6694- عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يأتي ابن آدم النذر بشيء لم يكن قدر له، ولكن يلقيه النذر إلى القدر قد قدر له، فيستخرج الله به من البخيل، فيؤتي عليه ما لم يكن يؤتي عليه من قبل.»
(فيؤتيني.
.
) أي إن الناذر يعطي الله تعالى على الأمر الذي نذر بسببه ما لم يكن يعطيه لولا النذر والمراد بالعطاء القيام بالعمل الصالح الذي هو طاعة لله عز وجل
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْلُهُ فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة ( لَا يَأْتِي اِبْنَ آدَمَ النَّذْرُ بِشَيْءٍ ) اِبْن آدَم بِالنَّصْبِ مَفْعُولٌ مُقَدَّمٌ وَالنَّذْرُ بِالرَّفْعِ هُوَ الْفَاعِلُ.
قَوْله ( لَمْ أَكُنْ قَدَّرْته ) هَذَا مِنْ الْأَحَادِيث الْقُدْسِيَّة لَكِنْ سَقَطَ مِنْهُ التَّصْرِيح بِنِسْبَتِهِ إِلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ , وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي رِوَايَة اِبْن الْعَبْد عَنْهُ مِنْ رِوَايَة مَالِك , وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ مِنْ رِوَايَة سُفْيَان الثَّوْرِيِّ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي الزِّنَاد , وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ رِوَايَة عَمْرو بْن أُبَيّ , وَعُمَر عَنْ الْأَعْرَج , وَتَقَدَّمَ فِي أَوَاخِر كِتَاب الْقَدَر مِنْ طَرِيق هَمَّام عَنْ أَبِي هُرَيْرَة وَلَفْظه " لَمْ يَكُنْ قَدَّرْته " وَفِي رِوَايَة لِلنَّسَائِيِّ " لَمْ أُقَدِّرْهُ عَلَيْهِ " وَفِي رِوَايَة اِبْن مَاجَهْ " إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ , وَلَكِنْ يَغْلِبُهُ النَّذْرُ فَأُقَدِّر لَهُ " وَفِي رِوَايَة مَالِك " بِشَيْءٍ لَمْ يَكُنْ قُدِّرَ لَهُ , وَلَكِنْ يُلْقِيهِ النَّذْر إِلَى الْقَدَر قَدَّرْته " وَفِي رِوَايَة مُسْلِم " لَمْ يَكُنْ اللَّه قَدَّرَهُ لَهُ " وَكَذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي قَوْله " فَيَسْتَخْرِج اللَّه بِهِ مِنْ الْبَخِيل " فَفِي رِوَايَة مَالِك " فَيُسْتَخْرَج بِهِ " عَلَى الْبِنَاء لِمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ , وَكَذَا فِي رِوَايَة اِبْن مَاجَهْ وَالنَّسَائِيِّ وَعَبْدَة " وَلَكِنَّهُ شَيْء يُسْتَخْرَج بِهِ مِنْ الْبَخِيل " وَفِي رِوَايَة هَمَّام " وَلَكِنْ يُلْقِيهِ النَّذْر وَقَدْ قَدَّرْته لَهُ أَسْتَخْرِج بِهِ مِنْ الْبَخِيل " وَفِي رِوَايَة مُسْلِم " وَلَكِنَّ النَّذْر يُوَافِق الْقَدَر فَيُخْرَج بِذَلِكَ مِنْ الْبَخِيل مَا لَمْ يَكُنْ الْبَخِيل يُرِيد أَنْ يُخْرِج ".
قَوْله ( وَلَكِنْ يُلْقِيه النَّذْر إِلَى الْقَدَر ) تَقَدَّمَ الْبَحْث فِيهِ فِي " بَاب إِلْقَاء الْعَبْد النَّذْر إِلَى الْقَدَر " وَأَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَة مُطَابِقَة لِلتَّرْجَمَةِ الْمُشَار إِلَيْهَا , قَالَ الْكَرْمَانِيُّ : فَإِنْ قِيلَ الْقَدَر هُوَ الَّذِي يُلْقِيه إِلَى النَّذْر قُلْنَا تَقْدِير النَّذْر غَيْر تَقْدِير الْإِلْقَاء فَالْأَوَّل يُلْجِئُهُ إِلَى النَّذْر , وَالنَّذْر يُلْجِئُهُ إِلَى الْإِعْطَاء.
قَوْله ( فَيَسْتَخْرِج اللَّه ) فِيهِ اِلْتِفَاتٌ وَنَسَق الْكَلَام أَنْ يُقَال فَأَسْتَخْرِج لِيُوَافِقَ قَوْلَهُ أَوَّلًا " قَدَّرْته " وَثَانِيًا " فَيُؤْتِينِي ".
قَوْله ( فَيُؤْتِينِي عَلَيْهِ مَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مِنْ قَبْلُ ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ أَيْ يُعْطِينِي , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيِّ " يُؤْتِنِي " بِالْجَزْمِ وَوُجِّهَتْ بِأَنَّهَا بَدَلٌ مِنْ قَوْله " يَكُنْ " فَجُزِمَتْ بِلَمْ , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة مَالِك " يُؤْتِي " فِي الْمَوْضِعَيْنِ , وَفِي رِوَايَة اِبْن مَاجَهْ " فَيُيَسّر عَلَيْهِ مَا لَمْ يَكُنْ يُيَسّر عَلَيْهِ مِنْ قَبْلِ ذَلِكَ " وَفِي رِوَايَة مُسْلِم " فَيُخْرَج بِذَلِكَ مِنْ الْبَخِيل مَا لَمْ يَكُنْ الْبَخِيل يُرِيد أَنْ يُخْرِج " وَهَذِهِ أَوْضَحُ الرِّوَايَاتِ : قَالَ الْبَيْضَاوِيّ : عَادَة النَّاس تَعْلِيق النَّذْر عَلَى تَحْصِيل مَنْفَعَة أَوْ دَفْع مَضَرَّةٍ , فَنُهِيَ عَنْهُ لِأَنَّهُ فِعْل الْبُخَلَاء ; إِذْ السَّخِيّ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَقَرَّب بَادَرَ إِلَيْهِ وَالْبَخِيل لَا تُطَاوِعُهُ نَفْسه بِإِخْرَاجِ شَيْء مِنْ يَده إِلَّا فِي مُقَابَلَة عِوَض يَسْتَوْفِيهِ أَوَّلًا فَيَلْتَزِمُهُ فِي مُقَابَلَة مَا يَحْصُل لَهُ , وَذَلِكَ لَا يُغْنِي مِنْ الْقَدَر شَيْئًا فَلَا يَسُوق إِلَيْهِ خَيْرًا , لَمْ يُقَدَّرْ لَهُ وَلَا يَرُدّ عَنْهُ شَرًّا قُضِيَ عَلَيْهِ , لَكِنَّ النَّذْر قَدْ يُوَافِق الْقَدَر فَيُخْرَج مِنْ الْبَخِيل مَا لَوْلَاهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْرِجَهُ , قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : فِيهِ حُجَّة عَلَى وُجُوب الْوَفَاء بِمَا اِلْتَزَمَهُ النَّاذِر , لِأَنَّ الْحَدِيث نَصَّ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ " يُسْتَخْرَج بِهِ " فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يَلْزَمْهُ إِخْرَاجه لَمَا تَمَّ الْمُرَاد مِنْ وَصْفِهِ بِالْبُخْلِ مِنْ صُدُور النَّذْر عَنْهُ ; إِذْ لَوْ كَانَ مُخَيَّرًا فِي الْوَفَاء لَاسْتَمَرَّ لِبُخْلِهِ عَلَى عَدَم الْإِخْرَاج.
وَفِي الْحَدِيث الرَّدّ عَلَى الْقَدَرِيَّة كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيره فِي الْبَاب الْمُشَار إِلَيْهِ , وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ مِنْ حَدِيث أَنَس " إِنَّ الصَّدَقَة تَدْفَعُ مِيتَةَ السُّوءِ " فَظَاهِرُهُ يُعَارِض قَوْله " إِنَّ النَّذْر لَا يَرُدُّ الْقَدَرَ " وَيُجْمَع بَيْنهمَا بِأَنَّ الصَّدَقَة تَكُون سَبَبًا لِدَفْعِ مِيتَة السُّوء , وَالْأَسْبَاب مُقَدَّرَة كَالْمُسَبَّبَاتِ , وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ سَأَلَهُ عَنْ الرُّقَى هَلْ تَرُدّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ شَيْئًا ؟ قَالَ " هِيَ مِنْ قَدَر اللَّه " أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْحَاكِم , وَنَحْوه قَوْل عُمَر " نَفِرّ مِنْ قَدَر اللَّه إِلَى قَدَر اللَّه " كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيره فِي كِتَاب الطِّبّ , وَمِثْل ذَلِكَ مَشْرُوعِيَّةُ الطِّبّ وَالتَّدَاوِي.
وَقَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : النَّذْر شَبِيه بِالدُّعَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَرُدّ الْقَدَر وَلَكِنَّهُ مِنْ الْقَدَر أَيْضًا , وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ نُهِيَ عَنْ النَّذْر وَنُدِبَ إِلَى الدُّعَاء , وَالسَّبَب فِيهِ أَنَّ الدُّعَاء عِبَادَةٌ عَاجِلَةٌ , وَيَظْهَر بِهِ التَّوَجُّه إِلَى اللَّه وَالتَّضَرُّع لَهُ وَالْخُضُوع , وَهَذَا بِخِلَافِ النَّذْر فَإِنَّ فِيهِ تَأْخِيرَ الْعِبَادَة إِلَى حِين الْحُصُول وَتَرْكَ الْعَمَلِ إِلَى حِين الضَّرُورَة وَاَللَّه أَعْلَم.
وَفِي الْحَدِيث أَنَّ كُلّ شَيْء يَبْتَدِئُهُ الْمُكَلَّف مِنْ وُجُوه الْبِرّ أَفْضَل مِمَّا يَلْتَزِمُهُ بِالنَّذْرِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ , وَفِيهِ الْحَثّ عَلَى الْإِخْلَاص فِي عَمَل الْخَيْر وَذَمّ الْبُخْل , وَأَنَّ مَنْ اِتَّبَعَ الْمَأْمُورَاتِ وَاجْتَنَبَ الْمَنْهِيَّاتِ لَا يُعَدُّ بَخِيلًا.
( تَنْبِيهٌ ) : قَالَ اِبْن الْمُنِير : مُنَاسَبَة أَحَادِيث الْبَاب لِتَرْجَمَةِ الْوَفَاء بِالنَّذْرِ قَوْله " يُسْتَخْرَج بِهِ مِنْ الْبَخِيل " وَإِنَّمَا يُخْرِج الْبَخِيل مَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ إِذْ لَوْ أَخْرَجَ مَا يَتَبَرَّع بِهِ لَكَانَ جَوَادًا.
وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ : يُؤْخَذ مَعْنَى التَّرْجَمَة مِنْ لَفْظ " يُسْتَخْرَج " قُلْت : وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْبُخَارِيّ أَشَارَ إِلَى تَخْصِيص النَّذْر الْمَنْهِيّ عَنْهُ بِنَذْرِ الْمُعَاوَضَة وَاللَّجَاج بِدَلِيلِ الْآيَة , فَإِنَّ الثَّنَاء الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ مَحْمُول عَلَى نَذْر الْقُرْبَة كَمَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ , فَيُجْمَع بَيْن الْآيَة وَالْحَدِيث بِتَخْصِيصِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِصُورَةٍ مِنْ صُوَر النَّذْر وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَأْتِي ابْنَ آدَمَ النَّذْرُ بِشَيْءٍ لَمْ يَكُنْ قُدِّرَ لَهُ وَلَكِنْ يُلْقِيهِ النَّذْرُ إِلَى الْقَدَرِ قَدْ قُدِّرَ لَهُ فَيَسْتَخْرِجُ اللَّهُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ فَيُؤْتِي عَلَيْهِ مَا لَمْ يَكُنْ يُؤْتِي عَلَيْهِ مِنْ قَبْلُ
عن عمران بن حصين يحدث، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم قال عمران لا أدري ذكر ثنتين أو ثلاثا بعد قرنه ثم...
عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه.»
عن ابن عمر : أن عمر قال: «يا رسول الله، إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام، قال: أوف بنذرك.»
عن عبد الله بن عباس: «أن سعد بن عبادة الأنصاري استفتى النبي صلى الله عليه وسلم في نذر كان على أمه، فتوفيت قبل أن تقضيه، فأفتاه أن يقضيه عنها، فكانت سن...
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: إن أختي نذرت أن تحج، وإنها ماتت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو كان علي...
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه.»
عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله لغني عن تعذيب هذا نفسه ورآه يمشي بين ابنيه» وقال الفزاري، عن حميد: حدثني ثابت، عن أنس.<br>
عن ابن عباس : «أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يطوف بالكعبة بزمام أو غيره فقطعه.»
عن ابن عباس رضي الله عنهما: «أن النبي صلى الله عليه وسلم مر وهو يطوف بالكعبة بإنسان يقود إنسانا بخزامة في أنفه، فقطعها النبي صلى الله عليه وسلم بيده...