4279- عن جابر بن سمرة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يزال هذا الدين قائما حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة، كلهم تجتمع عليه الأمة»، فسمعت كلاما من النبي صلى الله عليه وسلم لم أفهمه، قلت لأبي: ما يقول؟ قال: «كلهم من قريش»
حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي خالد -والد إسماعيل- ولكنه متابع.
كما في الطريقين التاليين وكما سيأتي في التخريج.
وأخرجه البخاري (٧٢٢٢)، ومسلم (١٨٢١) من طريق عبد الملك بن عمير، ومسلم (١٨٢١) من طريق حصين بن عبد الرحمن، ومسلم (١٨٢١)، والترمذي (٢٣٧٢) من طريق سماك بن حرب، والترمذي (٢٣٧٣) من طريق أبي بكر بن أبي موسى، أربعتهم عن جابر بن سمرة.
وهو في "مسند أحمد" (٢٠٨١٤) و"صحيح ابن حبان" (٦٦٦٢) و (٦٦٦٣).
وانظر تالييه.
وهذا الحديث يعارض في ظاهره حديث سفينة مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم: "خلافة النبوة ثلاثون سنة" الذي سيأتي عند المصنف برقم (٤٦٤٦) و (٤٦٤٧).
وذهب القاضي عياض فيما حكاه عنه النووي في "شرح مسلم" إلى أنه لا تعارض؛ لأن المراد في حديث: "الخلافة ثلاثون سنة" خلافة النبوة، وأن هذا لم يشترط في الاثني عشر.
وبنحو قول القاضي هذا ما قاله ابن قيم الجوزية في "تهذيب السنن" ٦/ ١٥٦ - ١٥٧.
واستشكل أيضا أنه ولي أكثر من اثني عشر خليفة، وأجيب بأن السبيل في ذلك أن يحمل على المقسطين منهم، فإنهم هم المستحقون لاسم الخليفة على الحقيقة.
نص عليه القاضي عياض فيما نقله عنه النووي والتوربشتي فيما نقله ملا علي القاري في "المرقاة"، وأجيب أيضا بأنه لا يلزم من هذا تواليهم وتتابع أيامهم كما يذهب إليه الرافضة.
نص عليه ابن كثير في "تفسيره"، عند تفسير قوله تعالى: {وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا} [المائدة:١٢]، وبين أن أربعة منهم قد جاؤوا على الولاء، وهم الخلفاء الأربعة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، ومنهم عمر بن عبد العزيز بلا شك عند الأئمة وبعض بني العباس.
وذكر نحو ذلك في كتابه "النهاية" في الفتن والملاحم" ١/ ٢٣ - ٢٤.
عون المعبود على شرح سنن أبي داود: أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي
( لَا يَزَال هَذَا الدِّين قَائِمًا ) : أَيْ مُسْتَقِيمًا سَدِيدًا جَارِيًا عَلَى الصَّوَاب وَالْحَقّ ( حَتَّى يَكُون عَلَيْكُمْ اِثْنَا عَشَر ) : وَفِي الرِّوَايَة الْآتِيَة لَا يَزَال هَذَا الدِّين عَزِيزًا إِلَى اِثْنَيْ عَشَر خَلِيفَة , وَلَفْظ مُسْلِم : " لَا يَزَال أَمْر النَّاس مَاضِيًا مَا وَلِيَهُمْ اِثْنَا عَشَر رَجُلًا " ( كُلّهمْ تَجْتَمِع عَلَيْهِ الْأُمَّة ) : الْمُرَاد بِاجْتِمَاعِ الْأُمَّة عَلَيْهِ اِنْقِيَادهَا لَهُ وَإِطَاعَته.
قَالَ بَعْض الْمُحَقِّقِينَ : قَدْ مَضَى مِنْهُمْ الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة وَلَا بُدّ مِنْ تَمَام هَذَا الْعَدَد قَبْل قِيَام السَّاعَة.
وَقِيلَ إِنَّهُمْ يَكُونُونَ فِي زَمَان وَاحِد يَفْتَرِق النَّاس عَلَيْهِمْ.
وَقَالَ التُّورْبَشْتِيُّ : السَّبِيل فِي هَذَا الْحَدِيث وَمَا يَعْتَقِبهُ فِي هَذَا الْمَعْنَى أَنْ يُحْمَل عَلَى الْمُقْسِطِينَ مِنْهُمْ فَإِنَّهُمْ هُمْ الْمُسْتَحِقُّونَ لِاسْمِ الْخَلِيفَة عَلَى الْحَقِيقَة , وَلَا يَلْزَم أَنْ يَكُونُوا عَلَى الْوِلَاء , وَإِنْ قُدِّرَ أَنَّهُمْ عَلَى الْوَلَاء فَإِنَّ الْمُرَاد مِنْهُ الْمُسَمُّونَ بِهَا عَلَى الْمَجَاز كَذَا فِي الْمِرْقَاة.
وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي شَرْح مُسْلِم : قَالَ الْقَاضِي قَدْ تَوَجَّهَ هُنَا سُؤَالَانِ أَحَدهمَا أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيث الْآخَر : " الْخِلَافَة بَعْدِي ثَلَاثُونَ سَنَة ثُمَّ تَكُون مُلْكًا " وَهَذَا مُخَالِف لِحَدِيثِ اِثْنَيْ عَشَر خَلِيفَة , فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي ثَلَاثِينَ سَنَة إِلَّا الْخُلَفَاء الرَّاشِدُونَ الْأَرْبَعَة , وَالْأَشْهُر الَّتِي بُويِعَ فِيهَا الْحَسَن بْن عَلِيّ.
قَالَ وَالْجَوَاب عَنْ هَذَا أَنَّ الْمُرَاد فِي حَدِيث الْخِلَافَة ثَلَاثُونَ سَنَة خِلَافَة النُّبُوَّة وَقَدْ جَاءَ مُفَسَّرًا فِي بَعْض الرِّوَايَات : " خِلَافَة النُّبُوَّة بَعْدِي ثَلَاثُونَ سَنَة , ثُمَّ تَكُون مُلْكًا ".
وَلَمْ يُشْتَرَط هَذَا فِي الِاثْنَيْ عَشَر.
وَالسُّؤَال الثَّانِي أَنَّهُ قَدْ وَلِيَ أَكْثَر مِنْ هَذَا الْعَدَد.
قَالَ وَهَذَا اِعْتِرَاض بَاطِل لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُلْ لَا يَلِي إِلَّا اِثْنَا عَشَر خَلِيفه وَإِنَّمَا قَالَ يَلِي وَقَدْ وَلِيَ هَذَا الْعَدَد وَلَا يَضُرّ كَوْنه وُجِدَ بَعْدهمْ غَيْرهمْ اِنْتَهَى.
قَالَ هَذَا إِنْ جُعِلَ الْمُرَاد بِاللَّفْظِ كُلّ وَالٍ وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون الْمُرَاد مُسْتَحِقِّي الْخِلَافَة الْعَادِلِينَ , وَقَدْ مَضَى مِنْهُمْ مَنْ عُلِمَ , وَلَا بُدّ مِنْ تَمَام هَذَا الْعَدَد قَبْل قِيَام السَّاعَة اِنْتَهَى.
وَقَالَ الشَّيْخ الْأَجَلّ وَلِيّ اللَّه الْمُحَدِّث فِي قُرَّة الْعَيْنَيْنِ فِي تَفْضِيل الشَّيْخَيْنِ : وَقَدْ اُسْتُشْكِلَ فِي حَدِيث " لَا يَزَال هَذَا الدِّين ظَاهِرًا إِلَى أَنْ يَبْعَث اللَّه اِثْنَيْ عَشَر خَلِيفَة كُلّهمْ مِنْ قُرَيْش " وَوَجْه الِاسْتِشْكَال أَنَّ هَذَا الْحَدِيث نَاظِر إِلَى مَذْهَب الِاثْنَا عَشْرِيَّة الَّذِينَ أَثْبَتُوا اِثْنَيْ عَشَر إِمَامًا , وَالْأَصْل أَنَّ كَلَامه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَنْزِلَةِ الْقُرْآن يُفَسِّر بَعْضه بَعْضًا , فَقَدْ ثَبَتَ مِنْ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود " تَدُور رَحَى الْإِسْلَام لِخَمْسٍ وَثَلَاثِينَ سَنَة أَوْ سِتّ وَثَلَاثِينَ سَنَة فَإِنْ يَهْلِكُوا فَسَبِيل مَنْ قَدْ هَلَكَ وَإِنْ يَقُمْ لَهُمْ دِينهمْ يَقُمْ سَبْعِينَ سَنَة مِمَّا مَضَى " وَقَدْ وَقَعَتْ أَغْلَاط كَثِيرَة فِي بَيَان مَعْنَى , هَذَا الْحَدِيث , وَنَحْنُ نَقُول مَا فَهِمْنَاهُ عَلَى وَجْه التَّحْقِيق أَنَّ اِبْتِدَاء هَذِهِ الْمُدَّة مِنْ اِبْتِدَاء الْجِهَاد فِي السَّنَة الثَّانِيَة مِنْ الْهِجْرَة , وَمَعْنَى فَإِنْ يَهْلِكُوا لَيْسَ عَلَى سَبِيل الشَّكّ وَالتَّرْدِيد بَلْ بَيَان أَنَّهَا تَقَع وَقَائِع عَظِيمَة يُرَى نَظَرًا إِلَى الْقَرَائِن الظَّاهِرَة أَنَّ أَمْر الْإِسْلَام قَدْ اِضْمَحَلَّ وَشَوْكَة الْإِسْلَام وَانْتِظَام الْجِهَاد قَدْ اِنْقَطَعَ , ثُمَّ يُظْهِر اللَّه تَعَالَى مَا يَنْتَظِم بِهِ أَمْر الْخِلَافَة وَالْإِسْلَام وَإِلَى سَبْعِينَ سَنَة لَا يَزَال هَذَا الِانْتِظَام , وَقَدْ وَقَعَ مَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفِي سَنَة خَمْس وَثَلَاثِينَ مِنْ اِبْتِدَاء الْجِهَاد وَقَعَتْ حَادِثَة قَتَلَ ذِي النُّورَيْنِ وَتَفَرَّقَ الْمُسْلِمِينَ وَأَيْضًا فِي سَنَة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَقْعَة الْجَمَل وَالصِّفِّين وَفِي هَذِهِ الْحَوَادِث لَمَّا ظَهَرَ الْفَسَاد وَالتَّقَاتُل فِيمَا بَيْن الْمُسْلِمِينَ وَجُعِلَ جِهَاد الْكُفَّار مَتْرُوكًا وَمَهْجُورًا إِلَى حِين عُلِمَ نَظَرًا إِلَى الْقَرَائِن الظَّاهِرَة أَنَّ الْإِسْلَام قَدْ وَهَنَ وَاضْمَحَلَّ وَكَوْكَبه قَدْ أَفَلَ وَلَكِنَّ اللَّه تَعَالَى بَعْد ذَلِكَ جَعَلَ أَمْر الْخِلَافَة مُنْتَظِمًا وَأَمْضَى الْجِهَاد إِلَى ظُهُور بَنِي الْعَبَّاس وَتَلَاشِي دَوْلَة بَنِي أُمَيَّة فَفِي ذَلِكَ الْوَقْت أَيْضًا فُهِمَ بِالْقَرَائِنِ الظَّاهِرَة أَنَّ الْإِسْلَام قَدْ أُبِيدَ وَيَفْعَل اللَّه مَا يُرِيد , ثُمَّ أَيَّدَ اللَّه الْإِسْلَام وَأَشَادَ مَنَاره وَجَلَّى نَهَاره حَتَّى حَدَثَتْ الْحَادِثَة الْجَنْكِيزِيَّة وَإِلَيْهَا إِشَارَة فِي حَدِيث سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ لَا يَعْجِز أُمَّتِي عِنْد رَبِّي أَنْ يُؤَخِّرهَا نِصْف يَوْم , فَقِيلَ لِسَعْدٍ وَكَمْ نِصْف يَوْم ؟ قَالَ : خَمْس مِائَة سَنَة " رَوَاهُ أَحْمَد فَتَارَة أَخْبَرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ خِلَافَة النُّبُوَّة وَخَصَّصَهُ بِثَلَاثِينَ سَنَة وَاَلَّتِي بَعْدهمْ عَبَّرَهَا بِمُلْكٍ عَضُوض , وَتَارَة عَنْ خِلَافَة النُّبُوَّة وَاَلَّتِي تَتَّصِل بِهَا كِلَيْهِمَا مَعًا وَعَبَّرَهَا بِاثْنَيْ عَشَر خَلِيفَة وَتَارَة عَنْ الثَّلَاثَة كُلّهَا مَعًا وَعَبَّرَهَا بِخَمْسِ مِائَة سَنَة , وَأَمَّا مَا فَهِمَ هَذَا الْمُسْتَشْكِل فُلًّا يَسْتَقِيم أَصْلًا بِوُجُوهٍ.
الْأَوَّل أَنَّ الْمَذْكُور هَا هُنَا الْخِلَافَة لَا الْإِمَامَة وَلَمْ يَكُنْ أَكْثَر مِنْ هَؤُلَاءِ اِثْنَيْ عَشَر خَلِيفَة بِالِاتِّفَاقِ بَيْن الْفَرِيقَيْنِ.
الثَّانِي أَنَّ نِسْبَتهمْ إِلَى قُرَيْش تَدُلّ عَلَى أَنَّ كُلّهمْ لَيْسُوا مِنْ بَنِي هَاشِم , فَإِنَّ الْعَادَة قَدْ جَرَتْ عَلَى أَنَّ الْجَمَاعَة لَمَّا فَعَلُوا أَمْرًا وَكُلّهمْ مِنْ بَطْن وَاحِد يُسَمُّونَهُمْ بِذَلِكَ الْبَطْن , وَلَمَّا كَانُوا مِنْ بُطُون شَتَّى يُسَمُّونَهُمْ بِالْقَبِيلَةِ الْفَوْقَانِيَّة الَّتِي تَجْمَعهُمْ.
الثَّالِث أَنَّ الْقَائِلِينَ بِاثْنَيْ عَشَر أَئِمَّة لَمْ يَقُولُوا بِظُهُورِ الدِّين بِهِمْ بَلْ يَزْعُمُونَ أَنَّ الدِّين قَدْ اِخْتَفَى بَعْد وَفَاته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَالْأَئِمَّة كَانُوا يَعْمَلُونَ بِالتَّقِيَّةِ وَمَا اِسْتَطَاعُوا عَلَى أَنْ يُظْهِرُوهُ حَتَّى إِنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّه عَنْهُ لَمْ يَقْدِر عَلَى إِظْهَار مَذْهَبه وَمَشْرَبه.
الرَّابِع أَنَّ الْمَفْهُوم مِنْ حَرْف إِلَى أَنْ تَقَع فَتْرَة بَعْد مَا يَنْقَضِي عَصْر اِثْنَيْ عَشَر خَلِيفَة وَهُمْ قَائِلُونَ بِظُهُورِ عِيسَى عَلَى نَبِيّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَكَمَال الدِّين بَعْدهمْ فَلَا يَسْتَقِيم مَعْنَى الْغَايَة وَالْمُغَيَّا كَمَا لَا يَخْفَى.
فَالتَّحْقِيق فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة أَنْ يَعْتَبِرُوا بِمُعَاوِيَةَ وَعَبْد الْمَلِك وَبَنِيهِ الْأَرْبَع وَعُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز وَوَلِيد بْن يَزِيد بْن عَبْد الْمَلِك بَعْد الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة الرَّاشِدِينَ.
وَقَدْ نُقِلَ عَنْ الْإِمَام مَالِك أَنَّ عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر أَحَقّ بِالْخِلَافَةِ مِنْ مُخَالِفِيهِ.
وَلَنَا فِيهِ نَظَر , فَإِنَّ عُمَر بْن الْخَطَّاب وَعُثْمَان بْن عَفَّانَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَدْ ذَكَرَا عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ تَسَلُّط اِبْن الزُّبَيْر وَاسْتِحْلَال الْحَرَم بِهِ مُصِيبَة مِنْ مَصَائِب الْأُمَّة أَخْرَجَ حَدِيثهمَا أَحْمَد عَنْ قَيْس بْن أَبِي حَازِم قَالَ : جَاءَ اِبْن الزُّبَيْر إِلَى عُمَر بْن الْخَطَّاب يَسْتَأْذِنهُ فِي الْغَزْو فَقَالَ عُمَر اِجْلِسْ فِي بَيْتك فَقَدْ غَزَوْت مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " فَرَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ عُمَر فِي الثَّالِثَة أَوْ الَّتِي تَلِيهَا اُقْعُدْ فِي بَيْتك وَاَللَّه إِنِّي لَأَجِد بِطَرَفِ الْمَدِينَة مِنْك وَمِنْ أَصْحَابك أَنْ تَخْرُجُوا فَتُفْسِدُوا عَلَى أَصْحَاب مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِم فَمِنْ لَفْظه بِطَرَفِ الْمَدِينَة يُفْهَم أَنَّ وَاقِعَة الْجَمَل غَيْر مُرَاد هَا هُنَا بَلْ الْمُرَاد خُرُوجه لِلْخِلَافَةِ , وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى قَدْ أَشَارَ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فِي قِصَّة جَوَاب الْحَسَن رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَلَمْ يَنْتَظِم أَمْر الْخِلَافَة عَلَيْهِ , وَيَزِيد بْن مُعَاوِيَة سَاقِط مِنْ هَذَا الْبَيْن لِعَدَمِ اِسْتِقْرَاره مُدَّة يُعْتَدّ بِهَا وَسُوء سِيرَته وَاَللَّه أَعْلَم.
قَالَ الْحَافِظ عِمَاد الدِّين بْن كَثِير فِي تَفْسِيره تَحْت قَوْله تَعَالَى : وَبَعَثْنَا مِنْهُمْ اِثْنَيْ عَشَر نَقِيبًا بَعْد إِيرَاد حَدِيث جَابِر بْن سَمُرَة مِنْ رِوَايَة الشَّيْخَيْنِ وَاللَّفْظ لِمُسْلِمٍ : وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيث الْبِشَارَة بِوُجُودِ اِثْنَيْ عَشَر خَلِيفَة صَالِحًا يُقِيم الْحَقّ وَيَعْدِل فِيهِمْ , وَلَا يَلْزَم مِنْ هَذَا تَوَالِيهِمْ وَتَتَابُع أَيَّامهمْ , بَلْ قَدْ وُجِدَ أَرْبَعَة عَلَى نَسَق وَاحِد وَهُمْ الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة أَبُو بَكْر وَعُمَر وَعُثْمَان وَعَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ , وَمِنْهُمْ عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز بِلَا شَكّ عِنْد الْأَئِمَّة وَبَعْض بَنِي الْعَبَّاس وَلَا تَقُوم السَّاعَة حَتَّى تَكُون وِلَايَتهمْ لَا مَحَالَة وَالظَّاهِر أَنَّ مِنْهُمْ الْمَهْدِيّ الْمُبَشَّر بِهِ فِي الْأَحَادِيث الْوَارِدَة بِذِكْرِهِ أَنَّهُ يُوَاطِئ اِسْمه اِسْم النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْم أَبِيهِ اِسْم أَبِيهِ فَيَمْلَأ عَدْلًا وَقِسْطًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا , وَلَيْسَ هَذَا بِالْمُنْتَظَرِ الَّذِي يَتَوَهَّم الرَّافِضَة وُجُوده ثُمَّ ظُهُوره مِنْ سِرْدَاب سَامِرَا , فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ حَقِيقَة وَلَا وُجُود بِالْكُلِّيَّةِ بَلْ هُوَ مِنْ هَوَس الْعُقُول السَّخِيفَة وَلَيْسَ الْمُرَاد بِهَؤُلَاءِ الْخُلَفَاء الِاثْنَيْ عَشَر الْأَئِمَّة الَّذِينَ يَعْتَقِد فِيهِمْ الِاثْنَا عَشْرِيَّة مِنْ الرَّوَافِض لِجَهْلِهِمْ وَقِلَّة عَقْلهمْ اِنْتَهَى.
قُلْت : زَعَمَتْ الشِّيعَة خُصُوصًا الْإِمَامِيَّة مِنْهُمْ أَنَّ الْإِمَام الْحَقّ بَعْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ثُمَّ اِبْنه الْحَسَن , ثُمَّ أَخُوهُ الْحُسَيْن , ثُمَّ اِبْنه عَلِيّ زَيْن الْعَابِدِينَ ثُمَّ اِبْنه مُحَمَّد الْبَاقِر , ثُمَّ اِبْنه جَعْفَر الصَّادِق ثُمَّ اِبْنه مُوسَى الْكَاظِم , ثُمَّ اِبْنه عَلِيّ الرِّضَا ثُمَّ اِبْنه مُحَمَّد التَّقِيّ , ثُمَّ اِبْنه عَلِيّ النَّقِيّ ثُمَّ اِبْنه الْحَسَن الْعَسْكَرِيّ , ثُمَّ اِبْنه مُحَمَّد الْقَائِم الْمُنْتَظَر الْمَهْدِيّ وَزَعَمُوا أَنَّهُ قَدْ اِخْتَفَى خَوْفًا مِنْ أَعْدَائِهِ وَسَيَظْهَرُ فَيَمْلَأ الدُّنْيَا قِسْطًا وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا وَلَا اِمْتِنَاع فِي طُول عُمْره وَامْتِدَاد أَيَّام حَيَاته كَعِيسَى وَالْخَضِر.
وَأَنْتَ خَبِير بِأَنَّ اِخْتِفَاء الْإِمَام وَعَدَمه سَوَاء فِي عَدَم حُصُول الْأَغْرَاض الْمَطْلُوبَة مِنْ وُجُود الْإِمَام وَإِنَّ خَوْفه مِنْ الْأَعْدَاء لَا يُوجِب الِاخْتِفَاء بِحَيْثُ لَا يُوجَد مِنْهُ إِلَّا الِاسْم , بَلْ غَايَة الْأَمْر أَنْ يُوجِب اِخْتِفَاء دَعْوَى الْإِمَامَة كَمَا فِي حَقّ آبَائِهِ الَّذِينَ كَانُوا ظَاهِرِينَ عَلَى النَّاس وَلَا يَدَّعُونَ الْإِمَامَة , وَأَيْضًا فَعِنْد فَسَاد الزَّمَان وَاخْتِلَاف الْآرَاء وَاسْتِيلَاء الظَّلَمَة اِحْتِيَاج النَّاس إِلَى الْإِمَام وَانْقِيَادهمْ لَهُ أَسْهَل كَذَا فِي شَرْح الْعَقَائِد قُلْت : لَا شَكّ فِي أَنَّ مَا زَعَمَتْ الشِّيعَة مِنْ أَنَّ الْمَهْدِيّ الْمُبَشَّر بِهِ فِي الْأَحَادِيث هُوَ مُحَمَّد بْن الْحَسَن الْعَسْكَرِيّ الْقَائِم الْمُنْتَظَر وَأَنَّهُ مُخْتَفٍ وَسَيَظْهَرُ هِيَ عَقِيدَة بَاطِلَة لَا دَلِيل عَلَيْهِ.
وَيَقْرَب مِنْ هَذَا مَا زَعَمَ أَكْثَر الْعَوَامّ وَبَعْض الْخَوَاصّ فِي حَقّ الْغَازِي الشَّهِيد الْإِمَام الْأَمْجَد السَّيِّد أَحْمَد البريلوي رَضِيَ اللَّه تَعَالَى عَنْهُ عَنْهُ أَنَّهُ الْمَهْدِيّ الْمَوْعُود الْمُبَشَّر بِهِ فِي الْأَحَادِيث وَأَنَّهُ لَمْ يَسْتَشْهِد فِي مَعْرَكَة الْغَزْو بَلْ إِنَّهُ اِخْتَفَى عَنْ أَعْيُن النَّاس وَهُوَ حَيّ مَوْجُود فِي هَذَا الْعَالَم إِلَى الْآن حَتَّى أَفْرَطَ بَعْضهمْ فَقَالَ : إِنَّا لَقِينَاهُ فِي مَكَّة الْمُعَظَّمَة حَوْل الْمَطَاف ثُمَّ غَابَ بَعْد ذَلِكَ , وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُ سَيَعُودُ وَسَيَخْرُجُ بَعْد مُرُور الزَّمَان فَيَمْلَأ الْأَرْض عَدْلًا وَقِسْطًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا وَهُوَ غَلَط وَبَاطِل , وَالْحَقّ الصَّحِيح أَنَّ السَّيِّد الْإِمَام اُسْتُشْهِدَ وَنَالَ مَنَازِل الشُّهَدَاء وَلَمْ يَخْتَفِ عَنْ أَعْيُن النَّاس قَطُّ , وَالْحِكَايَات الْمَرْوِيَّة فِي ذَلِكَ كُلّهَا مَكْذُوبَة مُخْتَرَعَة وَمَا صَحَّ مِنْهَا فَهُوَ مَحْمُول عَلَى مَحْمَل حَسَن , وَقَدْ طَالَ النِّزَاع فِي أَمْر السَّيِّد الشَّهِيد مِنْ حَيَاته وَاخْتِفَائِهِ حَتَّى جَعَلُوهُ جُزْء الْعَقِيدَة وَيُجَادِلُونَ مَنْ يُنْكِرهُ , وَإِلَى اللَّه الْمُشْتَكَى مِنْ صَنِيع هَؤُلَاءِ وَنَعُوذ بِاَللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْعَقِيدَة الْمُنْكَرَة الْوَاهِيَة وَاَللَّه أَعْلَم قَبَضْتُهُمَا قَالَ الْمُنْذِرِيُّ بَعْد إِخْرَاج حَدِيث جَابِر : ذَكَرَ الْبُخَارِيّ أَنَّ أَبَا خَالِد سَعِيدًا وَالِد إِسْمَاعِيل سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَة وَسَمِعَ مِنْهُ اِبْنه إِسْمَاعِيل وَقَوْله : كُلّهمْ مِنْ قُرَيْش مُسْنَد سَمُرَة بْن جُنَادَةَ وَقِيلَ : سَمُرَة بْن عَمْرو السُّوَائِيّ وَالِد جَابِر بْن سَمُرَة عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَفِيهِ فَسَأَلْت الَّذِي يَلِينِي فَقَالَ : كُلّ مِنْ قُرَيْش وَلَيْسَ فِيهِ قُلْت : لِأَبِي وَقَالَ التِّرْمِذِيّ : هَذَا حَدِيث حَسَن صَحِيح وَذَكَرَ أَبُو عُمَر النَّمِرِيّ سَمُرَة هَذَا وَقَالَ : رَوَى عَنْهُ اِبْنه حَدِيثًا وَاحِدًا لَيْسَ لَهُ غَيْره عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكُون بَعْدِي اِثْنَا عَشَر خَلِيفَة كُلّهمْ مِنْ قُرَيْش لَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْره , وَابْنه جَابِر بْنُ سَمُرَة صَاحِب لَهُ رِوَايَة اِنْتَهَى.
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ إِسْمَعِيلَ يَعْنِي ابْنَ أَبِي خَالِدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يَزَالُ هَذَا الدِّينُ قَائِمًا حَتَّى يَكُونَ عَلَيْكُمْ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً كُلُّهُمْ تَجْتَمِعُ عَلَيْهِ الْأُمَّةُ فَسَمِعْتُ كَلَامًا مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ أَفْهَمْهُ قُلْتُ لِأَبِي مَا يَقُولُ قَالَ كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ
عن جابر بن سمرة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يزال هذا الدين عزيزا إلى اثني عشر خليفة»، قال: فكبر الناس وضجوا، ثم قال كلمة خفيفة،...
عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لو لم يبق من الدنيا إلا يوم» - قال زائدة في حديثه: «لطول الله ذلك اليوم»، ثم اتفقوا - «حتى يبعث فيه رجل...
عن علي، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لو لم يبق من الدهر إلا يوم، لبعث الله رجلا من أهل بيتي، يملؤها عدلا كما ملئت جورا»
عن أم سلمة، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «المهدي من عترتي، من ولد فاطمة» قال عبد الله بن جعفر: وسمعت أبا المليح، «يثني على علي بن نفي...
عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المهدي مني، أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطا وعدلا، كما ملئت جورا وظلما، يملك سبع...
عن أم سلمة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يكون اختلاف عند موت خليفة، فيخرج رجل من أهل المدينة هاربا إلى مكة، فيأتيه...
عن أم سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بقصة جيش الخسف، قلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكيف بمن كان كارها؟ قال: «يخسف بهم، ولكن يبعث يوم القي...
قال علي رضي الله عنه، ونظر إلى ابنه الحسن، فقال: «إن ابني هذا سيد كما سماه النبي صلى الله عليه وسلم، وسيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم، يشبهه في الخل...
عن أبي هريرة، فيما أعلم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها».<br> قال أبو داود: «رواه...