3952-
عن ابن مسعود يقول: «شهدت من المقداد بن الأسود مشهدا، لأن أكون صاحبه أحب إلي مما عدل به، أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يدعو على المشركين، فقال: لا نقول كما قال قوم موسى: اذهب أنت وربك فقاتلا، ولكنا نقاتل عن يمينك وعن شمالك وبين يديك وخلفك.
فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم أشرق وجهه وسره».
يعني: قوله.
(صاحبه) صاحب ذلك المشهد.
(عدل به) من كل شيء يقابل به ويوزن من أمور الدنيا.
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( عَنْ مُخَارِق ) بِضَمِّ الْمِيم وَتَخْفِيف الْمُعْجَمَة هُوَ اِبْن عَبْد اللَّه بْن جَابِر الْبَجَلِيّ الْأَحْمَسِيُّ بِمُهْمَلَتَيْنِ وَيُقَال اِسْم أَبِيهِ عَبْد الرَّحْمَن وَيُقَال خَلِيفَة , وَهُوَ كُوفِيّ ثِقَة عِنْد الْجَمِيع يُكَنَّى أَبَا سَعِيد , وَلَمْ أَرَ لَهُ رِوَايَة عَنْ غَيْر طَارِق وَهُوَ اِبْن شِهَاب وَلَهُ رُؤْيَة.
قَوْله : ( شَهِدْت مِنْ الْمِقْدَاد بْن الْأَسْوَد ) تَقَدَّمَ أَنَّ اِسْم أَبِيهِ عَمْرو , وَأَنَّ الْأَسْوَد كَانَ تَبَنَّاهُ فَصَارَ يُنْسَب إِلَيْهِ.
قَوْله : ( مِمَّا عُدِلَ بِهِ ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَة وَكَسْر الدَّال الْمُهْمَلَة أَيْ وُزِنَ أَيْ مِنْ كُلّ شَيْء يُقَابِل ذَلِكَ مِنْ الدُّنْيَوِيَّات , وَقِيلَ : مِنْ الثَّوَاب , أَوْ الْمُرَاد الْأَعَمّ مِنْ ذَلِكَ , وَالْمُرَاد الْمُبَالَغَة فِي عَظَمَة ذَلِكَ الْمَشْهَد , وَأَنَّهُ كَانَ لَوْ خُيِّرَ بَيْن أَنْ يَكُون صَاحِبه وَبَيْن أَنْ يَحْصُل لَهُ مَا يُقَابِل ذَلِكَ كَائِنًا مَا كَانَ لَكَانَ حُصُوله لَهُ أَحَبّ إِلَيْهِ , وَقَوْله : " لَأَنْ أَكُون صَاحِبه " هُوَ بِالنَّصْبِ , وَفِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيّ " لَأَنْ أَكُون أَنَا صَاحِبه " وَيَجُوز فِيهِ الرَّفْع وَالنَّصْب , قَالَ اِبْن مَالِك : النَّصْب أَجْوَد.
قَوْله : ( وَهُوَ يَدْعُو عَلَى الْمُشْرِكِينَ ) زَادَ النَّسَائِيُّ فِي رِوَايَته " جَاءَ الْمِقْدَاد عَلَى فَرَس يَوْم بَدْر فَقَالَ " وَذَكَرَ اِبْن إِسْحَاق أَنَّ هَذَا الْكَلَام قَالَهُ الْمِقْدَاد لَمَّا وَصَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّفْرَاء وَبَلَغَهُ أَنَّ قُرَيْشًا قَصَدَتْ بَدْرًا وَأَنَّ أَبَا سُفْيَان نَجَا بِمَنْ مَعَهُ , فَاسْتَشَارَ النَّاس , فَقَامَ أَبُو بَكْر فَقَالَ فَأَحْسَن , ثُمَّ قَامَ عُمَر كَذَلِكَ , ثُمَّ الْمِقْدَاد فَذَكَرَ نَحْو مَا فِي حَدِيث الْبَاب وَزَادَ " فَقَالَ وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ لَوْ سَلَكْت بِنَا بَرْك الْغِمَاد لَجَاهَدْنَا مَعَك مِنْ دُونه.
قَالَ : فَقَالَ أَشِيرُوا عَلَيَّ.
قَالَ : فَعَرَفُوا أَنَّهُ يُرِيد الْأَنْصَار , وَكَانَ يَتَخَوَّف أَنْ لَا يُوَافِقُوهُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُبَايِعُوهُ إِلَّا عَلَى نُصْرَته مِمَّنْ يَقْصِدهُ لَا أَنْ يَسِير بِهِمْ إِلَى الْعَدُوّ , فَقَالَ لَهُ سَعْد بْن مُعَاذ : اِمْضِ يَا رَسُول اللَّه لِمَا أُمِرْت بِهِ فَنَحْنُ مَعَك.
قَالَ فَسَّرَهُ قَوْله وَنَشَّطَهُ " وَكَذَا ذَكَرَهُ مُوسَى بْن عُقْبَة مَبْسُوطًا , وَأَخْرَجَهُ اِبْن عَائِذ مِنْ طَرِيق أَبِي الْأَسْوَد عَنْ عُرْوَة , وَعِنْد اِبْن أَبِي شَيْبَة مِنْ مُرْسَل عَلْقَمَة بْن وَقَّاص فِي نَحْو قِصَّة الْمِقْدَاد " فَقَالَ سَعْد بْن مُعَاذ لَئِنْ سِرْت حَتَّى تَأْتِي بَرْك الْغِمَاد مِنْ ذِي يَمَن لَنَسِيرَنَّ مَعَك , وَلَا نَكُون كَاَلَّذِينَ قَالُوا لِمُوسَى - فَذَكَرَهُ وَفِيهِ - وَلَعَلَّك خَرَجْت لِأَمْرٍ فَأَحْدَثَ اللَّه غَيْره , فَامْضِ لِمَا شِئْت , وَصِلْ حِبَال مَنْ شِئْت , وَاقْطَعْ حِبَال مَنْ شِئْت , وَسَالِمْ مَنْ شِئْت , وَعَادِ مَنْ شِئْت , وَخُذْ مِنْ أَمْوَالنَا مَا شِئْت " قَالَ : وَإِنَّمَا خَرَجَ يُرِيد غَنِيمَة مَا مَعَ أَبِي سُفْيَان فَأَحْدَثَ اللَّه لَهُ الْقِتَال , وَرَوَى اِبْن أَبِي حَاتِم مِنْ حَدِيث أَبِي أَيُّوب قَالَ : " قَالَ لَنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ بِالْمَدِينَةِ : إِنِّي أُخْبِرْت عَنْ عِير أَبِي سُفْيَان , فَهَلْ لَكُمْ أَنْ تَخْرُجُوا إِلَيْهَا لَعَلَّ اللَّه يُغْنِمنَاهَا ؟ قُلْنَا : نَعَمْ , فَخَرَجْنَا.
فَلَمَّا سِرْنَا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ قَالَ : قَدْ أُخْبِرُوا خَبَرنَا فَاسْتَعِدُّوا لِلْقِتَالِ , فَقُلْنَا : لَا وَاَللَّه مَا لَنَا طَاقَة بِقِتَالِ الْقَوْم , فَأَعَادَهُ , فَقَالَ لَهُ الْمِقْدَاد : لَا نَقُول لَك كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيل لِمُوسَى وَلَكِنْ نَقُول : إِنَّا مَعَكُمَا مُقَاتِلُونَ.
قَالَ فَتَمَنَّيْنَا مَعْشَر الْأَنْصَار لَوْ أَنَّا قُلْنَا كَمَا قَالَ الْمِقْدَاد.
فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى : ( كَمَا أَخْرَجَك رَبّك مِنْ بَيْتك بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ ) وَأَخْرَجَ اِبْن مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيق مُحَمَّد بْن عَمْرو بْن عَلْقَمَة بْن وَقَّاص عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه نَحْوه لَكِنْ فِيهِ أَنَّ مُعَاذ هُوَ الَّذِي قَالَ مَا قَالَ الْمِقْدَاد , وَالْمَحْفُوظ أَنَّ الْكَلَام الْمَذْكُور لِلْمِقْدَادِ كَمَا فِي حَدِيث الْبَاب , وَأَنَّ سَعْد بْن مُعَاذ إِنَّمَا قَالَ " لَوْ سِرْت بِنَا حَتَّى تَبْلُغ بَرْك الْغِمَاد لَسِرْنَا مَعَك " كَذَلِكَ ذَكَرَهُ مُوسَى بْن عُقْبَة.
وَعِنْد اِبْن عَائِذ فِي حَدِيث عُرْوَة " فَقَالَ سَعْد بْن مُعَاذ : لَوْ سِرْت بِنَا حَتَّى تَبْلُغ الْبَرْك مِنْ غِمْد ذِي يَمَن " وَوَقَعَ فِي مُسْلِم أَنَّ سَعْد بْن عُبَادَةَ هُوَ الَّذِي قَالَ ذَلِكَ , وَكَذَا أَخْرَجَهُ اِبْن أَبِي شَيْبَة مِنْ مُرْسَل عِكْرِمَة , وَفِيهِ نَظَر لِأَنَّ سَعْد بْن عُبَادَةَ لَمْ يَشْهَد بَدْرًا , وَإِنْ كَانَ يُعَدُّ فِيهِمْ لِكَوْنِهِ مِمَّنْ ضُرِبَ لَهُ بِسَهْمِهِ كَمَا سَأَذْكُرُهُ فِي آخِر الْغَزْوَة , وَيُمْكِن الْجَمْع بِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِسْتَشَارَهُمْ فِي غَزْوَة بَدْر مَرَّتَيْنِ : الْأُولَى وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ أَوَّل مَا بَلَغَهُ خَبَر الْعِير مَعَ أَبِي سُفْيَان , وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي رِوَايَة مُسْلِم وَلَفْظه " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاوَرَ حِين بَلَغَهُ إِقْبَال أَبِي سُفْيَان " وَالثَّانِيَة كَانَتْ بَعْد أَنْ خَرَجَ كَمَا فِي حَدِيث الْبَاب , وَوَقَعَ عِنْد الطَّبَرَانِيِّ أَنَّ سَعْد بْن عُبَادَةَ قَالَ ذَلِكَ بِالْحُدَيْبِيَةِ , وَهَذَا أَوْلَى بِالصَّوَابِ , وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْهِجْرَة شَرْح بَرْك الْغِمَاد , وَدَلَّتْ رِوَايَة اِبْن عَائِذ هَذِهِ عَلَى أَنَّهَا مِنْ جِهَة الْيَمَن , وَذَكَرَ السُّهَيْلِيّ أَنَّهُ رَأَى فِي بَعْض الْكُتُب أَنَّهَا أَرْض الْحَبَشَة , وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ قِصَّة أَبِي بَكْر مَعَ اِبْن الدَّغِنَة , فَإِنَّ فِيهَا أَنَّهُ لَقِيَهُ ذَاهِبًا إِلَى الْحَبَشَة بِبَرْكِ الْغِمَاد فَأَجَارَهُ اِبْن الدَّغِنَة كَمَا تَقَدَّمَ فِي هَذَا الْكِتَاب , وَيُجْمَع بِأَنَّهَا مِنْ جِهَة الْيَمَن تُقَابِل الْحَبَشَة وَبَيْنهمَا عُرْض الْبَحْر.
قَوْله : ( وَلَكِنَّا نُقَاتِل عَنْ يَمِينك إِلَخْ ) وَفِي رِوَايَة سُفْيَان عَنْ مُخَارِق " وَلَكِنْ اِمْضِ وَنَحْنُ مَعَك " وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بْن عَمْرو الْمَذْكُورَة " وَلَكِنْ اِذْهَبْ أَنْتَ وَرَبّك فَقَاتِلَا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَّبِعُونَ " وَلِأَحْمَد مِنْ حَدِيث عُتْبَة بْن عَبْد بِإِسْنَادٍ حَسَن " قَالَ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا نَقُول كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيل , وَلَكِنْ اِنْطَلِقْ أَنْتَ وَرَبّك إِنَّا مَعَكُمْ ".
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ مُخَارِقٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ شَهِدْتُ مِنْ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ مَشْهَدًا لَأَنْ أَكُونَ صَاحِبَهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا عُدِلَ بِهِ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَدْعُو عَلَى الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ لَا نَقُولُ كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى { اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا } وَلَكِنَّا نُقَاتِلُ عَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ شِمَالِكَ وَبَيْنَ يَدَيْكَ وَخَلْفَكَ فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشْرَقَ وَجْهُهُ وَسَرَّهُ يَعْنِي قَوْلَهُ
عن ابن عباس قال: «قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر: اللهم أنشدك عهدك ووعدك اللهم إن شئت لم تعبد.<br> فأخذ أبو بكر بيده، فقال: حسبك، فخرج وهو يقول...
عن ابن عباس : أنه سمعه يقول: «{لا يستوي القاعدون من المؤمنين} عن بدر، والخارجون إلى بدر.»
عن البراء قال: «استصغرت أنا وابن عمر».<br> 3956- عن البراء قال: «استصغرت أنا وابن عمر يوم بدر، وكان المهاجرون يوم بدر نيفا على ستين، والأنصار...
عن البراء رضي الله عنه يقول: «حدثني أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ممن شهد بدرا: أنهم كانوا عدة أصحاب طالوت، الذين جازوا معه النهر، بضعة عشر وثلاثمائ...
عن البراء قال: «كنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم نتحدث: أن عدة أصحاب بدر على عدة أصحاب طالوت، الذين جاوزوا معه النهر، ولم يجاوز معه إلا مؤمن، بضعة ع...
عن البراء رضي الله عنه قال: «كنا نتحدث: أن أصحاب بدر ثلاثمائة وبضعة عشر، بعدة أصحاب طالوت، الذين جاوزوا معه النهر، وما جاوز معه إلا مؤمن.»
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: «استقبل النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة، فدعا على نفر من قريش: على شيبة بن ربيعة، وعتبة بن ربيعة، والوليد بن ع...
عن عبد الله رضي الله عنه: «أنه أتى أبا جهل وبه رمق يوم بدر، فقال أبو جهل: هل أعمد من رجل قتلتموه».<br>
عن أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من ينظر ما صنع أبو جهل فانطلق ابن مسعود فوجده قد ضربه ابنا عفراء حتى برد.<br> قال: أأنت أبو ج...