حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

حديث أبو هريرة احتج آدم وموسى - صحيح البخاري

صحيح البخاري | كتاب القدر باب تحاج آدم وموسى عند الله (حديث رقم: 6614 )


6614- عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «احتج آدم وموسى فقال له موسى: يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة، قال له آدم: يا موسى اصطفاك الله بكلامه وخط لك بيده، أتلومني على أمر قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟ فحج آدم موسى، فحج آدم موسى ثلاثا.» قال سفيان: حدثنا أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.

أخرجه البخاري


أخرجه مسلم في القدر باب حجاج آدم وموسى عليهما السلام رقم 2652 (خيبتنا) أوقعتنا في الخيبة وهي الحرمان.
(خط لك بيده) أنزل عليك كتابه التوراة.
(أربعين سنة) مدة لبثه طينا إلى أن نفخت فيه الروح.
(فحج) غلبه بالحجة.
(ثلاثا) كررها ثلاث مرات.
قال النووي معناها إنك تعلم أنه مقدر فلا تلمني.
اه - وأيضا اللوم شرعي لا عقلي وإذا تاب الله عليه وغفر له ذنبه زال عنه اللوم فمن لامه كان محجوجا

شرح حديث (حديث أبو هريرة احتج آدم وموسى )

فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

‏ ‏قَوْله ( سُفْيَان ) ‏ ‏هُوَ اِبْنُ عُيَيْنَةَ.
‏ ‏قَوْله ( حَفِظْنَاهُ مِنْ عَمْرو ) ‏ ‏يَعْنِي اِبْن دِينَار , وَوَقَعَ فِي مُسْنَد الْحُمَيْدِيِّ عَنْ سُفْيَان " حَدَّثَنَا عَمْرو بْن دِينَار " وَأَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَج مِنْ طَرِيق الْحُمَيْدِيِّ.
‏ ‏قَوْله ( عَنْ طَاوُسٍ ) ‏ ‏فِي رِوَايَة أَحْمَد عَنْ سُفْيَان عَنْ عَمْرو سَمِعَ طَاوُسًا , وَعِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ طَرِيق مُحَمَّد بْن مَنْصُور الْخَرَّاز عَنْ سُفْيَان عَنْ عَمْرو بْن دِينَار " سَمِعْت طَاوُسًا " ‏ ‏قَوْله فِي آخِره ( وَقَالَ سُفْيَان حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَاد ) ‏ ‏هُوَ مَوْصُول عَطْفًا عَلَى قَوْله : " حَفِظْنَاهُ مِنْ عَمْرو " وَوَقَعَ فِي رِوَايَة الْحُمَيْدِيِّ " قَالَ وَحَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَاد " بِإِثْبَاتِ الْوَاو وَهِيَ أَظْهَر فِي الْمُرَاد , وَأَخْطَأَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذِهِ الطَّرِيقَ مُعَلَّقَةٌ , وَقَدْ أَخْرَجَهَا الْإِسْمَاعِيلِيّ مُنْفَرِدَةً بَعْد أَنْ سَاقَ طَرِيق طَاوُسٍ عَنْ جَمَاعَةٍ عَنْ سُفْيَان فَقَالَ : " أَخْبَرَنِيهِ الْقَاسِم - يَعْنِي اِبْن زَكَرِيَّا - حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن حَاتِم الْعَلَّاف حَدَّثَنَا سُفْيَان عَنْ عَمْرو مِثْله سَوَاء وَزَادَ : قَالَ وَحَدَّثَنِي سُفْيَان عَنْ أَبِي الزِّنَاد بِهِ " قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : هَذَا الْحَدِيث ثَابِت بِالِاتِّفَاقِ رَوَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة جَمَاعَةٌ مِنْ التَّابِعِينَ , وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوه أُخْرَى مِنْ رِوَايَة الْأَئِمَّة الثِّقَات الْأَثْبَات.
قُلْت : وَقَعَ لَنَا مِنْ طَرِيق عَشَرَة عَنْ أَبِي هُرَيْرَة : مِنْهُمْ طَاوُسٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالْأَعْرَج كَمَا ذَكَرْته وَهُوَ عِنْد مُسْلِم مِنْ رِوَايَة الْحَارِث بْن أَبِي الذُّبَاب وَعِنْد النَّسَائِيّ عَنْ عَمْرو بْن أَبِي عَمْرو كِلَاهُمَا عَنْ الْأَعْرَج وَأَبُو صَالِح السَّمَّانِ عِنْد التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيِّ وَابْن خُزَيْمَةَ كُلّهمْ مِنْ طَرِيق الْأَعْمَش عَنْهُ وَالنَّسَائِيّ أَيْضًا مِنْ طَرِيق الْقَعْقَاع بْن حَكِيم عَنْهُ , وَمِنْهُمْ أَبُو سَلَمَة بْن عَبْد الرَّحْمَن عِنْد أَحْمَد وَأَبِي عَوَانَة مِنْ رِوَايَة الزُّهْرِيِّ عَنْهُ وَقِيلَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب وَقِيلَ عَنْهُ عَنْ حُمَيْدِ بْن عَبْد الرَّحْمَن وَمِنْ رِوَايَة أَيُّوب بْن النَّجَّار عَنْ أَبِي سَلَمَة فِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضًا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَفْسِير سُورَة طَه وَمِنْ رِوَايَة مُحَمَّد بْن عَمْرو بْن عَلْقَمَة عَنْ أَبِي سَلَمَة عِنْد اِبْن خُزَيْمَةَ وَأَبِي عَوَانَة وَجَعْفَر الْفِرْيَابِيّ فِي الْقَدَر وَمِنْ رِوَايَة يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير عَنْهُ عِنْد أَبِي عَوَانَة , وَمِنْهُمْ حُمَيْدُ بْن عَبْد الرَّحْمَن عَنْ أَبِي هُرَيْرَة كَمَا تَقَدَّمَ فِي قِصَّة مُوسَى مِنْ أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء وَيَأْتِي فِي التَّوْحِيد وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم , وَمِنْهُمْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ كَمَا مَضَى فِي تَفْسِير طَه وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم , وَمِنْهُمْ الشَّعْبِيّ أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَة وَالنَّسَائِيُّ , وَمِنْهُمْ هَمَّام بْن مُنَبِّه أَخْرَجَهُ مُسْلِم , وَمِنْهُمْ عَمَّار بْن أَبِي عَمَّار أَخْرَجَهُ أَحْمَد , وَمَنْ رَوَاهُ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَر عِنْد أَبِي دَاوُدَ وَأَبِي عَوَانَة وَجُنْدَب بْن عَبْد اللَّه عِنْد النَّسَائِيِّ وَأَبُو سَعِيد عِنْد الْبَزَّار وَأَخْرَجَهُ اِبْن أَبِي شَيْبَة وَعَبْد الرَّزَّاق وَالْحَارِث مِنْ وَجْه آخَر عَنْهُ , وَقَدْ أَشَارَ إِلَى هَذِهِ الثَّلَاثَة التِّرْمِذِيّ.
‏ ‏قَوْله ( اِحْتَجَّ آدَم وَمُوسَى ) ‏ ‏فِي رِوَايَة هَمَّام وَمَالِكٍ " تَحَاجَّ " كَمَا فِي التَّرْجَمَة وَهِيَ أَوْضَحُ , وَفِي رِوَايَة أَيُّوب اِبْن النَّجَّار وَيَحْيَى بْن كَثِير " حَجَّ آدَم وَمُوسَى " وَعَلَيْهَا شَرَحَ الطِّيبِيُّ فَقَالَ : مَعْنَى قَوْله حَجَّ آدَم وَمُوسَى غَلَبَهُ بِالْحُجَّةِ وَقَوْله بَعْد ذَلِكَ " قَالَ مُوسَى أَنْتَ آدَم إِلَخْ " تَوْضِيح لِذَلِكَ وَتَفْسِير لِمَا أُجْمِلَ , وَقَوْله فِي آخِره " فَحَجَّ آدَم مُوسَى " تَقْرِير لِمَا سَبَقَ وَتَأْكِيد لَهُ , وَفِي رِوَايَة يَزِيد بْن هُرْمُز كَمَا تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَة إِلَيْهِ " عِنْد رَبِّهمَا " وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بْن سِيرِينَ " اِلْتَقَى آدَم وَمُوسَى " وَفِي رِوَايَة عَمَّار وَالشَّعْبِيّ " لَقِيَ آدَم مُوسَى " وَفِي حَدِيث عُمَر " لَقِيَ مُوسَى آدَم " كَذَا عِنْد أَبِي عَوَانَة , وَأَمَّا أَبُو دَاوُدَ فَلَفْظه كَمَا تَقَدَّمَ " قَالَ مُوسَى يَا رَبّ أَرِنِي آدَم " وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي وَقْت هَذَا اللَّفْظ فَقِيلَ يَحْتَمِل أَنَّهُ فِي زَمَان مُوسَى فَأَحْيَا اللَّه لَهُ آدَم مُعْجِزَة لَهُ فَكَلَّمَهُ أَوْ كَشَفَ لَهُ عَنْ قَبْره فَتَحَدَّثَا أَوْ أَرَاهُ اللَّهُ رُوحَهُ كَمَا أَرَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَة الْمِعْرَاج أَرْوَاحَ الْأَنْبِيَاءِ أَوْ أَرَاهُ اللَّه لَهُ فِي الْمَنَام وَرُؤْيَا الْأَنْبِيَاء وَحْيٌ وَلَوْ كَانَ يَقَع فِي بَعْضهَا مَا يَقْبَلُ التَّعْبِيرَ كَمَا فِي قِصَّة الذَّبِيح , أَوْ كَانَ ذَلِكَ بَعْد وَفَاة مُوسَى فَالْتَقَيَا فِي الْبَرْزَخ أَوَّلَ مَا مَاتَ مُوسَى فَالْتَقَتْ أَرْوَاحهمَا فِي السَّمَاء , وَبِذَلِكَ جَزَمَ اِبْن عَبْد الْبَرّ وَالْقَابِسِيُّ , وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيث عُمَر لَمَّا قَالَ مُوسَى أَنْتَ آدَم قَالَ لَهُ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا مُوسَى وَأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَقَع بَعْدُ وَإِنَّمَا يَقَع فِي الْآخِرَة : وَالتَّعْبِير عَنْهُ فِي الْحَدِيث بِلَفْظِ الْمَاضِي لِتَحَقُّقِ وُقُوعه.
وَذَكَرَ اِبْن الْجَوْزِيّ اِحْتِمَال اِلْتِقَائِهِمَا فِي الْبَرْزَخ وَاحْتِمَال أَنْ يَكُون ذَلِكَ ضَرْبَ مَثَلٍ وَالْمَعْنَى لَوْ اِجْتَمَعَا لَقَالَا ذَلِكَ , وَخُصَّ مُوسَى بِالذِّكْرِ لِكَوْنِهِ أَوَّلَ نَبِيٍّ بُعِثَ بِالتَّكَالِيفِ الشَّدِيدَةِ , قَالَ : وَهَذَا وَإِنْ اُحْتُمِلَ لَكِنَّ الْأَوَّل أَوْلَى , قَالَ : وَهَذَا مِمَّا يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ لِثُبُوتِهِ عَنْ خَبَر الصَّادِق وَإِنْ لَمْ يُطَّلَع عَلَى كَيْفِيَّة الْحَال , وَلَيْسَ هُوَ بِأَوَّلِ مَا يَجِب عَلَيْنَا الْإِيمَان بِهِ وَإِنْ لَمْ نَقِف عَلَى حَقِيقَة مَعْنَاهُ كَعَذَابِ الْقَبْر وَنَعِيمه , وَمَتَى ضَاقَتْ الْحِيَل فِي كَشْف الْمُشْكِلَات لَمْ يَبْقَ إِلَّا التَّسْلِيم.
وَقَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ مِثْل هَذَا عِنْدِي يَجِب فِيهِ التَّسْلِيم وَلَا يُوقَف فِيهِ عَلَى التَّحْقِيق ; لِأَنَّا لَمْ نُؤْتَ مِنْ جِنْس هَذَا الْعِلْم إِلَّا قَلِيلًا.
‏ ‏قَوْله ( أَنْتَ أَبُونَا ) ‏ ‏فِي رِوَايَة يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير " أَنْتَ أَبُو النَّاس " وَكَذَا فِي حَدِيث عُمَر , وَفِي رِوَايَة الشَّعْبِيّ " أَنْتَ آدَمُ أَبُو الْبَشَرِ " ‏ ‏قَوْله ( خَيَّبْتَنَا وَأَخْرَجْتنَا مِنْ الْجَنَّة ) ‏ ‏فِي رِوَايَة حُمَيْدِ بْن عَبْد الرَّحْمَن " أَنْتَ آدَم الَّذِي أَخْرَجَتْك خَطِيئَتُك مِنْ الْجَنَّة " هَكَذَا فِي أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء عَنْهُ , وَفِي التَّوْحِيد " أَخْرَجْت ذُرِّيَّتَك " وَفِي رِوَايَة مَالِك " أَنْتَ الَّذِي أَغْوَيْت النَّاس وَأَخْرَجْتهمْ مِنْ الْجَنَّة " وَمِثْله فِي رِوَايَة هَمَّام وَكَذَا فِي رِوَايَة أَبِي صَالِح , وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بْن سِيرِينَ " أَشْقَيْت " بَدَلَ " أَغْوَيْت " وَمَعْنَى أَغْوَيْت كُنْت سَبَبًا لِغِوَايَةِ مَنْ غَوَى مِنْهُمْ , وَهُوَ سَبَبٌ بَعِيدٌ ; إِذْ لَوْ لَمْ يَقَع الْأَكْلُ مِنْ الشَّجَرَةِ لَمْ يَقَع الْإِخْرَاج مِنْ الْجَنَّة , وَلَوْ لَمْ يَقَعْ الْإِخْرَاجُ مَا تَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ الشَّهَوَاتُ وَالشَّيْطَانُ الْمُسَبَّب عَنْهُمَا الْإِغْوَاءُ , وَالْغَيُّ ضِدُّ الرُّشْدِ وَهُوَ الِانْهِمَاكُ فِي غَيْر الطَّاعَة , يُطْلَق أَيْضًا عَلَى مُجَرَّد الْخَطَأ يُقَال غَوَى أَيْ أَخَطَأَ صَوَابَ مَا أُمِرَ بِهِ.
وَفِي تَفْسِير طه مِنْ رِوَايَة أَبِي سَلَمَة " أَنْتَ الَّذِي أَخْرَجْت النَّاس مِنْ الْجَنَّة بِذَنْبِك " وَعِنْد أَحْمَد مِنْ طَرِيقه " أَنْتَ الَّذِي أَدْخَلْت ذُرِّيَّتَك النَّارَ " وَالْقَوْل فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي أَغْوَيْت , وَزَادَ هَمَّام " إِلَى الْأَرْض " وَكَذَا فِي رِوَايَة يَزِيد بْن هُرْمُز " فَأَهْبَطْت النَّاس بِخَطِيئَتِك إِلَى الْأَرْض " وَأَوَّلُهُ عِنْده " أَنْتَ الَّذِي خَلَقَك اللَّه بِيَدِهِ وَأَسْجَدَ لَك مَلَائِكَتَهُ " وَمِثْله فِي رِوَايَة أَبِي صَالِح لَكِنْ قَالَ " وَنَفَخَ فِيك مِنْ رُوحه " وَلَمْ يَقُلْ " وَأَسْجَدَ لَك مَلَائِكَته " وَمِثْله فِي رِوَايَة مُحَمَّد بْن عَمْرو وَزَادَ " وَأَسْكَنَك جَنَّتَهُ " وَمِثْله فِي رِوَايَة مُحَمَّد بْن سِيرِينَ وَزَادَ " ثُمَّ صَنَعْت مَا صَنَعْت " وَفِي رِوَايَة عَمْرو بْن أَبِي عَمْرو عَنْ الْأَعْرَج " يَا آدَمُ خَلَقَك اللَّه بِيَدِهِ ثُمَّ نَفَخَ فِيك مِنْ رُوحه ثُمَّ قَالَ لَك كُنْ فَكُنْت ثُمَّ أَمَرَ الْمَلَائِكَة فَسَجَدُوا لَك ثُمَّ قَالَ لَك ( اُسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُك الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ ) فَنَهَاك عَنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ فَعَصَيْت " وَزَادَ الْفِرْيَابِيّ " وَأَكَلْت مِنْهَا " وَفِي رِوَايَة عِكْرِمَة بْن عَمَّار عَنْ أَبِي سَلَمَة " أَنْتَ آدَم الَّذِي خَلَقَك اللَّه بِيَدِهِ " فَأَعَادَ الضَّمِير فِي قَوْله خَلَقَكَ إِلَى قَوْله أَنْتَ وَالْأَكْثَر عَوْدُهُ إِلَى الْمَوْصُول , فَكَأَنَّهُ يَقُول خَلَقَهُ اللَّه , وَنَحْو ذَلِكَ مَا وَقَعَ فِي رِوَايَة الْأَكْثَر " أَنْتَ الَّذِي أَخْرَجَتْك خَطِيئَتُك " وَفِي حَدِيث عُمَر بَعْد قَوْلِهِ أَنْتَ آدَم " قَالَ نَعَمْ , قَالَ أَنْتَ الَّذِي نَفَخَ اللَّه فِيك مِنْ رُوحه وَعَلَّمَك الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا , أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ فَسَجَدُوا لَك , قَالَ نَعَمْ , قَالَ فَلِمَ أَخْرَجْتنَا وَنَفْسَك مِنْ الْجَنَّة " وَفِي لَفْظ لِأَبِي عَوَانَة " فَوَاَللَّهِ لَوْلَا مَا فَعَلْت مَا دَخَلَ أَحَد مِنْ ذُرِّيَّتك النَّار " وَوَقَعَ فِي حَدِيث أَبِي سَعِيد عِنْد اِبْن أَبِي شَيْبَة " فَأَهْلَكْتنَا وَأَغْوَيْتنَا " وَذَكَرَ مَا شَاءَ اللَّه أَنْ يَذْكُر , مِنْ هَذَا وَهَذَا يُشْعِر بِأَنَّ جَمِيع مَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَات مَحْفُوظٌ وَأَنَّ بَعْض الرُّوَاة حَفِظَ مَا لَمْ يَحْفَظ الْآخَر , وَقَوْله " أَنْتَ آدَم " اِسْتِفْهَام تَقْرِير , وَإِضَافَة اللَّه خَلْقَ آدَمَ إِلَى يَدِهِ فِي الْآيَة إِضَافَةُ تَشْرِيفٍ وَكَذَا إِضَافَة رُوحه إِلَى اللَّه , وَمِنْ فِي قَوْله مِنْ رُوحه زَائِدَة عَلَى رَأْي , وَالنَّفْخ بِمَعْنَى الْخَلْق أَيْ خَلَقَ فِيك الرُّوح , وَمَعْنَى قَوْله أَخْرَجْتنَا كُنْت سَبَبًا لِإِخْرَاجِنَا كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيره , وَقَوْله أَغْوَيْتنَا وَأَهْلَكْتنَا مِنْ إِطْلَاق الْكُلّ عَلَى الْبَعْض بِخِلَافِ أَخْرَجْتنَا فَهُوَ عَلَى عُمُومه , وَمَعْنَى قَوْلِهِ أَخْطَأْت وَعَصَيْت وَنَحْوهمَا فَعَلْت خِلَاف مَا أُمِرْت بِهِ , وَأَمَّا قَوْلُهُ : خَيَّبْتنَا بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة ثُمَّ الْمُوَحَّدَة مِنْ الْخَيْبَة فَالْمُرَاد بِهِ الْحِرْمَان , وَقِيلَ هِيَ كَـ أَغْوَيْتَنَا مِنْ إِطْلَاق الْكُلِّ عَلَى الْبَعْض , وَالْمُرَاد مَنْ يَجُوز مِنْهُ وُقُوع الْمَعْصِيَة , وَلَا مَانِع مِنْ حَمْلِهِ عَلَى عُمُومه وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَوْ اِسْتَمَرَّ عَلَى تَرْك الْأَكْل مِنْ الشَّجَرَة لَمْ يَخْرُج مِنْهَا وَلَوْ اِسْتَمَرَّ فِيهَا لَوُلِدَ لَهُ فِيهَا وَكَانَ وَلَده سُكَّان الْجَنَّة عَلَى الدَّوَام , فَلَمَّا وَقَعَ الْإِخْرَاج فَاتَ أَهْلَ الطَّاعَةِ مِنْ وَلَدِهِ اِسْتِمْرَارُ الدَّوَامِ فِي الْجَنَّة وَإِنْ كَانُوا إِلَيْهَا يَنْتَقِلُونَ , وَفَاتَ أَهْلَ الْمَعْصِيَةِ تَأَخُّرَ اِلْكَوْنِ فِي الْجَنَّة مُدَّةَ الدُّنْيَا وَمَا شَاءَ اللَّه مِنْ مُدَّة الْعَذَابِ فِي الْآخِرَةِ إِمَّا مُؤَقَّتًا فِي حَقّ الْمُوَحِّدِينَ وَإِمَّا مُسْتَمِرًّا فِي حَقّ الْكُفَّار فَهُوَ حِرْمَان نِسْبِيٌّ.
‏ ‏قَوْله ( فَقَالَ لَهُ آدَم : يَا مُوسَى اِصْطَفَاك اللَّه بِكَلَامِهِ وَخَطَّ لَك بِيَدِهِ ) ‏ ‏فِي رِوَايَة الْأَعْرَج " أَنْتَ مُوسَى الَّذِي أَعْطَاك اللَّه عِلْم كُلّ شَيْء وَاصْطَفَاك عَلَى النَّاس بِرِسَالَتِهِ " وَفِي رِوَايَة هَمَّام نَحْوه لَكِنْ بِلَفْظِ " اِصْطَفَاك وَأَعْطَاهُ " وَزَادَ فِي رِوَايَة يَزِيد بْن هُرْمُز " وَقَرَّبَك نَجِيًّا وَأَعْطَاك الْأَلْوَاحَ فِيهَا بَيَانُ كُلِّ شَيْءٍ " وَفِي رِوَايَة اِبْن سِيرِينَ " اِصْطَفَاك اللَّه بِرِسَالَتِهِ وَاصْطَفَاك لِنَفْسِهِ وَأَنْزَلَ عَلَيْك التَّوْرَاةَ " وَفِي رِوَايَة أَبِي سَلَمَة " اِصْطَفَاك اللَّه بِرِسَالَتِهِ وَكَلَامه " وَوَقَعَ فِي رِوَايَة الشَّعْبِيّ " فَقَالَ نَعَمْ " وَفِي حَدِيث عُمَر " قَالَ أَنَا مُوسَى , قَالَ نَبِيُّ بَنِي إِسْرَائِيل ؟ قَالَ نَعَمْ , قَالَ أَنْتَ الَّذِي كَلَّمَك اللَّه مِنْ وَرَاء حِجَاب وَلَمْ يَجْعَل بَيْنك وَبَيْنه رَسُولًا مِنْ خَلْقِهِ ؟ قَالَ نَعَمْ ".
‏ ‏قَوْله ( أَتَلُومُنِي عَلَى أَمْر قَدَّرَ اللَّه عَلِيّ ) ‏ ‏كَذَا لِلسَّرَخْسِيِّ وَالْمُسْتَمْلِيّ بِحَذْفِ الْمَفْعُول وَلِلْبَاقِينَ " قَدَّرَهُ اللَّهُ عَلَيَّ ".
‏ ‏قَوْله ( قَبْل أَنْ يَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَة ) ‏ ‏فِي رِوَايَة يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير عَنْ أَبِي سَلَمَة " فَكَيْف تَلُومُنِي عَلَى أَمْر كَتَبَهُ اللَّه أَوْ قَدَّرَهُ اللَّه عَلَيَّ " وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُدَّة وَثَبَتَ ذِكْرهَا فِي رِوَايَة طَاوُسٍ , وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بْن عَمْرو عَنْ أَبِي سَلَمَة وَلَفْظه " فَكَمْ تَجِد فِي التَّوْرَاة أَنَّهُ كَتَبَ عَلَيَّ الْعَمَلَ الَّذِي عَمِلْته قَبْل أَنْ أُخْلَقَ ؟ قَالَ : بِأَرْبَعِينَ سَنَة.
قَالَ : فَكَيْف تَلُومُنِي عَلَيْهِ " وَفِي رِوَايَة يَزِيد بْن هُرْمُز نَحْوه وَزَادَ " فَهَلْ وَجَدْت فِيهَا وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ؟ قَالَ نَعَمْ " وَكَلَام اِبْن عَبْد الْبَرّ قَدْ يُوهِم تَفَرُّد اِبْن عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَاد بِزِيَادَتِهَا لَكِنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِأَبِي الزِّنَاد وَإِلَّا فَقَدْ ذَكَرَ التَّقْيِيدَ بِالْأَرْبَعِينَ غَيْرُ اِبْن عُيَيْنَةَ كَمَا تَرَى , وَفِي رِوَايَة الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَة عِنْد أَحْمَد " فَهَلْ وَجَدْت فِيهَا - يَعْنِي الْأَلْوَاح أَوْ التَّوْرَاة - أَنِّي أُهْبَط " وَفِي رِوَايَة الشَّعْبِيّ أَفَلَيْسَ تَجِد فِيمَا أَنْزَلَ اللَّه عَلَيْك أَنَّهُ سَيُخْرِجُنِي مِنْهَا قَبْل أَنْ يُدْخِلَنِيهَا ؟ قَالَ بَلَى " وَفِي رِوَايَة عَمَّار اِبْن أَبِي عَمَّار " أَنَا أَقْدَمُ أَمْ الذِّكْر ؟ قَالَ بَلْ الذِّكْر " وَفِي رِوَايَة عَمْرو بْن أَبِي عَمْرو عَنْ الْأَعْرَج " أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّه قَدَّرَ هَذَا عَلَيَّ قَبْل أَنْ يَخْلُقَنِي " وَفِي رِوَايَة اِبْن سِيرِينَ " فَوَجَدْته كَتَبَ عَلَيَّ قَبْل أَنْ يَخْلُقَنِي ؟ قَالَ نَعَمْ " وَفِي رِوَايَة أَبِي صَالِح " فَتَلُومُنِي فِي شَيْءٍ كَتَبَهُ اللَّه عَلَيَّ قَبْل خَلْقِي " وَفِي حَدِيث عُمَر قَالَ " فَلَمْ تَلُومنِي عَلَى شَيْء سَبَقَ مِنْ اللَّه تَعَالَى فِيهِ الْقَضَاء " وَوَقَعَ فِي حَدِيث أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ " أَتَلُومُنِي عَلَى أَمْر قَدَّرَهُ عَلَيَّ قَبْل أَنْ يَخْلُق السَّمَاوَات وَالْأَرْض " وَالْجَمْع بَيْنه وَبَيْن الرِّوَايَة الْمُقَيَّدَة بِأَرْبَعِينَ سَنَة حَمْلهَا عَلَى مَا يَتَعَلَّق بِالْكِتَابَةِ وَحَمْل الْأُخْرَى عَلَى مَا يَتَعَلَّق بِالْعِلْمِ , وَقَالَ اِبْن التِّين : يَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمُرَاد بِالْأَرْبَعِينَ سَنَة مَا بَيْن قَوْله تَعَالَى ( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ) إِلَى نَفْخ الرُّوح فِي آدَم , وَأَجَابَ غَيْره أَنَّ اِبْتِدَاء الْمُدَّة وَقْت الْكِتَابَة فِي الْأَلْوَاح وَآخِرهَا اِبْتِدَاء خَلْق آدَم , وَقَالَ اِبْن الْجَوْزِيّ : الْمَعْلُومَات كُلّهَا قَدْ أَحَاطَ بِهَا عِلْم اللَّه الْقَدِيم قَبْل وُجُود الْمَخْلُوقَات كُلّهَا , وَلَكِنَّ كِتَابَتَهَا وَقَعَتْ فِي أَوْقَاتٍ مُتَفَاوِتَةٍ , وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيح يَعْنِي صَحِيح مُسْلِم " أَنَّ اللَّه قَدَّرَ الْمَقَادِيرَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ " فَيَجُوز أَنْ تَكُون قِصَّة آدَم بِخُصُوصِهَا كُتِبَتْ قَبْل خَلْقِهِ بِأَرْبَعِينَ سَنَة , وَيَجُوز أَنْ يَكُون ذَلِكَ الْقَدْر مُدَّة لُبْثِهِ طِينًا إِلَى أَنْ نُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ , فَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيح مُسْلِم أَنَّ بَيْنَ تَصْوِيرِهِ طِينًا وَنَفْخ الرُّوح فِيهِ كَانَ مُدَّةَ أَرْبَعِينَ سَنَة , وَلَا يُخَالِف ذَلِكَ كِتَابَة الْمَقَادِير عُمُومًا قَبْل خَلْق السَّمَاوَات وَالْأَرْض بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ , وَقَالَ الْمَازِرِيُّ : الْأَظْهَر أَنَّ الْمُرَاد أَنَّهُ كَتَبَهُ قَبْل خَلْق آدَم بِأَرْبَعِينَ عَامًا , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمُرَاد أَظْهَرَهُ لِلْمَلَائِكَةِ أَوْ فَعَلَ فِعْلًا مَا أَضَافَ إِلَيْهِ هَذَا التَّارِيخ وَإِلَّا فَمَشِيئَة اللَّه وَتَقْدِيره قَدِيم , وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ " قَدَّرَهُ اللَّه عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ " أَيْ كَتَبَهُ فِي التَّوْرَاة لِقَوْلِهِ فِي الرِّوَايَة الْمُشَار إِلَيْهَا قَبْلُ " فَكَمْ وَجَدْته كَتَبَ فِي التَّوْرَاة قَبْل أَنْ أُخْلَقَ " وَقَالَ النَّوَوِيّ : الْمُرَاد بِتَقْدِيرِهَا كَتْبُهُ فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ أَوْ فِي التَّوْرَاة أَوْ فِي الْأَلْوَاح , وَلَا يَجُوز أَنْ يُرَاد أَصْل الْقَدَر ; لِأَنَّهُ أَزَلِيٌّ وَلَمْ يَزَلْ اللَّه - سُبْحَانه تَعَالَى - مُرِيدًا لِمَا يَقَع مِنْ خَلْقه.
وَكَانَ بَعْض شُيُوخنَا يَزْعُم أَنَّ الْمُرَاد إِظْهَار ذَلِكَ عِنْد تَصْوِير آدَم طِينًا فَإِنَّ آدَم أَقَامَ فِي طِينَته أَرْبَعِينَ سَنَة , وَالْمُرَاد عَلَى هَذَا بِخَلْقِهِ نَفْخ الرُّوح فِيهِ.
قُلْت : وَقَدْ يُعَكِّر عَلَى هَذَا رِوَايَة الْأَعْمَش عَنْ أَبِي صَالِح " كَتَبَهُ اللَّه عَلَيَّ قَبْل أَنْ يَخْلُق السَّمَاوَات وَالْأَرْض " لَكِنَّهُ يُحْمَل قَوْله فِيهِ " كَتَبَهُ اللَّه عَلَيَّ " قَدَّرَهُ أَوْ عَلَى تَعَدُّد الْكِتَابَة لِتَعَدُّدِ الْمَكْتُوب , وَالْعِلْم عِنْد اللَّه تَعَالَى.
‏ ‏قَوْله ( فَحَجَّ آدَم مُوسَى , فَحَجَّ آدَم مُوسَى ثَلَاثًا ) ‏ ‏كَذَا فِي هَذِهِ الطُّرُق وَلَمْ يُكَرَّر فِي أَكْثَر الطُّرُق عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , فَفِي رِوَايَة أَيُّوب بْن النَّجَّار كَاَلَّذِي هُنَا لَكِنْ بِدُونِ قَوْله " ثَلَاثًا " وَكَذَا لِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَة اِبْن سِيرِينَ , كَذَا فِي حَدِيث جُنْدَبٍ عِنْد أَبِي عَوَانَة , وَثَبَتَ فِي حَدِيث عُمَر بِلَفْظِ " فَاحْتَجَّا إِلَى اللَّه فَحَجَّ آدَم مُوسَى , قَالَهَا ثَلَاث مَرَّات " وَفِي رِوَايَة عَمْرو بْن أَبِي عَمْرو عَنْ الْأَعْرَج " لَقَدْ حَجَّ آدَم مُوسَى , لَقَدْ حَجَّ آدَم مُوسَى , لَقَدْ حَجَّ آدَم مُوسَى " وَفِي حَدِيث أَبِي سَعِيد عِنْد الْحَارِث " فَحَجَّ آدَم مُوسَى ثَلَاثًا " وَفِي رِوَايَة الشَّعْبِيّ عِنْد النَّسَائِيِّ " فَخَصَمَ آدَم مُوسَى , فَخَصَمَ آدَم مُوسَى وَاتَّفَقَ الرُّوَاة وَالنَّقَلَة وَالشُّرَّاح عَلَى أَنَّ آدَم بِالرَّفْعِ وَهُوَ الْفَاعِل , وَشَذَّ بَعْض النَّاس فَقَرَأَهُ بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ الْمَفْعُول وَمُوسَى فِي مَحَلّ الرَّفْع عَلَى أَنَّهُ الْفَاعِل نَقَلَهُ الْحَافِظ أَبُو بَكْر بْن الْخَاصِّيَّة عَنْ مَسْعُود بْن نَاصِر السَّجْزِيّ الْحَافِظ قَالَ : سَمِعْته يَقْرَأ " فَحَجَّ آدَمَ " بِالنَّصْبِ , قَالَ وَكَانَ قَدَرِيًّا.
قُلْت : هُوَ مَحْجُوج بِالِاتِّفَاقِ قَبْله عَلَى أَنَّ آدَم بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ الْفَاعِل , وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَد مِنْ رِوَايَة الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَة عَنْ أَبِي هُرَيْرَة بِلَفْظِ " فَحَجَّهُ آدَمُ " وَهَذَا يَرْفَع الْإِشْكَال فَإِنَّ رُوَاتَهُ أَئِمَّةٌ حُفَّاظٌ , وَالزُّهْرِيُّ مِنْ كِبَار الْفُقَهَاء الْحُفَّاظ فَرِوَايَته هِيَ الْمُعْتَمَدَة فِي ذَلِكَ , وَمَعْنِيّ حَجَّهُ غَلَبَهُ بِالْحُجَّةِ , يُقَال حَاجَجْت فُلَانًا فَحَجَجْته مِثْل خَاصَمْته فَخَصَمْته , قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : هَذَا الْحَدِيث أَصْلٌ جَسِيمٌ لِأَهْلِ الْحَقّ فِي إِثْبَات الْقَدَر , وَأَنَّ اللَّه قَضَى أَعْمَال الْعِبَاد فَكُلُّ أَحَدٍ يَصِير لِمَا قُدِّرَ لَهُ بِمَا سَبَقَ فِي عِلْم اللَّه , قَالَ : وَلَيْسَ فِيهِ حُجَّة لِلْجَبْرِيَّةِ , وَإِنْ كَانَ فِي بَادِئ الرَّأْي يُسَاعِدهُمْ.
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي " مَعَالِم السُّنَن " : يَحْسَبُ كَثِير مِنْ النَّاس أَنَّ مَعْنَى الْقَضَاء وَالْقَدَر يَسْتَلْزِم الْجَبْر وَقَهْر الْعَبْد وَيُتَوَهَّم أَنَّ غَلَبَة آدَم كَانَتْ مِنْ هَذَا الْوَجْه , وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ الْإِخْبَار عَنْ إِثْبَات عِلْم اللَّه بِمَا يَكُون مِنْ أَفْعَال الْعِبَاد وَصُدُورهَا عَنْ تَقْدِير سَابِق مِنْهُ , فَإِنَّ الْقَدَر اِسْم لِمَا صَدَرَ عَنْ فِعْل الْقَادِر , وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَقَدْ نَفَى عَنْهُمْ مِنْ وَرَاء عِلْم اللَّه أَفْعَالَهُمْ وَأَكْسَابَهُمْ وَمُبَاشَرَتَهُمْ تِلْكَ الْأُمُورَ عَنْ قَصْد وَتَعَمُّد وَاخْتِيَار , فَالْحُجَّة إِنَّمَا نُلْزِمُهُمْ بِهَا وَاللَّائِمَة إِنَّمَا تَتَوَجَّه عَلَيْهَا , وَجِمَاع الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا أَمْرَانِ لَا يُبَدَّل أَحَدهمَا عَنْ الْآخَر : أَحَدهمَا بِمَنْزِلَةِ الْأَسَاس وَالْآخَر بِمَنْزِلَةِ الْبِنَاء وَنَقْضِهِ , وَإِنَّمَا جِهَة حُجَّة آدَم أَنَّ اللَّه عَلِمَ مِنْهُمْ أَنَّهُ يَتَنَاوَل مِنْ الشَّجَرَة فَكَيْف يُمْكِنُهُ أَنْ يَرُدَّ عِلْمَ اللَّه فِيهِ , وَإِنَّمَا خُلِقَ لِلْأَرْضِ وَأَنَّهُ لَا يُتْرَك فِي الْجَنَّة بَلْ يُنْقَل مِنْهَا إِلَى الْأَرْض فَكَانَ تَنَاوُله مِنْ الشَّجَرَة سَبَبًا لِإِهْبَاطِهِ وَاسْتِخْلَافه فِي الْأَرْض كَمَا قَالَ تَعَالَى قَبْل خَلْقه ( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ) قَالَ فَلَمَّا لَامَهُ مُوسَى عَنْ نَفْسه قَالَ لَهُ : أَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدَّرَهُ اللَّه عَلَيَّ ؟ فَاللَّوْمُ عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِك سَاقِطٌ عَنِّي إِذْ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُعَيِّرَ أَحَدًا بِذَنْبٍ كَانَ مِنْهُ , لِأَنَّ الْخَلْق كُلَّهُمْ تَحْت الْعُبُودِيَّة سَوَاء , وَإِنَّمَا يَتَّجِه اللُّوَّم مِنْ قِبَل اللَّه - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - إِذْ كَانَ نَهَاهُ فَبَاشَرَ مَا نَهَاهُ عَنْهُ , قَالَ : وَقَوْل مُوسَى وَإِنْ كَانَ فِي النَّفْس مِنْهُ شُبْهَةٌ وَفِي ظَاهِرِهِ تَعَلُّق لِاحْتِجَاجِهِ بِالسَّبَبِ لَكِنَّ تَعَلُّق آدَم بِالْقَدَرِ أَرْجَح فَلِهَذَا غَلَبَهُ.
وَالْغَلَبَة تَقَع مَعَ الْمُعَارَضَة كَمَا تَقَع مَعَ الْبُرْهَان اِنْتَهَى مُلَخَّصًا.
وَقَالَ فِي أَعْلَام الْحَدِيث نَحْوه مُلَخَّصًا وَزَادَ : وَمَعْنَى قَوْله " فَحَجَّ آدَم مُوسَى " دَفْع حُجَّتَهُ الَّتِي أَلْزَمَهُ اللَّوْم بِهَا.
قَالَ : وَلَمْ يَقَع مِنْ آدَم إِنْكَار لِمَا صَدَرَ مِنْهُ بَلْ عَارَضَهُ بِأَمْرٍ دَفَعَ بِهِ عَنْهُ اللُّوَّمَ.
قُلْت : وَلَمْ يَتَلَخَّصْ مِنْ كَلَامِهِ مَعَ تَطْوِيلِهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ دَفْعٌ لِلشُّبْهَةِ إِلَّا فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْآدَمِيِّ أَنْ يَلُوم آخَرَ مِثْلَهُ عَلَى فِعْل مَا قَدَّرَهُ اللَّه عَلَيْهِ , وَإِنَّمَا يَكُون ذَلِكَ لِلَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَمَرَهُ وَنَهَاهُ.
وَلِلْمُعْتَرِضِ أَنْ يَقُول : وَمَا الْمَانِع إِذَا كَانَ ذَلِكَ لِلَّهِ أَنْ يُبَاشِرهُ مَنْ تَلَقَّى عَنْ اللَّه مِنْ رَسُوله وَمَنْ تَلَقَّى عَنْ رُسُله مِمَّنْ أُمِرَ بِالتَّبْلِيغِ عَنْهُمْ ؟ وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : إِنَّمَا غَلَبَهُ بِالْحُجَّةِ ; لِأَنَّهُ عَلِمَ مِنْ التَّوْرَاة أَنَّ اللَّه تَابَ عَلَيْهِ فَكَانَ لَوْمُهُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ نَوْعَ جَفَاءٍ كَمَا يُقَال ذِكْر الْجَفَاء بَعْد حُصُول الصَّفَاء جَفَاء , وَلِأَنَّ أَثَر الْمُخَالَفَة بَعْد الصَّفْح يَنْمَحِي حَتَّى كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فَلَا يُصَادِف اللَّوْم مِنْ اللَّائِم حِينَئِذٍ مَحَلًّا اِنْتَهَى.
وَهُوَ مُحَصَّل مَا أَجَابَ بِهِ الْمَازِرِيُّ وَغَيْره مِنْ الْمُحَقِّقِينَ , وَهُوَ الْمُعْتَمَد.
وَقَدْ أَنْكَرَ الْقَدَرِيَّة هَذَا الْحَدِيث لِأَنَّهُ صَرِيح فِي إِثْبَات الْقَدَر السَّابِق وَتَقْرِير النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِآدَمَ عَلَى الِاحْتِجَاج بِهِ وَشَهَادَته بِأَنَّهُ غَلَبَ مُوسَى فَقَالُوا : لَا يَصِحّ لِأَنَّ مُوسَى لَا يَلُوم عَلَى أَمْر قَدْ تَابَ مِنْهُ صَاحِبه , وَقَدْ قَتَلَ هُوَ نَفْسًا لَمْ يُؤْمَرْ بِقَتْلِهَا , ثُمَّ قَالَ : رَبِّ اِغْفِرْ لِي , فَغَفَرَ لَهُ , فَكَيْف يَلُوم آدَم عَلَى أَمْر قَدْ غُفِرَ لَهُ ؟ ثَانِيهَا لَوْ سَاغَ اللَّوْم عَلَى الذَّنْب بِالْقَدَرِ الَّذِي فُرِغَ مِنْ كِتَابَته عَلَى الْعَبْد لَا يَصِحّ هَذَا لَكَانَ مَنْ عُوتِبَ عَلَى مَعْصِيَةٍ قَدْ اِرْتَكَبَهَا فَيَحْتَج بِالْقَدَرِ السَّابِق وَلَوْ سَاغَ ذَلِكَ لَانْسَدَّ بَاب الْقِصَاص وَالْحُدُود وَلَاحْتَجَّ بِهِ كُلّ أَحَد عَلَى مَا يَرْتَكِبهُ مِنْ الْفَوَاحِش , وَهَذَا يُفْضِي إِلَى لَوَازِمَ قَطْعِيَّةٍ , فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيث لَا أَصْل لَهُ.
‏ ‏وَالْجَوَابُ مِنْ أَوْجُهٍ : ‏ ‏أَحَدهَا أَنَّ آدَم إِنَّمَا اِحْتَجَّ بِالْقَدَرِ عَلَى الْمَعْصِيَة لَا الْمُخَالَفَة , فَإِنَّ مُحَصَّل لَوْم مُوسَى إِنَّمَا هُوَ عَلَى الْإِخْرَاج فَكَأَنَّهُ قَالَ أَنَا لَمْ أُخْرِجْكُمْ وَإِنَّمَا أَخْرَجَكُمْ الَّذِي رَتَّبَ الْإِخْرَاج عَلَى الْأَكْل مِنْ الشَّجَرة وَاَلَّذِي رَتَّبَ ذَلِكَ قَدَّرَهُ قَبْل أَنْ أُخْلَقَ فَكَيْفَ تَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ لَيْسَ لِي فِيهِ نِسْبَةٌ إِلَّا الْأَكْل مِنْ الشَّجَرَة وَالْإِخْرَاج الْمُرَتَّب عَلَيْهَا لَيْسَ مِنْ فِعْلِي.
قُلْت : وَهَذَا الْجَوَابُ لَا يَدْفَعُ شُبْهَةَ الْجَبْرِيَّةِ.
‏ ‏ثَانِيهَا إِنَّمَا حَكَمَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِآدَم بِالْحُجَّةِ فِي مَعْنَى خَاصّ , وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ فِي الْمَعْنَى الْعَامّ لَمَا تَقَدَّمَ مِنْ اللَّه تَعَالَى لَوْمه بِقَوْلِهِ ( أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ ) وَلَا أَخَذَهُ بِذَلِكَ حَتَّى أَخْرَجَهُ مِنْ الْجَنَّة وَأَهْبَطَهُ إِلَى الْأَرْض , وَلَكِنْ لَمَّا أَخَذَ مُوسَى فِي لَوْمه وَقَدَّمَ قَوْله لَهُ أَنْتَ الَّذِي خَلَقَك اللَّه بِيَدِهِ وَأَنْتَ وَأَنْتَ لِمَ فَعَلْت كَذَا ؟ عَارَضَهُ آدَم بِقَوْلِهِ أَنْتَ الَّذِي اِصْطَفَاك اللَّه وَأَنْتَ وَأَنْتَ.
وَحَاصِل جَوَابه إِذَا كُنْت بِهَذِهِ الْمَنْزِلَة كَيْف يَخْفَى عَلَيْك أَنَّهُ لَا مَحِيدَ مِنْ الْقَدَر , وَإِنَّمَا وَقَعَتْ الْغَلَبَةُ لِآدَمَ مِنْ وَجْهَيْنِ : ‏ ‏أَحَدهمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِمَخْلُوقٍ أَنْ يَلُوم مَخْلُوقًا فِي وُقُوع مَا قُدِّرَ عَلَيْهِ إِلَّا بِإِذْنٍ مِنْ اللَّه تَعَالَى فَيَكُون الشَّارِع هُوَ اللَّائِمَ , فَلَمَّا أَخَذَ مُوسَى فِي لَوْمه مِنْ غَيْر أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ فِي ذَلِكَ عَارَضَهُ بِالْقَدَرِ فَأَسْكَتَهُ.
‏ ‏وَالثَّانِي أَنَّ الَّذِي فَعَلَهُ آدَم اِجْتَمَعَ فِيهِ الْقَدَر وَالْكَسْب , وَالتَّوْبَةُ تَمْحُو أَثَرَ الْكَسْبِ , وَقَدْ كَانَ اللَّه تَابَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْقَدَر , وَالْقَدَر لَا يَتَوَجَّه عَلَيْهِ لَوْم لِأَنَّهُ فِعْل اللَّه وَلَا يُسْأَل عَمَّا يَفْعَلُ.
‏ ‏ثَالِثهَا قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : هَذَا عِنْدِي مَخْصُوص بِآدَم لِأَنَّ الْمُنَاظَرَة بَيْنهمَا وَقَعَتْ بَعْد أَنْ تَابَ اللَّه عَلَى آدَم قَطْعًا كَمَا قَالَ تَعَالَى ( فَتَلْقَى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ) فَحَسُنَ مِنْهُ أَنْ يُنْكِر عَلَى مُوسَى لَوْمَهُ عَلَى الْأَكْل مِنْ الشَّجَرَة لِأَنَّهُ كَانَ قَدْ تِيبَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا يَجُوز لِأَحَدٍ أَنْ يَقُول لِمَنْ لَامَهُ عَلَى اِرْتِكَاب مَعْصِيَةٍ كَمَا لَوْ قَتَلَ أَوْ زَنَى أَوْ سَرَقَ : هَذَا سَبَقَ فِي عِلْم اللَّه وَقَدَرِهِ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي فَلَيْسَ لَك أَنْ تَلُومَنِي عَلَيْهِ , فَإِنَّ الْأُمَّة أَجْمَعَتْ عَلَى جَوَاز لَوْم مَنْ وَقَعَ مِنْهُ ذَلِكَ بَلْ عَلَى اِسْتِحْبَاب ذَلِكَ كَمَا أَجْمَعُوا عَلَى اِسْتِحْبَاب مَحْمَدَةِ مَنْ وَاظَبَ عَلَى الطَّاعَة.
قَالَ : وَقَدْ حَكَى اِبْن وَهْب فِي كِتَاب الْقَدَر عَنْ مَالِك عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ آدَم بَعْدَ أَنْ تِيبَ عَلَيْهِ.
‏ ‏رَابِعهَا إِنَّمَا تَوَجَّهَتْ الْحُجَّة لِآدَم لِأَنَّ مُوسَى لَامَهُ بَعْد أَنْ مَاتَ وَاللَّوْم إِنَّمَا يُتَوَجَّه عَلَى الْمُكَلَّف مَا دَامَ فِي دَار التَّكْلِيف , فَإِنَّ الْأَحْكَام حِينَئِذٍ جَارِيَةٌ عَلَيْهِمْ , فَيُلَام الْعَاصِي وَيُقَام عَلَيْهِ الْحَدّ وَالْقِصَاص وَغَيْر ذَلِكَ , وَأَمَّا بَعْد أَنْ يَمُوت فَقَدْ ثَبَتَ النَّهْي عَنْ سَبِّ الْأَمْوَات " وَلَا تَذْكُرُوا مَوْتَاكُمْ إِلَّا بِخَيْرٍ " لِأَنَّ مَرْجِعَ أَمْرِهِمْ إِلَى اللَّه , وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ لَا يُثَنِّي الْعُقُوبَة عَلَى مَنْ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدّ , بَلْ وَرَدَ النَّهْي عَنْ التَّثْرِيب عَلَى الْأَمَة إِذَا زَنَتْ وَأُقِيمَ عَلَيْهَا الْحَدُّ , وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَوْم مُوسَى لِآدَم إِنَّمَا وَقَعَ بَعْد اِنْتِقَاله عَنْ دَار التَّكْلِيف , وَثَبَتَ أَنَّ اللَّه تَابَ عَلَيْهِ فَسَقَطَ عَنْهُ اللَّوْم , فَلِذَلِكَ عَدَلَ إِلَى الِاحْتِجَاج بِالْقَدَرِ السَّابِق وَأَخْبَرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ غَلَبَ مُوسَى بِالْحُجَّةِ.
قَالَ الْمَازِرِيُّ : لَمَّا تَابَ اللَّه عَلَى آدَم صَارَ ذِكْر مَا صَدَرَ مِنْهُ إِنَّمَا هُوَ كَالْبَحْثِ عَنْ السَّبَب الَّذِي دَعَاهُ إِلَى ذَلِكَ , فَأَخْبَرَ هُوَ أَنَّ الْأَصْل فِي ذَلِكَ الْقَضَاءُ السَّابِقُ فَلِذَلِكَ غَلَبَ بِالْحُجَّةِ.
‏ ‏قَالَ الدَّاوُدِيُّ فِيمَا نَقَلَهُ اِبْن التِّين : إِنَّمَا قَامَتْ حُجَّةُ آدَم لِأَنَّ اللَّه خَلَقَهُ لِيَجْعَلَهُ فِي الْأَرْض خَلِيفَةً , فَلَمْ يَحْتَجَّ آدَم فِي أَكْله مِنْ الشَّجَرَة بِسَابِقِ الْعِلْم لِأَنَّهُ كَانَ عَنْ اِخْتِيَارٍ مِنْهُ , وَإِنَّمَا اِحْتَجَّ بِالْقَدَرِ لِخُرُوجِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ ذَلِكَ.
وَقِيلَ إِنَّ آدَم أَبٌ وَمُوسَى اِبْنٌ وَلَيْسَ لِلِابْنِ أَنْ يَلُوم أَبَاهُ , حَكَاهُ الْقُرْطُبِيّ وَغَيْره , وَمِنْهُمْ مَنْ عَبَّرَ عَنْهُ بِأَنَّ آدَم أَكْبَرُ مِنْهُ , وَتَعَقَّبَهُ بِأَنَّهُ بَعِيد مِنْ مَعْنَى الْحَدِيث , ثُمَّ هُوَ لَيْسَ عَلَى عُمُومه بَلْ يَجُوز لِلِابْنِ أَنْ يَلُوم أَبَاهُ فِي عِدَّةِ مَوَاطِنَ , وَقِيلَ إِنَّمَا غَلَبَهُ لِأَنَّهُمَا فِي شَرِيعَتَيْنِ مُتَغَايِرَتَيْنِ , وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهَا دَعْوَى لَا دَلِيل عَلَيْهَا , وَمِنْ أَيْنَ يُعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ فِي شَرِيعَة آدَم أَنَّ الْمُخَالِف يَحْتَجُّ بِسَابِقِ الْقَدَر , وَفِي شَرِيعَة مُوسَى أَنَّهُ لَا يَحْتَجُّ أَوْ أَنَّهُ يُتَوَجَّه لَهُ اللَّوْم عَلَى الْمُخَالِف , وَفِي الْجُمْلَة فَأَصَحُّ الْأَجْوِبَةِ الثَّانِي وَالثَّالِث , وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا فَيُمْكِن أَنْ يَمْتَزِجَ مِنْهُمَا جَوَابٌ وَاحِدٌ , وَهُوَ أَنَّ التَّائِب لَا يُلَام عَلَى مَا تِيبَ عَلَيْهِ مِنْهُ وَلَا سِيَّمَا إِذَا اِنْتَقَلَ عَنْ دَار التَّكْلِيف.
وَقَدْ سَلَكَ النَّوَوِيّ هَذَا الْمَسْلَك فَقَالَ : مَعْنَى كَلَام آدَم أَنَّك يَا مُوسَى تَعْلَم أَنَّ هَذَا كُتِبَ عَلَيَّ قَبْل أَنْ أُخْلَقَ فَلَا بُدّ مِنْ وُقُوعه , وَلَوْ حَرَصْت أَنَا وَالْخَلْق أَجْمَعُونَ عَلَى رَدِّ مِثْقَال ذَرَّةٍ مِنْهُ لَمْ نَقْدِرْ فَلَا تَلُمْنِي فَإِنَّ اللَّوْم عَلَى الْمُخَالَفَة شَرْعِيٌّ لَا عَقْلِيٌّ , وَإِذَا تَابَ اللَّه عَلَيَّ وَغَفَرَ لِي زَالَ اللَّوْم فَمَنْ لَامَنِي كَانَ مَحْجُوجًا بِالشَّرْعِ.
فَإِنْ قِيلَ فَالْعَاصِي الْيَوْم لَوْ قَالَ هَذِهِ الْمَعْصِيَة قُدِّرَتْ عَلَيَّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْقُط عَنِّي اللَّوْم قُلْنَا الْفَرْق أَنَّ هَذَا الْعَاصِي بَاقٍ فِي دَار التَّكْلِيف جَارِيَة عَلَيْهِ الْأَحْكَام مِنْ الْعُقُوبَة وَاللَّوْم وَفِي ذَلِكَ لَهُ وَلِغَيْرِهِ زَجْر وَعِظَة , فَأَمَّا آدَم فَمَيِّت خَارِج عَنْ دَار التَّكْلِيف مُسْتَغْنٍ عَنْ الزَّجْر فَلَمْ يَكُنْ لِلَوْمِهِ فَائِدَة بَلْ فِيهِ إِيذَاء وَتَخْجِيل فَلِذَلِكَ كَانَ الْغَلَبَة لَهُ.
وَقَالَ التُّورْبَشْتِيُّ : لَيْسَ مَعْنَى قَوْله كَتَبَهُ اللَّه عَلَيَّ أَلْزَمَنِي بِهِ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَثْبَتَهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ آدَم وَحَكَمَ أَنَّ ذَلِكَ كَائِن.
ثُمَّ إِنَّ هَذِهِ الْمُحَاجَجَة إِنَّمَا وَقَعَتْ فِي الْعَالَم الْعُلْوِيِّ عِنْد مُلْتَقَى الْأَرْوَاح وَلَمْ تَقَع فِي عَالَم الْأَسْبَاب , وَالْفَرْق بَيْنَهُمَا أَنَّ عَالَم الْأَسْبَاب لَا يَجُوز قَطْع النَّظَر فِيهِ عَنْ الْوَسَائِط وَالِاكْتِسَاب , بِخِلَافِ الْعَالَم الْعُلْوِيّ بَعْد اِنْقِطَاع مُوجِب الْكَسْب وَارْتِفَاع الْأَحْكَام التَّكْلِيفِيَّة , فَلِذَلِكَ اِحْتَجَّ آدَمُ بِالْقَدَرِ السَّابِقِ.
‏ ‏قُلْت : وَهُوَ مُحَصَّل بَعْض الْأَجْوِبَة الْمُتَقَدِّم ذِكْرُهَا , وَفِيهِ اِسْتِعْمَال التَّعْرِيض بِصِيغَةِ الْمَدْح يُؤْخَذ ذَلِكَ مِنْ قَوْل آدَم لِمُوسَى " أَنْتَ الَّذِي اِصْطَفَاك اللَّه بِرِسَالَتِهِ " إِلَى آخِر مَا خَاطَبَهُ بِهِ , وَذَلِكَ أَنَّهُ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ اِطَّلَعَ عَلَى عُذْره وَعَرَفَهُ بِالْوَحْيِ فَلَوْ اِسْتَحْضَرَ ذَلِكَ مَا لَامَهُ مَعَ وُضُوح عُذْرِهِ , وَأَيْضًا فَفِيهِ إِشَارَة إِلَى شَيْءٍ آخَرَ أَعَمّ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لِمُوسَى فِيهِ اِخْتِصَاصٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ : لَوْ لَمْ يَقَع إِخْرَاجِي الَّذِي رُتِّبَ عَلَى أَكْلِي مِنْ الشَّجَرَة مَا حَصَلَتْ لَك هَذِهِ الْمَنَاقِبُ لِأَنِّي لَوْ بَقِيت فِي الْجَنَّة وَاسْتَمَرَّ نَسْلِي فِيهَا مَا وُجِدَ مَنْ تَجَاهَرَ بِالْكُفْرِ الشَّنِيع بِمَا جَاهَرَ بِهِ فِرْعَوْن حَتَّى أُرْسِلْت أَنْتَ إِلَيْهِ وَأُعْطِيت مَا أُعْطِيت , فَإِذَا كُنْت أَنَا السَّبَبَ فِي حُصُول هَذِهِ الْفَضَائِل لَك فَكَيْفَ يَسُوغُ لَك أَنْ تَلُومَنِي.
‏ ‏قَالَ الطِّيبِيُّ مَذْهَب الْجَبْرِيَّة إِثْبَات الْقُدْرَة لِلَّهِ وَنَفْيُهَا عَنْ الْعَبْد أَصْلًا , وَمَذْهَب الْمُعْتَزِلَة بِخِلَافِهِ , وَكِلَاهُمَا مِنْ الْإِفْرَاط وَالتَّفْرِيط عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ , وَالطَّرِيق الْمُسْتَقِيم الْقَصْد , فَلَمَّا كَانَ سِيَاق كَلَام مُوسَى يَؤُولُ إِلَى الثَّانِي بِأَنْ صَدَّرَ الْجُمْلَة بِحَرْفِ الْإِنْكَار وَالتَّعَجُّب وَصَرَّحَ بِاسْمِ آدَم وَوَصَفَهُ بِالصِّفَاتِ الَّتِي كُلّ وَاحِدَة مِنْهَا مُسْتَقِلَّة فِي عِلِّيَّة عَدَم اِرْتِكَابه الْمُخَالَفَةَ ثُمَّ أَسْنَدَ الْإِهْبَاط إِلَيْهِ وَنَفْس الْإِهْبَاط مَنْزِلَة دُون فَكَأَنَّهُ قَالَ : مَا أَبْعَدَ هَذَا الِانْحِطَاط مِنْ تِلْكَ الْمَنَاصِب الْعَالِيَة , فَأَجَابَ آدَم بِمَا يُقَابِلُهَا بَلْ أَبْلَغَ فَصَدَّرَ الْجُمْلَة بِهَمْزَةِ الْإِنْكَار أَيْضًا وَصَرَّحَ بِاسْمِ مُوسَى وَوَصَفَهُ بِصِفَاتٍ كُلُّ وَاحِدَة مُسْتَقِلَّة فِي عِلِّيَّة عَدَم الْإِنْكَار عَلَيْهِ , ثُمَّ رَتَّبَ الْعِلْم الْأَزَلِيّ عَلَى ذَلِكَ , ثُمَّ أَتَى بِهَمْزَةِ الْإِنْكَار بَدَلَ كَلِمَة الِاسْتِبْعَاد فَكَأَنَّهُ قَالَ : تَجِد فِي التَّوْرَاة هَذَا ثُمَّ تَلُومنِي قَالَ : وَفِي هَذَا التَّقْرِير تَنْبِيه عَلَى تَحَرِّي قَصْد الْأُمُور.
قَالَ وَخَتَمَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدِيث بِقَوْلِهِ " فَحَجَّ آدَم مُوسَى " تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ بَعْض أُمَّتِهِ كَالْمُعْتَزِلَةِ يُنْكِرُونَ الْقَدَر فَاهْتَمَّ لِذَلِكَ وَبَالَغَ فِي الْإِرْشَاد.
قُلْت : وَيَقْرُب مِنْ هَذَا مَا تَقَدَّمَ فِي كِتَاب الْإِيمَان فِي الرَّدّ عَلَى الْمُرْجِئَة بِحَدِيثِ اِبْن مَسْعُود رَفَعَهُ " سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَاله كُفْر " فَلَمَّا كَانَ الْمَقَام مَقَامَ الرَّدِّ عَلَى الْمُرْجِئَة اِكْتَفَى بِهِ مُعْرِضًا عَمَّا يَقْتَضِيه ظَاهِره مِنْ تَقْوِيَة مَذْهَب الْخَوَارِج الْمُكَفِّرِينَ بِالذَّنْبِ اِعْتِمَادًا عَلَى مَا تَقَرَّرَ مِنْ دَفْعِهِ فِي مَكَانه , فَكَذَلِكَ هُنَا لَمَّا كَانَ الْمُرَاد بِهِ الرَّدَّ عَلَى الْقَدَرِيَّة الَّذِينَ يُنْكِرُونَ سَبْق الْقَدَر اِكْتَفَى بِهِ مُعْرِضًا عَمَّا يُوهِمُهُ ظَاهِرُهُ مِنْ تَقْوِيَة مَذْهَب الْجَبْرِيَّة لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ دَفْعِهِ فِي مَكَانِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
‏ ‏وَفِي هَذَا الْحَدِيث عِدَّةٌ مِنْ الْفَوَائِدِ غَيْر مَا تَقَدَّمَ : قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فَفِيهِ حُجَّةٌ لِأَهْلِ السُّنَّة فِي أَنَّ الْجَنَّة الَّتِي أُخْرِجَ مِنْهَا آدَم هِيَ جَنَّة الْخُلْد الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ وَيَدْخُلُونَهَا فِي الْآخِرَة , خِلَافًا لِمَنْ قَالَ مِنْ الْمُعْتَزِلَة وَغَيْرهمْ إِنَّهَا جَنَّةٌ أُخْرَى , وَمِنْهُمْ مَنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَزَعَمَ أَنَّهَا كَانَتْ فِي الْأَرْض , وَقَدْ سَبَقَ الْكَلَام عَلَى ذَلِكَ فِي أَوَاخِر كِتَاب الرِّقَاق.
وَفِيهِ إِطْلَاق الْعُمُوم وَإِرَادَة الْخُصُوص فِي قَوْله " أَعْطَاك عِلْمَ كُلِّ شَيْءٍ " وَالْمُرَاد بِهِ كِتَابُهُ الْمُنَزَّلُ عَلَيْهِ وَكُلّ شَيْء يَتَعَلَّق بِهِ ; وَلَيْسَ الْمُرَاد عُمُومه لِأَنَّهُ قَدْ أَقَرَّ الْخَضِر عَلَى قَوْله " وَإِنِّي عَلَى عِلْم مِنْ عِلْم اللَّه لَا تَعْلَمُهُ أَنْتَ " وَقَدْ مَضَى وَاضِحًا فِي تَفْسِير سُورَة الْكَهْف.
وَفِيهِ مَشْرُوعِيَّة الْحُجَج فِي الْمُنَاظَرَة لِإِظْهَارِ طَلَب الْحَقّ وَإِبَاحَة التَّوْبِيخِ وَالتَّعْرِيضِ فِي أَثْنَاء الْحِجَاجِ لِيُتَوَصَّل إِلَى ظُهُور الْحُجَّة وَأَنَّ اللَّوْم عَلَى مَنْ أَيْقَنَ وَعَلِمَ أَشَدُّ مِنْ اللَّوْم عَلَى مَنْ لَمْ يَحْصُل لَهُ ذَلِكَ.
وَفِيهِ مُنَاظَرَة الْعَالِم مَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ وَالِابْنِ أَبَاهُ وَمَحَلّ مَشْرُوعِيَّة ذَلِكَ إِذَا كَانَ لِإِظْهَارِ الْحَقّ أَوْ الِازْدِيَاد مِنْ الْعِلْم وَالْوُقُوف عَلَى حَقَائِق الْأُمُور.
وَفِيهِ حُجَّة لِأَهْلِ السُّنَّة فِي إِثْبَات الْقَدَر وَخَلْق أَفْعَال الْعِبَاد.
وَفِيهِ أَنَّهُ يُغْتَفَر لِلشَّخْصِ فِي بَعْض الْأَحْوَال مَا لَا يُغْتَفَر فِي بَعْضٍ كَحَالَةِ الْغَضَب وَالْأَسَف وَخُصُوصًا مِمَّنْ طُبِعَ عَلَى حِدَّة الْخُلُق وَشِدَّة الْغَضَبِ , فَإِنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام لَمَّا غَلَبَتْ عَلَيْهِ حَالَةُ الْإِنْكَارِ فِي الْمُنَاظَرَة خَاطَبَ آدَمَ مَعَ كَوْنه وَالِدَهُ بِاسْمِهِ مُجَرَّدًا وَخَاطَبَهُ بِأَشْيَاءَ لَمْ يَكُنْ لِيُخَاطِبَ بِهَا فِي غَيْر تِلْكَ الْحَالَةِ , وَمَعَ ذَلِكَ فَأَقَرَّهُ عَلَى ذَلِكَ وَعَدَلَ إِلَى مُعَارَضَتِهِ فِيمَا أَبَدَاهُ مِنْ الْحُجَّة فِي دَفْعِ شُبْهَتِهِ.


حديث احتج آدم وموسى فقال له موسى يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة قال

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏سُفْيَانُ ‏ ‏قَالَ حَفِظْنَاهُ مِنْ ‏ ‏عَمْرٍو ‏ ‏عَنْ ‏ ‏طَاوُسٍ ‏ ‏سَمِعْتُ ‏ ‏أَبَا هُرَيْرَةَ ‏ ‏عَنْ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏احْتَجَّ ‏ ‏آدَمُ ‏ ‏وَمُوسَى ‏ ‏فَقَالَ لَهُ ‏ ‏مُوسَى ‏ ‏يَا ‏ ‏آدَمُ ‏ ‏أَنْتَ أَبُونَا خَيَّبْتَنَا وَأَخْرَجْتَنَا مِنْ الْجَنَّةِ قَالَ لَهُ ‏ ‏آدَمُ ‏ ‏يَا ‏ ‏مُوسَى ‏ ‏اصْطَفَاكَ ‏ ‏اللَّهُ بِكَلَامِهِ وَخَطَّ لَكَ بِيَدِهِ أَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدَّرَهُ اللَّهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً ‏ ‏فَحَجَّ ‏ ‏آدَمُ ‏ ‏مُوسَى ‏ ‏فَحَجَّ ‏ ‏آدَمُ ‏ ‏مُوسَى ‏ ‏ثَلَاثًا ‏ ‏قَالَ ‏ ‏سُفْيَانُ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏أَبُو الزِّنَادِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏الْأَعْرَجِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏ ‏عَنْ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏مِثْلَهُ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث صحيح البخاري

اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع...

عن ‌وراد مولى المغيرة بن شعبة، قال: «كتب معاوية إلى المغيرة: اكتب إلي ما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول خلف الصلاة، فأملى علي المغيرة قال: سمعت ال...

تعوذوا بالله من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضا...

عن ‌أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تعوذوا بالله من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء.»

مما كان النبي ﷺ يحلف به لا ومقلب القلوب

عن ‌عبد الله قال: «كثيرا مما كان النبي صلى الله عليه وسلم يحلف: لا ومقلب القلوب.»

إن يكن هو فلا تطيقه وإن لم يكن هو فلا خير لك في ق...

عن ‌ابن عمر رضي الله عنهما قال: «قال النبي صلى الله عليه وسلم لابن صياد: خبأت لك خبيئا قال: الدخ، قال: اخسأ، فلن تعدو قدرك قال عمر: ائذن لي فأضرب عنقه...

كان الطاعون عذابا يبعثه الله على من يشاء فجعله ا...

عن ‌عائشة رضي الله عنها: «أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون فقال: كان عذابا يبعثه الله على من يشاء، فجعله الله رحمة للمؤمنين، ما من عب...

والله لولا الله ما اهتدينا ولا صمنا ولا صلينا

عن ‌البراء بن عازب قال: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق ينقل معنا التراب، وهو يقول: والله لولا الله ما اهتدينا .<br> ولا صمنا ولا صلينا فأ...

لا أحلف على يمين فرأيت غيرها خيرا منها إلا أتيت ا...

عن ‌عائشة «أن أبا بكر رضي الله عنه لم يكن يحنث في يمين قط، حتى أنزل الله كفارة اليمين، وقال: لا أحلف على يمين، فرأيت غيرها خيرا منها، إلا أتيت الذي هو...

إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فكفر عن يم...

حدثنا ‌عبد الرحمن بن سمرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة، فإنك إن أوتيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن أوتيتها...

لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا كفرت عن...

عن ‌أبي بردة، عن ‌أبيه قال: «أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في رهط من الأشعريين أستحمله فقال: والله لا أحملكم وما عندي ما أحملكم عليه قال: ثم لبثنا ما...