4305- عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، في حديث: «يقاتلكم قوم صغار الأعين» يعني الترك، قال: «تسوقونهم ثلاث مرار حتى تلحقوهم بجزيرة العرب، فأما في السياقة الأولى، فينجو من هرب منهم، وأما في الثانية فينجو بعض، ويهلك بعض، وأما في الثالثة، فيصطلمون» أو كما قال
إسناده ضعيف.
بشير بن المهاجر ضعيف عند التفرد، وقد تفرد بهذا الخبر.
وقد اختلف عنه في متن هذا الحديث كما سيأتي.
فقد أخرجه الحاكم ٤/ ٤٧٤ من طريق معاذ بن نجدة الهروي، عن خلاد بن يحيى، عن بشير بن مهاجر به.
وقال في روايته: "يلحقون أهل الإسلام بمنابت الشيح".
فجعل المسوق هم أمة الإسلام، لا الترك.
وقد سقط من مطبوع الحاكم من إسناده خلاد بن يحيى، واستدركناه من "إتحاف المهرة" ٢/ ٥٨٣.
فقد أخرجه أحمد بن حنبل في "مسنده" (٢٢٩٥١) عن أبي نعيم الفضل بن دكين، عن بشير بن المهاجر، به.
إلا أنه قال في هذه الرواية: "إن أمتي يسوقها قوم عراض الوجوه .
حتى يلحقوهم بجزيرة العرب.
فجعل المسوق هم أمة الإسلام لا الترك.
وأخرجه بنحوه البزار (٣٣٦٧ - كشف الأستار)، والشجري في "آماليه" ٢/ ٢٦٣ من طريق محمد بن فضيل، عن بشير بن مهاجر، به، وجعل المسوق أيضا أمة الإسلام، وقال: "إلى منابت الشيح".
وقد روى نحو هذا الحديث قتادة بن دعامة وحسين المعلم عند الحاكم على التوالي ٤/ ٥٠٢ و ٥٣٣ - ٥٣٥، كلاهما عن عبد الله بن بريدة، عن سليمان بن ربيعة العنزي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص من قوله: ليوشكن بنو قنطوراء بن كركرى خنس الأنوف، صغار الأعين كأن وجوههم المجان المطرقة في كتاب لله المنزل أن يسوقوكم من خراسان وسجستان سياقا عنيفا .
وسليمان بن ربيعة ذكره مسلم في "الوحدان" ممن انفرد عبد الله بن بريدة بالرواية عنهم، فهو مجهول.
عون المعبود على شرح سنن أبي داود: أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي
( فِي حَدِيث يُقَاتِلكُمْ ) : قَالَ الْقَارِي : ظَاهِره أَنْ يَكُون بِالْإِضَافَةِ لَكِنَّهُ فِي جَمِيع النُّسَخ بِالتَّنْوِينِ وَفَكّ الْإِضَافَة فَالْوَجْه أَنَّ قَوْله : يُقَاتِلكُمْ خَبَر مُبْتَدَأ مَحْذُوف أَيْ هُوَ يُقَاتِلكُمْ إِلَخْ وَالْجُمْلَة صِفَة حَدِيث , وَالْمَعْنَى فِي حَدِيث هُوَ أَنَّ ذَلِكَ الْحَدِيث يُقَاتِلكُمْ ( يَعْنِي التُّرْك ) : تَفْسِير مِنْ الرَّاوِي وَهُوَ الصَّحَابِيّ أَوْ التَّابِعِيّ ( قَالَ ) : أَيْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( تَسُوقُونَهُمْ ) : مِنْ السَّوْق أَيْ يَصِيرُونَ مَغْلُوبِينَ مَقْهُورِينَ مُنْهَزِمِينَ بِحَيْثُ أَنَّكُمْ تَسُوقُونَهُمْ ( ثَلَاث مِرَار ) : أَيْ مِنْ السَّوْق ( حَتَّى تُلْحِقُوهُمْ ) : مِنْ الْإِلْحَاق أَيْ تُوَصِّلُوهُمْ آخِرًا ( بِجَزِيرَةِ الْعَرَب ) : قِيلَ هِيَ اِسْم لِبِلَادِ الْعَرَب سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِإِحَاطَةِ الْبِحَار وَالْأَنْهَار بَحْر الْحَبَشَة وَبَحْر فَارِس وَدِجْلَة وَالْفُرَات وَقَالَ مَالِك : هِيَ الْحِجَاز وَالْيَمَامَة وَالْيَمَن وَمَا لَمْ يَبْلُغهُ مُلْك فَارِس وَالرُّوم ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّه وَتَبِعَهُ اِبْن الْمَلَك ( فَيَنْجُو ) : أَيْ يَخْلُص ( مَنْ هَرَبَ مِنْهُمْ ) أَيْ مِنْ التُّرْك ( وَيَهْلِك بَعْض ) : إِمَّا بِنَفْسِهِ أَوْ بِأَخْذِهِ وَإِهْلَاكه وَهُوَ الظَّاهِر ( فَيُصْطَلَمُونَ ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُول أَيْ يُحْصَدُونَ بِالسَّيْفِ وَيُسْتَأْصَلُونَ مِنْ الصَّلْم وَهُوَ الْقَطْع الْمُسْتَأْصِل.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيث يَدُلّ صَرَاحَة عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أُمَّة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُمْ الَّذِينَ يَسُوقُونَ التُّرْك ثَلَاث مِرَار حَتَّى يُلْحِقُوهُمْ بِجَزِيرَةِ الْعَرَب , فَفِي السِّيَاق الْأُولَى يَنْجُو مَنْ هَرَبَ مِنْ التُّرْك , وَفِي الثَّانِيَة يَنْجُو بَعْض مِنْهُمْ وَيَهْلِك بَعْض , وَفِي الثَّالِثَة يُسْتَأْصَلُونَ.
وَأَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيث الْإِمَام أَحْمَد فِي مُسْنَده وَسِيَاقه مُخَالِف لِسِيَاقِ أَبِي دَاوُدَ , مُخَالَفَة ظَاهِرَة فَإِنَّ سِيَاق أَحْمَد يَدُلّ صَرَاحَة عَلَى أَنَّ التُّرْك هُمْ الَّذِينَ يَسُوقُونَ الْمُسْلِمِينَ ثَلَاث مِرَار حَتَّى يُلْحِقُوهُمْ بِجَزِيرَةِ الْعَرَب , فَفِي السِّيَاقَة الْأُولَى يَنْجُو مَنْ هَرَبَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ , وَفِي الثَّانِيَة يَنْجُو بَعْض مِنْهُمْ وَيَهْلِك بَعْض , وَفِي الثَّالِثَة يُسْتَأْصَلُونَ كُلّهمْ.
قَالَ أَحْمَد فِي مُسْنَده : حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْم حَدَّثَنَا بَشِير بْن مُهَاجِر حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : كُنْت جَالِسًا عِنْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : إِنَّ أُمَّتِي يَسُوقهَا قَوْم عِرَاض الْأَوْجُه صِغَار الْأَعْيُن كَأَنَّ وُجُوههمْ الْحَجَف ثَلَاث مِرَار حَتَّى يُلْحِقُوهُمْ بِجَزِيرَةِ الْعَرَب , أَمَّا السَّابِقَة الْأُولَى فَيَنْجُو مَنْ هَرَبَ مِنْهُمْ وَأَمَّا الثَّانِيَة فَيَهْلِك بَعْض وَيَنْجُو بَعْض , وَأَمَّا الثَّالِثَة فَيُصْطَلُونَ كُلّهمْ مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ.
قَالُوا يَا نَبِيّ اللَّه مَنْ هُمْ ؟ قَالَ : هُمْ التُّرْك قَالَ : أَمَّا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيَرْبِطُنَّ خُيُولهمْ إِلَى سَوَارِي مَسَاجِد الْمُسْلِمِينَ , قَالَ : وَكَانَ بُرَيْدَة لَا يُفَارِقهُ بَعِيرَانِ أَوْ ثَلَاثَة وَمَتَاع السَّفَر وَالْأَسْقِيَة بَعْد ذَلِكَ لِلْهَرَبِ مِمَّا سَمِعَ مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْبَلَاء مِنْ أُمَرَاء التُّرْك.
قَالَ الْقُرْطُبِيّ : إِسْنَاده صَحِيح.
فَانْظُرْ إِلَى سِيَاق أَحْمَد كَيْف خَالَفَ سِيَاق أَبِي دَاوُدَ , مُخَالَفَة بَيِّنَة لَا يَظْهَر وَجْه الْجَمْع بَيْنهمَا.
وَبَوَّبَ الْقُرْطُبِيّ فِي التَّذْكِرَة بِلَفْظِ بَاب فِي سِيَاقَة التُّرْك لِلْمُسْلِمِينَ وَسِيَاقَة الْمُسْلِمِينَ لَهُمْ ثُمَّ أَوْرَدَ فِيهِ رِوَايَة أَحْمَد وَرِوَايَة أَبِي دَاوُدَ , الْمَذْكُورَتَيْنِ وَإِنِّي لَسْت أَدْرِي مَا مُرَاده مِنْ تَبْوِيبه بِهَذَا اللَّفْظ إِنْ أَرَادَ بِهِ الْجَمْع بَيْن رِوَايَتَيْ أَبِي دَاوُدَ وَأَحْمَد بِأَنَّهُمَا مَحْمُولَانِ عَلَى زَمَانَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ , فَفِي زَمَان يَكُون سِيَاقَة التُّرْك لِلْمُسْلِمِينَ , وَفِي زَمَان آخَر يَكُون سِيَاقَة الْمُسْلِمِينَ لَهُمْ , فَهَذَا بَعِيد جِدًّا كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّل , وَإِنْ أَرَادَ غَيْر هَذَا فَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم بِمَا أَرَادَ.
وَعِنْدِي أَنَّ الصَّوَاب هِيَ رِوَايَة أَحْمَد وَأَمَّا رِوَايَة أَبِي دَاوُدَ فَالظَّاهِر أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ الْوَهْم فِيهِ مِنْ بَعْض الرُّوَاة , وَيُؤَيِّدهُ مَا فِي رِوَايَة أَحْمَد مِنْ أَنَّ بُرَيْدَة لَا يُفَارِقهُ بَعِيرَانِ أَوْ ثَلَاثَة وَمَتَاع السَّفَر وَالْأَسْقِيَة بَعْد ذَلِكَ لِلْهَرَبِ مِمَّا سَمِعَ مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْبَلَاء مِنْ أُمَرَاء التُّرْك , وَيُؤَيِّدهُ أَيْضًا أَنَّهُ وَقَعَ الشَّكّ لِبَعْضِ رُوَاة أَبِي دَاوُدَ , وَلِذَا قَالَ فِي آخِر الْحَدِيث أَوْ كَمَا قَالَ.
وَيُؤَيِّدهُ أَيْضًا أَنَّهُ وَقَعَتْ الْحَوَادِث عَلَى نَحْو مَا وَرَدَ فِي رِوَايَة أَحْمَد فَقَدْ قَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي التَّذْكِرَة : وَالْحَدِيث الْأَوَّل أَيْ حَدِيث أَحْمَد عَلَى خُرُوجهمْ وَقِتَالهمْ الْمُسْلِمِينَ وَقَتْلهمْ , وَقَدْ وَقَعَ عَلَى نَحْو مَا أَخْبَرَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ مِنْهُمْ فِي هَذَا الْوَقْت أُمَم لَا يُحْصِيهِمْ إِلَّا اللَّه وَلَا يَرُدّهُمْ عَنْ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا اللَّه حَتَّى كَأَنَّهُمْ يَأْجُوج وَمَأْجُوج , فَخَرَجَ مِنْهُمْ فِي جُمَادَى الْأُولَى سَنَة سَبْع عَشْرَة وَسِتّ مِائَة جَيْش مِنْ التُّرْك يُقَال لَهُ الطَّطَر عَظُمَ فِي قَتْله الْخَطْب وَالْخَطَر , وَقُضِيَ لَهُ فِي قَتْل النُّفُوس الْمُؤْمِنَة الْوَطَر فَقَتَلُوا مَا وَرَاء النَّهْر وَمَا دُونه مِنْ جَمِيع بِلَاد خُرَاسَان , وَمَحَوْا رُسُوم مُلْك بَنِي سَاسَان , وَخَرَّبُوا مَدِينَة نُشَاوَر وَأَطْلَقُوا فِيهَا النِّيرَان , وَحَادَ عَنْهُمْ مِنْ أَهْل خُوَارَزْم كُلّ إِنْسَان , وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلَّا مَنْ اِخْتَبَأَ فِي الْمَغَارَات وَالْكُهْفَان حَتَّى وَصَلُوا إِلَيْهَا وَقَتَلُوا وَسَبَوْا وَخَرَّبُوا الْبُنْيَان , وَأَطْلَقُوا الْمَاء عَلَى الْمَدِينَة مِنْ نَهَر جَيْحَان فَغَرِقَ مِنْهَا مَبَانِي الدَّار وَالْأَرْكَان , ثُمَّ وَصَلُوا إِلَى بِلَاد ثهشان فَخَرَّبُوا مَدِينَة الرَّيّ وَقَزْوِين وَمَدِينَة أَرْدَبِيل وَمَدِينَة مراغة كرسي بِلَاد آذَرْبِيجَان وَغَيْر ذَلِكَ , وَاسْتَأْصَلُوا سَاقَهُ مِنْ هَذِهِ الْبِلَاد مِنْ الْعُلَمَاء وَالْأَعْيَان وَاسْتَبَاحُوا قَتْل النِّسَاء وَذَبْح الْوِلْدَان , ثُمَّ وَصَلُوا إِلَى الْعِرَاق الثَّانِي وَأَعْظَم مُدُنه مَدِينَة أَصْبَهَان وَدَوْر سُورهَا أَرْبَعُونَ أَلْف ذِرَاع فِي غَايه الِارْتِفَاع وَالْإِتْقَان وَأَهْلهَا مُشْتَغِلُونَ بِعِلْمِ الْحَدِيث فَحَفِظَهُمْ اللَّه بِهَذَا الشَّأْن وَأَنْزَلَ عَلَيْهِمْ مَوَادّ التَّأْيِيد وَالْإِحْسَان فَتَلَقَّوْهُمْ بِصُدُورٍ هِيَ فِي الْحَقِيقَة صُدُور الشُّجْعَان , وَحَقَّقُوا الْخَبَر بِأَنَّهَا بَلَد الْفُرْسَان وَاجْتَمَعَ فِيهَا مِائَة أَلْف إِنْسَان , وَأَبْرَزَ الطَّطَر الْقَتْل فِي مَضَاجِعهمْ وَسَاقَهُمْ الْقَدْر الْمَحْتُوم إِلَى مَصَارِعهمْ , فَمَرَقُوا عَنْ أَصْبَهَان مُرُوق السَّهْم مِنْ الرَّمِيَّة , فَفَرُّوا مِنْهُمْ فِرَار الشَّيْطَان فِي يَوْم بَدْر وَلَهُ حُصَاص , وَرَأَوْا أَنَّهُمْ إِنْ وَقَفُوا لَمْ يَكُنْ مِنْ الْهَلَاك خَلَاص , وَوَاصَلُوا السَّيْر بِالسَّيْرِ إِلَى أَنْ صَعِدُوا جَبَل أَرْبَد فَقَتَلُوا جَمِيع مَنْ فِيهِ مِنْ صُلَحَاء الْمُسْلِمِينَ , وَخَرَّبُوا مَا فِيهِ مِنْ الْجَنَّات وَالْبَسَاتِين , وَكَانَتْ اِسْتِطَالَتهمْ عَلَى ثُلُثَيْ بِلَاد الْمَشْرِق الْأَعْلَى , وَقَتَلُوا مِنْ الْخَلَائِق مَا لَا يُحْصَى , وَقَتَلُوا فِي الْعِرَاق الثَّانِي عِدَّة يَبْعُد أَنْ تُحْصَى , وَرَبَطُوا خُيُولهمْ إِلَى سَوَارِي الْمَسَاجِد وَالْجَوَامِع كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيث الْمُنْذِر بِخُرُوجِهِمْ , إِلَى أَنْ قَالَ : وَقَطَعُوا السَّبِيل وَأَخَافُوهَا , وَجَاسُوا خِلَال الدِّيَار وَطَافُوهَا , وَمَلَئُوا قُلُوب الْمُسْلِمِينَ رُعْبًا وَسَحَبُوا ذَيْل الْغَلَبَة عَلَى تِلْكَ الْبِلَاد سَحْبًا , وَلَا شَكّ أَنَّهُمْ هُمْ الْمُنْذَر بِهِمْ فِي الْحَدِيث , وَأَنَّ لَهُمْ ثَلَاث خَرْجَات يُصْطَلَمُونَ فِي الْأَخِيرَة مِنْهَا.
قَالَ الْقُرْطُبِيّ : فَقَدْ كَمُلَتْ بِحَمْدِ اللَّه خَرْجَاتِهِمْ , وَلَمْ يَبْقَ قَتْلَتُهُمْ وَقِتَالهمْ , فَخَرَجُوا عَنْ الْعِرَاق الثَّانِي وَالْأَوَّل كَمَا ذَكَرْنَا وَخَرَجُوا مِنْ هَذَا الْوَقْت عَلَى الْعِرَاق الثَّالِث بَغْدَاد وَمَا اِتَّصَلَ بِهَا مِنْ الْبِلَاد , وَقَتَلُوا جَمِيع مَنْ فِيهَا مِنْ الْمُلُوك وَالْعُلَمَاء وَالْفُضَلَاء وَالْعُبَّاد , وَاسْتَبَاحُوا جَمِيع مَنْ فِيهَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ , وَعَبَرُوا الْفَلَاة إِلَى حَلَب وَقَتَلُوا جَمِيع مَنْ فِيهَا , وَخَرَّبُوا إِلَى أَنْ تَرَكُوهَا خَالِيَة , ثُمَّ أَوْغَلُوا إِلَى أَنْ مَلَكُوا جَمِيع الشَّام فِي مُدَّة يَسِيرَة مِنْ الْأَيَّام , وَفَلَقُوا بِسُيُوفِهِمْ الرُّءُوس وَالْهَامّ , وَدَخَلَ رُعْبهمْ الدِّيَار الْمِصْرِيَّة , وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا اللُّحُوق بِالدِّيَارِ الْأُخْرَوِيَّة , فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ مِنْ مِصْر الْمَلِك الْمُظَفَّر الْمُلَقَّب بِقُطُز رَضِيَ اللَّه عَنْهُ بِجَمِيعِ مَنْ مَعَهُ مِنْ الْعَسَاكِر , وَقَدْ بَلَغَتْ الْقُلُوب الْحَنَاجِر إِلَى أَنْ اِلْتَقَى بِهِمْ بِعَيْنِ جَالُوت , فَكَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّصْر وَالظَّفَر كَمَا كَانَ لِطَالُوت , فَقُتِلَ مِنْهُمْ جَمْع كَثِير وَعَدَد غَزِير وَارْتَحَلُوا عَنْ الشَّام مِنْ سَاعَتهمْ , وَرَجَعَ جَمِيعه كَمَا كَانَ لِلْإِسْلَامِ , وَعَدَوْا الْفُرَات مُنْهَزِمِينَ , وَرَأَوْا مَا لَمْ يُشَاهِدُوهُ مُنْذُ زَمَان وَلَا حِين , وَرَاحُوا خَائِبِينَ وَخَاسِئِينَ مَدْحُورِينَ أَذِلَّاء صَاغِرِينَ , اِنْتَهَى كَلَام الْقُرْطُبِيّ بِاخْتِصَارٍ.
وَقَالَ الْإِمَام اِبْن الْأَثِير فِي الْكَامِل : حَادِثَة التَّتَار مِنْ الْحَوَادِث الْعُظْمَى وَالْمَصَائِب الْكُبْرَى الَّتِي عَقِمَتْ الدُّهُور عَنْ مِثْلهَا , عَمَّتْ الْخَلَائِق وَخَصَّتْ الْمُسْلِمِينَ , فَلَوْ قَالَ قَائِل إِنَّ الْعَالَم مُنْذُ خَلَقَهُ اللَّه تَعَالَى إِلَى الْآن لَمْ يُبْتَلَوْا بِمِثْلِهَا لَكَانَ صَادِقًا , فَإِنَّ التَّوَارِيخ لَمْ تَتَضَمَّن مَا يُقَارِبهَا اِنْتَهَى.
وَقَالَ الذَّهَبِيّ : وَكَانَتْ بَلِيَّة لَمْ يُصَبْ الْإِسْلَام بِمِثْلِهَا اِنْتَهَى.
( أَوْ كَمَا قَالَ ) : أَيْ قَالَ غَيْر هَذَا اللَّفْظ , فَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ الرَّاوِي لَمْ يَضْبِط لَفْظ الْحَدِيث وَلِذَا رُجِّحَتْ رِوَايَة أَحْمَد.
وَالْحَدِيث سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ.
حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ التِّنِّيسِيُّ حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا بَشِيرُ بْنُ الْمُهَاجِرِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ يُقَاتِلُكُمْ قَوْمٌ صِغَارُ الْأَعْيُنِ يَعْنِي التُّرْكَ قَالَ تَسُوقُونَهُمْ ثَلَاثَ مِرَارٍ حَتَّى تُلْحِقُوهُمْ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ فَأَمَّا فِي السِّيَاقَةِ الْأُولَى فَيَنْجُو مَنْ هَرَبَ مِنْهُمْ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَيَنْجُو بَعْضٌ وَيَهْلَكُ بَعْضٌ وَأَمَّا فِي الثَّالِثَةِ فَيُصْطَلَمُونَ أَوْ كَمَا قَالَ
عن مسلم بن أبي بكرة، قال: سمعت أبي، يحدث، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ينزل ناس من أمتي بغائط يسمونه البصرة، عند نهر يقال له: دجلة، يكون عل...
عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: " يا أنس، إن الناس يمصرون أمصارا، وإن مصرا منها يقال له: البصرة - أو البصيرة - فإن أنت مررت به...
عن إبراهيم بن صالح بن درهم، قال: سمعت أبي، يقول:، انطلقنا حاجين، فإذا رجل، فقال لنا: إلى جنبكم قرية يقال لها: الأبلة؟ قلنا: نعم، قال: من يضمن لي منكم...
عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «اتركوا الحبشة ما تركوكم، فإنه لا يستخرج كنز الكعبة إلا ذو السويقتين من الحبشة»
عن أبي زرعة، قال: جاء نفر إلى مروان بالمدينة، فسمعوه يحدث في الآيات: أن أولها الدجال، قال: فانصرفت إلى عبد الله بن عمرو، فحدثته، فقال عبد الله: لم يق...
عن حذيفة بن أسيد الغفاري، قال: كنا قعودا نتحدث في ظل غرفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرنا الساعة، فارتفعت أصواتنا، فقال رسول الله صلى الله عليه...
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت ورآها الناس آمن من عليها، فذاك حين: {لا ينفع...
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يوشك الفرات أن يحسر عن كنز من ذهب، فمن حضره فلا يأخذ منه شيئا»(1) 4314- عن أبي هريرة، عن...
عن ربعي بن حراش، قال: اجتمع حذيفة، وأبو مسعود، فقال حذيفة: «لأنا بما مع الدجال أعلم منه، إن معه بحرا من ماء، ونهرا من نار، فالذي ترون أنه نار ماء، وال...