6923-
عن أبي موسى قال: «أقبلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعي رجلان من الأشعريين، أحدهما عن يميني والآخر عن يساري، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يستاك، فكلاهما سأل، فقال: يا أبا موسى، أو: يا عبد الله بن قيس.
قال: قلت: والذي بعثك بالحق ما أطلعاني على ما في أنفسهما، وما شعرت أنهما يطلبان العمل، فكأني أنظر إلى سواكه تحت شفته قلصت، فقال: لن، أو: لا نستعمل على عملنا من أراده، ولكن اذهب أنت يا أبا موسى، أو يا عبد الله بن قيس، إلى اليمن».
ثم اتبعه معاذ بن جبل، فلما قدم عليه ألقى له وسادة، قال: انزل، وإذا رجل عنده موثق، قال: ما هذا؟ قال: كان يهوديا فأسلم ثم تهود، قال: اجلس، قال: لا أجلس حتى يقتل، قضاء الله ورسوله، ثلاث مرات.
فأمر به فقتل، ثم تذاكرنا قيام الليل، فقال أحدهما: أما أنا فأقوم وأنام، وأرجو في نومتي ما أرجو في قومتي.
أخرجه مسلم في الإمارة باب النهي عن طلب الإمارة والحرص عليها رقم 1733
(يستاك) يدلك أسنانه بالسواك.
(سأل) طلب الولاية.
(يا أبا موسى) أي ما تقول؟ وما هذا الطلب.
(قلصت) انزوت وارتفعت.
(موثق) مربوط بقيد
(في نومتي) بسبب نومي.
(ما أرجو في قومتي) مثل ما أرجو في قيامي بالليل من الأجر
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
حَدِيث أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ , وَهُوَ مُشْتَمِل عَلَى أَرْبَعَة أَحْكَام : الْأَوَّل السِّوَاك وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الطَّهَارَة أَتَمَّ مِمَّا هُنَا , الثَّانِي ذَمّ طَلَب الْإِمَارَة وَمَنْع مَنْ حَرَصَ عَلَيْهَا وَسَيَأْتِي بَسْطه فِي كِتَاب الْأَحْكَام , الثَّالِث بَعْث أَبِي مُوسَى عَلَى الْيَمَن وَإِرْسَال مَعَاذ أَيْضًا , وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانه فِي كِتَاب الْمَغَازِي بَعْد غَزْوَة الطَّائِف بِثَلَاثَةِ أَبْوَاب , الرَّابِع قِصَّة الْيَهُودِيّ الَّذِي أَسْلَمَ ثُمَّ اِرْتَدَّ وَهُوَ الْمَقْصُود هُنَا.
قَوْله ( يَحْيَى ) هُوَ اِبْن سَعِيد الْقَطَّان وَالسَّنَد كُلّه بَصْرِيُّونَ.
قَوْله ( عَنْ أَبِي مُوسَى ) فِي رِوَايَة أَحْمَدَ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّان بِهَذَا السَّنَد " قَالَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ ".
قَوْله ( وَمَعِي رَجُلَانِ مِنْ الْأَشْعَرِيِّينَ ) هُمَا مِنْ قَوْمه وَلَمْ أَقِف عَلَى اِسْمهمَا , وَقَدْ وَقَعَ فِي " الْأَوْسَط لِلطَّبَرَانِيِّ " مِنْ طَرِيق عَبْد الْمَلِك عَنْ عُمَيْر عَنْ أَبِي بُرْدَة فِي هَذَا الْحَدِيث أَنَّ أَحَدهمَا اِبْن عَمّ أَبِي مُوسَى , وَعِنْد مُسْلِم مِنْ طَرِيق يَزِيد بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي بُرْدَة عَنْ أَبِي بُرْدَة رَجُلَانِ مِنْ بَنِي عَمِّي.
قَوْله ( فَكِلَاهُمَا سَأَلَ ) كَذَا فِيهِ بِحَذْفِ الْمَسْئُول , وَبَيَّنَهُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَته الْمَذْكُورَة فَقَالَ فِيهَا " سَأَلَ الْعَمَل " وَسَيَأْتِي بَيَان ذَلِكَ فِي الْأَحْكَام مِنْ طَرِيق يَزِيد بْن عَبْد اللَّه وَلَفْظه " فَقَالَ أَحَدهمَا أَمِّرْنَا يَا رَسُول اللَّه , فَقَالَ الْآخَر مِثْلَهُ " وَلِمُسْلِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْه " أَمِّرْنَا عَلَى بَعْض مَا وَلَّاك اللَّه " وَلِأَحْمَدَ وَالنَّسَائِيِّ مِنْ وَجْه آخَر عَنْ أَبِي بُرْدَة " فَتَشَهَّدَ أَحَدهمَا فَقَالَ : جِئْنَاك لِتَسْتَعِينَ بِنَا عَلَى عَمَلك فَقَالَ الْآخَر مِثْله " وَعِنْدهمَا مِنْ طَرِيق سَعِيد بْن أَبِي بُرْدَة عَنْ أَبِيهِ " أَتَانِي نَاس مِنْ الْأَشْعَرِيِّينَ فَقَالُوا اِنْطَلِقْ مَعَنَا إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ لَنَا حَاجَة , فَقُمْت مَعَهُمْ , فَقَالُوا أَتَسْتَعِينُ بِنَا فِي عَمَلك " وَيُجْمَع بِأَنَّهُ كَانَ مَعَهُمَا مَنْ يَتْبَعهُمَا وَأَطْلَقَ صِيغَة الْجَمْع عَلَى الِاثْنَيْنِ.
قَوْله ( فَقَالَ يَا أَبَا مُوسَى أَوْ يَا عَبْد اللَّه بْن قَيْس ) شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي بِأَيِّهِمَا خَاطَبَهُ , وَلَمْ يَذْكُر الْقَوْل فِي هَذِهِ الرِّوَايَة , وَقَدْ ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَحْمَدَ بْن حَنْبَل وَمُسَدَّد كِلَاهُمَا عَنْ يَحْيَى الْقَطَّان بِسَنَدِهِ فِيهِ فَقَالَ " مَا تَقُول يَا أَبَا مُوسَى " وَمِثْله لِمُسْلِمٍ عَنْ مُحَمَّد بْن حَاتِم عَنْ يَحْيَى.
قَوْله ( قُلْت وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ مَا أَطْلَعَانِي عَلَى مَا فِي أَنْفُسهمَا ) يُفَسَّر بِهِ رِوَايَة أَبِي الْعُمَيْس " فَاعْتَذَرْت إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا قَالُوا وَقُلْت لَمْ أَدْرِ مَا حَاجَتهمْ , فَصَدَّقَنِي وَعَذَرَنِي " وَفِي لَفْظ " فَقَالَ لَمْ أَعْلَمْ لِمَاذَا جَاءَا.
قَوْله ( لَنْ أَوْ لَا ) شَكّ مِنْ الرَّاوِي , وَفِي رِوَايَة يَزِيد عِنْد مُسْلِم " إِنَّا وَاَللَّه ".
قَوْله ( لَا نَسْتَعْمِل عَلَى عَمَلنَا مَنْ أَرَادَهُ ) فِي رِوَايَة أَبِي الْعُمَيْس " مَنْ سَأَلَنَا " بِفَتْحِ اللَّام وَفِي رِوَايَة يَزِيد " أَحَدًا سَأَلَهُ وَلَا أَحَدًا حَرَصَ عَلَيْهِ " وَفِي أُخْرَى " فَقَالَ إِنَّ أَخْوَنَكُمْ عِنْدنَا مَنْ يَطْلُبهُ فَلَمْ يَسْتَعِنْ بِهِمَا فِي شَيْء حَتَّى مَاتَ ) أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ رِوَايَة إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد عَنْ أَخِيهِ عَنْ أَبِي بُرْدَة , وَأَدْخَلَ أَبُو دَاوُدَ بَيْنه وَبَيْن أَبِي بُرْدَة رَجُلًا.
قَوْله ( ثُمَّ أَتْبَعَهُ ) بِهَمْزَةٍ ثُمَّ مُثَنَّاة سَاكِنَة.
قَوْله ( مَعَاذ بْن جَبَل ) بِالنَّصْبِ أَيْ بَعَثَهُ بَعْده.
وَظَاهِره أَنَّهُ أَلْحَقَهُ بِهِ بَعْد أَنْ تَوَجَّهَ , وَوَقَعَ فِي بَعْض النُّسَخ وَاتَّبَعَهُ بِهَمْزَةِ وَصْل وَتَشْدِيد , وَمَعَاذ بِالرَّفْعِ لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي الْمَغَازِي بِلَفْظِ " بَعَثَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا مُوسَى وَمَعَاذًا إِلَى الْيَمَن فَقَالَ يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا " الْحَدِيث وَيُحْمَل عَلَى أَنَّهُ أَضَافَ مَعَاذًا إِلَى أَبِي مُوسَى بَعْد سَبْق وِلَايَته لَكِنْ قَبْل تَوَجُّهه فَوَصَاهُمَا عِنْد التَّوَجُّه بِذَلِكَ , وَيُمْكِن أَنْ يَكُون الْمُرَاد أَنَّهُ وَصَّى كُلًّا مِنْهُمَا وَاحِدًا بَعْد آخَر.
قَوْله ( فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ ) تَقَدَّمَ فِي الْمَغَازِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَانَ عَلَى عَمَل مُسْتَقِلّ , وَأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَانَ إِذَا سَارَ فِي أَرْضه فَقَرُبَ مِنْ صَاحِبه أَحْدَثَ بِهِ عَهْدًا , وَفِي أُخْرَى هُنَاكَ " فَجَعَلَا يَتَزَاوَرَانِ فَزَارَ مَعَاذ أَبَا مُوسَى " وَفِي أُخْرَى " فَضَرَبَ فُسْطَاطًا " وَمَعْنَى " أَلْقَى لَهُ وِسَادَة " فَرَشَهَا لَهُ لِيَجْلِس عَلَيْهَا , وَقَدْ ذَكَرَ الْبَاجِيّ وَالْأَصِيلِيّ فِيمَا نَقَلَهُ عِيَاض عَنْهُمَا أَنَّ الْمُرَاد بِقَوْلِ اِبْن عَبَّاس " فَاضْطَجَعْت فِي عَرْض الْوِسَادَة " الْفِرَاش , وَرَدَّهُ النَّوَوِيّ فَقَالَ : هَذَا ضَعِيف أَوْ بَاطِل , وَإِنَّمَا الْمُرَاد بِالْوِسَادَةِ مَا يُجْعَل تَحْت رَأْس النَّائِم , وَهُوَ كَمَا قَالَ , قَالَ وَكَانَتْ عَادَتهمْ أَنَّ مَنْ أَرَادُوا إِكْرَامه وَضَعُوا الْوِسَادَة تَحْته مُبَالَغَة فِي إِكْرَامه.
وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيث عَبْد اللَّه بْن عَمْرو " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهِ فَأَلْقَى لَهُ وِسَادَة " كَمَا تَقَدَّمَ فِي الصِّيَام , وَفِي حَدِيث اِبْن عُمَر " أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عَبْد اللَّه بْن مُطِيع فَطَرَحَ لَهُ وِسَادَة , فَقَالَ لَهُ مَا جِئْت لِأَجْلِس " أَخْرَجَهُ مُسْلِم وَلَمْ أَرَ فِي شَيْء مِنْ كُتُبِ اللُّغَة أَنَّ الْفِرَاش يُسَمَّى وِسَادَة.
قَوْله ( قَالَ اِنْزِلْ ) أَيْ فَاجْلِسْ عَلَى الْوِسَادَة.
قَوْله ( فَإِذَا رَجُل إِلَخْ ) هِيَ جُمْلَة حَالِيَّة بَيْن الْأَمْر وَالْجَوَاب , وَلَمْ أَقِف عَلَى اِسْم الرَّجُل الْمَذْكُور , وَقَوْله " كَانَ يَهُودِيًّا فَأَسْلَمَ ثُمَّ تَهَوَّدَ " فِي رِوَايَة مُسْلِم وَأَبِي دَاوُدَ ثُمَّ رَاجَعَ دِينَهُ دِينَ السُّوء.
وَلِأَحْمَدَ مِنْ طَرِيق أَيُّوب عَنْ حُمَيْد بْن هِلَال عَنْ أَبِي بُرْدَة قَالَ " قَدِمَ مَعَاذ بْن جَبَل عَلَى أَبِي مُوسَى فَإِذَا رَجُل عِنْده فَقَالَ : مَا هَذَا - فَذَكَرَ مِثْله وَزَادَ - وَنَحْنُ نُرِيدهُ عَلَى الْإِسْلَام مُنْذُ أَحْسَبهُ شَهْرَيْنِ وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ وَجْه آخَر عَنْ مَعَاذ وَأَبِي مُوسَى " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُمَا أَنْ يُعَلِّمَا النَّاس , فَزَارَ مَعَاذ أَبَا مُوسَى فَإِذَا عِنْده رَجُل مُوثَق بِالْحَدِيدِ فَقَالَ : يَا أَخِي أَوَبُعِثْت تُعَذِّب النَّاس إِنَّمَا بُعِثْنَا نُعَلِّمهُمْ دِينهمْ وَنَأْمُرهُمْ بِمَا يَنْفَعهُمْ فَقَالَ إِنَّهُ أَسْلَمَ ثُمَّ كَفَرَ , فَقَالَ : وَاَلَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ لَا أَبْرَح حَتَّى أُحْرِقَهُ بِالنَّارِ ".
قَوْله ( لَا أَجْلِس حَتَّى يُقْتَل قَضَاء اللَّه وَرَسُوله ) بِالرَّفْعِ خَبَر مُبْتَدَأ مَحْذُوف وَيَجُوز النَّصْب.
قَوْله ( ثَلَاث مَرَّات ) أَيْ كَرَّرَ هَذَا الْكَلَام ثَلَاث مَرَّات وَبَيَّنَ أَبُو دَاوُدَ فِي رِوَايَته أَنَّهُمَا كَرَّرَا الْقَوْل أَبُو مُوسَى يَقُولُ : اِجْلِسْ , وَمَعَاذ يَقُول : لَا أَجْلِس , فَعَلَى هَذَا فَقَوْله ثَلَاث مَرَّات مِنْ كَلَام الرَّاوِي لَا تَتِمَّة كَلَام مَعَاذ , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة أَيُّوب بَعْد قَوْله قَضَاء اللَّه وَرَسُوله " إِنَّ مَنْ رَجَعَ عَنْ دِينه - أَوْ قَالَ بَدَّلَ دِينه - فَاقْتُلُوهُ ).
قَوْله ( فَأَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ ) فِي رِوَايَة أَيُّوب " فَقَالَ وَاَللَّه لَا أَقْعُد حَتَّى تَضْرِبُوا عُنُقه فَضَرَبَ عُنُقه " وَفِي رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ الَّتِي أَشَرْت إِلَيْهَا " فَأُتِيَ بِحَطَبٍ فَأَلْهَبَ فِيهِ النَّار فَكَتَّفَهُ وَطَرَحَهُ فِيهَا " وَيُمْكِن الْجَمْع بِأَنَّهُ ضَرَبَ عُنُقه ثُمَّ أَلْقَاهُ فِي النَّار.
وَيُؤْخَذ مِنْهُ أَنَّ مَعَاذًا وَأَبَا مُوسَى كَانَا يَرَيَانِ جَوَاز التَّعْذِيب بِالنَّارِ وَإِحْرَاق الْمَيِّت بِالنَّارِ مُبَالَغَة فِي إِهَانَته وَتَرْهِيبًا عَنْ الِاقْتِدَاء بِهِ.
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيق طَلْحَة بْن يَحْيَى وَيَزِيد بْن عَبْد اللَّه كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي بُرْدَة عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ " قَدِمَ عَلَى مَعَاذ " فَذَكَرَ قِصَّة الْيَهُودِيّ وَفِيهِ " فَقَالَ لَا أَنْزِل عَنْ دَابَّتِي حَتَّى يُقْتَل فَقُتِلَ " قَالَ أَحَدهمَا : وَكَانَ قَدْ اُسْتُتِيبَ قَبْل ذَلِكَ.
وَلَهُ مِنْ طَرِيق أَبِي إِسْحَاق الشَّيْبَانِيِّ عَنْ أَبِي بُرْدَة " أُتِيَ أَبُو مُوسَى بِرَجُلٍ قَدْ اِرْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَام فَدَعَاهُ فَأَبَى عِشْرِينَ لَيْلَة أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا , وَجَاءَ مَعَاذ فَدَعَاهُ فَأَبَى فَضَرَبَ عُنُقَهُ " قَالَ أَبُو دَاوُدَ : رَوَاهُ عَبْد الْمَلِك بْن عُمَيْر عَنْ أَبِي بُرْدَة فَلَمْ يَذْكُر الِاسْتِتَابَة , وَكَذَا اِبْن فُضَيْلٍ عَنْ الشَّيْبَانِيِّ , وَقَالَ الْمَسْعُودِيّ عَنْ الْقَاسِم يَعْنِي اِبْن عَبْد الرَّحْمَن فِي هَذِهِ الْقِصَّة : فَلَمْ يَنْزِل حَتَّى ضَرَبَ عُنُقه وَمَا اِسْتَتَابَهُ.
وَهَذَا يُعَارِضهُ الرِّوَايَة الْمُثْبِتَة لِأَنَّ مَعَاذًا اِسْتَتَابَهُ , وَهِيَ أَقْوَى مِنْ هَذِهِ وَالرِّوَايَات السَّاكِتَة عَنْهَا لَا تُعَارِضهَا , وَعَلَى تَقْدِير تَرْجِيح رِوَايَة الْمَسْعُودِيّ فَلَا حُجَّة فِيهِ لِمَنْ قَالَ يُقْتَل الْمُرْتَدّ بِلَا اِسْتِتَابَة , لِأَنَّ مَعَاذًا يَكُون اِكْتَفَى بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ اِسْتِتَابَة أَبِي مُوسَى , وَقَدْ ذَكَرْت قَرِيبًا أَنَّ مَعَاذًا رَوَى الْأَمْر بِاسْتِتَابَةِ الْمُرْتَدّ وَالْمُرْتَدَّة.
قَوْله ( ثُمَّ تَذَاكَرَا قِيَام اللَّيْل ) فِي رِوَايَة سَعِيد بْن أَبِي بُرْدَة " فَقَالَ كَيْف تَقْرَأ الْقُرْآن " أَيْ فِي صَلَاة اللَّيْل.
قَوْله ( فَقَالَ أَحَدهمَا ) هُوَ مَعَاذ , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة سَعِيد بْن أَبِي بُرْدَة " فَقَالَ أَبُو مُوسَى أَقْرَؤُهُ قَائِمًا وَقَاعِدًا وَعَلَى رَاحِلَتِي وَأَتَفَوَّقهُ " بِفَاءٍ وَقَاف بَيْنهمَا وَاو ثَقِيلَة أَيْ أُلَازِم قِرَاءَته فِي جَمِيع الْأَحْوَال , وَفِي أُخْرَى " فَقَالَ أَبُو مُوسَى كَيْف تَقْرَأ أَنْتَ يَا مَعَاذ ؟ قَالَ : أَنَام أَوَّل اللَّيْل فَأَقُوم وَقَدْ قَضَيْت حَاجَتِي فَأَقْرَأ مَا كَتَبَ اللَّه لِي ".
قَوْله ( وَأَرْجُو فِي نَوْمَتِي مَا أَرْجُو فِي قَوْمَتِي ) " فِي رِوَايَة سَعِيد " وَأَحْتَسِب " فِي الْمَوْضِعَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانه فِي الْمَغَازِي , وَحَاصِله أَنَّهُ يَرْجُو الْأَجْر فِي تَرْوِيح نَفْسه بِالنَّوْمِ لِيَكُونَ أَنْشَطَ عِنْد الْقِيَام.
وَفِي الْحَدِيث مِنْ الْفَوَائِد غَيْر مَا تَقَدَّمَ : تَوْلِيَة أَمِيرَيْنِ عَلَى الْبَلَد الْوَاحِد , وَقِسْمَة الْبَلَد بَيْن أَمِيرَيْنِ , وَفِيهِ كَرَاهَة سُؤَال الْإِمَارَة وَالْحِرْص عَلَيْهَا وَمَنْع الْحَرِيص مِنْهَا كَمَا سَيَأْتِي بَسْطه فِي كِتَاب الْأَحْكَام , وَفِيهِ تَزَاوُر الْإِخْوَان وَالْأُمَرَاء وَالْعُلَمَاء , وَإِكْرَام الضَّيْف , وَالْمُبَادَرَة إِلَى إِنْكَار الْمُنْكَر , وَإِقَامَة الْحَدّ عَلَى مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ , وَأَنَّ الْمُبَاحَات يُؤْجَر عَلَيْهَا بِالنِّيَّةِ إِذَا صَارَتْ وَسَائِلَ لِلْمَقَاصِدِ الْوَاجِبَة أَوْ الْمَنْدُوبَة أَوْ تَكْمِيلًا لِشَيْءٍ مِنْهُمَا.
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ أَقْبَلْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعِي رَجُلَانِ مِنْ الْأَشْعَرِيِّينَ أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِي وَالْآخَرُ عَنْ يَسَارِي وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَاكُ فَكِلَاهُمَا سَأَلَ فَقَالَ يَا أَبَا مُوسَى أَوْ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ قَالَ قُلْتُ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَطْلَعَانِي عَلَى مَا فِي أَنْفُسِهِمَا وَمَا شَعَرْتُ أَنَّهُمَا يَطْلُبَانِ الْعَمَلَ فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى سِوَاكِهِ تَحْتَ شَفَتِهِ قَلَصَتْ فَقَالَ لَنْ أَوْ لَا نَسْتَعْمِلُ عَلَى عَمَلِنَا مَنْ أَرَادَهُ وَلَكِنْ اذْهَبْ أَنْتَ يَا أَبَا مُوسَى أَوْ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ إِلَى الْيَمَنِ ثُمَّ اتَّبَعَهُ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ أَلْقَى لَهُ وِسَادَةً قَالَ انْزِلْ وَإِذَا رَجُلٌ عِنْدَهُ مُوثَقٌ قَالَ مَا هَذَا قَالَ كَانَ يَهُودِيًّا فَأَسْلَمَ ثُمَّ تَهَوَّدَ قَالَ اجْلِسْ قَالَ لَا أَجْلِسُ حَتَّى يُقْتَلَ قَضَاءُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَأَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ ثُمَّ تَذَاكَرَا قِيَامَ اللَّيْلِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا أَمَّا أَنَا فَأَقُومُ وَأَنَامُ وَأَرْجُو فِي نَوْمَتِي مَا أَرْجُو فِي قَوْمَتِي
عن أبي هريرة قال: «لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر، وكفر من كفر من العرب، قال عمر: يا أبا بكر، كيف تقاتل الناس، وقد قال رسول الله ص...
عن أنس بن مالك يقول: «مر يهودي برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: السام عليك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وعليك.<br> فقال رسول الله صلى الله...
عن عائشة رضي الله عنها قالت: «استأذن رهط من اليهود على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: السام عليك، فقلت: بل عليكم السام واللعنة، فقال: يا عائشة، إن...
عن ابن عمر رضي الله عنهما يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن اليهود إذا سلموا على أحدكم إنما يقولون: سام عليك، فقل: عليك.»
قال عبد الله : «كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكي نبيا من الأنبياء، ضربه قومه فأدموه، فهو يمسح الدم عن وجهه، ويقول: رب اغفر لقومي فإنهم لا...
حدثنا سويد بن غفلة، قال علي رضي الله عنه: «إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا، فوالله لأن أخر من السماء، أحب إلي من أن أكذب عليه، وإذا...
عن أبي سلمة وعطاء بن يسار : «أنهما أتيا أبا سعيد الخدري، فسألاه عن الحرورية، أسمعت النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا أدري ما الحرورية؟ سمعت النبي ص...
عن عبد الله بن عمر، «وذكر الحرورية، فقال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية.»
عن أبي سعيد قال: «بينا النبي صلى الله عليه وسلم يقسم، جاء عبد الله بن ذي الخويصرة التميمي فقال: اعدل يا رسول الله، فقال: ويلك، من يعدل إذا لم أعدل.<b...