3926-
عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وعك أبو بكر وبلال، قالت: فدخلت عليهما، فقلت: يا أبت كيف تجدك، ويا بلال كيف تجدك، قالت: فكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول:
كل امرئ مصبح في أهله .
والموت أدنى من شراك نعله
وكان بلال إذا أقلع عنه الحمى يرفع عقيرته ويقول
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة .
بواد وحولي إذخر وجليل
وهل أردن يوما مياه مجنة .
وهل يبدون لي شامة وطفيل
قالت عائشة: فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد، وصححها، وبارك لنا في صاعها ومدها، وانقل حماها فاجعلها بالجحفة.»
(إذا أقلع عنه) أي الوعك.
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( قَدِمْنَا الْمَدِينَة ) فِي رِوَايَة أَبِي أُسَامَة عَنْ هِشَام " وَهِيَ أَوْبَأ أَرْض اللَّه " وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بْن إِسْحَاق عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة نَحْوه وَزَادَ " قَالَ هِشَام وَكَانَ وَبَاؤُهَا مَعْرُوفًا فِي الْجَاهِلِيَّة , وَكَانَ الْإِنْسَان إِذَا دَخَلَهَا وَأَرَادَ أَنْ يَسْلَم مِنْ وَبَائِهَا قِيلَ لَهُ اِنْهَقْ , فَيَنْهَق كَمَا يَنْهَق الْحِمَار , وَفِي ذَلِكَ يَقُول الشَّاعِر : لَعَمْرِي لَئِنْ غَنَّيْت خِيفَة الرَّدَى نَهِيق حِمَار إِنَّنِي لَمُرَوَّع قَوْله : ( وُعِكَ ) بِضَمِّ أَوَّله وَكَسْر ثَانِيه أَيْ أَصَابَهُ الْوَعْك وَهِيَ الْحُمَّى.
قَوْله : ( كَيْف تَجِدك ) أَيْ تَجِد نَفْسك أَوْ جَسَدك , وَقَوْله : " مُصَبَّح " بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ مُوَحَّدَة وَزْن مُحَمَّد , أَيْ مُصَاب بِالْمَوْتِ صَبَاحًا , وَقِيلَ : الْمُرَاد أَنَّهُ يُقَال لَهُ وَهُوَ مُقِيم بِأَهْلِهِ صَبَّحَك اللَّه بِالْخَيْرِ , وَقَدْ يَفْجَأهُ الْمَوْت فِي بَقِيَّة النَّهَار وَهُوَ مُقِيم بِأَهْلِهِ.
قَوْله : ( أَدْنَى ) أَيْ أَقْرَب.
قَوْله : ( شِرَاك ) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الرَّاء : السَّيْر الَّذِي يَكُون فِي وَجْه النَّعْل , وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَوْت أَقْرَب إِلَى الشَّخْص مِنْ شِرَاك نَعْله لِرِجْلِهِ.
قَوْله : ( أَقْلَعَ عَنْهُ ) بِفَتْحِ أَوَّله أَيْ الْوَعْك وَبِضَمِّهَا , وَالْإِقْلَاع الْكَفّ عَنْ الْأَمْر.
قَوْله : ( يَرْفَع عَقِيرَته ) أَيْ صَوْته بِبُكَاءٍ أَوْ بِغِنَاءٍ , قَالَ الْأَصْمَعِيّ : أَصْله أَنَّ رَجُلًا اِنْعَقَرَتْ رِجْله فَرَفَعَهَا عَلَى الْأُخْرَى وَجَعَلَ يَصِيح فَصَارَ كُلّ مَنْ رَفَعَ صَوْته يُقَال : رَفَعَ عَقِيرَته , وَإِنْ لَمْ يَرْفَع رِجْله.
قَالَ ثَعْلَب : وَهَذَا مِنْ الْأَسْمَاء الَّتِي اُسْتُعْمِلَتْ عَلَى غَيْر أَصْلهَا.
قَوْله : ( بِوَادٍ ) أَيْ بِوَادِي مَكَّة.
قَوْله : ( وَجَلِيل ) بِالْجِيمِ نَبْت ضَعِيف يُحْشَى بِهِ خِصَاص الْبُيُوت وَغَيْرهَا.
قَوْله : ( مِيَاه مِجَنَّة ) بِالْجِيمِ مَوْضِع عَلَى أَمْيَال مِنْ مَكّه وَكَانَ بِهِ سُوق , تَقَدَّمَ بَيَانه فِي أَوَائِل الْحَجّ.
وَقَوْله : " يَبْدُونَ " أَيْ يَظْهَر , وَشَامَة وَطَفِيل جَبَلَانِ بِقُرْبِ مَكَّة , وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : كُنْت أَحْسِب أَنَّهُمَا جَبَلَانِ حَتَّى ثَبَتَ عِنْدِي أَنَّهُمَا عَيْنَانِ , وَقَوْله : " أَرَدْنَ وَيَبْدُونَ " بِنُونِ التَّأْكِيد الْخَفِيفَة , وَشَامَة بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمِيم مُخَفَّفًا , وَزَعَمَ بَعْضهمْ أَنَّ الصَّوَاب بِالْمُوَحَّدَةِ بَدَل الْمِيم وَالْمَعْرُوف بِالْمِيمِ , وَزَادَ الْمُصَنِّف آخِر كِتَاب الْحَجّ مِنْ طَرِيق أَبِي أُسَامَة - عَنْ هِشَام بِهِ " ثُمَّ يَقُول بِلَال : اللَّهُمَّ اِلْعَنْ عُتْبَة بْن رَبِيعَة وَشَيْبَة بْن رَبِيعَة وَأُمَيَّة بْن خَلَف كَمَا أَخْرَجُونَا إِلَى أَرْض الْوَبَاء , ثُمَّ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَة " الْحَدِيث.
وَقَوْله : " كَمَا أَخْرَجُونَا " أَيْ أَخْرِجْهُمْ مِنْ رَحْمَتك كَمَا أَخْرَجُونَا مِنْ وَطَننَا , وَزَادَ اِبْن إِسْحَاق فِي رِوَايَته عَنْ هِشَام وَعَمْرو بْن عَبْد اللَّه بْن عُرْوَة جَمِيعًا عَنْ عُرْوَة عَنْ عَائِشَة عَقِبَ قَوْل أَبِيهَا " فَقُلْت وَاَللَّه مَا يَدْرِي أَبِي مَا يَقُول ".
قَالَتْ : " ثُمَّ دَنَوْت إِلَى عَامِر بْن فُهَيْرَة - وَذَلِكَ قَبْل أَنْ يَضْرِب عَلَيْنَا الْحِجَاب - فَقُلْت : كَيْف تَجِدك يَا عَامِر ؟ فَقَالَ : لَقَدْ وَجَدْت الْمَوْت قَبْل ذَوْقه إِنَّ الْجَبَان حَتْفه مِنْ فَوْقه كُلّ اِمْرِئِ مُجَاهِد بِطَوْقِهِ كَالثَّوْرِ يَحْمِي جِسْمه بُرُوقه وَقَالَتْ فِي آخِره : " فَقُلْت : يَا رَسُول اللَّه إِنَّهُمْ لَيَهْذُونَ وَمَا يَعْقِلُونَ مِنْ شِدَّة الْحُمَّى ".
وَالزِّيَادَة فِي قَوْل عَامِر بْن فُهَيْرَة رَوَاهَا مَالِك أَيْضًا فِي " الْمُوَطَّأ " عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد عَنْ عَائِشَة مُنْقَطِعًا , وَسَيَأْتِي بَقِيَّة مَا يَتَعَلَّق بِهَذَا الْحَدِيث فِي كِتَاب الدَّعَوَات إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى , وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْبَاب الَّذِي قَبْله مِنْ حَدِيث الْبَرَاء أَنَّ عَائِشَة أَيْضًا وَعَكَتْ , وَكَانَ أَبُو بَكْر يَدْخُل عَلَيْهَا , وَكَانَ وُصُول عَائِشَة إِلَى الْمَدِينَة مَعَ آلِ أَبِي بَكْر , هَاجَرَ بِهِمْ أَخُوهَا عَبْد اللَّه , وَخَرَجَ زَيْد بِي حَارِثَة وَأَبُو رَافِع بِبِنْتَيْ النَّبِيّ فَاطِمَة وَأُمّ كُلْثُوم وَأُسَامَة بْن زَيْد وَأُمّه أُمّ أَيْمَن وَسَوْدَة بِنْت زَمْعَة , وَكَانَتْ رُقَيَّة بِنْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ سَبَقَتْ مَعَ زَوْجهَا عُثْمَان , وَأَخْرَجَتْ زَيْنَب وَهِيَ الْكُبْرَى عِنْد زَوْجهَا أَبِي الْعَاصِ بْن الرَّبِيع.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ وَبِلَالٌ قَالَتْ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِمَا فَقُلْتُ يَا أَبَتِ كَيْفَ تَجِدُكَ وَيَا بِلَالُ كَيْفَ تَجِدُكَ قَالَتْ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا أَخَذَتْهُ الْحُمَّى يَقُولُ كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِي أَهْلِهِ وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ وَكَانَ بِلَالٌ إِذَا أَقْلَعَ عَنْهُ الْحُمَّى يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ وَيَقُولُ أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً بِوَادٍ وَحَوْلِي إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ وَهَلْ أَرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مَجَنَّةٍ وَهَلْ يَبْدُوَنْ لِي شَامَةٌ وَطَفِيلُ قَالَتْ عَائِشَةُ فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ وَصَحِّحْهَا وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا وَانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا بِالْجُحْفَةِ
عن عبيد الله بن عدي بن خيار قال: «دخلت على عثمان، فتشهد ثم قال: أما بعد، فإن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق، وكنت ممن استجاب لله ولرسوله، وآم...
عن ابن عباس «أن عبد الرحمن بن عوف رجع إلى أهله وهو بمنى، في آخر حجة حجها عمر، فوجدني، فقال: عبد الرحمن، فقلت: يا أمير المؤمنين، إن الموسم يجمع رعاع ا...
عن خارجة بن زيد بن ثابت: أن أم العلاء، امرأة من نسائهم بايعت النبي صلى الله عليه وسلم، أخبرته: «أن عثمان بن مظعون طار لهم في السكنى، حين اقترعت الأن...
عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان يوم بعاث يوما قدمه الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم، فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وقد افترق ملؤه...
عن عائشة «أن أبا بكر دخل عليها، والنبي صلى الله عليه وسلم عندها، يوم فطر أو أضحى، وعندها قينتان بما تقاذفت الأنصار يوم بعاث، فقال أبو بكر: مزمار الش...
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، نزل في علو المدينة، في حي يقال لهم بنو عمرو بن عوف، قال: فأقام فيهم أ...
عن عبد الرحمن بن حميد الزهري قال: «سمعت عمر بن عبد العزيز يسأل السائب ابن أخت النمر، ما سمعت في سكنى مكة؟ قال: سمعت العلاء بن الحضرمي قال: قال رسول ا...
عن سهل بن سعد قال: «ما عدوا من مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، ولا من وفاته، ما عدوا إلا من مقدمه المدينة.»
عن عائشة رضي الله عنها قالت: «فرضت الصلاة ركعتين، ثم هاجر النبي صلى الله عليه وسلم ففرضت أربعا، وتركت صلاة السفر على الأولى».<br> تابعه عبد الرزاق، ع...