3953-
عن ابن عباس قال: «قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر: اللهم أنشدك عهدك ووعدك اللهم إن شئت لم تعبد.
فأخذ أبو بكر بيده، فقال: حسبك، فخرج وهو يقول: {سيهزم الجمع ويولون الدبر}.»
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( حَدَّثَنَا عَبْد الْوَهَّاب ) هُوَ اِبْن عَبْد الْمَجِيد الثَّقَفِيّ , وَخَالِد هُوَ الْحَذَّاء.
قَوْله : ( عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) هَذَا مِنْ مَرَاسِيل الصَّحَابَة فَإِنَّ اِبْن عَبَّاس لَمْ يَحْضُر ذَلِكَ , وَلَعَلَّهُ أَخَذَهُ عَنْ عُمَر أَوْ عَنْ أَبِي بَكْر , فَفِي مُسْلِم مِنْ طَرِيق أَبِي زُمَيْل بِالزَّايِ مُصَغَّر وَاسْمه سِمَاك بْن الْوَلِيد عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : " حَدَّثَنِي عُمَر : لَمَّا كَانَ يَوْم بَدْر نَظَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْف وَأَصْحَابه ثَلَاثمِائَةِ وَتِسْعَة عَشَر , فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَة ثُمَّ مَدّ يَدَيْهِ , فَلَمْ يَزَلْ يَهْتِف بِرَبِّهِ حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ " الْحَدِيث , وَعَنْ سَعِيد بْن مَنْصُور مِنْ طَرِيق عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن عُتْبَة قَالَ : " لَمَّا كَانَ يَوْم بَدْر نَظَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَتَكَاثُرهمْ وَإِلَى الْمُسْلِمِينَ فَاسْتَقَلَّهُمْ , فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ وَقَامَ أَبُو بَكْر عَنْ يَمِينه , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي صَلَاته : اللَّهُمَّ لَا تُودِع مِنِّي , اللَّهُمَّ لَا تَخْذُلنِي , اللَّهُمَّ لَا تَتِرنِي , اللَّهُمَّ أَنْشُدك مَا وَعَدَّتْنِي " , وَعِنْد اِبْن إِسْحَاق أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " اللَّهُمَّ هَذِهِ قُرَيْش قَدْ أَتَتْ بِخُيَلَائِهَا وَفَخْرهَا تُجَادِل وَتُكَذِّب رَسُولك , اللَّهُمَّ فَنَصْرك الَّذِي وَعَدَّتْنِي ".
قَوْله : ( يَوْم بَدْر ) زَادَ فِي رِوَايَة وُهَيْب الْآتِيَة فِي التَّفْسِير عَنْ خَالِد " وَهُوَ فِي قُبَّة " وَالْمُرَاد بِهَا الْعَرِيش الَّذِي اِتَّخَذَهُ الصَّحَابَة لِجُلُوسِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ.
قَوْله : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَنْشُدك ) بِفَتْحِ الْهَمْزَة وَسُكُون النُّون وَالْمُعْجَمَة وَضَمّ الدَّال , أَيْ أَطْلُب مِنْك.
وَعِنْد الطَّبَرَانِيِّ بِإِسْنَادٍ حَسَن عَنْ اِبْن مَسْعُود قَالَ : " مَا سَمِعْنَا مُنَاشِدًا يَنْشُد ضَالَّة أَشَدّ مُنَاشَدَة مِنْ مُحَمَّد لِرَبِّهِ يَوْم بَدْر : " اللَّهُمَّ إِنِّي أَنْشُدك مَا وَعَدَّتْنِي " قَالَ السُّهَيْلِيّ : سَبَب شِدَّة اِجْتِهَاد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَصَبه فِي الدُّعَاء لِأَنَّهُ رَأَى الْمَلَائِكَة تَنْصَبُّ فِي الْقِتَال , وَالْأَنْصَار يَخُوضُونَ غِمَار الْمَوْت , وَالْجِهَاد تَارَة يَكُون بِالسِّلَاحِ وَتَارَة بِالدُّعَاءِ , وَمِنْ السُّنَّة أَنْ يَكُون الْإِمَام وَرَاء الْجَيْش لِأَنَّهُ لَا يُقَاتِل مَعَهُمْ فَلَمْ يَكُنْ لِيُرِيحَ نَفْسه , فَتَشَاغَلَ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ وَهُوَ الدُّعَاء.
قَوْله : ( اللَّهُمَّ إِنْ شِئْت لَمْ تُعْبَد ) فِي حَدِيث عُمَر " اللَّهُمَّ إِنْ تَهْلِك هَذِهِ الْعِصَابَة مِنْ أَهْل الْإِسْلَام لَا تُعْبَد فِي الْأَرْض ".
أَمَّا " تَهْلِك " فَبِفَتْحِ أَوَّله وَكَسْر اللَّام , وَ " الْعِصَابَة " بِالرَّفْعِ , وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ خَاتَم النَّبِيِّينَ فَلَوْ هَلَكَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ حِينَئِذٍ لَمْ يُبْعَث أَحَد مِمَّنْ يَدْعُو إِلَى الْإِيمَان , وَلَاسْتَمَرَّ الْمُشْرِكُونَ يُعِيدُونَ غَيْر اللَّه , فَالْمَعْنَى لَا يُعْبَد فِي الْأَرْض بِهَذِهِ الشَّرِيعَة.
وَوَقَعَ عِنْد مُسْلِم مِنْ حَدِيث أَنَس أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ هَذَا الْكَلَام أَيْضًا يَوْم أُحُد , وَرَوَى النَّسَائِيُّ وَالْحَاكِم مِنْ حَدِيث عَلِيّ قَالَ : " قَاتَلْت يَوْم بَدْر شَيْئًا مِنْ قِتَال , ثُمَّ جِئْت فَإِذَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول فِي سُجُوده : يَا حَيّ يَا قَيُّوم , فَرَجَعْت فَقَاتَلْت , ثُمَّ جِئْت فَوَجَدْته كَذَلِكَ ".
قَوْله : ( فَأَخَذَ أَبُو بَكْر بِيَدِهِ فَقَالَ : حَسْبك ) زَادَ فِي رِوَايَة وُهَيْب عَنْ خَالِد كَمَا سَيَأْتِي فِي التَّفْسِير " قَدْ أَلْحَحْت عَلَى رَبّك " وَكَذَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ عُثْمَان عَنْ عَبْد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ عَنْ أَبِيهِ , زَادَ فِي رِوَايَة مُسْلِم الْمَذْكُورَة " فَأَتَاهُ أَبُو بَكْر فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ , ثُمَّ اِلْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ فَقَالَ : يَا نَبِيّ اللَّه كَفَاك مُنَاشَدَتك رَبّك , فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَك مَا وَعَدَك.
فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ( إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ ) الْآيَة , فَأَمَدَّهُ اللَّه بِالْمَلَائِكَةِ " ا ه.
وَعُرِفَ بِهَذِهِ الزِّيَادَة مُنَاسَبَة الْحَدِيث لِلتَّرْجَمَةِ.
وَقَوْله فِي رِوَايَة مُسْلِم " كَذَاك " وَهُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة وَهُوَ بِمَعْنَى كَفَاك , قَالَ قَاسِم بْن ثَابِت " كَذَاك " يُرَاد بِهَا الْإِغْرَاء وَالْأَمْر بِالْكَفِّ عَنْ الْفِعْل وَهُوَ الْمُرَاد هُنَا , وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : كَذَاك الْقَوْل إِنَّ عَلَيْك عَيْبًا أَيْ حَسْبك مِنْ الْقَوْل فَاتْرُكْهُ ا ه وَقَدْ أَخْطَأَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ تَصْحِيف وَأَنَّ الْأَصْل كَفَاك.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ : لَا يَجُوز أَنْ يَتَوَهَّم أَحَد أَنَّ أَبَا بَكْر كَانَ أَوْثَق بِرَبِّهِ مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تِلْكَ الْحَال ; بَلْ الْحَامِل لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ شَفَقَته عَلَى أَصْحَابه وَتَقْوِيَة قُلُوبهمْ , لِأَنَّهُ كَانَ أَوَّل مَشْهَد شَهِدَهُ , فَبَالَغَ فِي التَّوَجُّه وَالدُّعَاء وَالِابْتِهَال لِتَسْكُنَ نُفُوسهمْ عِنْد ذَلِكَ , لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْلَمُونَ أَنَّ وَسِيلَته مُسْتَجَابَة , فَلَمَّا قَالَ لَهُ أَبُو بَكْر مَا قَالَ كَفّ عَنْ ذَلِكَ وَعَلِمَ أَنَّهُ اُسْتُجِيبَ لَهُ لَمَّا وَجَدَ أَبُو بَكْر فِي نَفْسه مِنْ الْقُوَّة وَالطُّمَأْنِينَة , فَلِهَذَا عَقَّبَ بِقَوْلِهِ.
" سَيُهْزَمُ الْجَمْع " اِنْتَهَى مُلَخَّصًا.
وَقَالَ غَيْره : وَكَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تِلْكَ الْحَالَة فِي مَقَام الْخَوْف , وَهُوَ أَكْمَل حَالَات الصَّلَاة , وَجَازَ عِنْده أَنْ لَا يَقَع النَّصْر يَوْمئِذٍ لِأَنَّ وَعْده بِالنَّصْرِ لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا لِتَلِك الْوَاقِعَة , وَإِنَّمَا كَانَ مُجْمَلًا.
هَذَا الَّذِي يَظْهَر , وَزَلَّ مَنْ لَا عِلْم عِنْده مِمَّنْ يُنْسَب إِلَى الصُّوفِيَّة فِي هَذَا الْمَوْضِع زَلَلًا شَدِيدًا فَلَا يُلْتَفَت إِلَيْهِ , وَلَعَلَّ الْخَطَّابِيُّ أَشَارَ إِلَيْهِ.
قَوْله : ( فَخَرَجَ وَهُوَ يَقُول : سَيُهْزَمُ الْجَمْع وَيُوَلُّونَ الدُّبُر ) وَفِي رِوَايَة أَيُّوب عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس " لَمَّا نَزَلَتْ ( سَيُهْزَمُ الْجَمْع وَيُوَلُّونَ الدُّبُر ) قَالَ عُمَر : أَيُّ جَمْعٍ يُهْزَمُ ؟ قَالَ : فَلَمَّا كَانَ يَوْم بَدْر رَأَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَثِب فِي الدُّرُوع وَيَقُول : ( سَيُهْزَمُ الْجَمْع ) أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ وَابْن مَرْدَوَيْهِ.
وَلَهُ مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة عَنْ عُمَر " لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة قُلْت : يَا رَسُول اللَّه أَيُّ جَمْعٍ يُهْزَمُ " ؟ فَذَكَرَ نَحْوه , وَهَذَا مِمَّا يُؤَيِّد مَا قَدَّمْته أَنَّ اِبْن عَبَّاس حَمَلَ هَذَا الْحَدِيث عَنْ عُمَر , وَسَيَأْتِي فِي التَّفْسِير عَنْ عَائِشَة " نَزَلَتْ بِمَكَّة وَأَنَا جَارِيَة أَلْعَب : ( بَلْ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ ) الْآيَة ".
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ, قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَوْمَ بَدْرٍ اللَّهُمَّ إِنِّي أَنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ لَمْ تُعْبَدْ فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ بِيَدِهِ فَقَالَ حَسْبُكَ فَخَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ { سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ }
عن ابن عباس : أنه سمعه يقول: «{لا يستوي القاعدون من المؤمنين} عن بدر، والخارجون إلى بدر.»
عن البراء قال: «استصغرت أنا وابن عمر».<br> 3956- عن البراء قال: «استصغرت أنا وابن عمر يوم بدر، وكان المهاجرون يوم بدر نيفا على ستين، والأنصار...
عن البراء رضي الله عنه يقول: «حدثني أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ممن شهد بدرا: أنهم كانوا عدة أصحاب طالوت، الذين جازوا معه النهر، بضعة عشر وثلاثمائ...
عن البراء قال: «كنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم نتحدث: أن عدة أصحاب بدر على عدة أصحاب طالوت، الذين جاوزوا معه النهر، ولم يجاوز معه إلا مؤمن، بضعة ع...
عن البراء رضي الله عنه قال: «كنا نتحدث: أن أصحاب بدر ثلاثمائة وبضعة عشر، بعدة أصحاب طالوت، الذين جاوزوا معه النهر، وما جاوز معه إلا مؤمن.»
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: «استقبل النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة، فدعا على نفر من قريش: على شيبة بن ربيعة، وعتبة بن ربيعة، والوليد بن ع...
عن عبد الله رضي الله عنه: «أنه أتى أبا جهل وبه رمق يوم بدر، فقال أبو جهل: هل أعمد من رجل قتلتموه».<br>
عن أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من ينظر ما صنع أبو جهل فانطلق ابن مسعود فوجده قد ضربه ابنا عفراء حتى برد.<br> قال: أأنت أبو ج...
عن أنس رضي الله عنه قال: «قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر: من ينظر ما فعل أبو جهل؟ فانطلق ابن مسعود فوجده قد ضربه ابنا عفراء حتى برد، فأخذ بلحي...