6914- عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قتل نفسا معاهدا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عاما.»
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله ( عَبْد الْوَاحِد ) هُوَ اِبْن زِيَاد.
قَوْله ( حَدَّثَنَا الْحَسَن ) هُوَ اِبْن عَمْرو الْفُقَيْمِيّ بِفَاءٍ ثُمَّ قَاف مُصَغَّر وَقَدْ بَيَّنْت حَاله فِي كِتَاب الْجِزْيَة.
قَوْله ( مُجَاهِد عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو ) هَكَذَا فِي جَمِيع الطُّرُق بِالْعَنْعَنَةِ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَة مَرْوَان بْن مُعَاوِيَة عَنْ الْحَسَن بْن عَمْرو عَنْ مُجَاهِد عَنْ جُنَادَةَ بْن أَبِي أُمَيَّة عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو فَزَادَ فِيهِ رَجُلًا بَيْن مُجَاهِد وَعَبْد اللَّه أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَابْن أَبِي عَاصِم مِنْ طَرِيقه , وَجَزَمَ أَبُو بَكْر البردنجي فِي كِتَابه فِي بَيَان الْمُرْسَل أَنَّ مُجَاهِدًا لَمْ يَسْمَع مِنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو.
قَوْله ( مَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُعَاهَدًا ) كَذَا تَرْجَمَ بِالذِّمِّيِّ , وَأَوْرَدَ الْخَبَر فِي الْمُعَاهَد وَتَرْجَمَ فِي الْجِزْيَة بِلَفْظِ " مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا " كَمَا هُوَ ظَاهِر الْخَبَر , وَالْمُرَاد بِهِ مَنْ لَهُ عَهْد مَعَ الْمُسْلِمِينَ سَوَاء كَانَ بِعَقْدِ جِزْيَة أَوْ هُدْنَة مِنْ سُلْطَان أَوْ أَمَان مِنْ مُسْلِم , وَكَأَنَّهُ أَشَارَ بِالتَّرْجَمَةِ هُنَا إِلَى رِوَايَة مَرْوَان بْن مُعَاوِيَة الْمَذْكُورَة فَإِنَّ لَفْظه " مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا مِنْ أَهْل الذِّمَّة " وَلِلتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة " مَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُعَاهَدًا لَهُ ذِمَّة اللَّه وَذِمَّة رَسُوله " الْحَدِيث وَقَدْ ذَكَرْت فِي الْجِزْيَة مَنْ تَابَعَ عَبْد الْوَاحِد عَلَى إِسْقَاط جُنَادَةَ وَنَقَلْت تَرْجِيح الدَّارَقُطْنِيِّ لِرِوَايَةِ مَرْوَان لِأَجْلِ الزِّيَادَة وَبَيَّنْت أَنَّ مُجَاهِدًا لَيْسَ مُدَلِّسًا وَسَمَاعه مِنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو ثَابِت فَتَرَجَّحَ رِوَايَة عَبْد الْوَاحِد لِأَنَّهُ تُوبِعَ وَانْفَرَدَ مَرْوَان بِالزِّيَادَةِ , وَقَوْله " لَمْ يَرِحْ " تَقَدَّمَ شَرْحه فِي الْجِزْيَة , وَالْمُرَاد بِهَذَا النَّفْي وَإِنْ كَانَ عَامًّا التَّخْصِيصُ بِزَمَانٍ مَا لِمَا تَعَاضَدَتْ الْأَدِلَّة الْعَقْلِيَّة وَالنَّقْلِيَّة أَنَّ مَنْ مَاتَ مُسْلِمًا وَلَوْ كَانَ مِنْ أَهْل الْكَبَائِر فَهُوَ مَحْكُوم بِإِسْلَامِهِ غَيْر مُخَلَّد فِي النَّار وَمَآله إِلَى الْجَنَّة وَلَوْ عُذِّبَ قَبْل ذَلِكَ.
قَوْله ( لَيُوجَد ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ هُنَا وَفِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيّ بِحَذْفِ اللَّام.
قَوْله ( أَرْبَعِينَ عَامًا ) كَذَا وَقَعَ لِلْجَمِيعِ وَخَالَفَهُمْ عَمْرو بْن عَبْد الْغَفَّار عَنْ الْحَسَن بْن عَمْرو عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ فَقَالَ " سَبْعِينَ عَامًا " وَمِثْله فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة عِنْد التِّرْمِذِيّ مِنْ طَرِيق مُحَمَّد بْن عَجْلَان عَنْ أَبِيهِ عَنْهُ وَلَفْظه " وَإِنَّ رِيحهَا لَيُوجَد مِنْ مَسِيرَة سَبْعِينَ خَرِيفًا " وَمِثْله فِي رِوَايَة صَفْوَان بْن سُلَيْمٍ الْمُشَار إِلَيْهَا , وَنَحْوه لِأَحْمَدَ مِنْ طَرِيق هِلَال بْن يَسَاف عَنْ رَجُل عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " سَيَكُونُ قَوْم لَهُمْ عَهْد فَمَنْ قَتَلَ مِنْهُمْ رَجُلًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَة الْجَنَّة وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَد مِنْ مَسِيرَة سَبْعِينَ عَامًا " وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط مِنْ طَرِيق مُحَمَّد بْن سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة بِلَفْظِ " مِنْ مَسِيرَة مِائَة عَام " وَفِي الطَّبَرَانِيّ عَنْ أَبِي بَكْرَة " خَمْسمِائَةِ عَام " وَوَقَعَ فِي الْمُوَطَّأ فِي حَدِيث آخَر " إِنَّ رِيحهَا يُوجَد مِنْ مَسِيرَة خَمْسمِائَةِ عَام " وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْمُعْجَم الصَّغِير مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة , وَفِي حَدِيث لِجَابِرٍ ذَكَرَهُ صَاحِب الْفِرْدَوْس " إِنَّ رِيح الْجَنَّة يُدْرَك مِنْ مَسِيرَة أَلْف عَام " وَهَذَا اِخْتِلَاف شَدِيد , وَقَدْ تَكَلَّمَ اِبْن بَطَّال عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ : الْأَرْبَعُونَ هِيَ الْأَشَدُّ فَمَنْ بَلَغَهَا زَادَ عَمَله وَيَقِينه وَنَدَمه , فَكَأَنَّهُ وَجَدَ رِيح الْجَنَّة الَّتِي تَبْعَثهُ عَلَى الطَّاعَة , قَالَ : وَالسَّبْعُونَ آخِر الْمُعْتَرَك وَيَعْرِض عِنْدهَا النَّدَم وَخَشْيَة هُجُوم الْأَجَل فَتَزْدَاد الطَّاعَة بِتَوْفِيقِ اللَّه فَيَجِد رِيحهَا مِنْ الْمُدَّة الْمَذْكُورَة , وَذَكَرَ فِي الْخَمْسمِائَةِ كَلَامًا مُتَكَلَّفًا حَاصِله أَنَّهَا مُدَّة الْفَتْرَة الَّتِي بَيْن كُلّ نَبِيّ وَنَبِيّ فَمَنْ جَاءَ فِي آخِرهَا وَآمَنَ بِالنَّبِيِّينَ يَكُون أَفْضَلَ فِي غَيْره فَيَجِد رِيح الْجَنَّة , وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ : يَحْتَمِل أَنْ لَا يَكُون الْعَدَد بِخُصُوصِهِ مَقْصُودًا بَلْ الْمَقْصُود الْمُبَالَغَة فِي التَّكْثِير , وَلِهَذَا خَصَّ الْأَرْبَعِينَ وَالسَّبْعِينَ لِأَنَّ الْأَرْبَعِينَ يَشْتَمِل عَلَى جَمِيع أَنْوَاع الْعَدَد لِأَنَّ فِيهِ الْآحَاد وَآحَاده عَشَرَة وَالْمِائَة عَشَرَات وَالْأَلْف مِئَات وَالسَّبْع عَدَد فَوْق الْعَدَد الْكَامِل وَهُوَ سِتَّة إِذْ أَجْزَاؤُهُ بِقَدْرِهِ وَهِيَ النِّصْف وَالثُّلُث وَالسُّدُس بِغَيْرِ زِيَادَة وَلَا نُقْصَان , وَأَمَّا الْخَمْسمِائَةِ فَهِيَ مَا بَيْن السَّمَاء وَالْأَرْض.
قُلْت : وَاَلَّذِي يَظْهَر لِي فِي الْجَمْع أَنْ يُقَال إِنَّ الْأَرْبَعِينَ أَقَلُّ زَمَن يُدْرِكُ بِهِ رِيح الْجَنَّة مَنْ فِي الْمَوْقِف وَالسَّبْعِينَ فَوْق ذَلِكَ أَوْ ذُكِرَتْ لِلْمُبَالَغَةِ , وَالْخَمْسمِائَةِ ثُمَّ الْأَلْف أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ , وَيَخْتَلِف ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاص وَالْأَعْمَال , فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْ الْمَسَافَة الْبُعْدَى أَفْضَلُ مِمَّنْ أَدْرَكَهُ مِنْ الْمَسَافَة الْقُرْبَى وَبَيْنَ ذَلِكَ , وَقَدْ أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ شَيْخنَا فِي شَرْح التِّرْمِذِيّ فَقَالَ : الْجَمْع بَيْن هَذِهِ الرِّوَايَات أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِف بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاص بِتَفَاوُتِ مَنَازِلهمْ وَدَرَجَاتهمْ.
ثُمَّ رَأَيْت نَحْوه فِي كَلَام اِبْن الْعَرَبِيّ فَقَالَ : رِيح الْجَنَّة لَا يُدْرَك بِطَبِيعَةٍ وَلَا عَادَة وَإِنَّمَا يُدْرَك بِمَا يَخْلُق اللَّه مِنْ إِدْرَاكه فَتَارَة يُدْرِكهُ مَنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ مَسِيرَة سَبْعِينَ وَتَارَة مِنْ مَسِيرَة خَمْسمِائَةٍ.
وَنَقَلَ اِبْن بَطَّال أَنَّ الْمُهَلَّب اِحْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيث عَلَى أَنَّ الْمُسْلِم إِذَا قَتَلَ الذِّمِّيّ أَوْ الْمُعَاهَد لَا يُقْتَل بِهِ لِلِاقْتِصَارِ فِي أَمْره عَلَى الْوَعِيد الْأُخْرَوِيّ دُون الدُّنْيَوِيّ , وَسَيَأْتِي الْبَحْث فِي هَذَا الْحُكْم فِي الْبَاب الَّذِي بَعْده.
حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ حَدَّثَنَا مُجَاهِدٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا
قال أبو وائل : «لما قدم سهل بن حنيف من صفين أتيناه نستخبره، فقال: اتهموا الرأي، فلقد رأيتني يوم أبي جندل ولو أستطيع أن أرد على رسول الله صلى الله علي...
عن أبي بردة، عن أبيه، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فوجدته «يستن بسواك بيده يقول أع أع، والسواك في فيه، كأنه يتهوع» عن أبي بردة، عن أبيه، قال: أ...
عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم بمنى: «أتدرون أي يوم هذا؟»، قالوا: الله ورسوله أعلم، فقال: «فإن هذا يوم حرام، أفتدرون أي...
عن مجاهد، قال: دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد، فإذا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، جالس إلى حجرة عائشة، وإذا ناس يصلون في المسجد صلاة الضحى، قال: ف...
عن جرير، «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حجة الوداع لجرير: استنصت الناس فقال: لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض.»
عن عائشة رضي الله عنها، قالت: «اعتكفت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من أزواجه مستحاضة، فكانت ترى الحمرة، والصفرة، فربما وضعنا الطست تحتها وهي...
عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من اثنتين، فقال له ذو اليدين: أقصرت الصلاة، أم نسيت يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسل...
عن أبي هريرة: أن امرأة - أو رجلا - كانت تقم المسجد - ولا أراه إلا امرأة - فذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم «أنه صلى على قبرها»
عن مسلم قال: «كنا مع مسروق في دار يسار بن نمير فرأى في صفته تماثيل، فقال: سمعت عبد الله قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن أشد الناس عذابا ع...