6722-
عن عبد الرحمن بن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تسأل الإمارة، فإنك إن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها، وإن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها، وإذا حلفت على يمين، فرأيت غيرها خيرا منها، فأت الذي هو خير، وكفر عن يمينك» تابعه أشهل، عن ابن عون.
وتابعه يونس، وسماك بن عطية، وسماك بن حرب، وحميد، وقتادة، ومنصور، وهشام، والربيع.
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله ( حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه ) هُوَ مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن عَبْد اللَّه بْن خَالِد بْن فَارِس بْن ذُؤَيْب الذُّهْلِيُّ الْحَافِظ الْمَشْهُور فِيمَا جَزَمَ بِهِ الْمِزِّيُّ وَقَالَ : نَسَبَهُ إِلَى جَدِّهِ.
وَقَالَ أَبُو عَلِيّ الْجَيَّانِيّ : لَمْ أَرَهُ مَنْسُوبًا فِي شَيْء مِنْ الرِّوَايَات.
قُلْت : وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيّ فِي بَدْء الْخَلْق عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الْمَخْرَمِيّ عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي الثَّلْج وَهُمَا مِنْ هَذِهِ الطَّبَقَة , وَرَوَى أَيْضًا فِي عِدَّة مَوَاضِع عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن حَوْشَبٍ وَمُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن نُمَيْر وَمُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الرَّقَاشِيِّ وَهُمْ أَعْلَى مِنْ طَبَقَة الْمَخْرَمِيّ وَمَنْ مَعَهُ , وَرُوِيَ أَيْضًا بِوَاسِطَةٍ تَارَة وَبِغَيْرِ وَاسِطَةٍ أُخْرَى عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الْأَنْصَارِيّ , وَهُوَ أَعْلَى مِنْ طَبَقَة اِبْن نُمَيْر وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ , فَقَدْ ثَبَتَ هَذَا الْحَدِيث بِعَيْنِهِ مِنْ رِوَايَته عَنْ اِبْن عَوْن شَيْخ عُثْمَان بْن عُمَر شَيْخ مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الْمَذْكُور فِي هَذَا الْبَاب , فَعَلَى هَذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ مَنْ هُوَ شَيْخ الْبُخَارِيّ فِي هَذَا الْحَدِيث , وَابْن عَوْن هُوَ عَبْد اللَّه الْبَصْرِيّ الْمَشْهُور , وَقَوْله فِي آخِر الْحَدِيث " تَابَعَهُ أَشْهَل " بِالْمُعْجَمَةِ وَزْن أَحْمَر " عَنْ اِبْن عَوْن " وَقَعَتْ رِوَايَته مَوْصُولَة عِنْد أَبِي عَوَانَة وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيِّ مِنْ طَرِيق أَبِي قِلَابَةَ الرَّقَاشِيِّ " حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الْأَنْصَارِيّ وَأَشْهَل بْن حَاتِم قَالَا : أَنْبَأَنَا اِبْن عَوْن بِهِ ".
قَوْلُهُ ( وَتَابَعَهُ يُونُس وَسِمَاك بْن عَطِيَّة وَسِمَاك بْن حَرْب وَحُمَيْدٌ وَقَتَادَةُ وَمَنْصُور وَهِشَام وَالرَّبِيع ) يُرِيد أَنَّ الثَّمَانِيَة تَابَعُوا اِبْن عَوْن فَرَوَوْهُ عَنْ الْحَسَن , فَالضَّمِير فِي قَوْله أَوَّلًا " تَابَعَهُ أَشْهَل " لِعُثْمَان بْن عُمَر , وَالضَّمِير فِي قَوْله ثَانِيًا " وَتَابَعَهُ يُونُس " وَمَا بَعْده لِعَبْدِ اللَّه بْن عَوْن شَيْخ عُثْمَان بْن عُمَر , وَوَقَعَ فِي نُسْخَة مِنْ رِوَايَة أَبِي ذَرّ " وَحُمَيْد عَنْ قَتَادَةَ " وَهُوَ خَطَأ وَالصَّوَاب " وَحُمَيْد وَقَتَادَةُ " بِالْوَاوِ وَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَة النَّسَفِيِّ عَنْ الْبُخَارِيّ , وَكَذَا فِي رِوَايَة مَنْ وَصَلَ هَذِهِ الْمُتَابَعَاتِ , فَأَمَّا رِوَايَة يُونُس وَهُوَ اِبْن عُبَيْد فَسَتَأْتِي مَوْصُولَة فِي كِتَاب الْأَحْكَام , وَأَمَّا مُتَابَعَةُ سِمَاكِ بْن عَطِيَّة فَوَصَلَهَا مُسْلِم مِنْ طَرِيق حَمَّاد بْن زَيْد عَنْهُ , وَعَنْ يُونُس جَمِيعًا عَنْ الْحَسَن , وَقَالَ الْبَزَّار : مَا رَوَاهُ عَنْ سِمَاك بْن عَطِيَّة إِلَّا حَمَّاد , وَلَا رَوَى سِمَاك هَذَا عَنْ الْحَسَن إِلَّا هَذَا.
وَأَمَّا مُتَابَعَة سِمَاك بْن حَرْب فَوَصَلَهَا عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد فِي زِيَادَاته وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِير مِنْ طَرِيق حَمَّاد بْن زَيْد عَنْهُ عَنْ الْحَسَن , وَأَمَّا مُتَابَعَة حُمَيْدٍ وَهُوَ الطَّوِيل وَمَنْصُور هُوَ اِبْن زَاذَانَ فَوَصَلَهَا مُسْلِم مِنْ طَرِيق هُشَيْمٍ عَنْهُمَا , قَالَ الْبَزَّار وَتَبِعَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَط : لَمْ يَرْوِهِ عَنْ مَنْصُور بْن زَاذَانَ إِلَّا هُشَيْمٌ , وَلَا رَوَى مَنْصُور هَذَا عَنْ الْحَسَن إِلَّا هَذَا الْحَدِيث.
قُلْت : وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون مُرَاد الْبُخَارِيّ بِمَنْصُورٍ مَنْصُور بْن الْمُعْتَمِر , وَقَدْ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقه مِنْ رِوَايَة جَرِير بْن عَبْد الْحَمِيد عَنْ مَنْصُور بْن الْمُعْتَمِر عَنْ الْحَسَن , قَالَ الْبَزَّار أَيْضًا : لَمْ يَرْوِ مَنْصُور بْن الْمُعْتَمِر عَنْ الْحَسَن إِلَّا هَذَا.
وَأَمَّا مُتَابَعَة قَتَادَةَ فَوَصَلَهَا مُسْلِم وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيق سَعِيد بْن أَبِي عَرُوبَة عَنْهُ.
وَأَمَّا رِوَايَة هِشَام وَهُوَ اِبْن حَسَّان فَأَخْرَجَهَا أَبُو نُعَيْم فِي " الْمُسْتَخْرَج عَلَى مُسْلِم " مِنْ طَرِيق حَمَّاد بْن زَيْد عَنْ هِشَام عَنْ الْحَسَن وَوَقَعَ لَنَا فِي " الْغَيْلَانِيَّات " مِنْ وَجْه آخَر عَنْ هِشَام وَمَطَر الْوَرَّاق جَمِيعًا عَنْ الْحَسَن , وَهُوَ عِنْد أَبِي عَوَانَة فِي صَحِيحه مِنْ هَذَا الْوَجْه.
وَأَمَّا حَدِيث الرَّبِيع فَقَدْ جَزَمَ الدِّمْيَاطِيّ فِي حَاشِيَته بِأَنَّهُ اِبْن مُسْلِم , وَاَلَّذِي يَغْلِب عَلَى ظَنِّي أَنَّهُ اِبْن صُبَيْح , فَقَدْ وَقَعَ لَنَا فِي " الشَّرَّانِيَّات " مِنْ رِوَايَة شَبَابَةَ عَنْ الرَّبِيع بْن صَبِيحٍ بِوَزْنِ عَظِيم عَنْ الْحَسَن , وَأَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَة مِنْ طَرِيق الْأَسْوَد بْن عَامِر عَنْ الرَّبِيع بْن صَبِيح , وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ رِوَايَة مُسْلِم بْن إِبْرَاهِيم حَدَّثَنَا قُرَّة بْن خَالِد وَالْمُبَارَك بْن فَضَالَة وَالرَّبِيع بْن صَبِيح قَالُوا : حَدَّثَنَا الْحَسَن بِهِ , وَوَقَعَ لَنَا مِنْ رِوَايَة الرَّبِيع غَيْر مَنْسُوب عَنْ الْحَسَن أَخْرَجَهُ الْحَافِظ يُوسُف بْن خَلِيل فِي الْجُزْء الَّذِي جَمَعَ فِيهِ طُرُق هَذَا الْحَدِيث مِنْ طَرِيق وَكِيع عَنْ الرَّبِيع عَنْ الْحَسَن.
وَهَذَا يَحْتَمِل أَنْ يَكُون هُوَ الرَّبِيع بْن صَبِيح الْمَذْكُور وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الرَّبِيع بْن مُسْلِم.
وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيث عَنْ الْحَسَن غَيْرَ مَنْ ذُكِرَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ وَتَقَدَّمَتْ رِوَايَته فِي أَوَّل كِتَاب الْأَيْمَان وَالنُّذُور , وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ رِوَايَة مُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْحَسَن.
وَلَمَّا أَخْرَجَ طَرِيق سِمَاك بْن عَطِيَّة قَرَنَهَا بِيُونُسَ بْن عُبَيْد وَهِشَام بْن حَسَّان وَقَالَ : فِي آخَرِينَ.
وَأَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَة مِنْ طَرِيق عَلِيّ بْن زَيْد بْن جُدْعَان وَمِنْ طَرِيق إِسْمَاعِيل بْن مُسْلِم وَمِنْ طَرِيق إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد كُلّهمْ عَنْ الْحَسَن , وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْمُعْجَم الْكَبِير عَنْ نَحْو الْأَرْبَعِينَ مِنْ أَصْحَاب الْحَسَن مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَتَقَدَّم ذِكْرُهُ يَزِيد بْن إِبْرَاهِيم وَأَبُو الْأَشْهَب وَاسْمه جَعْفَر بْن حَيَّان وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ وَحَبِيب بْن الشَّهِيد وَخُلَيْد بْن دَعْلَج وَأَبُو عَمْرو اِبْن الْعَلَاء وَمُحَمَّد بْن نُوحٍ وَعَبْد الرَّحْمَن السَّرَّاج وَعَرْفَطَة وَالْمُعَلَّى بْن زِيَاد وَصَفْوَان بْن سُلَيْمٍ وَمُعَاوِيَة بْن عَبْد الْكَرِيم وَزِيَاد مَوْلَى مُصْعَب وَسَهْل السَّرَّاج وَشُبَيْب بْن شَيْبَةَ وَعَمْرو بْن عُبَيْد وَوَاصِل بْن عَطَاء وَمُحَمَّد بْن عُقْبَة وَالْأَشْعَث بْن سِوَار وَالْأَشْعَث بْن عَبْد الْمَلِك وَالْحَسَن بْن دِينَار وَالْحَسَن بْن ذَكْوَان وَسُفْيَان بْن حُسَيْن وَالسُّرِّيّ بْن يَحْيَى وَأَبُو عُقَيْل الدَّوْرَقِيّ وَعَبَّاد بْن رَاشِد وَعَبَّاد بْن كَثِير , فَهَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة وَأَرْبَعُونَ نَفْسًا.
وَقَدْ خَرَّجَ طُرُقه الْحَافِظ عَبْد الْقَادِر الرَّهَاوِيُّ فِي الْأَرْبَعِينَ الْبُلْدَانِيَّة لَهُ عَنْ سَبْعَة وَعِشْرِينَ نَفْسًا مِنْ الرُّوَاة عَنْ الْحَسَن , فِيهِمْ مِمَّنْ لَمْ يَتَقَدَّم ذِكْرُهُ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير وَجَرِير بْن حَازِم وَإِسْرَائِيل أَبُو مُوسَى وَوَائِل بْن دَاوُدَ وَعَبْد اللَّه بْن عَوْن وَقُرَّة بْن خَالِد وَأَبُو خَالِد الْجَزَّار وَأَبُو عُبَيْدَة الْبَاجِيّ وَخَالِد الْحَذَّاء وَعَوْف الْأَعْرَابِيّ وَحَمَّاد بْن نَجِيح وَيُونُس بْن يَزِيد وَمَطَر الْوَرَّاق وَعَلِيّ بْن رِفَاعَة وَمُسْلِم بْن أَبِي الذَّيَّال وَالْعَوَّام بْن جُوَيْرِيَةَ وَعُقَيْل بْن صَبِيح وَكَثِير بْن زِيَاد وَسَوْدَة بْن أَبِي الْعَالِيَة ثُمَّ قَالَ : رَوَاهُ عَنْ الْحَسَن الْعَدَد الْكَثِير مِنْ أَهْل مَكَّة وَالْمَدِينَة وَالْبَصْرَة وَالْكُوفَة وَالشَّام وَلَعَلَّهُمْ يَزِيدُونَ عَلَى الْخَمْسِينَ , ثُمَّ خَرَّجَ طُرُقَهُ الْحَافِظُ يُوسُف اِبْن خَلِيل عَنْ أَكْثَر مِنْ سِتِّينَ نَفْسًا عَنْ الْحَسَن عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن سَمُرَة , وَسَرَدَ الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَافِظ أَبِي عَبْد اللَّه بْن مَنْدَهْ فِي تَذْكِرَتِهِ أَسْمَاء مَنْ رَوَاهُ عَنْ الْحَسَن فَبَلَغُوا مِائَةً وَثَمَانِينَ نَفْسًا وَزِيَادَة ثُمَّ قَالَ : رَوَاهُ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ عَبْد الرَّحْمَن بْن سَمُرَة عَبْد اللَّه بْن عَمْرو وَأَبُو مُوسَى وَأَبُو الدَّرْدَاء وَأَبُو هُرَيْرَة وَأَنَس وَعَدِيّ بْن حَاتِم وَعَائِشَة وَأُمّ سَلَمَة وَعَبْد اللَّه بْن مَسْعُود وَعَبْد اللَّه بْن عَبَّاس وَعَبْد اللَّه بْن عُمَر وَأَبُو سَعِيد الْخُدْرِيُّ وَعِمْرَان بْن حُصَيْن اِنْتَهَى.
وَلَمَّا أَخْرَجَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث عَبْد الرَّحْمَن بْن سَمُرَة قَالَ : " وَفِي الْبَاب " فَذَكَرَ الثَّمَانِيَّة الْمَذْكُورِينَ أَوَّلًا وَأَهْمَلَ خَمْسَة , وَاسْتَدْرَكَهُمْ شَيْخنَا فِي شَرْح التِّرْمِذِيّ إِلَّا اِبْن مَسْعُود وَابْن عُمَر وَزَادَ مُعَاوِيَة بْن الْحَكَم وَعَوْف بْن مَالِك الْجُشَمِيّ وَالِد أَبِي الْأَحْوَص وَأُذَيْنَة وَالِد عَبْد الرَّحْمَن فَكَمَّلُوا سِتَّةَ عَشَرَ نَفْسًا.
قُلْت : أَحَادِيث الْمَذْكُورِينَ كُلّهَا فِيمَا يَتَعَلَّق بِالْيَمِينِ , وَلَيْسَ فِي حَدِيث أَحَد مِنْهُمْ " لَا تَسْأَلْ الْإِمَارَةَ " لَكِنْ سَأَذْكُرُ مَنْ رَوَى مَعْنَى ذَلِكَ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كِتَاب الْأَحْكَام إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
وَلَمْ يَذْكُرْ اِبْن مَنْدَهْ أَنَّ أَحَدًا رَوَاهُ عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن سَمُرَة غَيْر الْحُسَيْن , لَكِنْ ذَكَرَ عَبْد الْقَادِر أَنَّ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ رَوَاهُ عَنْ عَبْد الرَّحْمَن , ثُمَّ أَسْنَدَ مِنْ طَرِيق أَبِي عَامِر الْخَرَّاز عَنْ الْحَسَن وَابْن سِيرِينَ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَن بْن سَمُرَة : " لَا تَسْأَلْ الْإِمَارَةَ " الْحَدِيث , وَقَالَ : غَرِيبٌ مَا كَتَبْته إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْه , وَالْمَحْفُوظ رِوَايَة الْحَسَن عَنْ عَبْد الرَّحْمَن اِنْتَهَى.
وَهَذَا مَعَ مَا فِي سَنَده مِنْ ضَعْف لَيْسَ فِيهِ التَّصْرِيح بِرِوَايَةِ اِبْن سِيرِينَ عَنْ عَبْد الرَّحْمَن , وَأَخْرَجَهُ يُوسُف بْن خَلِيل الْحَافِظ مِنْ رِوَايَة عِكْرِمَة مَوْلَى اِبْن عَبَّاس عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن سَمُرَة أَوْرَدَهُ مِنْ الْمُعْجَم الْأَوْسَط لِلطَّبَرَانِيِّ , وَهُوَ فِي تَرْجَمَة مُحَمَّد بْن عَلِيّ الْمَرْوَزِيِّ بِسَنَدِهِ إِلَى عِكْرِمَة قَالَ : كَانَ اِسْم عَبْد الرَّحْمَن بْن سَمُرَة عَبْد كَلُّوب فَسَمَّاهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْد الرَّحْمَن فَمَرَّ بِهِ , وَهُوَ يَتَوَضَّأ فَقَالَ : " تَعَالَ يَا عَبْد الرَّحْمَن لَا تَطْلُبْ الْإِمَارَةَ " الْحَدِيث , وَهَذَا لَمْ يُصَرِّح فِيهِ عِكْرِمَة بِأَنَّهُ حَمَلَهُ عَنْ عَبْد الرَّحْمَن لَكِنَّهُ مُحْتَمَل , قَالَ الطَّبَرَانِيُّ : لَمْ يَرْوِهِ عَنْ عِكْرِمَة إِلَّا عَبْد الرَّحْمَن بْن كَيْسَانَ , وَلَا عَنْهُ إِلَّا اِبْنه إِسْحَاق تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو الدَّرْدَاء عَبْد الْعَزِيز بْن مُنِيب.
قُلْت : عَبْد اللَّه بْن كَيْسَانَ ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِم الرَّازِيُّ , وَابْنه إِسْحَاق لَيَّنَهُ أَبُو أَحْمَد الْحَاكِمُ.
قَوْله ( عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن سَمُرَة ) فِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بْن صَدَقَةَ عَنْ يُونُس بْن عُبَيْد عَنْ الْحَسَن عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن سَمُرَة وَكَانَ غَزَا مَعَهُ كَإِبِلِ شَنُوءَة أَوْ شَنُوءَتَيْنِ أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَة فِي صَحِيحه , وَكَذَا لِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيق أَبِي حَمْزَة إِسْحَاق بْن الرَّبِيع عَنْ الْحَسَن لَكِنْ بِلَفْظِ " غَزَوْنَا مَعَ عَبْد الرَّحْمَن بْن سَمُرَة " وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيق عَلِيّ بْن زَيْد عَنْ الْحَسَن " حَدَّثَنِي عَبْد الرَّحْمَن بْن سَمُرَة " وَمِنْ طَرِيق الْمُبَارَك بْن فَضَالَة عَنْ الْحَسَن " حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن ".
قَوْله ( لَا تَسْأَلْ الْإِمَارَةَ ) سَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي الْأَحْكَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْله ( وَإِذَا حَلَفْت عَلَى يَمِينٍ ) تَقَدَّمَ تَوْجِيهُهُ فِي الْكَلَام عَلَى حَدِيث أَبِي مُوسَى قَرِيبًا فِي قَوْله " لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِين " وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيمَا تَضَمَّنَهُ حَدِيث عَبْد الرَّحْمَن بْن سَمُرَة هَلْ لِأَحَدِ الْحُكْمَيْنِ تَعَلُّقٌ بِالْآخَرِ أَوْ لَا ؟ فَقِيلَ : لَهُ بِهِ تَعَلُّقٌ , وَذَلِكَ أَنَّ أَحَد الشِّقَّيْنِ أَنْ يُعْطَى الْإِمَارَة مِنْ غَيْر مَسْأَلَة فَقَدْ لَا يَكُون لَهُ فِيهَا أَرَبٌ فَيَمْتَنِع فَيَلْزَم فَيَحْلِف فَأُمِرَ أَنْ يَنْظُر ثُمَّ يَفْعَل الَّذِي هُوَ أَوْلَى فَإِنْ كَانَ فِي الْجَانِب الَّذِي حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ فَيَحْنَثُ وَيُكَفِّر , وَيَأْتِي مِثْلَهُ فِي الشِّقِّ الْآخَرِ.
قَوْله ( فَرَأَيْت غَيْرهَا ) أَيْ غَيْرَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ , وَظَاهِر الْكَلَام عَوْدُ الضَّمِير عَلَى الْيَمِين , وَلَا يَصِحُّ عَوْدُهُ عَلَى الْيَمِين بِمَعْنَاهَا الْحَقِيقِيّ بَلْ بِمَعْنَاهَا الْمَجَازِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ , وَالْمُرَاد بِالرُّؤْيَةِ هُنَا الِاعْتِقَادِيَّة لَا الْبَصَرِيَّة , قَالَ عِيَاض : مَعْنَاهُ إِذَا ظَهَرَ لَهُ أَنَّ الْفِعْلَ أَوْ التَّرْكَ خَيْر لَهُ فِي دُنْيَاهُ أَوْ آخِرَتِهِ أَوْ أَوْفَقُ لِمُرَادِهِ وَشَهْوَته مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا.
قُلْت : وَقَدْ وَقَعَ عِنْد مُسْلِم فِي حَدِيث عَدِيِّ بْن حَاتِم " فَرَأَى غَيْرَهَا أَتْقَى لِلَّهِ فَلْيَأْتِ التَّقْوَى " وَهُوَ يُشْعِر بِقَصْرِ ذَلِكَ عَلَى مَا فِيهِ طَاعَةٌ.
وَيَنْقَسِمُ الْمَأْمُورُ بِهِ أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ إِنْ كَانَ الْمَحْلُوف عَلَيْهِ فِعْلًا فَكَانَ التَّرْك أَوْلَى , أَوْ كَانَ الْمَحْلُوف عَلَيْهِ تَرْكًا فَكَانَ الْفِعْل أَوْلَى , أَوْ كَانَ كُلّ مِنْهُمَا فِعْلًا وَتَرْكًا لَكِنْ يَدْخُل الْقِسْمَانِ الْأَخِيرَانِ فِي الْقِسْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ ; لِأَنَّ مِنْ لَازِم فِعْل أَحَد الشَّيْئَيْنِ أَوْ تَرْكه تَرْك الْآخَر أَوْ فِعْله.
قَوْله ( فَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينك ) هَكَذَا وَقَعَ لِلْأَكْثَرِ , وَلِلْكَثِيرِ مِنْهُمْ " فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينك وَائْتِ الَّذِي هُوَ خَيْر " وَقَدْ ذُكِرَ قَبْلُ مَنْ رَوَاهُ بِلَفْظِ " ثُمَّ اِئْتِ الَّذِي هُوَ خَيْر " وَوَقَعَ فِي رِوَايَة عَمْرو بْن شُعَيْب عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه عِنْد أَبِي دَاوُدَ " فَرَأَى غَيْرهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَدَعْهَا وَلِيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْر فَإِنَّ كَفَّارَتَهَا تَرْكهَا " فَأَشَارَ أَبُو دَاوُدَ إِلَى ضَعْفه وَقَالَ : الْأَحَادِيث كُلّهَا " فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينه " إِلَّا شَيْئًا لَا يُعْبَأُ بِهِ كَأَنَّهُ يُشِير إِلَى حَدِيث يَحْيَى بْن عُبَيْد اللَّه عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَفَعَهُ " مَنْ حَلَفَ فَرَأَى غَيْرهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْر فَهُوَ كَفَّارَتُهُ " وَيَحْيَى ضَعِيفٌ جِدًّا , وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيث عَدِيّ بْن حَاتِم عِنْد مُسْلِم مَا يُوهِم ذَلِكَ , وَأَنَّهُ أَخْرَجَهُ بِلَفْظِ " مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيَتْرُكْ يَمِينَهُ " هَكَذَا أَخْرَجَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْكَفَّارَة , وَلَكِنْ أَخْرَجَهُ مِنْ وَجْه آخَرَ بِلَفْظِ " فَرَأَى خَيْرًا مِنْهَا فَلْيُكَفِّرْهَا وَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْر " وَمَدَاره فِي الطُّرُق كُلّهَا عَلَى عَبْد الْعَزِيز بْن رُفَيْع عَنْ تَمِيم بْن طَرِيفَة عَنْ عَدِيّ , وَاَلَّذِي زَادَ ذَلِكَ حَافِظٌ فَهُوَ الْمُعْتَمَد , قَالَ الشَّافِعِيّ : فِي الْأَمْر بِالْكَفَّارَةِ مَعَ تَعَمُّد الْحِنْث دَلَالَة عَلَى مَشْرُوعِيَّة الْكَفَّارَة فِي الْيَمِين الْغَمُوس ; لِأَنَّهَا يَمِين حَانِثَة.
وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْحَالِف يَجِب عَلَيْهِ فِعْل أَيّ الْأَمْرَيْنِ كَانَ أَوْلَى مِنْ الْمُضِيّ فِي حَلِفِهِ أَوْ الْحِنْث وَالْكَفَّارَة , وَانْفَصَلَ عَنْهُ مَنْ قَالَ : إِنَّ الْأَمْر فِيهِ لِلنَّدَبِ بِمَا مَضَى فِي قِصَّة الْأَعْرَابِيّ الَّذِي قَالَ " وَاَللَّهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ " فَقَالَ " أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ " فَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْحِنْثِ وَالْكَفَّارَة مَعَ أَنَّ حَلِفَهُ عَلَى تَرْك الزِّيَادَة مَرْجُوح بِالنِّسْبَةِ إِلَى فِعْلِهَا.
( خَاتِمَةٌ ) : اِشْتَمَلَ كِتَاب الْأَيْمَان وَالنُّذُور وَالْكَفَّارَة وَالْمُلْحَقَة بِهِ مِنْ الْأَحَادِيث الْمَرْفُوعَة عَلَى مِائَة وَسَبْعَة وَعِشْرِينَ حَدِيثًا , الْمُعَلَّق مِنْهَا فِيهِ وَفِيمَا مَضَى سِتَّة وَعِشْرُونَ وَالْبَقِيَّة مَوْصُولَة , وَالْمُكَرَّر مِنْهَا فِيهِ وَفِيمَا مَضَى مِائَة وَخَمْسَةَ عَشَرَ وَالْخَالِص اِثْنَا عَشَرَ , وَافَقَهُ مُسْلِم عَلَى تَخْرِيجهَا سِوَى حَدِيث عَائِشَة عَنْ أَبِي بَكْر , وَحَدِيثهَا " مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيع اللَّه فَلْيُطِعْهُ " , وَحَدِيث اِبْن عَبَّاس فِي قِصَّة أَبِي إِسْرَائِيل , وَحَدِيثه " أَعُوذ بِعِزَّتِك " وَحَدِيث عَبْد اللَّه بْن عَمْرو فِي الْيَمِين الْغَمُوس , وَحَدِيث اِبْن عُمَر فِي نَذْرٍ وَافَقَ يَوْم عِيد.
وَفِيهِ مِنْ الْآثَار عَنْ الصَّحَابَة فَمَنْ بَعْدهمْ عَشَرَة آثَار.
وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَسْأَلْ الْإِمَارَةَ فَإِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَهَا مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ تَابَعَهُ أَشْهَلُ بْنُ حَاتِمٍ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ وَتَابَعَهُ يُونُسُ وَسِمَاكُ بْنُ عَطِيَّةَ وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ وَحُمَيْدٌ وَقَتَادَةُ وَمَنْصُورٌ وَهِشَامٌ وَالرَّبِيعُ
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول: «مرضت فعادني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، وهما ماشيان، فأتاني وقد أغمي علي، فتوضأ رسول الله صلى الل...
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد...
عن عائشة : «أن فاطمة والعباس عليهما السلام، أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهما حينئذ يطلبان أرضيهما من فدك وسهمهما م...
عن مالك بن أوس بن الحدثان، «وكان محمد بن جبير بن مطعم ذكر لي من حديثه ذلك، فانطلقت حتى دخلت عليه فسألته فقال: انطلقت حتى أدخل على عمر، فأتاه حاجبه يرف...
عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يقتسم ورثتي دينارا، ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي فهو صدقة.»
عن عائشة رضي الله عنها: «أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، أردن أن يبعثن عثمان إلى أبي بكر يسألنه ميراثهن، فقا...
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن مات وعليه دين ولم يترك وفاء فعلينا قضاؤه، ومن ترك مالا...
عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولى رجل ذكر.»
عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه قال: «مرضت بمكة مرضا، فأشفيت منه على الموت، فأتاني النبي صلى الله عليه وسلم يعودني، فقلت: يا رسول الله إن لي مالا...