5575- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها، حرمها في الآخرة.»
أخرجه مسلم في الأشربة باب بيان أن كل مسكر خمر وأن كل خمر حرام رقم 2003
(حرمها) أي حرم من خمرة الجنة وهي ليست كخمرة الدنيا في سكرها وضررها وكراهة مذاقها وخبث رائحتها بل هي شراب لذيذ ممتع من أشهى أشربة الجنة.
والحرمان منها يعني عدم دخول الجنة حتى يعاقب على شرب خمر الدنيا أو أنه يحرم منها أبدا حتى ولو دخل الجنة
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
حَدِيث اِبْن عُمَر مِنْ طَرِيق مَالِك عَنْ نَافِع عَنْهُ وَهُوَ مِنْ أَصَحِّ الْأَسَانِيد.
قَوْله : ( مَنْ شَرِبَ الْخَمْر فِي الدُّنْيَا ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا حُرِمَهَا فِي الْآخِرَة ) حُرِمَهَا بِضَمِّ الْمُهْمَلَة وَكَسْر الرَّاء الْخَفِيفَة مِنْ الْحِرْمَان , زَادَ مُسْلِم عَنْ الْقَعْنَبِيّ عَنْ مَالِك فِي آخِره " لَمْ يُسْقَهَا " , وَلَهُ مِنْ طَرِيق أَيُّوب عَنْ نَافِع بِلَفْظِ " فَمَاتَ وَهُوَ مُدْمِنهَا لَمْ يَشْرَبهَا فِي الْآخِرَة " وَزَادَ مُسْلِم فِي أَوَّل الْحَدِيث مَرْفُوعًا " كُلّ مُسْكِر خَمْر , وَكُلّ مُسْكِر حَرَام " وَأَوْرَدَ هَذِهِ الزِّيَادَة مُسْتَقِلَّة أَيْضًا مِنْ رِوَايَة مُوسَى بْن عُقْبَة وَعُبَيْد اللَّه بْن عُمَر كِلَاهُمَا عَنْ نَافِع , وَسَيَأْتِي الْكَلَام عَلَيْهَا فِي " بَاب الْخَمْر مِنْ الْعَسَل " وَيَأْتِي كَلَام اِبْن بَطَّال فِيهَا فِي آخِر هَذَا الْبَاب.
وَقَوْله : " ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا " أَيْ مِنْ شُرْبهَا , فَحُذِفَ الْمُضَاف وَأُقِيمَ الْمُضَاف إِلَيْهِ مَقَامه.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَالْبَغْوِيّ فِي " شَرْح السُّنَّة " : مَعْنَى الْحَدِيث لَا يَدْخُل الْجَنَّة , لِأَنَّ الْخَمْر شَرَاب أَهْل الْجَنَّة , فَإِذَا حُرِّمَ شُرْبهَا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَدْخُل الْجَنَّة , وَقَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : هَذَا وَعِيد شَدِيد يَدُلّ عَلَى حِرْمَان دُخُول الْجَنَّة , لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى أَخْبَرَ أَنَّ فِي الْجَنَّة أَنْهَار الْخَمْر لَذَّة لِلشَّارِبِينَ , وَأَنَّهُمْ لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ.
فَلَوْ دَخَلَهَا - وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ فِيهَا خَمْرًا أَوْ أَنَّهُ حُرِمَهَا عُقُوبَة لَهُ - لَزِمَ وُقُوع الْهَمّ وَالْحُزْن فِي الْجَنَّة , وَلَا هَمَّ فِيهَا وَلَا حُزْن , وَإِنْ لَمْ يَعْلَم بِوُجُودِهَا فِي الْجَنَّة وَلَا أَنَّهُ حُرِمَهَا عُقُوبَة لَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي فَقْدهَا أَلَم , فَلِهَذَا قَالَ بَعْض مَنْ تَقَدَّمَ : إِنَّهُ لَا يَدْخُل الْجَنَّة أَصْلًا , قَالَ : وَهُوَ مَذْهَب غَيْر مَرْضِيّ , قَالَ : وَيُحْمَل الْحَدِيث عِنْد أَهْل السُّنَّة عَلَى أَنَّهُ لَا يَدْخُلهَا وَلَا يَشْرَب الْخَمْر فِيهَا إِلَّا إِنْ عَفَا اللَّه عَنْهُ كَمَا فِي بَقِيَّة الْكَبَائِر وَهُوَ فِي الْمَشِيئَة , فَعَلَى هَذَا فَمَعْنَى الْحَدِيث : جَزَاؤُهُ فِي الْآخِرَة أَنْ يُحْرَمهَا لِحِرْمَانِهِ دُخُول الْجَنَّة إِلَّا إِنْ عَفَا اللَّه عَنْهُ.
قَالَ : وَجَائِز أَنْ يَدْخُل الْجَنَّة بِالْعَفْوِ ثُمَّ لَا يَشْرَب فِيهَا خَمْرًا وَلَا تَشْتَهِيهَا نَفْسه وَإِنْ عَلِمَ بِوُجُودِهَا فِيهَا , وَيُؤَيِّدهُ حَدِيث أَبِي سَعِيد مَرْفُوعًا " مَنْ لَبِسَ الْحَرِير فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسهُ فِي الْآخِرَة , وَإِنْ دَخَلَ الْجَنَّة لَبِسَهُ أَهْل الْجَنَّة وَلَمْ يَلْبَسهُ هُوَ " قُلْت : أَخْرَجَهُ الطَّيَالِسِيّ وَصَحَّحَهُ اِبْن حِبَّان.
وَقَرِيب مِنْهُ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن عَمْرو رَفَعَهُ " مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي وَهُوَ يَشْرَب الْخَمْر حَرَّمَ اللَّه عَلَيْهِ شُرْبهَا فِي الْجَنَّة " أَخْرَجَهُ أَحْمَد بِسَنَدٍ حَسَن , وَقَدْ لَخَّصَ عِيَاض كَلَام اِبْن عَبْد الْبَرّ وَزَادَ اِحْتِمَالًا آخَر وَهُوَ أَنَّ الْمُرَاد بِحِرْمَانِهِ شُرْبهَا أَنَّهُ يُحْبَس عَنْ الْجَنَّة مُدَّة إِذَا أَرَادَ اللَّه عُقُوبَته , وَمِثْله الْحَدِيث الْآخَر " لَمْ يَرِحْ رَائِحَة الْجَنَّة " قَالَ : وَمَنْ قَالَ لَا يَشْرَبهَا فِي الْجَنَّة بِأَنْ يَنْسَاهَا أَوْ لَا يَشْتَهِيهَا يَقُول لَيْسَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ حَسْرَة وَلَا يَكُون تَرْك شَهْوَته إِيَّاهَا عُقُوبَة فِي حَقّه , بَلْ هُوَ نَقْص نَعِيم بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ هُوَ أَتَمُّ نَعِيمًا مِنْهُ كَمَا تَخْتَلِف دَرَجَاتهمْ , وَلَا يُلْحَق مَنْ هُوَ أُنْقَص دَرَجَة حِينَئِذٍ بِمَنْ هُوَ أَعْلَى دَرَجَة مِنْهُ اِسْتِغْنَاء بِمَا أُعْطِيَ وَاغْتِبَاطًا لَهُ.
وَقَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : ظَاهِر الْحَدِيثَيْنِ أَنَّهُ لَا يَشْرَب الْخَمْر فِي الْجَنَّة وَلَا يَلْبَس الْحَرِير فِيهَا , وَذَلِكَ لِأَنَّهُ اِسْتَعْجَلَ مَا أُمِرَ بِتَأْخِيرِهِ وَوُعِدَ بِهِ فَحُرِمَهُ عِنْد مِيقَاته , كَالْوَارِثِ فَإِنَّهُ إِذَا قَتَلَ مُوَرِّثه فَإِنَّهُ يُحْرَم مِيرَاثه لِاسْتِعْجَالِهِ.
وَبِهَذَا قَالَ نَفَر مِنْ الصَّحَابَة وَمِنْ الْعُلَمَاء , وَهُوَ مَوْضِع اِحْتِمَال وَمَوْقِف إِشْكَال , وَاَللَّه أَعْلَم كَيْف يَكُون الْحَال.
وَفَصَلَ بَعْض الْمُتَأَخِّرِينَ بَيْن مَنْ يَشْرَبهَا مُسْتَحِلًّا فَهُوَ الَّذِي لَا يَشْرَبهَا أَصْلًا لِأَنَّهُ لَا يَدْخُل الْجَنَّة أَصْلًا , وَعَدَم الدُّخُول يَسْتَلْزِم حِرْمَانهَا , وَبَيْن مَنْ يَشْرَبهَا عَالِمًا بِتَحْرِيمِهَا فَهُوَ مَحَلّ الْخِلَاف , وَهُوَ الَّذِي يُحْرَم شُرْبهَا مُدَّة وَلَوْ فِي حَال تَعْذِيبه إِنْ عُذِّبَ , أَوْ الْمَعْنَى أَنَّ ذَلِكَ جَزَاؤُهُ إِنْ جُوزِيَ وَاَللَّه أَعْلَم.
وَفِي الْحَدِيث أَنَّ التَّوْبَة تُكَفِّر الْمَعَاصِي الْكَبَائِر , وَهُوَ فِي التَّوْبَة مِنْ الْكُفْر قَطْعِيّ وَفِي غَيْره مِنْ الذُّنُوب خِلَاف بَيْن أَهْل السُّنَّة هَلْ هُوَ قَطْعِيّ أَوْ ظَنِّيّ.
قَالَ النَّوَوِيّ : الْأَقْوَى أَنَّهُ ظَنِّيّ , وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : مَنْ اِسْتَقْرَأَ الشَّرِيعَة عَلِمَ أَنَّ اللَّه يَقْبَل تَوْبَة الصَّادِقِينَ قَطْعًا.
وَلِلتَّوْبَةِ الصَّادِقَة شُرُوط سَيَأْتِي الْبَحْث فِيهَا فِي كِتَاب الرِّقَاق , وَيُمْكِن أَنْ يُسْتَدَلّ بِحَدِيثِ الْبَاب عَلَى صِحَّة التَّوْبَة مِنْ بَعْض الذُّنُوب دُون بَعْض , وَسَيَأْتِي تَحْقِيق ذَلِكَ.
وَفِيهِ أَنَّ الْوَعِيد يَتَنَاوَل مَنْ شَرِبَ الْخَمْر وَإِنْ لَمْ يَحْصُل لَهُ السُّكْر , لِأَنَّهُ رَتَّبَ الْوَعِيد فِي الْحَدِيث عَلَى مُجَرَّد الشُّرْب مِنْ غَيْر قَيْد , وَهُوَ مُجْمَع عَلَيْهِ فِي الْخَمْر الْمُتَّخَذ مِنْ عَصِير الْعِنَب وَكَذَا فِيمَا يُسْكِر مِنْ غَيْرهَا , وَأَمَّا مَا لَا يُسْكِر مِنْ غَيْرهَا فَالْأَمْر فِيهِ كَذَلِكَ عِنْد الْجُمْهُور كَمَا سَيَأْتِي بَيَانه , وَيُؤْخَذ مِنْ قَوْله : " ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا " أَنَّ التَّوْبَة مَشْرُوعَة فِي جَمِيع الْعُمْر مَا لَمْ يَصِل إِلَى الْغَرْغَرَة , لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ " ثُمَّ " مِنْ التَّرَاخِي , وَلَيْسَ الْمُبَادَرَة إِلَى التَّوْبَة شَرْطًا فِي قَبُولهَا , وَاَللَّه أَعْلَم.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا حُرِمَهَا فِي الْآخِرَةِ
عن أبي هريرة رضي الله عنه، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي ليلة أسري به بإيلياء بقدحين من خمر ولبن، فنظر إليهما ثم أخذ اللبن، فقال جبريل: الحمد ل...
عن أنس رضي الله عنه، قال: سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا لا يحدثكم به غيري، قال: «من أشراط الساعة أن يظهر الجهل ويقل العلم، ويظهر الزنا،...
قال أبو هريرة رضي الله عنه: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يزني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسر...
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «لقد حرمت الخمر وما بالمدينة منها شيء.»
عن أنس قال: «حرمت علينا الخمر حين حرمت وما نجد يعني: بالمدينة خمر الأعناب إلا قليلا، وعامة خمرنا البسر والتمر.»
عن ابن عمر رضي الله عنهما «قام عمر على المنبر، فقال: أما بعد نزل تحريم الخمر وهي من خمسة: العنب، والتمر، والعسل، والحنطة، والشعير.<br> والخمر ما خامر...
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «كنت أسقي أبا عبيدة وأبا طلحة وأبي بن كعب من فضيخ زهو وتمر فجاءهم آت، فقال: إن الخمر قد حرمت، فقال أبو طلحة: قم يا أ...
عن أنس قال: «كنت قائما على الحي أسقيهم عمومتي وأنا أصغرهم الفضيخ، فقيل: حرمت الخمر، فقالوا: أكفئها، فكفأنا، قلت لأنس: ما شرابهم؟ قال: رطب وبسر، فقال أ...
عن أنس بن مالك حدثهم: «أن الخمر حرمت والخمر يومئذ البسر والتمر.»