5576-
عن أبي هريرة رضي الله عنه، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي ليلة أسري به بإيلياء بقدحين من خمر ولبن، فنظر إليهما ثم أخذ اللبن، فقال جبريل: الحمد لله الذي هداك للفطرة، ولو أخذت الخمر غوت أمتك» تابعه معمر وابن الهاد وعثمان بن عمر والزبيدي عن الزهري.
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( بِإِيلِيَاء ) بِكَسْرِ الْهَمْزَة وَسُكُون التَّحْتَانِيَّة وَكَسْر اللَّام وَفَتْح التَّحْتَانِيَّة الْخَفِيفَة مَعَ الْمَدّ : هِيَ مَدِينَة بَيْت الْمَقْدِس , وَهُوَ ظَاهِر فِي أَنَّ عَرْض ذَلِكَ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَعَ وَهُوَ فِي بَيْت الْمَقْدِس , لَكِنْ وَقَعَ فِي رِوَايَة اللَّيْث الَّتِي تَأْتِي الْإِشَارَة إِلَيْهَا " إِلَى إِيلِيَاء " وَلَيْسَتْ صَرِيحَة فِي ذَلِكَ , لِجَوَازِ أَنْ يُرِيد تَعْيِين لَيْلَة الْإِيتَاء لَا مَحَلّه , وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَان ذَلِكَ مَعَ بَقِيَّة شَرْحه فِي أَوَاخِر الْكَلَام عَلَى حَدِيث الْإِسْرَاء قَبْل الْهِجْرَة إِلَى الْمَدِينَة.
وَقَوْله فِيهِ : " وَلَوْ أَخَذْت الْخَمْر غَوَتْ أُمَّتك " هُوَ مَحَلّ التَّرْجَمَة قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَرَ مِنْ الْخَمْر لِأَنَّهُ تَفَرَّسَ أَنَّهَا سَتُحَرَّمُ لِأَنَّهَا كَانَتْ حِينَئِذٍ مُبَاحَة , وَلَا مَانِع مِنْ اِفْتِرَاق مُبَاحَيْنِ مُشْتَرِكَيْنِ فِي أَصْل الْإِبَاحَة فِي أَنَّ أَحَدهمَا سَيُحَرَّمُ وَالْآخَر تَسْتَمِرّ إِبَاحَته.
قُلْت : وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون نَفَرَ مِنْهَا لِكَوْنِهِ لَمْ يَعْتَدْ شُرْبهَا فَوَافَقَ بِطَبْعِهِ مَا سَيَقَعُ مِنْ تَحْرِيمهَا بَعْد , حِفْظًا مِنْ اللَّه تَعَالَى لَهُ وَرِعَايَة , وَاخْتَارَ اللَّبَن لِكَوْنِهِ مَأْلُوفًا لَهُ , سَهْلًا طَيِّبًا طَاهِرًا , سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ , سَلِيم الْعَاقِبَة , بِخِلَافِ الْخَمْر فِي جَمِيع ذَلِكَ.
وَالْمُرَاد بِالْفِطْرَةِ هُنَا الِاسْتِقَامَة عَلَى الدِّين الْحَقّ.
وَفِي الْحَدِيث مَشْرُوعِيَّة الْحَمْد عِنْد حُصُول مَا يُحْمَد وَدَفْع مَا يُحْذَر.
وَقَوْله : " غَوَتْ أُمَّتك " يَحْتَمِل أَنْ يَكُون أَخَذَهُ مِنْ طَرِيق الْفَأْل , أَوْ تَقَدَّمَ عِنْده عِلْم بِتَرَتُّبِ كُلّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ وَهُوَ أَظْهَر.
قَوْله : ( تَابَعَهُ مَعْمَر وَابْن الْهَادِ وَعُثْمَان بْن عُمَر عَنْ الزُّهْرِيِّ ) يَعْنِي بِسَنَدِهِ.
وَوَقَعَ فِي غَيْر رِوَايَة أَبِي ذَرّ زِيَادَة الزُّبَيْدِيّ مَعَ الْمَذْكُورِينَ بَعْد عُثْمَان بْن عُمَر , فَأَمَّا مُتَابَعَة مَعْمَر فَوَصَلَهَا الْمُؤَلِّف فِي قِصَّة مُوسَى مِنْ أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء , وَأَوَّل الْحَدِيث ذِكْر مُوسَى وَعِيسَى وَصِفَتهمَا , وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْر إِيلِيَاء , وَفِيهِ " اِشْرَبْ أَيّهمَا شِئْت , فَأَخَذْت اللَّبَن فَشَرِبْته ".
وَأَمَّا رِوَايَة اِبْن الْهَادِ - وَهُوَ يَزِيد بْن عَبْد اللَّه بْن أُسَامَة بْن الْهَادِ اللَّيْثِيّ يُنْسَب لِجَدِّ أَبِيهِ - فَوَصَلَهَا النَّسَائِيُّ وَأَبُو عَوَانَة وَالطَّبَرَانِيُّ فِي " الْأَوْسَط " مِنْ طَرِيق اللَّيْث عَنْهُ عَنْ عَبْد الْوَهَّاب بْن بُخْت عَنْ اِبْن شِهَاب وَهُوَ الزُّهْرِيُّ , قَالَ الطَّبَرَانِيُّ : تَفَرَّدَ بِهِ يَزِيد بْن الْهَادِ عَنْ عَبْد الْوَهَّاب , فَعَلَى هَذَا فَقَدْ سَقَطَ ذِكْر عَبْد الْوَهَّاب مِنْ الْأَصْل بَيْن اِبْن الْهَادِ وَابْن شِهَاب , عَلَى أَنَّ اِبْن الْهَادِ قَدْ رَوَى عَنْ الزُّهْرِيِّ أَحَادِيث غَيْر هَذَا بِغَيْرِ وَاسِطَة , مِنْهَا مَا تَقَدَّمَ فِي تَفْسِير الْمَائِدَة قَالَ الْبُخَارِيّ فِيهِ " وَقَالَ يَزِيد بْن الْهَادِ عَنْ الزُّهْرِيِّ " فَذَكَرَهُ , وَوَصَلَهُ أَحْمَد وَغَيْره مِنْ طَرِيق اِبْن الْهَادِ عَنْ الزُّهْرِيِّ بِغَيْرِ وَاسِطَة.
وَأَمَّا رِوَايَة الزُّبَيْدِيّ فَوَصَلَهَا النَّسَائِيُّ وَابْن حِبَّان وَالطَّبَرَانِيُّ فِي " مُسْنَد الشَّامِيِّينَ " مِنْ طَرِيق مُحَمَّد بْن حَرْب عَنْهُ لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ ذِكْر إِيلِيَاء أَيْضًا.
وَأَمَّا رِوَايَة عُثْمَان بْن عُمَر فَوَصَلَهَا " تَمَّام الرَّازِيّ فِي فَوَائِده " مِنْ طَرِيق إِبْرَاهِيم بْن الْمُنْذِر عَنْ عُمَر بْن عُثْمَان عَنْ أَبِيهِ عَنْ الزُّهْرِيِّ بِهِ.
وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الْمِزِّيّ فِي " الْأَطْرَاف " عَنْ الْحَاكِم أَنَّهُ قَالَ : أَرَادَ الْبُخَارِيّ بِقَوْلِهِ : " تَابَعَهُ اِبْن الْهَادِ وَعُثْمَان بْن عُمَر عَنْ الزُّهْرِيِّ " حَدِيث اِبْن الْهَادِ عَنْ عَبْد الْوَهَّاب وَحَدِيث عُثْمَان بْن عُمَر بْن فَارِس عَنْ يُونُس كِلَاهُمَا عَنْ الزُّهْرِيِّ.
قُلْت : وَلَيْسَ كَمَا زَعَمَ الْحَاكِم وَأَقَرَّهُ الْمِزِّيّ فِي عُثْمَان بْن عُمَر , فَإِنَّهُ ظَنَّ أَنَّهُ عُثْمَان بْن عُمَر بْن فَارِس الرَّاوِي عَنْ يُونُس بْن يَزِيد , وَلَيْسَ بِهِ , وَإِنَّمَا هُوَ عُثْمَان بْن عُمَر بْن مُوسَى بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر التَّيْمِيّ , وَلَيْسَ لِعُثْمَان بْن عُمَر بْن فَارِس وَلَد اِسْمه عُمَر يَرْوِي عَنْهُ , وَإِنَّمَا هُوَ وَلَد التَّيْمِيِّ كَمَا ذَكَرْته مِنْ " فَوَائِد تَمَّام " وَهُوَ مَدَنِيّ , وَقَدْ ذَكَرَ عُثْمَان الدَّارِمِيُّ أَنَّهُ سَأَلَ يَحْيَى بْن مَعِين عَنْ عُمَر بْن عُثْمَان بْن عُمَر الْمَدَنِيّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الزُّهْرِيِّ فَقَالَ : لَا أَعْرِفهُ وَلَا أَعْرِف أَبَاهُ.
قُلْت : وَقَدْ عَرَفَهُمَا غَيْره , وَذَكَرَ الزُّبَيْر بْن بَكَّار فِي النَّسَب عَنْ عُثْمَان الْمَذْكُور فَقَالَ : إِنَّهُ وَلِيَ قَضَاء الْمَدِينَة فِي زَمَن مَرْوَان بْن مُحَمَّد , ثُمَّ وَلِيَ الْقَضَاء لِلْمَنْصُورِ وَمَاتَ مَعَهُ بِالْعِرَاقِ وَذَكَرَهُ اِبْن حِبَّان فِي الثِّقَات , وَأَكْثَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ ذِكْره فِي " الْعِلَل " عِنْد ذِكْره لِلْأَحَادِيثِ الَّتِي تَخْتَلِف رُوَاتهَا عَنْ الزُّهْرِيِّ , وَكَثِيرًا مَا تُرَجَّح رِوَايَته عَنْ الزُّهْرِيّ , وَاَللَّه أَعْلَم.
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ بِإِيلِيَاءَ بِقَدَحَيْنِ مِنْ خَمْرٍ وَلَبَنٍ فَنَظَرَ إِلَيْهِمَا ثُمَّ أَخَذَ اللَّبَنَ فَقَالَ جِبْرِيلُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَاكَ لِلْفِطْرَةِ وَلَوْ أَخَذْتَ الْخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ تَابَعَهُ مَعْمَرٌ وَابْنُ الْهَادِ وَعُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ وَالزُّبَيْدِيُّ عَنْ الزُّهْرِيِّ
عن أنس رضي الله عنه، قال: سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا لا يحدثكم به غيري، قال: «من أشراط الساعة أن يظهر الجهل ويقل العلم، ويظهر الزنا،...
قال أبو هريرة رضي الله عنه: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يزني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسر...
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «لقد حرمت الخمر وما بالمدينة منها شيء.»
عن أنس قال: «حرمت علينا الخمر حين حرمت وما نجد يعني: بالمدينة خمر الأعناب إلا قليلا، وعامة خمرنا البسر والتمر.»
عن ابن عمر رضي الله عنهما «قام عمر على المنبر، فقال: أما بعد نزل تحريم الخمر وهي من خمسة: العنب، والتمر، والعسل، والحنطة، والشعير.<br> والخمر ما خامر...
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «كنت أسقي أبا عبيدة وأبا طلحة وأبي بن كعب من فضيخ زهو وتمر فجاءهم آت، فقال: إن الخمر قد حرمت، فقال أبو طلحة: قم يا أ...
عن أنس قال: «كنت قائما على الحي أسقيهم عمومتي وأنا أصغرهم الفضيخ، فقيل: حرمت الخمر، فقالوا: أكفئها، فكفأنا، قلت لأنس: ما شرابهم؟ قال: رطب وبسر، فقال أ...
عن أنس بن مالك حدثهم: «أن الخمر حرمت والخمر يومئذ البسر والتمر.»
عن عائشة قالت: «سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البتع، فقال: كل شراب أسكر فهو حرام.»