَرَوَى الْحَاكِم مِنْ طَرِيق مُوسَى بْن عُقْبَة عَنْ اِبْن شِهَاب قَالَ : " وَزَعَمُوا أَنَّ مِنْ آخِر مَنْ قَدِمَ سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص فِي عَشْرَة فَنَزَلُوا عَلَى سَعْد بْن خَيْثَمَةَ " وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّل الْهِجْرَة " أَنَّ أَوَّل مَنْ قَدِمَ الْمَدِينَة مِنْ الْمُهَاجِرِينَ عَامِر بْن رَبِيعَة وَمَعَهُ اِمْرَأَته أُمّ عَبْد اللَّه بِنْت أَبِي حَثْمَة , وَأَبُو سَلَمَة بْن عَبْد الْأَسَد وَامْرَأَته أُمّ سَلَمَة , وَأَبُو حُذَيْفَة بْن عُتْبَة بْن رَبِيعَة , وَشَمَّاس بْن عُثْمَان بْن الشَّرِيد , وَعَبْد اللَّه بْن جَحْش , فَيُجْمَع بَيْنه وَبَيْن حَدِيث الْبَرَاء بِحَمْلِ الْأَوَّلِيَّة فِي أَحَدهمَا عَلَى صِفَة خَاصَّة , فَقَدْ جَزَمَ اِبْن عُقْبَة بِأَنَّ أَوَّل مَنْ قَدِمَ الْمَدِينَة مِنْ الْمُهَاجِرِينَ مُطْلَقًا أَبُو سَلَمَة بْن عَبْد الْأَسَد , وَكَانَ رَجَعَ مِنْ الْحَبَشَة إِلَى مَكَّة فَأُوذِيَ بِمَكَّة فَبَلَغَهُ مَا وَقَعَ لِلِاثْنَيْ عَشَر مِنْ الْأَنْصَار فِي الْعَقَبَة الْأُولَى فَتَوَجَّهَ إِلَى الْمَدِينَة فِي أَثْنَاء السَّنَة , فَيُجْمَع بَيْن ذَلِكَ وَبَيْن مَا وَقَعَ هُنَا بِأَنَّ أَبَا سَلَمَة خَرَجَ لَا لِقَصْدِ الْإِقَامَة بِالْمَدِينَةِ بَلْ فِرَارًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ , بِخِلَافِ مُصْعَب بْن عُمَيْر فَإِنَّهُ خَرَجَ إِلَيْهَا لِلْإِقَامَةِ بِهَا , وَتَعْلِيم مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلهَا بِأَمْرِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَلِكُلٍّ أَوَّلِيَّة مِنْ جِهَة.
قَوْله فِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة ( ثُمَّ قَدِمَ عُمَر بْن الْخَطَّاب فِي عِشْرِينَ مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) فِي رِوَايَة عَبْد اللَّه بْن رَجَاء " فِي عِشْرِينَ رَاكِبًا " وَقَدْ سَمَّى اِبْن إِسْحَاق مِنْهُمْ زَيْد بْن الْخَطَّاب وَسَعِيد بْن زَيْد بْن عَمْرو وَعَمْرو بْن سُرَاقَة وَأَخَاهُ عَبْد اللَّه وَوَاقِد بْن عَبْد اللَّه وَخَالِدًا وَإِيَاسًا وَعَامِرًا وَعَاقِلًا بَنِي الْبُكَيْر وَخُنَيْس بْن حُذَافَة - بِمُعْجَمَةٍ وَنُون ثُمَّ سِين مُصَغَّر - وَعَيَّاش بْن رَبِيعَة وَخَوْلِيّ بْن أَبِي خَوْلِيّ وَأَخَاهُ , هَؤُلَاءِ كُلّهمْ مِنْ أَقَارِب عُمَر وَخُلَفَائِهِمْ , قَالُوا : فَنَزَلُوا جَمِيعًا عَلَى رِفَاعَة بْن عَبْد الْمُنْذِر , يَعْنِي بِقُبَاء.
قُلْت : فَلَعَلَّ بَقِيَّة الْعِشْرِينَ كَانُوا مِنْ أَتْبَاعهمْ.
وَرَوَى اِبْن عَائِذ فِي الْمَغَازِي بِإِسْنَادٍ لَهُ عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : خَرَجَ عُمَر وَالزُّبَيْر وَطَلْحَة وَعُثْمَان وَعَيَّاش بْن رَبِيعَة فِي طَائِفَة , فَتَوَجَّهَ عُثْمَان وَطَلْحَة إِلَى الشَّام ا ه.
فَهَؤُلَاءِ ثَلَاثَة عَشَر مَنْ ذَكَرَ اِبْن إِسْحَاق , وَذَكَرَ مُوسَى بْن عُقْبَة أَنَّ أَكْثَر الْمُهَاجِرِينَ نَزَلُوا عَلَى بَنِي عَمْرو بْن عَوْف بِقُبَاء إِلَّا عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف فَإِنَّهُ نَزَلَ عَلَى سَعْد بْن الرَّبِيع وَهُوَ خَزْرَجِيّ وَسَيَأْتِي فِي كِتَاب الْأَحْكَام أَنَّ سَالِم مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَة بْن عُتْبَة كَانَ يَؤُمّ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ فِي مَسْجِد قُبَاء , مِنْهُمْ أَبُو سَلَمَة بْن عَبْد الْأَسَد.
قَوْله : ( حَتَّى جَعَلَ الْإِمَاء يَقُلْنَ : قَدِمَ رَسُول اللَّه ) فِي رِوَايَة عَبْد اللَّه بْن رَجَاء " فَخَرَجَ النَّاس حِين قَدِمَ الْمَدِينَة فِي الطُّرُق وَعَلَى الْبُيُوت , وَالْغِلْمَان وَالْخَدَم جَاءَ مُحَمَّد رَسُول اللَّه , اللَّه أَكْبَر , جَاءَ مُحَمَّد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
وَأَخْرَجَ الْحَاكِم مِنْ طَرِيق إِسْحَاق بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ أَنَس " فَخَرَجَتْ جَوَارٍ مِنْ بَنِي النَّجَّار يَضْرِبْنَ بِالدُّفِّ وَهُنَّ يَقُلْنَ : نَحْنُ جَوَارٍ مِنْ بَنِي النَّجَّار يَا حَبَّذَا مُحَمَّد مِنْ جَارٍ وَأَخْرَجَ أَبُو سَعِيد فِي " شَرَف الْمُصْطَفَى " وَرَوَيْنَاهُ فِي " فَوَائِد الْخُلَعِيّ " مِنْ طَرِيق عُبَيْد اللَّه اِبْن عَائِشَة مُنْقَطِعًا : لَمَّا دَخَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَة جَعَلَ الْوَلَائِد يَقُلْنَ : طَلَعَ الْبَدْر عَلَيْنَا مِنْ ثَنِيَّة الْوَدَاع وَجَبَ الشُّكْر عَلَيْنَا مَا دَعَا لِلَّهِ دَاعٍ وَهُوَ سَنَد مُعْضَل , وَلَعَلَّ ذَلِكَ كَانَ فِي قُدُومه مِنْ غَزْوَة تَبُوك.
قَوْله : ( فَمَا قَدِمَ حَتَّى حَفِظْت سَبِّحْ اِسْم رَبّك الْأَعْلَى فِي سُوَر مِنْ الْمُفَصَّل ) أَيْ مَعَ سُوَر , وَفِي رِوَايَة الْحَسَن بْن سُفْيَان عَنْ بُنْدَار شَيْخ الْبُخَارِيّ فِيهِ " وَسُوَرًا مِنْ الْمُفَصَّل " وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ ( سَبِّحْ اِسْم رَبّك الْأَعْلَى ) مَكِّيَّة , وَفِيهِ نَظَر لِأَنَّ اِبْن أَبِي حَاتِم أَخْرَجَ مِنْ طَرِيق حَيْدَة أَنَّ قَوْله تَعَالَى : ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اِسْم رَبّه فَصَلَّى ) نَزَلَتْ فِي صَلَاة الْعِيد وَزَكَاة الْفِطْر , وَسَنَده حَسَن.
وَكُلّ مِنْهُمَا شُرِعَ فِي السَّنَة الثَّانِيَة , فَيُمْكِن أَنْ يَكُون نُزُول هَاتَيْنِ مِنْهَا وَقَعَ بِالْمَدِينَةِ.
وَأَقْوَى مِنْهُ أَنْ يَتَقَدَّم نُزُول السُّورَة كُلّهَا بِمَكَّة.
ثُمَّ بَيَّنَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْمُرَاد بِصَلَّى صَلَاة الْعِيد وَبِتَزَكَّى زَكَاة الْفِطْر , فَإِنَّ تَأْخِير الْبَيَان عَنْ وَقْت الْخِطَاب جَائِز , وَالْجَوَاب عَنْ الْإِشْكَال مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدهمَا : اِحْتِمَال أَنْ تَكُون السُّورَة مَكِّيَّة إِلَّا هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ , وَثَانِيهمَا : - وَهُوَ أَصَحّهمَا - فِيهِ يَجُوز نُزُولهَا كُلّهَا بِمَكَّة.
ثُمَّ بَيَّنَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ : ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اِسْم رَبّه فَصَلَّى ) صَلَاة الْعِيد وَزَكَاة الْفِطْر , فَلَيْسَ مِنْ الْآيَة إِلَّا التَّرْغِيب فِي الذِّكْر وَالصَّلَاة مِنْ غَيْر بَيَان لِلْمُرَادِ , فَبَيَّنَتْهُ السُّنَّة بَعْد ذَلِكَ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَكَانَا يُقْرِئَانِ النَّاسَ فَقَدِمَ بِلَالٌ وَسَعْدٌ وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ ثُمَّ قَدِمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي عِشْرِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا رَأَيْتُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ فَرِحُوا بِشَيْءٍ فَرَحَهُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جَعَلَ الْإِمَاءُ يَقُلْنَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا قَدِمَ حَتَّى قَرَأْتُ سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى فِي سُوَرٍ مِنْ الْمُفَصَّلِ
عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وعك أبو بكر وبلال، قالت: فدخلت عليهما، فقلت: يا أبت كيف تجدك، ويا ب...
عن عبيد الله بن عدي بن خيار قال: «دخلت على عثمان، فتشهد ثم قال: أما بعد، فإن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق، وكنت ممن استجاب لله ولرسوله، وآم...
عن ابن عباس «أن عبد الرحمن بن عوف رجع إلى أهله وهو بمنى، في آخر حجة حجها عمر، فوجدني، فقال: عبد الرحمن، فقلت: يا أمير المؤمنين، إن الموسم يجمع رعاع ا...
عن خارجة بن زيد بن ثابت: أن أم العلاء، امرأة من نسائهم بايعت النبي صلى الله عليه وسلم، أخبرته: «أن عثمان بن مظعون طار لهم في السكنى، حين اقترعت الأن...
عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان يوم بعاث يوما قدمه الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم، فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وقد افترق ملؤه...
عن عائشة «أن أبا بكر دخل عليها، والنبي صلى الله عليه وسلم عندها، يوم فطر أو أضحى، وعندها قينتان بما تقاذفت الأنصار يوم بعاث، فقال أبو بكر: مزمار الش...
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، نزل في علو المدينة، في حي يقال لهم بنو عمرو بن عوف، قال: فأقام فيهم أ...
عن عبد الرحمن بن حميد الزهري قال: «سمعت عمر بن عبد العزيز يسأل السائب ابن أخت النمر، ما سمعت في سكنى مكة؟ قال: سمعت العلاء بن الحضرمي قال: قال رسول ا...
عن سهل بن سعد قال: «ما عدوا من مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، ولا من وفاته، ما عدوا إلا من مقدمه المدينة.»